هل كنا ندرك اننا لن نكون ما يريدون منا ان نكون ؟! ..فقط كان بذاخلنا احساسات تدفعنا لنتمرد ولنلقي بكل تحذيراتهم وتنبيهاتهم لما خلف ظهورنا ونمارس الخرق ..وتعودنا ان نطاوع شكلا وبحضورهم لكننا ما كنا كذلك عندما نكون لانفسنا ..كنا نحاول جادين ان نكون كما ارادوا منا ان نكون ..نتحفظ اقسي درجات تحفضنا ونحرص علي ان نمتثل لما اوصونا به وفجاة نشعر بالملل والتبرم والضجر ولا يعود بامكاننا ان نستمر الي ما لا نهاية في تمثيل كل ما دربونا عليه ونطلق ما بذاخلنا للخارج ..لم،اكن لاتسال كثيرا عن مرامهم واهدافهم من،وراء كل تلك افعل هذه ولا تفعل هذه كانت تبدوا لي احيانا انها حزء من لعبة يحسن ان يمارسها الكبار لاغير ..وجزء من تحكم كبير يمارسوه تجاهنا وسيستمرون فيه الي ان نكبر ونفعلها مثلهم ..لم،اكن لانخدع ببساطة كنت اتاني واخد كل وقتي في التفكير وقلب الامور الا ان استقر علي قرار ..الي ان اقتنع بانها علي العموم مجرد خدعة تنطلي او لا تنطلي عليك كما علمني "عميالاصغر" هي محرد العاب خفة وليست سحرا ..هو مجرد ذكاء واختبار وليس تشوف وبركات ..هو استغلال لخوفنا الطبيعي وليست ظواهر غريبة ..هو ان تصدق او لا تصدق ..كنت اخد الطريق واعيد استعاب كل ما قيل لي،لافهمه مجددا واستبين منه ما يريدون مني علي وجه الضبط .؟! ولانه لم،يكن معقولا لي ان اذهب وحدي حتي شاطئ البحر حيث كل الصبية والكبار يسبحون ويلهون وان لا اسبح لانه يمكن ان اغرق فانني ما ان اصل البحر حتي اودع ثيابي عند اول امراة اجدها والقي بنفسي في الماء ..لم،يكن ممكن ان لا افعل سوي ذلك لماذا علي ان احرم،نفسي من ان اتمتع والهو وافرح ؟! لماذا علي ان امتثل دائما لكل تعليماتهم وتوصياتهم ..؟! ..كنت لااعرف لماذا انا متاخر في تحصيل اولي الدرجات في مستويات تعلمي الابتدائي وبالكاد احصل علي معدل فوق المتوسط رغم،انني احفظ دروسي وانجز المطلوب مني من تمارين وواجبات منزلية وانتبه واشارك داخل الفصل مثلي مثل الاخرين وكان فعلا يحز بقلبي ان اكون ابن معلم مدرسي وان لا اكون من الاوائل ولقد كنت اعبر بصدق عن نيتي وعزمي واملي في ان اكون كذلك لوالدي ..لوالدتي لعمي ..لاقاربنا ..لكنني لم،اوفق لذلك ولا لمعرفة ماعساه يكون السبب لانني لم اكن للاجدني ذكيا بعيدا عن مباهات والدينا واخوتنا بي امام الاخرين ..لم اعرف لماذا مع كل محاولات تحسين خط كتابتي الا ان خظي بقي رديئا علي ان والدي كان بحق فنانا ،خطاطا يشهد له بذلك ..لم،اكن لألاحظ ان مجرد تململي وترددي وخوفي من افشل في الاجابة وانجاز المطلوب مني يتمكن مني ويضيع علي الفرصة لاجيب بشكل صحيح ..لم،اكن لافهم،السبب في لماذا سرعان ما يتسرب الي الضيق والشعور بالرتابة وبانني متعب وشبه مريض ولا اريد سوي ان ينتهي الدرس ويطلق سراحي لاستعيد عافيتي ونشاطي ؟! لم اكن لاعرف لماذا فجاة يتحول فضاء القسم لفضاء كئيب وقاتم ودامس الضوء ولا مطاق ووجوه التلامذة لوجوه تعيسة وجامدة وربما كريهة وصوت المعلم او المعلمة لصوت يكرر نفسه ويعيد قول نفس الجمل دائما وليس له ما يضيفه ولا يبقي امامي الا ان انتظر المنقذ ؛جرس الخروج،لينحل قليلا عن ساقي وفخدي التنمل ولارتاح بالوقوف من جلسة باتت تالمني وتدبرني ..لم،اكن لافهم،اشياءا كثيرة لا لانني لم،اكن لافهمها بل فقط لانني لا اقولها وليس هناك من،يمكن ان اقولها له ويفهمها كما هي واضحة عندي ..كنت استغل ساعات حكينا ومحادتثنا لاعبر عن ما كان يعترني لكنني في الغالب كنت اجابه برد يكاد يكون هو دائما نفسه :"انت بشكل اخر / انت فشي شكل / غريب"
كان" عمي الاكبر" يشجعني ويثير في الحماسة ويدعوني لادافع عن نفسي بل لأثأر لنفسي "-عطي لمو مالك خايف منو ..؟" انظر لابي يرفع حاجبيه ويفرغ عينه ويشيح براسه ..التفت" لعمي الاصغر" يبتسم،لي يقوس شفتيه جانبيا ثم يطاطا راسه وقد غلبه الابتسام وكنت اعرف عنهم ان عمي الاكبر بحق يريدني قويا وان والدي يحذرني من التابعات وعمي الاصغر ينبهني للخدعة ..
عمي الاصغر قال كلمته "لايذهب لوحده " عمي الاكبر بعد يحاجج ويقول ان بامكاني ان افعل ..ووالدي ينظر اليهما ويتجاهلني ويتجاهل الحسم للحظات قبل ان يقرر ما قرره عمي الاصغر ..
عمي الاصغر لا يعطيني حجما اكبر مني ولا يطلب مني ما هو فوق قدرتي وسنين عمري ..عمي الاكبر بطبعه البشوش والصلب في نفس الوقت..والعنيف كذلك والجسور يريدني ان اكبر وان اقوي وان اكون جريئا ووالدي اقصي ما يريده مني ان اكون مأدبا ومطيعا علي انه ليس له الوقت لي.. له دائما ما يفعله بالاضافة الي انه له جلساته الخاصة ..
والدتي تملك،ان تنبه وان تنهي وان تنهظ لتاتيني العقاب سريعا بصفعات بيدها او بصندل وبكل ما تقع عليه يدها وبعد وقت قصير تناديني لتصالحني والدي العقاب هو العقاب متي نودي علي لنيله فهي كلها كلمة او كلمتين وينهال علي بالضرب ومهما سقطت يعيد ايقافي ويستمر في الضرب .
اخوتي الكبار.. هي فقط مجرد ضربتين الي ثلاتة معتبرة تجعلني اتلوي الما والجأ الي اول ركن لانزوي فيه وتنتهي المعاقبة
كان،دائما هناك،سبب لكن هل كان يستحق حجم،ذلك،العقاب وتكراره ؟! هل كان فعلا يلزمني ان لا العب بصخب وبصوت مرتفع للا اعاقب ..؟! هل فعلا انا لا اسمع الكلام من الكبار لاستحق العقاب ؟!
هي تنهي عن هذا الفعل وانا ببساطة العب وارفع رجلي عاليا بمحاذات الجدار ..هي تطلب ان اكف عن اتيان ذلك وانا اعدل وضعي واتحفظ في لعبي لكنها الالعاب هكذا فلماذا تنهظ مسرعة الي وتصفعني مرة ومرتين واكثر ؟!
هي تنادي علي لاحمل الخبز الغير المطهي للفران وانا ارفض واقول لها انني تعبت ان افعل دائما ذلك فليحملها غيري ..اخوتي هناك،ليقوموا بذلك ..فتتوعدني بالعقاب وتجعلني انسي حذري الي ان اقترب منها فتمسك بي وتنهال علي بالضرب كيفما اتفق وانا لاملك،الا الصراخ والبكاء والتوسل بانني لن اكررها مرة اخري وهو ما تريده مني ان لا اكرر رفض ما يطلب مني ..لكن هل كنت لاكون صادقا في وعدي وقسمي ؟ هل كنت للاكررها ؟! هل كنت اردد في نفسي لما كنت اترجي غير انني ساكررها ..
كان يقول "بش هكذا تتعلم منين نهدر معك تسمع الهذرة .." وهل كنت هكذا لاتعلم ان اسمع الكلام ؟! اغافله لما ينهط ليحتسي كاس خمرته بالمطبخ واسرق من علبة سجائره سجارة ولا انسل مباشرة وانما اداوره بطلب ما ثم،لسطح البيت حيث اذخنها وانا اعرف انه حتي ان اقترب ليشمتي فلن يشم في رائحة الدخان لانه ليس مذخنا وفقط وانما لانه مخمور ..
