عدت لانتظامي العام الاجتماعي ..احرص على الظهور في اول الصباح مثل جميع الخارجين الى وظائفهم والى مدارسهم ...ابادل تحية الصباح من اعتدت السلام عليه ... اتحصل على نسختي من الصحيفة اليومية التي كان يهمني الاحتفاظ على اعدادها للاشتغال عليها لاحقا ...ثم ادلف المقهى ... التي أصبحت واحدا من وجوهها..وطلبي معروف مسبقا ..."محمد بنكبور " سهل لي تكوين خطاطة ذهنية معرفية أولوية عن مرتادي المقهى الدائمين بحكم انه سبقني للجلوس اليها على مدار شهور وباعتباره يكبرني سنا وابن المدينة الذي عاشر وتعرف للكثيرين ... كنت قد قررت بيني وبين نفسي على أن أصل اليهم باجمعهم وان اتعرف عليهم وان اكسب ودهم ..لذلك كنت متنبها لاجمع عنهم اكبر قدر من المعلومات وكانت وسيلتي في ذلك الاعتماد على الملاحظة لسلوكهم الخاص ولسلوكهم الاجتماعي وتسجيل عادات كل واحد منهم وتتبع مزاجهم النفسي وما يستهويهم من مواضيع في الصحف التي كانت توفرها المقهى ويتم تبادل قراءتها والتعرف الى مخالطيهم ونوعية علاقتهم الخاصة ..كان يلزمني فقط الوقت والتصرف على اريحيتي دون استنفار ..لم اقم بالخطوة الأولى الاجتماعية للتطبيع معهم وانما اعتمدت أساسا على كسب ود واحترام صاحب المقهى والعاملين بها وهولاء من غدوا يمدونني بالمعلومات التي لم يكن ممكنا ان اعرفها وهي مستقات من حوادث حصلت في اونات سابقة وغالبها يعود لبداية اشتغال الناذل بالمحل او لبداية مداومة الزبون على المقهى ..وهكذا بدا يتجمع عندي تقريبيا عناصر تكوين بطاقات شخصية لكل واحد منهم ...بطاقات تصنيفية نوعية تهم الانتماء او الاختيار السياسي ..العضوية النقابية ..طبيعة العمل أو الوظيف المزاول..مشاكل العمل ..الالتزام الديني الشكلي ..الوضعية المادية ..الحالة العائلية والمدينة .. الحالة العاطفية ..مستويات التفاعل الاجتماعي ونوعياته .. الحالة البسيكو سيكولوجية : الادمانات ونوعية التعاطي وظروفه ...العلاقات العابرة ...السلوك الانفاقي ...سلوك الظهور الاجتماعي ومستواه ..التعاطي مع افراد دائرته الخاصة : الزوجة ..الأبناء ..الإخوة ..العائلة ..
عندما كان يهمني فرد من الرواد باعتباره وجها من المدينة انقل بحثي حوله ل"محمد ولحميدوا بنكبور "..ومع حرصي لعدم الاخد بكامل الرواية الاجتماعية الشفاهية الا انها كانت تكون فرصة للبحث في تاريخ المدينة الاجتماعي..واستكمال ملفات قديمة بحوزتي وربط الوقائع ببعضها وتمحيص القريب من الصحة من المستبعد ...
استعاد معي "محمد بنكبور "العديد من اهتماماته التي طالها النسيان وشيء من التقادم مع كامل انغماسه في حياته المهنية والزوجية ومع دخول علاقاته مع مجموعته لمرحلة التعاطي الروتيني ..اصبح حريصا على أن يشاركني الجلسة الصباحية والمسائية ..ونقاشتها المختلفة الطبيعة كما نخرج سوية لقضاء الشرفة الاطلنتكية وللمرور بعدها على فضاء المدينة القديمة وساحة دار المخزن وننتهي اما بالقرب من حي سكناه او حينا ..
