تعلمت ان احفظ عهودي رغم قساوة الالتزام بها ..لم اكن مرغما على تحمل البعاد عنها ..مرات عدة فكرت في ان اتمرد وان اخرج عن ما التزمت به طواعية مني ..لكنني كنت اعود للاارتضي لنفسي دينا اخرا غير دين الحب الذي امنت به والتزمت شريعته ..لم اكن اريد ان اتحدث عنها ..لم اكن اتعقب اخبارها ..كنت محافظا بها تكأ جراحي داخليا وعلى نحو عميق نازف ..دائمة عيني البحث عنها ..دائم ترقب لقاءها على أنني اعرف انه ما عاد بملكي أن اغير في قواعد اللعبة الجميلة التي دخلنها سوية ...
كان احتياجي لها من نوع يتذاكى في دفعة واحدة كالنار في الهشيم ..فاشعر بالسعار ..لم يكن محياها يطل علي هادئا بل دائما بنفس تقاسيم التوجم والنرفزة وبحدة نظرتها المتساءلة ..المستفهمة كمن لا نهاية لذات حديثها لي :"وماذا بعد ..؟!شنو اطارق .."اعرف انها في العادة سرعان ما ستدير راسها كالمتبرمة ثم تعود لتنظر الي وقد تحولت نظرتها ليطل منها الغنج والشبق والفرح وهي تبتسم في وجهي ولتخبرني من جديد قائلة لي :"ها انا ..."لاردد بالتالي انا داخل نفسي :"اعرف انك انت كما تعرفينني جيدا ..."لا اعرف لماذا دائما في مثل هذا الموقف معها كان يهرب مني الكلام ..ويكاد يشحب وجهي وتعلوه تعابير المرارة ...كنت لامحالة اشكوها لنفسها ..اشكوا قسوتها علي ... واقسم لها بانها اوصلتني للحضيض طوال فترة غيابها ..اتعبني اشتياقي اللامنتهي لها ..وانهكني جسدي المتارق بالجوع اليها ..كنت انتهي مطوحا من الحرمان لا ارغب في اي انثى ولا في اي ممارسة وحدها ما يترائ لي وياخدني من بين احبتي وجماعات اصحابي لاي مكان قصي او لاي ركن بمقهى او حانة لاجلس وحدي وقد فتحت كراسي وامسكت قلما كمن يهم بان يكتب ويدون لكنني في الحقيقة كنت فقط أداور الناس وابعد نظراتهم عن الاهتمام بي ...
"سيمحمد الشكذالي "ابن حينا وصديق كل العمر كان يعرف ماينتابني وما يتحرك في من مشاعر تجاهها ..لكنه كان يحترم صمتي ويترك لدموع اينعت بالرغم عني فرصة أن تنهمر دون ان يحرجني او يسالني فهو كان يتتبع اين حطت عيني ونسيتها بالضبط ..كان مجرد مشهد عادي للحب على الطرقات او على ممشى رصيف شاطئ راس الرمل ياخدني لاستحضرها ولاتوجع من افتقادها ..
مع "حنان "هذه انتهت كل الاعيب التحري والتقصي والرصد ..لم اكن اعرف عنها اي شيء ولا اريد ان اعرفه عنها ..لم اكن اسال حتى عن من يمكن ان اراه بصحبتها ..ولا اسالها حتى هي عن كيف كانت تقضي ايامها ولا ما تفعله بحياتها ..ان لم تحكي هي ومن تلقاء نفسها فلا حق لي في الاهتمام ...كانت الهواجس تتلاعب بي والغيرة تاكلني من الداخل والحنق يكاد يفقدني صوابي ومع ذلك لا مجال للتراجع عن الحدود التي رسمتها بحضورها ..كل الذي قويت عليه أن اقزم من دائرة علاقاتي النوعية للحدود القصوى ..في بحر خمس سنوات من مبادءتها كنت اشعر بانني كبرت وشخت وانا اراها تزداد عنفوانا وتفجرا بالأنوثة وسحرا .. ايامي غذت بطيئة الايقاع وخالية من الفرح الحقيقي ..انام بجرعات ثقيلة من الأدوية لاصحو على ابتلاع غير صنفها من الأدوية المثبطة والمهدئة وبكميات مزاجية احيانا كانت تفقدني تماسكي وتوازني ..بت متحيزا للمكوث اطول الوقت وحدي والخروج للتسكع في الأزقة والحارات البعيدة والهامشية والمضلمة في الغالب ..بينما بعد الظهيرة انسحب لخارج المدينة واشق طريقي جانبيا متجنبا دخول الغابة في مساحات عارية تاركا خلفي فنار حي القشلة ماضيا للابعد من شاطئ "المسيطروا "لبقابا قلعة عسكرية مهدمة تقع غير بعيدة عن مكب النفايات العام للمدينة ..ابتلع حبات المهداءات بريقي ..لا قهوة او مشروبا او ماء صحبته معي ..انتهت ايام تلك الخرجات ....انزل صوب الشاطئ الصخري لاظل قريب من هدير الامواج ..تتعبني سجائري السوداء الرخيصة ومع ذلك اصر على التدخين دون توقف ... اخد طريق العودة بعد غروب الشمس معرجا على المستشفى والج قسم المستعجلات لاخد حقنة "ديازيبام "مهدئة تقريبا كل ليلة واحيانا كل صباح وبعد الظهيرة وفي اخر ساعة بالليل ... لم يكن ممكنا حتى ولو توفر لي المبلغ المالي المطلوب ان اقتني في كل ما من مرة مهدئ "ليكزوميل 3منغرام او 6منغرام"على أنني انوع الصيدليات التي تصرف لي الدواء مع انني لا احمل وصفة طبية ضرورية لصرفه ..