الجمعة، 4 ديسمبر 2020

يوميات: عوالمي السرية..(21)..انا وحنان "هذه "/تابع :7-1


 لم اكن لاجازف أساسا بحريتي في الاختيار والاختبار ...بالنسبة لي قد انسى كل شيء واي شيء الا تلك الصيحة العميقة التي دويت بها وكادت تعدمني وجودي ...قد اشك في صريح نواياي واملك الحق في ان تداخلني الريبة لانني بالاكثر من شكل تحوطت جيدا قبل أن أقدم على تلك الخطوة الحاسمة وبوجود كل ذلك القدر من امكانات التدخل والاسعاف تسقط فرضية النهاية الحتمية كما ممكن الاعتقاد بانني كنت عازما عليها...لكنه على كل تبقى لدي الاكثر من دوافعي الواعية لتوشي بانني لو لم اعلي من مستويات توتري وقلقي لاقتلني رمزيا لانتهيت ميتا ولانمت ذات ليلة للاستيقظ البثة  مع احدى المحاولات التي عمليا كنت قد بدأت بتنفيذها علي ..

على الاكثر من صعيد تحدد تاريخ جديد لشخصي من تلك المحاولة الدموية التي مزقت فيها شرايين يدي اليسرى تمزيقا تاما ..تاريخ الغى عددا من المحطات التي كان مجرد الوقوف عندها يتعبني وهي  تعج بالاستفهمات والتساءلات  ..تاريخ أنهى بشكل او باخر الكثير من الحيرة التي كانت تدخلني في دومات ومتاهات من الخوف والارتعاب ...

ربما لزمني الوقت لاتعافى من الصدمة التي حلت بي من ان فتحت عيني ووجدتني بعد هاهنا بهذه الحياة بعد .. صدمة لم احسب مسبقا إمكان حدوثها معي ..لكنني عموما تعاملت معها واخدت وقتها الضروري الى أن تحاوزت أثارها ..كانت مثل عاصفة تحصد في من الداخل وانا واقف متظاهر بصلابتي غير قابل لجو المواساة التي نشره الاقربون مني ... سؤال واحد كان يلزمني ان اجيب عنه بكامل الصدق والامانة مع نفسي ..ولم يكن مقبول عندي في صيغته الأولى :"ماذا اردت ان اقول من وراء تلك المحاولة الدموية ؟!"بل في صيغته التالية :"ماذا اريد بالضبط ...؟!وماذا بحق كنت اريد ؟! ..

الذي استوعبته جيدا والذي كانت تقول به كل رغباتي هو ارادتي في الحياة ..ولاعتبر ان كل الذي حدث كان عبارة عن دوي عال لصفارة الاندار المحذرة من الخطر الذي كان يداهمتي ويعتمل داخلي لغير مصلحتي ..وعليه كان لزاما على أن أعيد ترتيب كل اولوياتي وتحديد كامل اهدافي وان ارسم الإطار الذي اريد ان احيا داخله ..

ربما بقيت داخلي رؤية خاصة لتجربة الموت والعودة منه تتراءى لي وتتعقبني ..ربما لغايات ما لم احسم فيها للان واترك لها ان تفعل في كما تشاء ..انا نفسي لمست احتياحا ما داخلي لمثل تلك القناعات الروحية التي كانت تتشكل عندي وانا مراوح البحث عن فهم لتلك الرؤية التي انفتحت عليها وانا معلق في الفضاء وتمة من يسحبني للارض  ...

ابسط تعبير تحصل عندي بعد التجربة تلك انني تغيرت ومحال ان اعود لسابق عهدي ..محال لطارق ان يضحى ما كان عليه وللابد ...

تغيرت نظرتي لكل شيء وماعدت انظر كما من قبل وانا  اامن على الطفل  الذي كنته وافتقدته ومع ذلك بقيت محتفظا باشياء منه متخفية داخلي وكنت اجده يتمثل واقفا يرصد بجانبي  المواقف التي اعيشها واتفاعل معها .. 

تحولت نظرتي وتحررت من آلية الرصد التي كان يمارسها الطفل المستتر داخلي وضحت اكثر اتساعا لتنظر هاهنا ولتنظر لهاهناك بعيدا في نفس الآن ...لتقراء في حاضر اللحظة وتتمثل مستقبلها وكل احتمال ممكن لها ...

"حنان "هذه بقدر ما كانت ممكنة وقريبة ومتاحة كان لها ان لا تكون كذلك في حاضرنا وفي مستقبلنا القريب او البعيد ..صحيح انني انتظرت عليها الى أن اتت الي لكنها ما كانت لتاتي لو لم اشاغلها من بعيد لبعيد بنظراتي وتتبعاتي ...وما كانت لتتجرا علي لو لم اعبث بكيانها واهزه عميقا وانا اطرق الحديث تلو الحديث واستغل وجود مجموعات "الزنابق "للتاثير فيها ...

هل بهذا التصريح اسقط ما سبق وان رويته عن كيف اتت الي وهي تطلب ان نتصاحب ..؟!  كلا ..وانما فقط لاضع بعض الامور في نصابها الصحيح ..

مع "حنان "هذه لا دخل للصدفة في تعارفنا ورغبتنا في ان نؤسس لعلاقة فيما بيننا ..هي ارادت شيئا وسعت اليه وانا اردت اشياءا وتدبرت الطريق للوصول اليها ..هي بالانثى المفتخرة بانوتثها وبالاعيب المراهقة التي تكونها اقحمت نفسها في مجال رؤيتي وانا قررت بدوري ان اتسلل لمجالها..هي كانت تعزف علي وانا اغني لها ..هي كانت تهوى ان تجرب قدرتها وانا اخترت ان اصل اليها وان احتويها وان اترك نفسي كي تحبها ..كان هناك قرار واع من جانبي ان تكون لي   

"حنان"...لم تكن لتقرر شيئا في شاني او معي .."حنان"..كانت تستعرض الالعيب التي لطالما اجتهدت كي تتقنها .."حنان"لن تختلف عن الاناث اللواتي كن يستغفلن صغيرا او صغيرة تتعلمن عليه فن التقبيل من الشفاه .. في غفلة عن الاخرين ...وتنيمه قليلا فوقها مباشرة ..ولا تخلفت عن إدخال صاحبتها معها للفراش ..ولا تناست الاحتيال على الاكبر منها لتقحمه معها في لعبة: "لم انتبه لشيء" ....."حنان"...حتى وان لم تكن ملحوظة بطريقة ملفتة الانتباه لما تخلفت على أن تفعل المستحيل لتبدوا ملحوظة وبما يكفي على الاقل ...

"حنان "...ابنة حي شعبي مفتوح على السوق ...ابنة البحر والتسكع بين صخوره ..ابنة المدرسة المغربية العمومية .."حنان "لن تختلف على أن تكون تلك وتلك وتلك اللواتي عرفتهن جيدا وخبرت اساليبهن ...

لم اكن لاتمادى وافكر جادا في بناء أية علاقة مع أية بنت من مجموعة الزنابق كما كان سمجا جدا ان اتحرا على طلب اضفاء طابع العلاقة مع أية واحدة من صاحبتي بنات الحيران لانه لا معنى له غير الشكلي ..اما مع"سناء "فكان الامر أشبه بمسرحية يسدل الستار عنها ..من قبل البداية كنت اعرف انها علاقة بلا مستقبل ..ومع جميع اللواتي تعلقت بهن وعاهدتهن على الوفاء لهن كان بون شاسع يقف بيننا ..كن اكبر سنا مني ولا من مجرد امل  صغير في ان يمسك خيالي بهن ...

كنت واعيا ومتالما جدا من حالي مع عديدات نألف بعضينا ونتودد ونتحاب بخفاء ونجرا  على بعضينا ونحن نعلم مسبقا ان لا امل في ان يجمعنا غد مع بعضنا البعض..حتى مع اختى الصغرى "بشرى"التي كنت احبها وتحبني اعرف انها لن تكون امراتي ..

مثلما كان قرار مني على أن اعود لمزاولة بعض نشاطاتي بدار الشباب الراشدي واعود هذه المرة للانضمام لنادي "الافاق "الذي تركته بعهدة  اصحابي "الشريف "و"الكراب "أساسا وبمرافقة ل"بلقرشي رفيق "وبدات تداريبي على نص مسرحي فردي واخدت اداوم الحضور لمتابعة أنشطة الجمعيات والنوادي وعدت لاحوم من قريب بمدار الاعدادية ومن حول بنات مجموعة الزنابق .كان القرار قراري بان ابحث واختار لي امراتي وكنت مصمما على ان انهي الموضوع في اقرب الاجال..كنت واعيا بمدى احتياجي لمن ابني معها وبحانبها احلاما واقعية لم اكن غارقا في الكبث الذي يتعفن فيه من تعرفت عليه عن طريق صاحبي "الشريف "ولا غارقا في مثاليته الوجودية ومراهقته السياسية ...