صحبة،ابن عمتي الذي يقاربني سنا نقطع الطريق المذغل والاشبه بنفق مظلم،تغطيه اغصان الاشجار والشوك واضلاف شحرة التين الشوكي لحيث جنانا ولحيث نجد والدينا وعمي وربما اخرون يشربون خمرتهم ويذخنون وبترثرون ويضحكون ونحن متاكدين باننا سنحصل علي الاكثر من قطع نقدية بالاضافة لبعض الاكل والفاكهة لاننا بتنا نعرف انهم،عندما يسكرورن يكونون اكثر كرما معنا بل ان عمي الاصغر قد يستلف قطعا تقدية ليهبنا اياها ..مثلما نعرف انه متي ناموا وهم،سكاري واصبح صبحهم فإيانا والاقتراب منهم قبل ان يقضوا وقتا طويلا في التدخين والجلوي بمفردهم ..ومثلما اعرف انه بعد خصام وعراك في البيت مع والدتي سيكون اكثر كرما معي وسيحاول ابداء الاهتمام،بي ..
اعرف الذي يناسبني والذي به اسلك كما لا اعرف في عدد من المرات لماذا يكونوا في حاجة لان يكذبوا علينا ليتهربوا من مصاحبتنا معهم ..ولماذا يدسون علينا الاشياء ولماذا حينما نتقاسم بعض الاشياء ياخدون اكبر من حصصنا ..؟ولا لماذا يفقدون اعصابهم دفعة،واحدة وبشكل فجائي وينقلبون علينا ؟!
الذي لم،اكن اعرفه هو هل الكل يفكر فيما ينتابني من افكار وخواطر ؟! هل كل الفتيان الذين هم،في عمري او يقاربونني يشعرون بما اشعر به ؟! انا كنت فقط اختلي بنفسي واسرح بخيالي ومع افكاري الخاصة واعيد تصور الاشياء واستعادة بعض اللحضات والمشاهد ولا اعرف كيف ينتهي بي المطاف لاجد انه قد كونت لي انطباعي عنها وشعورا خاصا منها ،موقفا منها لم،يعلمني اياه احدا غيري ..
الساعات التي كنت احس فيها بانني اكبر هي الساعات التي كنت اجلس فيها لوحدي ،لنفسي ،لخواطري وافكاري..وابدا في مساءلة الاشياء واستحضر فيها المواقف التي امر منها ..
كنت اعرف انه مطلوب مني الشيء الكثير لانجزه لاكبر واكون لكنني لا اعرف ما يكون بالضبط ..وكنت اظل مترقبا ان افهم ..ان استوعب ما يحصل من حولي وان التقط الاشارات لاعبر من خلالها وانفد لعالم الكبار ..احرص علي ان اهتم بمظهري ونظافة وسلامة ثيابي ..احرص علي ان ارتب وامشط شعري..احرص علي ان اثبت في خطوي وانا لا اتعجل ولا اتباطئ في مشيتي وان التفت للطريق ومخاطرها احرص علي ان اتثبت من عدد النقود التي بيدي والتي تعاد لي بعد ان اقتني سلعة او اتبضع حاجة ..احرص في المدرسة علي ان اتخير من ساتجول معه بفناءها ساعة الاستراحة وان لا ادخل في مشاحنات او مشادات مع الاخرين ..احرص علي ان لا يتسخ حذائي بالرمل الاحمر الذي يغطي ساحة المدرسة ..احرص علي ان اقبض جيدا علي محفظتي وان اراحع انني اخدت وحملت كل لوازمي وادواتي ولم اضيع منها شيئا ..احرص علي ان اقفل ازاز ياقاتي المدرسية البيضاء ..احرص علي كل ما او صونني به وطلبوا مني الالتزام به لاكون موضع تقدير الكبار والاخريين وليكون سلوكي معتبرا ويليق بمهدب ومجتهد ومطيع لوالديه ..احرص في البيت علي ان ارتب ثيابي واغراضي وكتبي ومجالاتي واوارقي وقد اتجاوز ذلك لاغراض اخوتي وغرفتهم ..كنت احاول ان اتلقي الاستحسان والرضي عن سلوكي ..كان يهمني ان اسمع منهم الاطراء علي شخصي..كنت احب ان ينظر الي بنظرة الاعجاب والترحيب من الناس والاخرين ..وكنت اعرف انتي في نفس الوقت لن ارضي الاقران ومن يكبرونني وانني معرض في اي وقت لان استصغر منهم واحاصر بتعليقاتهم وألدغ بقدحهم وليقطع علي الطريق..كنت اعرف انه وحده مظهري يوحي ويشجع علي ان يعترضون طريقي فانا لن اكون الا ابن امه اوعلي الاصح ابن " ماما " الذي لا يقوي علي خوض العراكات ونزالات الاقران والذي لا يبتعد عن مدار بيتهم وحيهم ..كنت في مثل هذه المواقف اظل التفت من حولي لعل احدا يدافع عني من المارة امراة او رجلا ما او شابا يافعا او احد اقربائنا الذي يمكن ان يكون مارا بالصدفة من هناك يتذخل ويمنع التعدي علي بشد ثيابي واحتقاري وربما البصق في وجهي او ضربي ..في العادة يكونوا اكثر من واحد وفي مجموعات وانا في العادة اكون وحدي ..وقليلا مع اختي ونادرا مع رفيق او صاحب ويكون في الغالب يشبهني ومن،طينتي "ابن ناس " لان الاخرون حسبما يضفون عليهم،من اوصاف ونعوث " ابناء سوق " وغير مربين ..لا يمكن،ان احلم واتمني بعد الخروج،من هذه المواقف غير ان اكبر وان اكون قويا وقادرا علي ان ادافع عن نفسي..وان ياتي علي الوقت لارد الصاع صاعين لهؤلاء الذين اعتدوا علي ..عرفت فيما بعد ان لا جدوي من التشكي لاهلي والتشكي لاهاليهم هم ان خرجت سالما دون شفتين مدميتين او رعاف بالانف او اصابة بالراس من حجر او من ايقاعي علي الارض او دون ثياب ممزقة لان معرفة اهلي انه تم التعرض الي كانت تعني المزيد من عزلي عن الخروج والتحرك بالتالب بحرية اكثر ..كما كانت تعرضني للتانيب وهو الذي لم اكن اعرف دواعيه ولا موجبه ..هم،يانبونني علي انني لم،اواجه وادافع عن،نفسي وانا لم اكن املك،القوة او الجهد لذلك كما لم اتعلم التصرف في مثل هده المواجهات..لم،اكن جبانا او خوافا كما يمكن،ان يعتقدوا ذلك لكنني لم اكن في الموقف المتعادل كما انني لم ادرب علي شراشتهم وصلابتهم وتحديهم ..ولا كان مسموحا لي بان العب بالحجارة واقدف المنازل والاخرين بها ولا ان انظم للمهاجمين الصغار علي احياء الاخرين ولا لي لانظم لمجموعات الغازين للاسواق نهارا لينشلوا الفاكهة والخضر من اصحاب العرابات المتجولة او المفترشين الارض ..ولا لشوارع المدينة ولجهة البحر خيث تقام ،اكشاك اللعب وطاولاتها والارجوحات وساحة سيارات الاصطدام بما يكون اشبه بفضاء الملاهي والتسليات " والذي كنا نطلق عليه اسم،" السيركوا " ليحاوا نشل ما بجيوب وايدي الصغار او ليتحرشوا بهم بناتا وصبيانا او فقط ليدخلوا الرعب في قولبهم ويتلهوا هم،بذلك ....دائما كانت هناك مجموعات تتناسب واعمارنا ..للصغار والفتيان مجموعات كما للمراهقين ..ومن اخدوا يكبرون ..ودائما كانت هناك عركات ودائما صوت واحد يثار بذاخلي "احرص علي سلامتك ان لاحظت ان هناك عراك اهرب وابتعد عنه "وكان لاخي الاكبر والذي قلما ناصرني في عراك او تدخل لمصلحتي كان دائما يتوجه الي بالكثير من الكلام دون،ان يفهم انني بحاجة لمن يدافع عني لمن يثار لي لمن يعلمني ان اكون قويا ..ابقي مخيارا بين ان اتعرض او انتظر ان اخرج بصحبتهم هم،اخوتي الكبار ولم يكن لياخدونني معهم في كل مرة او وقت ..لعلي كنت افتقد في مثل هذه المواقف الي اخي الذي يكبرني باربع سنوات لانه كان سيعرف كيف يخرجني منها دونما اية خسارة او جرح في جسمي او كرامتي كنت اعرف انه بمشيته وبقامته المتناسبة والقوية قادر ان يبعدهم حتي من ان يفكروا بالاقتراب منا ..كنت اعرف انه بنظرته وحدها قادر علي ان يحد تقدم احدهم منا كما كان حتي ولو كانوا مجموعة قادر ان يبعث الاطمئنان داخلي وينبهني الي ان اتقدم في طريقنا دون ان اخاف او اتردد لانني ان خفت شجعتهم علي الاقتراب مني..
