الاثنين، 16 نوفمبر 2020

يوميات :عوالمي السرية ..(تابع 16)..قصتي مع حنان "هذه "../تابع 2-1.

 تركتني راضيا عنها ..ابتسم بداخلي وتغلبني ابتساماتي فتخرج كتعبير على وجهي ..وددت في السهر ..في المشي لمسافات طويلة دون هدف في اكثر الأزقة الموحشة والخالية من الناس ..فكرت بجنون بان اعاود ولفي القديم وانطلق منحدرا عبر الشوارع والطرقات حتى اجدني بمدخل مدينة العرائش بطريق طنجة وامضي فوق الاسفلت واقطع قنطرة وادي اللوكوس وانزل لامضي بين حشائش جانب الطريق الى ان اصل الى موقع مدينة ليكسوس الأثرية ولا اتوقف عندها وانما اكمل الطريق وقد خفتت إضاءة الطريق الا من اضواء السيارات وهديرها فوق الطريق ...امضي وفقط حتى يخلو راسي من اي تفكير ..حتى تتحول كل الصور التي كانت تطاردني الى بياض واسع ومطلق  ..وابدا في التوجس والحذر ...ويرتفع في داخلي ذلك الحس القوي بالتنبه  وتتسع حدقة عيني  وتنفتح كل حواسي ويتنشط جسدي لاجده خفيفا يكاد لا يمشي وانما ينسل ويعبر الطريق الجانبي بسلاسة متجاوزا كل عثراته واعرف مسبقا اين اضع قدمي ..ويكبر داخلي الاحساس بالتيقظ ..وتتحول عيني لكاسحة تجوب كل المكان وتكشفه  وتحسب حساب اي شيء قد يتحرك بما فيها السيارات القادمة في اتجاهي وكلي استعداد لاتحرك في الوقت المناسب ..لا مجال للاحتمال او التردد فقط هي المواجهة ما ترسخ لدي كقناعة غريزية ..لا إمكان للتراجع ..لا معرفة لي بالخوف ..اي شيء يتهددني املك القدرة على ازاحته من طريقي ..انتهيت من هذا التمرين الذي كلفني ازيد من عشر سنوات للاانتهي منه ابدا ..ابقى كامنا واعود لممارسته ..جربت فيه الكثير من الحالات النفسية لاتعرف على ردات فعلي العصبية والنفسية والجسمية ..قطعته تحت الامطار والرعد .. قطعته وانا في اعصى نوباتي اكتئابي وفي اشد حالات الانهاك وانا مضرب عن تناول الطعام للازيد من خمسة أيام ..قطعته وانا في اعنف حالات التخدير بالاقراص ...وانا ازاوج بين الامفيتامينات (أدوية عقلية منشطة ) وبين الكحول ...قطعته دوما بنفس الاحساسات تقريبا ..ما ان إميل على طريق ديور الحواتة لاستقيم على طريق طنجة حتى اتحول لانسان اخر ..لا شيء يمكن ان يعيقه ولا حتى دوريات الشرطة التي تمشط الطريق الجانبي المؤدي لشاطئ  راس الرمل او عناصر السد القضائي المتنقل ما بين مدخل الطريق الفرعي لراس الرمل وموقع ليكسوس والى الامام منه او الى الخلف غير بعيد عن  القنطرة  ..دائما كان هناك من من  مجرد رؤيتي يعرفني ولانني كنت اختار ان امر من الجهة المقابلة لوقوفهم متفاديا أن أقف لاحد تجمعني معه علاقة ما ..وتاركا لهم فرصة تتبعي ورصد سلوكي في نفس الوقت فلا احدا على الاطلاق اقترب مني ليحقق في هويتي او ليتجرا  على استفهامي حول ماذا أفعله بهكذا طريق وفي مثل هذا التوقيت الجد متاخر من الليل ولم يكن هناك سبب سحري يخصني  الا ما هو من سابق ترتيباتي ... العرائش اعرفها منذ ان فتحت عيني وكنت احملها معي بين عيني كل نهاية عطلة صيف ونحن نودعها لمدينة القنيطرة ..وهناك لا يكف اخي "فؤاد"من ان يتجول بي ذهنيا وافتراضيا بالعرائش بل جعلني اقلب كل الاماكن الواقعية بمدينتنا الام القنيطرة لانظر اليها على انها العرائش ... العرائش عنت لي الكثير ..البحر ..احضان عماتي وجدتي واعمامي وكل العائلة ...جناننا واطيب اجاص وباكور  وعنب وثوت ورمان  ..كلبتنا "هنيدة "وعناقها ...ساحة الرحبة بحدائقها الصغيرة والانيقة وبكراسيها ذات الزليج المصورة عليه شخصيات جميلة ...ساحة وسط المدينة ...المدينة القديمة باصواتها وازدحامها وروائحها ... العرائش كل من كان يصحبني معه في خرجاته كان يعرفني على جزء خاص منها واول ما اعقله من المكان من كنت بصحبته اول مرة اكتشفه فيها ... العرائش النائية والضاحية قدمها لي اخي "فؤاد"كاجمل الهدايا ودائما ونحن نسير على اقدامنا ولا مجال للتلكك بالتعب او العياء او صعوبة  تضاريس الطريق ..ودائما كان يوصلني الى رحاب المدينة وقد حل الليل ...مع اخي "فؤاد"عشت امتع المغامرات لاكتشاف كل نقطة نقطة من المدينة وعلى الارض ومن ان قفز بي من عمر الخامسة سنوات لاصبح كبيرا كاي كبير اخر ...