كان يلزم ان اغيب للفترة المقدرة لانتهاء ما صرفته منها حتى اغطي عن ادماني العنيف ..لانني كنت قد استهلك كامل العلبة في اقل من أربعة وعشرين ساعة ..وحده الدواء القاتل حبوب "ارتان 5منغرم و15منغرام "من كان يجدر بي ان احتاط للغاية من ان ينفد مني لان حالات الانسحاب منه كانت تعدمني كليا وتتركني اعاني التشنج الجسدي الكامل على الألم النفسي المصحوب بافراغ كل ما في بطني لدرجة يصبح صعب على معدتي ان تتقبل اي طعام ...وعلى كل تحوطاتي كان الامر يقع معي لما ينفد المخزون من الصيدليات ولما اعدم ايجاد من يسعفني ببعض حبات منه من من كنت اعرف انهم يتعاطونه باستمرار ويتحصلون على وصفات بصرفه .....كنت اعرف انني اعاني من الادمان في ابشع صوره وغارق دوما في مشاكل تدبر تكلفته المادية وتوفيره وانه علي الادعاء في كل مرة امام والدتي لتمكيني من مصاريف زائدة لتغطية نهمي للذخان وللقهوى وللادوية..على أنني كنت احتاج مرة كل ثلاثة شهور الى ستة شهور للسفر لطنجة قصد تجديد الوصفة الطبية بمستشفى بني مكدة للأمراض العقلية والعصبية...
اكتب باستمرار تدعياتي التي اختنقت لغتها وطغى عليها اللون الاسود ..كما اسجل باستمرار يومياتي التي غذت بئيسة ورتيبة ..لازلت على حرصي بان اقرأ لكنه تمر علي ليالي دون ان اتمكن من قراءة صفحة كاملة لانني من شدة تخديري بحبوب "ارتان"افقد القدرة على التركيز ..كان يلزمني تذكيري باستمرار بضرورة أن اعقلن الجرعات التي اخدها واقلص منها تدريجيا لاستعيد بعضا من صحوي ومن قدرتي على التعاطي مع الكتب والجرائد والناس والأسرة التي كان ملحوظ عليها انها غير راضية على مساري ومنزعحة تماما لمسلكي الانتحاري ...قلصت نشاطي لمستوى ما فوق الصفر ببعض الدرجات ...لم اعد مبالي بعملي لصالح الإدارة .هي بعض المهمات التي انجزها وتحث الطلب لا غير ...اما علاقاتي بالاستاذ بديع فهي شبه مجمدة منذ ان نجح في الانتخابات الجماعية ليحصل على عمادة المدينة ..بالنسبة لي فلقد اوفيت بكامل وعودي له وكنت لجانبه الى أن حقق انتصاره الأول ودونما شك سيعرف كيف يحقق فوزه بعضوية البرلمان ....صديقي "الشريف "ينشط على اكثر من مستوى في الساحة الجامعية ومحليا ضمن تيارات تسللت للفرع الإقليمي للاتحاد المغربي للشغل بالمدينة كما وطنيا ضمن جامعة الأندية السينمائية بالمغرب ..صديقنا "الكراب "كون مجموعته الغنائية والموسيقية "خيال " كما انه قطع شوطا في تكوينه الأكاديمي كاستاذ لمادة التربية الموسيقية تابع لوزاره التربيه الوطنيه وشبه عازم على الزواج وان لم يخطب رسميا رفيقته الحميمية .. "سيمحمد الشكذالي "دخل طور الياس من تعلمه الجامعي في شعبة البيولوجيا يقصد مدينة الرباط ضجرا فقط من خنقة العرائش وليبرر حصوله على المصاريف المالية وما تبقى من منحة دراسية .."عادل مازيغ "اخد يخلط في الادوار فهو لم يعد يجد بغيته في عالم الحلاقة المهنة التي تعلمها واكتسب صنعتها واخد يتطفل على بيع الحشيش .."عبد الرحيم السباعي"لا يعرف ماذا ياخر ولا ما يقدم وظروفه الاجتماعية والمادية تشعل النار في جسده وقلبه يكاد ينفجر وهو يستشعر دونيته كلما شدته الحاجة ليحصل على انفاس من الحشيش التي ادمنها.."رشيد المتوق" لازال يستقوي على اوضاعه المبعثرة بالضحك والسخرية ..لقد تجوز مؤخرا وأضاف زوجته لبيت اسرته المكتظ والمعطبة احواله باستمرار ..بلا عمل قار يخرج ساعات ليصطاد البوري ويبيعه بالاسواق وساعات يقضيها بالسوق المركزي بمحلة السمك يشتغل بتنظيف سمك المبتاعين ..."منير الهنا "..بلا جديد يذكر ..بعد لا يعرف كيف يجد حلا لعطالته وبعد يأن تحث حمل انه المسؤول عن كل أخوته واخواته البنات وعليه أن لا يخل بواجبه ...يظل قابعا في وحدته وهمومه ولا يلبث أن يأتي طارقا علي باب بيتنا باحثا عن بعض السلوى معي ...
