الأحد، 5 يونيو 2022

يوميات : عوالمي السرية..../ ما بعد كورونا...حياتي الاسرية..


 ٦- اختلفت سبلنا قبل الانطلاقة.

اين انا من ما كان يترتب بشكل او باخر ..!!؟ اين طارق بكل حساباته وتقديراته من ما كان جد محتمل الحدوث وهل ملك حقيقة ان يختار ام لم يكن منتبها حتى ....؟!!..

كل الذي كان يدفعني للقبول في كل الاحوال حقيقة انني تعبت من ان اكون لوحدي ...تعبت من البكاء على نفسي وعلى عثراتي وعلى كل همومي التي اجترعها لوحدي ...كانت الاربعين سنة التي راكمتها في عمري قد انهكت ظهري وتركتني في حيرة من كيف ساعيش العمر الاتي ....

طارق ...كان متعبا جدا من المضي كما لا يمضي ...لم اكن اعرف ما عساني بعد انتظره ...!؟ كنت مفتوحا على كل الاحتمالات وعلى اسوئها ..انتهيت ها هنا بمدينتي على ان اكون ..لم يعد يهمني اي شكل اكون عليه مقابل ان اكون بعد ما دام حتى الانسجاب لم يعد خيارا ....كنت مثخنا من العيش كالظل ..كنت ضجرا من مجرد ان اتكلم مع نفسي ..وكان يلزمني بداية ما ...بداية جديدة استقوي بها على مجرد العيش بلا معنى ...

جربت بشكل جدي ان اسقط ..ان اقارب حافات المرض لعلي اتملك بعد السلوى ..ولم اعرف كيف اخادع نفسي او لربما لم اجد نفسي على ذلك النحو ...

جربت ان اتفوضى..ان اتبعثر...لعلي اتلاشى او اتحول الى سراب واضيع . .لكنني لم اكن بقادر على ان ادوار وعي وامكنه مني ...

ما جدوى المعرفة هل هي لتحمينا ام لتقف في وجهنا بصفاقة هي وكل حقيقة ..حقيقة ...!!؟.

كنت بازمان شديد اعاني الحاجة لاتحدث ..لاتكلم ...لاقول ...لامارس فعل القول والحكي والبوح والاعتراف وكل اشكال الكلام الشفاهي وغير شفاهي ....

كنت في حاجة لان اجد روموزي وافك شفرات ذاكرتي المتعبة 

في السنوات الاخيرة من عمري ذلك عشت فقرا في العلاقات مع الاخرين وانا منغمس كلية في متابعة العالم بسياسته واقتصاده وكل ما يكونه حتى الفكر والقواعد التي تحكمه ..لم اكن هنا بل كنت في سفر طويل مع الزمن اقرا الخرائط والونها واقصها واحفظ كل اشكالها ..افردت لكل بقعة ملفا وسعيت بكل جد لأملاه بالمعرفة ...كنت اريد ان اعرف اكثر وان ارتب عقلي على طرق جديدة من التفكير والرؤيا ...كنت احاصر الشك ذاخلي واجعلني ادور حول الساقية دون ان تزوغ عيني للتوهم او تخال ..كنت اريد من قراءاتي هذه المرة كذلك ان تكون علمية وعلى اسس جيدة ...لعلي كنت احارب المرض العقلي داخلي بتبني تلك الاساليب من الدرس والبحث والمعرفة ....

اغلقت الباب علي جيدا وانفتحت على عوالم جديدة ..عوالم المعرفة...كان يحدث ان يصعب علي النوم واتارق لليالي متتاليات ..ويفسد مزاجي ويتوغل صدري واشعر بالرغبة في الانفجار ...فألجأ لاحتساء الشراب في فراشي بين اوراقي وملفاتي وخرائطي حتي يثقل راسي فانام دونما ان ادري كيف وما ان استيقظ ابدا في انهاء ما تبقى عندي من شراب واحاول ان اسافر مع الرغبة ..اكون في حاجة لان انفس قليلا عن جوعي وعن عطشي وعن صعوبة ان لا اكون جيدا في ذاتي ومع ذاتي ....

حبي كان لا متناهيا للورق ..للاقلام ..لامواس تقطيع الورق  ..للحبر المدادي ..لملفات الورق المقوى ...للجرائد ..للمجلات اللامعة وللصورها الملونة ...لعدد القصاصات المتراكمة امامي وانا اعامل الصحف والمجلات بمنتهى الحرفية وماض في تقطيع قصاصاتها وتاريخها وتوضيبها لتوزيعها على ملفات مفردة لكل واحدة او مجموعة منها ....

عشقي كبيرا كان للموسيقى للاغاني ..للصوت المرتفع الذي يهز كياني ويدخله في احلى سفر واستحضار ...