كنت ابحث في الوجوه وادرس في الشكل والاسلوب ونمط الشخصية واقارب في الخلفيات الأسرية والاجتماعية واعود لاقرر في امكانات نجاح العلاقة المحتملة من عدمها..   كنت لا اتردد في تعقب المستهدفات المحتملات ومحاولة جمع أكبر قدر من المعلومات عنهن..لم اكن معني بآية حال بآية مغامرة عاطفية امارس فيها الحب او الجنس ..انا كنت مهتما وجادا في البحث عن امرأة لطريقي  ..

"حنان "...استوعبت انها لفتت انتباهي ...وكان لها ان تغافلني وتتصنع عدم اهتمامها .لكنها لم تفعل ذلك وانما ظلت  مركزة معي ودون ان تبالغ في ردات فعلها ..تعقبت سير خطها ..تعرفت على موقع سكنها ..قصدت أن أقف بمقربة من باب العمارة التي يتواجد بها مسكنهم مع كل من اعرفه من اصحابي ومعارفي الذين يقطنون بذلك الحي المفتوح على أحياء متعددة جامعها السوق ..سوق المدينة القديمة "الكبيبات".."حنان "...اخدت تستوعب انها تهمني ...وبدات تغير نظرتها الي ..واخدت تطرق في الصمت لما اعبر من جانبها وهي مع صاحبتها ..

"حنان "..بدت وكأنها تعيد مساءلة نفسها بخصوصي وبخصوص ما الذي يمكن أن يكون شدني نحوها وعن ما معنى اهتمامي بها ...."حنان "...لم تعد عينها تغوي ..او تبرق بالفرج لما نتقابل عيوننا ..عينها كانت مليئة بالاسئلة وببعض القلق ..

"حنان "...اخدت ترتب نفسها وسلوكها وتترقب ..وانا لحد بعيد اعيد تمثيل شخصية "عباس "في رواية "انا حرة "لاحسان عبد القدوس.. وادخلتها في نوبة انتظار غير محسوب افقدها قدرتها على عكس ردود افعالها الطبيعية وبدت تحاول اختباري وكشفي على نحو سمج كان سهل علي التنبه اليه وتفاديه ..

"حنان"...لم تتوقع ان انقل ساحة النزال بيننا الى وسط الاعدادية والى ساحتها المدرسية الداخلية .. وان اقتحم مجالها الحميمي العام ..دوائر زميلاتها وزملاؤها ..اساتذتها ..الإدارة التربوية ...استغللت كل علاقاتي السابقة لادخل المؤسسة ولا تواجد بها دون ان اثير حفيظة اي احد او يتم مساءلتي عن دواعي مروري الشبه يومي بالمؤسسة ....ببساطة كنت استعرض بدوري سعة علاقاتي وامكاناتي التقرب منها دون ان اخاطبها ولو بآية كلمة أو سلام ..

وساعة كنت اخرج من ممرات اقسام الاعدادية  لساحة المؤسسة والفترة فترة استراحة للتلامذة لاخالطهم كنت اعرف انه لن تلبث من كن حاضرات من مجموعة بنات الزنابق بمجرد ان يلمحونني من ان ياتون وبكل الفرح والتحبب والتقرب الي وليلتحفن ويتحلقن حولي ...ومن كلهن لم اكن اولي كامل تنبهي بل ورعايتي الا ل"حنان "فيهن..ويصادف ان تكون هناك اكثر من "حنان "فيهن ..حيث كانت هناك "حنان القاسمي "و"حنان بلفقي " و"حنان .... الاخرى"وكنت اقربهن اكثر مني ولا ابعدهن عني وعلى مراى من "حنان "هذه ...كنت اخاطبها بطريقتي ..اناديها باسمها على طريقتي ..اوعدها بطريقتي ...وكشفت نفسي لمدللة السمراء  الحلوة "حنان القاسمي "وطلبت منها ان تسايرني لان "حنان "هذه تهمني ولا اقصد إثارة غيرتها وانما اثارتها على أن تتحرك تجاهي وان تقترب من دائرتي..

سهل عليها ان تجد الوسيلة لتصبح واحدة من المتحلقات بي ولتشاركنا احاديثنا ونقاشتنا ...وكان يسير علي ان افتح معها نقاش العلاقة بطريقة غير مباشرة وانا اتحدث عموما عن رؤيتي للعلاقات ولمستقبل واوضاع العلاقات في ظل المجتمع الذي نعيش فيه والعمر الذي نحمله مع كل المجموعة ...

اعطيت ل"حنان"كل الفرص الممكن لتبحث خلفي ..لتتعرف على شخصي ..لتسمع الذي يسر ولا يسر عني واجبتها على اكثر الأسئلة احراجا عندها :"نعم اهتم بامر العلاقات واحب ان الهو وان امارس الحب وحتى الجنس لكن ليس هذا هو همي الاول او الاوحد.."..ومثلك انا قد افضل ان اصاحب نوعي واهتم له ويهتم لي على أن اتنطط هنا وهناك مع غيري ...

لا "الشريف "ولا "الكراب "الذين كانا يترهنان على أن تلك ستاتيني عرفا بانني تدبرت الامر من البداية وانني بطريقة ما استغفلتهما كي لا اقول استغللتهما لانه غير واردة بيننا ..الا ان اتت الي وطلبت بان نتصاحب ...وكان لها ان لا تاتيني وكان ممكن ان افقد التصميم على نوالها ضدا على أنني قررت الفوز بها امرأة لي 

انا اخترتها ..لم اعشقها في لمحة بصر وانتهيت اجري خلفها ..انا من بعيد عرفتها عن من اكون بصورة تقريبية وقربت لها منطق رؤيتي للعلاقات وتركت لها ان تقرر في اختيارها الواعي وبطريقة لم تكن تعهدها في نفسها من قبل ..واتفقنا على أن نبدأ مع بعض ...لم نجد معالما النهاية ولا اية نهاية محتملة ..اتفقنا على أن نمضي سوية وان يجمعنا طريق واحد ..

"حنان "...لم تكن ناقصة حيلة ولا ضعيفة ومترددة ..كان بامكانها ان تنقض كل ما كان بيننا وتنهيه متى شاءت ..ودون ان تثير أية مشكلات معي ..كان يكفيها ان تغلق في وجهي بابها وان لا تبحث عني وان تقحمني في انتظار ان تعود إلي وان لا تعود بالمرة الي وينتهي بي انا المطاف لافقد الامل فيها دون ان اجرا على مساءلتها حتى ...

الإدارة حاولت افهامي بأشكال واساليب متعددة بان دخول الحمام ليس كالخروج منه ..وحاولت ترهيبي مثلما كنت اتوقع انها ستلحا اليه ومثل ما كنت اقدره بانني متى تراجعت عن قراري فساعيش بقية عمري منبطحا أمامهم ..

كنت لحد بعيد اشك في صدق تهديداتهم المبطنة واعي انها مجرد الاعيب نفسية وسيكولوحية هدفها التأثير علي واثنائي عن عزمي ..لكنني داخليا كنت معرضا للكثير من التوترات ومنفعلا وغير قادر تماما لاحسم نهائيا في امري معهم ..والتوجه بالمقابل الى الامام في باقي اهدافي ...لانني كنت مستوعبا تماما لحقيقة اما ان تكون معنا او ضدنا ولحقيقة انه لا يمكنك ان تتنكر لنا ... 

لم اكن لاقبل باسلوب الترغيب والترهيب على انهم لم يلجؤا اليه بشكل مباشر ..ولا لاساومهم بدوري ..بالنسبة لي كان عامل الزمن حاسما في صياغة قراري بايقاف نشاطي لجانبهم  واعطاؤهم فرصة لتسوية وضعيتي بما ينسجم مع اشتغالي الميداني في الارض ..كنت انتظر منهم البدئ  في ايجاد غطاء يكفل لي هوية اجتماعية ووضعا مستقلا ..لم اكن أراهن البثة على أن يتم ادراجي كعنصر انضاف للعناصر  المكتبية والإدارية  ولا من مجال كان لانخرط بشكل رسمي عبر الالتحاق بسلك التدريب والتكوين الإعتيادي لابدا من اول السلم ..ابدا لم يكن رهاني والا لكنت طلبته من اول ما حصلت على الاعدادية وقلبها وهم يعدوننا التوجيه الثانوي او التكميلي ..كل الذي اوجدتني عليه. واعددتني اليه كان  العمل الميداني والعمل في الظل ..ولا يهم اي ارض ان اتواجد بها أو التحق للعمل بها ..كنت في اتم الاستعداد والجاهزية لاعطي وعلى نحو خبري وانا متخف وبهويات مزيفة على أن اختنق بالعمل الوظيفي ..بل لم اكن لاعول على اي وظيف بمستوى الشهادة المدرسية التي بحوزتي لابدا من اول السلم حتى اتقاعد ولم اتزحزح الى أي مكان يذكر او يعتد به ..

تحدثت ل"حنان "بمنتهى الصراحة عن أية آفاق اعدني لها وعن خططي البديلة وقلت بإمكان ان اعطل  مرحليا كل طموح لي والج سوق الشغل كاي عامل او مستخدم الى أن تنضبط اوضاعي المادية والاجتماعية ثم اعدني عن حق لاجتياز مباراة الباكلوريا كمترشح حر ومن بعدها اتدبر فرصا اخرى من بينها الالتحاق بمعاهد او جامعات او حتى الاقدام على الهجرة بنحو شرعي ..

كنت واعيا بحقيقة اختياراتي وبما راهنت عليه ..جربت ان اتقاطع مع ما كونتي عليه مع عالم الصحافة لكنني تفاجأت باوضاع العاملين فيه المتردية وبوضع الصحافة المتازم نفسه والمخنوق ..على أنني لم اجد دعما يسندني لانتقل للاستقرار بالعاصمة الرباط او بالدار البيضاء حيث مقرات الصحف الوطنية ودور النشر وكل المركزيات الحزبية والنقابية وباقي الوزارات والمصالح المركزية. والتمثيليات الدبلوماسية ..وحتى إمكان الحصول على شهادة عليا من معاهد خاصة تدرس بالمراسلة كنت قد تواصلت معها لم يتسنى لي لان لا احد كان بإمكانه أن يتكفل ماديا بمصاريف الدراسة ..لم اكن لاقنع بآية خطوات عشواء وارتجالية ولا بالانخراط كيفما اتفق في اي عمل يبصمني ويحدد اوتوماتيكيا وضعي المهني والاجتماعي..ويقتل اي طموح في لاحقق ذاتي كما اصبوا اليها ..

كنت ابن موظف تعليم ابتدائي بسيط لا طموح له ولا استعداد عنده ليدفع في اتجاه ايصال احد أبناءه للبر الذي ينشده ..ويغامر معه ..كان اقصى مناه ان يتخلص من تابعات التكفل الفعلي بابناء الى أن يبلغوا سن  الرشد القانوني ثم ليتدبروا همومهم ..وكنت اعاني مثل العدد الكبير من ابناء الموظفين البسطاء المحدودة رواتبهم والتي لا تكفيهم متطلبات الحياة الأساسية ...وكنت ضجرا من عقلياتهم وامزحتهم وما ينشغلون به بالإضافة اما لاقبالهم على السكر والخمرة او الصلاة والتزمت والمذلة..كنت ارتى لحالهم وهم ينتظرون كل سنة نتائج الحوارات الاجتماعية والزيادة  في الرواتب وهم يتذاكرون حول الترقية والتسهيلات البنكية القرضية المنزلية ويلعنون ويسبون في رؤساؤهم في العمل وبروقراطية الإدارة ..

مع "حنان "....كنت اجن بالحكي والكلام ..اجد فرصتي لاعبر عن كل مكنوناتي دواخلي وهمومي وانشغالتي ...احزاني واحلامي ...لم اكن بحاجة لاتخير الموضوعات ..هي مجرد البداية بالحديث ويرتسم وحده أفق الكلام والحكي ...كل الذي كنت اضعه في حسابي هو تشجيعها على الحكي والبوح والتعبير عن نفسها عبر مباشرة الحديث عن نفسي ..عن حياتي..عن تاريخي الأسري والعائلة ...عن حاضري ودوائر اهتماماتي...كنت اعرف انني اغبنها معي ...فللقاء  المقدر له ساعة ياخد كامل الظهيرة والمساء ويتجاوز  غروب الشمس...والرغبة في نتفاصح مع جسدينا تتحول الى سلسلة رغبات تندفع لوحدها من دواخلنا وترضينا غاية الارضاء..كان يكفي ان اشعر بها لجانبي ..بمحاداتي ..كفها لكفي ..او راسها على مقربة من صدري...استانسا بعضينا وتجاوزنا كل تعقيدات الممارسة العشقية بيننا بمثل ما يتصورها كل زوجين قبليا وهما متواعدان لاحقا وكل واحد منها يترقب المبادئة ويرسم الحدود داخل نفسه كمن يستعجل النهاية .ويؤحل باستمرار الاشباع ...

مع "حنان" ....تحاوزنا عتبة الاحساس بما يكون جسدها وما يكونه جسدي ...هي لي وانا لها وانتهينا من اي تفريق او تمايز او مداورة اجتماعية أو احساس بالنقص..كان الحب وحده المستباح بيننا  والصدق قانوننا ...كنت صادقا في تقدير مشاعرها نحوي وابادلها صدق مشاعري لم تنتابني ولو في لحظة واحدة افكار الخديعة والاستغلال ...وكلما امضينا عائدين على طريق ان نفترق ونستودع بعضينا كنا نكون في ارق حالة واكثر تناغما في احساساتنا ...وبداخلنا حب يسع الكون كله .. 

كنت اعرف انني اغبنها معي بمواجعي وبمشاكلي الخارجية لكنه كان لازم علي ان اضعها دوما في الصورة لتعرفتي اكثر ..لتقترب من تفكيري ..لتفهمني ..لتانسني..لتقارب نظرتي للامور ولتشتغل معي على همومي وما يارقني من توجس   ...كنت اريدها امرأة لجانبي تبالي بي كما ابالي بها ..تسعد وتحزن   وتغبن  معي ولحانبي ...وتتخد القرار معي ... تجدد اختيارها الواعي لان تكون معي او تنسحب بهدوء ..

حكيت لها حكاية عمر اخو حمزة البهلوان غير الشقيق ..عمر الغيار ..عمر الذي كان عين حمزة وظله ومخرجه من اي و رطة يقع فيها ...وكيف سلبتني شخصيته وتماهيت معها وعشت ارعى في كل الجوانب التي يمكنها أن تحقق لي الحصول على كل مواهب عمر الفعلية ...

انا اخترت ان الج هذه الشخصية وان اتماهى معها وسعيت بكل إمكان متاح ان اكونني لأكون قادرا على أن العبها في الواقع ...انا من اخترت التقرب من الإدارة وانا من سعيت لترتيب اول لقاء لي مع رجلها الذي كان متعمد ان يكشف عن موقعه ليجعل منه وصلة الهمز مع كل من بإمكانه أن يقدم معلومة او يساهم بالتبليغ عن نشاط ما سياسي كان او امني او غير قانوني ....وانا من اختار الان أن يجمد نشاطه مع الإدارة ...ومن قرر ان ينهي اي تعامل ورقي مع الإدارة ..رفضت ان استمر في تقديم تقارير ورقية  جافة ..كما رفضت المحادثات المسجلة ..كما اخرجت علاقتي برجل الإدارة للنور .. في ظرفية جد صعبة ..في الان الذي كان من الممكن ان يفضل المزيد من التكتم وتوخي كامل الحيطة ..عمدت على ان انهي مجرد الشك في شخصي لتعزيزه على نحو يصدم ويثير الأسئلة حولي ..ويعطي لمن يبحث حولي الفرصة ليحرا على مساءلتي وليكشف  بالتالي عن نواياه واستعدادته ...كما كنت ارمي من ورائها اظهار الجهة التي تكفل حماياتي لالجم اي محاولة متهور النيل مني او حتى التفكير في ذلك ...وابعاد تقيمي من جديد من كل من علم ان لي صلاة علنية مع رحال الإدارة ...لم اكن اكشف عن هويتي ولا كنت احرق اوراقي كل ما كنت اعمد فعله عبارة عن نشر ستار كثيف من الدخان حولي ليمكني من التحرك بكامل الحرية ودون خوف او رهاب ..كنت اعرف ان شكوكا كثيرة تحوم حول شخصي ..ومن العبث ان اصل افندها في كل مرة يلفت انتباهي لها ...انا كنت اقدمني على أنني نشاط اجتماعي ومشتغل بالصحافة ولي علاقات واسعة ومتعددة وعلاقتي برحال الإدارة أو لمصالح الاستعلامات العامة أو غيرهم من الامنيين جزء من علاقات سوسيو مهنية عامة ...لداعي للتكتم حولها مادامت علاقات عامة واجتماعية ...كنت العب على الحبلين ..اكذب اي صلاة مشبوهة او متورطة وارسخ الاعتقاد والظن في ان اكون متورطة لحد بليغ في صلاتي ...كان يصلني ما يتدوال في شاني داخل دوائر جماعات معينة بما فيها حتى دوائر موظفين جماعيين ومصالح خارجية  وداخل جمعيات واطارات  سياسية محلية من حرصهم الشديد لتجنبي على اعتبار انني قد اشكل عليهم بعض الخطر  ..او العمل على تسهيل معاملاتي حتى يامنوا جانبي ...كان هناك حتى عناصر أمنية نظامية تتخفظ على التعامل معي وتلفت انتباه المقربين منهم ليتقوا جانبي ....وكانت فرصتي قد حانت لاقلب الطاولة عليه ببساطة طرحي لشخصي :انا من الممكن ان اكون ذلك ومن الممكن ان لا اكونه ...والاكيد انه ما من شيء يمسك علي والفاهم ليفهم لوحده ....

تعلمت ان أعيش بالاحساس المستمر بالتهديد وكل يوم كنت اعرضني بخرحتي للخلاء المجاور للغابة والمطل على شريط الشواطئ الصخرية المهجورة  لامكان الالتفاف علي والانقضاض على سلامتي الجسدية ..كنت ارصد من يتعقبني ويتراحع لحال سبيله  لما انطلق عابرا المساحات الخالية لان لامجال لتعقبي دون ان يكون من يقدم على ذلك مكشوفا لي كما لا مجال ليباغثني ...كنت ببساطة اركب التحدي عاليا ...حتى امام من كان شكهم عاليا نحوي ...كنت اعرف انهم مهزوزن نفسيا ومتخوفون ومنهزمون داخليا ليتكفل بهم توجسهم وترددهم ورغبتهم في مسك الدليل القاطع علي بتورطي وتوريطهم مع الإدارة ..للا يستطعوا ان يمروا إلى الفعل ...

لم تكن خطة تأمين خروج سالم لي من مهمة متابعة الجماعات الإسلامية وليدة اللحظة لانني كنت من اول يوم اقبل بالمهمة اعمل عليها حتى اصبحت جاهزة كليا وامنت لي ان اقول بصريح العبارة الإدارة انني انهيت مهنتي وحان الوقت لاعبر ا بي الى المزيد من المكاشفة والمعاملة اللائقة التي استحقها لا للمزيد من الالعيب والتستر وتحويل الاهتمام والإنتباه ...ان اكون منكم او لا اكون منكم ...اما عن الولاء فهو يقيدني ولا حاجة لي بان تراقبوه وتحصوه  علي ...

كنت اعلن امام من كان يعرفني في هذه الحزئيات الخاصة والسرية انني بالفعل منخرط في العمل بجانب هذا الجهاز الأمني العالي المستوى واترك له تقديره الخاص بان يعدل تقيمه لي ويرحب بي أو ليعلن استعدائي او ليلزم حياده ...واعود فاعلن امام من كان ناشطا في الساحة ومحتاج لان ياخد مني موقفا فليفعله او ليحرا على مناقشتي وجها لوجه في موضوعه ..او ليحتفظ بلسانه داخل فمه وليصمت عني ...

انا لم احقق أية عوائد مادية ولا اية مكاسب أدبية ولا صفة رسمية /رسمية تقونني تحصلت عليها ...كنت في الظل وساظل كذلك اشتغل وان اتخدت قراري يتجميد كل انشطتي السياسية والاجتماعية والعملية كما كانت قائمة مع الإدارة ..

لم اخرج خاوي الوفاض بالتاكيد كسبت خبرة ميدانية مهمة ولا فضل للإدارة ولا لاي جهاز آخر في اكسابي لها هم وعلى كل حال لم يكن سهل عليهم ان يتخلوا عن اساليبهم الحيالية  في التعامل وعن محاولة استغفالي واستغلالي ..وانا كنت قابل باللعبة الى أن قررت بان اغير في قواعدها ...

 تقبلت مني "حنان "كل دفوعاتي لانها كانت تعرف وتتابع عن كثب كل ما جرات على القيام به للوصول الى هنا وبهدف شخصي بان اقرب المسافات بيننا ..ولم تجدني فشلت في مساعي ..كانت لجانبي تحتضنني وبعد تقول لي انا بجانبك والعمر كله .... 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...