لم نعتاد على اشكال ظهورهم الاجتماعي ..وعلى اصرارهم على التميز ..ولا على سلوكهم واسلوبهم في التعامل ..عشنا تجاربا معهم في كل حي ومنطقة سكنية ..كان مالوف ان نجد شابا او رجلا منطوي على نفسه وقد اختار له زيا يعبر من خلاله على إلتزامه بالدين وتعاليمه ..زيا لا يشبه زي فقهائنا وطلبة المعاهد والمدارس الدينية والقرائنية ..زيا اختير بعناية ليضفي على صاحبه صفة تشبعه باختياراته الدينية ..صاحبه يعبر من جانبنا ويتحاشنا ..وحتى عندما نقترب منه يضع مسافة بيننا وبينه ..صاحبه قليل الكلام وعازف عن التحدث والخوض في الكلام ... مستحي ..خجول ..قد يعاقر قراءة الكتب والمجلدات الأنيقة للكتب الاسلامية التي نراه يتابطها تحت ذراعه وهو في غير خرجته للمسجد ...قد يداوم على رياضة المشي والركض بالغابة او بالطرقات في الصباح الباكر او في آخر المساء...
وبمثل صاحبنا هذا كانت لا تخلوا منطقة سكنية او حي من وجه مالوف منزوي بدوره لا يفارق عتبة منزلهم او طواره او راس الدرب ..في العادة يجلس القرفصاء ويذخن كيفه او يهيا سجارة ملفوفة بالحشيش ..لا يعرف عنه كيف يتدبر احواله تماما ..لكنه مقدر في حاله ..قد نسلم عليه حتى مع علمنا بأنه قد يرد السلام وقد لا يفعله ...
وبمثل هولاء نجد جماعات همها الاوحد وحديثها الدائم الاسترسال عن كرة القدم وعن ابطال ومباريات كرة القدم ..وجماعات اخرى تجتمع اخر المساء للتتسامر وقد تدبرت امر حشيشها ودخانه ....وغيرهم من ناس الحي والمنطقة ...
كنا متقبلين لتناقض طبائعنا وميولاتنا واختياراتنا في الحياة وكان كبار ناس الحي يعبرون عن تعاطفهم مع الحالات الخاصة به بأشكال متعددة وعموما يحاولوا ان يدوبوا الفروقات والحجزازات والاقصاءات ...كانت النسوة خصوصا البارعات في ذلك ..لم نكن نقصد نعث الاخواني او الإخوانية الا في شكله ولغاية وسم الشخص المتميز ظاهريا بالخصوص ..كنا لحدود بداية الثمانينات غير مدعويين لأعمال انتباهنا وملاحظتنا لهم وكانهم ظاهرة اجتماعية تحتاج مليا الوقوف عندها وتناولها بالبحث والدراسة لانهم كانوا يوجدون بيننا كاقلية ..ربما كأسر اختارت أسلوب الحياة التجنبي ذلك والمراعي جدا ..وكنا نتعايش معهم دونما اي تصادم او تضارب في المصالح ودون ان يشكل اي منا للاخر اشكال احراج او تعدي ..ثم لا نعرف كيف اخدوا يتناسلون افرادا وجماعات ويكتسحون المشهد الاجتماعي ...واقل شيء فعلوه ان اثاروا فينا الاكثر من سؤال :اين كانوا ؟! وكيف تدبروا خروجهم الواحد تلو الآخر في زمن قياسي ؟! ولماذا هم حرصيون على مظهرهم المتفرد ؟!
خرجوا واخدوا ينتظمون في جماعات افراد وأصحاب ثم في جماعات مصالح كحرفيين وكمهنيين ..ثم اخدوا ينظمون خروج زوجاتهم وبناتهن واخواتهن في طقوس وباشكال غير مألوفة على مجتمعنا ..ثم اخدوا ينظمون لقاءات بينهم على هامش حفلات قرانهم او ازدياد مولود لهم او ختانه .؟ثم اخدوا يعلنون عن بعض اختيارتهم في السماع والانشاد والمديح ويختارون لهم مقرئيهم وطريقة ترتيلهم للقرءان ... وابتدات أشبه بحرب الابواق ومكبرات الصوة الشخصية في الحي الواحد وفي السوق الواحدة ومابين مقهى ومقهى مجاور..
كانوا بيننا ..عاشوا بجوارنا ..كانوا يتاجرون معنا وبيننا فكيف وما السبب في تحولهم الفجائي ..منهم من كانت له سوابقه في الحياة على سوابقه العدلية ومنهم من لم يكن معروفا بعفة او ذمية او مراعات جانب ..ومع كل الذي نعقله عنهم يدهشوننا بقدرتهم على التحول وعلى تقديم انفسهم بمظاهر تدعى الطهر والورع والالتزام ..وحتى الى ذلك الحد الاستفزازي لمشاعر الجميع وهم ينزعون عنا صفات ليلصقوها ويخصون انفسهم بها وكان الامر لا يعدوا أن يبقى مهموسا به ولا يثير الاستعداء الى أن تغيرت من جانبهم معاملاتهم مع الناس واصبحوا يقدمون انفسهم كشرطة اخلاق واداب عامة بل وكمفتشي ذمم وضمير ويتعاملون باستعلاء ويمارسون النبذ في حق فئات من المجتمع خصوصا المدمنين منهم والمتعاطيات البغاء ..ويهددون ان وجدوا سبيلا لذلك صغار الجانحين والذين يعانون من مشاكل نفسية تفضيلية ومن بعض اللاسواء الجنسي ...
من أن لم يكونوا منظورين شبه تماما الى أن اصبحوا كثرة ومرئيين بوضوح واستفزاز الى أن اعلنوا الحرب على المجتمع تحث عناوين عريضة :مكافحة الفساد والرديلة ..التصدي للتسيب الاخلاقي والانحلال المظهري ..حصار اوكار الفساد وتعاطي الموبقات ..حصار الشواذ والبغايا وتطهير المجتمع منهم ...ثم جاءت المرحلة الثانية من حربهم على المجتمع بعد ان تقووا كشبكات مصالح وكمحتكري لنشاطات تجارية ومهنية معينة فاخدوا يعلنون عن رغبتهم في محاصرة سلطان الفساد والظلم والمعاصي ..وبداوا بالاستنكار من بيع الخمور والشراب علنا في دولة دينها الرسمي الاسلام .ومن الاحتجاج على الترخيص للفنادق التي تستغل كاوكار لممارسة الزنى والبغاء والرديلة ..والاحتجاح كذلك على الزي المدرسي للبنات وعلى ممارسة نشاط التربية البدنية بشكل مختلط بين البنين والبنات ..وعلى حلاقة رؤس الشباب وتقليعات لباسهم ..وعلى نوع الموسيقى التي يسمعونها ..وعلى ما يعرض على التلفاز العمومي من سهرات ومن برامج ..وعلى مناهج التدريس والتعليم ...وعلى كل شيء ألفناه وانتظمنا عليه ...ثم جاءت المرحلة الثالثة من الحرب الصريحة على النظام السياسي للدولة وعلى الملكية وعلى كل اختيارات الشعب المغربي المذهبية والعقائدية والعقدية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية ..لم يكونوا كلهم ولا اغلبيتهم من المتعلمين والمتفقهين في الدين بل اغلبيتهم كانوا اميون او فاشلون دراسيا ومع ذلك استغلوا حرب الأشرطة المسموعة وأشرطة الفيديوا المصورة والكتب الصفراء والمطبوعات والمناشير..واستغلوا ملكات حفظ الشباب منهم لخطاباتهم ودروسهم واجزاء من مناظراتهم ..
بدوا مضجرين ومقلقين لحريات الناس في التسكع والسير على الطرقات عبر تعمدهم ممارسة آليات ضبطهم النظرية عبر التتبع ورسم الاستنكار على المحيا وعبر وقوفهم المتصلب المضايق ا للاخرين ..انتقلوا من اعتزال مجالسهم والاركان التي يجلسون عليها بالمقاهي الى الجلوس وسط الجميع ولفت الانتباه اليهم والى الاخرين الذين من وجهة نظرهم غيرمنضبطي السلوك العام المقيم وفق نظرتهم الأخلاقية والدينية المتعصبة..
اصبحوا يمارسون رقابة جماعية على المجتمع ويبدلون الضمير العام ...اخدوا يجاهرون بحروبهم على المنكر والحرام ويتصيدون المواقف الاجتماعية ليعلنوا حربهم المقدسة ...وليعلنوا مقاطعتهم للحياة السياسية العامة وللاحزاب العميلة للنظام الفاسد والربوي ...
افسدوا على الناس حرية تدوقهم للحياة واستمتاعهم بالفضاءات العامة ..حيثما مضيت اخدت ترى اصحاب اللحي والحجاب والبرقع ..حيثما نويت ان تتسوق تجدهم وقد اوجدوا لهم تجارة خاصة دينية هي الاخرى لملابسهم المتميزة ولاكسسوارتهم وعطوراتهم وكتبهم ومطبوعاتهم واشرطتهم وسجادهم والعجيب او الغريب هو التحول الذي سار عليه أغلبية اصحاب رؤوس الأموال والتجار المحليون الذين استبدلوا بدورهم حلاقة وجوههم واخدوا ينمون لحاهم وشدبوا من لهجتهم واخدوا يرددون كببغاءات ما يردده التجار الإسلاميون اولئك ..كانوا مكشوفين في نفاقهم وموراءتهم لمن اتفق على تسميتهم في الشارع العام بالاخوانيين او ببساطة "الخوانجية "..كانوا خائفين من ان يصبحوا قلة بينهم في الاسواق والتجارة فسلموا بالتحول درءا لفساد تجارتهم او خوفا من محاصرة الرأس المال المضارب والمحتكر لتجارتهم ...
كنا جد متضايقين من بشاعة التحول في المشهد الجمالي الاجتماعي ومن هبوط الذوق العام وتراجعه لقرون خلت تحث شعار العودة للسلف وزمن المدينة والخلافة لزمن الحبيب ولزمن ابي بكر وعمر وعلي وعثمان ..
وكنا مستائين من تقبل الخسارة الكبيرة الواقعة على المرأة فينا بالخصوص التي اعتبرت كلها عبارة عن عورة كبيرة في حاجة للستر والحجاب و لتقبع تحث ظل بعلها ورضاه ..كنا مستغربين من الحمى التي ركبت جيلا من الفتيات التي أقبلت على القبول بالحجاب والبرقع والتخلي عن فرصهن في الدراسة والوظيف والمركز الاجتماعي مقابل ان يحصلن على زوج يرعى حقوقهن ويوفر لهن بعض المتاع الدنيوي ولاباس من ان يحجر على حرياتهن وحقهن في التقدم وفرصهن في المساواة والفاعلية المجتمعية ..ولاضير من ان يعدد عليهن مثنى وثلاث ورباعى ....
لم تكن فرص الجميع فيهم متساوية ..لم يكونوا كلهم اصحاب تجارات قائمة ورؤس اموال جيدة وتوظيفات مربحة في المدارس الخاصة ودور التنشئة الأولية الخصوصية وفي مجال التأمينات ودور المحاسبة والوكالات العقارية ..كان السواد الاعظم منهم على باب الله وتجارته بسيطة براس مال زهيد واغلبيته او كله دين في ذمته او كانوا أجراء في محلات الاخرين او مجرد عمال ومستخدمين وباعة متجولين وحمالة و عمال موقف وجزء منهم سحب وجر جرا ليمارس تجارة تهريب البضائع من المعابر الحدودية الشمالية والشرقية او العمل على تسهيل تهريبها واغراق الاسواق بها وفي هذا لم يبدوا انهم متناقضون مع انفسهم وهم يخربون اقتصاد البلد ويهربون عملته الصعبة بل كل من كان يعاني من ضائقة مادية سايرهم وانظم الى شبكات تهريبهم وتسويقهم تلك وبدوا وكانهم اوجدوا الحل لازمات الناس المادية والمعيشية لا هم من يتعمدون خلقها بمزاحة التجارة الشرعية والانتاج الوطني والاقتصادات المحلية للمناطق ..
لم يكن سهل على المرأ أن يطأ تكثلهم الا اذا اتبعهم او تظاهر بذلك ولم يكن المجتمع بكامله على استعداد لان يتورط معهم ويلبس ثوبهم او يتدلل لهم ...وقف على الجانب الاخر شباب قيل عنه طائش او جانح او ضد مجتمعي كان لوقت قريب ساكن وفي حاله غير مهتم غير بنفسه وبيومه .وقف كالملدوع او الملسوع ليرفع التحدي في وجوههم وليجاهر بكل ما يعاقره او كان يمارسه في الخفاء ..كانوا ببساطة يعلنون انهم ضد الترهيب والتخويف وانهم احرار في انفسهم وفي انماط حياتهم وانهم غير قابلين للمساومة او للبيع او الشراء ولا يقبلون من يزايدهم على دينهم واسلامهم ...
كانت كل منطقة سكنية شعبية معروفة بمزاجها الشخصي واسلوبها في ابراز شخصيتها وتعاطيها مع بعضها وكان ذلك الجزء من ناسها موجوعون ومطعنون في ان يستكثر عليهم حقهم في التعبير عن ذواتهم ومحيطهم وان ياتي من داخلهم او من خارجهم من يعلمهم كيف يتحدثون وكيف يمشون وكيف يلبسون وكيف يحلمون ...والأمر ان يحرضو الباقية من الناس عليهم بمنطق ان يحاصروهم حتى يخرجوهم من بيوتاتهم اما لأخرى او للسجن وليتدبر شانهم النظام الذي افسدهم وتساهل معهم واستمرأهم...
كان للشباب خصوصا طريقتهم الخاصة في العيش وتدبره ..كانت العرائش مدينة صغيرة في طور النمو العمراني والسكاني المتسارع منفدها الاقتصادي الاهم هو البحر وميناء الصيد ورصيفه ومخازن اصلاح الشباك وخياطتها وناصيات بيع السمك وشوائه الى جانب عربات تحميل السمك للمدن الداخلية ولمعامل تصبير السمك وتعليبه بالمدينة ..وكان أغلبية شباب المدينة يمتعشون من البحر وميناءه وسوقه ..وطبيعتهم النفسية من طبيعة البحر في مده وجزره ..في هدوئه وهيجانه ..في جوده وشحه ..كان مزاجهم وساعتهم البيولوجية مضبوطة على فترات المد والجزر ساعة تخرج السفن للاصطياد او تعود بحمولتها الميناء ..وكانت تؤشر بغروب الشمس او بساعة الفجر وانقشاع الظلام ..لذلك كان عادي لشاب عرائشي ان ياخد فطوره ساعة المغرب او يتناول عشاءه ساعة انتهاء انزال السفن لطواقمها واسماكها وانحصار عمليات البيع والشراء للتحميل والتوزيع او لانطلاق عمليات التسفير نحو الاسواق الاخرى ..اي بعد السابعة صباحا الى الثامنة صباحا في فصل الشتاء ..وكان عادي جدا ان تنشط أماكن معينة بجوار الميناء وبالمحطة الطرقية ومحطة سيارات الأجرة الكبيرة بالمواقف المؤدية لجماعة الساحل ومحيطها او تلك المؤدية لجماعة العوامرة ..وللقصر الكبير ..وبمنطقة عبور الحافلات الطرقية التي لا تدخل المحطة الطرقية بمدار أربعة طرق ساحة الاستقلال وعلى طول الشارع المنتهي بطريق القصر الكبير -الرباط وبمدخل المدينة على طريق طنجة ..وان يأم كل تلك المناطق ناس وشباب الليل على اختلاف نوعياتهم وعلى وجود أصناف من المتعاطين فيهم لكنهم عموما ما داموا يكسبون ما يمكنهم من ما يتعاطونه فهم مقبولون اجتماعيا وهم مع هذا القبول لهم حريصون على أن يبقوا منسحمين مع روح المجتمع ومسالمين له ...كانت بالفعل تعرف المدينة احيانا احداث عنف او اعتراض سبيل او مشاجرات دامية او عمليات سرقة ومداهمة لمنازل المغتربين لسلبها لكنها كانت احداث تقع في كل مكان وفي كل المدن.. وسرعان ما كان تدخل الامن وعناصره تعيد السكينة للمدينة ويستمر حالها على ما هو عليه ..الليل لطالبي البحر وللخادمين على توفير حاجيات مدمينه كرها او اختيارا بحسب العمل وطبيعته وهوية صاحبه المدنية ..ومقاهي الليل للعابرين من سائقين مهنيين لعربات وشاحنات تموين الاسواق بمتطلباتها اليومية وللوافدين مع اول نداء لدخول الشطر الاخير من الليل لاخد فطورهم وانتظار حافلات او سيارات تقلهم لخارج المدينة نحو العاصمة او مدن وجماعات الجهة ..
شباب المدينة ألف نمط عيشه وكفاياته واسلوب تعبيره عن شخصه وافكاره ..ألف طرق تنفيسه عن ضغوطاته النفسية والاجتماعية ..ألف جزء كبير منه خصوصا من بعد يأجل مشروع ارتباطه وزواجه ان يسكر حينا وان يبذخ في طلب متعة الشراب والسهر في الحانات ومع جماعات رفاقه وزملاءه في العمل ..وألف ساعة يجود البحر ويكسب الشيء الكثير ان يستمتع بليلة فخمة بجوار من تلائم طبعه وتواتي ميله الجنسي ..وألف ساعة يشح المدخول ويغلق الميناء أن يكتفي بتدخين الكيف وشرب الشاي المنعنع ولعن الحظ ..وألف اصحاب البيوت والابناء ان يصرفوا باريحية وان يمارسوا حرياتهم الخاصة ساعة يعم الخير من البحر وان ينقلبوا مكرهين لغير ذلك ساعة ينحسر ..وهذه الإزدواجية وسمت طبيعة ناس المدينة واثرت في نمط عيشهم وتعاملهم وفي قدراتهم على التعاطي مع الناس والاخرين وفي صبرهم كذلك ونفسياتهم واعتقادتهم عن نفسهم وفي حقل قيمهم المخصوص كالكرم والجود والانتهاز والبخل والعطاء والحب والمسؤولية والضمير ...
لم يمارس ناس المدينة تقليديا التجارة الا في السمك والحوت كانت اعمال البقالة وتجارة الملابس والأثاث والعقاقير حكرا على اليهود والاسبان واهل سوس والبربر الامازيغ وبعض قليل من جبلي المنطقة بينما كانت تجارة الخضر والفواكه واللحوم مرتبطة بناس اماكن انتاجها وكانوا عموما من بدو مناطق الغرب والداخل "العروبية "وبعض من جبلي المنطقة ومن نزح من مناطق الريف للمدينة ..ناس المدينة كانوا نشطين في مجال البحر والصيد وتجارته ومهنه وكان لجانبهم باقي الحرفيون والمهنيون المختلفون ...موظفوا المدينة هم من ابناء المنطقة الكبيرة لقبيلة الخلوط من من امكنهم التمدرس واجتياز الشهادة الابتدائية والاعدادية ونسبة قليلة منهم وافدة على الاقليم "إقليم تطوان "او المنطقة الجغرافية ..
كان محيط بالمدينة مساحات من الجنان التي استغلت بأنشطة فلاحية صغيرة بينما الضيعات كانت بعد في ملك الدولة وشركاتها العمومية أو في يد بعض كبار الخواص من متقاعدي الجيش او من اختار البقاء من المعمرين الاسبان والفرنسين بالمنطقة ثم تبقى الأراضي الفلاحية الواسعة مقسمة مابين ملاكين كبار وصغار بكل من منطقة حوض اللوكوس والعوامرة..وبمثل مايسم البحر مزاج وطبيعة الناس كذلك تفعل الارض الفلاحية وباديتها ..وكان ان يلتقي ابن المنطقة بابن المدينة كما لا يمكن ان يلتقيا لانهما مختلفين تماما عن طبيعة بعضيهما وكانت لخطوط حافلات "الريفي " المحتكرة للنقل الحضري والربط القروي ان تسهم في هذا التقريب بين ابن المدينة وابن البادية وجبلي المناطق ..بمثل ما كانت تربط المناطق الهامشية والعشوائية التي كانت تشكلها احياء "كليطوا ",الحي الجديد واحياء المحصحص وجنان الباشا والمنزه والتي كانت تتناسل بيوتاتها الصفيحية والعشوائية بسرعة متنامية كساكنتها المهاجرة من العالم القروي ومن الجوار الريفي والبدوي للمنطقة ..
كانت كل منطقة سكنية لها خصوصيتها ومشاكلها وجغرافية سكانها وتاريخها الخاص ولكنتها المتميزة وثقافتها الشعبية ومزاج شبابها ونزق اطفالها ويافعيها ..وكل منطقة تعاملت على حدى مع بداية اكتساح واكتساح الإسلاميين اصحاب اللحي والقنادر والعمائم والحجاب والبرقع والنقاب ..المناطق الهامشية والعشوائية حاصرتهم قبل أن يحاصروها وشدت عليهم الحصار الا ان اخدوا يرخفون وطأته عليهم عبر الاستحواذ على شبابهم ويافعيهم عبر فتح ابواب الترزق والكسب لهم وعبر بضع اعمال بر واحسان مناسباتية لصالح ارامله ومطلقاته وعجائزه كانت تقوم بها جماعات منهم دون اي غطاء تنظيمي ثم اسسوا لانفسهم جمعيات او فروع جمعيات وطنية احسانية وتكافلية ..مناطق المدينة القديمة المزدوجة الساكنة مابين الساكنة العرائشية القديمة والتي لها تاريخ بالمدينة والمنطقة ومابين الوافدين القدامى والوافدين الموسميين لارتباط اشتغالهم بالبحر ونشاطه كانت معرضة للاختراق اكثر من غيرها وكثرث فيها الاصطدامات لانها بشكل او باخر كانت مسكونة باغلبية من الممارسين لانشطة البحر والصيد ولهولاء مزاجهم الشخصي ونمط خاص في العيش تاثر لحد كبير بالمقيم الاسباني بالمنطقة ابان الاحتلال وهؤلاء كان منهم من ساير موجة الإسلاميين منذ بدايتها الاولى ومنهم من التحق بها متاخرا وبقية أغلبية محافظة مترددة الى جانب جيل من الشباب الذي رفض جملة وتفصيلا مشروع "الخوانجية "وأعلن تصديه وتمرده عليه ...كثرت الوشايات لدى السلطات الأمنية والمحلية ..وكثرت المشاجرات والمشاحنات بين الفريقين من ابناء الحي الواحد ..وكثرت المكائد لايقاع صاحبة دار بغاء سري او علني .. وكثرت المزايدات من الطرفين على بعضهما البعض وكل اخد يكيل على طريقته.لحصار الاخر ...
البادي في الامر ان الامن والسلطة المحلية استغلت الوضع لصالحها ..ووسعت من دائرة من بامكانها احتواءهم كواشين لها ومرشدين لدوائرها ومن حملة اعتقالاتها في صفوف من يتورط في أعمال جنوحية او اعتداءات على منازل الغير وسلامتهم بالإضافة لضبط عمليات توزيع وتسويق الممنوعات واحوال بيوتات واوكار الدعارة ..لكنها هل كانت تتعامل مع الوضع بمنطق سياسي ضابط لما يحدث ولما يمكن له أن يتحول ويتطور ...؟!
هل انحازت السلطات لاية جهة من الفريقين ؟! وهل كان لها ان تنحاز فعلا ...؟! ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق