الجمعة، 25 فبراير 2022

يوميات : عوالمي السرية : استرجعات للزمن المبكر من العمر




 بقيت في غاية القلق والجزع ..اقدم خطوة واثبت عند مكاني .. خائف من ان اتورط واندفع فاسبب في خراب السقف من فوق راسي ....من البداية اعرف ان سفرا كالذي اخده محفوف بالمخاطر وانه يلزمني الكثير من الحذر والصبر ..كما النفس الطويل لاكمل المسير فيه ....

اصعب ما اواجهه القدرة من عدمها على الاعتراف حيث يكون مطلوبا ان انهي علاقة التلاعب باللغة والكلمات وحيث يتحثم علي ان اسمي الاشياء بأسماء وان ارسم جيدا حدود القول والتصريح ...

كنت اعرف جيدا كيف اكبت افكاري ومشاعري وخواطري والموقف الاساس الذي تولد عنه كل ذلك لاحقا ...وبهدف واحد ووحيد ...ان اخلق اشكالا من الإستمرارية والتجاوز ....

كان بمجرد ان ينتهى الأمر فيما بيننا ونتوادع وانصرف الى طريقي او اقفل الباب خلفي واعود الى غرفتي حتى ابدا في التصرف وكان لاشيء حدث بيننا ..لا شيء بالمرة وقع لاعقله او لافكر فيه او لاراجع تفاصيله...هكذا وبكل صرامة احوله إلى ماضي ..والى ماضي جد خاص ..من ذلك الماضي الذي لسنا في حاجة لان نعلنه وننشره بين الناس والاخرين...لانه لايهم الا ايانا ..نحن فقط ...

كنت ادرك انني قد اعاني مع الطرف الآخر ...مع شريكي لانه ببساطة قد لا يكون على نفس الاستعداد ليتصرف مثلي ويحسب وكان لا شيء حدث او وقع بيننا والاهم ان يدع الامر يترتب على النحو الملائم حتى يتقرر زمن وظرف ان نستعيده بيننا او نطور فيه بيننا ...

في الكثير من علاقاتي اجدني مثل من ضيع اخر أوراق شراكتنا ..واجدني انظر بإستغراب وكلي تساؤلات عن كيف انتهينا هكذا ...وكيف ابتعدنا عن بعضينا وكيف عدونا وكاننا لا نعرف بعضنا البعض ....؟!!

كان صعب جدا على ان اتقبل مثل هذه الخاتمات لعلاقات اخدت من الزمن عمرا ..وكان الاصعب تقبل تلك المرارة التي تبقى في حلقي وجوفي  والتي لا تقول الا بشيء واحد يشبه إستحالة ان نعود كما كنا ربما فقط لاننا ضيعنا زمننا الخاص الذي كنا نتواجد فيه ....

لعله اختيار واعي وعقلاني "وحدانيتي "...ان اعيش معظم حياتي منفردا ..بعيدا عن الاخرين ...وان اعاني في ذاك عن حق وبعمق مرعب ومخيف وكىيب...لازالت كلمات استاذتي ترن في اذني :" عيش بوحدك ...."

كان يلزمني داىما وقت وحيز لاباس به اختلي فيه بنفسي وابقى فيه لوحدي حتى استعيد من جديد القدرة والنفس اللازم للخروج والتفاعل مع الاخرين ...ومن طفولتي الأولى تمرنت على تلطيف كل تلك المشاعر التي تبقى بداخلي تتقادف بي وتتلاعب بتوازني وتعرضني باستمرار للاحساس بالاذى النفسي ... كلما اضطررت للبقاء وحدي ....

لعلي اجزم فاقول ان أغلبية قراراتي بان اعود لوحدتي عازفا عن رفقة او صحبة ذاك او عن الاستمرار في علاقاتي تلك ..كانت عقلانية ...كانت تمليها حسابات عقلية تنظر في الحاضر وتتامل في المستقبل ....

كنت لجانب العديدين من الناس المستمعين جيدا لام كلثوم الذين يقفون بتمعن شديد وهي تغني قصيدتها "الاطلال " عند الجملة التي تقول فيها بعد ان عز اللقاء انه ما بايدينا ....

كانت الحياة دائماً اكبر منا ..اكبر من أن تجعلنا مسيطرين فيها وفاعلين فيها على الدوام ...في الكثير من المواقف واللحضات لم نكن نجدنا سوى  منفعلين و كل ما نفعله يختزل في ردود افعال لا غير ....

لا اعرف لماذا لا اعقل على وجوه العديد من زملاء فصول الدراسة ولا عن اسماء حتى من اذكر جيدا انني صاحبتهم ورافقتهم ...هم فقط قلة من اذكرهم من بين الجميع وكان الاخرين لم يكونوا في فضاءنا او عبروا الى جانبنا كما الظل ....

ولا اعرف لماذا مراحل من حياتي مرت دون ان املك اي تذكار عنها ...مراحل كأنما سرقت مني او مسحت من ذاكرتي ...مراحل كمجاهل كلما فكرت في العبور اليها الا واعتراني الخوف من ان اتعرض فيها ..مراحل ترتسم امام ذهني كفرغات او كثقوب في الذاكرة ...العبور اليها مجازفة كبرى ..والابحار داخل تياراتها قد يعرضني للخطر ....مراحل بقيت كعلامات وان تسجل او تارخ لشيء  فعنوانه العريض سيكون هو : المرض النفسي ..لأنني اعرف سهولة الانخداع داخلها و اعرف امكان ان تلتف علي دروبها فاضيع الطريق واسقط في الوهم والاستخلاق الممكن جدا ان يؤدي ببناء النفسي من جديد الى الانهيار....

من طفل بعمر العام أو العامين الى شيخ بعمر الخمسين حصل معي بالتأكيد أمور عديدة ومختلفة وامور من طينة تلك التي ننعثها بأنها صعب ان تصدق....وأنا كلما غصت في اعماقي ألا وتبدت لي الكثير من الاهوال ومما يصعب عن حق حتى مجرد تصور انه ممكن ان يكون قد حصل أو سمحت له بالحصول ....

يصعب ايجاد الدليل ..كما يصعب التحقيق في كل تلك الحوادث مع من عاشوها أو كانوا شهودا عليها ...ويبقى وحده امكان الاخد بالادلة السيميوطيقية والسيميلوجية والتحليل بها كمحاولة لتسطيح الحقاىق وجردها ثم القراءة فيها ...

بالتأكيد لم اعبر من طفل سنة واحدة لعمر الخمسين سنة هكذا وكما اتفق وكان ....وفي كل هذا العبور كنت أنا ..وكانت محاولاتي لاكون وخططا رسمتها برغبة الوصول بها....

الآن ياكلني من الداخل الشعور بانني افتقدت الكثير من زمامات المبادرة والمبادىة والرغبة في انشاء علاقات جديدة بعد ...

الآن لا يستهوني البحر ولا الوقوف على جانبه كما لا سحرا يشدني لاتابع غروب شمس او مجرد ان اترك لقدمي الطريق في غابة أو خلاء أو طريق طويل لاتركني للحظات الاستعادة والاسترجاع والتذكر ..ما من رومنسية بقيت تلزمني في مشواري ....

أعرف إن كل تاريخي قابع هاهنا في ذاكرتي ..في ذواخلى ..موشوم على جسدي ...تقول به اعضاءي الوظيفية المهتراة وتفضحه سحنة وجهي والشكل الذي انتهى عنده وجهي ان يكون وجهي ...على أنني للان لم ارتح يوما بشكل وجهي اللهم في لحضات صناعية كانت ادوية مثل لاروكسيل قطرات  أو عدد معتبر من حبوب ليكزوميل 6 منغرام تلون عيني وتفعل في تضاريس وجهي وتشكلها لتروقني قليلا واحيانا كثيرا ...

من زمن مبكر وأنا بعد صبي استوعبت ان لا ملاحة في تقاسيم وجهي وبانني ضمن تصنيف العادي / العاديين  ..كما شدني واقع انني لا أملك حتى ما اتميز به من لباس واكسسوارات ..أو ما اداور به كتسريحات شعر ...

ومن زمن التلمذة الاولى وبعد عبور المستوى الثالث الابتداىي انتهى بالنسبة لي ذلك البريق الذي كان يحيط بنا ونحن بصحبة السيد والدنا ..المعلم الابتداىي بنفس المدرسة التي نرتادها..لأنه كان يخصه هو ونحن فقط حدث ان كنا تحث ظله وسنفهم فيما بعد انه لم يخدمنا طويلا..ولا كان في صالح أي أحد منا ....

تمنيت من صميم قلبي ان يلتفت الى السيد والدي ويعتني بي جيدا وان يجعل مني التلميذ المتفوق والاول على كل المدرسة ..فوالدي معروف عنه انه معلم مقتدر وكفو 


    

وكان الجميع مدرسين وادارة ومفتشين واهالي واولياء التلاميذ يضربون به المثل ويثنون على طرقه البيداغوجية واساليبه التربوية في التدريس كما يقدرون فيه عدم لجوءه للعنف أو للعقاب المدرسي ....

كان السيد والدي رجلا محترما ومقتدرا ...لكنه وهو والدي افقدني الصبر منه واتعبتني محاولاتي المتكررة لاجعله يهتم بي ويجعل مني التلميذ المتفوق ...والدي لم يكن يواجه مشكلة في التدريس باللغة الفرنسية على انه معلم لغة عربية ومتمكن لحد ما من اللغة الاسبانية  ..كان يتركني للمعلم الذي يدرسني وحتى لما كان هو نفسه مدرسي في المدرسة حافظ على تلك العلاقة بفضاء المدرسة ....كل محاولاتي جعله يشتغل معي على درس أو في مراجعة يبدوا متاففا من ذلك وسريعا ما يفقد اعصابه في وجهي ويطلب مني ان اقدر انه هنا بالبيت ليرتاح وان عمله بالقسم متعب ويستنفد منه الكثير من برودة الأعصاب ....

بدت لي وفي الكثير من الاوقات والمرات ان السيد والدي غير مهتم حقيقة بان أدرس وبالاساس ان اجتهد في الدراسة ..كنت اصحبه بمعية اختي الصغرى "بشرى" للمدرسة وننتظره في بابها ساعة الانصراف لناخد الطريق سوية للبيت ربما ذلك كان يشعرنا بالفخر والتميز ..لكن علامات الفروض ونتائج الإختبارات كانت تكبس على ذلك الفخر وتقزم من نظرتنا الى ذواتنا ...وسنفهم لا حقا كيف كان الاتفاق يحدث بين الوالد ومدرسينا لنتمكن من عبور السنة الدراسية ناجحين في حدود المعدل أو على الاكثر بتقدير لا باس به ...

اشياء داخلي وبجوار ما كان يحدث خارج اسوار المدرسة ومع تلامذة المدرسة والذين حرصت من جانبي أنا على ان أعرفهم واخالطهم واصاحبهم  وارافقهم وأقضي الوقت بجانبهم جعلني اقتصد في همي بالتعلم والدرس وكنت اهياني للرسوب في مستوى الخامسة ابتدائي (الشهادة الابتدائية) لأنني كنت أعرف نفسي بانني بلا مقومات تعلمية وبلا أساس تعلمي فلا القواعد اتقنها ولا اللغة الفرنسية استسغتها ولا خط كتابتي حسنت منه قد أحصل على الثناء في مشاركاتي الشفاهية داخل الفصل لكنني في الكتابي فأنا دون المتوسط ....كما أنني ما عدت اعمل جهدا في حفظ المواد المطلوبة لاستعراضها داخل القسم...ربما ليست برغبة في ان أعاقب بدنيا وجسديا  كما كان يحصل معنا وانما ولربما لاعاقب السيد الوالد الغير المهتم بي وكنت أريد ان ياتيني بغير الكثير من التقريع والتجريح والاهانات كنت أريده ان يتصرف ولو في مرة واحدة كما اخي "سمير "الذي كان يبدا أول البداية معي في تشخيص المشكل والاقرار بأنه ثمت مشكل ثم يأتي بعد ذلك بكيفيات معالجته والتخلص من اثاره لخلق امكانية المواصلة الجيدة والمثمرة ...

فؤاد كان واضحا معي وبنفس اسلوبه المتلون الذي لا تميز  فيه بين إن كان يسخر أو هو جاد فيما يقول به وكان يدعوني فقط لاركز على القراءة وعلى الاستعاب وعلى التعامل مع النصوص والمكتوبات وكان يشجعني على ان أقرأ واقرا كل ما يقع تحث يدي من كتب أو قصص أو مجلات وعندما كنت أقول له والامتحانات والنجاح ...كان يقطع على الحديث وبصرامة وحدة  يقول لي "هذاك مشي سوقك ...هذاك الشي ترتيب ديال باك ...خليه هو يشوف شنوا غدي يدير فيه ....."

افهم عنه ولا افهم تماما ما يحيل عليه ولا ما يروم من وراءه ولكنني أثق في كل شيء يصدر به اخي فؤاد ليس لانه اكبر سنا مني او لانه خبر الحياة قبلي وانما لانه يقول بالاشياء كما افهمها داخليا بلا حاجة المداورة او التزويق ...ولأنه غير مهتم بان يرضي احدا على حساب الحقيقة كما يراها هو وكما يقتنع هو بها ....

خالد ..كان عاطفيا على نحو غريب ...يحسسك بانك مهتم جدا بك وبانه على استعداد ليسندك ويدعمك بكل الاشكال لكنه في نفس الآن كان يقيم المسافات ويرسم الحدود جيدا كي لا يتورط وتتعرض مصلحته الشخصية للمساس او حصته للتبعثر او المقاسمة...كان يفيد من كل ذلك انه يحبك لكن ليس اكثر من نفسه ....

في هذا العمر الصغير اخدت تتكون لي هموم خاصة لا عهدا لي بها ...كنت قلقا جدا لمستقبلي الدراسي ..كان يوسيني انني لا احصل على مثيل تقدير زملاء صفي من معلمي واستاتذتي ...كان يولمني حتى ثناء عماتي واعمامي على ذكاءي لانني ما كنت اجده يخدمني او له جدوى .. كنت اجلس بالصف الدراسي انتظر على احر من الجمر انتهاء الحصة الانصراف منها لاتدبر احلام يقضتي ..واتمنى عن حق ان تمر الحصة دون ان اتعرض للإهانة او العقاب من معلمي وبمحضر كل زملاء القسم الدراسي ....كان صعب علي تحمل الآثار النفسية التي تبقى ملازمة اياي بعد كل حادثة تعنيف او عقاب ..كنت اتذمر من عجزي على ان اتفوق على ضعفي وعندما انظر بعيدا لا أراني قادرا على ان اساير اقراني ولا ان اكون على نفس مقدار مقدراتهم ومواهبهم في التعلم والتحصيل ...ولا اعرف ما عساني ساكون عليه واضحى على حاله مع كل تعثراتي في التعلم والدراسة ....

لم اكن راضيا بالمرة على الانتساب لوالد يشتغل معلما ومدرسا وهو غير قادر على ان يوليني العناية اللازمة لاشق طريقي بخطوات ميسرة وناجحة في عالم الدراسة والتحصيل... ربما لو حدث ان كان والدي بوظيف او شغل اخر لكان تمة ما يبرر وضعيتي ويشفع لي ...

كنت اتقدم جيدا في طريق القراءة والتهم كل ما يقع تحث يدي من قصص و مجلات وقصاصات صحف ورويات لكن حال الدراسة اقبل عليه متبرما وبلا اي نفس كذلك كان تعاملي مع زملاىي في الفصول الدراسيه الذي بات انتقاىيا ويميز بين المتفوقين والمجتهدين وبين من هم في وضع المتوسط ودونه ..لم يكن ذلك ليثير كليا الاحساس بالغيرة او الحسد ولكنها كانت تفعل البعض من مفاعيلها في نفسي...ولاحسم بعضا من الصراع الذي كان ينشب داخلي ملت لاصاحب من هم في مرتبتي وان لم يكونوا كذلك في كل الاحوال ...لانني كنت ادرك دون ان اعلم على وجه الدقة ان تعثري في التحصيل الدراسى لا يعني بانني اقل من المستوى او فاشل كما يتصور ...

"الياس أمزيان " كان الرفيق القريب الي وكان يحدث أن اذا تخاصمنا ان نشعر كلينا بحجم الافتقاد لان نكون بجانب بعضينا البعض وذلك ما كنا نخوض في الحديث اليه مع اول فرصة نتصالح فيها ...."الياس " كان ابن مدير مدرستنا الابتدائية وكان من أصول ريفية امازيغية وكان في غاية التدليل حتى لعله كان مؤنثا اكثر من مذكر ..ولربما تلك صفة كانت تجمعنا وتشدنا اكثر للعضينا..ولعل هذا الوعي النزق والمبكر ببعض ما بشكل جنسانيتي جعل مني كائنا دائم التوتر وغير قادر على يستشعر استقراره..وجعلني داىما مرعوبا وخائفا من ان اكشف او ان استغل ...ووعند ها هنا كانت ترفع علاقتي بالسيدة والدتي امي أو كما كنت اناديها "ماما "نصب عيني لابدا في التأمل والتحليل فيها ....والدتي سيدة امية لم تتلقى أي تحصيل تعلمي ولو اولي لأنها افتقدت المعيل في سن جد حديثة وبعدها بوقت قصير اضحت يتيمة تماما بلا والدين هما فقط أخ كبير "محمد" واخت صغيرة " زهرة "... والدتي كانت منضبطة وبخضوع شبه تام لسلطة ونظام السيد والدي وكذلك كان برنامج تهيىة الخبز والطعام وترتيب الغرف والخروج للتسوق الذي ينبغي ان يراعي زمن عودة الوالد من مكان عمله /المدرسة وزمن ايابه إليه من جديد وهو الزمن الوحيد المهم تقديره لازمن عودة اخوتي ولا حاجتهم أتناول الطعام قبل انصرافهم لترتيبات العودة لمدارسهم الاعدادية أو الثانوية ...السيدة الوالدة في فروة نشاطها ولا ينغز عليها مزاجها ويعكره ألا قلة المصروف الغير المبرر أمام ما يبقيه الوالد في جيبه ولحسابه الشخصي ولغاية امتاعه الخاص ...والدي كان يبدوا طاغيا ومستبدا ومتنمرا على جميعنا وكان حريصا على ان يذكرنا جميعنا بانه السيد ها هنا لأنه المعيل الوحيد لكل أفراد الاسرة وكان يحلوا له ان يتمتع ويتميز عنا في كل شيء ..سواء في حصص الطعام أو في عدد حبات الفاكهة التي تكون من نصيبه كما في حيازته لغرفتين  من اصل ثلاثة غرف يشكلها الطابق الأول اذ ان المسكن السفلي مكترى للاغيار وهي فقط غرفة سطحية بالكاد وازنت حالنا وتوزيع عددنا في فضاء البيت وكانت تلك الغرفة مناصفة بين اخي الاكبر خالد والاصفر منه اخي سمير ... كانت بحوزة الوالد غرفة نوم بسرير كبير وخزانة ملابس كبيرة يتقاسمها مع والدتنا وغرفة مكتب بمكتبة وصالون وطاولة وبجهاز راديو كاسيط وانارة خاصة على المكتب خاصته ...

السيدة والدتي تبدأ في العادة يومها ببعض الوقت تخصصه البكاء والرثاء على حالها ثم تحزم منذيلا على راسها وتنعل الشيطان وتبدا في تنظيف غرفة نومنا أنا وبشرى وفؤاد بيننا تترك طاولة الفطور ببهو الغرف وهو تشبه بصالون صغير وضعت فيه مراتب صغيرة لا واحدة تشبه الأخرى أو في حجم الأخرى المهم وكما كان يقول السيد الوالد أننا وفرنا بذلك جلسة تناول فيها طعامنا ونجلس فيها لمشاهدة التلفاز ونتسامر فيها ... كان السيد الوالد عحيبا في طريقة اقناعنا والتي لا تقنع أي أحد منا لكننا نتقبلها فقط ..كان ينظر داىما من أعلى إلى أسفل ويقرا في حال ناس أعلى وحال ناس أسفل ويفكك في وضع من يملكون ومن لا يملكون ويضرب الامثال ويقارن ويعمل اليات الحساب المنطقي وعلى انه كان يبدوا منسجما في طرحه ألا أننا كنا نجده مع ذلك يغالطنا ولم نكن نستسيغ منه تحصيله لأننا احسن حالا من بعضنا .....هذه كانت حقيقة سياسية واقتصادبة واجتماعية تعطي كامل مجتمعنا مثل حقيقة ان الفقر كان فينا عاما وشعبيا والتخلف مستبد بمختلف شراىحه والقمع مسيطر على  واقع  البلد باكمله لكن لا مجال لنتماهى معه داخليا ونحن كاسرة متوسطة الحال غنمت بناء مسكن مستقل بطابق سفلى واول وسطح بمصرية وكوخ لاشغال الصابون ويضمن معيلها الموظف راتبا شهريا قارا وتعويضات عاىلية ومنح مرضية بالاظافة الى دخل لاباس به يقبضه أول كل شهر كاجر لمسكننا المكترى ...للولد نظرته في الموضوع ها هنا لأنه يكف على ان ينظر من أعلى إلى أسفل بل من أسفل الى أعلى ويبدا في المزايدة على أصحاب المناصب والوظاىف الذين هم مكتفون بما يتدبرونه من "تدوبرات "واكراميات وريع ورشاوي ولا يمسسون حتى احرتهم الشهرية الضخمة او المعتبرة ...نحن كانت لنا رؤيتنا الواضحة والجلية ونحسب بانه بعادلة في توزيع  ماتكسبه الأسرة نستطيع ان نتدبر امورنا على نحو لا باس به لكننا كلما نعرف أن السيد الوالد لن يتنازل لنا عن حضوته ولن يفرط في منافعه الخاصة ونحن علينا ان نتدبر ما جادت به اريحته علينا وبكيفما اتفق كان تغطي العجز السيدة الوالدة مما تكسبه من حين لآخر من اشغال خياطتها لملابس معارفها وجاراتها وهي حريصة على ان ترضي اخا متضرارا هذه المرة على ان تلتفت الاخر في المرة المقبلة كما وهي تعمل على توزيع حصص الطعام في صحن كل واحد منا مستكثرة على نفسها على ان ناخد كامل حصتها ونحن نتقبل ذلك وان ببعض اشكال الاحتجاج الساخر الا الاخ الاكبر خالد الذي ما كان ليصمت لو لم ياخد كامل حقه وبزيادة وداىما بحجة انه الكبير ...كان يتصرف وكأنه نسخة كربونية من طباع الوالد لكننا كلنا كنا له بالمرصاد نكيل التعليقات عليه ونتنمر عليه ونسخر منه وهو ما دام متحوزا النصيب الاكبر والحق المعتبر يستمر في الابتسام ولا يتاثر من كل ما نكيل له به ...

الوالدة من تبقى معظم الاوقات بالمنزل لاشغال خياطتها ولتدبير المنزل ومن عمل لعمل من اشغال الخياطة مع اولى وضوح تباشير النهار الى إعداد الفطور المتقدم والمتاخر منه لكل اخوتي وللوالد الى التحضيرات لطعام الغذاء وقد تاخد فسحة إضافية لتعد بجانبها وجبة العشاء ثم تعود لاشغال خياطتها لا يستوقفها ألا الصعود احيانا أجمع ملابس التصبين أو البداية في اعداد تصبيرات المساء ونحن قد بدانا نتوافد..

تفرح بنا الوالدة جميعا وترضى على كل واحد منا وتحمد االه ...كانت تحاول طوال الوقت ان تظل متماسكة كابتة  غيضها وساعة تنفجر بمحظر صاحباتها أو قريباتنا فتنهمر دمعا وقهرا ولسان حالها يقول بنفس الموال :""مكنتشي تزيد معاه ساعة وحدة ولكني صابرة في وجه هذ الدراري فين غذي يمشوا ..كيف غذي يكون حالهم شكون لغدي يصبرهم بش مينحرفوش ....."

عادة أكون أنا بجوار اختى الصغيرة بشرى الشاهدين على حسرتها تلك وكيفما كان الحال وكيفما حاولنا تجاوز جدة الموقف نظل ننظر للبعضينا ثم نترك لدموعنا نحن كذلك فرصتها للانهمار.....

يتخفف حال الوالدة ويطيب خاطرها بعد ذلك فتحنوا علينا وتقربنا اكثر منها وفي مرات كانت توجه كلامها  البنا وتقول لنا بانها لن تتركنا معه واننا سنصحبها وينعيس للأبد بجانبها....

همي ..يا همي لماذا تستعجل اغراقي بالهموم ..يسقط من جديد اعتبار السيد الوالد من نظري...على أنني لا أحب بالمرة ان ارى دموع والدتي ولا ان اسمع نذبها على حالها...اخد أي ركن في البيت لاجترع همومي الغاذية في الكبر بجانبي واسىلة جديدة تتناسل داخلي لو حدث الانفصال بينهما فهل سننقسم ..سنفترق وكيف سيكون مالنا ....

همي هذا كان استثناىيا ربما لم أجد من يعاني مثيله غير جارتنا "المصباحية" أم عادل وعيد الحميد ونزار التي لم تكن على وفاق مع زوجها والتي كانت تعيش شبه منفصلة عنه حيث هو داىم السفر والغياب .."امي المصباحية "امراة مقتدرة وجميلة وبعزة نفس وابهة ..وعادل ابنها شدتني إليه تطلعاته الي وتحببه الي وبمباركة من السيد والدته اصبح صديقي الصغير الذي ارعاه ويوفي هو لي الوفاء الجميل ...                   

                

            




   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...