كانت لنا احاديثنا الخاصة التي لم،اكن استلذها معظم الوقت دون ان اعتقد مع نفسي انني ذلك الفتي المؤدب الذي يحرم عليه ان يخوض في قلة الحياء او يتكلم علي ذلك النحو ..لكنني فقط لانني استهجنها ولانها كانت تنتهي بان تعطيني انطباعات وسخة واحساسات بالقذارة ..كنت اعرف انني علي نفس انتباههم ووعيهم بما يجري من حولنا ..كانت نفس الاشياء قد يستهوينا مراقبتها وتلفت انتباهنا بقدر معين ..لكنني لم،اكن في حاجة لان اتحدث عنها بطريقتهم المبتدلة كما انه لم تكن عندي نحوها اية احكام ..انا كنت اتقبلها كما هي ..بما هي وقد يرقوني اكتشفها وتتبع اختلافها علي انها لم تكن كلها تعني لي من قبل الشيء المهم،لولا ان اخرا يكبرنا لفت انتباهنا اليها وجعلنا نهتم ونتساءل نحوها او لربما احدنا بما لا اعرف كيف تماما تلقفها واثارها فينا ..فنحن لم نكن علي نفس المدارك ولا التجارب والاختبارات ..كان فينا الماكر وحيلي والغبي الساذج والمدعي الكذاب والصادق الغشيم والمتذاكي الذي يخدع بسهولة وصاحب الراس الصلبة الذي لا يتاثر ولا يسمع الا نفسه ..وكان فينا المتنمر والارعن والمتنر عليه من الكل وباستمرار ..وكان فينا القوي والضعيف وكان فينا الاول علينا في كل سباقاتنا والعابنا وتحدياتنا والذي ياتي الاخير دوما ..لم،نكن كلنا لنسلك بنفس الطريقة ولا كلنا لنكتسب القدرة علي الحديث والحكي واستخلاقه بنفس القدرة وعندما نحتك ببعضنا نتبادل الاستهواء والاعجاب والتعلم من بعضنا ..
كان حدث استثنائي ان امكث وقتا طويلا من المساء الي ساعات متاخرة من الليل مثلا مع زمرة منهم وان اجاريهم،في العابهم وتنمراتهم وازعاج الناس والجيران وان اجلس مثلهمعلي الارض المتسخة واردد مثل البقية اغاني اكبرنا او امكرنا وان نحدث الضوضاء ونطرق الابواب ونفر ..او نتحلق لاحاديث وقصص الالعاب الخفية مع الصغيرات ومن يكبرهن ..لانني ببساطة قد اعنف واعاقب ان عدت متسخ الثياب او ممزقهم او بجراح في القدمين او الركبتين والمرفقين وسيكون من،نصيبي عقاب اشد لو حدث وان اتي من يشكوني لولدتي ..
كان الاصحاب المسموح،لي بملاعبتهم،مختارون لي والباقون كانهم،ممنوعون علي او غير مرغوب لي بالتواجد معهم،..وكل الذي اعرفه انهم،هم،يعرفون لماذا وان الامر يتعلق بالكبار واحكام الكبار ..وبين المختارين لي لم،اكن لاجد المتعة الحقيقة لانني كنت اجدهم سخيفين وتافهين وساذحين واقل ذكاءا وجبناء ..لكن هل كنت ارغب في ان اكون مع الاخرين .؟ نعم لكن ليس دائما لانني لم اكن لاستطيع مجارتهم لا في قدراتهم او قوتهم ولا في مهارتهم ولا في اسلوبهم،علي التحدث والنطق بالكلمات ولانني كنت فقط بالعطف يسمح لي بالانظمام،اليهم ..كان هناك من،يتفضل بان يعرض عليهم،قبولي ويتراجهم،في ذلك ..ولانني سريعا ما كنت ساتحول الي ملهات لهم ومحط سخريتهم وتنمرهم علي..لم اكن،لاجذبهم،لعالمي ولا لأحضى برغبتهم،في ان يكونوا اصحابي ..لم،يكونوا لبستسيغوني وليستهووني ..لعلي كنت ثقيلا علي قلبهم واميل للبنات ولالعاب البنات لاكون من قبيلتهن وغير فطن وصلب ومحتال استحق ان اكون لجماعتهم ..وكان يعز علي انني حتي من استخفت به وحسبت انني ساغلبه يغلبني ..كان يعز علي انني ابقي ضحكتهم ويتنكتون علي لايام،لانني بسرعة كنت اقع ضخية مكرهم ..كانوا يوقعونني في عراك علي انهم،ستجمعون لنصرتي ويتركونني وينسحبوا شامتين في ..كانوا يعرفون كي يثيرون غيضي لاحاول الشجار مع احدهم،فينال مني لانسحب باكيا لمنزلنا ..كان يستهويهم ان يرجونني في العابهم مثل ما ليس منتظرا منه ان يحقق اهدافا او يسد ثغرة ..حتي في العاب الكرة ان اشركوني فدوري ان اقف عند الشباك لتسدد علي الاهداف التي تكون حتميا ان تسدد بعد ان خرجت الكرة من بين اقدامهم ..او ان يكون علي ان اظل عالقا في حراسة ثيابهم،بينما هم نضوا للسباحة وسيتغيبون عني لاطول وقت ..وكنت احلم،بانني يوما ما ساتجاوز كل عثراتي وساكون قويا لاجاريهم ولما لا اهزمهم ..كنت احلم بان اجعلهم،يغيرون مني و يعودون الي برغبتهم،في ان يتقربوا مني هم،هذه المرة ..كنت احلم بان،اصبح قويا لادافع عن وجودي بينهم ..لكنني لم،اكن اعرف كيف سانال ذلك ..كانت تعوزني عضلاتهم،وبنيتهم الجسمية ..قدرتهم،علي ان اعدوا واركض مثلهم،سرعتهم علي نشل الاشياء والقفز ركضا..لم،اكن اعرف كيف اصبحوا هم،كذلك ومن اين اكتسبوا قوتهم ..كنت اكل واكثير من الاكل كما يقولون لاصبح قويا لكنني لم اكن اقوى ..كنت انا الوافد من مدينة اخرى لم،اعش لجوارهن السنين الخمسة الاولى من حياتي واليها لربما ارجعت سبب علتي او لانه لم يكن مسموحا لي بما كان مسموحا لهم مثل الخروج والبقاء اليوم،باكمله في الخارج..واللعب دونما نهي بالحجارة وبقدف الاشياء والتعدي علي الصغار والحيوانات والمضي وحدي للشاطئ الصخري او للغابة ..كان حدود المسموح،لي مخالف عن حدود المسموح ،لهم ..وكان الزمن المخصص لي للخروج للزقاق وحدود تسكعي به غيرها عندهم ..وما ممكن ان اعاقب عليه بطريقة او اخري مخالف تماما لما يمكنهم،ان يعاقبوا عليه .،كان طبيعي جدا ان يكبر الغبن معي وبذاخلي احساس فادح،بالنقص ونزوع لان اصمت واكبت وميل لان،اظل علي مسافة منهم مع استمرار في مقارنة دائمة بيني وبينهم ..