لم،يكن،الخارج يبعث علي الاطمئنان ولم يكن الطريق حتي من البيت الي المدرسة او لبيت جدتي او عمتي آمنا ..منذ ان تعلمت ان لا اتلف الطريق كان دائما محتمل ومحتمل حدا ان اتعرض علي الاقل للمضايقة في طريقي ان لم يعترض سبيلي، علي ان لا حادثة ضرب قد تقع الا انه موقف مذل يخسف بكامل ثقتي بنفسي ويؤديني من الداخل ..وقد يفقدني اية،رغبة في الانتباه للدرس او لتاول اية،وجبة،مع انه كان الجوع بي قبلها ..كنت اطاطا راسي وتقع كتفي ثقيلة علي جسدي وامضي متثاقل الخطو غير راض ومحبط وحزين وغاضب في نفس الوقت ..
كنت اقطع الطريق الي حيث،يسكن صاحبي متوجسا ولا انكر انه بخوف كنت اعبر بعض النقط والجهات ولا استجمع انفاسي حتي اقابل صاحبي ونعرج علي بقية اصحابنا ومعهم كنت انسي خوفي وتوجسي لانهم كانوا مستعدين ليدافعوا عني ويصدوا اية محاولة للاغارة علينا من مجموعة اخري ..اما غير ذلك فلاحتمي ببيت من ازورهم وللاعاود الخشية والخوف ذاته الا ساعة عودتي لبيتنا ..
كان،رفيق بحينا وجارنا اللصيق بالبيت يحاول تدريبي وتمريني علي المواجهة كان يطلب مني ان لا انظر في عيون الصبية كالبنات الخائفات وانه من الاحسن لي ان اتجنب النظر تماما اليهم،علي الاقل بالخوف وكان يقول لي ان علي ان افرد صدري وان لا امشي مرتخيا كالنعاج الصغيرة كان يطلب مني ان لا امشي في خط مستقيم وانما ان اتحرك وان اقف وان انظر للخلف وللجانب الاخر وللامام ..ان ابدي شجاعاتي وانعدام الخوف بي ان اردت ان اسلم من المضايقة ..ربما كان معه الحق ..عمي الاصغر نفسه كان يوجهني لان لا اخاف وان لا اهرب وان لا اتردد وانما ان استانف طريقي او قضاء غرضي دون ان ابدي مني انني ضعيف او جبان ..لكنني لم،اكن،جبانا كنت اضعف من ان اواجه ..كنت،اتسابق علي تقديم،خدامتي والتطوع للخروج لابتياع شيء لوالدي او لايصال غرض الي احد معارفنا علي انني اعرف جيدا ما يعينه الطريق ومخاطر الخروج لي وبمفردي كنت،اتشجع كما كان يريد مني اخي الذي يكبرني لاكبر علي الخوف الذي تراكم،بداخلي ..
اسرق سجارتي واذخنها برغبة ان اكبر وان اشعر بانني كبير وبانني متحد كذلك انا ..
احتال بتصنع انني لا اقصد ولا افهم ولا اعرف امورا كثيرة لتحتال علي من تكبرني وتداعبني وتترك لي بان اداعبها وتترك لي الاحساس بانني المفضل وبانني من يعرف كيف يغتنم ويفوز ..
اتشجع لاخرج لقضاء اغراضهم واخدمهم،بان اجمع منافض سجائرهم وانظفها والصحون الصغيرة الفارغة لانقد نقودا يكون لي بان اشتري بها السكاكر التي اريد او قنينة ليموندا صغيرة اشربها بالذكان او لمجرد ان اظل علي انتظار اخي لاريه كم جمعت من قطعة وليقترح علي ما يمكن ان افعلها او نفعلها بها ..
اكتساب رفيق كان يلزم الكثير من المطاوعة والصبر عليه وعدم،مخالفته لانه ان حدتث المشاحرات بيننا فسيمنعني اهلي من معاودة اللقاء او الاقتراب منه وهو ما كان يحطم امل ان اكون لجانب اخر او مجموعة تكفل حمايتي والدفاع عني..
التقرب من من يكبرني من الحي او حتي المدرسة كان مرفوضا لانه حسبهم،لن يعلمني الا ما لن يكون يناسبني ولا في صالحي ..واي كان الذي اصاحبه يجب ان يعلم اهلي من يكون ويرونه ويقابلوه ولهم وحدهم،ان يحددوا ان كان يجدر بي ان ابقي عليه صاحبا او ابتعد عن طريقه ..
لم،يكن هناك غير ابن عمتي واحد يمكن ان اصاحبه مع تحذير واضح من "عمي الاصغر" بان لا اطاوعه في كل ما يقوله وان احذر من ان يستغفلني وينهب ما املكه كان يعتبره شيطانا اصغرا ومحتالا كبيرا علي كل ظرفه "ابن عمتي الاخرى" كان اصغر مني ولم اكن اميل اليه وحتي عندما ازرهم بالبيت فكل نيتي ان العاب اخته الصغري لا ان العابه هو بل وكل رغبتي في ان اجلس لعمتي وان احضي بمعاملتها الخاصة لي ..
كنت علي حذر من رفيقي بالحي لانه ماكر وجسور ولا يهاب اي احد ولا يخاف من اية مخلوقات ..قادر علي ان يثير المشاكل مع الذين يكبرورنا ولا يتعرض لانتقامهم لما يمسكون،به لانه يعرف كيف يحتال عليهم ويهادنهم ..كان يقضي نهاره يقفز من سطح الي سطح ويتجول في كل اسطح البيوتات المتقاربة من مسكنهم بل ويقتحم كل اسطح البيوتات الاخري من ابوابها ..كان،لا يحتمل ان يبقي صامتا دون ان يصدر اصواتا او يتحدث او ينادي باسماء بعضنا دون هدف سوي اثارة الصخب وكسر الصمت والهدوء ..كان يحب ان يرهب الاخرين علي انه نادرا ما كان يعتدي علي احد بالضرب ان لم،يحاول الاخر مبادئته بالعراك ..كان متفننا في القاء الحجر والاصابة به وكثيرا ما يتدرب علي ذلك غير مهتم بتحذيرات الاخرين وتهديداتهم،له ..وكان يتقن تصنع البراءة والادب والتملق ..كان داهية وكاذب غير مكشوف ..وكنت اعرف انه لا يتقرب مني الا ليتقرب من خلالي الي صغيرات الحي اللواتي الاعبهن واجلس اليهن واختي التي تصغرني وكنت اعرف انه لا ينادني الا ليطلب مني شيئا لم،يكن ليهتم بالدراسة يحمل الحقيبة يذهب للمدرسة ويعودويلقي بها ومع ذلك لا يتسلل من الفصل ولا يرسب في الاختبارات النهائية مع انه لا يقوم باي مجهود في الحفظ وانجاز التمارين دائما يحتال في اخر ساعة لينقل بدفتره من اخر الاجوبة ويدخل القسم ناجزا فرضه ..كان كثلة من النشاط التي لا تنطفا او تهمد يبقى الي ساعات متاخرة من الليل يلعب وحده ويقدف القطط بالحجارة لم،يكن،ليضربني ان حنق مني لكنه كان يعرف كيف يجعلني اختل وافقد توازني واوقع نفسي بنفسي واسقط متالما او مجروحا علي الارض من طوار منزل او من نافذة او سور نتسلقه وفجاة ينبهني لمن هو قادم باتجاهنا لنفر ويقفز هو واسقط انا من خوف ان يلقي القبض علينا ..كان يحب ان يتحدث ،عن الصغيرات وعن،تبانتهن والوانها وعن حلاوة صفعهن علي مؤخراتهن ..كان سفيها ليتحدث عن،عريهن وعن اعضائهن،الحميمية ..كان لا يتواني ان يتحرش بصغار الصبيان ويقول لي بانه لازم عليه ان يفعل ذلك حتي عندما يكبرون لا يستطعون ان يتحدوه في شيء ..كان يعرف كيف يمسك،بصغير ويكاتفه ويمضي بجانبه محتالا عليه بالكلام ثم يجالسه بعتبة منزل ويلاعبه بخبث ومكر لينتهي بان ينزع جزئيا سروله وثيبانه ويداعبه ويجعله يحتك به ..ودون ان يثير انتباه الاخرين لما يحدث ..كان ان استطاع سرقة شيء يسرقه حتي ولو لمجرد ان يمزقه او يتلفه او يحطمه ..كانت له اختا في نفس سن اختي واما طيبا تحبني وتغدق علي بالعناقات والقبلات كما كانت جدته تحببنا اليها بقطع الحلوي والرغيف الساخن وكنا حتي وان تخصمنا وتفارقنا نعود ونلتقي ببعضنا وعلي تلك الوتيرة ضلت علاقتنا ببعضنا ..احيانا يوجهني واحيانا يعلمني المكر واحيانا يمكر بي ..كان الوحيد الذي يملك ان يخرجني عن كل تحفظاتي ويشجعني ويغوني علي كسر الممنوعات والمحرمات ..كان من يدفعني للخروج من نطاق الحي والتسكع في الاحياء الاخرى ومن يجيز لي الانفلات من الرقابة والمضي للبحر للسباحة ثم العودة سريعا لنجفف ثباتنا ولنغسل بالماء اثار الملح لكي لا نكشف .كان من يكشف لي الصغار الذين يفعل بهم،الاكبر منهم بان يستدرجهم،ليفعل بهم،بمحضري..كانت دائما له الاكثر من لعبة ليجعل صبية الحي يعرون علي مابين افخدتهم كأن نتبول جماعة ونحن نسير او لنري من يملك اكبر عضوا واطوله واصلبه ..وهو كما يقول لي لا يستهدف الا الذي يستحي ويتصرف كالبنات ليفعل به ان عجبه وراقه ..كان يعرف انهم كلهم لا يدعونه باسمه وانما بكنيته القدحية وانه يعرف كيف ينتقم،لنفسه ..لم،يكن،الا طويلا نحيلا وصلب العود واكثر شيء يميزه انه سريع الجري والهرب ولا يمسك ..
معه تعلمت ان اتجرأ وان اتحدي وان اكف عن،ملاعبة الصغار لانهم حتي وان لم يفضحوا الاسرار فهم مثيرين للشبهات والاتهام يكفي ان يقع لهم،شيئا ليتهموا اهله من يلاعبه ويصاحبه بانه السبب فيما حصل له او معه ..
كان لنا رفاق اخرون لا يعمرون،طويلا لان ذويهم عادة يكونون ممن يكترون منازلا لفترة ثم،يغيروها ويظل اولئك القدامي الثابتون في منازلهم وهؤلاء الحال معهم،لم،يكن،ثابتا دوما وانما متقلب ومزاجي وخاضع اساسا لاعتبارات الكبار وحكم الاقتراب او الابتعاد منهم وكان اول ما يطلب مني كنهي واضح ان لا ياتون ليطرقوا باب بيتنا او ينادون علي باسمي من خارج بيتنا ..اصحاب المدرسة يبقون بالمدرسة الا واحد الي ثلاثة ممن،يمكن ان ياتو الحي ليسالوا عني وننلتقي ومنهم من تنقطع الصلة بهم،بمجرد انتهاء الفصول الدراسية ومقدم،عطلة الصيف وكانه ما عاد هناك من،داع لنتقابل ..
الصغار لم يكونوا ليبقو صغارا دائما وكانوا يكبرون ربما تدريجيا وربما فجاة وربما لاستثناءات كأن يتطلب اللعب ان نسمح،لصغير بان يتم المجموعة او يسد فراغا في اللعبة ..كان،يكفي ان اسافر لشهر خارج مدينتي لاعود واكتشف فجاة ان صغيرا كبر ..وان كبار اخوته يطلبون منا ان نشركه العابنا ونفسح مجالا له او هو يتقرب ولا يعارض ان يسدي خدماته الصغيرة لنا ..كنا لا نكتشف كم،تغيرنا الا عند اول ايام،دخولنا المدرسي الجديد لانه يكون لنا ان نقارن محيانا وقامتنا وهيكلنا مع الاخرين .في عطلة الصيف اساسا نعود وكل صبية الحي لنلتقي بعيدا عن،كل خصامتنا ومعراكتنا ومقطعاتنا لبعضنا ..في عطلة الصيف الفراغ وطول النهارات وخفة نسيم الاماسي وبداية الليل يقربنا من بعضنا ..تحررنا من الدوام،المدرسي وساعة اللعب المحدودة ومن،رفاق الدرس يتركنا لنبحث عن بعضنا ونستعيد رفقة بعضنا بكثير من تسامح وبرغبة في ان نلتقي كلنا بشاطئ البحر الصخري القريب من منطقتنا السكنية كمجموعة متجانسة كابناء حي واحد وبكل تشكيلاتنا ..وكنت اتخفف كثيرا من تلك " ما ينبغي ولا ينبغي " ومن تلك المسموح بها وغير المسموح،بها ..وانطلق مع المجموعة بدوري في الغناء عاليا والتسابق في الركض في اشعال النار والحرائق الصغيرة والرقص حولها والتبول عليها ..ولربما في استرجاع ذكرى يوم،العيد وتناول سجارة بالتناوب كما كنا نفعل يومها بدار السينما التي كان قد غدي لي مسموحا بارتيادها بمناسبة العيد لا غير ..
مع " رفيق حي الاخر" أنسنا ان نخرج بدورنا اماسي الصيف لشوارع وسط المدينة ولافريز البحر للتجول ونحن نعرف مسبقا ان صغيرات الحي ستخرج،رفقة امهاتهن واخواتهن الكبيرات واللقاء بهن تحت اضواء شوارع المدينة وبهرجتها غيره بازقة حينا ..وحتي ان لم،يخرجن لنا ان نتسلي بتعقب الصغيرات اللواتي يتجولن في جماعات بمفردهن بعيدا عن كبيراتهم وبدون رفقة والدتهن ..كنا نرتدي ثياب الخروج وهي ما حرصنا علي ان لا نبليه بكثرة الارتداء مند ان اقتني لنا يوم العيد او المناسبة ..ونمشط شعرنا وونظف من حالتنا ..نريد ان نكون في مستوي التحدي الذي علينا .. ان تقبل علينا الصغيرات ولا ترفضننا او تهرب منا ..كان مجرد ايقاف واحدة وسؤالها عن اسمها وعن مدرستها يثير فينا الحماسة ويحسسنا بقيمة انفسنا وباننا قطعنا خطوات لنكبر ولنهتم،بكل الفتيات ..نقتني الاسفنج الطويل الشكل " التشورو" وناكله ونحن نتجول او نكتفي فقط ببدور عباد الشمس ..نحرص علي انلا نبدوا كمتحرشين بالصغيرات الذين كانوا يتعقبون الصغيرات ويحرصون علي ان يلامسهن من خلف او يحادوا نهودهن الصغيرة نحن كنا نحب فقط ان نلفت انتابهن الينا ومبادلة الاعحاب والتقبل ..ربما مع صغيرات الحي كنا نطمح للاكثر من،ذلك،كان،تسمح،لك واحدة بان تمسك بكفها او تكاتفها للحظات بعد ان تكون هي من ابتدات الامر متصنعة عفوية الموقف ..
معه (رفيق حي الاخر ) الاسمر والاضخم جثة مني والدائم،الابتسام والمحب لان يظهر بمظهر المقبول والمرحب به من الاخرين خاصة الكبار اكتشفت في لحظة كنت لتوي قد عدت من سفريتي الطويلة ب"طنجة " انه قد كبر وغدي اكثر وسامة واهتماما بحاله .بل هو من اقترب مني واحب ان يصاحبني ولو لدكان الحي وفي كل مشاوري وكان يعرض ذلك،بطريقة لطيفة حتي انه صارحني بان يصبح صديقي علي ان الامر لا يتطلب ذاك باعتبار اننا ابناء حي واحد ودارهم لا تبعد عن دارنا ..وتقبلت الامر خصوصا ان لا احدا مانع مرافقتي له بل شجعني اخي الاكبر علي مصاحبته وقضاء اوقاتي معه ..كما لم،يمانعوا في ان يصعد معي لكوخ السطح الذي اعده لي والدي والذي اتخدته غرفة نومي وخلواتي علي انه لم،يكن،يسمح،لي دائما لان انام،به خصوصا في موسم الامطار والبرد والليالي الحالكة ..كان والدي قد اصلح لي مسجل ومشغل كاسيط لا يستخدمه احد واصبح،بملكي ان اسجل عليه اغاني المسلسلات وافلام الرسوم المتحركة كما اصوتنا واغانينا المفضلة وكنا معا نحب ان نقضي اوقاتا في تقليد الاصوات وتسجيلها وتمثيل مواقف هزلية وتسجيل اصواتها ..لم يكن ليخالفني رغباتي ويتحمس سريعا لاية،فكرة تروادني واقترحها عليه ..كما كان حريصا علي ان لا نتخاصم ولم يكن من من يبالي بالتقرب من اختي الصغيرة بالقدر ما كان مستمتعا بمرافقتي..
