الأحد، 15 نوفمبر 2020

يوميات : عوالمي السرية..(15)..*حنان "هذه"..


 

يوميات :عوالمي السرية ...(تابع :15)..*حنان "هذه "..

 كم تبدوا تلك الايام بعيدة وصعبة على الإمساك حتى على مستوى الذاكرة ..لا اعرف كيف احتملنا ان يذهب كل واحد منا في طريق مختلف ..كل الذي نعقله ولا نعقل ملابساته انه كان لكل واحد اسبابه الخاصة...اكذب على نفسي لو قلت انني اعرف كل ما يحصل معي او حصل معي ...نظرت اليها وهي قادمة في الاتجاه المقابل لي وقلت مع نفسي :"جاءت في الموعد ..جاءت وكأنها تعرف انني في حاجة لرؤيتها ..لمجرد رؤيتها ...ياه كم كنت في حاجة ماسة لرؤيتك .."تقابلت عيوننا من بعيد ..حاولت ان تزيح عيني عن عينها وتحولهما لصاحبتها سايرتها لهنيهة ثم عدت لانظر مباشرة في عينها وانا اقول لها ذاخلي :"كلا ..اريدك انت .."..اقتربنا من بعضنا وعبرت مجال رؤيتي ..حتما لم افكر في النظر خلفي ..كانت بعد احملها بين عيني ولا ارى غيرها من كل الاشياء من حولي ..كنت اردد بيني وبين نفسي :"ياه ...كم تغيرنا ..."وكنت احدس داخلي فكرة اننا لم نتغير فقط لكننا كبرنا في العمر ...كانت بصحبتها صاحبتها القديمة التي لم تتجوز بعد ولا انجبت اطفالا كم فعلت هي ..ربما الان قد افهم سر تحويلها لنظري لمرافقتها ..ربما كمن كانت تهمس لي +",انظر ..انا بعد محافظة على اصحابي القدامى ...انا بعد احفظ عهودي .."...بقيت مشغولا طوال اليوم والمساء ونمت بها وهي تتوسط مقلة عيني وأصبحت الى الان مشغولا بها .متساءلا عن ما الذي يحدث معنا لنصبح هكذا نمضي ..ونتقابل وقد يجمعنا نفس المكان دون ان نقترب من بعضنا ..دون ان نحاول حتى التفكير في إمكان ذلك ...ما الذي جعلنا نتصرف كالغرباء عن بعضنا البعض ..؟! ..

إختلفت الطرقات بيننا ..كان كل واحد منا يعرف انه اختار دربه ليمشي فيه لنهايته لكننا اتفقنا على أن نكون مع بعض ..اتحدت ارادتنا على أن نعطي لكلينا فرصة أن يعبر حياة الاخر ..انا كنت مصمما على المحاولة ..كنت مصرا على أن لا احبن ..مثلها كان صعب ان أتركه وان لا التفت اليه ..كان فيها اكثر الاشياء التي اتعرف عليها جيدا لانها تسكنني ..جزء من شخصيتي .. وأصبحت مستلبا بان اتعرف على هذه الآنسة التي وكأنها ترتديني بالمقلوب ...اصبحت مسكونا بان اتعرف على أجزاء مني في صيغتها المؤنتة...كنت لحد ما  لا استسيغ لعبة التعارف بين الجنسين المغايرين ولا عدت براغب حتى ان ابدا من حيث لن تختلف النهاية ..وكنت لحد بعيد قانع بعلاقاتي المفتوحة التي لا تكلفني اي صداع راس ولا اية احزان او اسف ...على أنني كنت لا اجدني اتمتع باي سحر لاتكل عليه واعول عليه أن يقدمني اليها ...كما انني كنت ابعد عن مناطق الهزات والتوثرات النفسية لانني ابانها كنت اتابع بانتظام أدوية ضبط الانهيار العصبي وهي كانت تتكفل بلفي بأغطية امان تجعلني مكتفي بنفسي ومطمئن بالقدر الكافي على نفسي ما دمت قد اودعتها بين ايدي امينة ..ايدي المعالج النفسي ..تواجدي بالمكتبة اضحى شبه عادة يومية لما بعد الزوال ..ارتاح في صمت وجو المكان واترك لذهني ولمخيلتي ولذاكرتي ان تسافر مع قراءاتي ...فرضت هي نفسها على المكان لان لا احد يمكنه منازعتي في انني صاحبه الوفي وانني من اول مرتاديه تقريبا على الاطلاق ..فرضت حضورها بكامل انوثتها وبحدة تقاسيم وجهها وصرامة تعابيره ..شدت عيني وبالرغبة العميقة التي تنفتح عليهما وتسكنهما على شكل شفتيها وابهرني خيالي الذي تعقبهما ..كتمت تنهيدات داخلي وتحاشيت ان استمر في النظر اليها وهو ما لم أفعله فيما سياتي من ايام تالية ...كانت صاحبتها يمرن عليها لتغادر المكتبة معهن ولم اكن بقادر على ان امنع نفسي من الفرح وانا اقابل منها وجها اخرا ..وجه مبتسم ..فرح ..شهي ..وصوت مغناج ببعض الثخونة الذكورية لعلها كانت مصطنعته باتقان وبكثير من التمرين والاعداد  حتى اصبحت تمتلكها وكأنها اصلا صواتيا فيها ...رافقتها بعد ذلك في كل مكان كنت اعبره واجدها تعبره هي كذلك ..رافقتها بتنبه واهتمام زائد ..هذه المرة كنت اشغل كل فكري وكل مواهبي على الاستقراء لأكون عنها صورة ذهنية اوضح  ..كنت مصمما على ان اتعرف عليها وهذا ما كنت اقوله لما كانت تتقابل عيوننا ونحن بالمكتبة ونحن نحرص على أن نجلس في اقرب مكان يتيح لنا أن نكون متقابلين النظر فيه لبعضينا ...نازعتني بعض افكاري وخواطري  قليلا نحوها وحاولت ان تسرب لي الملل والياس ..كانت تصور لي عبث المحاولة من جديد وتثنني عنها وتخيل لي انه مجرد سيناريوا فليم كلاسيكي قديم او مشاهد من روايات رومانسيه شعبية او لربما الحالة النفسية التي انا عليها وشبه انزوائي ووحدتي الشبه دائمة منذ آخر انتكاسة ما جعلني ابدا في الاحساس بالجوع العاطفي ولربما ببعض الحاجة للممارسة الجنس ليس الا ... 