اتبع والدتي الي بيوت العائلة والاقارب ومعارفنا ،اغير لباسي بما يليق واصحبها واختي التي تصغرتي بعامين ونمكث بالبيت عند زياراتهن لنا ..واطول وقت خارج عن الدراسة اقضيه صحبة اختي بالبيت او بجواره ومع صاحباتها هي..التي حاولت اكثر من مرة ان اقاطعهم وابتعد عنهن لعلي اخلص من سبتهم ونعتهم لي بمصاحب البنات ..النعث الذي كان يبخصني قدري ويضفي علي صفات الرخاوة والضعف وانعدام الذكورة وهو ليس الحقيقة التي كنت احس بها مع نفسي لانه لم يكن ينقصني ان اكون مثلهم،غير ان العنف الجسدي واللفظي كان غير مسموح،لي وانعدام،التهذيب كان يعني ان اظل سارحا النهار كله بالازقة والشوارع والمطارح ..وابن السوق ان اكون بلباس متسخ .حافي القدمين متسخهما او اذهب دون اخوتي لشاطئ البحر او للغابة ..والغير المربي ان اطليق صوتي عاليا بالصياح والسب وان اضايق الكبار ..لم،يكن،ينقصني سوي ان انقض كل ما تهذبت عليه وان اسقط واتخبط في التراب والرمل وانهض واعاود الجري وان اغوص في برك ماء المطر وان اتحدي كل النظرات ومن لم استطع مواجهته ابتعد عنه مقدرا من المسافة وانهال بقدفه بالحجارة والسباب ثم،ان اهرب ..ان اجرب نفسي مرات مع من يصغرنني ثم،من يقاربنني سنا ثم،مع من،يكبرنني بتحديهم والتعدي عليهم،الا ان يقوي عودي ويصلب واصبح قويا بالمراس..واعدم ان اخاف او ارهب اي كان ..وان اتعلم كيف احتقر البنات واخيف الصغيرات مني واتنمر واحتال عليهن ..ان افعل كل ذلك،واكثر ..وهو ما لم،يكن مسموحا لي لانني يجب ويجب ويجب ان،اكون واكون واكون ..ولم،اعرف ان،اجد تعديلا يقبلوه ويمكنني في نفس الوقت ان اكون،مثل باقي الصبية الذين يلعبون ويتواحدون بالشارع والازقة احرارا واقوياء وقادرين ...كانت التسلية الممكنة هي ان اشارك اختي وصاحبتها وبنات من نزورهم او يزوروننا العابهم ..وان،لا اكون مشاغبا معهن لانه علي ان استوعب مع ذلك انني ذكر وهن،اناث ..وهي المعادلة التي لم تكن صعبة علي لافهمها لانني ادرك تماما بانني ذكر وهن اناث ومختلفين عن بعضينا لكنني لا اعرف تماما ما هي حدود ذلك بعيدا عن اختلافات تكوين حسمينا ونبرتنا في الكلام وما نرتديه من بعض الثياب ولم،اكن،لاتفطن الي ان مشيتنا مختلفة او ان بعض سلوكتنا مختلفة لانني لم،اجدني مدعوا لملاحضتها والانتباه اليها هي في حد ذاتها ..كنت اعرف ان بعض الالعاب محصورة علي الاناث كأن تهتم،بعروسها ودميتها لكن ما المانع ان اشركها العابها وان احاول اعداد دمية قصب والبسها اثوابا واقص لها شعرا واهديها لاختي او انافسها الاعداد ..ما المانع ان نرسم،جداول علي ارضية سطح،منزلنا نقفز مربعاتها وفق قواعد محددة سلفا او انط الحبل مثلما تفعل هي ..ما المانع من ان نتفق علي اعداد طبختنا علي موقدها الفخاري الصخير واشاركها الطهي..بل لماذا لا اقابل ببعض الاستهزاء سوي لما احاول مشاركهتن العابهن خارج البيت.اما داخل بيتنا او بيتوهن فلا احد يتجرأ علي ممانعتي او استنكار ذلك علي ..كنت اعرف انني صحبتهن،لا اتجرد من،ذكورتي ولا اسلبها وانني كل ما في الامر انني في حاجة،لتجزية،وقت فراغي وللخروج من احباطاتي في ان اشارك بقية الصبية العابهم،العنيفة والخشنة ..كنت اعرف انني صحبتهن ،لا اتظاهر بانني واحدة مثلهن بل ابقي انا من انا وانما اشاركهم،اهتماماتهن وانشطتهن والعابهن ما دمنا بالبيت ودام انني لا احب ان اظل وحدي بالقرب من البيت او بعتبته دون ان،اشارك الاخرين سرمحتهم والعابهم وتسكعهم بالجوار ..واخي الذي يكبرني باربع سنوات غالبا مايذهب لاصحابه ويبتعد عن المنزل وقليلا ما يصحبني معه لانني ببساطة اصغر من ان اسايره واصحابه نشاطهم واندفاعهم ..علي انه لما يمكث،بالمنزل بصحبتنا هو من،بتخير لنا ما سنتشاركه من العاب او حكايات ونشاطات ويجعلنا سعيدين بصحبته لنا ...كان مدام،ان،للبنات من غير الصبية اوقات محدودة اكثر للخروج للجوار لا اخرج غالبا الا لما يكون مسموحا لاختي بان تفعل ذلك وابقي لجوارها مفظلا ان نبتكر العبنا ومرحنا وحريصا علي ان اتعلم ما تتقنه هي من مهارات مخصوصة لها وللاناث ..وحتما هي كانت سعيدة بان ابقي مانسا لها وحدتها وسعيدة اكثر بان يكون لها حق مرافقتي للخارج وللابعد من الجوار لما غدي مسموحا لي بان،اذهب لقضاء بعض الاغراض كابتياع حاجيات للبيت او الذهاب لمنزل احد افراد العائلة لايصال غرض او خبر او للاضطلاع علي امر ..او حتي للتجول في شوارع وسط المدينة في الاعياد والمناسبات ما دمت اعرف جيدا طريق العودة ومدربا علي ان اتفادي مشاكشات الاقران والعودة باختي التي تصغرني سالمة من،الاذي للبيت ودون،ان،نتعرض لمكروه ..وحتما كان،سيكون الوضع دون اختي جحيما لمن،بمثل وضعي وان،لا اعرف تماما كيف كان سكون،الحال لو ان،اختي كانت صبيا ذكرا عوض ان تكون انثي ..؟! لاعرف لكنني اظنه كان سيكون مختلفا بلا ريب ولربما كنا سنكون مثل اخوينا الاكبرين الذين يتشاركانوفي كل شيء بما في ذلك غرفة،نومهما بسطح منزلنا ..
مع اختي الاصغر مني ناخد نفس الطريق للمدرسة ونعود سوية وقد نصحب والدنا في المعتاد خصوصا لما كنا احدث سنا لكنه حين،ان المدرسة قريبة من البيت كما كل شيء اخر بمدينتنا الصغيرة بما فيها منازل اقاربنا والسوق والصيدلية والمتاجر ووسط المدينة ولطلما جلتها مشيا علي الاقدام،صحبة والدتي والدي ..اعمامي ..جدتي ..عماتي ..ابناء العائلة الكبار..وحفضتها عن،ظهر قلب واختبرت مرات بشانها ونجحت اصبح ممكن،لي ان اخرج واختي بعيدا عن البيت بالاستئذان طبعا وبموافقتهم المسبقة ..وكنا كصاحب وصاحبته نخرج ..اكاتفها وتصحبني او تمسك،بكفي ونمضي ..لم.نكن،الا في مناسبات معينة او مرة كل شهر نملك،ما يكفي من،نقود لنشتري ما نريده ونشتهيه ..في الايام،العادية هي قطعة واحدة او شيء واحد نشتريه وبقطعة،نقدية نحاسية اللون انا الكبيرة وهي الصغيرة اي نصف ما امنح،اياه هو فقط ما تناله حتي في اخر كل شهر او في الاعياد ..لكننا كنا نملك ان نفرح بها مؤقتا ونحلم بالغد الذي لنا والذي سيمكننا من كل نريده ونشتهيه ونعوزه ..نفرح باننا سوية بينما الاخرون لا يملكون ان يخرجوا ويتصاحبوا مثلنا ..نفرح لاننا نمسك،بكفي بعضنا وباننا لا نتخاصم وحتي وان حصل بيننا ذلك سريعا ما نتصالح ..نفرح باننا نملك ثيابا نظيفة ومرتبة حتي وان لم تكن جديدة وجميلة وكما نتمني ان تكون ..نفرح لاننا مغايرين عن الاخرين لا نفترق ولنا دائما اكثر من شيء لنقوم به سوية حتي وانه يحصل ان نضجر ونمل احيانا ونتمني لو ملكنا حياة مختلفة ووالدين ميسورين بامكانهما ان يوفرا لنا كل ما يحلوا لنا ..
