الجمعة، 23 أكتوبر 2020
يوميات : مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (9) .تابع : سلاما متجددا فاطمة"8-1"
من اين لي بسحري الذين يتحدثون عنه وكل واحدة تضفي على تعبيره بصمة خاصة ؟! انا اعرف حدود وشكل قوقعتي -جسدي الذي البسه ويلبسني ..واعرف شكل ومحتوى الاسمال التي ارتديها والتي عبثا احاول مساوتها علي وعدم التحفظ في ارتدائها عملا بنصيحة اخي "سمير "الذي كان يقول لي تجاوز الشكل الى الجوهر .الى العمق الانساني فيك ..احسست ببعض الرضى عن حال هندامك ..هيا تحرر ..انطلق تعرف قصة حجا مع حماره وحماية جحا مع حماره وابنه ...تعرف انه صعب ان ترضي كل ادواق الناس لذلك دعك منه مادمت تعرف قدرك ... وانا بالرغم عن قناعاتي تعدبني بعض الاحساسات التي تلم بي وتسيطر على تفكيري لدرجة يصعب علي تحويلها جانبا من راسي ..على كل حركيتي ونشاطي ولمات الاصحاب والرفاق من مختلف الأعمار والنوع اشعر انني وحدي ولانني في حاجة لافهمني اكثر ..كنت بالرغم من الثقة في النفس التي يعززها في كل احبتي وكل الناس الطيبين تاتي علي لحظات يتملكني فيها الخوف ..الخوف من المجهول والخوف من ان افقد السيطرة على نفسي..
في الصباحات التي لا ادرس فيها بالاعدادية انسل مغيرا طريقي المألوف وحريصا على أن اسلك الأزقة واقطع الطرقات بسرعة متفاديا مقابلة من أعرفهم والذين كنت احرص على ان اتعرف على قدر من المعلومات عنهم ..عن طبيعة نشاطهم وعملهم عن احوالهم الاجتماعية ..عن نوع الثقافة التي تربوا عليها عن سلوكهم الإعتيادي عن نشاطهم الاجتماعي بما في ذلك حتى خط سيرهم الشبه دائم في خرجاتهم للشوارع وفي مدارات حيهم...كانت قد أصبحت عندي اكثر من هواية ان اهتم قبليا بمن ساصاحبه و اتعرف عليه بشكل رسمي وعندما اتمكن من استكمال خطاطتي الذهنية عنه يكون سهل علي ان اتدبر فرصة اللقاء به وأكون قد حددت سلفا حتى كيف اقود الحديث التعارفي الاول به ..غير ذلك كنت العب على تيمة الخجل والتحفظ والمراعات للنوع وللفوارق الاجتماعية والعمرية بما يجعلني اتروى في دراسة المعطيات الأولية عن الشخصية التي تتعامل معها ولا اسمح له من الوهلة الأولى التي اختار هو ان يقتحمني ويلاعبني اجتماعيا بموضوع التعارف الاجتماعي ان ينجح في استكشافي الى ان اسمح له وبطريقتي الخاصة وفي الوقت الذي أراه يناسبني ...ربما اخدت بعض الوقت مع مجموعتنا لاقنعهم بصوابية وجهة نظري وموضوعها لكنهم متى اقتنعوا ..ساهم كل واحد منهم في اقناع الطرف الآخر الاقرب اليه عاطفيا في مجموعتنا ومن جديد احصل على تقديرهم وترابطنا كمجموعة نتبادل فيها الادوار التوجيهية والتفاعل الايجابي فيما بينا وفيما بيننا ومع محيطنا..اكتشف كل واحد منهم على كم حصل من خيبات عاطفية من من سعى او سهوا هم التقرب منه في اكثر من محطة حياتية من عمره وكم كان هجرانه وتجاهله وابتعادهم عنه محبطا له ..لم اكن لاتلاعب باي احد منهم غير أنني كنت لحد بعيد اعرف كيف أوجه ضرباتي واحيانا صفعاتي لهم لاهزهم من الداخل ولاجعلهم يرون الاشياء والوجوه والاشكال والمعاني بطريقة جديدة ومغايرة لانماط تفكيرهم وابصارهم المقولبة والنمطية ..كنت أوجه انتباهم لموضوعاتهم النفسية والعاطفية الأساسية لنعيد القراءة فيها وفي نفس الآن افتح اكثر من نافدة على موضوعهم الاساسي ..على صورتهم لذواتهم وعلى وعيهم باحتياجاتهم الأصيلة فيهم ..كان ما يجمعنا كمرحلة عمرية ونفسية فارقة في حياة كل انسان اجتماعي هي مرحلة المراهقة .. اكانت مراهقة مبكرة او متأخرة ..اكانت خملة او نشطة متوقدة ..