لم اكن اجري تمارين على ذاكرتي ولا كانت الأدوية تقحمني فيها فقط كانت في لحظات تمر علي صور من اقرب حالات الفوضى التي كنت اعيشها وصعدتها في والتي كنت احاول ان لا اجعلها تفعل في بتكبيت ضميري ودفعي لتبني احساسات الندم والشعور بالذنب ...كنت اقول لنفسي :"هذا هو حال طارق لاتقبله كما هو "كنت اعرف انني في حاجة لاعقد الهدنة مع نفسي ولاتصالح معها ..كنت في حاجة لارمم ذاتي واعتني قليلا بجسمي وبحالته الصحية ...مظهري انسته وانست معه كم يقلقني حاله وكم بالرغم عني عانيت معه وبسببه ..لكنني بالمقابل تعلمت جيدا كيف لا اجعله احد اسباب تعاستي وسر ما يبدوا علي من ميل للانطواء الاجتماعي الذي ابدا لم يكن في يوم كذلك حتى في اسوء معاناتي النفسية كل ما كان انني كنت مكتفي بعوالمي  الخاصة وبفضاءات تحركي الاجتماعية الخاصة لم اكن بحال معني بتلميع صورتي الاجتماعية ولا بالظهور بمظهر رجل العلاقات الاجتماعية ...كانت لي دوائر اصدقاء وأصحاب خاصة كما لي طقوسي الخاصة واماكني المألوفة والمفضلة والشوارع والازقة الاثيرة التي اطرقها واسلكها وغالبا محددة سلفا ..كما لي ساعات لانسى فيها العالم والعالمين ولا اهتم الا بما احتسيه ولا يهم المكان الذي قد يرسوا عنده مزاجي واشتهي ان اسكر فيه ..كنت اعرف مسبقا ما تكونه الحقيقة الاجتماعية للفرد عند الاخرين وكنت اسخر منها لانها لا تعني أية حقيقة كل ماهناك كانت عبارة عن حكم او تقييم تصرف او سلوك لوحظ على فرد في لحظة من لحظات شتى غير مقدر لها أن تلاحظ وتتابع ليكون الحكم شاملا او تقريبا كذلك ..وعلى كل ما كان يهمني ان يترسخ ذلك الحكم ويتعمم ويظل لصيقا بي من ذاكرة ناس تفتخر بأنها تعقل الامور جيدا ...

كنت اكسر روتين ايامي ذات الوتيرة المتوسطة التي لم تكن تعج بكثرة النقاشات والحماسة والرغبات والفوضى ولا كانت منخفضة كئيبة سوداوية  ...ربما فيها الكثير من البطئ الذي يجعلني  أكثر قدرة على تامل الاشياء من حولي واستعادة علاقاتي مع الاماكن ومع وجوه الناس ..مع اصوات العالم الخارجي ..مع حركات الشوارع وتنقل المركبات ..مع ضوء النهار واضواء الليل ...كان يكفي ان انتظم لما لا يتعدى الاسبوع مع الأدوية لابدا في تحمل أثارها المزاجية ولارتدي نمط عدسات اخرى تحول رؤيتي للموضوعات وللناس وتبقني بعيدا عن اي صراع نفسي ...