كانت ذاكرتي مصيبتي توقض علي الاوجاع وترجع لي صدى الايام التي خلت ..الايام العامرة ..الملئ..الحبلى باجمل الذكريات واعطرها واحبها لقلبي ...فتتسلل الدموع لتنهمر بصمت ودفئ وغزارة على خدي ..تسري الى ما بين عنقي ..تمضي لحيث صدري ..ويحدث النشيج ...وحرقة البكاء واعض على شفتي وفمي خاوي من الاسنان ...فقط هي عضة اسى او اسف او رغبة ...يحدث ان اشعر بانني اعاني ...بانني اتالم ..وان هذا اكبر على احتمالي ..

كنت استبعد العودة للعيادة النفسية لا اريد ان اقابل المعالج لسبب وحيد ،"لا اريده ان يلحظ ضعفي ..بعد أريده ان يراني قويا "..كانت دوما لي حججي عندما لا اريد ان افعل شيئا محددا ...كنت مقتصرا على زيارات اطباء الحراسة الليلية بقسم المستعجلات بالمستشفى الاقليمي ..وانا وحظي وانا وكيف اديت الدور واستطعت ان اقنع الطبيب بصرف دواء مهدئ لي ....

لا احمل هم الاتي من الايام ..اجلس في كنبتي التي هي سريري وفرشي الاوحد وابدا في معالجة ملفاتي مفردة ..مفردة ...صورة ..صورة ..حدث ..حدث...

الملفات تتناسل بين يدي بصورة عجائبية ولا ابالي بكم من الوقت عساه سيكفيني لانجز بنسب معتبرة كل متطلبات ملف وبطائقه التعريفية على حدى...لا ابالي مادم كل سعي المعرفة والتي لا اريد منها اي شيء اخر ..لا تنويها او اعتراف معينا ولا اي تقدير مخصوص ...انا على هذا المنوال احفظ عهودي على نفسي وامثل كامل وفائي للشخص الذي اردت ان اكونه ...

حتى لما انسحب لخارج البيت واعبر الازقة والشوارع لا اركز في الوجوه ولا اهتم باشكال الناس ولا ما عساها تحمل عيونهم عني حين تبصرني او تلمحني ...

بعد انا ذلك "العروبي "الذي يحب التسوق ما يلزمه بالجملة او بالقائمة ..لعلي جاد في قولها عالية اجتماعيا :" بعد انا اكفي نفسي بنفسي وبعد بامكاني ان اثير غيرتكم وحسدكم ..." اعني جيدا رسالتي ..لانني بكافة الاحوال وبكل تبدلاتي ما اسقطوا تعاملهم الاجتماعي السياسي معي وعليه لا يجب ان اغفل بانني كائن اجتماعي وعليه ان يمارس السياسة بدوره ورغما عن انفه ....

العدد الكبير من الناس الذين كنت على علاقة بهم اكاد لا اعرفهم ولا اعرف ما الذي حصل بيننا حتى افترقنا وحتى بتنا ننسى حتى إلقاء التحية الصامتة على بعضنا البعض ...

في البيت ليس هناك غيرنا ..انا ووالدتي هي تسال عني وتهتم بي وتوفر لي كل احتياجاتي ...لكن الاساسي منها عندي وما يلزمني بحق لا عهدة لها بان تعرفه لتوفره لي ...انا مهما صادقتها لااستطيع ان افصح لها عن كل ما يدور في ذهني وفي خاطري ..ومهما توسلت اللغة لا يمكنني ان احملها كل ما يعنني واعقله بالضبط ...اعرف ان هناك مستويات لاقف عاجزا على ان اقول كل شيء ولا لابوح بحقيقة مشاعري وما يكلمني ويجرحني من الداخل ....

لا اريد ان اشعر بالغبن الذي يتحقق داخلي كلما قابلت صديقا عزيزا على قلبي او قرات عنه قصاصة تذكره فيها...فانا عندما اساءلني كيف ومتى ولماذا حدث البعاد بيننا..اعرف دون ان اتبين كيف على وجه الدقة ..ان لا بعدا حقيقيا حدث بيننا وان كل الحادث والعارض اننا كففنا على ان نحدث مصادفات اللقاء بيننا ...وان الامر لا يعدوا ان يكون اتفاقا بيننا ..حتى يستمر كل واحد منا يدهش الاخر ويخلق داخله رغبة وامل في ان نلتقي ذات يوم ونسعد باللقاء ....

اقتنعت تماما بان لا مجال لي لاهرب اليه ذات يوم غير هذا المجال الذي يشكله بيتنا ..حينا ..منطقتنا ..مدينتنا ...ولا لزوم حتى للحلم في امكان وجود مكان ما ممكن ومتاح غير هذا ...لعلي في اسوا حالاتي النفسية اعتقد في امكان وجود مكان ممكن ما ..مكان موسوم بالحرية المقيدة او المحددة ..سجن ..مركز رعاية اجتماعية ..مرستان للامراض العقلية والنفسية ..مكان الجا اليه رحمة بنفسي من ان تتعرض للاشفاق والمهانة والذل الاجتماعي ...

عادت لي رغبتي في ان اسرح بالليل ..ان اخرج للشوارع وللساحات العمومية وللحدائق والافريز الساحلي ..رغبة يداعبني فيها الهواء العليل ونسيم الليالي الصيفية المحتمل والرقيق على القلب ...

تتلون عيناي بنبيذ احمر او شراب قوي او ببضعة حبوب مهدأة... فتتفتح لتعانق وهج المصابيح والوانها وبياض البيوتات وحركة بعض الباقين مثلي في الشوارع والازقة او مجرد العابرين الى اشغالهم او بيوتاتهم ...هل من سؤال وهل من جواب ...!؟؟لا اعتقد ...هو مجرد فضول عابر ينتهي عند كنهه انه كذلك وانتهينا ...وما يبقى يرتج بداخل كل واحد يكون همه الخاص ورغباته الخاصة ...وهل ممكن ان نلتقي في هذه الدائرة ؟!!..نعم ..هاهنا امكان متاح ...امكان قابل لان يلاعب عقولنا ويسرح بمخيلتنا قليلا ..مثل فعل الترويح عن النفس من ما يقلقها او يصطخب فيها على غير عادتها ...

اعاني بالجسد ورغباته ..اشعر بالسعار خصوصا لما اسكر واعرف ان النبيذ او الشراب القوي يخادعني يهبني رغبة ناقصة ...رغبة ملحة في ان امارس لكنني اعرف في ذات الان انه يسلبني فعالياتي الجنسية ومقدرتي ...وعندما اخرج اركب الانثى داخلي وابدا في التسكع كمدام بوفاري الشخصية الروائية الشهيرة ...اسائل الغواية ..افكر في تجارب "كجوال"  في فعل اي شيء يتحقق فيه فعل لذة ...ولا يهم كيف ....!!؟

عانيت بشكل جدي وعنيف مع من حاولوا حصاري بالاشاعات المعرضة والهجوم علي كمن يحاولوا اخصائي ...كانوا يضربون فوق الحزام وتحته وفي كل مكان ....وانا كان همي الوحيد ان لا اتاثر ..ان ابقى واقفا ..ماضيا في طريقي ...وان اعرف متى ينبغي لي ان اركب التحدي وافاجا واباغث بدوري واضرب متى بدت لي الفرصة مناسبة ....

احداث فبراير ٢٠١١ فجرت غيضي ..صباح ٢٠ فبراير كنت قبل التاسعة صباجا في انتظار ان يفتح محل بيع الخمور بابه بالقرب من السوق المركزي ..كان المحيط كله ملغما برجال الشرطة وسياراتهم وعرباتهم ...انا كنت احمل عددا من الصحف الاسبوعية والمجلات الوطنية زادي وصاحبي في جلسة شراب اريد ان اعقدها بعد القليل من الان 

عرفت بنفسي وبغرضي من وقفتي هاهناك كما تتطلبه الاعرف البوليسية والامنية ولم اقابل اي تحذير ..كنت ابادلهم التحية بالراس ومن بعيد وساعة تقضيت ما يلزمني من شراب وجعات وخرجت كانوا مدرين لي ظهورهم وعبرت من جانبهم دون تردد او وجل ...

كنت اعرف ان الاجواء متلبدة وان هناك ترقب وخوف من وقوع احداث هذا اليوم ....لكنني انا بعيد عن كل ما يعتمل في الشارع العام او في مؤسسات بعينها ...اتابع كل شيء بل وحتى الساحة المحلية لكن من خلال تحليل المعطيات الخبرية وتجميعها . ..كما اتابع الاحداث الدولية من خلال القنوات  الفضائية  الدولية...والقاهرة كانت متصدرة البث المباشر يومها ....

شربت وبكيت بحرارة وكان كاظم الساهر من لعب على اعصابي وهز مشاعري ...

نمت في حدود العصر وفقت بعد اذان العشاء بقليل ..نزلت الى الطابق الارضي لاعد قهوة سوداء لي ..فعالجتني والدتي بخبر ان الاوضاع بالمدينة مقلوبة بعضها على بعض وان اخي خالد اتصل بها وطلب منها ان تحذرني من مغبة الخروج للشارع ...

ثرت لم اتقبل موضوع التحذير من اساسه ..لكن ثورتي الحقيقية انني لم اجد اي خبر بكل القنوات المتابعة للاحداث تذكر ما وقع ويقع بالمغرب طيلة هذا الزوال وهذا المساء ...فحملت التلفاز وضربته مع الارض ليقع متكسرا ...كنت غاضبا وركبني السعار ...خرجت اتقصى الاحداث في محيط منطقتنا السكنية كانت الاغلاق سيد الموقف والتحركات الوجلة والمشبوهة لبعض المارة ومنهم من كان يحمل قطع اثاث على غير المالوف في مثل هذه الظروف وهذا الزمن من الليل ....

احسست بكثير من الشماتة وبانني معني بدرجة معتبرة فيما حصل والذي لا يمكنني حصره الان غير انني ممكن ان اتصور اشكاله ...لا اعرف ملابسات ما حصل لكنني افترض كيف حصل القصور وكيف خرجت الامور عن السيطرة وعن الى اي حد يمكن ترتيب الاوليات والمسؤوليات ....

بذاخلي كنت ممتعضا من تحركات اليسار الذي اعرفه والذين لا اعرفهم ممن التحقوا بافراد القبيلة الحاكمة بالمدينة ..ولم اكن راضيا البثة على سلوك السيد رئيس المجلس البلدي ايت سي امبارك محمد صديقي وواحد من ناس حينا ..كنت اجده متماديا في نزوع اناني برغماثي حد الشطط والجشع مما جعل الجميع يحدق فيه مليا ويحاكمه او يسائله ...وفي غياب جماعة داعمة متمكنة هي الاخرى فالسيد الرئيس لا محالة يقامر بكل مستقبله السياسي والاجتماعي خلال هذه الجولة...

المدينة فريدة من نوعها وتحمل تناقضات عميقة ومركبة داخلها ...انا كنت جد متحفظ كي لا انخرط في اي احداث ولو حتى بمجرد الظهور ..غير ان تواجدي في الشارع الذي يكون بمبرر معقول يصادف احداثا تقع اناها بشوارع المدينة او ساحاتها ...ولم اكن اذهل من انزالات الجماعات الاسلامية واحتشادهم لانني اعرف كيف هي تعبئتهم وعملهم الاستقطابي وسبق ان نبهت اليه في تقارير سابقة للادارة ...اما الان فانا ابعد من كل هذا ..مجرد مراقب لاغير ...

عندما اعود لخلوتي ولوحدتي اكون انا هو انا لست بحاجة لاية اوهام انفخ بها ذاتي واحول بها وجودي ...انا هو نفسي طارق الذي سلبته فنون الصحافة والتحرير والاستقصاء الميداني والذي يحركه اساسا هم ان يعرف وان يعرف اكثر وان لا يغفل اي شيء وكل شيء ... والذي يتجاوز الاحساسات باللاكفاءة او الفاعلية او اقلها اهماله وركنه جانبا من الادارة بعد كل الذي حصل بيني وبينهم ...

كنت مصرا على ان لا اتوقف ..مدفوعا بقوة غريبة للاستمرار وللمزيد من التكوين واعادة التكوين ...

مصدق في نفسي وفي مقدراتي اعرفني جيدا من اكونه وما بجعبتي ولا يهمني ان اكون طوال الوقت اعاني الاحتراق النفسي ...ومرارة البقاء في الظل وحيدا ..غير مرئي ...

التقينا ...ووجدتني على قدر يديها ولربما رات في صدقي مكمن ضعفي ..تمسكت بي وابت ان تذهب لسبيلها لعلي بدوت لها فرصة لما لا تستغلها ...وانا يسرت لها كل السبل ..ما عاندتها ولا لججتها كانت عندي الامور سيان لم تكن الانثى التي احلم بها لم تكن بسعة معرفة او ذكاء اجتماعي وسياسي ..كانت واحدة من القاع من الهامش وتحمل عنف واقعها وانا كنت مستعدا لاقبل مرافقة اي كانت لعلها تزيل القليل من وحشتي وتعيد الي فرص الحلم والرغبة ..فقبلت بها ...كان انتحارا اجتماعيا لكنني قبلت به 

واحد بتجربتي وبخبراتي وبالاربعين سنة التي راكمها في عمره من شانه ان يستسهل اية عمليات انتحار اجتماعي بل بامكانه ان يحولها الى انتصارات وذلك كان تصميمي ....

ليت سعاد امنت بانني ممكن ان اكون فرصتها لانها لوكانت كذلك لارتقيت بها بعيدا ولمكنتها من اجل المواقع واشرفها لكنها كانت مشكاكة وخائفة ومترددة وتجرب ليس الا ....ومن هاهنا نبع اول خلاف في التوجه بيننا وحدث الصدع في طريقنا ....


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...