مع اختي الاصغر مني كنت اشعر بقدري وشاني واحب مني ان اشعر بانني مسوؤل عنها وانني ارعاها وان الكل يفرح بي ويتباهي بي ويوصوها بي لانني اهتم،بها واصاحبها ..معها اشعر بالاكثر من الانس وبالكثير من الابتهاج لاننا سوية يمكننا ان نخلق الاكثر من لعبة ونمارس الاكثر من نشاط ولنا ان نتشارك القراءة للقصص والمجالات المصورة والرسم والاشغال اليدوية كما لي ان اشاركها تعلمها للخياطة والتفصيل الذي كانت تشرف عليه والدتي .وان اشاركها تنضيف البلاط والكنس وجمع الاغراض المبعثرة وترتيب غرفة جلوسنا وحتي غسل بعش الصحون والاطباق القليلة التي كانت والدتي تتركها عنوة كحصة اختي من غسيل الاواني ..كنا نتشارك معا حب ان نبدي اهتمامنا بالبيت ونيل رضي والدينا واعجاب ناس الحي برؤيتنا سوية نقوم،ببعض الاعباء الصغيرة ..كان،للبيت ايقاعه الخاص في النوم،والاستيقاظ والقيلولة وكان لنا معا ايقاعنا الحاص حبنا ان نستيقظ مبكرا ربما مع اول تباشير النهار والتسلل الي السطح ربما لمجرد الاستمتاع بخواء الحي والشارع الذي نطل عليه من سور السطح ومراقبة اولي الحركات التي ستعرفها اسطح بيوتات الجيران ونحب ان تلقي علينا تحيات الصباح من الكبار ..كنا بطبعنا حرصين علي ان لانثير الصخب او الضجيج حتي لا نتعرض للعقاب ان حدث وايقضنا والدنا او احد اخوتنا ..بلا فطور نقضي اكثر من ساعتين الا ان تستفيق والدتي لتحضر وجبة فطورنا ....نادرا كان ان نخرج،للحي مبكرا وكان ان تتفق بنات جيراننا ان نتسلل ونخرج للقاء بعضنا مغامرة جميلة لا تحصل دائما لان احاديث،الصباح كانت مختلفة كما لباسنا ومظهرنا يكون منا النشط ويكون منا بعد النعسان الذي لم ياخد كفايته من النوم،لربما ..يكون،منا من يحلوا له ان يجلس ملتصقا بالاخر مستدفئا به من،برودة الصباحات ويكون،منا من يحلم،فقط بفطور شهي كانويكون باسفنج ياخن او بخبز وقطعة جبن فيتقرر ان نراهنوعلي من فينا سيتحايل ليحصل علي ما يشتهي ..كنا نعرف اننا سنكشف لكننا نصر علي المحاولة والفوز بما نريده لانه كان يعني بيننا ان اهالينا حينما سيتجبون لنا سيعبرون لنا علي انهم،راضين عنا وعن سلوكنا وحسن تصرفنا ..نعم،كنا نعرف انه ليس بوسعنا دائما ان نجعلهم كذلك راضين عنا واننا نمارس شغبنا ونصم،اذاننا عن نداءتهم ونثير غيضهم..وسخطهم،حتي انهم،قد ينهالون علينا بالضرب باول ما يقع عليه ايدهم،سواء كان صندلا او حذاءا او فضيبا متوفر مسبقا لهذه الغاية..كنا نعرف اننا لا نملك،ان نتشهي كل مرة علي والدينا ليرضخوا لاشتهاءتنا ويوفروا لنا ما نحبه ..كنا ندرك،علي غرار ما يقوله امامنا ان الحياة،ليست سهلة لمن له ابناء ومجرد وظيف او عمل بسيط وان النقود لا تكفي ولا تسد كل الاحتياجات وانه،ليس بوسعهم،ان،يتوجهوا الينا دائما بسؤال عن ما نريده من السوق او علي الاكل او كفاكهة ان كانت متوفرة ورخيصة ..كان مجرد ان نخير بين اكثر من شيئين يبهجنا ويحسسنا باننا محضوضون وبالفعل كما يقولون لنا احسن بكثير من عددين غيرنا ..ربما كان يرهقنا نفس الطعام خصوصا علي وجبة الفطور وكنا نريد شيئا اخر غير الخبز الباردة اللامتماسكة اللب والزبدة والشاي او بعض القهوة بالحليب والتي لم تكن دائمة ..ربما المربي ..ربما خبزا مصنعا ساخنا مقرمشا وجبنا ..ربما زيتونا اخضر عوض الاسود وربما بعض الكعك والحلوي المنزلية او قطع بسكويت نقتنيها ..ربما كنا نشتاق لحبات الفاكهة،عندما تختفي من المائدة ..ربما كنا نتضايق جدا من وجبات العشاء الغير الغنية والمدبرة كيفما اتفق والتي غالبا ما تكون فقط اصنافا من المعجنات الرخيصة الثمن ..ولربما كنا نريد تعويضا عن الحلو المفقود بقنينة مرطبات عائلية نرتشفها بتلذد ..او حتي ..