علاقتي مع "عادل "ابن حينا لم تتبدل وان عرفت الكثير من التحول ..ظل هو هو صديق مقرب وحميمي .. كنت أقصده بمحل حلاقته حيث يشتغل وغالبا ما كنت اصادف معه صاحبنا "عبد الرحيم السباعي "...كان يفرح بمجيء ويتندر على بتفكه بانني جئت وجاء الكلام ...كنت قد أقبل بان اتعاطى معهما بضع انفاس صغيرة ومحدودة  من الحشيش ..لم يكن يرقوني ان ادخنها بشكل عام وحتى عندما احن اليها افضل ان اتعاطها وحدي وبغرفتي الخاصة وربما اعاقرها لايام حتى اضجر منها واكف عنها لفترة ..

مع "عادل "الذي يصغرني سنا كنت عاطفيا جدا ..كان صغيرا جدا عندما أختار هو ان يصاحبني ..كان كبير أخوته وكان يعاني دون ان يملك الفهم لماذا يعاني ولا مايعاني منه بالضبط ..كان طفلا صغيرا وكانت امه من ترعاه والده كان دائما غائبا مهاجرا ..مسافرا وحتى عندما قرر المكوث لاطول فترة ممكنة كان مقسما بين اسرتين له بزوجتين واطفال لكل منهما ..."عادل "من الذين كانت تلحقه كنية والدته في التعريف عنه ..كان وسيظل كذلك على الاقل في ذاكرتنا "عادل ولد المصبحية"..لم يكن يشار إليه باسم والده او كنية والده كما كان الحال مع "نورالدين ولد الجعواقي "او "هشام خاه ديال محمد"و"محمد خاه ديال هشام الطويل "لانه كان كل طفولته يصاحب اخاه وغير معروفة حكاية انفصال والده عن والدته المتكفلة بهما كليا وهي تحتضنهم صحبة اختهم الصغرى بمنزل اسرتها مع اخوال صبيتها وخالتهم العانس ..

"عادل "يعقلني لسنوات عدة وفي حالات متعددة وبعد يتحدث عني وكانني احد أبطاله الذين يعجبونه ويذكر لي انني دائما كنت اعامله جيدا واخدت بيده في طريق اختبار العديد من تجارب الحياة  والانفتاح عليها ..

"عادل "يحتوني باحترامه لي ويجعلني اتعامل معه بذات الاحترام والاهتمام ..  ربما لم يكن بمقدرته ان يساير نقاشتنا التي كانت تحتدم خصوصا اذا انظم الينا "محمد الشكذالي "صديق طفولتي المقرب والذي لازمنا بعضينا البعض في كل مراحل عمرنا  لكنه كان يستلذ جوها ويسعى بكل جهده على أن يبقى متنبها لما يدور فيها ومستوعبا قدر الإمكان الافكار التي نتداول حولها ..

"عادل "لم يكن ممكنا ان يتابع دراسته لذلك انقطع في مستوى ابتدائي أدنى وهو بعد صبي صغير .. ولا كانت ظروفه الأسرية تسمح له بأن يكون أية اهتمامات او هوايات جادة كالقراءة او الموسيقى او حتى الرياضة ..وظروفه تلك هي من جعلته كذلك مختلفا عن بقية أقرانه ..ربما كان بينه وبين نفسه يشعر بانه اكره على وضعه الشخصي ولم يختره او يستشار فيه ..وبينه وبين نفسه كان يتمني وضعا اخر وفرصا متكافئة تستجيب لطموحات الفتي الذي كانه ..

مع "عادل"كنت اضبط موجة تدفقاتي العاطفية لانه ببساطة يجعلني بذاكرة حية على زمن طفولتي وطفولة اقراني بالحي ..ببساطة كان حضوره يلحقني بماضي البعيد لاستعيده على مستوى انفعالاتي الأشد  عمقا والاكثر رسوخا والتباسا في نفس الوقت بذاكراتي ..

عندما كنت اقر بيني وبين نفسي بانني في حاجة للعلاج اتدبر سبله واخضعني اليه ..ربما كان هناك من يشكك في جدواه وانا لا اتابعه باستمرار بمثل ما لا اعايد المختص بشكل دائم ..لكنني انا كنت مقتنعا بأنه المسلك الوحيد لاسيطر على نوبات تقلبات مزاجي التي يمكن ان تقتلني في يوم ..

كان يلزمني ان اوقف عجلة زماني على أن تدور في ساقيتها المعتادة مرحليا لاعيش ما يشبه فترة نقاهة جديدة وسلام جديد ...كنت احن فيها لاستعيد بعض دفئ علاقاتي باصحابي الذين لا نهملهم لكن طرق بعضنا المختلفة تبعدنا عن بعضنا ..وكنت هذه المرات اخدني للمقهي في غير ساعاتي المعتادة وبغير نية ان اجلس للقراءة وبعزم على أن اجالس اصحابي الذين مر علينا وقت لم نكن نتفارق فيه وكانت بيننا اكثر من أنشطة نمارسها سويا ومن مشاريع افكار وأعمال نهتم بها ..كان مرحب دائما بي من كل عائلة "بنكبور  "ومن كل دائرة اصدقائهم الذين اضحوا اصدقاء لي كذلك لكنني لم اكن موضع تقدير خاص الا من نادل المقهي "عبد النبي "الذي كان يحب مني قدرتي على تجاوز انتكاساتي وتخبطاتي وقدرتي على مفاجئته دائما بانني بعد اسيطر على الامور ولا داعي ليقلق علي ..

