الأحد، 23 أكتوبر 2022

يوميات : عوالمي السرية .../ مابعد زمن كورونا ....تابع ٢-١ : الحاضر...


 كانت كالحقيقة الصارخة والجلية ترتسم امام افقي..كانت كما شيء نريد ان نرفض التصديق فيه لانه  ولعله يحمل كل المرارة وبعض من ذلك الايمان الذي ياتي متاخرا جدا...

قلتها له صريحة :" وهل سيصبح ضروري ان نفقد احدنا ويموت عزيز علينا كي نلتقي ...؟!!"

وكان كل مافي ينظر حوله ..وفي نفسه ..في نفسي حتى انا وانا لا استطيع ان اجزم في من منا عليه الدور هذه المرة..ومن سيعبر من امامنا لحيث لا يعود له وجود بيننا ..

بيني وبين نفسي لا اهتم ان كان الامر بملكي او ان جاء دوري ...ربما لانني الوحيد الذي قد لا يخسر شيئا يذكر ..وعبوري سيكون يسيرا على كل احبتي على الاقل لانني ساعدم دفعة واحدة لا احدا ساورثه هوسي او جنوني ولا هزائمي وانكساراتي ...سامضي وسيسهل حتما طي حكايتي حيث لا اصدق فيها حتى انا نفسي ...

ذاكرتي مخرومة وملئ بالثقوب ومشوشة لدرجة عنيفة ومرضية فمن سيهتم بما ارويه او اقول به ...وانا كلما صدقت في بعض حقائقي حتى انتهي ومن جديد لاشك في كل تفصيل او حدث او واقعة زعمت انها حصلت معي ...

غادروني جميعهم وتركوني لوحدتي تقتلني او اقتلها ...

كلما استعدت وجوههم وحضورهم اشعر كم انهم يكبرون بينما انا اشيخ ..

كلما تمعنت في وحدتي المزمنة لا اخاف القدر الذي قد ياتيني وياخدني معه لكنني لا امنع نفسي من ان ترثي حضها وقد ارحل في غفلة عنهم كلهم وحتى في اسوا الحالات ولا من سينتبه لي ...

ذهب العمر وكبرت رغما عن رغبتي وكل الذي كنت اخشاه من غربتي اصبح حقيقة ...

في يوم قد اصحوا ككلب ميت ولا من سيسال عني حتى تتعفن جتثي وياخد الدود في التهامي ...

ربما الشيء الوحيد الذي سيكون عزائي انني انني لم امت ككلب شوارع ..

اشتقت لكل احبتي وناسي ولاحضانهم ..اشتقت لجنوني وفوضاي وعبثي ..اشتقت للابالي ..اشتقت لسابق رغباتي العاتية ولكل ما كان يدفعني لاحاول على الاقل الرحيل بارادتي ...

انظر لوجههم وفي رغبة ان تكون نظرتي الاخيرة لهم لانني حقيقة تعبث من ان اكون شاهدا مرة اخرى على افتقاد اي واحد منهم ..

لم اعد قادرا لان اقبل دروسا جديدة من الحياة ..لقد اكتفيت خبرت من الاشياء الكثير وفوق ما كنت لاصبوا اليه ..ما تصورت ان ابقى العمر كله هاهنا قاعدا ..وان يرحل او يغادر او يخرج كل اولئك وكلهم دوني انا ..

كل حياتي عشتها في هذا البيت الفارغ الا من الذكريات 

كل حياتي بقيت حبيسة هذه المدينة اللعينة لا رحلت ولا ارتحلت الى اي مكان يذكر ..

ماتت والدتي ولم يخرج اي ابن لها في جنازتها ولا تلقى عزاء المقابر فيها ...حمل نعشها الاخرون واودعها التراب الاخرون ..

وماتت اختى الصغرى ولم تودع حتى ارضنا ولا مقابرنا ...ماتت هي الاخرى غريبة عن ديارها ولعلي لن اعرف يوما طريقا للوصول لقبرها ...

ومن سيكون التالي !!؟...انه الخريف سيد كل الفصول والمواسم ..

لست مكتئبا لكنني متعب لدرجة يمكن ان اكون فيها مكتئبا بحق وعمق ..

مكتئب لمستوى ضيعت معه كل خططي ..لم يعد بملكي مواجهة اي شيء ...رفعت عاليا يدي مستسلما كما لم اكن اتصوره سيكون مني ...

لم اكن ادرك حجم الخسارة التي سيشكلها رحيلها ..ذهبت وذهب معها كل امل بسيط او حلم بليه كان يراودني ...

ذهبت كما لو لم اكن مستعدا جيدا للحظة فراقها ..هزت مني كل يقين وثقة في النفس ...

انظر لكل من تبقى منهم ولسان حالي يكاد يقول لهم :رجاء لا ترحلوا قبلي هذه المرة ..اتركوا لي على الاقل هذه الفرصة ..اعطتكم الحياة ما لم تهبني اياه فدعوها تاخدني كعدل وحيد لي ان انتظره من كل هذه الحياة التي لا تبدوا عادلة دائما ...

بعد هي ذات المسافة الساشعة الممتدة بيني وبين كل من كنت اعرفهم في يوم من ايام حياتي ...هم هناك ...في عدد من الامكنة والمواقع يعيشون حياتهم ..وانا ما برحت مكاني ..يعقلون اشياء عني ..يتذكرونني حتما لكن كمن ابتعد ليتحول لمجرد ظل...يعرفون بالاكثر من شكل انني بعد احملهم معي ..وانتقل بهم معي ..وانني احببتهم بالاكثر من صيغة واحساس ...

بعد لا املك الجرأة الكاملة لاسئلهم حتى كيف افترقنا وابتعدنا..ولا كيف لم احاول حتى استرداد بعضهم ...

في سؤال لي من عنصر من شرطة المرور سالني واضحا :"ماذا افعل الان ..ما مهنتي الحالية ...!؟..وتفكرت للحظة ان اقول له بعض الاشياء لكن لم تخرج من شفتي غير عبارة " لا افعل اي شيء ..."

اصبحت جد محرج امام اخي سمير وامامهم جميعهم ...لا تستقيم الكلمات بين شفتي ..وامتلا بالتوثر والرغبة في الخروج سريعا من الموقف ..اشعر بالضحالة وشخصيتي كمن تاخد في الترنج وسؤال خبيث ..ماكر يداعب فكري ..ولا اعرف كيف املك ان اقول واقول كل ذلك الكلام دون ان احتسب نفسي ..هل قبلت ان اكون الاستثناء ..؟! ام وصل بي الفصام لاتجاهل وضعي من كل الحكايات والوقائع..

فعلت كل الذي فعلته وانتهيت لهاهنا فهل من الضروري ان افصح عن كيف اصبح ذلك واقعا ..واقعي انا ..

تمنيت ان ابتلع لساني واصمت للابد لا داع لابرر وجودي ..حكايتي لم اصغها في معضمها مخيرا ..كانت فقط حكاياتي وانتهيت الان كغبي يحاول ان يعقلن الاشياء ...

هل الاحبة سيخاصمونني لانني تطاولت عليهم وقلت وقلت وقلت ...؟!

هل تراهم سيتفهمون يوما دواعي !؟؟ هل سيميزون مني ما ينطلق بمنطق القلب عن غيره ....!!؟

يؤلمني بشدة انني بعد لم اقل لهم كل حكاياتي معهم ..ويؤلمني بوجع عنيف انني لاافعل الشيء الكبير لاكون مفهوما لهم ولنتجاوز سوء فهمنا بعضنا لبعضنا ...

لا ثقة لي في الحياة ..لا امن لي من جانبها ..في لحظة واحدة قد تقلب كل الموازين وقد توزع فوضاها كما شاءت هي لا نحن ...واهم لو اعتقدت للحظة انني مسيطر على الاوضاع وعلى حالاتي ...

ربما لست خائفا من يختل توازني واسقط ..او يكبر حزني فيبتلعني ..او ببساطة افعلها ذات يوم فاشنقني او اقدف بي من علو شاهق ...ربما لانني سلمت بعضا من نفسي للمعالج النفسي وارتضيت ان اكون المريض والمتعب وللا سوي حتى لا اضطر لابرر نفسي في كل ما من مرة ...

لم اتغير تماما لا زلت في معظمي انا كما كنت فقط لربما لانني اشيخ فيبدوا وكانني اتغير ..

لا زلت للان ستضيعني الاسئلة وستجنني شكوكي ...للان لازالت ذاكرتي مترنحة لا تعقل الا ما تريد عقله هي ..

وللان انتظر من اليومي ان يربط صلتي بالواقع ..للان انتظر من اليومي البسيط والفقير ان ينظم علاقاتي مع الزمن ومع الامكنة والناس ...

لم يعد لي سرير متاح في مستشفى الامراض العقلية والعصبية ..ومن زمن اخد يطول لا عاد لي فرش في مؤسسة سجنية ما ..ولا سافرت الى اي مكان فضعت فيه ولجات الى الاي مكان ليضحى مكاني ..ولا عائلة يمكنني ان الود اليهم ...

مغامرة الحياة اصبحث اكثر عمقا وبلا شكل تحتويه ..وكل مكان قد اضيع فيه سيكون حتما في ذاكرتي ...

ربحت الوالدة رهانها ..ولم يتخلى عني احدهم كما كنت اتوقع وأتصور انه يمكنه ان يحدث معي ...

ربحت بعضا من تقاعدي المريح شكلا ومضمونا لكنني داخليا لا زلت احمل ذلك الصبي الشقي وارتحل به الى اللامكان وانا بذات الارتعاب والخوف ..لست قويا كما قد يعتقد البعض بعد بنفس الهشاشة والسرعة على الانكسار وكل الفرق انني اصبحت محترفا في التمثيل واعرف اختيار الاقنعة ..

لا احتاج لااول نفسي او سلوكاتي او حتى ممارستي..

لا اهتم بجد على ان اعطي انطباعا عني اجتماعيا..او اسعى لرسم صورة عني ...

لا اعرف ما عساني سافعل بباقي ايامي ...اعيشها فقط ..كما تاتي ..ولربما بالكثير من السلبية وعدم الاقبال عليها ...

لا اراهن على ان الغذ سيكون لي ..ولا اهداف اعقل انني اسعى لتحقيقها ...

ليس يسير علي ان اتقبل ان النهاية تكون في كل الحالات هي الموت ..حادثة الموت ..او انني استشعر بان جيلي يعيش ازمة انقراضه ..

اشعر بانني اشبه بحيوان لم يعرف كيف يدجن جيدا ..والان يعيش عزلته ورعب مواته ...

كحيوان جريح ..مكلوم ..ومغلوب على امره ..يعيش ويقتات على ماتبقى من حب الاخرين ..

ابكي ...بالطبع ابكي ..وبحرقة ...لم اكن اتخيل يوما ان حياتي ستنتهي على هذا الشكل ...!!؟

ابكي كثيرا وحدتي ...وغربتي بين ناسي واحبتي وفي وطني ...

وابكي الان كم يلزمني ان انتظر لاقابل منهم ..لواحد اعرف انه سياتي ليذهب ...ومع ذلك انتظر ان ياتي ليجبرني قليلا على تحمل قسوة حياتي ..ليهبني بعضا من الامل والحب والدفئ...

كل مايلزمني الان الاعتراف بكم هي وحدتي قاسية علي ...





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...