ايام الصيف غير الايام الاخري طويلة وتبدوا اكبر من احتياجنا لكل ذلك الوقت ..يقتلني الفراغ والحرارة وخلو الحي من الحركة والاصوات والنوم،الشبه اجباري في القيلولات ..كما لا يكون،مرحبا بنا في منازل العائلة خارجا عن نظام،الزيارات التي نصحب فيها اسررنا لان الكل يكون،متعوبا وقانطا من نفسه ومن،الحرارة ربما في الصبيحات قد تحسن معاملتنا ونكون،موضع ترحيب ..بخلاف نهاية الاسبوع لا ارسال بالتلفزيون قبل الخامسة مساءا وعمليا قبل نهاية مراسيم افتتاح البث بتلاوة ايات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني ثم،حصة الاطفال والصغار ..التسلية الممكنة والمقبولة تتطلب ان لا نرفع اصواتنا وان لا نحدث الضجيج حتي ولو كنا بسطح المنزل ..كوخي يتحول الي جهنم،حقيقية بسبب سطحه القصديري وجدرانه اللوحية الخشبية التي تنتفخ وتتقوس وتصبح قادرة علي ان تصدر اصواتا وتنبعج..البقاء تحت ضليلة من ثوب واسع منشور ومعلق يقي اشعة الشمس لمطالعة القصص والمجلات المصورة يبدوا حلا معقولا لتمضية الوقت وتحدي القراءة بدوره يحفزني واختي علي ان نبدل الجهد اللازم لذلك والا لن نتمكن من الحصول علي كتب ومجلات اخري ما لم نكن في مستوي ان نقرأها ونستوعب مضمونها ونملك ان نوجز ما قدمته لنا وما طالعناه فيها ..لنمر الي مستوي اخر اكبر ..متي لم يكن مسموح لنا ان نخرج لشاطئ البحر وحدنا او عدنا مبكرا وبعد صلاة الظهر للمنزل من مرافقة والدنا اليه لناخد وجبة غدائنا وقيلولاتنا فعلينا ان ننتظر اخر المساء ليعود صبية الحي من،البحر ويكون لنا ان نستمتع برفقتهم ومصاحبتهم ..فكان،لزاما علينا ان نتدير ما يمكننا من تزحية الوقت النائم والطويل من نهارنا كان نعوم،الحمام او نصطاد الذباب بكفينا او نتسلل للمطبخ لنختلس بعض الخضار ولوازم،الطبخ لنصنع وجبتنا بطاحين فخار صغير وعلي موقد نار فخاري صغير بدوره كانت اختي تملك واحدا منه اقتني لها بمناسبة عشوراء دائما ..او نحاول اختراع العاب اخري نستعمل فيها الورق والاصباغ والالواح وربما الصلصال كذلك وقد نفتر بعد وقت لتتسلل هي لتنام بجوار امي وابقي انا مجرد مستلقي علي فرش بالسطح حالما دون ان افعل شيئا يذكر ..وحالما اساسا بانني يوما ساكبر وستنفتح،لي كل الابواب التي لا تترك،للملل ان يتسلل لقلبي او يفسد علي ايامي وستمكني من،ان احصل علي كل الكتب التي يمتلكها اخوتي ووالدي متي كنت كلما تمكنت من قراءة كتاب وفهمه جيدا بعد ان اعيد واعيد قراءته يصبح ملكي واضمه لمكتبتي الخاصة التي لم تكن الا صندوقا بلاستيكيا كبيرا من صناديق الخضر بالجملة اعد له والدي بكوخي مرفعا صلبا يحتمل لحد ما ثقل ما يمكن ان ارص فيه من كتب واغراض تخصني..كنت احب ان اقرا وتزداد اتساعا وغنا مكتبتي ويزداد مع ذلك،تقدير واعحاب من يكبرنني سنا بي ويقبلن علي وحبهن علي الوقوف معي والتحدث حول ما قراته وما راقني منها كان،رائع الاحساس الذي يهبنه لي ساعتها كان يجعلني اكبر سريعا علي الاقل في نظرهم ومعاملاتهن الخاصة ليً..
كان" عمي الاكبر" يشجعني ويثير في الحماسة ويدعوني لادافع عن نفسي بل لأثأر لنفسي "-عطي لمو مالك خايف منو ..؟" انظر لابي يرفع حاجبيه ويفرغ عينه ويشيح براسه ..التفت" لعمي الاصغر" يبتسم،لي يقوس شفتيه جانبيا ثم يطاطا راسه وقد غلبه الابتسام وكنت اعرف عنهم ان عمي الاكبر بحق يريدني قويا وان والدي يحذرني من التابعات وعمي الاصغر ينبهني للخدعة ..
عمي الاصغر قال كلمته "لايذهب لوحده " عمي الاكبر بعد يحاجج ويقول ان بامكاني ان افعل ..ووالدي ينظر اليهما ويتجاهلني ويتجاهل الحسم للحظات قبل ان يقرر ما قرره عمي الاصغر ..
عمي الاصغر لا يعطيني حجما اكبر مني ولا يطلب مني ما هو فوق قدرتي وسنين عمري ..عمي الاكبر بطبعه البشوش والصلب في نفس الوقت..والعنيف كذلك والجسور يريدني ان اكبر وان اقوي وان اكون جريئا ووالدي اقصي ما يريده مني ان اكون مأدبا ومطيعا علي انه ليس له الوقت لي.. له دائما ما يفعله بالاضافة الي انه له جلساته الخاصة ..
والدتي تملك،ان تنبه وان تنهي وان تنهظ لتاتيني العقاب سريعا بصفعات بيدها او بصندل وبكل ما تقع عليه يدها وبعد وقت قصير تناديني لتصالحني والدي العقاب هو العقاب متي نودي علي لنيله فهي كلها كلمة او كلمتين وينهال علي بالضرب ومهما سقطت يعيد ايقافي ويستمر في الضرب .
اخوتي الكبار.. هي فقط مجرد ضربتين الي ثلاتة معتبرة تجعلني اتلوي الما والجأ الي اول ركن لانزوي فيه وتنتهي المعاقبة
كان،دائما هناك،سبب لكن هل كان يستحق حجم،ذلك،العقاب وتكراره ؟! هل كان فعلا يلزمني ان لا العب بصخب وبصوت مرتفع للا اعاقب ..؟! هل فعلا انا لا اسمع الكلام من الكبار لاستحق العقاب ؟!
هي تنهي عن هذا الفعل وانا ببساطة العب وارفع رجلي عاليا بمحاذات الجدار ..هي تطلب ان اكف عن اتيان ذلك وانا اعدل وضعي واتحفظ في لعبي لكنها الالعاب هكذا فلماذا تنهظ مسرعة الي وتصفعني مرة ومرتين واكثر ؟!
هي تنادي علي لاحمل الخبز الغير المطهي للفران وانا ارفض واقول لها انني تعبت ان افعل دائما ذلك فليحملها غيري ..اخوتي هناك،ليقوموا بذلك ..فتتوعدني بالعقاب وتجعلني انسي حذري الي ان اقترب منها فتمسك بي وتنهال علي بالضرب كيفما اتفق وانا لاملك،الا الصراخ والبكاء والتوسل بانني لن اكررها مرة اخري وهو ما تريده مني ان لا اكرر رفض ما يطلب مني ..لكن هل كنت لاكون صادقا في وعدي وقسمي ؟ هل كنت للاكررها ؟! هل كنت اردد في نفسي لما كنت اترجي غير انني ساكررها ..
كان يقول "بش هكذا تتعلم منين نهدر معك تسمع الهذرة .." وهل كنت هكذا لاتعلم ان اسمع الكلام ؟! اغافله لما ينهط ليحتسي كاس خمرته بالمطبخ واسرق من علبة سجائره سجارة ولا انسل مباشرة وانما اداوره بطلب ما ثم،لسطح البيت حيث اذخنها وانا اعرف انه حتي ان اقترب ليشمتي فلن يشم في رائحة الدخان لانه ليس مذخنا وفقط وانما لانه مخمور ..
صحبة،ابن عمتي الذي يقاربني سنا نقطع الطريق المذغل والاشبه بنفق مظلم،تغطيه اغصان الاشجار والشوك واضلاف شحرة التين الشوكي لحيث جنانا ولحيث نجد والدينا وعمي وربما اخرون يشربون خمرتهم ويذخنون وبترثرون ويضحكون ونحن متاكدين باننا سنحصل علي الاكثر من قطع نقدية بالاضافة لبعض الاكل والفاكهة لاننا بتنا نعرف انهم،عندما يسكرورن يكونون اكثر كرما معنا بل ان عمي الاصغر قد يستلف قطعا تقدية ليهبنا اياها ..مثلما نعرف انه متي ناموا وهم،سكاري واصبح صبحهم فإيانا والاقتراب منهم قبل ان يقضوا وقتا طويلا في التدخين والجلوي بمفردهم ..ومثلما اعرف انه بعد خصام وعراك في البيت مع والدتي سيكون اكثر كرما معي وسيحاول ابداء الاهتمام،بي ..
اعرف الذي يناسبني والذي به اسلك كما لا اعرف في عدد من المرات لماذا يكونوا في حاجة لان يكذبوا علينا ليتهربوا من مصاحبتنا معهم ..ولماذا يدسون علينا الاشياء ولماذا حينما نتقاسم بعض الاشياء ياخدون اكبر من حصصنا ..؟ولا لماذا يفقدون اعصابهم دفعة،واحدة وبشكل فجائي وينقلبون علينا ؟!
الذي لم،اكن اعرفه هو هل الكل يفكر فيما ينتابني من افكار وخواطر ؟! هل كل الفتيان الذين هم،في عمري او يقاربونني يشعرون بما اشعر به ؟! انا كنت فقط اختلي بنفسي واسرح بخيالي ومع افكاري الخاصة واعيد تصور الاشياء واستعادة بعض اللحضات والمشاهد ولا اعرف كيف ينتهي بي المطاف لاجد انه قد كونت لي انطباعي عنها وشعورا خاصا منها ،موقفا منها لم،يعلمني اياه احدا غيري ..
الساعات التي كنت احس فيها بانني اكبر هي الساعات التي كنت اجلس فيها لوحدي ،لنفسي ،لخواطري وافكاري..وابدا في مساءلة الاشياء واستحضر فيها المواقف التي امر منها ..
كنت اعرف انه مطلوب مني الشيء الكثير لانجزه لاكبر واكون لكنني لا اعرف ما يكون بالضبط ..وكنت اظل مترقبا ان افهم ..ان استوعب ما يحصل من حولي وان التقط الاشارات لاعبر من خلالها وانفد لعالم الكبار ..احرص علي ان اهتم بمظهري ونظافة وسلامة ثيابي ..احرص علي ان ارتب وامشط شعري..احرص علي ان اثبت في خطوي وانا لا اتعجل ولا اتباطئ في مشيتي وان التفت للطريق ومخاطرها احرص علي ان اتثبت من عدد النقود التي بيدي والتي تعاد لي بعد ان اقتني سلعة او اتبضع حاجة ..احرص في المدرسة علي ان اتخير من ساتجول معه بفناءها ساعة الاستراحة وان لا ادخل في مشاحنات او مشادات مع الاخرين ..احرص علي ان لا يتسخ حذائي بالرمل الاحمر الذي يغطي ساحة المدرسة ..احرص علي ان اقبض جيدا علي محفظتي وان اراحع انني اخدت وحملت كل لوازمي وادواتي ولم اضيع منها شيئا ..احرص علي ان اقفل ازاز ياقاتي المدرسية البيضاء ..احرص علي كل ما او صونني به وطلبوا مني الالتزام به لاكون موضع تقدير الكبار والاخريين وليكون سلوكي معتبرا ويليق بمهدب ومجتهد ومطيع لوالديه ..احرص في البيت علي ان ارتب ثيابي واغراضي وكتبي ومجالاتي واوارقي وقد اتجاوز ذلك لاغراض اخوتي وغرفتهم ..كنت احاول ان اتلقي الاستحسان والرضي عن سلوكي ..كان يهمني ان اسمع منهم الاطراء علي شخصي..كنت احب ان ينظر الي بنظرة الاعجاب والترحيب من الناس والاخرين ..وكنت اعرف انتي في نفس الوقت لن ارضي الاقران ومن يكبرونني وانني معرض في اي وقت لان استصغر منهم واحاصر بتعليقاتهم وألدغ بقدحهم وليقطع علي الطريق..كنت اعرف انه وحده مظهري يوحي ويشجع علي ان يعترضون طريقي فانا لن اكون الا ابن امه اوعلي الاصح ابن " ماما " الذي لا يقوي علي خوض العراكات ونزالات الاقران والذي لا يبتعد عن مدار بيتهم وحيهم ..كنت في مثل هذه المواقف اظل التفت من حولي لعل احدا يدافع عني من المارة امراة او رجلا ما او شابا يافعا او احد اقربائنا الذي يمكن ان يكون مارا بالصدفة من هناك يتذخل ويمنع التعدي علي بشد ثيابي واحتقاري وربما البصق في وجهي او ضربي ..في العادة يكونوا اكثر من واحد وفي مجموعات وانا في العادة اكون وحدي ..وقليلا مع اختي ونادرا مع رفيق او صاحب ويكون في الغالب يشبهني ومن،طينتي "ابن ناس " لان الاخرون حسبما يضفون عليهم،من اوصاف ونعوث " ابناء سوق " وغير مربين ..لا يمكن،ان احلم واتمني بعد الخروج،من هذه المواقف غير ان اكبر وان اكون قويا وقادرا علي ان ادافع عن نفسي..وان ياتي علي الوقت لارد الصاع صاعين لهؤلاء الذين اعتدوا علي ..عرفت فيما بعد ان لا جدوي من التشكي لاهلي والتشكي لاهاليهم هم ان خرجت سالما دون شفتين مدميتين او رعاف بالانف او اصابة بالراس من حجر او من ايقاعي علي الارض او دون ثياب ممزقة لان معرفة اهلي انه تم التعرض الي كانت تعني المزيد من عزلي عن الخروج والتحرك بالتالب بحرية اكثر ..كما كانت تعرضني للتانيب وهو الذي لم اكن اعرف دواعيه ولا موجبه ..هم،يانبونني علي انني لم،اواجه وادافع عن،نفسي وانا لم اكن املك،القوة او الجهد لذلك كما لم اتعلم التصرف في مثل هده المواجهات..لم،اكن جبانا او خوافا كما يمكن،ان يعتقدوا ذلك لكنني لم اكن في الموقف المتعادل كما انني لم ادرب علي شراشتهم وصلابتهم وتحديهم ..ولا كان مسموحا لي بان العب بالحجارة واقدف المنازل والاخرين بها ولا ان انظم للمهاجمين الصغار علي احياء الاخرين ولا لي لانظم لمجموعات الغازين للاسواق نهارا لينشلوا الفاكهة والخضر من اصحاب العرابات المتجولة او المفترشين الارض ..ولا لشوارع المدينة ولجهة البحر خيث تقام ،اكشاك اللعب وطاولاتها والارجوحات وساحة سيارات الاصطدام بما يكون اشبه بفضاء الملاهي والتسليات " والذي كنا نطلق عليه اسم،" السيركوا " ليحاوا نشل ما بجيوب وايدي الصغار او ليتحرشوا بهم بناتا وصبيانا او فقط ليدخلوا الرعب في قولبهم ويتلهوا هم،بذلك ....دائما كانت هناك مجموعات تتناسب واعمارنا ..للصغار والفتيان مجموعات كما للمراهقين ..ومن اخدوا يكبرون ..ودائما كانت هناك عركات ودائما صوت واحد يثار بذاخلي "احرص علي سلامتك ان لاحظت ان هناك عراك اهرب وابتعد عنه "وكان لاخي الاكبر والذي قلما ناصرني في عراك او تدخل لمصلحتي كان دائما يتوجه الي بالكثير من الكلام دون،ان يفهم انني بحاجة لمن يدافع عني لمن يثار لي لمن يعلمني ان اكون قويا ..ابقي مخيارا بين ان اتعرض او انتظر ان اخرج بصحبتهم هم،اخوتي الكبار ولم يكن لياخدونني معهم في كل مرة او وقت ..لعلي كنت افتقد في مثل هذه المواقف الي اخي الذي يكبرني باربع سنوات لانه كان سيعرف كيف يخرجني منها دونما اية خسارة او جرح في جسمي او كرامتي كنت اعرف انه بمشيته وبقامته المتناسبة والقوية قادر ان يبعدهم حتي من ان يفكروا بالاقتراب منا ..كنت اعرف انه بنظرته وحدها قادر علي ان يحد تقدم احدهم منا كما كان حتي ولو كانوا مجموعة قادر ان يبعث الاطمئنان داخلي وينبهني الي ان اتقدم في طريقنا دون ان اخاف او اتردد لانني ان خفت شجعتهم علي الاقتراب مني..
لم،يكن،الخارج يبعث علي الاطمئنان ولم يكن الطريق حتي من البيت الي المدرسة او لبيت جدتي او عمتي آمنا ..منذ ان تعلمت ان لا اتلف الطريق كان دائما محتمل ومحتمل حدا ان اتعرض علي الاقل للمضايقة في طريقي ان لم يعترض سبيلي، علي ان لا حادثة ضرب قد تقع الا انه موقف مذل يخسف بكامل ثقتي بنفسي ويؤديني من الداخل ..وقد يفقدني اية،رغبة في الانتباه للدرس او لتاول اية،وجبة،مع انه كان الجوع بي قبلها ..كنت اطاطا راسي وتقع كتفي ثقيلة علي جسدي وامضي متثاقل الخطو غير راض ومحبط وحزين وغاضب في نفس الوقت ..
كنت اقطع الطريق الي حيث،يسكن صاحبي متوجسا ولا انكر انه بخوف كنت اعبر بعض النقط والجهات ولا استجمع انفاسي حتي اقابل صاحبي ونعرج علي بقية اصحابنا ومعهم كنت انسي خوفي وتوجسي لانهم كانوا مستعدين ليدافعوا عني ويصدوا اية محاولة للاغارة علينا من مجموعة اخري ..اما غير ذلك فلاحتمي ببيت من ازورهم وللاعاود الخشية والخوف ذاته الا ساعة عودتي لبيتنا ..
كان،رفيق بحينا وجارنا اللصيق بالبيت يحاول تدريبي وتمريني علي المواجهة كان يطلب مني ان لا انظر في عيون الصبية كالبنات الخائفات وانه من الاحسن لي ان اتجنب النظر تماما اليهم،علي الاقل بالخوف وكان يقول لي ان علي ان افرد صدري وان لا امشي مرتخيا كالنعاج الصغيرة كان يطلب مني ان لا امشي في خط مستقيم وانما ان اتحرك وان اقف وان انظر للخلف وللجانب الاخر وللامام ..ان ابدي شجاعاتي وانعدام الخوف بي ان اردت ان اسلم من المضايقة ..ربما كان معه الحق ..عمي الاصغر نفسه كان يوجهني لان لا اخاف وان لا اهرب وان لا اتردد وانما ان استانف طريقي او قضاء غرضي دون ان ابدي مني انني ضعيف او جبان ..لكنني لم،اكن،جبانا كنت اضعف من ان اواجه ..كنت،اتسابق علي تقديم،خدامتي والتطوع للخروج لابتياع شيء لوالدي او لايصال غرض الي احد معارفنا علي انني اعرف جيدا ما يعينه الطريق ومخاطر الخروج لي وبمفردي كنت،اتشجع كما كان يريد مني اخي الذي يكبرني لاكبر علي الخوف الذي تراكم،بداخلي ..
اسرق سجارتي واذخنها برغبة ان اكبر وان اشعر بانني كبير وبانني متحد كذلك انا ..