حاول معي "الشريف "عديدا ليعيدني لدائرة الاهتمام والنشاط والفعل لكنني كنت قد اتخدت قراري بان اناى بنفسي عن اي نشاط سياسي او ثقافي وان اكف عن الحضور او التواجد ضمن أية فعاليات سياسية أو نقابية او ثقافية ..على انني كنت افتقد لاصحابي ولكل تلك الأجواء غير ان تقديري المصلحي جعلني لا اساوم نفسي في الرجوع لا لنشاطي داخل مقر الاتحاد المغربي للشغل ولا ضمن هيئة حزبية اخرى غير حزب الحركة الشعبية الذي انهيت ارتباطي به وبجريدته التي كنت اشتغل لحسابها مثلما تقرر عندي من اول يوم راهنت على العمل بجانب الاستاذ محمد بديع "العمري "..وبالتاكيد لم أرحب بمبادرة اخوان من الشبيبة الإستقلالية لانشط بجانبهم وضمن جريدة العلم بجانب مراسلها الحزبي محمد ابو غيور ..وبموازة لمراسل صحيفة الحزب باللغة الفرنسية "ليبراسيون "الاستاذ بيضون ودائما لنفس الأسباب الشخصية التي جعلتني اتنازل عن الكتابة المحلية للشبيبة المدرسية التابعة لحزب الاستقلال ومن قبلها عن النشاط في منظمة الكشاف المغربي والتي تختصرها مجموعة المواقف التي كان يتبنها السيد والدي ومن بعده مباشرة اخي الاكبر خالد وبالتبع طبعا والدتي بكل عفويتها ...لم اقبل على نفسي منطق الإنتهازية والمنفعية والوصولية الذي كان يدعونني الى أتباعه ..كما لم اقبل حصري في الزاوية لينهالوا علي بالضربات الموجعة المتتالية وهم يطلبون مني كل مرة بكشف بيان ما انا فاعله بمستقبلي وبوضعي المهني والاجتماعي ...نفس المنطق الذي حاولوا به تسميم علاقاتي مع الاستاذ بديع ومن يدور في فلكه لكنني ناورتهم جيدا فيه الى ان اكملت ما كان أشبه بدين على عاتقي تجاه الاستاذ بديع ...ونفس المنطق يقف جزئيا وراء تجميد كافة تحركاتي الممكن ان تخدم مساعي مع الإدارة لانه ببساطة وكما تعبت من ترديدها أمامهم "ليست هكذا تؤكل الكتف "كفوا عن الضغط علي واتركوا لي المساحة والوقت الكافي لاحقق النتائج التي اصبوا اليها والتي استحقها عن جدارة دون هسترة خطواتي وبلبلة نفسيتي واقحامي بالقبول باي شيء تحت مسمى انه وظيف قار ورسمي .....
"حنان "هذه كنت اخبرها اول باول ما ان تاتيني بكل جديدي وبكل خطواتي وكنت اطلب منها ان تشغل معي عقلها الذي استهواني وان لا تحاول اختبار صبري او صلابتي ..كانت لا تخفي مخاوفها من تحركاتي التي كانت بلاريب تخلق لي عددا من الأعداء الحقيقين ..كما كانت على الاقل في المرحلة الأولى من معرفتها بصلاتي لا تقبل مني ان اضيع الفرص المعروضة علي لكنها كانت تعود فتعترف لي بمنطق حسبتي للخسارة من الربح الحقيقي ...