العرائش كحاضرة  صغيرة محدودة شوارعها ومرافقها والباقي جنان واحياء هامشية ومنطقة صناعية فلاحية بطريق القصر الكبير واخرى بجوار الميناء البحري...كل المدينة قد تختصر في الميناء ومحيطه والمحطة الطرقية ومحيطها ومستشفى اللامريم ومحيطها وثكنة القوات المساعدة وما يقبع بجوارها وخلفها وقصر البلدية والمدينة القديمة التي تتحوط به ..ومستوصف "الطري"وساحة دار المخزن والأحياء الخلفية للمدينة القديمة ومدرسة البلدية والأحياء المحيطة بها والسوق المركزي ومحيطه وثكنة رجال الاطفاء ومبنى الدائرة الأولى للشرطة المقتطع منها ومحيطهما السكني ومبني مفوضية الشرطة أعلى تلة السوق المركزي اليومي ويبقى مدخل المدينة الرئيسي ومبنى المحكمة الابتدائية واسفل الطريق المنحدر مبنى الدرك الملكي وبالحهة الغربية للمحكمة تبقى الاحياء الهامشية والعشوائية التي تنتهي بسوق الجملة ...واذكر العرائش على لسان عمي "محمد"تلك التي شبه تقريبا الكل يعرف فيها الكل او يحدس انه يعرفه ...واي وجه غريب يكشف نفسه ...وظلت العرائش كذلك حتى اواسط الثمانينات..كل المدينة كان يضبط النظام الامني بها بضع عناصر من رحال الشرطة النظاميون تحت امرأة ضابط والباقية من مفتشي شرطة واعوانهم في الضابطة القضائية تحت امرأة ضابط وقسم بفردين  يمثل ما كان يعرف بالقسم السياسي وكل هولاء تحت امرأة عميد رئيس المفوضية.. عدد الجميع لم يكن يتجاوز الاربعين على الاقصى تقدير  في بداية الثمانينات بينما كانوا لايتجاوزن العشرين في السبعينيات ..وكانوا في مهامهم قد يحتاجون لمساندة من أفراد القوات المساعدة واحيانا لدعم عناصر الوقاية المدنية واحيانا يسخرون اعوان السلطة المحلية من شيوخ ومقدمين وشواش وعمال الخدمة بالبلدية المؤقتين ..كل وسائلهم اللوجستيكية عبارة عن جيب لاندروفير متوسطة واحدة دائمة الاعطال والاخرى جديدة نسبيا وسيارة رونو 4 كسيارة لرئيس المفوضية تحولت مع تولي العميد "العمالي "الى سيارة متسعة سوداء اللون ..اعقل عليهم الواحد تلو الآخر واعقل جيدا على انهم كانوا يلعبونها جيدا كانوا اسياد المدينة بدون منازع ..ولحقت بعدد منهم خصوصا العناصر المدنية الزي  شهرة الأبطال ونسجت عنهم مخيلات الناس قصصا لم تكن كلها صحيحة ..انا بقيت وفيا لدروس اخي "فؤاد"كما كنت اولي انتباهي لتوجيهات اخي "سمير "النفسية ..بقيت محافظا على الاعتناء بهندامي وحسن التصرف الاجتماعي ومهما كنت أطلق العنان لجموحي باللعب والحركة مع اقراني كنت بمجرد ان نتجاوز عتبة الغابة او الشاطئ للطريق العام حتى اعدل من هندامي واضبط سلوكي بما في ذلك حتى سلوك عبور الطريق والسير فيه  ..كان لزاما علي ان لا الفت انتباه المارة من الناس لسلوكي او لمظهري فاتعرض لانتقادهم المباشر او اسجل في ذاكرتهم كشخص قليل التربية ..مع اخي "فؤاد"عنى لي الاحترام أمرا اخر لا يحتمل معه وجود الخوف او الخشية كان يوقفني قبالة الحرس البلدي ويقول لي انظر اليهم بشكل عادي وتعامل معهم مثلهم مثل اي انسان اخر بالمجتمع لاحظت منهم تجاوبا تجاوب معهم ..طلبوا منك الابتعاد طاوعهم دون تردد او خوف ...كان يقول لي بان اجاريه وانظر كيف يعبر من امام عناصر الشرطة المشرفين على حراسة بنك المغرب والذين يقفون بمدخل المفوضية مرفوع الراس بنفس وتيرة مشيته منتبها وغير متطاول في تنبهه او متذاكي عليهم ..