ظهوره معي اعاد لي اجتماعيتي وساهم في استعادة علاقات قديمة وامكان تطوير علاقات اخرى كانت فقط تعرفية ومناسباتية ...ادخلني في مجال علاقاته الاجتماعية العامة على مستوى الحي الذي تربى به والذي يوجد به مسكن والديه وإخوانه ..وعلى مستوى المدينة ككل.. أصحابه القدامى ..زملاء دراسته ..زملاءه في الشركة والمنظوون منهم في نقابة الاتحاد المغربي للشغل.. صاحباته السابقات ومن لازال محتفظا بعلاقة ودية بهن ...السوق التي يتبضع منها وأصحاب المحلات والدكاكين الدين يفضل التعامل تجاريا معهم ...
كان بيننا نقط نتفق عليها تخص حقل تعاطينا الاجتماعي واسلوبنا في تقديم بعضنا اجتماعيا للاخريين ..والتعريف المقتصد والنوعي عن شخصية من تقدم منا او حتى عبر من جانبنا وعليه علامة او معروف بخصيصة ..."محمد بنكبور "كنت قد طورت معه علاقة متميزة من اول تعرفي عليه وهو يرتاد دار الشباب الراشدي ويعرج على مقرات الندوات والمحاضرات ولو ليتابع لبضع دقائق وينصرف ..لكن مرحلة انخراطي مع الاستاذ بديع محمد في حزب الحركة الشعبية قربني اكثر من "محمد بنكبور"وكل أفراد مجموعة ليكسوس الغنائية التي مهدت لتأسيس جمعية ليكسوس للثقافة والفن بالعرائش..حيث افسحت لهم المجال لعقد تداريب موسيقية لهم بمقر الحزب كما ساهمت في تنظيم سهرة لهم في إطار ايام ثقافية إشعاعية نظمتها الشبيبة الشعبية التابعة لحزب الحركة الشعبية.. كان يعرف انني مهتم بان اعرف كل من يتحرك في مجال رؤيتي العامة الاجتماعية انطلاقا من فهم بسيط مفاده أن كل واحد تمرق من مجال رؤيته يكون نحوك انطباعا سرعان ما يتحول لموقف عاطفي او سياسي..وكل واحد تدخل دائرة تعاطيه الاجتماعي المهني الا ويبدي اهتماما بمعرفتك ان لم يبدي انه يعرف عنك بعض الاشياء..كما ان ذاكرة الناس خطيرة لانها تعمم وتصنف وتحاكم وتحاصر وتستبعد انطلاقا من موقف كل واحد الشخصي التفاعلي مع المجتمع ومن ما يشكل قناعة او اعتقادات خاصة لدى الفرد ذاته ....وبمثل ماهم يعقلون يبقى ضروري حتى نحن ان نعقل وان نتدبر تفاعلاتنا المجتمعية ...كنت صريحا معه للحد الأقصى الذي يمكنني ان أذهب اليه ..كما كنت اسس محادثاتي معه على تناولات معرفية وعلمية نفسية واجتماعية وتخصصية تنهل من علم الاجتماع السياسي ومن الدراسات الاستراتيجية السياسية والأمنية والجنائية ...لا اولي اهتمامي بالمعلومة الشخصية وانما احولها إلى مدخل للمناقشة في الحقل المعرفي الذي تحيل عليه او الذي يؤطرها او الذي يقرا فيها كظاهرة اجتماعية ...وكانت هذه النقاشات الجادة هي ما تهمني لانها كانت تجعلني بداية دائم المراجعة لافكاري ولما وسبق أن درسته ولانها كانت مستهدفة بذاتها فانا لم اكن استعرض قدراتي المعرفية وانما كنت اعرف انني متوجه لتأطير مخاطبي وتكوينه بشكل او باخر ونهاية كنت اعرف انني استهدف استقطابه لجهتي .....