نقدية خارجة عن نظام المصروف ..لكننا كنا نتجاوز كل ذلك،لاننا ببساطة بعد صغار وغدا سنكبر وستتغير كل الامور والاشياء معنا ..
كنا انا واختي نفرح بما تعده وتحيكه لنا والدتنا من ثياب صوفية بتزامن وباول ذهابنا للمدرسة بثياب العيد الجديدة وان كنا غير راضين علي حقائبنا المدرسية التي غالبا لم تكن بالموصفات التي نرغب فيها ولا من نوعية حيدة وتتمزق بسرعة وتحتاج لتدخل الوالد لاصلاحها وترقيعها في كل ما من مرة..كنا نحس بالفرق ونتحدث عنه بيننا ..الفرق بيننا وبين عدد اخر من الصبايا وصبيان في اللباس ..في نوعية حقائبهم ..وحتي في سحنتهم كانوا مختلفين كان يظهر عليهم النعيم الذي يعيشون فيه ..فيما يحملون معهم من قطع حلوي وبسكويت وشكلاطة ..وكان الدارج عندنا ان نحيل كل ذلك الي حضيهما بوالديهما ..وبانهما يملكان ..كانت مجرد مدرسة ابتدائية قديمة وبها اقسام مسقفة بالقرمود ونوافد مغطية بقطع البلاستيك السميكة ووسط احياء شعبية معظمها بعد بمساحات خالية لم تبني ..وكنا بحق اغلبية شعبية ،متوسطة الحال او فقيرة لكن هذا كان لا يمنع ان يوجد بيننا من هم،باحسن حال كان هناك الحرفيون والصناع والمهنيون الذين كنا نلحظ عليه امتلاكهم لسيارات ويرتدون جيدا وكانت قفف نساءهم تاتي ممتلئة مما تبضعوه من خضر وفواكه ولحوم ..وكان حال ابناءهم،متميز في كل شيء عنا وكان هناك ابناء الجالية المهاجرة وكبار الموظفين والمستخدمين .والتجار ..كنا نعرف ان وضعنا احسن من كثيرين كان الفقر شبه عام ونحسه في العيون ونراه في الحال والهندام وغالبا ما كنا نشعر بوقعه لما كنا نري اباء وامهات هولاء الفقراء كانوا بحال بئيس ومنهد بالشقاء ووجوههم محترقة بالشمس ومنكمشة بالطيات..وكان عادي جدا ان نشعر بالتعاطف معهم اكثر من اصحاب الحال الجيد او المعتبر ..لكننا لم نكن لنفهم اكثر من هذا لاننا من كل هذا لا نري الا ما يهمنا نحن ويخصنا ..لم،نكن نريد اكثر من ان يكون حالنا نحن بخير وان يتحسن اما عن الرضي فهو تلك الحالة التي تجعلنا متقبلين ما نحن عليه لكننا نريد اكثر ..
كان وضعنا الاعتباري بوظيف والدنا كمعلم اقسام ابتدائية يضيفي علينا منزلة ويجعلنا مقدرين من كل تلامذة المدرسة وعديد منهم،يسعي للتقرب منا والاحتكاك معنا وحتي من اوليء امور التلامذة كذلك ..لكن ابعد من ذلك،لم،نكن متميزين في شيء مثلنا مثل بقية ابناء الحي نتخاطف علي قطع الخبز الساخن لما يخرج من الفرن الذي يطهوه لنا ونتفنن في قتل الجوع بالخبر المرشوش بالسكر وبحشو الخبز بقطع الطماطم الطازجة او بالبصل والزيت النباتية نكل كل قطع الخضر نيئة ولا نتحرج،في تسلم،رغيف الصدقات وبالمدرسة كنت اول من سجله والدي بالمطعم، المدرسي الذي كان يطعمنا خبز بلون يميل الي السواد وبزبدة صفراء قوامها عجيب كما مذاقها اللذيذً..واطباق الشعرية (نوع من المعجنات ) بالحليب المعد من مسحوقه المذوب بالماء ،واحيانا حبات ثمر كبيرة وشهية او قطع شكولاتة وكان كل ذلك جزء من النساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة الامريكية للمغرب ولغايات الاطعام المدرسي ومساعدة الفقراء ..
لم،نكن نعاني فقرنا وتواضع حالنا لاننا كنا نعيشه كقدر لا نملك معه ان نرفضه او نعاتب احدا عليه نعيش حرماتنا وكل احلامنا متوجهة للحظة قد تاتي بحلو او غير معتاد ومالوف كوجبات الاعياد والمناسبات تنسيني قسواة الحال ..نحن لم نكن حقيقة لنعاني مع نوعيات ما ناكله ونتعيش عليه وحتي عندما نرفض اكلة ما ونعبر عن امتعاضنا منها لم نكن،في حقيقة الامر نريد اكثر من بيضة مقلية او علبة سردين معلية نصنع منها شطيرتين وزجاجة كيموندة متوسطة نتقاسمها انا واختي او قطعتي جبن بينما كان اخي الاكبر يتعالي صوته ويعبر عن كانل غظبه ويحتج برفض ان يتناول اي طعام لانه مل من نفس الطعام وعلي تعبيره :"وكاننا معدومون ولا نملك شيئا .." حدث مثل هذا كان يوثر اجواء البيت علي ان الوالدة كانت لا تستريح الا ان تطيب الاجواء وتزيل التوثر عن البيت ..
كثيرا ما تلذذت باكل قطع الخبز الحافية وانا بفراش النوم واخيانا تحت الغطاء النوم..كنت اجده حلوا ولذيذا وطيبا ولا اتوقف عن السلل في كل مرة للمطبخ لاخد قطعة حتي اشعر بكامل شبعي وبرغبة عارمة في النوم ..
جارتنا الشابة الحديثة الزواج التي تكتري السكني التحتية لمنزلنا كانت تدللنا انا واختي وتقدم لنا اشهي حلوي وكعك وزبادي منزلي وسفوف باللوز وقطايف وازكي واطيب حريرة كان زوجها صاحب محل خياطة ومن كل ما يملكونه لا من اثات وحسب بل ومن،لباس وتجهيزات الكترونية كنا نعرف ان حالهم،المادي معتبر مع انهما بعد لا يملكا منزلا ويكتريا من والدينا سكنن..
كنا نعرف ان الشي ء الوحيد الذي يجعلنا في وضع لا باس به هو اننا نملك منزلا بطابق نسكنه نحن وغرفة مستقلة كذلك بالسطح لاخوي الكبيرين وكنا نفهم من كلامهم ان كراء سكننا يعود بنفع علي وضعنا المادي واننا محسودون علي ذلك ..ضف الي ذلك ان لعائلتنا جنان كبير وبعض الدور القديمة بالمدينة العتيقة هو ارثهم من حدي المتوفي والد والدي..
كنا حاضرين في كل خلاف او خصام علي مصروف البيت وما سيقتني من السوق وما اعد من طعام وعن الخبز التي ترمي وعن قنينة الغاز التي لا يريد والدي ان يستوعب انها فرغت ولم نشربها وعن لماذا التبدير في استعمال الماء والكهرباء وعن لماذا حذاء جديد والحذاء بعد يمكنه اعادة اصلاحه لدي الاسكافي ويعود جديدا ..!!؟ لكننا لم نكن،نبالي كثيرا كنا نتبادل النظرات انا واختي وقد نبتسم او نضحك ونهز كتفينا وننسحب الي السطح او نخرج،لنجلس عتبة البيت..كنا نتشارك اعتبارنا لما يحدث انه نفس الموال ولا شيئا فيه جديد ..فقط كنا نريد للشجار ان لا يتطور ويكبر وكنا نريد بالخصوص ان لا تصل اصواته للجيران ..كان يشقينا ان يعرف الاخرون عنا ان بيتنا يعج بالمشاكل وصداع الراس والخصامات علي كل شيءواي شيء ..
اختي الاصغر مني تكبر بجانبي واخي الذي يكبرني يكبر لوحده ويبتعد عنا محظوط انا بالثياب اخوتي التي يفصل منها والدي ويقصر منها لتناسبني واختي محظوظة بما تعده لها والدتيً من كسوات او جيبات وقمصان بما يتبقي لها من اثواب وقطع حرير تعدها قفطاتا وقمصانا لزبناءها من صاحباتها ومعارفها لكنها كلما تكبر يتقلص الامكان لان ما يتبقي من هامش في القطع الاصلية للثوب لا توفي بالمقياس ..ولقد كنا ممتنين للوالدة وهي المهتمة بكل شؤننا واضافة لذلك تقضي باقي كل الوقت ولساعات متاخرة من الليل وهي تخيط ..وقد تحتاج لان تنهظً مع اوليتسلل خيوط الضوء لتستكمل الخياطة بالابرة وتارة بماكينة الخياطة لما يتطلب الامر ذلك وبما تتحصل عليه تحاول سد الخصاص الشاسع دائما ..كنا نعلم،ذلك ونستوعبه حيدا ونعرفه وهي كانت لا تكف عن ترديده وحكيه امام،صاحباتها واقاربنا ..تحكيه ومشاكلها اللامنتهية وخلافاتها المتكررة مع والدنا وهي تجشع بالبكاء والدموع المقهورة ..لتعدي اختي فتاخد هي الاخري بالبكاء ولافقد حينها ضبطي لنفسي فابكي بدوري معهما كذلك ..
كان يتطلب وقتا ليس هينا وحزينا ليمر لننسي ونتجاوز ما يتخلف عن مثل تلك المواقف ..حتي محاولات ان اخرج،دفاتري من المحفظة وان اهتم بتسطير وتصحيح واعادة عنونة نصوصي واحوبة التمارين او بالتلوين لم تكن تفلح لانني اظل علي حال ان اخرجها وان افتحها وان لا اتقدم،في شيء ..ومحاولات اعادة ترتيب مجموعة قصصي ومجالاتي وانتقاء ما ساعيد قراءته من جديد كنت افعلها محاولا فقط لان انسي اثر مثل تلك الامسيات التي كنا نصحب فيها الوالدة لمنزال معارفها او اقاربنا وتنتهي علي مثل تلك،الشاكلة ..دموع وانات قهر وسعال بكء وتشنج وانقطاع في التنفس ..كان يعز علي حالنا كلنا ..ولا اعرف من ساواسي ولا جهة من ساقف مناصبا او معاديا ..كان،دائما هو نفس الخلاف واسبابه ومسبباته ..كانت دائما نفس الدعاوي علي الخمر وعلي المكوث بالخارج ونسيان الابناء واحوالهم وخوفها علي ضياع مستقبلهم اما عنها هي فمن زمان نسيت حالتها ووهبتها فقط لابناءها ..كانت دائما نفس لغة الارقام تحضر وعن معقولية ولا معقولية ان تتدبر الاطعام ومتطاباته بمثل هذا الهزيل من مبلغ وقطع نقدية ..ولم،اكن اريد الا شيئا واحدا الا ان لا اكون حاظرا في مثل كل هذه المواقف والخصمات والعراكات .لانني اتعذب بسببها وارثي لحاليً..
وكان يحصل ان نبتعد عن بعضنا ..كنت اريد ان ابقي وحدي كما كانت تريد هي الاخري ..وكل الذي كنت اعرفه اننا لسنا علي مايرام لنمضي في حياتنا كما ان لا شيء يقع من حولنا..وبسببنا ويخصنا ..