بقيت تعاليمه راسخة في ما أتى من حياتي حتى عندما ابتعد ليكمل دراسته الثانوية بمدرسة جابر بن حيان في شعبة المحاسبة بتطوان ..بقيت على كامل احترامي لهم وفي تمام تنبهي لهم خصوصا العناصر الجديدة والمستبدلة بمن كان يخرج على المعاش او ينقل في العادة ليشتغل فترة من الزمن بمدينة القصر الكبير أو يولى مهمة بتطوان حيث كانت هي عاصمة الاقليم وسياتي علي وقت همني بالدرجة الأولى لا ان اعقلهم وحدي بل اجعلهم يعقلونني فكنت اغتنم اول فرصة لوجود عنصر جديد مع عنصر قديم يعرفني عن قرب او تطورت علاقتنا الاجتماعية النظرية لمرحلة من التودد وتبادل التحية والسلام لاتقدم او لاظهر في  مجال رؤيتهما ليتنبه لي من اعرفه وهكذا الفت انتباه الوافد الجديد بانني موضع ترحيب وتقدير من عناصر الشرطة الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة بالمدينة ..كان جارنا المفتش "حسن بلد"المعروف ب"كولمبوا "خير من سهل علي الوصول لهدفي لانه كان يكن لي مودة خاصة جدا ولا يتجاهلني في اي وضع اجتماعي كان دون ان يتقدم لي ويسلم علي ويقبلني على خذي ويثني على سلوكي وعلى ذكائي بينما كانت زوجته مهتمة بالسؤال عني ولا يفوتها ان تتوقف الي لتضمني اليها ....سيتطور  الوضع وساعود لالتقي بهم على صفات متعددة وتربطني بهم علاقات على اكثر من مستوى لكنني لم اتخلى عن رصد اي اختفاء لعنصر منهم ومعاودة ظهوره او لظهور الوافدين الجدد ...كان يهمني في المقام الأول ان اعرف عن نفسي أن أقول "هذا انا .."وفي المقام الثاني بعد ان اسرق انتباههم ابدا في تطوير علاقتي النظرية بهم لاكسب تعاطفهم على اعتبار انني كنت اعرف ان من يقع بين ايديهم لا ينال اي تعاطف منهم خصوصا ان لم يكن مسنودا ..وفي كل ذلك ما كان يهمني غير حريتي ولا يعنني غير ان لااودى فيها او امس فيها ...وعندما بدأت اترك لنفسي الحق في ان تتمرد قليلا على الاعراف الاجتماعية لم اهتم بكسب تواطئهم  لصالحي بل سعيت بجهد وحيلة لاصادق كل سكير فيهم ولاقول له ها هو الشاب الصغير الذي لن تعرفوه ابدا لانه لا يسكر حتى الثمالة ابدا وكثيرا ما كنت اوصل جليسي منهم حتى باب بيته وهو يقاوم عبثا الترنح والتقئء ... تملكت عن حق المقدرة على أن ادهشهم في الكثير من حقائقهم المزيفة عن الناس وعن المراحل العمرية وعن ذاكرة الناس الجماعية وتسنى لي في الاكثر من مقام ان اكون من ياخد اعتبار حضوره ليخلص جماعة أصحابه ومرافقيه على الاقل من موقف تحقيق الهوية والسوق الى المخفر ..كانت حتى تقف فجأة علينا سيارة جيب لاندروفير خاصتهم وعندما يلمحونني بينهم ونحن نسكر او مجرد نتجول في شوارع المدينة ليلا لساعات متأخرة او نحن بمقهى ليلي كانوا يحيونني ويكملوا طريقهم  هذا ان لم يكن يسنح المكان والزمان بان ينظم الي الصديق الاقرب لي بينهم لنتذاكر ونتفاسر عن اصدقاء جلستنا الخمرية سواء بالحانات او بالجوار على طول السور القصير المحيط بالشاطئ الى حيث افريز الاطلنتكي  ...

لم يكن لاسمح بالخوف من ان يتملكني ولا كنت لاستبعد اي سيناريو اتعرض فيه للمخاطر ..للخطر وهذا ما همني بالدرجة الأولى والقصوى ...كانت لا تروادني مجرد خواطر وتصورات انفعل معها واخالني فيها أدافع عن نفسي بل كنت مقتنعا تماما بقدرتي على أن اقتل كل من يتهدد حياتي او يعرضني للخطر ..أن اقتل بكل عنف وبكل قوة الاندريالين التي كانت تغلي في راسي وانا على طريق طنجة احيانا لا اولي ظهري لاعود راجعا بوسط المدينة حتى يبدأ ضوء النهار بالظهور ...كنت ما ان اضع رجلي مفتوحة ببعض الانفراج المقصود لثتبيت وقفتي ومشيتي وابدا في الخطو حتى يحترق كل الكحول من دمي واستيقظ  ويطير كل مخدر من عقلي ...فقط هي العودة من كان يلزمها سيطرة اخرى ومن نوع اخر لانني ما ان ادخل المدينة وابدا في مأنسة اضواءها حتى يتملكني خذر شديد يكاد يوقعني ارضا ويغلبني لاجدني مترنحا اكاد اسقط ارضا. وكان يلزمني ان اعاود ضبط نفسي واعصابي على انسحاب الاندريالين ومقاومة حالة الارتعاش والتعرق الشديد الذي كانت تصيبني وحالة انحباس الصوت التي تطالني هي وبعض التشوش في استعاب الاصوات ...لانني كنت اعرف ان كل الخطر الواقعي قد اتعرض له وانا على هذه الحالة وانا اعبر أزقة مظلمة والوجهة التي كنت قادما منها جهة نائية او غير معروفة وتطرح اكثر من سؤال واحتمال ودائما كان في كل ركن وزاوية وناصية جماعة يحتسون الشراب او يذخنون الحشيش او في انتظار اي فرصة ليتصيدوا شريكا جنسيا ذكرا كان او انثى شردت عن صاحبها او خرجت من تلقاء نفسها وحالتها هي كذلك تبحث عن من يتطاول عليها ..كان علي ان اعيد تنظيم دورتي الحيوية بسرعة ..  كأن احرص على افراغ ما في متانتي وظل محصورا .. كأن ابدا في تدريب حبالي الصوتية على اجراء محادثة وكان يكفي ان اتعاطى مع الامر بوعي لاجلي حالة الحبسة العرضية التي كانت تصيبني ..ان أقف للحظات قصيرة وادرب عيني على كمية الضوء الجديدة المفروض ان اتعرض اليها وان اغير بالتالي طريقة مشيتي المتاهبة  والرخوة العرضية الى مشية متوازنة  وان اعبر الطرقات من وسطها وان اتحاشى الالتفاف الجانبي الحاد لكي لا اصطدم باحد متركن هناك ولا تفادى وقع المفاجئة غير السارة ...لم اكن لالقي اي سلام على اي احد او جماعة .. اعبر من أمامهم لكن على نفس المسافة القريبة في وسط الطريق ..واواجهم بنظراتي المتفحصة مثلما يفعلون هم وانتظر إشارة تعرف من احدهم او منادة من يعرفني منهم وعندها لا مجال للااشاركه التحية وحتى الوقوف معهم لبعض الوقت حسب جو وقفتهم وطبيعة الحاضرين فيها ...لم اكن اامن حتى خطر الكلاب لكنني لا اخشها كليا ولا اسمح لها بأن تشم في رائحة الخوف اعبر من امامها وكلي تربص بها أي حركة عدائية ساواجهها بكل عنف وقد أصبح انا من يطاردها وهي تعوي هاربة مني ...لكنني وبدون رهاب مرضي كنت حذرا من السيارات والدراجات النارية وحتى الهوائية خصوصا ليلا والشوارع خالية ويكاد يكون رجال الامن شبه غائبين كليا ..اخاف من الدهس المتعمد من مجانين الليل الذين يعبون الشراب مع همومهم ويمزجون كل أنواع المخدرات لكي ينسوا ولا ينسون شيئا فيتحولوا الى معتهوين عنفين ورعناء غير ابهين بكل ما يمكن ان يجرؤا على ارتكابه لينفسوا عن كم الغيض الذي يكاد  يدمرهم ...

فكرت  في ان احملني واسهر للصبح بالمقهي الليلي ...  ثم تذكرت انني بعد لم اذخن أية سجارة منذ تلك التي خرجت لرهدة المكتبة لاذخنها واعود لداخل قاعة المطالعة واظل محدقا لمن تركتني على وعد ان نتقابل في الغذ وعلى اطيب الوعود الخفية ...

تمشيت لحيث ساحة أربعة طرق وكسرت الاتجاه منزلقا عبر الشوارع لبيتنا ..مذخنا سجائري بدون توقف وباستمتاع وانا بعد مستحضرا كامل رضاي على الفرحة التي قابلت بها مكاشفتي ..كان الوقت متاخر على جلسة التلفاز بصالة البيت فدخلت غرفتي بعد ان اعددت كوب قهوة سوداء غير ثقيلة وحملت عددا من الملاحق الثقافية لصحفتي الاتحاد الاشتراكي والعلم التي اعاود قراءتها من جديد ومن جديد كلما كانت تنقصني مادة للقراءة..بشكل اوتوماتيكي كنت اعرف انها احسن طريقة لانظم طريقة تفكيري عوض ان اسبح في الفضاء مع من كانت تسحر في ...كنت ادع مزاجي يقودني الى الجنس الذي يستهوني القراءة فيه ويوفر لي القدرة على التركيز داخله وهكذا مقال الى مقال او نص ادبي لنص ادبي او قصيدة لقصيدة حتى اجد العتبة التي بولوجها الج الى حقيقة ما يشغل بالي بالضبط لان كل ما قد كان يعلو سطح تفكيري مجرد انشغالات ذهنية لحضية وعابرة وتخفي اكثر ما تفصح عن حقيقة ما يشغلني في العمق ...

كنت بيني وبين نفسي مقتنعا الى حد بعيد بان "حنان "هذه قد اعطتني راس الخيط لامسك بتلاليب الحكاية التي لعلها تجمعني واياها ..كنت ومن اول ظهور وظهور ثاني لها في مجال رؤيتي ومكاني الحميمي الخاص "المكتبة "نظرت فيها ذكاءها ..لم تكن ابدا تلك البنت السادجة والمفضوحة  التي جاءت للمكتبة لتمر منه  مرور الكرام وتلقي فقط ببعض ما تخاله سحرها وتتكل على أن ينبت لها عاشقا ينهل دروسه نهلا وهو في قمة انتصابه منتظرا أن يحقق رعشته لما  ينجح ويحصل على وظيف او من تلك اللواتي يضربن موعدا خارج رقابة الاهل ومعارفهم بالمكتبة ليخرجوا سوية ويتمشون كاي زملاء في انتظار المرور من اي زقاق مظلم او خالي من المارة ليسرقوا بعض القبلات ..."حنان "هذه اقتربت مني لتسلم علي من وجهي وتسمح لي بان احضنها على رصيف اكبر شارع بالمدينة وكان في اي لحظة يمكن ان تلمحها والدتها .."حنان "هذه حتى في حركتها هذه تأكد لي بأنها تعرف حتى اكثر سلوكاتي تحببا ؛الحب العلني ..ابدا لم اجد في ان اقول احبك باي طريقة متاحة ما يدعوا لان اتستر فيه ..هكذا كنت وكنا منذ زمن طفولتنا الخاصة والى الان مع كل صاحباتي واصحابي نتلامس ..نتعانق ..نقبل بعضنا البعض ..نتحادى ...نفعل كل ما يحلو لنا وامام عيون وانظار الجميع ..لكننا لم نكن ابدا بويهمين او منحلين اخلاقيا بالمفهوم الاجتماعي الضيق لأننا نعرف ونقدر ونتحاشى الاصطدام لمجرد الاصطدام ...

"حنان "هذه كانت مركزة على حالتي النفسية وبالضبط على تلك التي كنت مفضوحا بعنف تعاطي الشديد للحبوب المخدرة لكنها لم تلعب معي لعبة من يستهويها دور المعالجة النفسانية او دور الخالة المتفهمة او حتى الدور الذي تجيده كل الاناث تقريبا دور الامومة ..."حنان "هذه بكثرة ما حامت حول الموضوع وتطرقت اليه ثم عادت لتوضح بأنها لا تحاكمني باي شكل من الاشكال وأنها تعرف جيدا سلوكي العام ..اعطتني هذا الاحساس بأنها كمن كانت تحاول تذكري بها ....اتذكر "حنان "بنت خالي واتذكر بالفعل انني بعد ان اودعتها الحافلة الطرقية صحبة اختها "سعاد" وكل الذي بعد يفصلها على عرسها لا يتعدى الخمسة عشرة يوما بقيت للاكثر من اسبوع لا اريد ان اصحوا من التخدير القوي وعلى بطن فارغة الا من الماء والقهوة السوداء الثقيلة والسجائر ..كنت على أنني من البدايات الأولى للتعلق بها اعرف انها لن تكون لي لكنني هكذا كنت دائما ما أن اصدق بإمكان حب حقيقي الا وانساق ولا اصحوا الى على نوبة انهيار عصبي جديدة ... اتذكر انني تصرفت على نفس النمط مع كل من احببتهن وتفرقت طرقنا عن بعضها البعض ..فهل يمكن ان تكون لي قصة شبيهة بهذه مع "حنان "هذه ...؟!يصعب أن اصدق ان بذاكرتي خروم بمثل هذا الحجم لانسى ...اذن هل حصل وان قابلتها وخرجت معها وانا معزول في حالة تعاطي الشديد  ومن بعد ذلك اكملت تعاطي فضيعتها وضاعت ذكراها عني ..لا لا يمكن مع مثلها ان تكون غير اعتيادية واستثنائية وتنتسى بسهولة ولو تحث تاثير اي مخدر ..اذن لا مناص من ان اقتنع بانني انا من حجبها عن ذاكرته وبكامل التعمد والتخطيط لسبب بسيط جدا هو انني  احببتها بعمق في يوم من الأيام والباقي كله تفاصيل تشبه بعضها البعض في تناولها لطبيعة بيئتنا وظروفنا الاجتماعية التي تحول دون إمكان استمرار العلاقات العاطفية وتطورها الطبيعي دون رقابات وتدخلات من الاهل والمجتمع ..لكن حتى هذه التفاصيل تبدوا لي لا تنسجم مع ما تبدى لي منها من استقلالية وثبات في شخصيتها وحتى في سلوكها معي ..  

اضحى لزاما علي ان افهم لغز حجبي لها من ذاكرتي مادامت اكدت لي سابق معرفتنا وعلاقاتنا ببعض ..وهو نفس احساسي وحدسي ..

"حنان"هذه ظهرت في مجال رؤيتي الخاص وانا منتظم اعبر فترة نقاهة من اخر نوبة عصبية شديدة مررت بها ..لم تظهر في فترة الصحو الأولى من النوبة كما يمكن ان يظهرن تلك اللواتي قدر لهن ان يكون على مقربة مني او من دوائري وانا في قمة فوضاي وفضائحي قبل أن انهار تماما وان كانت كما يوشي كلامها عني تعرف عن قرب الحالات التي اكون عليها فهي تعرف الاكثر عني وتعرف طبيعتي التي ترفض ان يتدخل احبتي ولو بمحاولة مساعدتي مادمت لم اطلبها صراحة منهم وكنت اعتبر عن حق موافقتهم على مبدئ هذا قمة الاحترام لي وللحب الذي يجمعنا ويربطنا ببعضنا الاخر ..."حنان "هذه جائتني وانا في اصفى الحالات الذهنية وان اشعر بانني بعد منهوك نفسيا وجاءت والوقت كله ملكها ما فزعت لو تاخرت في الاقتراب منها ولا تظاهرت ومثلت علي ادوارا عندما تقدمت لمحادثتها  ..اصغت الي جيدا وتحدث الي جيدا وودعتني اجمل توديع وغدا لنا اجمل موعد سيكون على أية حال ..واحدة بمثل تصرفها  هذا اعني لها الكثير وبالتاكيد تعني لي الاكثر ..فلماذا ازحتها من ذاكرتي القريبة ؟!بل لماذا لم امسك بها بكلتا يدي واعانقها مدى الحياة واجعلها دائمة الحضور في حياتي ..؟! 

تمكنت مني الرغبة في البكاء وأصبحت حقيقية ..بكاء بلا صوت ..بكاء يخصني وحدي وليس على شيء اخر غير نفسي التي ستقتلني يوما بحماقاتها ... حتى اختباري للحب الحقيقي ينهي بي على مشارف ان اضيع عقلي ..كل علاقاتي لم اخرج منها الا بانهيار عصبي  ومع توالي النوبات الحادة كان خطر ان اقدم على محاولة انتحار مميتة وقاتلة جد وارد وكان كل من حولي يبداون في القلق نحوي وانا لا اكون ذاتي في مأمن من ما يعتمل داخلي لكنني ابدا بأشكال متعددة في قطع صلاتي بمن حولي ..بتدمير اشياءي العزيزة علي ..بحرق اوراقي وتمزيق كتاباتي وصوري .. بمحاصرتي باخد عدد من السلفات الصغيرة التي يصعب أن اردها دفعة واحدة فاضطر الى تغير الطريق في كل مرة كما الأماكن المعتادة وينتهي بي المطاف ليضيق علي الخناق ..اتصرف بمنتهى الحماقة كان ادخل الحانة واسكر ثم اتسلل دون ان ادفع الفاتورة  ..اثمل وابدا في لعن الجميع بالحي على أنني احبهم جميعا كما اعرف انهم يحبونني. لكنني ماذا افعل وانا ابحث عن كافة الاسباب التي تجعل الياس التام يتملكني لاصفيها لنفسي ..لاقتلني ...

"حنان "هذه يمكن  ان يكون  سر حجبي لها من ذاكرتي القريبة رغبتي في استشعار طعم خسارتها لاناولني الحجة تلو الحجة لاختار  الرحيل عن هذا العالم   ...

"حنان "هذه على الارجح انها  كانت قريبة جدا ورافقتني من زمن بعيد مرافقة نظهر فيها مع بعض ثم نعاود الاختفاء لعلنا نحتمل تابعات تبدل احوال ايامنا ..."حنان "هذه قد تمت بصلة لكل مراحل عمري ولعلها هي من صاغت معي  الاتفاق على أن نترفق ببعضنا وان لانحرق المراحل دفعة واحدة ..."حنان"هذه لعلها امنت بما كنت انا نفسي دائم الدعوة اليه والتعبير عنه بان ناخد كامل وقتنا في التعرف لبعضنا .في القرب والابتعاد من مداراتنا ..في اشباع وإعادة توليد الاشباع لعواطفنا  ..في محاولات التجريب في طرق اخرى ومع اشخاص اخرين لنتعرف على ما قد نشكله ويكون مختلفا عن ما يشكله كل واحد منا مع اخر غيرنا .."حنان "هذه قد تكون تلك الحاضرة دوما والغائبة كذلك ...و"حنان "هذه لا مجال للشك في انني حاولت اغتيالها وانا اخطط لاحدى محاولات انتحاري في عز انهياراتي العصبية لانتهي الان على محاولات النفاذ ومن جديد لذاكرة اعماقي لانتشلها واستعيدها ... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...