في هذه الفترة استطعت ان اضبط تعاطي للأدوية والعقاقير النفسية وقلصت الجرعات للحد الادنى ..لم اكن اخد الا ربع حبة "ارتان 5منغرام "كل صباح وربعا اخرا اخر المساء واكتفي بحبتي "لكزوميل 3منغرام"اول المساء ..اما للنوم فقلصت جرعة دواء "نيوزنان 25 منغرام"من جرعة 100منغرام الى النصف ..كما لم اعد امر على قسم المستعجلات لاخد الحقنة المهدئة ااجلها في كل مرة للمرة التي اكون في اشد الحاجة إليها وقد يحدث أن تمر اكثر من عشرة أيام دون أن اخد حقنة "ديازيبام "..
كنت اعرف ان التعاطي الاجتماعي النشط يستهلك مذخرات الفرد المعرفية ويغرقه في الإستذكار والاسترجاع والاجترار لخطاباته وافكاره لذلك كنت حريصا على أن استعيد تكويني واعيده وعملت على محمولات الجريدة اليومية بتحليلها وبتكوين ملفات لقصاصاتها والاستزادة على ذلك بالقراءة في الاطر النظرية المعرفية المحيطة بها ...واخدت اداوم على استعارة الكتب من مكتبة وادي المخازن والبحث عن كل شيء يقرا عند اصحابي واصحابهم لاقراءه ...كما كنت أستعين بمكتبة اخي "خالد"للتزود بالمراجع القانونية ...
لم تنتهي حساباتي مع بعض افراد التنظيم الاسلامي المحضور الذين كانوا مصريين على مواقفهم المعادية للنظام العام للبلد..والذين مع الاسف كانوا غارقين في احلامهم المثالية و لا يمتلكون اي تصور عملي جاهز وقابل للتطبيق..حتى فيما يعتقدون أنهم يكابدون ويجاهدون في سبيل تحقيقه ..ونصرته ..كما كانوا عبثا يناصبونني العداء لانهم كانوا يعرفون انهم موضوعون تحت قوائم المراقبة وكل تحركاتهم محسوبة عليهم وسهل جدا تقديمهم للعدالة بتهم تمس سلامة امن الدوله..هؤلاء تبلبلت حسابتهم لانهم كانوا من جملة احلامهم السياسية المراهقة يحلمون بالاعتقال السياسي التعسفي ومؤازرة المجتمع المدني والاعلام لقضيتهم لم يكن في حسابهم انهم بعد ان يكشفوا سيتم اندارهم للقيام بمراجعة فكرية وسياسية واجتماعية وسلوكية ان بعد في عزمهم ان ينخرطوا في المجتمع وفي دورة اقتصاده ووظائفها ويتمكنوا من ممارسة كامل حقوقهم السياسية والنقابية والمطلبية الحقوقية ...كانوا طهراننين بشكل لا يحيل الا على كم العقد النفسية التي يعانون منها وكم الكبت الجنسي القابعين تحث ضغطه ..كانوا يعتقدون في انفسهم انهم نزيهون وصادقون وعلى كامل الصواب بخلاف أغلبية المجتمع الخانع بارادة الحكام ...كنت أعرفهم في اشد خصوصياتهم وحتى فيما احكموا عليه من اسرارهم وقدفوا خارجيا بمفتاحه ...لانه هكذا كانت علاقتي بهم منذ الأمس البعيد منذ ان كانوا اطفالا ..هم كانوا اطفالا وانا كنت اراقبهم ..انا كنت خارج المشهد كالمقصي من نشاطتهم..هم كانوا يربون عضالاتهم ومهارتهم في العراكات وانا على هامش الساحة الترابية للمدرسة الابتدائية ..هم كانوا يشحدون افواههم بالسباب والكلمات النابية والالفاظ التنمرية وانا صامت لا ارد حتى وان وصلني منها عيارات ثقيلة ...هم كانت لهم قصبات صيدهم وخيوط سنارتهم واسلوبهم في المشي ونزول البحر والترفع عن مخالطة الغير ...وانا بجانب اختى وبنات الحي واصحابي من اقران الحي ..هم كانوا يعتقدون في انفسهم كبارا وانا لم اكن في نظرهم كما من يدورون في فلكي غير صغار براهيش ..هم قبل أن يرتدوا لدرب الحق كانت لهم كل ليلة وقفاتهم براس الدرب لتذخين لفافات الحشيش والكيف ..ومنهم من كان يقف لسور المقبرة المسيحية ليشرب النبيد..هم لم يكونوا افضل من الاخرين الذين يرتادون الحمامات الشعبية بحجة الغسل والطهارة وتغيير الزيت والدلك وهي الكناية الشعبية الدارجة على الممارسات الجنسية الشاذة بالحمامات ...هم هكذا فجات اهتدوا الصراط المستقيم ووعوا بان النظام كافر والمجتمع كثر اشراكه ولابد من إقامة دولة العدل والاحسان ..