كان اسمها "حنان" قد يراودني الشك في ذلك من موقع انني قد اخزن اسما في ذاكرتي وحتى بعد ان يصحح لي في اقرب مناسبة يصعب علي إعادة ادخاله مكان الاسم الاول الذي ثبت عندي ..ولم يكن اسمها لوحدها بل حتى صاحبتها التي ترافقها هي واخت لها كان اسمها "حنان "...

مع الاسف لم اهتم بعد كم من "حنان "تعرفت عليها في أيام حياتي وكل "حنان "كان يكفي ان يكون اسمها "حنان "لاجدني مسكونا بالرغبة في التعرف على كيف ستكون "حنان "هذه وكلهن ..كل "حنان"لم تكن في النهاية تحيل الى على "حنان "وحيدة احتلت مكانها عميقا في قلبي وذاكرتي "حنان "بنت خالي ..السمراء القمحية الناطقة العيون الشهية دائما وابدا ..

"حنان "هذه لم يجدبني اليها كل ما الفت الانجداب اليه عند كل من كانت تدعى "حنان "..هذه شغلتني ذهنيا حتى تعاليت عن اعارت اكتمال انوثتها انتباهي ..."حنان "هذه لم تفجر في سيل العواطف التي كونتها في سابق مراحل حياتي مع كل من تقربت اليها وكانت تدعى "حنان "...

"حنان "هذه أثارت في الرغبة لاطاردها لانني بدون ان استوعب تماما كيف حصل او يحصل الامر كنت استشعر بأنها تطاردني وبتخطيط مسبق ... وبانها ترفع التحدي بيننا عاليا ..كانت ترمقني بمثل ما افعل بدون تعبير ...كانت تقول لي "انا هنا "بمثل ما كنت اقوله لها "انني هاهنا "لم تكن تتهمك من نظرات استكشافي الأولية بل كانت توما لي بأنها تعرف عن ماذا اسعى التعرف عليه وتنتهي لكي لا تبوح اكثر ولا تحيل على نفسها او جسدها وحتى ان تصرفت بعفوية ولاح من شكل جسدها ما يمكن ان ان يشكل موضوع اثارة ..كانت تتعمد ان تلوح بعينها لما حصل امام عيني ولفت انتباه غيري ان لم يكن قد ابدي انه لفت انتباهي بدوري ...

"حنان "هذه لو كنت خارج وتيرتي المتوسطة لتعاملت معها كقضية يلزمني الاستخبار عنها ولا ارتحت حتى اتمكن من جمع أكبر قدر من المعلومات الشخصية والاجتماعية عنها ..لكنني كنت بنظرتي التاملية قد قبلت التحدي الذي رفعت سقفه بيننا وقبلت بان اهتم بها على طريقتي الخاصة ..لن اسعى إلى رصدك ..لن اتعقبك الى أي مكان ..لن احتاج الى أية معلومة يقدمها لي احد اخر عنك او احتال في طلبها منه ..ساترك لعنايتي ..ساتبعك في  ادق تفاصيلك ..سافضحك بينك وبين نفسك حتى تنفتح لي معرفتك ...

"حنان "هذه  ..حركت بداخلي الإثارة عميقا ..نبهت كل حواسي..حركت بداخلي الرغبة القوية لامتلاك حقيقتها او على الاقل البعض منها .."حنان "هذه جعلتني اتراجع للخلف في جلستي للمطالعة واشيح وجهي قليلا عن رؤيتها والتفكير فيها .."حنان"هذه جعلتني اتراجع للوراء وابدا في التفكير بحق في الاقتراب منها ..

"حنان "كانت تلميذة بالثانوي ..تسكن حيا متميزا على ناصية سوق الكبيبات بالمدينة القديمة ..تلبس بشكل عصري وحداثي كاف ليبدي روعة انوتثها وسحر وجهها ..غير متانقة ببهرجة بل تبدوا بسيطة وطبيعية كاي بنت في عز عنفوانها وهي بالكاد قد تكون بنت الثامنة عشرة او التاسعة عشرة ...

هل كان يهمني ان اعرف اكثر وبدقة اكثر من كل هذا لابدا في رسم صورة تخطيطية عنها في ذهني ؟!لا ..كان يكفيني ان اتابعها فيما بت اعرفه ..ان انظر لسلوكها الاجتماعي داخل اطار الحي ،السوق ..المركز التجاري الذي تسكنه والذي يحصل ان اخترقه قاطعا الطريق من او الى المكتبة او في غير مثل هذا المشوار صحبة احد رفاقي او حتى وحدي ..وان اقيس مدى حرارتها الاجتماعية التفاعلية مع ناسه ..مع الباعة وأصحاب الدكاكين الذين قد لا نعرف منذ متى وهم هناك ولازالوا كما كانوا يشكلون الوجوه القديمة والمالوفة والراسخة في اماكنهم