اينما اوقفتني "حنان" كنت انسى الناس الا من ذلك الحس الرصدي الذي لا يمكنني بآية حالة ان اتخلى عنه ...لم نكن محط محاكمة من كل الناس ..كنا معا نستشعر اننا نحرك فيهم اطيب المشاعر ..وكانوا يتقبلوننا بصدر رحب وبالكثير من الابتسام والتشجيع وفي احيان عدة كان منهم من يقتحم علينا عالمنا ليبارك علاقتنا ...كثيرا ما جمعنا اللقاء بجوار حيها السكني ..اي وسط سوق الكبيبات او على مدخل باب القصبة وكانت تندلع بيننا الاحاديث والنقاشات لتمضي بنا للاكثر من الساعتين وعادة كان لي ما اقوله وما احكيه وما اخبرها به وما أدافع به عن نفسي امامها لانها لم تكن متساهلة معي وتلك اصبحت طريقتها لتقول لي انني أهمها وأنها اكثر من ان تكون تحبني ..وانا كان لازم علي في كل مرة ان اوضح كامل مواقفي وابسطها امامها لأكد لها انها تعنني ولا يمكنني بآية حال الا ان اترك لنفسي الحق في ان تبني معها احلاما وتسعى املة ان تحققها على أرض الواقع
مع "حنان "هذه اخدت كامل حريتي في التعبير لها عن مشاعري وعن احساساتي وعن احلامي ..ومعها تمنيت بحق ان احقق الارتباط بها ولم اقل بصيغة انه وارد او جد محتمل ان يحصل بيننا ..بل قلت انه مسعاي لو نلت فرصتي الحقيقية ..
"حنان "هذه لم تكن في موضع "كريمة مراتي"التي كانت طفلتي الرائعة والمحبوبة على الدوام حتى عندما كبرت واخدت تعاملنني على أنني طفلها الاثير .."كريمة "كنت من البداية صريحا معها ومع والدتها التي استئدنتها في شان ان ارافق صغيرتها البكر للعمر كله .. مع "كريمة "كنت دوما متنبها لعمرها النفسي ولاحتياجاتها المرحلية ..كنت مشغولا بالبحث والتحصيل على المعرفة التي تمكنني من اجيادة الدور الذي امارسه تجاهلها ومعها ..كانت مسؤولة مني ..كانت الطفلة التي اربيها واخاف عليها من اقل احساس قد يسئ اليها ..كان يلزمني في مراحل معها ان اتحلى بصبر ايوب وهي مرهقة بي ..تشكوا الم تعلقها بي وانا افعل المستحيل لترضيتها ومسح الدموع عن خدها ووعدها بانني سابقى دوما لحانبها ..هي دائما كانت تنظر لي على أنني كبير وناضج ومحبوب من الجميع وكانت وهي طفلة تدرك أنها صغيرة مني واننا مع كل ذلك بامكاننا أن نحب بعضينا ونعبر عنه على مقاسنا وفي الحدود التي لا تسيء الى أي أحد فينا او الى من تقبلوا منا مثل هذا التفاعل الوجداني .. لم تكن وحدها المسؤولية الأدبية من تكتفني ...اعرف انه كان مشهود لي بايجادة أساليب التربية غير النظامية وناشط ضمن حقولها كما سبق وان حصلت على شهادة تقديرية في موضوعها وعلى تقديرات أخرى مختلفة ..على أنه ومع مختلف الجنسين لم يسجل علي اي اخلال بالعلاقة التي كانت تربطني بمجموعات الاطفال والفتيان واليافعين الذين كانوا تحث اشرافي وبمعية فريقنا المكون أساسا من "الشريف "و"الكراب محمد"و"رفيق بلقرشي "واختي "بشرى"كما اننا كنا نعمل نظريا تحت تأطير إدارة دار الشباب الراشدي ومندوبية الشبيبة والرياضة وتحث اشراف موازي اخر من الإدارة الفعلية والإدارة التربوية ومنسيقي اللجن الثقافية والفنية والتربوية باعداديتنا الامام مالك ..كما عملنا تحت تأطير قادة منظمة الكشاف المغربي واعضاء مكتب الشبيبة الإستقلالية خصوصا في مواسم الصيف..ولاحقا تحث غطاء نقابي عام وبتنسيق مباشر مع الشبيبة العاملة التابعة للاتحاد المغربي للشغل في شخص كاتبها المحلي النشيط عبد الخالق الحمدوشي ..واجتماعيا لم تنقطع علاقاتي بكل طفل وطفلة مر ولو لموسم وحيد بنادينا "نادي الافاق "..الذي كان طفلي الذي سهرت على إخراجه والاشراف عليه وعلى دوام التكوين وإعادة التكوين في ظله وبهدف تطويره وبناءه من الداخل ..
"كريمة "كانت تعرف انها طفلتي التي احب وارعاها الى ما بعد ان ترتبط هي وتنجب اولادها وللعمر كله ..."مراتي "كانت لعبتنا المفضلة لانها كانت ملتصقة بي وآسرني بدوري تعلقها بي .لابادلها في عمر لاحق الحب ولتذوب بيننا المسافات الا من قناعة راسخة داخلي بأنها تستحق الافضل وتستحق ان ترتبط بمن يوافق عمرها ولمن تختاره عن قناعة ووعي لا من ألفة وترابط وجداني انساني ..
مع "حنان "قاربنا الحلم واشتغلنا به وعليه ..ما بيننا اكثر من اي انسجام مرغوب ومطلوب في اي علاقة ..كان بيننا كامل التوافقات العاطفية والجنسانية والاجتماعية والعمرية والفكرية ..وكنا نجيد الاعتناء ببعضينا ..كنت اعرف انها تسال عني وتتبع خطواتي حتى وأمر تجسير المسافة بيننا كان موكول لها لوحدها لكنها ما دامت قد اقتنعت بأنه كان يلزمنا الكثير من الوقت والعمر لنجد شكلا يربطنا ببعضنا ويحضى ولو شكليا بالقبول الاجتماعي فكان علينا ان لا نتسرع في الاقبال على بعضينا وان لا نستهلك طاقتنا الوجدانية دفعة واحدة لنتعب ونتعب بعضينا بعدها ...
كانت تعرف انها جزء اساسي من همومي اليومية وانني استحضرها في كل قرار او خطوة اخطوها ..وكانت تعرف انني غيرمتحفظ الا في ان ابيعها الاوهام ..عرفت ناسي واصحابي واحبتي ومعارفي وافراد اسرتي وعائلتي مني اولا وعرفتهم شخصيا ...لم اكن اقدمها بآية صفة غير ان هذه تكون "حنان "واترك للاخر ان يقدر من تكون لي ومن اكون انا لها ..."حنان "لم تكن "كريمة "التي نمثل سويا لعبة الازواج بيننا ..والتي الجميع يعشق ضحكتها وفرحتها وبراءتها والتي تتسلل للقلوب وتاسرها سريعا والتي اوجدت لها أرحب مكان في قلوب كل افراد اسرتي وداخل بيتنا ...تواجد "حنان " معي بالبيت كان نوعيا ومختلفا تماما عن عشرية "كريمة " كان له اعتباراته الخاصة ودائرة احترام خاصة تحيط به ..لم يكن تواجدها رسميا لكنه يتمتع بهيبته الخاصة التي تفرضها شخصية "حنان "نفسها.. ثم الإطار المتحفظ الذي اوجدناه لنفسينا والتزمنا بان نعمل من خلاله في تعاملاتنا مع اسرينا ...ربما كان الامر مختلفا عندما نتفق على أن نتسلل للبيت ولغرفتي الخاصة بعيدا عن رقابة الجميع ..لكن ابدا لم نكن نخل باطار التعامل المتحفظ مع اهالينا ..."كريمة "ممتعة بلا حدود ..ضلت مصرة على أن تتمادى في لعبة طفلتي المدللة امام الجميع ومع ذلك لا احد بالبيت ولا من طرف اهلها او جيرانهم كان يقابل تصرفاتها وطريقة تعاطينا مع بعض بالرفض او الاحتجاج ...مع "حنان " خلقنا سوية جوا من الانضباط الخاص لقواعدنا نحن التي لم نكن نتمثل ونتماهي فيها الا مع ما يناسبنا من قواعد سلوك وقيم مجتمعية ..كان ينبغي ان نتجنب الصدام المجتمعي وكان ينبغي كذلك ان ندافع عن اختيارتنا الواعية .."حنان "لم تكن امراتي ..ولا زوجتي ولا كنت كذلك انا بالمقابل لها لكننا نعرف على نحو عميق انه رهاننا .."حنان "كانت شريكتي وحرصت انا من جانبي على أن تتعرف على كل الناس المؤثرين في حياتي وان تجلس وتتعرف عن قرب لكل من اتعامل معهم لانه كان يهمني ان اسمع منها رؤيتها الخاصة فيهم
"حنان "دربت ملامح وجهها لتخفي اكثر مما تظهر او تعبر او توشي..وحيادية نظرتها كانت طريقتها في سبر الاخرين ..حركتها وطريقة جلوسها ومشيتها مراعية جدا على النقيض التام عن ما تكونه لما نكون مع بعضينا او برفقة صاحبتيها الأختين الحميميتين .."حنان "لم تعد تلك المراهقة التي تفتعل ذكورية صوتها .اصبحت تلوك الكلمات والعبارات على جرس واحد متوسط الوتيرة وبكامل الطلاقة وخال من نبرات الانفعال ..وحتى الملامسات بيننا مدروسة جيدا لتوشي بالقدر الذي نريده منها ان توشي به اجتماعيا ...
"حنان "مثلما فاجئت معلمها للغة العربية بالمدرسة الابتدائية وجارهم الاقرب نسبيا الذي لم يتذكرها بداية "الاستاذ بديع "بطريقة ضبطها لآداب المعاملات الاجتماعية وباسلوبها في ابراز شخصيتها وجعلته ينتبه لي جيدا كمن يثني ويستغرب في ذات الان على فوزي بهذه العلاقة ..فاجئت "السي احمد" رجل الإدارة وفرضت عليه احترامها ..اما السيد العميد فقد جاء للتعرف إليها شخصيا وهو يضع ما تستحقه من احترام مسبقا ...
كانت تغيب عن كل طرقات المدينة وعن كل الاماكن وتختفي وعادة كان بالاتفاق "المجنون" بيننا ..بعد ايام متتالية من التلاقي والحب والفرح والجنون يتقرر بيننا ان نترك مسافة للبعاد بيننا واحيانا كان يتقرر الأمر مني وابثه كحكم صادر مني وعلي لانها كانت تجدني بعد متمادي في ان اغلط في حق نفسي وفي حقها بالتتالي ..كنت اعاقبني واعرف كم صعب علي ان اعاقب فيها ..ان احرم من وجودها معي وقربها مني ..كانت تعرف مني انني لا اقبل دور الاشفاق علي ولا دور الممرضة او المعالجة النفسانية معي لذلك لم تكن تخلط بين الادوار .. بل يحدث أن تتقبل الامر بمضاضة واحيانا برغبة في ان تصيح في وجهي وتنهال علي بالضرب لان ما اقول به يبدوا غير مستساغ في اعراف الحب لكنها كانت مرغمة على أن ترضخ لشريعتنا الخاصة في الحب ...
لم تكن كل سلوكاتي النفسية والاجتماعية محط تقبل من كل من يعرفني وكان هناك من يجرأ على مخاطبتي فيها وكان يصعب علي ان اقرب منهم وجهة نظري او اشرح لهم دوافعي الواعية واللاوعية ...اقلها ان افسر لهم كم انا اعاني نفسيا ...وكم هو حجم اغترابي بين كل الناس...مسلكي لم يكن هو ذاته ما يتبدى مني اجتماعيا وقد يختلف من دائرة لدائرة اجتماعية اخرى مفتوحة او شبه مغلقة او مغلقة ..على انه يبقى بشكل مغاير ومختلف لما اعود لنفسي وأكون لوحدي في وحدتي ....لم اكن لاتسامح مع نفسي ..وربما كنت قاسيا معها وامامي تحديات جسام مرفوعة والمصيبة انني اكاد اكون دون امكانات مادية ويعوزني تقريبا كل الدعم المادي ان اردت على الاقل ان أقصر علي الطريق الطويل والشاق ..واصل لتحقيق اهدافي ...والأمر انني كلما ابصرت من حولي لا أجد منفدا لتحصيل الدعم غير المشروط او الكافي ...ومادام الامر على هذا النحو فلا فكاك من ان لا تصيبني البلبلة وشيء من الاحباط وبعض من الخوف من ان ادفع الثمن غاليا ...
"حنان"تحول توجسها من اهدافي البعيدة ومن ما اعمل عليه حاضرا لشيء من الاعجاب وللكثير من الفهم والثقة في ..اللغة التي طورتها معها اسعفتني في البوح بالكثير من اسراري لها دون ان اتوه في اختيار العبارات او في استحضار الذكريات الخاصة عن ماضي وماضي عائلتي وعن كل ما يشكل تاريخي الشخصي ..لعل بعادنا الطوعي والاختياري الذي وسم كل علاقتنا كان يتيح لي الفرصة لاتحدث اليها طويلا بيني وبين نفسي وعند اول معاودة لتقابلنا اجد كلامي مرتب لحد بعيد واعرف مسبقا ما ارمي من وراءه ..وهي لعلها كذلك تكون منفتحة ومستعدة كليا لتتلقى مني ولتشغل معي فكرها ..."حنان "كانت تعرف انني اعاني وبعيدا عن اي توصيف مرضي محدد ..اعاني مثل اي واحد من الشباب واعاني في خصوصيتي وكل باب الجه لا بد أن يفتح علي ضربا جديدا ومختلفا من المعانات ..لانه ببساطة لا مفر من ان اخوض الصراع مادمت اتعاطى مع الاخرين ومع الافكار واحلم ..
لم تكن "حنان " مع ما أفعله بنفسي ساعات وايام وانا في اشد حالات التفتير والتهديئ والتخدير ..كانت لتقبل بان اخضع لاشراف طبي تخصصي يتابع حالتي ويضبط ما اتناوله واتعاطه من حبوب وادوية وعقاقير ..وانا نفسي كنت مدركا لحجم الورطة التي اقحمتني فيها لكنني مع ذلك كنت ابقي على رؤية خاصة لي بالموضوع ..ربما كنت ابرر لنفسي واجد لي درائعا فقط ..لكنه والحقيقة ما احسبها انني كنت واعيا بما انا فيه وعليه وانظر اليه على انه سيتم تجاوزه وساكبر عليه لانني املك إرادة فعل ذلك ..وكل ما يلزمني حاضرا القليل بعد من الوقت وان اراعي التداعيات الصحية والجسمانية لسلوكاتي تلك ..
تعرف جيدا حجم افتقادي لها مثل ادرك بقية اصحابي حجم افتقادي لان اكون لجانبهم وهم يصنعون الغد الجميل بنضالاتهم والمعارك التي يخضونها ...لكنه طريقي الذي اتفق وان اخترته ويلزمني ان اكمل السير فيه حتى ولو تخلفت عن ان اكون معهم ...كنت دائم التساؤل عن صوابية ما انا أفعله اكثر من التوجس في هل كان الرفاق سيتفهمونني يوما وسيلتمسون لي الغفران ..على أنني لم اكن لاشعر باي عقدة ذنب تجاههم ...لانني كنت متملكا لقراءتي وواع جدا بالموقع الذي انظر اليه واتتبع منه واشارك من خلاله انا بدوري في معاركنا المجتمعية والسياسية والفكرية والثقافية ...حتى الاصدام الذي حصل بيني وبين مسؤولي الإدارة كنت جد متوقع له انه سيحصل ولا بد له ان يحصل لافرض الأمر الواقع اكثر من ان استغله للقيام بتحويلة نوعية في مساعي واهدافي القريبة .. ما لم يكن ممكنا ان اناقشه بكامل الوضوح مع صاحبي "الشريف "و"الكراب"..او لاتشاور في خطوطه العامة مع رفيقي "محمد الشكذالي "و"سعيد الكوش" كان جد ممكن مع "حنان "..لان لا خوف بالمرة كنت احسه على نفسي منها ..لا خوف من ان تسيء الاعتقاد في او فهم دوافعي او الخوف التقليدي من ان تسرب معلومات عني ...
لم تكن الامور تسير وفق مخططات محددة زمنيا بصرامة فقط وانما مرهونة أساسا بكم ما تم تحقيقه خلالها من مجموعة اهداف مرحلية وبعدها كان لزاما علي ان اقرر في شان الخطوات الجديدة التي علي القيام بها ..ما من مزاجية تتحكم في توجهاتي لياتي علي يوم لاحق فاقرر هد المعبد فوق راسي وتغيير الاتجاه ..كنت مدركا ان كل مرحلة سواء نجحت تماما فيها او فشلت فيها هي بذاتها حلقة ستوصلتي بحلقة اخرى في درب طويل رسمت معالمه الكبرى والباقي قد يتعرض مثل كل الناس وكل الاشياء لعوامل خارجة عن ارادتها وقد تفرض مشيئتها عليهم ..
الخواء الذي وجدتني عليه عظم حجم معاناتي النفسية وضاعف بشكل خطير من ادماناتي ..كنت عمليا انسحب من كل ما الفت القيام به والنشاط من خلاله .. انسحب دون تمام اليقين في هل ستنجح خطواتي في تقريب مرامي ..دون ان اتلقى حسما واضحا في كل ما طرحته على أشبه بمائدة المفاوضات ..انني كما بينت لهم لم اكن استعمل اي أسلوب ضغط او مساومة كل ما هناك انني مستبق على حريتي في اكمال الطريق على نهحي الخاص ..
بعد ثلاثة سنوات من تتبع ملفات الجماعات الإسلامية ومن تكوين قاعدة بيانات هامة كان لعملي ان ينتهي عند ذلك الحد لانه كان من العبث بالنسبة لي ان اظل اعيش مستفرا كليا ومرعوبا من الداخل في الوقت الذي اعرف جيدا ان لا جهة رسمية أو شبه رسمية يمكن لها أن تضمن سلامتي وعدم التعرض الي او محاولة تصفيتي ..
لم اتوانى طوال الفترة ذاتها ولا قبلها على التنسيق مع مختلف الجهات المعنية باستجماع البيانات والمعلومات وقياس مستويات الراي العام والاستعدادات ..كما لم اتردد في القيام بادوار خارجة عن اطار مهمتي ومنذ البداية ساهمت وبشكل عملي في توسيع شبكة المتعاطين والمتعاوينين مع الإدارة بالإضافة إلى الاسهام مع المصالح الاخرى بنفس الوتيرة في التعبئة والتجنيد ..كانت الإدارة في اطارها المعترف به والمؤسساتي حديثة التواجد بالاقليم وبالمدينة وينقصها الكثير وخصوصا الموارد البشرية الخبرية وقاعدة بيانات شاملة وعامة ومصنفة ..كما ان عمادة الإدارة ذاتها كانت تعوزها لحد ما الخبرة الميدانية بعيدا عن دواليب التسير والاشراف السلطوي الاداري وملا الجدادات والمطبوعات الرسمية والمتابعة الروتينية للساحة السياسية والنقابية والمدرسية ولباقي الاحوال الاجتماعية و الشؤون الدينية والتنسيق مع مع الأجهزة الأمنية والتكفل بما تطلبه منها غرفة النيابة العامة المختصة ..
لم اكن اخفي ملاحظاتي او اتهيب في طرحها ومناقشتها مع عمادة الإدارة و دونما ابداء للامتعاض كنت صريحا في شان ان دوري في بناء قاعدة بيانات محلية عن الناشطين السياسيين والفاعلين الجمعويين وكل المشتغلين في الخقل الاجتماعي والنقابي والذين يدرون في فلكهم من المتعاطفين والتابعين بحكم القرابة العائلية او السكنية قد قمت به وفي ظروف زمنية قياسية ولا مفر من ان اتابع التحديث والتحيين الضروري فيها لكن ليس ان اتفرغ تماما لمتابعة اي مستجد او اي تحرك في الان الذي هناك عناصر داخل الإدارة هذه مهامها التقليدية على انها شبه معطلة عن النزول الميداني ومباشرة دورها في استقطاب متعاونين معها ..
كنت اقبل بشكل حبي ان اقدم خدمات "لسي احمد" عندما يصدم رأسه بالجدار لكنني كنت محاذرا من ان يرتضي استغلالي بذلك الشكل لاقوم بأعماله بالنيابة عنه في كل ما من مرة..لم يكن هناك من مجال لاستغفالي بانني ميسرة علي ظروف الاشتغال والقدرة على تحصيل المعلومات المطلوبة بالسرعة والدقة ..
بمثل ما قلته ل"حنان"قلته للسيد العميد وبمحضر رئيس الاستعلامات العامة للعمالة ..عملكم الروتيني يمتص كامل جهودكم ويفقدكم قدرتكم على المرور للاهم وللمطلوب تدبره ورصده ..جميعكم يشتغل على نفس الملفات الكلاسيكية ونفس الموضوعات وينتظر التعليمات ويعتقد أن دوره ينتهي هاهناك ...
وفي نبرة من التحدي لا من خلفية ان السيد رئيس الشؤون العامة القائد العلمي استفزني قلت له :على الاقل انا عملت بنصيحة زرعوا فاكلنا ونزرع فياكلون ..وكنت اشير هاهنا الى دوري في توسيع شبكة المتعاوينين مع مختلف الأجهزة الاستعلامية بالاقليم ...
قلت لحنان انه يلزمني ان اعود الى الظل وسافعل اي شيء لابدوا منعدم النفع والمردودية سانسف علاقاتي ساعرضني حتى للشبهة لتقع محاصرتي على ان استمر كذابة الساقية اشتغل لحساب مصلحة غيري الشخصية ...كانت متخوفة من ان افتح علي اكثر من جبهة لكنني لحد بعيد كنت مطمئنا من جهة من يملكوا بعض الحق في معاداتي لانني أعرفهم لكنني هل تفهم السيد العميد الشخصي لموقفي ولوجهات نظري فهو لم يكن يملك لوحده ان يقرر او يبث في الامور ودائما كان هناك ذلك الوضع الغريب والمبهم الذي قد تنعدم معه معرفة ما ستاول اليه الامور على اعلى مستوى وحينما تتعلق الامور بمجرد كلمات تطمين ووعود برفع الموضوع والدفاع عنه فكل شيء يبقى محتملا وغير مسنود ...
قلتها صريحة وبصوة عالي في وجهها ..لا تخالي انني افعل كل هذا لتزيفي حقيقتي الاجتماعية ولنشر ستار من ذخان حول شخصيتي ..انني انسان ..انني اعاني وسط كل هذا ولا بأس من اقول لك بانني أخاف من الغدر ...
لم اكن مهزوما لكنني اكتشفت كم انا متعب وكم انا تعبت من الجري وبعد كل المعروض امامي من فرص للترقي الاجتماعي مجرد فتات ومصائد ما ان اقبل بها حتى تبتلعني داخل دوامتها وتنتكص بي الى القاع الاجتماعي لاعيش التطاحن والصراع المقيت ...
لم اكن مهزوما لكنني اكتشفت كم بعد الطريق الى "حنان "بعيدة ..فتالمت لحالي..عز علي ان اتعرض للاختبارات الصعبة مرة أخرى ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق