السبت، 22 يناير 2022

الأحبة في زمن كورونا...../1- جمرات الافتقاد..

 اتخدت مسافة لاباس بها من كافة الأحداث ومن كل موضوعات سفر الكتابة والبوح الذي خضت فيه حتى لعلي كدت افقد الخريطة والبوصلة والرغبة في كل جدوى السفر من أساسه ....كانت لحظة وفاة الوالدة ووجود كل الأحبة والناس الطيبين دفعة واحدة وفي زمن صعب ..قاهر عنوانه الاكبر "زمن كورونا " ما هز اخر اوراقي ليبعثرني على انني لطالما كنت من اشد المحتسبين لمثل هكذا واقعة ...تاثرت على نحو عميق جدا ..وهو مع ذلك لم يفقدني للحظة رباطة جأشي او يعرضني للبلبلة (اجتماعيا على الاقل ...!) ...ربما عنى للكثيرين انني كنت من بقي لجانبها الى اخر لحظة من عمرها ...بينما انا كنت اتنفس الصعداء لانني قويت على مواجهة كل مخاوفي على أن كل شيء في كان يدعوني لان اقدم استقالتي واهرب الى اي مكان اكون في مناى فيه على أن تخرج جنازتها مع جنازتي ...وحده نيتشه كان يسخر مني كما عادته أن يفعل من كل البشر ...وحده من حرك في كل ابالسة العالم ليحررني من كل الاوهام التي يضجر بها كامل وجودنا الاجتماعي ...وانا كنت منقادا بكامل صحوي للاصدق الا ما أريد أن أصدقه ...خرجت منهوك القوى ..متعبا تماما لكن رؤيتي صافية وفي غاية التجرد وبلا اي حاجة لان اكون مبتاسا لحالي ...واتفق من جديد ان لا اخرج في جنازتها بدورها وان لا اعرف قبرها في حينه....(ما عنت لي يوما المقابر باي شيء يذكر ....!؟)...بعد وفي انا لحقاىقي ولا اامن كثيرا في حقيقة أن من تغادرنا اجسادهم وحضورهم المادي لا تبقى ارواحهم فينا ومعنا وبدواخلنا ....اخر همي كان حال اوضاعي المادية وتدابير الحياة لانني كنت مفتوحا على كل الاحتمالات واضحيت في اتم استعداداتي لمواجهة أي وضع وكل وضع له ان ياتي او يترتب ..كنت فقط وبسخرية سوداء عميقة انتظر ما عساه ستاتي به هذه الايام ....حتى الزمن بالنسبة الي كان كمن توقف على أن يمضي ...وحده احساس يزداد يتقوى في لما يتعدى ان اسميه حدسا او توجسا يفيد بأن رحيلي بدوري بات دنيا جدا ولأنه بما يفوق مجرد الرغبة او التمني المدفوع بما قد يختلط مع الرغبة في الخلاص (ربما الخلاص كخوف من نزال المواجهة ..) فانا لطالما رردتها وافصحت عنها وبشكل علني وغير قابل للكثير من التاويلات او اعمال الخيال او العقل او وهما معا ..اشعر بانني تخمت وشبعت من الحياة وبكل بساطة انى فى ان اتوسل الرحيل ..لا كافكار انتحارية ولا من سوداوية اظلت بغيامها على نفسيتي واطبقت بعتمتها على مزاجي....

من جديد ..ومن داخل نفس الايقاع البسيط والفقير للتلوينات..استمررت اقدم في خطواتي ...في احيان كثيرة تركبني الحيرة من كل ذلك الذي يدفعنا على الاستمرار في الحياة ...اتقبل ايامي دون أن تحمل لي اي معنى جديد...واكف عن متابعة ما يجري من حولنا ..لم اعد اطيق بالمرة التعاطي مع نشرات الأخبار الدولية او الوطنية وحتى المحلية ما عادت تحمل اي جدة تذكر ...في قلبي وذاكرتي جرح عميق بعد ينزف ولا اريد له ان يندمل حتى لا انسى وحتى لا اسامح او اتجاوز ...قناعتي تامة وما عادت تحتمل اية مراجعة او شيء من التشكيك ...لم اقبل البثة بان نتعرض لكل ذلك القدر من الاستغفال والضحك على الدقون والاسترخاص ..."هيا ...غيروا كل قواعد اللعب ..وابعثوا قدرا جديدا ..لكن دون اقحام حياتي او صحتي او وجودي في شيء ..." كانت اصعب فترة عانيت فيها طوال الوقت وكل الوقت فترة الاغلاق الشامل باسم الوافد الجديد بيننا "كورونا "...

لم اخرج الى اين ...لم اجرا يوما على خرق حظر التجول..لكنني في كل مرة كان يبدا انفي في السيلان كنت انزع الكمامة اللعينة والتي لم استسيغ ارتداءها بالمرة ومع اول تخفيف لاجراءات الاغلاق الشامل تخلصت تماما من ارتداءها وان ابقيت بها بجيب سروالي او سترتي حتى لا اعد غير متمثل  للقانون او مستخف بالنظام ....وعند هذا كنت مستعد لاسوا مال على ان اسمح لنفسي بحتى الانتساب لمفهوم القطيع ..وبيني وبين نفسي كنت مصرا على تذكيري :"انا مشي حمار ....."

امي انهت حياتها ..ماتت ..وكلنا سنموت يوما لا غبن في الامر لكن ان فجاة واحدة ودفعة واحدة اصبحنا ممنوعون من ان نقابل بعضنا وان نتزاور وان نسالم ونعانق بعضنا وان نجاور بعضنا وان نخرج للشوارع وان نمارس كامل حريتنا في التنقل والتبضع والتسكع ...باسم ان صحتنا وصحة القطيع اهم وتهم ...هيا ..كل الا صحتي او صحتنا متى كانت تهمكم ؟!..ولا متى اعرتم حتى انتباها لوجودنا نحن ...نحن الذين نعاني في كل الاوقات وفي كل المناسبات وبلا اية مناسبات حتى ....

لحظة وفاة الوالدة  لم يكن عندي وقت لاضيعه في اي احساس بالحزن او الاسى  هو فقط الحنق والغضب ما تملكني وانا اتدبر ما يلزمني بعد من ترتيبات الجنازة وكنت اسب في قرارة نفسي الظروف التي اوقعتني في مثل هذا المازق ..قدريا كنت مبتاسا لانني وحدي واتفق عبر كل القنوات ان اظل وحدي ..وان اسال مثل هذه المسؤولية...في اخص الاوقات التي كان يجب ان يكون فيها بجانب الوالدة وان يلعب دوره ككبير العائلة ويتركني لكل الادوار الاخرى والتي في غياب لاي لاعب اخر غيري تحتم علي ان العبها..سقط في ما يشبه الغياب وخرج من تاريخ العائلة ..كان هناك ..كان يرتحل في متاهات ذاكرته يعقل اشياءا وينسى ما عداها ..كان بدون شك يحاول ترميم جهازه النفسي والعصبي..دون ان يكون مستوعبا بعد وقع ما حدث معه وطوح به الى مثل هكذا قرار ...كان بلا شك غارقا في اسوا كابوس واعمق صدمة ...وانا كان يقتات مني السخط والحنق تجاهه ..مع اختلاف انني لم اكن شاكا في ان ماحدث معه حدث معه وانه لا يعني النهاية على كل حال ..غير قابل منه ان يضيع مثل هذه الفرصة ليكون وليعطي بزخم وليصاحب والدته الى مثواها الاخير..وليحنن اكثر قلبي تجاهه ساعة المحه يبكيبها وبكامل الحرقة والافتقاد ...:"تبا لك ...من خبرك بانني قد استهوي ان انوب عنك ...وتبا لك مرة اخرى ..لقد خيبت ظني فيك وانا كنت شبه موقن بان انتهيت بان تكون المنتصر والقوي الذي لا يهزم ....تنسحب في اسوا زمن "زمن كورونا"..وتنسحب في اصعب الاوقات التي لطالما اعددت نفسك اليها وينتظرك فيها الاخرون ...."...لانزال بيننا ولا لاحد بان يتقول علي ويقول لي بانها فرصتي لاتبث ولابدي ما بجعبتي ....

لم تكن عندي دموع لاحجرها في عيني اصلا ...كان وحده السخط والحنق ما يملاها ...كنت افكر في المواقف التي تنتظرني...والاجراءات  الإدارية التي ينبغي ان اسارع بانجازها ..شهادة الوفاة والدفن ..الوجوه التي علي مضطرا ان اراها وان اخاطبها في موضوعها وانا لطالما نايت بنفسي بعيدا عن كل مداراتها .."تف ..تف ..."...كما علي تدبر امر من سيتكفل بغسلها واعداد كفنها والذي سيقرا القران على جثمانها وكما علي ان لا انسى بان لا اجرة يستحقها مني وانما علي ان اساير وان لا اسمح باستغفالي .....و واين اترك نفسي والبس غيري لاقابل واتقبل مراسيم العزاء ....من من لا يكنون لي اي رقيق مشاعر ومن من لا يحبونني لوجه الله وبدون اي سبب او مبرر يعادونني ...كما افكر في اولئك الذين لن يتركوا المناسبة تمر دون ان يحاولوا تقزمي وسحب اية مبادرة مني وسيعملون على ركني جانبا ...

كنت لا اريد ان اعرف الا ان هذه الايام التي افجعني وزلزلني التفكير فيها طوال العمر هاهي قد حلت وغير كل ذلك لا يهم ..لست حتى في حاجة لان افكر فيه لانني على نحو اوتوماتيكي ساعالجه ولن يكلفني اي جهد يذكر او يدعوا للتذمر...

سعيت جاهدا لابقيها بجوارنا لحين يجتمعوا كلهم بها في اول فرصة ممكنة وكان الكل يعول على صيف 2021 ...لكنه زمن كورونا والقهر ..زمن الاستغفال والضحك على الدقون ..زمن السجن الكبير والحجر الجماعي  والقهر الممنهج  والتراجع على كافة الحريات والمكتسبات الديمقراطية ..زمن كافر وسادي يتلذذ بتعذيبنا جميعا ...

حاولت بشتى السبل ان لا اخدلهم  فيها ..لكن هيا حدثت النهاية وكل ما عدت اريده هو ان انتهي بسرعة من كل ما تتضمنه مثل هذه النهاية لننتهي ونعود بسرعة لنستانف سيرنا الذي كف على ان يكون عاديا ولا طبيعيا ولا كما الفناه مند ان اخدوا في تسويق ادوات ولوازم العهد الجديد والنظام الجديد وقواعده الجديدة ..

لا يفرق معي ان رحلت الوالدة في زمن موسوم بقهر جديد يدعى كورونا بالقدر الذي يغبنني ان يستمر معنا وان تحل نهاياتي بدوري في عهده دون أن يصفوا بعد الوقت لنستعيد بعضا من حياتنا ..."سحقا لجيل مثل جيلنا ان يكون شاهدا على كل هذا الموات  والتراجع والتقهقهر والجحود والدعوة للتبلد والبرود ......."




        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...