هم وغيرهم من ساكنة المدينة القديمة الذين يفتخرون بان ينعثوا أنفسهم بأنهم العرائشيون الحقيقيون والاصليون للتأكد فقط من معطى فرضي صغته في راسي :"هل هي عرائشية ؟! هل هي على الاقل عرائشية المنشا ؟!"لانني كنت اعرف انها ان كانت كذلك وان كانت بنت المدينة القديمة فهي بالتاكيد تعرفني وبالتاكيد اعرفها ...لا ..وليس كل هذا فقط بل الاكيد انه كانت بيننا سابق معرفة قريبة من بعض ..اين وكيف ومتى هذا ما ساعرفه بعد ان بدأت اتيقن من انها هي كذلك لان لا احد يتحاشى سلام تلك المرأة التي تجتدب الحديث مع جميع من يقابلها وتتعامل وكأنها ام للجميع ..ولا بنت تتقبل الغزل الفاضح من ذلك الشيخ الذي يبيع النعناع والبقدونس وحبات الليمون دون ان تكون كبرت .داخل نفس الحي او عاشت بالسوق صحبة والدتها البائعة..ولا بنت ترد السلام والتحية على شباب الحي الذين يجتمعون بالقرب من باب القصبة اتقاء التحرش بها مثلا ان لم تكن بحق تربت بالقرب منهم ...

"حنان"هذه ..كانت بنت المدينة القديمة ..بنت العرائش..تدرس بثانوية محمد بن عبد الله "التجيرية". وهي بلا شك درست المستوى الاعدادي باعدادية الامام مالك في غير مرحلة دراستي بها لكنها قد تكون تعرفت علي من  من بقيت على علاقة بهم من بنات مجموعة "الزنابق "  اعرف جيدا ذلك السلوك الفضولي والمتساءل عندما تلاحظك بنت مراهقة  وبنات في سنها يستوقفونك ويرتمون عليك بتحبب واحدة تستدعي الاخرى حتى يشكلوا عليك حلقة مبهحة .تعج بالفرحة والحبور والود والمحبة ..فتقف او حتى لو لم تقف للتتطلع  فإنها تبدا في الاستفسار عنك وعن ماتكون وعن لماذا يحصل معك انت بالضبط ما رأته يحصل معك وكثيرا ما كان يحصل معي ذلك من بنات المجموعة الحبيبات الى قلبي ..وستحصل على بعض الجواب وستتعرف على "طارق "ذاك الذي كان وتالق نجمه ذات ايام بالاعدادية كما لم يكن يتنبأ لي الجميع ..وستتعرف بالتالي على حكايتي الحزينة التالية والتي تتداول كالنار في الهشيم "طارق "الذي تغير من ان حاول تمزيق شرايين يده في محاولة انتحارية عنيفة ...وقد تتبعني اكثر لتحاول بدورها ان تعرف كيف يكون حاضري وستعرف ما يعرفه الكثيرون عن "طارق "ذاك النوعي والمثقف والناشط الجمعوي والذي يشتغل مكاتبا ومراسلا  صحفيا لعدد من الجرائد والذي قد يظهر صحبة بعض وجوه المدينة وساستها ..ولو همها التعرف علي لوجدت اكثر من طريقة لاقتحامي كما كن يفعلن الكثيرات من قريناتها وزميلات دراستها دون ان يكون همهمن التقرب اكثر على الاقل مرحليا ..فهل تكون "حنان "هذه احداهن ؟!من يدري ان كنت انا نفسي يتساءل ..!؟ فانا يحصل لي ان اتصرف بتودد بالغ واقبل ان يتجرا علي العديدون واتعاطى معهم بتحبب وتلقائية دون ان يكون همي منهم شيء وبسرعة قد لا احتفظ بهم في ذاكرتي القريبة والحاظرة دوما ناهيك على التبدل السريع والعجيب الذي يحصل مع الصغار ومع الصغيرات بالخصوص اذ قد تكفي فترة قصيرة نسبيا ليتحولن لاخريات لا يشبهن ما كن عليه من قبل ...  ثم انا نفسي دائم التحول واطور من نفسي باستمرار حتى اكاد لا اعود اتذكر كيف كنت في سن مبكرة الا عناوين المرحلة ولا من وجوه من درسوا معي غير من كنت مهتما بهم ويهمونني ..وهي "حنان "هذه الا يعقل ان تكون واحدة من اللواتي اقتربت منهن ؟!هي بالتاكيد جميلة ومعتنية بنفسها وغير خجلة من انوتثها وبلا شك كانت كذلك في صباها و ربما احلى من الان ..هي بالتاكيد كانت تنزل البحر ..والبحر فضاؤنا الحميمي المفتوح الذي نتعارف فيه كل على بعضه وقد نسمح بان نتمادى في تعارفنا إلى تبادل الاكتشاف واللعب الحميمي ..وقد تكون من اولئك الذين يفرض وضع الجلوس في القارب الذي يقلنا الى شاطئ راس الرمل لتجلس ملتصقة بي ولاحاول انا تلين الموقف عليها وعلي بإجراء محادثة معها قد تادي بتعارفنا الأولي ليسهل اقتراب اي طرف منا من الاخر وقد تطلب او تسمح لي بان اطلب منها ان تسبح معي بما يعني ان نتلامس ..ان نتعانق ..ان نتكاتف..ان تقبلني ان رقتها وان افعل مثلها انا كذلك وغير مهم كم اكبرها او كم تكبرني ان اجتدبت الي وسمحت لي بان اجتدب اليها ..  وهي متى كانت تنزل الشاطئ فهي بالتاكيد زارت لأكثر من مرة في عز موسم التصييف شاطئنا الصخري القريب من جهة سكنانا وهناك شكل اخر من التعارف الندي والصريح ..والاكيد اننا سنكون قد اجتمعنا في الاكثر من مناسبة ربما على هامش فعاليات ثقافية او فنية أو مسرحية او حتى في تظاهرات عرس وزفاف التي تقام بالشوارع وبازقة الاحياء الشعبية ...وربما أكون ببساطة قد تعرفت عليها عن طريق واحدة تكبرها وكانت تصاحبها ليحصل بعد ذلك ان تحرص هي الصغيرة على أن تبادلني السلام والسؤال لفترة قبل أن أن تختلف طريقنا عن بعضنا ونتخلف لاحقا عن ممارسة نفس عادة مبادلة التحية بيننا حتى نخال مع مضي الوقت اننا لا نعرف بعضنا البعض ..  

هي ..قد لا تكون اقتربت مني ابدا لكنها كانت قريبة من دوائري..هي قد تكون كعديدات امضينا عمرهن الصغير في تتبعي والاهتمام بي من بعيد ...انا نفسي اعرف من بعد تتحين الفرصة لاقتحامي ولا افعل شيئا لاشجعها على ذلك لان منطق اللعبة يتطلب القبول بموقف الطرف الآخر من حيث انه هو من اختار ان يضعك في مجال رؤيته واهتمامه وعليه وجب منك انت تقديره والبقاء فقط منتظرا أن يعبر هو اليك ...اذكر جيدا كيف انهت تناسل تلك الأسئلة والحيرة برأسي اختى الصغرى"بشرى"وهي تؤكد لي حقيقة أن البنات بدورهن يهتمن لمن يعحبهن ويتمنين ان يفتحن معه علاقة وان كل واحدة وما يعجبها ...واثبت لي الحقيقة مع صاحبات لها اهتممن بي ...وفيما بعد صرت اتصرف بذكاء تجاه نظرات وحركات بعضهن التي يعبرون بها تجاه اصحابي ورفاقي وافطنهم لمثل هذه الحقيقة ...

"حنان"هذه قد تكون تلك البنت التي راهنت علي ان تاخدني اليها في الوقت الذي يناسبها والاكيد انها جسرت سبل ذلك على مراحل كانت تعبر فيها مجال رؤيتي وتستحود فيه على كامل تنبهي ..اي انها كانت تتعمد ان تسحرني لتهيم بي في زمن وحدها تعلمه ...

"حنان"هذه يلزمني ان اصل اليها في ذاكرتي قبل أي مكان آخر ..لان "حنان"هذه تولد في دائما الاحساس بانني اعرفها ..فهل تكون واحدة من اللواتي صدوني عند اول محاولة اقتراب منها او حتى جس النبض فالمني ذلك لازيحها تماما من ذاكرتي ومن الانشغال بها ذهنيا ..حصل معي ذلك ولم يكن من جرح في انايا او نرجسيتي ولكنه كان ببساطة قبول بلعبة اننا لم نتوافق فلندع بعضينا وكاننا ما عرفنا بعضينا لا داعي لمولد الحقد بيننا ان لم نستسغ الحب علاقة بيننا ...

"حنان"هذه لا ينبغي على أن اتركها تتعبني لانني ببساطة ساقلب معها المعادلة التي لن اتحاهلها فيها ولكنني ساتعامل معها كما لو لم اعرفها الا متى ظهرت في مجال رؤيتي بكل هذا الوضوح وبكل هذه الحدة في الحضور ولكي اسهل عليها الطريق وعلي سافضح خواطري بشانها امامها ولها انها ان تقرر هي ما شاءت من موقع ما تكون هي قد وصلت إليه معي او بخصوصي وهكذا سنكون حتما قد انتهينا اما لنبدا من جديد او لناسس لبداية ممكنة او لنحول الاتجاه ...