ومتى وجدت المدخل لافك عقدة لسانه لنمد في التحدث والاحاديث بيننا فقد فتح لي منفدا لامد جسرا لافعل فيه ولاتفاعل معه ..وكنت حريصا على أن لا اقتحمه عنوة وان لا امهد التقرب منه الا عبر اخر نكون قد طورنا انا واياه علاقتنا ببعضنا والباقي افراد مجموعتنا التي تكون فرحة بمثل فرحتي بان نخلق فضاءا أوسع يضم اكبر عدد من أفراد جيلنا وبالتالي ان نوسع من دائرة تعارفاتنا وعلاقاتنا وفرص تبادل الخبرات والمهارات بيننا ..ثم ان نعمل وبشكل اساسي على تطوير وتعميق معرفتنا بانفسنا ..بالانسان فينا وبالانسان الاجتماعي في ترابطاته الاخرى مع الناس والمؤسسات ..كنا نملك اللغة وطرق التعبير عنها ونسعى بكل لهفة وجد لنطورها بالقراءات وحرصنا في اغلبيتنا على أن نتبادل تحصيل الكتب والروايات والمجلات
وكل ما يقرأ وتبادل قراءته فيما بيننا ..على أن نخصص لكل ما نقراه من حلقات لمناقشته والحاق ما استخلصنا من كل وربطه بموضوعاتنا الأساسية ومحاورها المتشعبة منافد لادخاله والحاقه بسابق ما اخد يتراكم لدينا من معارف نظرية وعملية انسانية ..لم نكن نغطي على اي نقص فينا او نتظاهر بالجدية كنا صادقين في رغباتنا وفي طموحاتنا كاشخاص وكمجموعات لان نعرف اكثر وان نهتم اكثر وان نتواصل بشكل مستمر فيما بيننا وان نسمح من ثمة لاقتراح اي واحد منا ان يصوغ لنا برنامج لقاءنا ..كان الهم الذاتي المشترك بيننا ان نكون راقين في أسلوب عيشنا وكان الرابط الموحد بيننا على اختلافات احوال معيشتنا ومستوايتها الاجتماعية اننا نعاني بشكل او باخر ..نعاني ولا نريد ان نرهق اسرنا اكثر مما هي مرهقة بتامين ظروف العيش لنا ..كنا نريد ان نضمن قدرا معتبرا من استقلالية ذواتنا عنهم وحريتنا دون ان نصطدم بهم بل ان نحتويهم في رؤيتنا لكيفيات احساسنا بهم هم كذوات وكافراد اسريون واجتماعيون ومدى نجاحهم في استدخال قيهم وقيم الجماعة فينا وكان علينا ان نسلك طريق الحوار معهم ان نمد جسوره اولا فيما بيننا وبينهم ليسهل التفاهم والتقبل ولما لا اقناعهم بالتفاعل معنا من موقع جديد والتاسيس لعلاقات جديدة فيما بيننا وبينهم ...عن نفسي كنت مهوسا بادب نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ولجيلهم من الكتاب والادباء كما كنت مفتونا برؤى ومواقف الأديبة والباحثة نوال السعداوي ..على أنني كنت مولعا بقراءة كل الاعمال المترجمة من كل اللغات ..لم يكن عندي وقت لاضيعه في عمل اي شيء الا وانا اقراء حتى في المرحاض اقراء ..حتى وانا اتناول الطعام اقراء وان لم اكن اقراء فانا اناقش ما اقراءه وتوقفت عن قراءته لاساهم في نشاط ترتيب البيت او احد فروضه التي ما كنت اتردد طواعية مني في الالتزام بتاديتها ..كنت التهم الكتب ومقالات المجلات والجرائد بمثل ما انا حريص على دوام تخصيص وقت صباحي للاستماع الى محطات الإذاعة الوطنية ووقت مسائي لها متى سمحت ترددتها لبثالبث الإذاعة الجهوية طنجة المباشرة حتى مطلع الفجر ..كنت قد طورت مقدرتي على الانصات والقراءة دون ان افقد تركيزي وحدها بعض البرامج الإنسانية من كانت تستاثر كليا على تركيزي فاضع الكتاب جانبا من يدي لاولى لها كامل حواسي وانتباهي ...كل ما اقراءه يفتح عيني ويوسع مداركي و مخيالي..ويوقظ احساسات جديدة في ..ويفتح شهيتي على اصحابي وصاحباتي الذين اسعد ويسعدون بلقاءاتنا ببعض..بمحاداثاتنا ونقاشاتنا والتي كنت انتهز فرصها لاستذكر ما للتو قرائته او ما يشغلني عميقا التفكير فيه من موضوعات اغلبها اما رصدته او اثار اهتمامي وانتباهي من مداولة النقاش حوله او بخصوصه في الإذاعة ..
كنت التف على الطرقات واتدبر بسرعة بديهة طرق الافلات من من لا يتردد على النداء علي بنية توقفي للسلام علي او للدردشة معي او ببساطة ليطلب مني ان ارافقه او يعرض مرافقته لي ...كان لي موعد خاص ..موعد حرصت ان اتدبر تكلفته المادية وخصصته لي والدتي بكل ترحيب على أن يبقى سر بيننا ..امر بعحالة لاقتني الصحيفة المتجددة تحث عنوان "بيان اليوم "بعد ان الفت طبيعتها القديمة التي كانت تملأ اصابع كفي وراحة يدي وحتى وجهي بسواد حبرها واعشق ان اقربها من انفي لاشم رائحة طبعتها ..كانت مفتاحي لارى واطلع على اخبار الوطن السياسية البائتة .لم اكن من هواة ان الاحق الاخبار الجديدة وموضوعات السبق الصحفي ولأن جريدة "البيان "جريدة تقدمية متأخرة من ناحية الإمكانات المادية والمهنية التقنية فلقد كانت حريصة على أن تتفرد هي بمتابعة كل ما ينشر في الصحف الرائدة الوطنية لتقرا فيه هي بروقان وبمنظورها الحزبي الموسوم بشخصية زعيمها الاول والتاريخي الذي كنا داخل اسرتنا نكن له احتراما جد خاص انه الزعيم "علي يعته "مؤسس الحزب الشيوعي المغربي الذي تحول ليحمل اسم "حزب التقدم والاشتراكية " لم اكن اضيع وقتا في البحث بين عنوانين الصحف وبين ما يظهر من اسماء صحف عربية وافدة لاول مرة كنت ااجل ذلك لاقرب فرصة اتحصل فيها على مبلغ محترم لاشبع رغبتي في التسوق والتنزه بين رفوف المكتبة و حامل الصحف المعدني او الخشبي المميز ..اضحت لي علاقات مميزة مع اصحاب المكتبات وباعة الصحف الذين كانت لكل واحد منهم طبيعته الخاصة في فرض حضوره الاجتماعي...والتي كنت قد استطلعت عنها وتقصيت عن كل ما أمكن من تفاصيل عنها منذ زمن الطفولة عندما كنت اصاحب على الخصوص اخي الاكبر في خرجاته الاجتماعية بوسط المدينة ..معرفتي بطباع كل واحد منهم وما يستهويه ونقط جدبه وما ينفر منه بالعادة جعلني حتى انا افرض شخصيتي وتحفظاتي الخاصة خصوصا وانني كنت اعرف الانطباع الاول الذي أتركه في النفوس وهو الانطباع الذي لا ينبغي لي ان اجعله يترسخ في ذهنهم عني بل كان لزاما علي ان احوله خصوصا وانهم تعرفوا علي وانا بعد طفل اصاحب احد اخوتي وفي كل مرة من كان يتجرا علي بالملاطفة والمحاكاة يكرر نفس العبارة اليومية التي يكررها الكبار :"لقد كبرت .."وانا في نفسي اردد بنبرة تحد عميقة "انا كبرت قبل الان ومن زمن بعيد ..من اول ان وصلت لاستقر بهذه المدينة .."واعد نفسي بانني في يوم ساجعلها بداية حديث التعرف بيننا وساكسب رهان تحويل ذاكرته عني للابد ..تخيرت مقهى اقصدها واصعد مباشرة إلى سدتها المعدة كطابق علو واول يوم قررت فيه دخولها واعتبارها مقهاي الاثير والسري بعد ان قمت بعدد من الزيارات الإستكشافية لمقاهي المدينة ..خصوصا وسط المدينة صحبة اخوتي وبعض افراد عائلتنا لحين ان استقر راي على تلك المقهى بالضبط مقهى "وادي المخازن "كانت الأولى والاحدث في سلسلة المقاهي التي لا ترتبط بماضي استعماري ..وكانت الأولى لمستثمر دخيل على الميدان لا سبق أن اشتغل بمقاهي ولا كان والده صاحب شغل بالمقاهي والمطاعم في حقبة الاستعمار والتي تلاها مباشرة اي في بداية الاستقلال ..احببت ان ابدا في الحقبة التي اعيشها انا الان ..في حاضري وحاضر البلد والمدينة ..وان افرض نمط شخصيتي لدى تواجدي بها ..كنت ادخل اليها متجاهلا النظر لاي شخص يجلس بصالتها السفلى والاساسية ومستعدا لتجاهل أية ابتسامة ترحيب او حتى نداء علي من احد معارفنا او اصحاب اخوتي او حتى أساتذة اعداديتنا ...كنت ادخلها وحدي واجلس لزاوية ارى منها ولا ارى منها ارى منها حتى العابرين من الشارع الرئيسي للمدينة "شارع الحسن الثاني"..زاويتي لها ميزة أخرى كانت سارية تخفيني عن تبيني التام من من كان يقصد المرحاض من رواد المقهى وحتى من الباعة المجاورين للمكان الذين كانوا يقصدونها لقضاء حاحاتهم ..لم اكن في حاجة لاتخفى وراء الجريدة التي كنت اطالعها بنكهة جد خاصة وبغاية النظر والإستمتاع والتذوق لانني كنت افترشها على الطاولة واستعمل قلم الحبر الاسود لااشر على عبارات او موضوعات بعينها كما على اسماء كتابها ومدنهم والهويات التي يقدمون بها انفسهم أو تقدمهم بها إدارة تحرير الجريدة اليومية الوطنية التي كانت تصدر خمسة أيام فقط في الأسبوع ...خرجتي كانت ثلاثة صباحات في الأسبوع اقتني فيها من عدد الى عددين حيث لم تكن الجريدة تنفد من اكشاش الباعة ..لم يكن عليها اقبال وكنت احتفظ بالعدد الذي يحتوي على ملحق بيان اليوم الثقافي الى ثالث يوم أسبوعي لي بالمقهى والذي كان يوافق الاحد بتقدير خاص مني انا ..وهو الصباح الذي تعرف كل المقاهي اكبر توافد لرودها ولكل وجوه المدينة المعروفين وهو الصباح الذي كانت تحلو لي فيه ان اثير المحادثة مع مكتبي جد راق من وانا طفل كان يعاملني معاملة مكايسة وجد محترمة كنت اطلب منه ان يحدثني عن جديد الصحف والمجلات وان يعطني فكرة عن أكثرها انتشارا ومبيعا محليا لكي أعرج الحديث عن الجريدة التي اقتنيها انا واتابع اعدادها عددا عددا ولاسأله عن من يكون الحريص مثلي على متابعتها على الاقل من محله هو بالضبط ولاطلب منه في مناسبة اخرى على. ان يعرفني اليه بصفتي متتبع وقارىء نفس صحيفته ..
لم اكن اعير الجريدة لاي كان وحتى داخل منزلنا كنت اطلب التزامات خاصا بان يحتفظ لي بها وان تعاد لي سالمة كنت احتفظ بكل نسخها واعود مرات لمعاودة تصفحها وقراءة موضوعاتها التي لازلت تثير اهتمامي ..
من المقهى اخرج واعبر ميدان التحرير واتبطا المشي والخطو
امام باحات المقاهي لارى وأرى من روادها متبعا نفس اسلوب وجوه المدينة المعروفين وساستها المتحزبين والنقابيين وحتى انا ممسك بصحيفتي واقاوم بعد لذة ان امسك بسجارتي السوداء الرخيصة فقط لأن الوقت لم يحن لرفع مثل هذا التحدي عاليا أمامهم هم فقط في مثل هذا الصباح الذي يعني لهم اكثر من طقس اجتماعي وانما فرصتهم لتاكيد حضورهم وانتماءاتهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية الوظيفية والعمالية واوضاعهم التجارية ..كنت انظرني الى أن اصل لمكاني على الشرفة الاطلنتكية وفي قمة الزاوية التي تجمع بين شارع يؤدي الى اعداديتنا "الامام مالك "وشارع اخر يحيط كل امتداده بالبحر ..وكان لي اهتمام اخر بهنالك كنت ارغب في مطالعة الوجوه التي تعبر وتفحصها وتبين من منها متعود كل ظهر الاحد على المرور من هنالك والتنزه بها ومن اكثر حرصا على رؤية البحر مهما كانت ظروف وأحوال الجو المتقلبة ..كنت ببساطة اريد ان اتعرف عن قرب من من يكونوا ناس المدينة ..كنت مهتما بان اتعرف على المدينة وناسها وفي كل مرة كنت اسجل علامة على أوجه معينة وعلى من من الممكن ان يعطني اسما وصفة وبعض معلومات أولية عن من يكون اصحابها وكنت اعرف انه سياتي صحبة والدي أساسا وكان عمي "محمد"والذي يعقبه بعد قليل من الوقت ابن عمتي المتوفاة "خدوج ""العربي "والذي يحمل نفس لقبنا العائلي لانه يناسب من جهة الاب كذلك لابناء عمومة والدنا ..وكان هذا أكثر واحد يسهل علي عملية الاستقصاء الأولية التي كنت اباشرها بحكم مهنته ككهربائي منزلي معروف بالمدينة ليحدد لي الجهة السكنية التي يقطنها من يهمني معرفته ولتبدا بعدها عملية ضبط من سيفيدني حقا باستجماع معلومات كافية عنه او سيوصلني إلى ربط علاقة تعارف مع أحد مقربيه او أفراد أسرته المتاحين ..حاول معي اخي الاكبر مرات متتالية ان يعرف مني لماذا اهتمامي بهذا او ذاك ولماذا الحرص بالخصوص على عادة خرجاتي تلك لكنني لم افصح له ولا حتى تلميحا بمرامي البعيدة او القريبة ...ومع الباقي كنت اتحجج في العادة بمجرد الرغبة في التعرف على وجوه المدينة البارزة والمعروفة بحكم انني اقابلها لأكثر من مرة وطبعي ان ينتابني الفضول لا أقل ولا أكثر ...
كنت اعرف انه علي ان اصبر هكذا اوصاني اخي "فؤاد"ان اصبر على رغبة البوح باسراري الخاصة وعن ما يعترني من شك او حيرة او نفاد بصيرة ..كان يقول لي ان اعرف ان طريقي بعد طويلة وانني لا محالة ساقطعها ما دمت متمسكا بالمضي والخطو فيها .. كان اخي لدى عودته في العطل المدرسية من ثانويته التقنية الداخلية بتطوان يحرص بشدة على أن يدعوني للخروج معه كان يقول لي وهو يكاتفني ويقف بمعانقتي من جديد :"توحشتك اصحابي ...والله "كنا نذخن سوية وكان لا يقدم لي سجارة بالشوارع الرئيسية وبجهات سكننا ومن تلقاء نفسه يرد وكانني سألته لماذا يتعمد فعل ذلك :"عارفك في الوقت من هذ المرحلة محتاج تكسب الناس ..."كنت انظر اليه ويفهم عني دون حاجة للكثير من الكلام كان حريصا على أن نكون مقتصدين في الكلام بيننا على أن نفكر في بعضينا اطول وقت ممكن كان احيانا يطلب مني ان اشك في نوياه أن لا اسلم اذني وكياني بالعاطفة التي تجمعنا وطورنها سوية او فقط اتقبل منه اي توجيه او نصيحة لانه اخي الذي يكبرني قال لي :"بناء الثقة هو الذي يحتاج الى الشك ..فكر في ذلك مليا بينك وبين نفسك .."قال لي في آخر زيارة له للبيت :"وش قررتي دبا ..."نظرت اليه مستفهما فارسل يقول "بقيتي كتمشي للقهوة ..ماما معندكشي معها مشكل ؟!"قلت له بايماءتين نعم ولا ..فتابع :"على ذلك الشي كنسولك وش قررتي تخرج للعلن ..تبين شوي من راسك "بقيت صامتا ولا انظر اليه فضمني لجانبه وطلب مني أن أتكلم وقلت له احاول ان لا اكون مستعجلا فقط فرد علي :"اذن انت مستعد "قلت له :"هذيك درتها شحال هاذي ودبا باقي كنوجد بش منعاود راسي معهم .." "وشنو غدي تدير .."قال لي لاصمت لبعض الهنيهات ثم لاجيبه :"غذي نلبس خويا سمير بالمقلوب وخويا خالد غذي نلبس نيشان وانا غذي نبقى نتفرج عليهم شونوا غذي يبقوا يدير ا معيا مغذيش نتسرع.." عاجبني بالرد :"ايه ..مخصكشي تتسرع ..."مضينا لوقت بدى طويل ونحن صامتين نذخن سجائر شقراء مضى لاقتناءها بالتقسيط عوضا عن ما كان يذخنه معي من علبة سجائر السوداء الرخيصة كنت اعرفه انه مشغول البال يفكر في كيفية تيسير سبلي ..ثم وكأنه يتذكر واقع الحال قال لي :"دبا العطلة سلات شوف مع ماما مغديش تحرافلك معها تمشي انت وياها لطنحة ..خصك تشوف وتهدر مع فاطمة بالخصوص في هذ شي لكتوجد لو ومن ثم شوف آسية وترتاح معها غير يومين .."بمجرد ان وجهني كنت قد اوجدت سيناريوا محادثتي لوالدتي وضمنت ان أحصل على موافقتها لكنني كنت متهيبا لا من مستقبل الايام معي لكن من ما يحملني اياه من ثقة ...
