الخميس، 12 نوفمبر 2020

يوميات : مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (15)."1-1"-الغلام

 احتفظت بي بعيدا على أن اتادى نفسيا في علاقاتي وتفاعلاتي مع الاخرين ..كنت اخرج من غرفتي ومن البيت وانا البس قناعا وشكلا مغايرا عني وعن ما تكونه حقيقتي ...كنت قادر على ان العب مختلف الادوار وان اتلون في اليوم بعشرات الالوان لكنني بكل حال غير مستعد لاعري عن نفسي حتى مع الاقربين الي كنت وهذه بعض من الحقيقة ؛خائفا على نفسي ..خائف من ان اجرح في كياني ..خائف من ان يحاولوا الغاءي واعتباري وكانني غير موجود ....

بوحدتي كنت اتاملني جيدا واتركني على سجيتي لافكاري ..لخواطري ..لاحلام يقضتي ..لارتب العالم حسب هواي ورغباتي التي لم تكن أنانية وانما كانت تعد لكل واحد مكانه واعتباره هو الاول والمقدم على الكل وحتى على نفسي ...

بوحدتي كنت لا امل من مراجعة كل ما يمر على في يومي ومن جديد اعيد تغيير زوايا النظر ومسافات الرؤي واعيد ترتيب الحوارات واقايس المساءل بمنطق مختلف حيث اعيد وضعي مكان الذي كنت استحضره نيابة عني واتقمس سلوكه على غير ما كنت فعلا ساسلكه وابديه مني لو كنت على سجيتي وانطلاقي ..اعيد اكتشاف طبيعة الاخر بالكثير من التجرد ولا اعتبرني قاسيا في احكامي ..اكاد اجزم بانني اعرفني وبقدرتي على الاعتقاد بانني اعرف الى حدود بعيدة عن ماذا يصدر الاخر ..عن خلفياته النفسية والاجتماعية وعن اي ثقافة ينبع ...كان لازما علي ان اتسامح  وان لا اتضايق منهم بل وكان لازما علي ان افكر فيهم جيدا وان اعقلهم فيما بيني وبين نفسي جيدا ..كنت دائم الانشغال بهم عن حب فيهم وعن رغبة عقلية جادة في ان لا ادخر جهدا ان كان بالإمكان الاخد بهم في المسارات السليمة كما اتصورها والى ان يفعلوا الصواب كما ادركه بكامل قناعاتي ...

انا كانت تكفيني مساحة من التطهر بالدموع لاسامح الجميع واعاود الخروج اليهم بالدور الذي يستسيغونني فيه ولا مشكلة في ان اعود من جديد مع نفسي لانذب بعض حظي التعس فيهم   

لم اكن استسيغ اللعبة الاجتماعية كما لو انها قدر مجبورون على تقبل أحكامه ومعاييره ..كنت اعي انني نسبيا بعمر صغير لم ادرك الرابعة عشرة سنة بعد وانني بهذا العمر لا ينبغي لي انني اعتقد بانني رجل ولا يصح لي ان اتصرف كالكبار كما محصور علي ان الاجج الكبار لان حتى اكثرهم تفهما سيلعب معي لعبة المسايرة ليس الا وساعة سيشتشعر انني احاول تسجيل اهداف عليه سينتصر لنفسه وسيعود لقوقعته.. قوقعة الرجل..كنت ادرك جيدا ولحدود بعيدة كيف ينظر الي العديد منهم ..من اولئك الكبار ..ولم اكن ذهنيا في مرحلة التشتث ومجرد التوهم لانني فعليا خضت التحدي مع اقراني من مجموعاتي الاقرب واخضعت نفسي للتجارب أمامهم لنتبين وبالملموس بانني لم اكن مجرد مراهق يعاني قلق وصراع  هويته الجنسية ..كما انني غامرت بان اقحمهم في كامل رؤيتي وكنت الف بهم انى توفر الوقت والمكان المناسب والظرف الاجتماعي المتسامح مع حريتنا في التحرك ولكي نكون معا وكنت اتعمد صدمتهم في الواقع الذي في جزء منهم كانوا يعقلونه وقد يتبادلون حتى التعليق عليه لكنهم يعودون الى كبته داخلهم وينكرونه او يحملونه داخلهم كمجرد مخاوف  عميقة ومموهة حتى انهم يتعرضون الى مشاهدته امام عيونهم لكنهم يتجنبون النظر اليه والوقوف عليه مليا بالمساءلة والتحليل ....هم يتذكرون جيدا تلك المسرحية المكونة من فصل وحيد قصير لطالما لعبنها سوية ومع العديد من اصحابنا مسرحية "الخادم بلال " ولطلما تبادلنا التفكه فيما بيننا باستخدام ذات النداء وعبارته _"بلال ..بلال .."..+'نعم يا مولاتي .."_"تعال الى هنا ياغلام " ..+"حاضر يا مولاي "..لكنهم لم يكونوا يقفون على حقيقة ما يكونه الغلام ولا اي علاقة له بمولاته ومولاه ...انا الذي استهوته روايات "الف ليلة وليلة "وسلبته سيرة "حمزة البهلوان" واخذته لتعانقه وتضمه روياتي "جرجي زيدان"توقف طويلا عند شخصية الغلام وعمر الغلام ومصير الغلام ..مستقبل الغلام ..طبيعة وجوده في الحياة الاجتماعية والحاجة إلى وجود أمثاله داخل مختلف البيئات والاوساط الاجتماعية ...انا لم اكتفي بمجرد قراءة النصوص والتفكير بها بل كنت ابحث عن مدى صلتها بالواقع ..عن مدى ارتباطها بحقيقتنا الاجتماعية ..ربما صعب على في البداية أن أجد غلام يشبه غلام قصور الرشيد "هارون الرشيد "لكنني ما ان تجاوزت ما كان ينبغي علي ان اتحاوزه بالضرورة نظرا لانني ابحث عن شواهد تعرضت للتبدل الشكلي على الاقل فلا نحن نلبس لباس ناس الرشيد ولا زمننا هو زمن الرشيد ..حتى اخدت ابحث في السلوك وهل عساه تبدل ؟! كنت اعيد قراءة نفس النصوص التي يحضر فيها الغلام والحكي عنه وعن تصرفاته وعن سلوك من حوله معه ..واركز بكامل تنبهي وحواسي مع ما كان يسرد حوله من اساليب الاستدراج والايقاع في الفخ وعن ما كان السرد ينسبه لاحاديث تدور في راس المستدرج وحده وتصلنا نحن كقارئين فقط كما لو هي الكشف وبالمثل عن ما يدور في راس الغلام وعن ما اوصته به سيدته او سيده الاول الذي احسن اليه بتربيته كافضل الغلمان وبالمقابل ما الذي كان يتعرض له من شاءت الأقدار أن يتعرض ويختطف ويباع في سوق النخاسة كعبد ثم كيف تحول إلى غلام في دار فلان او في قصر ذاك ... 

كنت من زمن بعيد رغم القلق الذي يجتازني عميقا في دواخلي والذي يهز الطفل مني وقد يعرضني للبلبلة و للكثير من الارتياب والشك..اصررت على أن اكبر سريعا وان أتعلم اكثر واكثر ..ان اعرف ..وكان لزاما علي ان افتح عيني جيدا وان أثبت على الموضوعات التي تثير انتباهي ...كنت المح في عيون من يرافقني تلك الخشية التي يشيح به وجهه بسرعة عن موضوع ابصاره وكنت ادقق في باقي التعابير التي تكتسح وجهه وتوجه سلوكه الحركي وقد تهدج صوته وتجعله يتمتم باي شيء فقط ليحاول السيطرة من جديد على انتباهه الذي سحب منه ..كنت المح نفس السلوك يتبعه حتى الكبار مع تشنج واضح منهم وابداء لبعض العصبية والنرفزة ..كان حتى والدي يداورني فيه ويحاول تحويل انتباهي عنه وعن موضوع ابصاره ...ربما هنا وكما مع موضوعات اخرى يحاول الكبار التصرف بمبالغة زائدة كاعطاءها حيزا كبيرا من الكلام والحديث الذي لا يعني شيئا يخصها ويقرا فيها بالقدر ما يحاول بناء سور بينها وبين وعي بها ..كانت المعارك الجسدية قد تنشب دون سابق انذار..وقد تتطور لتصبح دامية وكان الكل يتصرف بتجنب وتحاشي لان يمسه جزء من ضررها وينوء بعيدا عنها حتى وان اضطر للوقوف شاهدا على فصولها وحتى اولئك الذين كانوا يضطرون للتدخل لتفريقها كان لزاما عليهم ان يتصرفوا بمنطق احتواءها دون ان يتورطوا فيها فعليا ...وكانت تلك السرقات الصغرى كما حوادث النشل تمارس في الطرقات وفي اي مكان والجميع ياخد منها موقفا متحفظا نادرا ما يتم التدخل لمنع حدوثها او الابلاغ عنها ..كما التسول المهين وما يقابله من ردات فعل غير متاسمحة ومتسامحة كذلك ...حتى عندما يبداون في الكلام عنها فهم لا يقولون حقيقة ما خالجهم من مشاعر ..يقولون كل شيء كمن يلقون الدروس وكان الأمر لا يعنيهم هم لذلك الاجدر بان يقفوا على مسافة منه وليس على اي مسافة منه بل على مسافة امان منه ..ان لا يتورطوا هم ..على أن يتحاشوه ..على أن يتحنبوا حتى النظر اليه ...وكل هذا لم اكن اجده غير تعبير عن الخوف ..الخوف كما كنت أقرأ عنه ويرسمه لي اصحاب الكتب والروايات بلسان شخصياتهم وما يدور في رؤسهم ...

كان حتى اقراني الصغار في سن مبكرة يحدسونه على انه خطر ويتصرفون بخوف تجاهه ..كان صديق طفولتي "فريد "يكف على أن يظل المرح والمتقافز المكر ..كان فجأة يبتلع ريقه ويصمت قبل أن يبدأ في تقمس أسلوب الكبار بدعوتي للاسراع و بتحنب النظر أو استسراق الرؤية وكان ينتهي بان يرفع كتفيه بغير لامبالات وداعيا اياي بان اعتبرها كذلك وينتهي الحديث حولها شبه نهائيا لانه بعد ذلك يكفي أن نتبادل الحديث عنها بصريا ..عيني في عينه وننسحب لموضوع اخر بشكل اوتوماتيكي ...