هل كنت عمليا بما خلصت اليه ؟!ام هل كنت اعالج الحالة الذهنية التي اقحمتني بها باساليب علم النفس المهني وبمهارات التكيف مع الأوضاع او القيام بالتحويل المناسب ..؟!ربما توسمت في الطريقتين طرق بابها ..الاقتراب منها ...المخاطرة بإمكان خسارتها نحو ان افوز بالتعرف عليها لانها بالفعل انثى تستحق مني ان لا اجعلها تمضي دون ان تعبث بكياني وتستوطن جزءا من ذاكرتي الحية ...كان يعز علي فقر حال من لم يجرب ..من لم يلهت وراء المعرفة ..من لم يولى امر ان يتمتع بجنة الارض بالا ..كنت اغضب من من اجدها او اجده مجرد قانع بحياته الباهتة والموحشة والمقفرة ..لم اكن اقبل من كل من كان يدور قريبا من فلكي ويمت بصلة لدوائري ان يمضي في تبلد وسذاحة حاله ويبقى حبيس ردود الفعل المتشنجة او المرضية ..كنت من تلقاء نفسي اقرر أن اتدخل لاهزه ..لاصدمه حتى بينه وبين نفسه ..لاعركه قليلا لاعرفه على مدى اتساع الحياة وعلى مدى زخمها وثراءها وكنت اعرف انني في مساعي ذلك حتما اريده في صفي ..لجانبي لكنني اريده حرا في كامل اختيارته وبثبات ارادته في تبني أية قناعة بعد ذلك وفي ان يسلك اي طريق ...وكان يكفي ان اتخير اللحظة المناسبة لاتوجه اليه بالحديث والحوار لانني ملكت مهارة إدارته بالتعود والتطوير في كل مرة كنت افعل ذلك ...

 لم اسالها هل تعرفني او هل سبق ان تقابلنا ..؟!..لم اناديها حتى بالاسم  الذي التقطته تنادى به ...  اقتربت منها فقط وهي تقف لصاحبتيها بالممر الذي ينتهي  الى الباب الكبيرة لمبنى منذوبية الثقافة  ويؤدي الى الخارج إلى ساحة دار المخزن "الكومنداسيا"..كانت متحسسة جدا من اقترابي لأنني تعمدت مساءها ان اكف عن المطالعة واختلاس النظر اليها بين الفترة والاخرى وابدا في كامل تاملها واكتساحها حتى مكنتها من ان  تشعر بالتوثر ..كان علي ان اهزها قليلا كما فعلت هي معي طوال المدة السابقة لكن بتمهل ...انا تعمدت ان اواجهها لامهد لخطوة الاقتراب هذه ..  وخاطبتها في إمكان أن أقف اليها الوقت ذاته الذي تقف اليه مع صاحبتها بافريز الساحة المكل على الميناء وللابعد منه على موقع مدينة ليكسوس الأثرية ومجرد التحاور معها ..تطلعت الي مليا مباشرة في عيني ولم أضف شيئا على كلمة "زيد ...(هيا).."وهناك حدثها عن كل ما جال في خاطري نحوها وعن حقيقة ما حركته في وتحدتث عن نفسي..عن حاضري  ..عن احتياجاتي النفسية الحالية بكل صدق وتحرات ان اقولها لها بصراحة بانني لست مستعدا لاقحمني في خسارة جديدة ...وحددت معنى كم كلفتني تلك العلاقات العاطفية الغير متوازنة من خسارات ..كانت معظم الوقت تصغى الي واحيانا تبتسم في وجهي وصاحباتيها كانتا ذكيتين لم يحاولا تذكيرها بكم استغرقنا من الوقت وكم بات الاوان متاخرا ..وانا مادمت قد بدأت الكلام وتحاوزت عثراته الأولى فلقد قلت كل شيء وبدات اصبغ امكانات علاقة ما تجمعنا ..تقربنا من اكتشاف بعضنا لما يكفينا من الزمن الخاص بنا ودونما شرط او قيد او التزام بغير الصدق وبغير ان نكون اولا وقبل اي شيء اوفياء لانفسنا ولاختيارتنا..هي كررت بابتسام لأكثر من مرتين عبارة "تعرفني  تقول تعرفني وتقول في نفس الوقت بانك قد لا تكون تعرفني "شرحت لها المنطق الذي يدفعني لمثل هذا الاعتقاد مع كامل حرصي على أن اصدقها حتى فيما قد يقبع خلف شكي الخاص ولم اتحجج بما يمكن ان يكون مجرد اثار عرضية مترسبة لتعاطي الأدوية النفسية والعصرية  لفترة طويلة من الزمن..لفتت صاحبة لها انتباهي لخلو الساحة من المارة وتاخر الحال بالتالي لابدا في وضع نهاية لمحادثتي ففهمت عني انه وجب التحرك من المكان على الاقل وكان طريقنا واحد اللهم هي بمجرد عبور الزقاق الى باب القصبة ستكون قد اشرفت على باب بيتها وصاحبتها غير بعيد عنها..اكتفينا بالمضي جنبا إلى جنب لم تكن تنظر إلي ولا انا فعلت ذلك وفي وسط الشارع توقفت كمن ااودن لها ان تلقي بامر الانسحاب وذهاب كل واحد منا لامره لكنها انظرتني وطلبت من صاحبتها انتظارها لحين الذهول للبيت والعودة لايصالهما لبيتهما هما الأختين الصنوين للبعضهما ..   

رافقتهن من جديد ودخلنا الأختين لمنزلهما وعدنا لنتمشى في بعض من الشارع وتوقفنا منه جانبا مفتوحا على الشارع الذي يقبع به منزل اسرتها ..كنت قد أصبحت غير قادر على ان استمر في الكلام ..خلت انني قلت كل شيء وعبرت تماما عن ما كان يجول في خاطري  والان ما عاد يهمني حتى ان تقرر هي فيما عساها ستفعل بي وببوحي لها ..كنت متوثرا من الصمت الذي داهمنا وفجات اندلعت هي بالكلام بمثل وتيرتي ..ابتدأت متعثرة لتنطلق بسلاسة وعفوية في التعبير ..اكدت لي بان حدسي كان صحيحا وأنها من اختارت ان تعاود الظهور في مجال رؤيتي وفي مكاني الحميمي الخاص "المكتبة "وقالت لي انها متأكدة انني اذكرها واذكرها جيدا وأنها لا تقدر   حاجز النسيان لاثار ما اتعاطاه من عقاقير ..لانها تعرف عني حالات تعاطي العنيفة لبعض المهداءات في ساعاتي العصية ..لم تكن تفاجئني ولكنها كانت تفعم دواخلي بحالة سلام مطلقة ..بدت مهتمة بحالتي  النفسية ومركزة ببعض الحدة عليها مما عاد ليحرك في غيضا داخليا علي ..على "طارق "الذي اكونه في بعض الحالات .. لم احاول ان اطلب منها  تدقيقا فيما كانت تسرده عني ..كنت منتظرا أن يأتي الاخبار والتفصيل منها لكنها كمن احست بالحاجة لان تبرر نفسها اكثر امامي ..كانت تبحث عن تبيان دواعي ظهورها الان في حياتي ومترددة او خائفة من ان اسيء فهمها ..بدت لي تائهة وتعاني..كانت قد كفت على أن تنظر إلي مباشرة في عيني ..تتحاشى نظراتي ..ربما فكرت لأكثر من مرة من ان توقف محادثتها لي وتنسحب بهدوء  ..كانت تحوم حول فكرة العلاقة كما يتصورها الذكور وكنا تتصورها الاناث دون ان تحدد موقفها هي منها وتعود لتنقض اهتمامها بالخوض حتى في الحديث عنها ...كانت لحد بعيد تشعر بانني فضحتها ولم افضح نفسي امامها بالقدر الكافي ..ربما كانت تعول  على عامل  الوقت والايام بيننا لتجعل سلوكي يفضحني لتلاعبني بضع الاعيب الحب ..وانا علمت من متابعتي لطريقة افصاحها لي الغير التي تتحدث بها انها لن تقول لي اكثر مما قالته على الاقل ان لم اساعدها في ذلك .. وطلبت منها ان نعود لمقال الصفاء بيننا لمقام انني اعرفها وهي تعرفني ولنبقى في ثناياه وعدت لاتحدث بحرقة عن ما يعني لي ان تكون تعرفني وتعرف انني اعرفها وأنها مازلت مصرة على أن تعرفني على ما قد يسجل علي اجتماعيا وقد لا يسندني ..لكنها ابت علي ان يشكك احد في قدري على الاقل من جانب كل الذين عرفونني واقتربوا مني وعاشوا تجارب اجتماعية بجانبي وأكدت لي بأنها لو كانت تعرف بانني لا اصلح اجتماعيا لما كانت لتقف لتخاطبني او تقبل حتى بان انظر إليها ..  وعبرت بها إلى منطقة الامان بوثبة متجاسرة  :"اذن اصحاب .."ردت علي وهي توما براسها ايجابا :",نعم اصحاب .."..وخلال تلك  الاثناء اثار انتباهي لسيدة قطعت الشارع  الذي يقابلنا  ودارت على يمين وهي تنظر يمينا و شمالا كمن تبحث عن احد ..فوجهت انتباهها  لربما تكون والدتها تلك السيدة وخرجت تبحث سر تاخرها نظرت جهتها وأكدت لي صحة تخميني وقبل ان تنطلق في اتجهاها وبعد ان حاولت بتردد أن تنادي عليها اقتربت مني وطلبت مني ان نكمل الحديث في الغد في نفس موعدنا المسائي ..قالتها وهي تبتسم من اقرارها بأنها كانت دائما معي على موعد بالمكتبة وهذه هي نفس حقيقة ما صار معي منذ ان عاودت الدخول لمجال رؤيتي ولفضاءاتي الحميمية الخاصة ..عادت لتنظر جهة امها التي كانت ذاهبة في اتجاه منزل صاحبتيها ثم استدارت لي واقتربت اكثر لتسلم على من الوجه وتنظر في عيني بتودد وغزل وتواعد وتهمس لي :"حتى للغدة ..(حتى الى الغد ).." لم اقدر على أن امنع نفسي من تقريبها اكثر من حضني وان احضنها لهنيهات واهمس لها صادقا وعن حق  :"شكرا ...شك.........را بزاف .." ومضت مسرعة وهي تردد بصوة عالي :"صافي ..غذا ..بسلامة .." 


     



             

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...