الأحد، 27 فبراير 2022

يوميات : عوالمي السرية..../ المؤنث والمذكر


 من اولى لحظات تكون هذا الوعي النزق الذي جعلني لحد بعيد دائم القلق والتوثر ومرتابا وغير قادر على تكوين علاقات نذية انما فقط مسايرة الاقران ومن موقع الضعيف والمستسلم والمنهزم مسبقا ..كان عالمي الداخلي يتسع ويتعمق جوانيا وكذلك حاجتي لان اكون لوحدي كانت تكبر وياخدني الصمت والتفكير واحلام اليقضة لبعيد يوما على يوم ....

كنت خاىفا ومرعوبا باستمرار ومستشعرا لدرجة فضيعة بحجم احساسي بانني وحيد وغير مقدر جيدا ومستترك..شيء من قبيل انني مهمل وغير مبال به ....عبثا كنت احاول لفت انتباه السيد والدي لوضعي ..لوجودي ...لضعفي ...لحاجتي بان يسندني وينزع الخوف من داخلي ...كنت الجا اليه بنية ان يراجع معي دروسي ...ان يصحح لي تماريني ...او ان يستظهر معي ...لكنه في الغالب لم يكن يقبل على ذلك بصدر رحب وسرعان ما كان يفقد صبره معي ويبدأ في الصراخ في وجهي ...

لا اعرف لكن أشياء ما جعلتني ابدوا مقتنعا مند البداية انه لا مناص من ان اكون متفوقا ما دام والدي معلما ..ربما اقنعت بما كان يهمس لي به من عماتي واعمامي وانا مستسلم لمدعباتهم الحنونة ..فاستسهلت عملية التحصيل والتعلم ولم اخد الأمر بمحمل الجد اللازم ولم استطع ان اكون بدا بال وتركيز ...كنت في أغلب الحصص اضجر بسرعة خصوصا اذا اعتلى جو الفصل الصمت وافقد ثقتي في نفسي ومقدرتي على انجاز ابسط المساىل المطلوب الإجابة عليها او حلها او إعادة كتابتها ..وكنت اكتفي بمراقبة زميل طاولتي وشعور بالغيض يكبر داخلي ومعه الكثير من التذمر والاسى لحال نفسي ...كنت استسلم لهبات من العرق البارد تبلل ثيابي الداخلية وافقد القدرة على وضع جسدي معتدلا اذ سرعان ما انكمش على جسدي واتكور عليه واظل محملقا في دفتري ..في ورقتي عاجزا او شبه كذلك عن انجاز المطلوب مني ...كنت اشعر بحجم الاهانة التي ساتلقاها لاحقا او انيا ان مر المعلم من جانبي وتفحص دفتري وهو لن يتواني في ان يوجه انتباهي بضرورة أن أصحح واعدل من شكل خطي ورسمي للحروف ..هذا ان لم يبدا في تانيبي على جهل بابسط القواعد الاملا:ية والكتابة او بمعادلات القسمة والضرب الحسابيتين ....كنت داخليا اريد ان اصرخ عاليا او ان ابدا في تحطيم الاشياء من حولي ثم اعدوا جاريا لاي مكان يكون ابعد من هذه الحجرة الدراسية وهذا الفناء المدرسي وكل اسوار هذه المؤسسة ...او ان اجري واقتحم القسم الذي يدرس فيه والدي تلامذته واصرخ في وجهه معاتبا اياه لانه لم يولني عنايته اللازمة لأكون متفوقا او على الاقل في مستوى انذاذي من التلامذة ....

لا اعرف كنت استدخل القواعد في راسي واستوعبها على نحو مجرد لكنني افشل في تطبيقها وانزالها ويحدث ان فجاة ان ينجبس ذماغي وتشل قدرتي على التفكير ..أتصور القاعدة دون ان تعني لي اي شيء ..دون ان افهم الغاية اصلا منها ...واظل احملق في الفضاء حيث ترقص امام عيني القاعدة وخطة صياغة الجواب وانجاز الحل وبالمقابل يمتد ذلك البياض الكبير والمتسع الذي يحجب عني المقدرة على استعابها واتمام الانجاز ...

اخرج خصوصا في اماسي ايام المدرسة مفعما بالكابة والحزن وبرغبة جارفة في ان اختلي بنفسي وابكي ...ابكي حتى اجهل السبب والدافع الذي دفعني للبكاء...امضي مثقل الخطو اكاد اجر رجلي جرا ..غير راض تماما عن نفسي ..فانا بما لا اعرفه اكون الكسول وأكون التلميذ الخائب..  وأكون تبعا لذلك استحق ان اعاقب  وان اوبخ واهان....

كان شبه تحصيل حاصل ان اعرف انني هنا او هناك بمخرج باب القسم او في الطريق عبر ساحة المدرسة أو ببابها الكبير سيتنمر علي ...وان هناك من سيعبث بثيابي وسيمسكها من خلفي لتخرج من تحث سماط سروالي ..وان هناك من سيتدافع بقوة ليسقط لي محفظتي ..وان هناك من سيتصنع انه لم يراني ليدوس على حدائي ..وان هناك من سيتصيد قربي من اول فوج اناث ليدفعني بقوة تجاههن ليسبنني وينعثنني بالحمار ...ولن ينتهي الأمر عند ذلك بل هناك من سيتحين ذروة الزحام بمخرج باب المدرسة ليندس خلفي ويداعب بقضيبه الصغير مؤخرتي وقد امسك بي مكاتفا اياي بقوة وخشونة ...وان آخر قد ياخد إصبعه ليمرره على فتحة استي ....

كان مثل هذا الامر قد غدى جزءا مألوفا والكل قد إعتاد ان يتابعني اتعرض اليه ..وكان احيانا بسبب وحيد ولسبب واحد هو انني ابن معلمهم ..ابن معلم ..ابن موظف يشتغل في حقل التربية والتعليم ...ولنفس السبب عدمت اية إمكانية فعالة للوقوف في وجه كل أولئك المتنمرين فانا كان ممنوع علي العراك على انني كنت رخوا بلا مهارات قتالية وان جرأت على محاولة الدفاع عن نفسي فاوقعوني ارضا لتتسخ ثيابي او تتمزق او يخدش وجهي ويصاب فانا الملوم في كل الاحوال وانا من سيكون في حكم المعاقب لبقية اليوم ولغيره من الايام القادمة فقط لانني ابديت كوني غير مربي او لا من من حضي بالتأديب ولأن الناس سيدينون السيد الوالد الرجل الفاضل المربي لانه لم يعرف كيف يربيني ويأدبني  ...ولأنه كان علي ان اراعي مكانة السيد الوالد وان لا اتصرف كرعاع ...

كنت غاضبا طوال الوقت واتوقع الشر في كل اللحظات ما دمت خارج البيت .. كان لي اخوة كبار لكنهم ابعد على ان يسندونني في المواقف التي اتعرض فيها ...هي فقط اختى الصغرى من كانت تقف لجانبي وتحاول ابعاد الأدية عني وتحاول تحريضي على ان انقل الأمر لوالدنا على انه هو سيتصرف بمعرفته وسيحد من تنمرات تلامذة المدرسة لكنني كنت ارفض ..لا اقبل على نفسي ان اتصرف كالجبناء والواشين...ولعلي كذلك لانني كنت استمرأ مواقف من يتطوع بالدفاع عني وينهي موقف الاعتداء علي ...

كنت من الاصغر تلامذة سنا وبلباس وهندام مرتب يحرص الوالد على ان اعتني به وارتديه حتى لا اعرضه ليستعير مني ..كان مفروض علي التقيد بنفس المشية وان اخد نفس الطريق وان لا اتصرف كالرعاع ومن ان فرض علينا إرتداء الياقة البيضاء كان الويل لوالدتي ان لم تراقب وتنتبه الى وجوب ان تظل ياقتي البيضاء بيضاء ناصعة البياض ...

تعبت بجد وانا اترقب الايام ان تمضي بي لاكبر ولاكبر بسرعة..كنت احسب بانني ساعتها سيكون بامكاني ان أدافع عن نفسي ..نعم مجرد ان اتملك القدرة على الدفاع عن نفسي لا هم لي في الثأر او الانتقام من من بالغوا في التنمر علي .. فانا تعلمت ان اسامحهم لا على أذيتي وانما على انهم كذلك ولاسباب ولظروف اصبحوا كذلك وبالتاكيد كان معلمي ومرشدي في ذلك اخي فؤاد الذي كان يستطيع ان يقرأ افكاري ويصحح لي الجانح منها ويزيح التشوش عن ذهني ...

تعلمت ان ازيح الخوف تدريجيا من دواخلي ..كنت بغير حاجة لان اهرب او اغير مسار طريقي او اتجنب نظراتهم الي ...كنت اظل محدقا في عيونهم دون ان احمل نظراتي لونا من التحدي فقط اقول انني اراهم جيدا واعرفهم وغير خائف او مرعوب منهم وساعة يلحقون بي ويسدون الطريق علي اقف في مواجهتهم دون ان أبدي اي رغبة في مقاتلتهم او العراك معهم ودون ان أبدي استسلامي او خنوعي اظل واقفا متصلبا في مكاني وجاهز لاتفادي محاولة الامساك بي من عنقي او من ثيابي كما اسد فمي لا اتوسلهم ولا اهددهم وانما كمن يقول لهم وماذا بعد ...؟! ما عساكم فاعلين بي ..؟!..اصبح هناك دائما من يساعدني على الخروج من مثل هذه الورطات وفي اغلبيتهم كانوا إناثا ..تلميذات كبيرات السن والهيئة وبمجرد ما يتدخلن حتى يساندهم كبار الفتيان من المارين او ابناء الحي الذي نعبره..

سافهم اشياء كثيرة لعلي ما كنت بحاجة لأن افهمها في مثل هذا السن الحديث ...لقد كان المتنمرون بي ومن اشكال وجوههم وشعورهم وملابسهم ومحافظهم المدرسية ان وجدت بحوزتهم تشي بان اوضاعهم الاجتماعية والاسرية هشة وفقيرة ومحرومة وانهم  هم من يقفون خلف جماعات المشترين للحلويات ومما يبيعوه اصحاب العربات ليخطفوا لهم ما اقتنوه او على الاقل يبعثرونه لهم على الارض ليضيعوه عليهم ...وان هؤلاء ومثلهم من اجدهم يسرقون الفاكهة والخضر باسواق الحي وان الغالبية منهم لا يعودون إلى منازلهم الا اخر المساء بعد ان ينهوا الدوام المسائي المدرسي وساعرف عنهم كذلك ان اغلبيتهم ياتون دون تناول وجبة فطور ولا يعودون لتناول وجبة الغداء كذلك ....وساعرف ان اوضاعهم المعيشية ليست على مايرام فهم من أسر متعددة الأفراد وسكنهم قديم وصغير او عبارة عن كوخ قزديري وان فيهم من تعولهم الام في غياب الاب المتوفي او المطلق لوالدتهم ....وان فيهم من اختهم تمارس الدعارة المقنعة ... وسافهم دوافعهم التنمر علي وعلى امثالي ...انه الغيرة ..الحسد ..الحقد...لقد كانوا يحاولون النيل منا بالقوة لانهم بينهم وبين أنفسهم كانوا يشعرون بالضعف والخدلان والحرمان .....

"عبد العاطي الابراشي "في سلسلته القصصية للفتيان والناشىة قربني جدا لكي افهم نفسية هؤلاء ومراميهم وفتح عيني على حقائق جديدة افادتني كثيرا وقوتني من الداخل ...و"عبد العاطي الابراشي"هو من خلق مني ذلك المقاتل الشرس الذي يتوق ليقرا ويقرا اي شيء يقع تحث يديه وكيف لا وكل الاسئلة التي تسبب الحرقة لي في راسي كانت اجوبتها سهلة وميسرة بالكتب والقصص والمجلات والصحف..

اخترت لي ركنا بفناء السطح ارتاده وقد حملت معي بطانة صوف الكبش لافترشها ومخدة صغيرة فاتئك عليها مستلقيا لابدا في قراءة ما اتحصل عليه مما قد يناسبني قراءته من اخوتي خالد وسمير ...بت اقضي اطول وقت بسطح المنزل اهتم باصاص الزهور والمزروعات الخاصة باخي سمير ولحسابه الخاص كما قد يكلفني بالتنظيف لاكواخ الحمام ولسجينة الدجاج وطبعا بمقابل سخي بالمقابل مع ما كان ينقدني أياه اخي خالد مقابل ترتيب اوراقه ومواد وادوات الصباغة الخاصة به او لقضاء بعض الاغراض له بالخارج ...

لا اعرف لماذا لم اساير نشاط اخي سمير وولعه بالرياضات القتالية والدفاعية كالكراطي والكونكفو او المصارعة الحرة على الرغم من انه كان يقحمنا معه في حصصه التدريبية ويعلمنا بعض الحركات ....بشكل او باخر ترسخ عندي احساس بانني لن انجح في ذلك فانا أساسا لست صلبا مثلهم ولا هواية رياضية تروقني او اجدني ممكنا ان أمارسها بخلاف السباحة والتي علمتني اياها بنات جيراننا "بدري " و"قمر "و"شهرزاد"وهذه لموسم الصيف لا لكل المواسم والفصول وربما ما علمني اياه صبية الحي من الجري والعدو فوق الصخور الشاطئية والقفز فوقها والنزول من المسالك الصعبة للشاطئ الصخري ما كان يدوم معي ويعطني القدرة على المناورة والمسايرة الجزئية لاقراني بحينا السكني ....لكن لا خبرة لي بلعب كرة القدم ولا بالتسابق جريا ناهيك على انني ممنوع من المشاركة معهم في هجومهم وحروبهم مع فتية الاحياء المجاورة الاخرى ...وهذا المنع كان كفيلا بان يلزمني صفة انني ابن ماما ..."ولد ماماه "..

جل "التحراميات  " علمني اياها رفيق حينا وجارنا "فريد بنسعيد " وهو من فتح عيني جيدا على عالم ابناء الحي فتيانه وفتياته وكان يزودني بخبرته في التعامل معهم ..لم يكن يبسط حمايته علي وبالمقابل كان قبل ان يعلمني حيلة يوقعني في حبالها وشرها ...كان يفهم لدرجة بليغة حدود المرسوم لي من غيره والمسموح لي مقابل الممنوع علي انطلاقا من توقعات اهلي لي وشكل واسلوب تربيتي ...كان لا يجد من داع ليعلمني القدف بالحجارة لانني حتى ولو تعلمته واردت تطبيقه فلن انال الا العقاب من والدي والحرمان من النزول للزقاق واللعب فيه ...

فريد كان يستحق ان يسمى شيطان حينا لكنه لم يحصل إلا على كنية "حرتيتة "وهي لعلها تفيد الجني ...ومع ذلك لم يكن من طينة من ينزعج من ان يحمل كنية وهو الذي ما ترك كبيرا او صغيرا بنتا أو امرأة كبيرة الا وكناها وداع كنيتها بين كل اهالي الحي ...

ساعة مراجعة الدروس وانجاز التمارين كانت تكبس على صدري واشعر بالاختناق ...اختى تنكب بهمة ونشاط على انجاز المطلوب منها وانا بعد اتلكا احاول تحسين شكل خطي دون جدوى ..احاول حفظ الدروس وترديدها في اقصر وقت وكان بامكاني ان افعل ذلك وانجح فيه خصوصا مع نصوص لكن مع القواعد فلقد كنت اواجه مشكلة حقيقية ربما لأنه كان يفوتني درس او درسين لم احضرهما او فقط لانني لم استعب القاعدة السابقة جيدا أو استوعبتها كما هي دون ثقة في نفسي بانني يمكنني ان استخدمها في كل الاحوال المشابهة او المستدعية لها...

كانت اشياء عدة تكسرني من الداخل ..فانا لا اجيد التلوين كما كانت تفعل اختي الصغيرة بشرى كما لا احفظ بسرعة الكلمات الأجنبية الفرنسية والانجليزية التي يلقنها لنا اخي سمير ...كما انني ضيق النفس لا اقوى على المكوث اطول وقت لانجاز امر ما بخلاف اختي التي كانت تاخد كامل وقتها وتستحق الثناء والمديح بخلافي انا الذي يحاول فقط المداورة والقفز والتمثيل كي لا يكشفون انني طعنت من الداخل لم اتمكن من التفوق والنجاح....

كنت احب شيئا واحدا وهو الترتيب ..ترتيب اغراض اخوتي اوراقهم وكتبهم واشياؤهم ..كنت مهوسا بالنظام وبان ارى الاشياء نظيفة من حولي وكل شيء في مكانه ...واحب ما الاقيه من ثناء على ذلك وكنت احب ان اساعد امي في شؤون الكنس والتنظيف وغسل الاواني واتطوع بتصبين قطعة ملابس لاحد اخوتي او تلميع حداء احدهم ....وكان نصيبي من القطع النقدية التي اجازى بها مهما ليجعلني قادرا على العودة والاستلقاء في فرشي والقراءة للقصص وللموضوعات المبسطة وفمي يعتصر قطعة شكلاطة او يمتص حلوى او يفتت في قطعة بسكويت .... 

كنت احلم بانني في يوم سانجز بدوري كتبا وقصصا ورويات وسيقرا لي الناس ذلك وسيتعلمون مني بدوري كما أتعلم واسعد بالقراءة ...لكنني حين انظر في مستواي الدراسي ومردوديته اشعر بالاستياء من نفسي وينتابني الحزن الشديد لانني فعلا لا اعرف كيف اكبر على تعثراتي تلك وارتعب من فكرة السقوط والرسوب وترك مقاعد الدراسة .....

كنت احلم بانني في يوم ساكون مقدرا على نحو ينسيني الهم الذي يولده لي كل المتنمرين بي ...وكنت احلم بانني في يوم ساسعد الجميع بالمكانة التي ساحضى بها وسيكون لهم ان يتباهو بي ...

كنت اعرف ان والدتي فخورة بي  وراضية على مساعدتي لها في شؤون البيت وكذلك الوالد وان كان يثير حفيضتي بابتسامته الساخرة وبتعليقاته على انخراطي في شؤون النسوة لكنه يعود لنبرة الجد ويثني على مساعي وينقدني قطعا نقدية كمكافاة لمجهودي...

بت أكثر حساسية من التخصيص الذي كان يقولون به عن اشغال مقصورة على النسوة والاناث من تلك التي هي  حكر على الرجال والذكور...لم استسغ الأمر في البداية لانني لم ألاحظ او المس اي سوء في ذلك بل كنت أدافع عن حقي في تعلم مهارات تنفعني في حياتي وتساعد من من حولي ...لكن الغمز والهمز الذي كان يتصرف به بداية اخي خالد والذي كان يكسره بالمقابل اخي سمير الذي كان يعلمني اجرائيا كيف اكون عمليا وفعالا في اتيان الاشغال تلك .خلق عندي هوة نفسية كانت تقتات من خالص الرضى الذي كنت احتفظ به لنفسي عند كل انكباب على الاشغال تلك ...واتسعت الهوة بعد ان شاع التعليق على ذلك بين صبية الحي واقراني الذكور على عكس اناث الحي الذين قدروا مني اعمالي تلك هن ونساء الحي الذين كانوا يبدون كامل رضاهم عني ....

لم افهم تماما معنى ولا دواعي هذا التقسيم للعمل والاعمال بين الرجال والذكور وبين النسوة والاناث ...ربما فهمت في مرحلة الخامسة من العمر لماذا تصحبني امي واختي الى الدوش /الرشاش العمومي وليس الى الحمام لانه بالاول نحصل على غرفة خاصة بنا ولا نهتم الا بانفسنا نحن ونظافة اجسامنا بعيدا عن نظرات الاخرين ومتابعتهم لنا كما كان يحصل بالحمام ...كنت اعرف انني ذكر بخلاف اختي التي تصغرني بعامين انها انثى وان والدتنا امرأة وهي من انجبتنا ونحن لها وكانت تعرينا كليا بلا اي ثوب ولا تبان او كلسون ..بينما هي كانت تحتفظ بسروالها القصير لحين تنوي ان تحسن شعر عانتها فتدير للحائط لكي لا نرى ما تفعله دون ان تطلب منا أمرا اضافيا او خاصا اخر ...كنا نعبث بالترامي فوق ظهرها ومعانقتها من الخلف وهي فرحة بنا وحدث ان كنت ارى كيف تزيل الشعر بالموس وتراني اتابع ذلك ولا تنهاني عن ذلك ..كانت لما تنتهي وتغتسل تاخدني لحضنها وتداعبني ينهديها الممتلاتين واستحب وضع راسي على صدرها والغفو ولو لهنيهات ...كنت اشتشعر كم انا سعيد وكم انا احبها واريدها أن تبقى دائما لجنبي ومعي ...

بسن السابعة والثامنة والتاسعة كانت تدخلني للحمام بالبيت لتغسل لي جسمي وتدعك بالليفة جسدي حتى تخرج الاوساخ وكانت تديرني للخلف لتسل سروالي الصغير وتنظف استي كذلك ثم بالعكس لتغسل ما بين ثعباني الصغير وعندما ابدي بعض التخرج تهمس لي في ادني "انا ماماك متحشمشي مني "

فهمت ان لامي كامل الحق في التعامل مع جسدي لانها أساسا هي من صنعته داخل رحمها و رعته حتى كبر وان امي  واحدة في كل الكون من تملك كل ذلك الحق ...وفهمت منها ان اختى بنت وانا ذكر لكننا اخوة ولنا ان نتعرف على جسدي بعضنا ما دمنا صغار لكي نانس اختلافاتنا الجسمانية والجنسانية ...وعليه ما كان لاحد في البيت من ان يسجل اية ملاحظة او مأخدة ان تواجدنا انا واختي جنبا لجنب بعضينا او متلاصقين او متكاتفتين او وهي تجلس فوق حجري ....اننا اخوة وبعد صغار وفي حاجة لنأنس بعضينا ونتعرف على بعضينا اكثر  ..

كنت احب امي واعشق النظر الى جسمها والارتماء في احضانها والنوم بجانبها ...كما لا أتصور وجودي بعيدا عن اختى بشرى لانها ملكي كما أنا ملكها هي اختى وانا أخا

 لها وهي لي ...على انني كنت اقف مبتأسا قليلا من حدة ذكاءها وقدرتها على المبادىة وحسن تصرفها في المواقف الاجتماعية واحاول ان اكضم بعض الغيرة التي تنتابني تجاهها وهي محبوبة كل افراد اسرتنا وعائلتنا ...انها الانثى واخر العنقود...  

لم اتاثر شكلا ولا قالبا من غمزهم وهمزهم بل مضيت في كامل تحدي حريص على المشاركة في اشغال البيت والترتيب والتنظيف والتصبين...ولا بت اقف خجولا مترددا في مشاركة بنات حينا وصاحبات اختي جلساتهن واحاديثهن والاعيبهن حتى بتنا يأتين خصيصا لمجالستي لما تكون اختى غائبة بالمدرسة او بصحبة والدتي في مشوار أو زيارة للاهل او المعارف ...وعلى شاطىء البحر اجلس لجماعات منهن وقد اكون وحدي الذكر بينهم ..وكل هذا لم يجعل مني المبنت او المخنث فمشيتي هي هي وحركاتي ذكورية وسلوكي طبيعي كما طريقة تكلمي وتحدثي حتى ولو شاركتهم العاب البنات كالنط على الحبل أو الرقص بقطعة الانبوب البلستكي المستديرة او النط على الحبل اللادن....فانا اعرف جيدا انني ذكر وهذا ما احس به وانطلق منه والباقي مسايرة ومجارات ولعب اطفال مع اطفال لا داع لنقوله ما لا يقوله .....لكن الامر لم ينتهي عند حد ان يقولوا وينعثوا ويهزؤا بي ...  لقد تحول العديد منهم لمعادتي حيث استكثروا علي ان اكون دائما بجانب جميلات الحي وبناته اجلس ملتصقا بهم ويمسكن بي ويكاتفنني ويتركن لي فرصة التعرف على اجسامهن ...اخدوا يحاولون النيل مني بشتى الطرق كاعتراض سبيلي وشتمي ومحاولة ضربي او على الاقل ايقاعي ارضا وبشاطى البحر كانوا يحاولون التحرش الجنسي بي على اعتبار انني في حسبانهم مجرد مخنث وبالمقابل كانت بنات الحي وصاحباتهن يدلنني اكثر ويهبنني فرص التقرب اكثر منهن لايغاضة جماعات الذكور والاقران المتربصين بي وبهن ...وحدث ان حاولن جعل اخوتهم الذكور يتدخلن ضدي لكنهن دافعن عني وعن طبيعة وجودي بينهن وكانوا يقولون انني اخ لهم.. مثل اخ لهم وانني احترم حدودي دون الباقية من من يحرضون ضدي ...

لما اعود لنفسي ولخلوتي اكون في حاجة لان اراجع كل تلك المواقف التي تحصل معي لعلي افهم لماذا يحصل معي كل هذا ولماذا التركيز على هذا الشق من الامر ..على جنس كل واحد منا ولماذا يحاولون الخلط معي ووسمي بانني بين بين الجنسين فلا انا ذكر ولا انا انثى وانما انا شبه انثى او شبه ذكر او انا مجرد مخنث ....                                           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...