كانوا ملئ بالتناقضات وببساطة مشحونون ايديولوجيا لم يكونوا متابعين للوقائع والاحداث السياسية والاجتماعية ..لم يكونوا دارسين للتاريخ السياسي والاجتماعي للبلد ..وحتى من كان فيهم يطالع كان انتقائيا وموجها في قراءته ..كانوا يحكمون على الامور بمنطق واحد مجتر محفوظ عن ظهر قلب تشربوه من الأشرطة الدينية والدروس والمنظارات المحملة على اشرطة الفيديو ومن مجموعة محدودة من الكتب والكتيبات الممررة بينهم على اعتبار أنها سرية ومحظور تداولها ..كان حتى ادلاء الراي في قضية سياسية أو نقاش عمومي وطني او دولي كفيل بانتظار ما سيصدر من مجلس ارشادهم ويبلغوا به شفاهيا عبر مجالس الجماعة والخلايا اثناء الدروس الجماعية التي ينتظمون اليها حسب سن كل عضو ووظيفه او مهنته او عبر منشورات منسوخة خطيا .....لم يكن اغلبيتهم منفتحين على محيطهم او اقربائهم او مجايلهم واصدقاءهم لوقت قريب او بعيد ..كانوا اشخاصا انسحابيين وانطوائيين على غير اصلهم التنشوي ويعانون في صمت ..وفي حلقاتهم كانوا متحفظين من كل الاخرين لحد الوسواس وحتى داخل المساجد التي لم تكن كلها تحضى بشرعية الصلاة خلف امامها ..كانوا يتاخرون لخلف الصفوف لياموا صلاتهم بانفسهم ...كانوا متعجرفين ومتصلبين وغير متسامحين حتى في نظراتهم ...
حتى اكثرهم توددا اجتماعيا وابداءا للانسجام العام كان عازفا على مشاركة المجتمع في كل نشاطه من حيث أنهم يملكون البديل لكل شيء ووفق نظرتهم للصواب ...وعلى الجميع ان يتنازل عن اختيارته ويتبع طريقهم ومنهجهم السديد ..
ظل بعضهم يترصدني ويقصدون التهجم اللفظي علي واعتراض سبيلي ومحاولة استفزازي دون ان يتطور الأمر ويخرج عن السيطرة ويمر للفعل...كانوا يعتمدون ارهابي نفسيا وهم يترصدون دخولي للحي او وهم يحمون حول الأماكن التي ارتادها ...