"فاطمة "بنت خالتي هي من عوضت اختها الكبيرة "فاطنة "في زيارتنا بمسكننا ب"القنيطرة " جاءت بها خالتي صحبة ابنها "محمد"لتمكث معنا ولتساعد والدتي في الاهتمام بي شخصيا وهي في أواخر فترة الحمل بأختي التي ستاتي بعدي "بشرى" ولما علقت والدتي على لماذا لم تصحب معها "فاطنة "ردت عليها بنرفزتها العادية جدا :"انا كنعرفش شنو كندير وهذيك باقي خصني نعاود نربيها ونعلمها .."ارادت والدتي ان تستوضح منها اكثر لكن خالتي "زهرة "اقفلت الموضوع بطريقتها الخاصة :"اختي شعندك كتحمقي راسك معاي والله لقلت ليك نيتي حتى ترشق لي وديك الساعة انا نجي عندك ونتحدث معاك .." ..كنت آنذاك على وشك ان اتم عامين من عمري كان كل واحد من اخوتي تخصص له والدتي ساعة وشكل ملاعبتي وكان الصراع يحتد بين اخي "خالد "و"سمير "على من فيهم يخرجني لامام البيت ..للخارج ويلاعبني ويعلمني المشي لجانبه وحده صغيرهم "فؤاد"من يقف غير متزعزع ومتعصبا غير رائق ينتظر وصول نوبته كان يحملني بين ذراعيه وياخدني لنجلس بالمطبخ ليلاعبني على طريقته الخاصة لعبة الكلمات والاسماء والنعوث والصفات وكان يلقنني بسهولة كل ساعة اكثر من مفردة جديدة وتركيب لغوي جديد كان الكل يقف مبهورا من قدرة اخي على التعاطي معي في الكلام وتعليم الجديد منه .."فؤاد "كان يمانع اي توجيه اخر من اخوتنا بخصوصي اثناء توبته في الإشراف علي ومانستي كان يجلسني على ركبتيه وعيني لعينه ويتحدث الي واحيانا يكافئني ويكافئ نفسه بتقبلي ...مرة عرض عليه اخي "سمير "ان يطلب من ولدتنا السماح لي بان انام معهم بغرفتهم فرد عليه اخي "فؤاد"ان ماما لن تقبل ..ثم اردف قائلا له :",شتي راه وخا غذي تجي اختنا الصغيرة مغديش تسمح فيه ولا تخليه يبقى ينعس حدنا حتى تولي ختنا تضحك وتبغي حتى هي تهدر عاد ديك ساعة غذي تقبل وها انت سول ماما الا متقتيش في "ووافقت امي مبتسمة راي اخي فؤاد دون ان تشرح لماذا ....
"فاطمة "لم يبدوا عليها القلق او الانزعاج لحظة توديع والدتها -خالتي "زهرة "لها ولنا سلمت على والدتها بكل إعتيادية وعادت لتقف مقدمة ظهرها لحضن خالتها والدتي ولتكاتف اخي "فؤاد"الذي كان يحملني كطفله الاثير بين ذراعيه وهو يطلب مني توديع خالتنا والمنادات عليها وكلما ناديت عليها باسم خالتي تاتي لتقبلني ولتحضننا سوية انا واخي الذي يحملني ..مع "فؤاد"لم اكن لاتطلع لاي حضن اخر ولا حتى لحضن والدتي ومن ان لم اعد أعطى الحليب بالرضاعة والتي كان يحلو لاخي" سمير" ان يرضعني اياها هو و"فاطمة "بنت خالتي الذين يجلسا لبعضيهما جنبا لجنب كالاشقاء . بدا اخي فؤاد من يهتم باطعامي خصوصا وانه كان الانجح في حالي ممتثلا لاسلوبه وهادئا دوما بجواره ..ومنذ أن بدات استوعب الكلام وارسم المعاني في ذهني ومخيالي كان لا يكتفي بمجرد الحديث الي وانما يقص علي اولى ذكرياتي التي كنت استوعبها ولا استوعبها باللغة لانني كنت بعد لم اتعلمها وكان حريصا على أن ياخدني للمكان بالضبط الذي احتضن الذكرى التي يذكرني بها ...سيقول لي بعدها لسنوات عمي "محمد":"فؤاد عجيب راه هو لكان صاحبي راه من صغروا هو كيحمقني بالاسئلة ديالوا ومن لي انت تزادتي بغى يولي رجل تربية وهكا جا لعندي وقال لي ياك انت كنتي معلم قريت التربية ودبا خصك تقريها لي بشرط انا نولي رجل تربية .." "فؤاد"كان طوال وقته صامتا ..وكان صمته مختلفا عن صمت اخي "سمير "الهادئ الطبع الذي لم تجد معه امي اي صعوبة تذكر في تربيته اللهم تحسسه الشديد من اي تقلبات في الجو او في الطعام مما كان يعرضه للاصابات المتعددة بالمرض .."خالد "لم يكن محضوضا تماما ..وكان موضوع نقاش دائم بين والدي وبين باقي افراد عائلتيهما ..لم يحضى بجمال فؤاد وانسياب شعره ولا برقة ملامح "سمير "كان راسه يميل لكي لا يكون متناسبا مع حجم جسده ..وكانت جبهته عريضة وبارزة على حول قال عنه طبيب العائلة انه من الممكن إصلاحه لكن يستحسن ترقب ان يمد ويكبر قليلا في العمر لكي يستبعد التذخل الجراحي في مثل حالته ..."خالد"لم يكن ليلتفت لشكله المختلف ولا لشعره الاجعد لان الكل ساهم في اشباعه عاطفيا وفي تقديره والاثناء عليه وحده والدي الذي لم يكن يستسغ ان يكظم بعضا من ما أصابه من خيبة فيه وكان لا يبالي بان يعبر عن اسفه العميق ..الامر الذي نمى علاقة جد خاصة بينهما كان فيها الوالد حريصا على أن يعزز ثقة صغيره البكر بنفسه وان يدفع بكل محيطه العائلي ليسهم في ذلك ..اعطاه درجة عالية من الاستقلال بنفسه وحرص على أن يلعب معه دور الاب الموجه والمعلم في كل حين وفرصة ..كان حريصا على أن يعلمه كل المهارات الفنية والتقنية وياخد كامل الوقت ليلقنها له وليدربه عليها ثم لا يقبل منه بعدها ان يفشل في ترجمتها والعمل بها ..كان لا يغفل عنه ويتعامل معه هو بالخصوص بكامل الاحترام ودونما تدليل ..كان يعرف انه يستعرض من أقرانه للتمييز ولبعض المضايقة ولاشكال من التنمر لذلك كان يريده قوي البنية وقادرا على أن يدافع عن نفسه لكن دون ان يقوى فيه أي توجه عدواني او مرضي ...على ما تجمع عائلة والدي فلقد ربي "خالد"تربية "مخزنية ..تربية قياد (جمع قائد).."سمير "الذي جاء بعده قوا فيه جوانب العاطفة والتعلق واغذقوا عليه من المحبة والحنان وتوصوا به أخاه "خالد"بان لايغار من اخيه الذي سينعم برفقته وصحبته وتابعيته لانه هو الاول وهو الأكبر وهو المحترم دائما وابدا .."فؤاد"جاء في ظروف عصبية كان يمر بها مشوار زواج والدينا ..حيث كلما طالت العشرة بينهما الا وتسرب الملل واتسع الفراغ بينهما ..كان الوالد قد اصبح مدرسا متمرسا في وظيفته وشخصا محترما وكان قد بقي ينسى او يتناسى ظروف تنشئته وحرماناته الأولى ..كان ببساطة قد تراخى وانس أخوته الذين كانوا إذا لم ياتوا سوية للمكوث بضيافته لفترات اخدت تطول في كل ما من مرة يأتي كل واحد منهم لما يغادر الثاني وكانت علاقتهم ببعضهم على ما فيها من تراتبية شبه نذية وكانت الخمرة تقربهم اكثر من بعضهم ..وكان طبيعيا ان تبدا المشاكل والصراعات ..كانت للوالدة مؤخداتها ومطالبها بحقها في ان تشعر بالحرية في بيتها وتنعم بزوجها وبما يكسبه هي واولدهما ..بينما الوالد لم يكن راسيا على قرار ..كان في قرارة نفسه يشعر بانه مدفوع لا طبيعيا ليتصرف على نحو ما يريده الاخرون منه لكنه هو لم يختره عن طواعية ..في مراحل التعرف الأولى من زواجه لوالدتي كان مطاوعا لمنطقها الذي كان يحثه على أن يساعد اسرته أخوته البنات الغير المتزوجات ووالدته ولا بأس بأن يتفكر أخوته الرجال ..كانت هي مرحبة بان يتخلى عن جزء من راتبه كمصروف دعم شهري لولدته وان يخصص مصارف كسوة ولوازمها مرة على الأقل في السنة لاخوته البنات ..مع مضي العمر بينهما و مع ازدياد حاجته ليعوض حرمانات الطفولة وبديات الشباب اصبح يلومها هي على توجيهه لها لمصلحته ولمصلحة عائلته كان يشعر هو بدوره أنه غير حر ببيته لتكرار زيارات افراد أسرته الامر الذي يتطلب زيادة مصروف البيت ويتطلب منه الكثير من إظهار الانضباط ..هو على أن مصاريف أخوته الذكور يمكن ان تكون ثقلا على كاهله الا انها كانت تحسسه برجولته من موقع التراتبية التي تربى عليها ومن اعراف المجتمع الذكوري المغربي ....في هذه الظروف وغيرها من شاكلتها جاء ازدياد "فؤاد". ربما طبعه العصبي وانغلاقه يعود حتى لفترة الحمل به وهو بعد جنين يتأثر بتوتر العلاقة بين الوالدة ووالدنا..ثم لربما لانه لم يعتنى به جيدا ..لم يرسم له دورا محددا وانما بلا وعي منه كانوا يحاولون من جديد تكريس نظام التراتبية بين الاخوة ..."فؤاد "ببساطة سيكون تابعا جديدا للاخ الاكبر وانتهينا ..كانت تربيته صعبة على الوالدة التي كانت تطمح لان يكون مولودها الثالث انثى لا ذكرا من جديد ولانها من جانبها كانت تعاني من خيبات واحباطات انفلات الحبل الذي حرصت على تكبل بها زواجها ومن احلامها التي اخدت تنهار الواحدة تلو الأخرى.."فؤاد"كان عنيفا حتى في نوبات بكائه وجوعه ومتحسس من تركه لوحده ودون كامل الرعاية ..تناوبت العمة الصغرى "مينة "مع والدتي محاولات تطويع عنفه وحدة طباعه العصبية ..كان مقتصدا حتى في التعبير بالكلام وغير قابل للمساومة ولا يلين موقفه الرافض لامر بسهولة ولا بتحايل كان يلزمه صبر من يرعاه ويتواله والكثير من الرعاية ..تفطنت الوالدة لتفرد مزاج ابنها فاعادته لحضنها ووعدت نفسها من أن تلزم تربيته وتسهر على تربيته كما لو انها لم يسبق لها ان ربت اثنين من أخوته ..تعاملت معه كحالة خاصة مستجدة عليها وسايرته في رغباته العنيدة وأحواله المتقلبة واعطته مساحات خاصة ليتحرك فيها بكل استقلالية وحرية وصمت .تكتفي فقط بمراقبته من بعيد ودون تذخل منها او من من تساعدها في الاهتمام به ...عمتى "مينة"كانت مستعدة لان تخلص لدرجة العبادة في تربيته ورعايته وكذلك كان الحال مع ابنة خالتي المراهقة آنذاك "فاطنة "لكنه هو لم يختار ولم يستحود على اهتمام وحب الا من الصغيرة التي اخدت تكبر وبسرعة ابنة خالتنا "فاطمة "التي على قدر استنكارها لطباعه الحادة ولصمته وانغلاقه على نفسه لمحت في عينه بريقا خاصا وذكاءا متميزا واستقلالية متعالية بذاته على حسن ملامحه وثقته بنفسه ..ربما بدات هي الاخرى لمحاولات مسايرته ليس الا لكنها مع تعلقها به اخذت تفهم احتياجاته وتلفت انتباه الباقين لها كحاجته لمن يتحدث اليه ويحكي اليه دون ان يطالبه بالتجاوب الشفاهي معه ..وحاجته لمن يخرجه للشارع ويتمشى معه لكن دون أن يفرض عليه أن يمسكه من يده أو أن يتحوط عليه جسمانيا ..وحتى بالنوم لم يكن بحاجة لمن يحتويه بين حضنه لينام كان يكتفي بان يكون مرافقا وان لا يشعر بانه مستترك وحيدا او مهملا...وانتبه الإخوة لاخيهم الصغير الكبير بدهشة من يكتشفه من جديد "فاطمة "بنت خالتنا التي منذ ان وصلت بشكل رسمي لتقيم معنا مرحليا لحين انتهاء وضع امي لمولودها الجديد ..اخدتها والدتي لتجالسها بصحبتنا انا ابن العامين غير التامة واخي "فؤاد"الذي يكبرني باربع سنوات وكانت هي تقارب سن اخي "خالد"الاكبر من سمير الذي كان في عمر التاسعة سنوات .."فاطمة "كانت قد تحولت لبنت ظهرت عليها علامات البلوغ لكنه بلوغ لا يشد الانتباه ولا يثير الاستفهام كما ممكن أن لا يثير الاعجاب لانه لم يكن بلوغا متدرجا بل وكأنها نامت وصحت ووجدت لها ثديين متكورين صغيرين تامين النضوج ..كان قوامها يميل للتوسط مما يفسح تلقائيا ليكون لها ردفين ممتلئين لكن دون بروز فاضح ..كانت في صورة فتاة ،امراة صغيرة وبشعر اسود كث وغزير وساحر ملمسه ..وجهها به استدارة وبعض نتوء بالخذين هو ما ورتثه من امها وخالتها ..كانت مكتملة النضوج وفخورة بنفسها دونما تغنج اختها الاكبر منها "فاطنة "التي كانت اطول منها وبقوام اقل ما يقال عنه انه رائع ومثير ..نظرات "فاطمة "كان فيها مزيج من التحدي والذكاء لم تكن خجولة ولا متمردة بل كانت هادئة ومطواعة حتى انها أنها مستعدة لتتصرف بنزق وليس بغباء لتلبية لك طلبك الغريب او لامنطقي ..بالمطبخ اجلستنا والدتي وتحدتث اليها بشكل صريح ومباشر :"عرفتي يماك علاش مخلتي فاطنة ختك تجي تبقى معيا ..ياك ..دبا سمعني شنو غذي نقولك نساي الهدرة لكانت كتوصيك بها يماك انا خالتك العزيزة عليك انا لغذي نعلمك كتعيشي معنا انت بعقلك وبدتي كتكبري بصح انتي مازال صغيرة ها فؤاد لعبي معه وتونسوا مع بعضيتكم وطارق ديره كبحال ولدك هنني منو شوية وخالد وسمير متزديشي معهم في الهدرة ولا في الزنقة ضحكي معهم ..تكلمي معهم كبحال ختهم ومتدسرهمشي عليك .. واجي نقولك خالد متخلهيشي يقرب ليك هو ولا عزيزك ..سلمتي عليه وبوستيه وباسك من الوجه من لي جيتي صافي متقربي لعندوا متكلمي لو وخا يعيطليك هذري معاه من موضعك ...ولا توحشتي يماك وخوتك عند متقوليهاليشي بش نعرف انا كيفاش ندير نسردك تشوفيهم ويشوفك ولا نديك انا بيدي وترجعي معاي .. صافي اتفقنا ابنتي العزيزة ..""فؤاد "على عادته كان يتابع كل الحوار وهو متعمد ان يتصنع عدم اللامبالاة ومستمر في ملاعبتي بهدوء كان يجلس بمحاداة "فاطمة " كان ملتصقا بها ولما انهت والدتي صياغة الاتفاق بينهما امالني اليها ليزيد من اقترابه منها وطلب مني أن اقبلها وان تقبلني هي الاخرى ..وهي تقترب لوجهها مني كنت اقترب حتى انا بشكل تلقائي وفي نفس الوقت لارضي مطلب اخي الذي يحبني وأحبه دون ان استوعب كيف وقبلتني وقبلتها لكن قبل أن تنتهي من ذلك كان اخي "فؤاد "قد طبع على خدها هو التالي قبلة ابتسمت لها والدتنا وابتسمت لها بدورها بنت خالتنا "فاطمة "..لكنها بسرعة عقدت عزمها وتصنعت التجهم ونهضت واقفة مخاطبة والدتي باستنكار :"خالتي فؤاد باسني انا طارق بغيت نبوسوا حيث هو بغى يبسوني وفؤادي معرفتشوا كي دار حتى باسني ..وشتي دبا "وردت عليها والدتي وهي تضحك منها وتقلد طريقتها في التحدث والتحامل :"الحامقة فؤاد فين يوصلك فؤاد باقي صغير عند يدوخك ويبقى عليك غير بالبوسان وانتي يعجبك الحال " "فاطمة "كأنها فهمت المغزى ولم تفهم في نفس الوقت ما تشير اليه خالتها بالضبط :"وعلاش اخالتي غذي يعجبني الحال.."ومضت امي اليها لتضمها الى حضنها وتقول لها :"حيث حتى انتي باق صغيرة وفؤاد عندك مقطر من عينك ..ضحكي ولعبي مع خوتك محدك وما حدهم باقين صغار ..".
. .
كنت ابن الثالثة من العمر لما كانا يضعاني بينهما وقد استعد كل اخوتي للنوم في غرفة كبيرة واحدة "خالد "على مرتبة بقاع الغرفة و"سمير "بمرتبة جانبية له قرب مفتاح الإضاءة ونحن الثلاثة سوينا فرشا على الارض غير بعيدين عن باب الغرفة التي كان يفضل اخي "فؤاد"ان ينام بالقرب منها والذي يفاجئ الجميع ويتفاحئ منه الجميع الذين لا يعرفون متى نام ومتى استيقظ وكيف لم ينتبه اليه احد ..حتى من كان يستيقظ ويريد الذهاب للخارج للتبول متسللا وحدرا كي لا يوقظ احدا كان يفاجئه فؤاد وهو يجده امامه يبحلق فيه ويبتسم في وجهه...لم يكن يتعمد افزاع احد بل كان بهدوءه وابتسامه يمتص فزع اي احد غير والدنا الذي كان يقفز من مكانه لما يتبدى له دائما اخي "فؤاد"من حيث لا يتوقع كان احيانا يصبر عليه حتى يدخل المطبخ وياخد الكوب ويفتح صنوبر الماء ويشرب ويبحث في اواني المطبخ عن ما هناك او ماتبقى من طعام وعندما يهم باطفاء الإضاءة والعودة لفراشه كان ينادي عليه ويستوقفه ليذهله ويتعحب كيف ومتى دخل وكيف لم يلاحظه ...
"فؤاد"كان يتركني "لفاطمة "لتنيمني في حضنها وكان هذا ما يحصل في البداية يضعاني بينهما ويتسامرا بالقص علي كل الحكايات التي مرت من حولي من قبل حتى ان اخرج من رحم امي لارى النور وكان اخي "فؤاد"يترجم لها كيفيات التعبير المبسط للتواصل معها بشكل جيد ولما كانت تستصعب قدرتها على توصيل لي بعض المعاني كان يتعمد شكل الصرامة معها وياخدني اليه ويدير لها ظهره قائلا لها :"صاف غذي نعسوا معيا "وهي تضحك وتبستسم وتتوسله :"طلق لي العايل ديالي ينعس معاي .."ويمكنها مني وهو يكسر من حدة الموقف وبتعالي يقول لها :"وعيت منعلمك كي تهدر معه وباقي مابغيتش تتعلمي.. القريا وليتي كتطير فيها والهدرة مع العايل ديالك ولو ..." كانا لما يستشعرا الحاجة في النوم ويبدأ في التفوه والنعاس تحملني الجانب الاخر من جهتها وتدير راسها لاخي "فؤاد "وتقول له "تصبح على خير اخي فؤاد .."فيطبع كل واحد قبلة على خد الاخر ويديرا ظهرهما لبعض
Tariktariko
ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...