احتال بتصنع انني لا اقصد ولا افهم ولا اعرف امورا كثيرة لتحتال علي من تكبرني وتداعبني وتترك لي بان اداعبها وتترك لي الاحساس بانني المفضل وبانني من يعرف كيف يغتنم ويفوز ..
اتشجع لاخرج لقضاء اغراضهم واخدمهم،بان اجمع منافض سجائرهم وانظفها والصحون الصغيرة الفارغة لانقد نقودا يكون لي بان اشتري بها السكاكر التي اريد او قنينة ليموندا صغيرة اشربها بالذكان او لمجرد ان اظل علي انتظار اخي لاريه كم جمعت من قطعة وليقترح علي ما يمكن ان افعلها او نفعلها بها ..
اكتساب رفيق كان يلزم الكثير من المطاوعة والصبر عليه وعدم،مخالفته لانه ان حدتث المشاحرات بيننا فسيمنعني اهلي من معاودة اللقاء او الاقتراب منه وهو ما كان يحطم امل ان اكون لجانب اخر او مجموعة تكفل حمايتي والدفاع عني..
التقرب من من يكبرني من الحي او حتي المدرسة كان مرفوضا لانه حسبهم،لن يعلمني الا ما لن يكون يناسبني ولا في صالحي ..واي كان الذي اصاحبه يجب ان يعلم اهلي من يكون ويرونه ويقابلوه ولهم وحدهم،ان يحددوا ان كان يجدر بي ان ابقي عليه صاحبا او ابتعد عن طريقه ..
لم،يكن هناك غير ابن عمتي واحد يمكن ان اصاحبه مع تحذير واضح من "عمي الاصغر" بان لا اطاوعه في كل ما يقوله وان احذر من ان يستغفلني وينهب ما املكه كان يعتبره شيطانا اصغرا ومحتالا كبيرا علي كل ظرفه "ابن عمتي الاخرى" كان اصغر مني ولم اكن اميل اليه وحتي عندما ازرهم بالبيت فكل نيتي ان العاب اخته الصغري لا ان العابه هو بل وكل رغبتي في ان اجلس لعمتي وان احضي بمعاملتها الخاصة لي ..
كنت علي حذر من رفيقي بالحي لانه ماكر وجسور ولا يهاب اي احد ولا يخاف من اية مخلوقات ..قادر علي ان يثير المشاكل مع الذين يكبرورنا ولا يتعرض لانتقامهم لما يمسكون،به لانه يعرف كيف يحتال عليهم ويهادنهم ..كان يقضي نهاره يقفز من سطح الي سطح ويتجول في كل اسطح البيوتات المتقاربة من مسكنهم بل ويقتحم كل اسطح البيوتات الاخري من ابوابها ..كان،لا يحتمل ان يبقي صامتا دون ان يصدر اصواتا او يتحدث او ينادي باسماء بعضنا دون هدف سوي اثارة الصخب وكسر الصمت والهدوء ..كان يحب ان يرهب الاخرين علي انه نادرا ما كان يعتدي علي احد بالضرب ان لم،يحاول الاخر مبادئته بالعراك ..كان متفننا في القاء الحجر والاصابة به وكثيرا ما يتدرب علي ذلك غير مهتم بتحذيرات الاخرين وتهديداتهم،له ..وكان يتقن تصنع البراءة والادب والتملق ..كان داهية وكاذب غير مكشوف ..وكنت اعرف انه لا يتقرب مني الا ليتقرب من خلالي الي صغيرات الحي اللواتي الاعبهن واجلس اليهن واختي التي تصغرني وكنت اعرف انه لا ينادني الا ليطلب مني شيئا لم،يكن ليهتم بالدراسة يحمل الحقيبة يذهب للمدرسة ويعودويلقي بها ومع ذلك لا يتسلل من الفصل ولا يرسب في الاختبارات النهائية مع انه لا يقوم باي مجهود في الحفظ وانجاز التمارين دائما يحتال في اخر ساعة لينقل بدفتره من اخر الاجوبة ويدخل القسم ناجزا فرضه ..كان كثلة من النشاط التي لا تنطفا او تهمد يبقى الي ساعات متاخرة من الليل يلعب وحده ويقدف القطط بالحجارة لم،يكن،ليضربني ان حنق مني لكنه كان يعرف كيف يجعلني اختل وافقد توازني واوقع نفسي بنفسي واسقط متالما او مجروحا علي الارض من طوار منزل او من نافذة او سور نتسلقه وفجاة ينبهني لمن هو قادم باتجاهنا لنفر ويقفز هو واسقط انا من خوف ان يلقي القبض علينا ..كان يحب ان يتحدث ،عن الصغيرات وعن،تبانتهن والوانها وعن حلاوة صفعهن علي مؤخراتهن ..كان سفيها ليتحدث عن،عريهن وعن اعضائهن،الحميمية ..كان لا يتواني ان يتحرش بصغار الصبيان ويقول لي بانه لازم عليه ان يفعل ذلك حتي عندما يكبرون لا يستطعون ان يتحدوه في شيء ..كان يعرف كيف يمسك،بصغير ويكاتفه ويمضي بجانبه محتالا عليه بالكلام ثم يجالسه بعتبة منزل ويلاعبه بخبث ومكر لينتهي بان ينزع جزئيا سروله وثيبانه ويداعبه ويجعله يحتك به ..ودون ان يثير انتباه الاخرين لما يحدث ..كان ان استطاع سرقة شيء يسرقه حتي ولو لمجرد ان يمزقه او يتلفه او يحطمه ..كانت له اختا في نفس سن اختي واما طيبا تحبني وتغدق علي بالعناقات والقبلات كما كانت جدته تحببنا اليها بقطع الحلوي والرغيف الساخن وكنا حتي وان تخصمنا وتفارقنا نعود ونلتقي ببعضنا وعلي تلك الوتيرة ضلت علاقتنا ببعضنا ..احيانا يوجهني واحيانا يعلمني المكر واحيانا يمكر بي ..كان الوحيد الذي يملك ان يخرجني عن كل تحفظاتي ويشجعني ويغوني علي كسر الممنوعات والمحرمات ..كان من يدفعني للخروج من نطاق الحي والتسكع في الاحياء الاخرى ومن يجيز لي الانفلات من الرقابة والمضي للبحر للسباحة ثم العودة سريعا لنجفف ثباتنا ولنغسل بالماء اثار الملح لكي لا نكشف .كان من يكشف لي الصغار الذين يفعل بهم،الاكبر منهم بان يستدرجهم،ليفعل بهم،بمحضري..كانت دائما له الاكثر من لعبة ليجعل صبية الحي يعرون علي مابين افخدتهم كأن نتبول جماعة ونحن نسير او لنري من يملك اكبر عضوا واطوله واصلبه ..وهو كما يقول لي لا يستهدف الا الذي يستحي ويتصرف كالبنات ليفعل به ان عجبه وراقه ..كان يعرف انهم كلهم لا يدعونه باسمه وانما بكنيته القدحية وانه يعرف كيف ينتقم،لنفسه ..لم،يكن،الا طويلا نحيلا وصلب العود واكثر شيء يميزه انه سريع الجري والهرب ولا يمسك ..
معه تعلمت ان اتجرأ وان اتحدي وان اكف عن،ملاعبة الصغار لانهم حتي وان لم يفضحوا الاسرار فهم مثيرين للشبهات والاتهام يكفي ان يقع لهم،شيئا ليتهموا اهله من يلاعبه ويصاحبه بانه السبب فيما حصل له او معه ..
كان لنا رفاق اخرون لا يعمرون،طويلا لان ذويهم عادة يكونون ممن يكترون منازلا لفترة ثم،يغيروها ويظل اولئك القدامي الثابتون في منازلهم وهؤلاء الحال معهم،لم،يكن،ثابتا دوما وانما متقلب ومزاجي وخاضع اساسا لاعتبارات الكبار وحكم الاقتراب او الابتعاد منهم وكان اول ما يطلب مني كنهي واضح ان لا ياتون ليطرقوا باب بيتنا او ينادون علي باسمي من خارج بيتنا ..اصحاب المدرسة يبقون بالمدرسة الا واحد الي ثلاثة ممن،يمكن ان ياتو الحي ليسالوا عني وننلتقي ومنهم من تنقطع الصلة بهم،بمجرد انتهاء الفصول الدراسية ومقدم،عطلة الصيف وكانه ما عاد هناك من،داع لنتقابل ..
الصغار لم يكونوا ليبقو صغارا دائما وكانوا يكبرون ربما تدريجيا وربما فجاة وربما لاستثناءات كأن يتطلب اللعب ان نسمح،لصغير بان يتم المجموعة او يسد فراغا في اللعبة ..كان،يكفي ان اسافر لشهر خارج مدينتي لاعود واكتشف فجاة ان صغيرا كبر ..وان كبار اخوته يطلبون منا ان نشركه العابنا ونفسح مجالا له او هو يتقرب ولا يعارض ان يسدي خدماته الصغيرة لنا ..كنا لا نكتشف كم،تغيرنا الا عند اول ايام،دخولنا المدرسي الجديد لانه يكون لنا ان نقارن محيانا وقامتنا وهيكلنا مع الاخرين .في عطلة الصيف اساسا نعود وكل صبية الحي لنلتقي بعيدا عن،كل خصامتنا ومعراكتنا ومقطعاتنا لبعضنا ..في عطلة الصيف الفراغ وطول النهارات وخفة نسيم الاماسي وبداية الليل يقربنا من بعضنا ..تحررنا من الدوام،المدرسي وساعة اللعب المحدودة ومن،رفاق الدرس يتركنا لنبحث عن بعضنا ونستعيد رفقة بعضنا بكثير من تسامح وبرغبة في ان نلتقي كلنا بشاطئ البحر الصخري القريب من منطقتنا السكنية كمجموعة متجانسة كابناء حي واحد وبكل تشكيلاتنا ..وكنت اتخفف كثيرا من تلك " ما ينبغي ولا ينبغي " ومن تلك المسموح بها وغير المسموح،بها ..وانطلق مع المجموعة بدوري في الغناء عاليا والتسابق في الركض في اشعال النار والحرائق الصغيرة والرقص حولها والتبول عليها ..ولربما في استرجاع ذكرى يوم،العيد وتناول سجارة بالتناوب كما كنا نفعل يومها بدار السينما التي كان قد غدي لي مسموحا بارتيادها بمناسبة العيد لا غير ..
مع " رفيق حي الاخر" أنسنا ان نخرج بدورنا اماسي الصيف لشوارع وسط المدينة ولافريز البحر للتجول ونحن نعرف مسبقا ان صغيرات الحي ستخرج،رفقة امهاتهن واخواتهن الكبيرات واللقاء بهن تحت اضواء شوارع المدينة وبهرجتها غيره بازقة حينا ..وحتي ان لم،يخرجن لنا ان نتسلي بتعقب الصغيرات اللواتي يتجولن في جماعات بمفردهن بعيدا عن كبيراتهم وبدون رفقة والدتهن ..كنا نرتدي ثياب الخروج وهي ما حرصنا علي ان لا نبليه بكثرة الارتداء مند ان اقتني لنا يوم العيد او المناسبة ..ونمشط شعرنا وونظف من حالتنا ..نريد ان نكون في مستوي التحدي الذي علينا .. ان تقبل علينا الصغيرات ولا ترفضننا او تهرب منا ..كان مجرد ايقاف واحدة وسؤالها عن اسمها وعن مدرستها يثير فينا الحماسة ويحسسنا بقيمة انفسنا وباننا قطعنا خطوات لنكبر ولنهتم،بكل الفتيات ..نقتني الاسفنج الطويل الشكل " التشورو" وناكله ونحن نتجول او نكتفي فقط ببدور عباد الشمس ..نحرص علي انلا نبدوا كمتحرشين بالصغيرات الذين كانوا يتعقبون الصغيرات ويحرصون علي ان يلامسهن من خلف او يحادوا نهودهن الصغيرة نحن كنا نحب فقط ان نلفت انتابهن الينا ومبادلة الاعحاب والتقبل ..ربما مع صغيرات الحي كنا نطمح للاكثر من،ذلك،كان،تسمح،لك واحدة بان تمسك بكفها او تكاتفها للحظات بعد ان تكون هي من ابتدات الامر متصنعة عفوية الموقف ..
معه (رفيق حي الاخر ) الاسمر والاضخم جثة مني والدائم،الابتسام والمحب لان يظهر بمظهر المقبول والمرحب به من الاخرين خاصة الكبار اكتشفت في لحظة كنت لتوي قد عدت من سفريتي الطويلة ب"طنجة " انه قد كبر وغدي اكثر وسامة واهتماما بحاله .بل هو من اقترب مني واحب ان يصاحبني ولو لدكان الحي وفي كل مشاوري وكان يعرض ذلك،بطريقة لطيفة حتي انه صارحني بان يصبح صديقي علي ان الامر لا يتطلب ذاك باعتبار اننا ابناء حي واحد ودارهم لا تبعد عن دارنا ..وتقبلت الامر خصوصا ان لا احدا مانع مرافقتي له بل شجعني اخي الاكبر علي مصاحبته وقضاء اوقاتي معه ..كما لم،يمانعوا في ان يصعد معي لكوخ السطح الذي اعده لي والدي والذي اتخدته غرفة نومي وخلواتي علي انه لم،يكن،يسمح،لي دائما لان انام،به خصوصا في موسم الامطار والبرد والليالي الحالكة ..كان والدي قد اصلح لي مسجل ومشغل كاسيط لا يستخدمه احد واصبح،بملكي ان اسجل عليه اغاني المسلسلات وافلام الرسوم المتحركة كما اصوتنا واغانينا المفضلة وكنا معا نحب ان نقضي اوقاتا في تقليد الاصوات وتسجيلها وتمثيل مواقف هزلية وتسجيل اصواتها ..لم يكن ليخالفني رغباتي ويتحمس سريعا لاية،فكرة تروادني واقترحها عليه ..كما كان حريصا علي ان لا نتخاصم ولم يكن من من يبالي بالتقرب من اختي الصغيرة بالقدر ما كان مستمتعا بمرافقتي..
ايام الصيف غير الايام الاخري طويلة وتبدوا اكبر من احتياجنا لكل ذلك الوقت ..يقتلني الفراغ والحرارة وخلو الحي من الحركة والاصوات والنوم،الشبه اجباري في القيلولات ..كما لا يكون،مرحبا بنا في منازل العائلة خارجا عن نظام،الزيارات التي نصحب فيها اسررنا لان الكل يكون،متعوبا وقانطا من نفسه ومن،الحرارة ربما في الصبيحات قد تحسن معاملتنا ونكون،موضع ترحيب ..بخلاف نهاية الاسبوع لا ارسال بالتلفزيون قبل الخامسة مساءا وعمليا قبل نهاية مراسيم افتتاح البث بتلاوة ايات من الذكر الحكيم والنشيد الوطني ثم،حصة الاطفال والصغار ..التسلية الممكنة والمقبولة تتطلب ان لا نرفع اصواتنا وان لا نحدث الضجيج حتي ولو كنا بسطح المنزل ..كوخي يتحول الي جهنم،حقيقية بسبب سطحه القصديري وجدرانه اللوحية الخشبية التي تنتفخ وتتقوس وتصبح قادرة علي ان تصدر اصواتا وتنبعج..البقاء تحت ضليلة من ثوب واسع منشور ومعلق يقي اشعة الشمس لمطالعة القصص والمجلات المصورة يبدوا حلا معقولا لتمضية الوقت وتحدي القراءة بدوره يحفزني واختي علي ان نبدل الجهد اللازم لذلك والا لن نتمكن من الحصول علي كتب ومجلات اخري ما لم نكن في مستوي ان نقرأها ونستوعب مضمونها ونملك ان نوجز ما قدمته لنا وما طالعناه فيها ..لنمر الي مستوي اخر اكبر ..متي لم يكن مسموح لنا ان نخرج لشاطئ البحر وحدنا او عدنا مبكرا وبعد صلاة الظهر للمنزل من مرافقة والدنا اليه لناخد وجبة غدائنا وقيلولاتنا فعلينا ان ننتظر اخر المساء ليعود صبية الحي من،البحر ويكون لنا ان نستمتع برفقتهم ومصاحبتهم ..فكان،لزاما علينا ان نتدير ما يمكننا من تزحية الوقت النائم والطويل من نهارنا كان نعوم،الحمام او نصطاد الذباب بكفينا او نتسلل للمطبخ لنختلس بعض الخضار ولوازم،الطبخ لنصنع وجبتنا بطاحين فخار صغير وعلي موقد نار فخاري صغير بدوره كانت اختي تملك واحدا منه اقتني لها بمناسبة عشوراء دائما ..او نحاول اختراع العاب اخري نستعمل فيها الورق والاصباغ والالواح وربما الصلصال كذلك وقد نفتر بعد وقت لتتسلل هي لتنام بجوار امي وابقي انا مجرد مستلقي علي فرش بالسطح حالما دون ان افعل شيئا يذكر ..وحالما اساسا بانني يوما ساكبر وستنفتح،لي كل الابواب التي لا تترك،للملل ان يتسلل لقلبي او يفسد علي ايامي وستمكني من،ان احصل علي كل الكتب التي يمتلكها اخوتي ووالدي متي كنت كلما تمكنت من قراءة كتاب وفهمه جيدا بعد ان اعيد واعيد قراءته يصبح ملكي واضمه لمكتبتي الخاصة التي لم تكن الا صندوقا بلاستيكيا كبيرا من صناديق الخضر بالجملة اعد له والدي بكوخي مرفعا صلبا يحتمل لحد ما ثقل ما يمكن ان ارص فيه من كتب واغراض تخصني..كنت احب ان اقرا وتزداد اتساعا وغنا مكتبتي ويزداد مع ذلك،تقدير واعحاب من يكبرنني سنا بي ويقبلن علي وحبهن علي الوقوف معي والتحدث حول ما قراته وما راقني منها كان،رائع الاحساس الذي يهبنه لي ساعتها كان يجعلني اكبر سريعا علي الاقل في نظرهم ومعاملاتهن الخاصة ليً..