كنت الحظ على "بدرية "انها متحرجة  وتجاهد كي لا تفقد سيطرتها على تناغم حركتها وسلوك مشيتها او وقوفها وبالاساس امامي ..بمحضري كشاهد على واقعة تحرش بها عام بدكان او بالسوق او بتجمع حاشد بالمدرسة او بوسط المدينة ..واقعة اعتداء عنوانه التحرش المقصود  ..وواقعة لست الوحيد الشاهد عليها  بل لعلي الشاهد الواعي المنتبه الاكثر لها والذي يفكر في ايجاد مخرج منها كدعوتها الصريحة للتحرك  او تغيير المكان ثم التحدث لها بصريح العبارة عن موضوعها ودعوتها لتاخد موقفا منها صريحا كذلك ..كنت رافضا لموقف السلبية والانكسار والقلق الذي يعتري المتحرشة بها والذي يدخلها في الانهزام والاستسلام  الذي كنت اعرف انها قد تحوله لموضوع تلذد  وقد تطوره لتصبح هي من تسعى ليتحرش بها ...لم يكن موضوع الغلام وحده الذي يشكل فارقا معي بل كل موضوعات الرغبة العنيدة والخطرة في امتلاك ما ليس بامكانك ان حتى ان تدنوا منه ..ربما نفس الرؤيا ونفس الأسئلة واجهتني حتى وانا مجرد طفل صغير عندما كنت اوخد ليجلسني على حجره  احد افراد العائلة الكبار في السن سواء كان امرأة أو رجلا ..ما كان يشكل معي فارقا كبيرا اللهم انني كنت انظر اليه بنظرة مسبقة سبق أن رصدتها وتتبعتها وحاولت الاستفهام عنها وعن حقيقة ما يكتنفها من مشاعر وما تفيض به من احساسات خاصة ..لم اكن اختى "بشرى"لاخد للحجر ولاعانق واقبل بسخاء  فانا مختلف عنها نوعيا فانا ذكر واكبرها بعامين ولم تكن الغيرة ما تركبني لكنني في مرات متكررة كنت ألاحظ أن موضوع الغيرة هو ما يكون المدخل الذي يستغله ذلك الكبير من عائلتنا ليحتال على رغبته في اجالسي بدوري على حجره ..لكن الموضوع لم يكن ينتهي عند ذلك كان يهمني ان اعرف بالضبط على الاقل ما كانت هي تستشعره ..هل كانت راضية ..مستمتعة ام كانت تستشعر بأنها مستغفلة وهناك من يحاول استغلالها وهل تملك حقا ان تفهم الامر على هذا النحو ..؟! كنت احاول ان استوعب حتى تلك "العادي "التي تخلص اليها صاحبتنا القريبات في الحي وهن يتداولن في امر تلك الرغبة العنيدة في امتلاك ما قد لا يخص البعض في امتلاكه ...كانوا ينظرون الى الامر بأنه عادي ان ياتي به الكبار في حقهم وعادي جدا ان ياتي من كبار عائلتهن ومعارفهن ..لكنني لم اصدق في تصريحاتهن بأشكال عدة كنت اجدهن مجرد مطبعات مع الموضوع او مجرد عابرات لاكتشاف لذات مغايرة وربما غير اصلية في طبيعتهن ...انا بوعيي وتنبهي كنت افقد القدرة تماما على الاحساس بان الامر عادي ..كلا ليس عادي ان اجد شيءه منتصبا تحتي ولا عادي تلمساته التي تتحسسني ولا الطريقة التي يطبع القبلات بها على خدي وهو يحاول استغفالي اكثر ليلثمني من شفتي ..وكنت اتساءل حتى عن الطريقة التي كانت تستدرجني بها  بنت عمتي الكبيرة "سعاد"لتمارس بي لذتها التي كانت تتحول من مقبولة لي مرغوبة من طرفي لأخرى غير مقبولة ولا لذة استحصلها من وراءها ..كانت تصر على اقحامي في ممارسات لا تتناسب معي ..كانت تستفرد بي لتحقق هي رغبتها وانا كنت اعرف انها تستمتع بذلك لكنني في نفس الوقت لا استمتع انا ...انا كل الذي كنت ابحثه عندها بعض الدفئ وبعض الحنان كان تسمح لي بان ابقى بين حضنها اطول فترة ممكنة كان اعانقها واشعر بدفئ قبلتها على خدي وحتى قبلة خفيفة من الفم لكن لم اكن استلذ منها ان تملا فمي بلعبها وان تعتصر شفتي وقد امسكت بجسدي وكأنها تريد تحطيمه بين ذراعيها ..انا منتهى ما كنت اريده ان اراها مكشوفة وتريني صدرها لا أن تمسك بي بين فخديها وتحتك بي بشعر عانتها الذي يسري في كأنه ابر او شعر قنفود ..بطبيعة الحال لم اكن استشعر غير الألم والاشمئزاز والرغبة في الخلاص منها والهروب بعيدا عنها والجلوس وحدي لاعيد التفكير في الاستعاضة نهائيا عن الاقتراب منها او الرغبة حتى في الجلوس لجوارها ...كنت استشعر الاذى الذي اتحصله من مسايرة رغباتها الأولى التي كانت تدعوني فيها لمجرد الاقتراب منها او عدم الخجل منها كانت كلما نادتني الا وتحببت لي وكلما بدات اكثر في تقريبي منها الا وقالت لي انها تحبني وتسالني ان كنت مثلها أحبها لكنها تنتهي بان تقف لتعديل من حال ثيابها وتدعوني الى أن انصرف للخارج او للتظاهر بان لاشيء حدث منها تجاهي ويتغير حالها تماما تصبح "سعاد "اخرى وحتى عند لحظة افتراقي عنهم كانت تقبلني ببرود وتصنع وكأنها لا تعرفني ... "سعاد"ابكتني مرات عديدات في وحدتي وجعلتني على غير طبيعتي معها غير قادر على ان لا اسايرها لكنني في كل مرة افعل ذلك اكون اكثر تنبها من المرة السالفة وكل مرة تنكشف لي اكثر لم اجرا على كرهها قط لكنني اتخدت منها موقفا لم اعد ادنوا ابدا منها ان هي لم تحاول ذلك معي ..لم تكن "سعاد"بحال افضل من ابن عمتي "الزهرة ""البشير" المثار عصبيا دائما والمتوحد بنفسه والمنشغل دائما عن مخالطة أقرانه من اخوتي الكبار وباقي اقران العائلة واصحابهم بعالمه هو فقط ..انا كنت معه كما كنت مع جميع افراد العائلة التي يحتاج اخوتي وكبار العائلة الى  تقديمهم لي في كل عطلة صيف نقدم اليها الى مدينة العرائش قبل أن نستقر بها نهائيا على أن هذا هو ابن عمتنا الفلانية الذي كبر والذي كان يعجبني مرافقته واتقبله كذلك وابدا من جديد في محاولة اكتشاف هل هو فعلا يعجبني ويروقني وهل هو فعلا لطيف لاترك له كفي ليماسكني  بها ويصحبني معه بجوار بيت جدتي او لغاية دكان الحي الاقرب ...انا ما كنت لارتاح وهو مصر على أن يحملني بين ذراعيه ولا كنت لاطمئن له بأن يحملني ليجلسني فوق حجره بعد ان يجلس هو عتبة باب احد الجيران ويكون متاكدا بان لا احد يراقبه ...انا اخي "فؤاد"لم يحتاج لابن عمتنا "فطوم "رشيد "الذي لا يعرف ان يجلس باسته على اي مكان غير حجر اخواله وكل ابناء العائلة وكل كبير بالحي ليعرفني بالمثال ما الذي يحصل في جلسة الحجر تلك وانما قالها لي بصراحته المعهودة وافهمني بالاكثر من طريقة ومثال وفتح عيني لارصد بتفصيل كل ما يحدث والى ما يؤدي ذلك ...لم يتركني حتى للحيرة والارتياب وانما مررني جيدا لاتجازها حتى في ما بات يقلقني بصفة عامة ويكاد يصيبني بالشلل لما يدعوني اقرب الاقرباء لي مثل والدي او عمي لاجلس اليه ..اخي "فؤاد"كان صارما معي  خصوصا فيما يتعلق برسم وتحديد القواعد ان نبهني من التمادي في جلسة الحجر تلك فمعناها انها قاعدة عامة ما فيها من استثناء وانه ينبغي علي ان ارسم حدود جلستي جيدا حتى مع والدي وان متى كان في غير وعيه  مخمورا ان اكون حذرا اكثر وانه لا ادعه ياثر علي بكثرة اقباله علي واغوائي بالقطع النقدية وبالاشياء الحلوة والطيبة ليتلاعبا بي على طريقته ...اخي "فؤاد"لم يترك لي مجالا للاستغراب كان يقول لي بان الامور احيانا تسري بالرغم من عدم قبول الغير بان تسري على ذلك النحو ...كان ينبهني لحقائق جديدة كليا علي كان يشرح لي معنى الاحتكاك المولد للشرارة وكيف يجد الكل الأطفال اكثر دفئا وحرارة وهم بين احضانهم وهم على احجرهم وكيف تسري النار فيهم فتكبر رغبتهم وينتصب قضيبهم وعندها قد يحدث المكروه والضرر ...كان يعود لي في كل مرة لينبش في ذات الموضوع ويعطيني تفاصيل اكثر واستدلالات أوضح ودون ان يزرع الخوف الذي لا لزوم اليه حتى منه هو بذاته كان يحرص ان يظهر لي حقيقة نوياه في انه يريد اكسابي معرفة ولا يحاول بآية طريقة ان يحتال علي ...

كبرت وكبرت رؤيتي للموضوعات التي تثير انتباهي مع كامل حرصي على أن لا تثير معها انبهاري واعجابي بها ..كنت لحدود بعيدة قد كسبت استقلاليتي وتمام  حاجتي لتوجيهات اخي "فؤاد"لانني وبكثرة ما راجعتها بيني وبين نفسي كما كان يوصيني ان افعل كنت قادرا على استحضارها في كل وقت ..بل وحتى الاجتهاد في استدخال توجيهات جديدة لي انا بنفسي لنفسي لانه كان يكفي ان اظل متنبها وغير غافل ولا معتقد بسداجة بان كل شيء برئ ...

كبرت ولم يخلو المشوار الذي قطعته من تعرضات ومواقف اسيء لي فيها بالغا وبدرجة عميقة كانت في احيان تجعلني عن حق امرض دون أن يتمكن اهلي من معرفة المصاب في ولا نوع المرض الذي اعاني منه ...وانا كان يعز على أن اشمت بيني وبين نفسي انا الذي يخال نفسه الحريص والذكي والنزق ...كنت انسحب كالمجروح  لابكي نفسي حتى تجف دموعي وحتى تنتهي رغبتي حتى في النحيب والاسى لابدا من جديد في تحليل كل موقف الإساءة التي تعرضت لها ولاعيد على اثر ما اتبينه من رسم حدود وقواعد لي واحكاما جديدة على من اتعامل معهم ...

لم يحركني غير الصدق  وغير الرغبة في ان يكونوا صادقين معي في مساعي لافتح معهم مثل هذه الموضوعات ولاوسع نظرتهم وزاوية رؤيتهم لحقيقة الامور التي تجري امام انظارنا كلنا وقلما نعيرها الاهتمام والتنبه المناسب واللازم لها حتى نصدم وحتى تحصل الرجة الاشبه بالكارثة او تحصل الكارثة ...كنت احبهم واريد حبهم كنت بيني وبين نفسي وفيا لهم وكنت اريد وفاءهم ..عاهدت نفسي على أن اخلص في حبهم ومودتهم وكنت اريد منهم نفس العهود وان تكون تلقاءية منهم ...لم اكن مشغولا بنفسي وبعوالمي وحدها ولا عالم كان لي بغيرهم وبغير ان يكونوا جزءا منه ...كانوا احبتي واصحابي ورفاقي واكثر الاسباب التي تجلب لي الامتاع والانس وتخفف علي وطأة التنبه والحذر الزائد الذي كنت اذكيه في خصوصا وانني لا اكف عن الرصد والتحليل والبحث والاستقصاء في كل ما يفرض نفسه علي ويدخل مجال رؤيتي ويحرك في الهاجس الاول للانتباه..

كان موضوع الغلام اكثر الموضوعات شيوعا في مجتمعنا واكثر الموضوعات الحاضرة في كل مكان وفي كل زمان واكثر الموضوعات التي اتعجب كيف الكل صامت تجهاها ..والذي كنت اعرفه عن الصمت او عن احد أهم الأسباب التي تدعوا اليه انه هو الخوف ...الخوف الذي عاهدت نفسي على أن لا ادعه يتمكن مني .يشل حريتي في الحركة أو التصرف ولو تحت طائلة ان اعاقب بدنيا ما كنت لابالي اعرف انني سرعان ما سارفع راسي من جديد وساتجاوز  الالام التي سببها لي فقط لانني اريد ان اكون قويا واقوى على الصمت والخوف ..

لم اكن لاتحرج من موضوعات الجنس أو الاعيب الحب والهوى التي كانت تمارس في الخفاء وفي الخلاء وفي كل مكان تحث غطاءات مختلفة وتحايلات متعددة ولا كنت لانبهر بها أو استلذها كالمحرومين من البنات الصغار والحديثي المراهقة او لاصعق بها كما تصعق البنات الكبيرات ..الذي كان يهمني من التنبه لها ان احلل ظروفها ان احاول رسم وتتبع ولو ذهنيا وافتراضيا منطلقاتها الأولى وان احدس من استدرج من والى اين وكيف عساه ينتهي الأمر بينهما ...انا لم اكن في حاجة لاتباهى بعلاقاتي ولا بممارساتي لأنها ببساطة لم يكن فيها اي احتيال وانما كانت رضائية ولم اكن وحدي الذي يمارس فيها على طرف اخر وانما كنا شركاء في الممارسة وانداد والاهم اننا لم نكن نقف عندها وكأنها كل ما سعينا وراءه وكل همنا كانت بل حولنها لفسحات بقدر ما نحتاجها ونحن ونشتاق اليها نترك لها ان تاخدنا لابعد حد من الاستمتاع وتحصيل اللذة دونما داعي لنستفيق منها على ندم او احساس بالاشمئزاز او بالذنب او بالخجل من انفسنا ومن رغباتنا ..كنا نطور شكلا وقالبا من الاعيب ممارستنا ونقبل عليها برغبة جادة في ان نستكشف اكثر ونتعلم اكثر ونزداد خبرة بشكل اوسع ...والذي كنا ندرك اننا لسنا في حاجة له ولن نسمح به هو ترهيبنا او محاولة حصارنا او منعنا لأننا في كل الاحوال لن تدخر جهدا لنلتف على الجميع ما دمنا نحن مقتنعين بحاجاتنا له وعلى نحوه الطبيعي وليس ذلك  "العادي "الذي كانوا يوهموننا به ويحتالون عليه بنا ...كنا صرحاء مع انفسنا وحتى مع من حولنا وتعلم كل واحد منا ان يكون نزقا وجريئا وان يتصرف بحرية اكبر في التعبير عن نفسه دون حاجة للمراوغة وبهذا وحده كنا نكسب معاركنا الصغيرة والاساسية مع اهالينا ومع الكبار المتطفلين على حياتنا وعلى اختيارتنا وعلى حرياتنا ...

ما كان مقبول على كلنا ان تتوجه الينا الدروس وتلقى علينا المواعظ خصوصا من اولئك المتظاهرين بالاخلاق العالية وبالحس الاجتماعي وبالمكانة العلمية أو الإعتبارية ...كنا بيننا وبين بعضينا البعض نجري نفس التمارين على كيفيات ان نواجه المواقف النفسية التي يقحمنا فيها الكبار وكيف نتصدى لمحاولات تصيدنا في المازق الاجتماعية الأخلاقية للنيل منا وان اخترنا على أن لا نكون قاسين في احكامنا على المقربين منا وعلى ان نترفق خصوصا باخوتنا الكبار حتى عندما يخطئون في حقنا ويستصغروننا ويبداون في محاولة استغلالنا والضحك على دقوننا او جعلنا نرقص بشكل او باخر فوق احجرهم  ..كنا متفاهمين على أن نكسبهم لجانبنا بان نتسامح معهم وان نتصالح معهم وان نبني معهم علاقات جديدة ومختلفة من الاحساسات والوعي والتفهم ...وكنا في لحظات اكثر مدعوون لكي نتصرف بحدق اكثر ونجعلهم يرتكبون في حقنا الخطا لكي نقلب عليهم الطاولة ونظهر لهم كم انهم مناقضين لكل ما يقولون به وقد يتصرفون ويسلكون نقيضه ..وكم هم لا يمتاوزون عن كل اولئك الذين لا يكفون عن تحذيرنا من الاختلاط بهم أو الاقتراب منهم ..ومع امهاتنا كنا مدعون اكثر لنكاشفهم بحقيقتنا في الوقت الذي نملك فيه كامل الحرية في ان لا نجعلهم يدركون اي شيء منها  ونستمر نحن في ممارستها بكامل التستر والتكتم وحتى ولو جاءت الامور خارج كل تقديراتنا وضبطنا فستكون اول مرة واخر مرة وبعدها لن نكررها كما سندعي أمامهم وامام توسلات ان يكفوا علينا من سيل الصفعات او الضرب او الركل..مع يقين سيظل يصاحبنا ونحن في عز الشعور بالالم اننا في اقرب فرصة سنعود اليها ..   

 لم اكن مهتما بتحليل الاثر الذي كنت اعرف انه يستهدف تركه داخلي اولئك الذين كانوا يحاولون انتهاز اي فرصة للتعرف علي بل وحرق المسافات التقرب الي على أنني لا اناسب ان اكون على صداقة بهم ولا على أية علاقة بهم لانهم يكبرونني وليسوا من جيلي ولا من محيط العائلة أو معارفها ..بل كنت اضعهم نصب عيني وابدا في مراقبتهم وترصدهم دونما ان اتمادى في تحويل الأمر لعمليات ملاحقة لهم لكن انتهز بدوري الفرصة السانحة لمراقبتهم عن قرب ..ربما بالغابة ..وربما بالمقبرة  ..واحيانا بالاماكن المختلفة على الشواطئ الصخرية التي كنت اصاحب فيها اخوتي في رحلاتهم للصيد  ..وبهنالك كنت اقلب الوضع عليهم ..فعوض ان انسحب اظل اغدوا واراوح المكان متصنعا المداورة المفضوحة لانني بالتجربة والمعايشة كنت قد بدأت افهم سلوك مثل هؤلاء ..كانوا استعراضيون امام الموضوعات التي تثير رغباتهم ويراهنون على أن يكسبوا تعلقهم بهم ..بل ومجازفون احيانا بفضح انفسهم ورغباتهم وهم غالبا تحت تأثير الكحول أو التخدير الشديد او عماء الرغبة ..كنت كلما اقتربت من المكان الذي يتوارون به أو يرتادونه لانه فقط معزول ونادرا ما يمر منه الاخرون الا واوقعته في فخي وحولت نيته  الاولى في التستر على سلوكه الى محاولات احتوائي في الموقف اما بالاقتراب او المنادات على بالاقتراب منه او بالابتسام لي  وانا ما كنت ابدي أي توجه للصد بل اتقبله وكان الامر عادي جدا ..وهنا كنت اترك له الفرصة ليحول سلوكه الاختباري الاول معي لسلوك اغوائي على طريقة معظمهم حيث يبدأ في فضح نفسه وفضح شريكه الذي لم يكن عندي شك حتى وان كنت لأول مرة أراه فيها معه بأنه غلام وان قد لا يكون غلامه ...كنت اريد ان ارى بام عيني كلا الطرفين  يعريان على حقيقتها ..كنت اريدهما ان يتماديا اكثر وهما على وعي  بانني اراقب موقفهما للحين الذي يتهتك السر بينهما فانسحب بهدوء او ابتعد بما يكفي لاضمن ان أفسد عليه مخطاطاته  الأولى بالسيطرة علي بادخالي في جو التلذذ والإستمتاع بالذي كان يحصل بينهما ...وكنت على يقين انه لن يتوانى في اي مرة سيقابلني فيها من المزيد من الاقتراب مني والتودد مني لكن هذه المرات لن ينتهج أسلوب الاحتيال الاجتماعي الذي يدعي فيه انه يعرف اخوتي او احد افراد عائلتي وانه يعقل علي منذ ان كنت اصاحب هم وانا بعد طفل صغير ....الان كنت اعرف انه سيبدا معي فصلا جديدا من محاولات احتوائي واستقطابي عبر دراسة سلوكي كان يعرض علي سجارة او قطعة حشيش او أن يقتني لي شيئا لاكله كقطع بسكوي او حتى افطار بملبنة ..وانا اسايره كما ينبغي علي ان اساير بالممانعة وان الح فلاباس بان اوافق على الشيء البسيط والغير المكلف ...

كانوا احيانا من جملة المتنمرين علي من من تتلمذوا معي في المستويات الابتدائية او بالاعدادي من كانوا بصحبتهم ومن ضبطتهم يمارسون شذوذهم عليهم وبكل رضائيتهم ..وكانوا احيانا من صدمت فيهم لانني بصراحة لم اكن اتوقع منهم أن يكونوا الى هذه الدرجة من التطبيع مع الموضوع ...ربما لو سار الأمر كما كنا نختبره بين الاصحاب وجماعات الاقران لما وجدت الامر صادما ...

الذي شدني للموضوع اكثر وجعلني مهتما بدارسته والتعمق فيه لم يكن الأسلوب المزدوج في الغالب الذي يسلكه الغلام المكشوف او الذي كشفته انا وتعاملت معه بصمت وحيادية لانني لم اكن من طينة من يفضح اي سر  ..فالغلام اما لا مبالي وواضح عليه تراخي همته وسلوكه انطوائي متكاسل وخمول وغير مهتم بحال ثيابه على انها قد تكون جيدة وغالية الثمن واما متحايل ونزق وحركي اكثر من اللازم ومهتم بمظهره حد انه يبدوا متانقا مبالغا على انه يحمل بداخله طاقة عدوانية وحقدا على الاخرين وقلما يحسن التصرف او معاملة الصغار ...الذي شدني للموضوع اكثر كان أسلوب المتخد اليه غلاما والمتنقل بين غلمان اخرين ...أسلوبه الاناني الغير المراعي ومظاهر السيطرة البارزة في أسلوب تحدثه ومخاطبته  وفي الحركات التي يبديها وجشعه في ان ياخد اكثر وبدون حتى ان تكون لديه رغبة حقيقية في ان ياخد فقط هي نزعته في ان يفرض سيطرته ..

كنت لحد بعيد اميز بين المتحرشين على اصنافهم المتعددة وبين الشاذين جنسيا وسلوكيا اما حتى أولئك المخنثين فانا لحدود ذلك الان كنت كاغلبية الناس لا اوليهم الكثير من الاهتمام فهم معرفون وحتى من كان يقبل عليهم يتعاطى معهم بالكثير من الحذر الاجتماعي والتستر لانها كانت مثل المعيبة ان يضبط رجل مع مخنث ..غير ان امرهم يختلف مع اقرانهم من جيلهم ومع من هم بعد شباب ووغير متزوجين كانوا موضوعهم التحرشي الاثير ..كانوا يتحرشون بهم امام العلن وفي الأماكن العامة ويتمادون في ذلك معهم ..اما الكبار فنادرا ما كان يستنكر احدهم مثل ذلك السلوك ..تقريبا الكل كان يتصرف وكان لاشيء غير عادي يحصل امامه ...

وانا بعد في سن الثالثة عشر كان مسموح لي بان اخرج للجوار لاتمشى ليلا حتى ما بعد الحادية عشرة صحبة رفيق لي خصوصا وانا اخي "سمير "كان متعودا لان يقف على ناصية الشارع بالقرب من منزل صديقه الاثير "رضوان "ابن حينا لساعات متأخرة من المساء والليل بعد ان ياخدا عشاءها او ليتجول لحدود وسط المدينة ثم يعودا ادراجهما من نفس طريقهما المعهود ..ومادمت قد سمح لي هو بالخروج فقد اولاني حريتي ورعايته واوصاني بكيفيات التصرف بما في ذلك تجنب الاصدام مع الاخرين كما لا يغفل على التنبه لزمن غيبتي ليتعقب المسار الذي ارسمه له مسبقا باحثا عني وليطمئن على سلامتي من بعيد لبعيد دون أن يفرض نفسه علي سواء كنت وحدي او بصحبة رفيق من أبناء حينا وبعدها احد صاحبي الاوفياء "الشريف "او "الگراب"الذين كنا بداية نذهب نحن الثلاثة "سمير "و"رضوان"لاستئدان اهليهما في شان السماح لهما بان يكسرا قليلا من روتين الحياه اليومية حتى ولو كنا بعد صغار كما يعتبروننا العامة من الناس ..

لم اكن اخفي عنهم رؤيتي للموضوعات التي تهمني بل فقط كنت اترك لنفسي الوقت الكافي لالم بها لادرسها ولم اكن الجا للاحتيال عليهم لكنني كنت اطلب منهم انظاري بعض الوقت وسابين لهم حقيقة مقاصدي واهدافي الشخصية ...احيانا كانوا يستفسرونون بحدة عن لماذا هذا الحرص على ذلك المشوار نفسه في كل ليلة نكون فيها بالخارج ولماذا اقصد المرات متتالية نفس الأزقة والدروب ولا ما الفائدة من الوقوف غير بعيد عن جوقة منتظري افتتاح ابواب صالة السينما في فترتها المسائية والعودة لانتظار خروجهم ....كانوا يستفسرون لكن بغير تذمر لانهم تعودوا مني في ما سبق أن لا اخيب ظنهم وان اناولهم المفاجئة والخبر اليقين فقط عليهم ان يصبروا علي ويساعفونني فيما اجعل من مشواره على كل حال أمرا ممتعا وخارحا عن مالوف تجولات وخرجات اقراننا ...وبحق كنا جميعا نفتخر بأننا مختلفين عن الاخرين ونتمتع بقدر من الذكاء وحسن التصرف ..

عند خروجي من الاعدادية لازمت لفترة طويلة جدا المرور من داخل السوق المركزي والقيام بجولة فيه ...كما لازمت المرور على الاقل من جهة ثلاثة حمامات شعبية بجهتنا السكنية تقريبا كل يوم ما بعد ساعة المغرب وقرب الاعلان عن صلاة العشاء اللهم في أيام المناسبات لان توقيت دخول الرجال مكان النساء كان يتاخر جدا وغالبا يبدوا انه خاضع لمزاج النسوة وليس حتى لاصحاب الحمامات الشعبية ...  كما كنت حريصا على أن اغير طريقي المألوف وان قد اضطر لاخللخل فيه حسب الظروف التي قد اقابلها كل مساء يوم دراسي كامل الدوام اي حتى الساعة السادسة مساءا لاسلك الطريق الذي يصبح اكثر وحشة بمجرد عبور كوكبة التلامذة والأساتذة الذين للتو قد غادروا الاعدادية في اتجاه ما يشكل جهة وسط المدينة وأبواب المدينة القديمة ويمرون من جوار الباب الرئيسية للسوق المركزي ...كنت اتاخر عنهم وقد أداور الجميع بالقيام بجولة عبر الافريز قبل أن اخد طريقهم الى حدود سينما "ابيندا "ثم اعود ادراجي لاسير في اتجاه بيتنا ...اي واحد من من يعرفونني كتلميذ بالاعدادية او كواحد يسكن الحي الفلاني والجهة الفلانية كما كان يصنف الناس بعضهم البعض نظريا يعتقد في انني اخرق وغير عادي او معقد وغريب الطباع وذلك لانني انا من كنت اريدهم ان يعتقدون في ذلك بميلي على أن امضي لوحدي وبمفردي وبطريقة مشيتي ويتصنع الارتباك وتحاشي النظر في العيون وحتى من كان يستغرب ان يعود فيراني بصحبة رفاق واتحدث بانطلاق كنت اتعمد تجاهله وتجاهل النظرات الأولى التي كان يرمقني بها والافتحاص الذي كان يفتحصني به لما اكون وحدي وان تجرا على الاقتراب والسلام من مرافقي كنت اتراجع للخلف ولا اتجاوب حتى مع سلامه او محاولة تودده ..كنت أنكره ببساطة واتعالى عليه واجعله من جديد يقتنع في غرابة اطواري ...

كنت مشغولا بالاكثر من موضوع وكل موضوع يستاثر على اهتمامي وابدا الخوض فيه الا ويفتح لي المجال لموضوعات اخرى وكذلك كان الحال مع قرائتي التي كانت تصيبني احيانا بالخيبة لما انتهي منها والذي كنت بحق ابحث عنه لم اجده فيها او لم يكفي فضولي المعرفي  او لم يشبع نهمي لان اعرف اكثر ..وحدها عوالم الروايات كانت ترضيني وان لا تشبعني لانها كانت تجعلني اكثر حاجة لان اقراء غيرها وغيرها لانفتح على عوالم جديدة واكتشف فيها وعبرها اسرارا جديدة  ..وكنت متحديا لوالدي بالخصوص في موضوع ادماني على القراءة ..كان هو يتصرف معي بتعالي وبمحاولات إظهار سلطته الأبوية ليس الا وهو يوجهني لان اهتم بدروسي عوض ما اقراءه وان انام مبكرا عوض السهر الخاوي الوفاض والذي لا يؤدي  إلى نتيجة وكنت اقول له بأنه مادام يتحدث عن النتيجة المدرسية فهذه ستكون لصالحي وعند هذا فليكن الرهان فقط...

فرضت علي حاجتي للقراءة والاضطلاع على الكتب والمجلات والروايات لان اعدل قليلا من خطتي في تعاملاتي مع من هم خارج المجموعات التي اعرفها وتخيرت  ان يكونوا من جنس الاناث لانهن أكثر قدرة على التعاطي الاجتماعي  السليم  ولانهن متى امن بإمكان قيام صداقة مبنية على أسس الاحترام ومراعية فهن لا يترددن في ذلك وبدات ببنات الاحياء القريبة من حينا وكنت مباشرا معهن ..هاهو هدفي ..وهاهي نوع الصداقة التي اقترح ان تجمعنا والهدف هو ان نتبادل الكتب والروايات والمجلات بيننا ان اعيرهم وان يعيرونني ما بحوزتهم من كتب وليس شرط ان يقرؤها هم ربما اخوتهم ربما والدهم  ..الأسلوب المباشر والواضح الذي اعتمدته وانا اطرق الابواب وانوي تاسيس علاقات جديدة وانا احيانا اتوسل مساعدة احدى صاحباتي في تقديمي لاحدى المرشحات لم اقابل معه اي رفض بل كان جد مرحب به وشغلني امر هذا الترحيب حتى انا نفسي..مابيني وبين نفسي ...واخدت استبين حقيقة انني ملحوظ وبشكل بالغ خصوصا من اقراننا  البنات ..وانهن يحملن تجاهي عددا من الأسئلة والاستفسارات ولا ينظرن لي بتلك النظرة الذكورية على أنني غريب الاطوار ومعقد بل على أنني غامض ولا افصح تماما عن نفسي مثير للاستفهام ...

كان الكتاب كيفما كان حجمه لا ياخد معي اكثر من يوم لكنني قد احتاج لإعادة قراءته وقراءته مرات ان شغلني وهمني موضوعه ..لكن فرحتي اكثر كانت تكون بالروايات لانها تتركني لعالم ساحر من الأحلام ونسج التصورات وإعادة تمثل للحوارات والمواقف وكلما اعجبت بشخصية من شخصياته الا وحاولت إعادة التماهي معها واستكشافها بين الناس أو حتى اسقاطها على نفسي ومحاولة تقمس بعض اسلوبها وملامحها ...

بيني وبين نفسي لم ياخد مني مساءلة دوافعي الشخصية حول مجال اهتماماتي المتسعة يوما بعد يوم ولا حول تيمات موضوعاته الكثير من الوقت لانني كنت صادقا مع نفسي كنت لا اراوغني حينما يثرني موضوع ما او تلفت انتباهي واقعة اجتماعية ما او حتى مجرد ظاهرة غير مميزة عابرة ما ...كنت ارصد ما حركته داخلي انا من مشاعر او احساسات وما خلفته في من انطباعات آنية ولاحقة ..ولما استشعر الحاجة لان افهم كل ذلك الاثر يكبر في الفضول لتوسل كل سبل المعرفة وابدا بالاهتمام ...كان الجميع اتركهم خلف راسي لا تجدني معني بهم لاثبت لهم اي شيء أو لاجعلهم يحددون ويملون علي ما اهتم به وما لا ينبغي ان اهتم به ..وما كنت اضيع الوقت في مجرد الحلم بانني لما ساكبر ساعرف اكثر وابدا في نسل الحلم تلو الحلم ..ما كان يهمني ان ارسم حدودا لرغباتي الواعية ولا حتى اهداف نمطية محددة سلفا اجتماعيا ...انا كان يهمني ان اعرف ان أوسع من معرفتي ومن رؤيتي لكل الموضوعات وفي مختلف الحقول وكفى لا احلم بان اصبح او اصبح او اصبح ...  

كنت انطلق من رؤيتي الذاتية ومن ما يشكل نوع خبرتي الشخصية للموضوعات الاكبر والاوسع ...وكنت لحد بعيد معني بان اعرف اكثر كل ما يهم وياطر الحياة الاجتماعية واساسا الحياة الاجتماعية النفسية ..كانت هذه المعرفة تغذي في الشعور بذاتي ..بمعرفتي اكثر بنفسي ولكل من يشكلون محيطها ومن اتفاعل معهم...وتمدني بالثقة بنفسي وبالثبات الذي احتاجه ..كما بالتصميم والإرادة على التقدم والخطو للامام وتجاوز تلك الهموم الصغيرة وتلك الخيبات التي اتحصلها من أوجه تفاعلاتي الاجتماعية ...

لم يكن الموضوع شخصي الا بقدر ما تهمني الرغبة كموضوع اساسي وكل ما تنفتح عليه من موضوعات هي الاخرى ...نعم كنت احمل كغيري بعض الأسئلة الخاصة عن موضوع الرغبة وعلاقتها بالذات وبالاخر لكنني انا بالخصوص كنت قد قطعت اشواطا في زمن مبكر على الذي انا فيه لافرق جيدا بين الجنس كرغبة وكممارسة تقنية وبين الرغبة كموضوع فلسفي ونفسي ....وتناول اجتماعي ..

الغلام كان حاضرا بقوة وكان موضوعا اثيرا من كل الكبار على مختلف تصنيفاتهم ...الغلام لم يكن ذلك الغر الذي يتلاعب به كبير ما في لحظات ما ويتحصل منه او عبره على لذته هو .. بينما يتظاهر بأنها اول مرة او حصلت هكذا سهوا منه او في لحظة انتشاء زائد ..عابرة ...

مثلما كان الغلام طفل اخر اي رجل اخر ..كان الغلام غلام ابيه وكان الغلام أصغر الإخوة ...وكان الغلام ارق واعذب طفل صغير الحي الذي قد لا يسلم من ان يلاعبه كل افراد الحي صغيرهم وكبيره لكنه لا يكون غلام الا واحد فيهم ...

الذي كان يتجمع لي من عمليات رصدي وملاحقتي للموضوع ابان لي عن تباث علاقة الغلام بصاحبه وعن نوع من التعالق  المفضوح والعلني فيها وعن انماط من التسخير والاسترقاق فيها ..

كنت ارصد المواعدة خارج اسوار الاعدادية بينهم وكنت اعرف من مجرد مرور صاحب الغلام في طريق مخصوص كالغابة او للخلاءات المجاورة للمقابر او الاحياء الهامشية او لجوانب الشواطئ الصخرية ان الغلام لن ينفك ان يظهر من خلفه تاركا بينهما مسافات ...كنت الحظ في سلوك شراء تذاكر السينما لتمكين "صبي "من واحدة منها بمداورة والتفاف على من يقفون بجواره انه قد يكون غلامه وكلما وجدته بصحبته تأكد لي تخميني ....

كنت بقدر قادر على ان اميز بين من هو قد يكون ابن فلان او احد اقرباءه وبين من يكون مجرد غلام له وان كان يدعي العكس ويتصرف على نحو مبالغ في الثقة بأنه هناك فقط ليخدم قريبه الذي يسكر مع جماعة من أصحابه ..كان الغلام مطواعا اكثر من اللزوم وغير متحصل على الاكراميات كما المتحرش به أو المغوي به ..وكانوا لحد ما اجدهم وكانهم يعرفون بعضهم البعض او على الاقل لديهم دوائر تعارف خاصة ...كنت حاضرا على نداء بعضهم البعض وتوجيهه لحيث مكان صاحبه واين يمكن ان يجده واحيانا كان فيهم من يعرض ان يصاحب الاخر في مشوار البحث عن صاحبه ...واخدت الصورة تكتمل لي شيئا فشيئا ...فالغلام قد لا يكون مجرد رفيق ممتع يتلذذ عليه صاحبه بل يسعى هو الاخر لجلب غلمان اصحاب اخرين لصاحبه بينما قد يقبل هو بمرافقة طالب جديد للتمتع به أو قد يقايض نفسه لاخر بحساب ان يمكن صاحبه من غلام الاخر ...كما أنهم غير مهوسين بالصبية الصغار وانما باصغر الطفلات وهو ما كان بعد يحيرني السؤال حوله ...

موضوع الغلام كان البداية لاحداث هزة داخلي لانني ببساطة اكتشفت مدى شيوعه وتعمق وجوده بيننا ..كان حاضرا في كل مكان في ورشات تعلم الحرف اليدوية كخياطة الجلاليب والمناديل الصوفية وفي ورشات النجارة والميكانيك واشغال الترصيص  والجبس ومحلات البقالة وتريش الدجاج وبين طاولات بيع الخضر وعرباتهم المجرورة..... دائما كان هناك اكثر من صبي وصبي واحد مفضل ..صبي واحد رغم انه قد يقوم بكل اشغال السخرة الا انه يتمتع بمزايا افضل وتجمعه مع معلمه او صاحب المحل علاقة سرية وقد لا تكون سرية ضمن حدود علاقات صاحب المحل او "المعلم "سواء مع نسوة تعودنا المرور عليه ومبادلته الحديث والمؤانسة او مع اصحابه الذين يدخن معهم الكيف او سجائر الحشيش او يحتسيا الشراب مع بعضهم البعض ..كما قد لا تكون ابدا سرية الا بمقدار حيث كنت الحظ كم يتم استوقاف الصبي من بعض الكبار عند خروجه من محل للتبضع واخده على جانب  او تعقبه للمنادات عليه وهو يعبر زقاقا او دربا خاويا نسبيا من المارة وكم كنت ألاحظ من متربصين بناصيات الشوارع في ساعة خروج اخر فوج بصالات السينما وهم ينتظرون مرور الصبية المنفردين الذين لم يصاحبوا صاحبهم ....هؤلاء في الغالب لم يكونوا من اولئك الصبية   البادية عليهم اثار التعنيف والضرب بل كانوا يبدون على قدر كبير من الاستقلال بانفسهم وعلى دراية بتامين انفسهم من الاعتداءات او التعرض للتعنيف...وهولاء لم يكونوا من اولئك الذين تربى عندهم ذلك الميل لمثل تلك العلاقات وهم انما يحاولون الخروج من تلقاء أنفسهم لايجاد علاقات ينفسون فيها عن رغباتهم وميولاتهم المحولة ويحاولون بالتالي التحرر من اثم وذنب الشعور بالاضطهاد والضعف المترسب عندهم من طول ما مورس عليهم داخل محيط اسرهم وعوائلهم او حيهم ..ولا من اولئك الاطفال الهامشيون الذين يرتادون المحطة الطرقية والاسواق والميناء ومنزل شاطئ راس الرمل حيث القوارب تتجمع لتقل المصطافين والذين يعانون الحاجة والفقر وسوء الاوضاع الأسرية والاجتماعية ولهم سلوكهم الادماني كما أنهم مستعدين للدخول في أية علاقة بمقابل او بدونه تقريبا ...كما أنهم ليسوا بالتاكيد من اولئك  المخنثين المفضوح سلوكهم وحالهم والذين يعيشون ويرافقون في الغالب النسوة الكبار والعاهرات المحترفات ...هؤلاء يعيشون بيننا ويتواجدون بيننا واكاد اجزم ان الكل يعرفهم وقد لا يريد الاعتراف بذلك اما لانه غير معني بموضوعهم او لديه حساسية خاصة منهم او لانه متواطئ معهم وينتظر فقط دوره وفرصته لياخد منه وطره وقد يكون المكان المثالي للكبار في السن ان ينتهزوا فرصة تواجده بالحمام او بالبحر بينما الرجال والشباب فساعة يحلو لهم اصطياد امثالهم فما عليهم الا التسكع في محيط الغابة او في الخلاءات المحيطة بالدور الهامشية وبمحيط قاعات السينما بالمدينة وبكل سهولة يحصل الاتفاق والمصاحبة من بعيد بان يتعقب الغلام من يرغب فيه ورغب حتى هو فيه ...الغلام اكبر واحد بين مجموع أقرانه متظاهر بحريته واستقلاليته واكبر واحد يظهر في سلوكه قدرته على تدبر مصروفه الشخصي واحتياجاته ..والغلام في الغالب فرد متوحد بنفسه لا اصدقاء او رفاق لديه دائمون ..كثير الشجار لكنه يتصرف قبل أن يتطور لعراك حقيقي ..غير طيعي اجتماعيا إذ غير معني بتقديم خدمات للناس كالسخرة او المساعدة على حمل قفة امرأة مسنة او مرضعة او ايصال "وصلة "الخبز للفران ...لعله ليس في حاجة لرضى الناس عليه اذ لعله يعرف أنهم غير راضين عنه الا بمقدار ما يرضون رغباتهم به أو عليه ...لكنهم منضبطون  بشكل غريب داخل المدارس وبحضور رجال الشرطة في التجمعات العمومية أو عند قيامهم بحملات التاكد من حمل بطاقة  الهوية الوطنية بمداخل السينمات او بمخارج او مداخل الميناء والمحطة  الطرقية ..  

الغلام على ما اخد يترسخ لي هو شخص صبي او في طور مراهقته الأولى تعامل معهم في كل مراحل نموه على انه موضوع رغبة جنسية ذكورية كما سمح له في حدود ان يمارس هو بنفسه حتى الاعيب اللواط مع أقرانه مما لم يثبت عنده الشعور بالتخنيث او التماهي مع أسلوب التعبير عند الاناث ولربما هذا ما قد يفسر لي ميله للتحرش بالصغيرات  جدا من البنات على غير مثيلهم من الذكور ...وهو ما قد يفسر لي عدم ميله لمصاحبة النساء الكبيرات والعاهرات المحترفات كنا يفعل المخنثون لانه بالمقابل على استعداد لان يعوض عدم مقابلة صاحبه الكبير بمرافقة اي كبير قد يحسن مخاطبته والتودد إليه وهو غير مبالي بكسب مقابل اللهم التكلف باحتايحه الاني  ..كابتياع تذكرة الدخول للسينما او أجرة النقل بالقارب او اي شيء كوجبة سريعة باردة او بعض السجائر التي تكفيه لحتى زمن الخروج في البحث عن صاحبه لان صاحبه في العادة هو من يتكفل به ...

لم احتاج لافتح مع من كنت أعرفهم ويعرفونني أعرفهم بصفتهم كغلامان حوارات او احاديث مباشرة كنت في المقام الأول معتمدا على رصدي وتتبعي ودقة ملاحظاتي وفي المقام الثاني استفسر عنهم من بعيد لبعيد من كنت محافظا بعلاقاتي معهم من أفراد المجموعات التي كنت الحريص على استمراريتها وتوسيعها في حدودها هي ..كل واحدة على حدى ..

هؤلاء وكل عوالمهم وكل اصناف الناس الذين يدرون في فلكهم ساصبح معني بهم ..سيهمني ان أعرفهم ..ان اعرفهم في خصوصية تركيبتهم وعقليتهم وافكارهم كما في نشاتهم وتربيتهم ...

هؤلاء وباقي اولئك الذين جرني بحثي الاصلي للتساءل عنهم والانشغال بهم من مخنثين واطفال الدعارة ومن لوطين  ومنحرفي  الميول سيصبحون بدورهم مواضيعا لبحثي ودراستي المستقبلية ..

هؤلاء وباقي الظواهر التي شدت انتباهي كاولئك النسوة الكبيرات في السن والعاهرات المحترفات ومدمني الخمر والمعاقرين له باستمرار وتجار بيع الحشيش والكيف بالتقسيط والقوادات والقوادون والمعرفون بلعب العاب القمار ..كلهم اصبحت مهتما بان اعرف عنهم الاكثر ...

كنت واحدا من الناس ...وكاي واحد منهم مفروض علي ان اخرج للفضاءات العمومية ولاخالط الناس ولاتفاعل معهم ولاحتك ببعضهم ...كنت اي واحد من الناس بما انا عليه من العمر وبما اكونه من انطباع لديهم بحجمي وشكلي ولون بشرتي وشعري ودرجات حرارتي الجسمية غير قادر على ان ارفض تواجد مثل كل تلك النماذج البشرية والمجتمعية بيننا وبالقرب مني احيانا ..اذ قد اعدم اختيار من يجالسني او يجلس بالقرب من والدتي بالحافلة الطرقية او بالقارب او قد يقف خلفي في صف بالمدرسة او السينما او بالمستوصف او بتظاهرة عمومية بإحدى الساحات العامة أو بحديقة عمومية او بالهواء الطلق كالغابة او الشواطئ ..

كنت كاي طفل نظريا في بداية مراهقته قد يتعرض للاكثر من ممارسة تحرشية ومحاولات استغلال نزوي وكان يهمني ان اضبط تماما كل تلك التفاصيل السلوكية الصغيرة التي بدى لي ان التسامح معها او عدم اعارتها الانتباه اللازم والرد المناسب هو ما يسمح بان يجعلها تتطور ومن ثم يتم احتواءك في موقفها ...

وكنت بكل تجرد معني بان اعرف اكثر وان اكبر اكثر وان اتميز عن اقراني لكن بدون ضجة او دعاية غوغاء ...

كنت مهتما بان اتعرف على مفاتيح علمية واجتماعية ونفسية لكل تلك الكلمات التي كانت تلقى كسبات فاضحة او يتم تنقلها والحديث عنها بالهمس والتكتم في المجاميع الخاصة ..كما مهتم بان اتعرف على مايدور في وسط عائلتنا الكبيرة وان افهم سلوك كل واحد منهم كما ينبغي لي الفهم لا كما يحاولون هم افهامي ...انا من سن جد مبكرة قد اقولها هكذا فقدت نظرتي البريئة لكل شيء يجمعنا ويلمنا ونتحدث فيه ونسميه ونمارسه ونسلكه ....انا في سن الخامسة كنت قد أصبحت كبيرا كما وعدني اخي "فؤاد"وحصل معي ...     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...