كان وضع مرشد الجماعة تحت الإقامة الجبرية وتشديد الخناق على مجلس ارشاد الجماعة بالإضافة إلى الاعتقالات التي طالت قادة التنظيم الطلابين بمختلف جامعات المملكة والهجوم الشرس التي تعرض له التنظيم في جهة الشرق والذي طال حتى الفرع النسوي من الجماعة وسلسلة الاعتقالات والتحقيقات التي عرفتها على الخصوص مدينة طنجة في حقهم ادخل الجماعة في حالة فوضى وقطع الاتصال بين قيادتها المختلفة و الخلايا المنتظمة محليا في كل انحاء البلاد حرصا على سلامة عناصر التنظيم ...ومحليا بالعرائش عادوا بدورهم لسباتهم وكل ينتظر او يتوقع أن تأتيه الضربة الموجعة ...بدو حادرين وناقمين ومستعديين لكل ما يشكل او يمثل السلطة أو أجهزة الأمن التي خرجت للواجهة متتبعة ومراقبة بشكل علني لكل نشاط ديني سياسي واحكمت مراقبتها وسيطرتها على كل مساجد المدينة ومحيطها .. ومانعة الترخيص لاي نشاط يشتم منه رائحة الاسلام السياسي ...حتى وان قدم بأسماء وصفات الغير المعروف عنهم بالانتماء للجماعات الإسلامية ...
وكان اكبر مقلب تعرضوا له إقليميا ان فيهم من قبل للتوظيف على مستوى بلديتي الاقليم كموظفين جماعيين تابعين لوزارة الدولة في الداخلية والتحقوا بوظائفهم التي كانت بلا عمل حقيقي يادوه ..كان المطلوب منهم المداومة على الحضور للمقاطعات ولمقر البلدية دون ان يوفض لهم اي عمل اداري او اتصالي بعموم طالبي الخدمة ... على انه كان مفروض عليهم الانتظار لمدة احدى عشرة شهر على اقل تقدير لتسوية اوضاعهم المالية وبداية تسلمهم لمرتباتهم ...لم يكنوا من من قبلوا في مباريات الدخول لمدارس تكوين أساتذة التعليم الاعدادي او الثانوي ولا الابتدائي ..كما لم يقبلوا في مباريات التوظيف المحلية كاعوان للصحة او في باقي الادارات العمومية التابعة للمصالح الخارجية للوزارات ...هي فقط وزارة الداخلية من رحبت بهم واركنتهم جانبا تحث الدرس والبحث وعمليا تحت وضع المراقبة وتتبع المآل...
اما على مستوى جامعة تطوان فكان قوات الأمن جاهزة على الدوام للتدخل العنيف في حق اي تحرك جماعي يخرج عن حرم الجامعة ...في جامعة مارتيل كانوا محاصرين بجغرافية البلدة الصغيرة ومحصية عليهم تحركاتهم والعديد من الناشطين المعروفين منهم فضلوا ترك البلدة والجامعة لحين تتغير وتلين الاوضاع ...
كان النظام الامني بالبلد قد أعلن الحرب على التنظيم وعلى كل الجماعات المدعمة من الخارج ..ومحليا واقليميا تم منعهم بصفة عامة وغير محددة من مزاولة اي نشاط سياسي او جمعوي داخل اي مقر عمومي او نقابي او حزبي اللهم من كان قد تسلل من زمن بعيد لمكتب من المكاتب الحزبية المحلية أو الإقليمية او لمكتب نقابي فرعي ..وحتى هؤلاء تم محاصرتهم من قوى اليسار الديمقراطي والتيارات التقدمية والقاعدية التي كانت قد بدأت سيطرتها على مختلف المكاتب والواجهات السياسية وتمثيليات المنظمات والجمعيات الوطنية ..
الذي اعقله جيدا واقف عنده عن كثب هو التوقيت الذي قررت فيه ان انسحب من المهمة وان اخرج على ارادة الإدارة ..كان الظرف جد حساس وكانت معركة للنظام لم يعرف فيها هوادة او تسامح مع الجميع ..لا أحزاب معارضة ولا تيارات.سياسية يسارية ونقابات كما الجماعات الإسلامية....كان من الممكن الاعتقاد ان اللحظة الراهنة لحظة تصيد فرص بالتنسيق مع كل الجهات التي تخوض الحرب واللحظة فرصة لاثبات ولائي وتقديم نفسي كورقة رابحة..لكن بالرجوع لكيف يضرب النظام وليكيف ترتب المحاكمات ولكيف تراجعت الصحافة عن خطها التحريضي ...كنت افهم ان دوري انتهى لانه كان ناجحا وبامتياز ...النظام لا يضرب بقوة وتركيز من فراغ ..النظام لا يستعرض قوته في شوارع الرباط ويطوق الجامعات والمركزيات النقابية وانما وكما كان يؤكد عليه باستمرار يؤكد كامل جهوزية لصد اي اعتداء على النظام العام ...هذه الحرب التي كان ياخدها النظام كانت في مرحلتها المكشوفة وليقول فيها كلمة الحسم .."اننا لا نلعب او نتراهق سياسيا" ..لان هذه الحرب كانت تقف خلفها جهود استخباراتية واستعلامية وامنية وامتدت على سنوات قبل أن تصل الى هذا الفاصل ...وبالنسبة لي كانت اللحظة المناسبة لارفع يدي وان انسحب بصمت حتى ولو كان خروجا قد يقرا على انه ليس في محله فانا نظريا اضحي بالفرصة الذهبية لتسوية وضعيتي الرسمية مع الإدارة حين أن المسألة مسألة وقت ليس الا كما كانوا يخبرونني ...على أنه خروج معدوم دون جني اية مكاسب او مكافاءات ...بل وخروج قد يعرضني للخطر المزدوج من طرف الإدارة ومن التنظيم الاسلامي المحضور على الاقل ان لم يكن من جهات اخرى ...
كانت اللحظة المناسبة لاعبر عن كامل ولائي بطريقتي الخاصة ولاقول عنه انه ولاء خالص ...وواحب وشرف لي ان اكون ساهمت في الاعداد لهذه الحرب التي لازلت على قناعة بأنها حرب مشروعة ضد حاملي مشاريع تريد ان تدفننا بالحياة وتقتل فينا اي روح للاختلاف والعيش بامن وامان وبنعمة الحرية ...
كانت اللحظة المناسبة لاقول ببساطة للسيد العميد اذكر انني ساعدتكم ومن تلقاء نفسي قدمت وضحيت وبدون مقابل ...وان لي الاوان لالتفت لحياتي ومستقبلي ...
لم احاول الدخول في سجلات مع الإدارة لا مجال لتبادل العتابات والمؤاخدات ..لا مجال للغة انا اعرف اللعبة مادمت دخلت اللعبة وانا اعرف انها لعبة ذكاء ومكر ودهاء ...ابقيت على كامل احترامي للسيد العميد ابادله من بعيد التحية والاحترام ..كما ابقيت على علاقتي الشخصية برجل الإدارة "سي احمد"ازوره ببيته في مناسبات الاعياد للمعايدة والسلام كان يحاول من بعيد لبعيد ترطيب خاطري بعد ان تيقن من عدم امكانيه ثني عن قراراتي ...
كنت اهتم لحد الغم بما عساني ساخبر به "حنان "... كيف ساقنعها بانني اتصرف بصواب ...وبانني هكذا لا اعرف كيف يستهويني الطريق الصعب ولا اقنع بالفتات ولا بالصداقات والاكراميات ...ولا كيف اطلب منها ان تنتظر علي الى أن يخف الحصار علي وهي كانت تراني في عيني ..في حقيقة دواخلي وتدرك كم انا اعاني من الضغوط ومرعوب ومستفز ...
بصدق كنت خائفا عليها من ان يمسسها سوء بسببي وان ينتقم مني فيها ...كنت اعرفها حادة الطباع وغير متسامحة مع من لا يحترمها وسهل استفزازها والنيل منها بالاذى..وفضلت ان اخبرها بقرار ان نبتعد عن بعضنا البعض لحين تهدا الأجواء ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق