الخميس، 26 نوفمبر 2020

يوميات : عوالمي السرية. (18). هزيمتي مع حنان"هذه ". تابع /4-1


 

يوميات : عوالمي السرية..(18) هزيمتي مع حنان "هذه "..تابع / 4-1

 لن اتقبل الهزيمة بالتاكيد امام يقيني الذي يحدد لي نظرتي ويطبع احساساتي ..عندما انظر اليك اعرف انني اعرفك..ربما لن اعرف الاجابة عن أسئلة كثيرة محتملة يمكن ان لا اطرحها حتى في آنها ..لكنني اتصرف على نحو انني مكتفي ..مكتفي فقط بان اراك وان انظر في عينيك وان يشملني ذلك الاحساس العميق بانني اعرفك وتعرفينني ...واعبر وتعبرين ...ربما ذلك المشاكش في قد يحاول التلاعب بي ويستفزني ويهزء مني :"ثم ماذا ...؟!اهكذا سيمضي  العمر بكما وانتما لاتتحاركا ...؟!"...وارد عليه +"هي تعرف متى بالتاكيد ستاتي الي ...هي متأكدة بانني احتفظ لها بداخلي بارحب مكان وباشهى الاشتياقات ..."..هكذا كنت اخاطب نفسي وانا اجلس لطاولة حانة بمدينة الرباط  اعب في الجعة الباردة مكتف بوحدتي غير مستعد للمغامرة في الجلوس الى اي احد بالمرة ..لكن قد يحدث الاستثناء النوعي كما كنت اسميه ...فانا مستعد لارضي اي واحدة تاتي لتجلس الي او قد تخاطر بان تلفت انتباهي الخاص وتتبعني في اشياءي الخاصة فاجسر عليها الطريق للوصول الي ...وللمحاولة معي ..ولا يهمني حال عمرها او شكلها او الدور الذي تتقمسه ...لا شيء يضاهي ان تستجيب لراغبة في بالشكل الذي تحبه وترتضيه لنفسها ...بالتاكيد لن أكون خاسرا في كل الاحوال ..اعرف كم هو في غاية الامتاع ان تجلس لاي انثى وان تتبادل معها اي حوار وباي لغة كانت واعرف كم هي الانثى معطاء حين تتقبلك وتبدا في محاولات سبرك واكتشافك ...انها بسرعة تتحرك باتجاه ان تحتويك ولا تعود مبالية بآية اعتبارات أخرى ...لانها فجأة تكتشف هي نفسها ان بدخلها  لا توجد الا هي ..الانثى فيها ..تلك الانثى الغير قابلة للتدجين وللصهر في القوالب الاجتماعية النمطية ..تلك الانثى التي رعتها هي بنفسها وتساءلت حولها وخافت عليها وقلقت بشانها ورفعت التحدي معها عاليا  ..تلك الانثى التي هي كل شيء لها ..هي من تعود اليها لتنام في حضنها ..وهي من تعانقها في احزن الساعات وتلفها بين ذراعيها لتستشعر السلام يعود اليها ...تلك الانثى الغير المتطلبة والتي تكتفي بالقليل لكنها لا تشبع من ان تعامل جيدا كانثى ...على مثل هذا النحو تطورت علاقاتي مع عديدات ...واستطعت ان انزع منهن ما يرضي في بقايا الذكر الحضاري بالاعتراف لي بانني اجيد معاملتهن..وانا ..انا الحقيقي كان قد اكتفى من لحظة ان عبرت الي لتقول لي ارغب فيك بشكل من الاشكال ...

"حنان"هذه عبرت الي ...ولها هي وحدها ان تعبر الي متى شاءت ..انى شاءت ...

""حنان"هذه ..انثى حقيقية وستظل كذلك الانثى التي هي من تقرر متى تعبر لاي ذكر تريده ...واي ذكر حقيقي لن يرفض عبورها اليه ...واي ذكر لايملك ان يتطاول على حق ليس من حقوقه ..لا يمكنه الاقتراب ابدا من اي انثى لا تريده ...

كنت اقول لنفسي وبيقين :"لماذا اتعبني معها ...؟!وهي ابدا ما لم تكن راغبة في فهي لن تسمح لي باللحاق بها ...هي وحدها من تادن وهي من يجب ان تطاع ..." ...اعرفهن جيدا كيف يصبحن بليدات وباردات ..منعدمات الاحساس ولا تنطلي عليهن أية حيلة ...واي حيلة لنا امام سيدات الحيل ورباتها ...؟!..  

انا كان يكفيني ان اكون منتبها وان أكون صادقا مع نفسي ..وان اتصرف على سجيتي ...هن من كن يملكن الحق في ان يفسحن لي الحق في رؤيتهن..في متابعتهن ..في بناء ذلك الحوار ..وهن من يتقدمن بتلك الخطوة الأولى الى الامام ...هن من يهزن ثقتك بنفسك او يبعثنها فيك وينظمن أسلوب الاقتراب من مدارهن ...مدار الانثى فيهن...

"حنان"هذه بالتاكيد لم تنسجها احلام الفتى المراهق في ولا كانت من من تابعها هواي ورغب فيها حتى تعفنت الرغبة داخله ..."حنان "هذه رافقتني اجمل محطات حياتي ومثلما حرصت هي على ان تدخلني جنتها ادخلتها جنتي وجناني ..لم  تطردني يوما ولا طردتها يوما ولا طردنا اي اخر ...

كنت مهتما بان اتحدث كثيرا لصديقي "عبد الرحيم السباعي "بما يجول في خاطري من انطباعات خاصة عن مجموعة من المواقف التي تحصل واجدني فيها ..."عبد الرحيم "رغم بساطته ومحدودية تعلمه يملك حسا رائعا وقدرة على إدارة النقاش والاستماع والمشاركة ..لم اكن اريد ان اتعبه بتلك الحوارات الأكاديمية والنظرية ..كنت اتعاطى معه بمنطقي الشخصي منها ...افكر جيدا كيف امرر له عدتي المعرفية على نحو عاطفي ..باسلوب اعرفه فيه على وجهات نظري ومواقفي من القضايا المجتمعية الكبرى والعميقة ..من ارائي وتصوراتي حول الانسان فينا ...

مع "عبد الرحيم"لا اكف عن السخرية من نفسي لانني بالفعل ارتضيت لنفسي مواقفا جانبية ليست غريبة او شاذة لكنها تهدم في الكثير من يقينيات المجتمع وتفضح تناقضاته ولأن المجتمع خادع بتماسكه وزائف حتى في القيم التي يدعوا اليها ولا يمارسها فلقد كانت افكاري تدعوا للضحك وللسخرية لان المفروض ان واحد منا على صواب وعلى حق او يلامسهما والاخر مهزلة ...ولانني لا اريد ان ادعي انني على صواب ابدا في السخرية من نفسي ...من نفسي التي لا تقر بكامل انسجامها مع ذاتها ولكنها تحاول ذلك بينما الاخرون غير مبالين ومنقسمين على انفسهم ويمارسون الزيف علانية ...ويسمون الاشياء بغير اسمائها ...

"حنان"هذه ...راقتني كثيرا لانني رقتها ..كنت لا الوك الكلام ولا اعجنه بمنظور العامة ...تعودت ان اكون صريحا مع نفسي ومع غيري ...لم اكن متحفظا ولا مراعيا كما لم اكن اباحيا او مستهترا ...فقط تعلمت ان اقول الاشياء كما هي وكما ينبغي ان تقال ..لا مجال للتاويل اللامنتهي ولا مجال لترك ثغرات لعل الفهم يتحقق من خلالها او عبرها ...

"حنان "هذه تركت لها ان تقودني الى أي مكان ارادت ان نتواجد فيه سوية او بين الناس ..وقبل ذلك تركت لها ان تقود علاقتنا ببعضنا الى المدى الذي تحبه وتريده وتشتهيه..

""حنان "هذه ظلت تلك البنت الصغيرة ابنة السابعة او الثامنة في العمر التي اتعبها التفكير وانتهت لان تذهب مباشرة للفتى الذي يخصها أمره وتقول له وعينها تواجه عينه :"نتصاحبوا ...تتصحب معيا...."  قالتها له ولم تندم لانها فكرت جيدا في انها قد تندم على مبادئته وقد تندم على انها سمحت لفتى مثله ان يقترب منها وهو لا يستحقها ...وقالتها له بوحي خاص منها لا لانها رات غيرها يفعلن ذلك فاردت ان تجاري اسلوبهن ...بل لانها قويت على أن ترغب في التجريب على الاقل بقناعة منها انها لن تخسر الشيء  الكثير على كل حال ...

"حنان"هذه خالجها التردد فيما اقدمت عليه لا لاكتشفاها انها اوقعت نفسها في حماقة بل فقط لانها كانت تحاول حسم الصراع داخلها ...وكانت ترغب في الانتصار على نفسها الغير الحقيقية ...

"حنان "هذه كانت متأكدة في ما تريده لكنها في نفس الآن خائفة ..خائفة ان تسيء للانثى الراغبة فيها وتجرحها لذلك كانت في حاجة   للاكثر من الشجاعة ..كانت في حاجة لان تثق في انها لم تكن ترهن حقيقتها بخداع ما ...

مع "حنان "هذه نسيت انني لم اكن الفتي الذي تأتيه بنت السابعة او الثامنة من تلقاء نفسها ...انا لم اكن فتى ولا كنت مجرد طفل منذ ان تجاوزت عتبة الخمسة سنوات ...وفيما بعدها وعلى كل تخلخل نظرتي للامور بقيت محافظا على تماسكي ولا ندمت على أنني كبرت قبل الاوان بوقت طويل ومبكر جدا ...نسيت انني في عز الاعيب الطفولة لم اكن طفلا وانما كنت اساير وامثل بينما انا اراقب واحلل وافكك ...لو حاولت ان العب مع "حنان "هذه بمنطق الفتى الذي ارصده من خلال الاخرين وما كنته ابدا لخسرتها ولا انقلبت على اولى محاولاتي ...كنت اعرف ان بنت السابعة او الثامنة سرعان ما تكبر وسرعان ما تنقظ نفسها وتتنكر لمجموعات  من تلاعبهن او تتعرف عليهن لتضمن  أن تكبر  وتنمي حياتها الخاصة بعيدا عن اي احساسات بالضعف او الشعور بالامتنان لاحد ...

مع "حنان "هذه تنحيت جانبا وظللت اتابعها...اتابع الى أي درجة هي قادرة على أن تمل الدور الذي اقحمت نفسها فيه قبل أن تملني انا بدوري ...

مع "حنان "هذه لم اقل: لا ولا قلت: نعم ...ولا قلت :سنرى...لكنني واجهتها بهذه الحقيقة وقلبت معها الدور ..لاكن انا ابنة السابعة اوالثامنة ولالبس مشاعرها واخيلتها ..لاتطلع لكامل مخاوفها وهواجسها ولاجعلها ..لاحاول جعلها هي تتقمسني كما تراني وكما تعتقد أنني اروقها ورقتها ...كنت اتكلم عوضا عنها واترك المجال لها لترد علي كما تحسب او تعتقد أنني سأرد عليها من موقعي الحقيقي ..اقنعتها أن نلعب بداية هذه اللعبة دون ان نتطلع للنهاية حتى لا نفسد على كلينا متعة الاكتشاف ...

مع "حنان "هذه لم اردها  أن تكبر ابدا عن الطفلة التي جاءتني تتقمسها ففكرت بان نتجاوز لعبتنا الأولى لأن تصبح ببساطة هي الذكر وانا الانثى ونلعب في جوها ...

مع "حنان "هذه  ضمنت ان العب كل الاعيب التي استهوتني وشدتني وسحرتني وما كنت لعبتها على تلك الطريقة ابدا ...كنت اترك لها كامل الحق في ان تحتال علي بمنطق الذكر واسمح لنفسي بان اتدلل لها بمنطق الانثى ... اترك لها ان تقودني في دروب هواها لحيث تشتهي وانا من يفكرها بحدود اللعبة ..انا من يذكرها بقواعد اللعب ..انا من قد يهز منها يقينها في انها قد تاخدني بمنطق الذكر الذي نعيش به في مجتمعنا ...

"حنان "هذه كانت تكبر بسرعة غير أنها ظلت ابدا بنت السابعة او الثامنة التي تأتي وتقترب مني وتطلب مني ان "نتصاحب ...نتصاحبوا .."واصبح مدلول "نتصاحبوا "يتطور في كل مرة تبعدها عني الانثى التي اتقمسها مدام الذكر الذي تتقمسه هي قد تطاول وتجاوز وتمادى ....اصبحت "نتصاحبوا .."تجديد مستمر لعلاقتنا وتطور لفرحتنا ببعض ...

"حنان "هذه على اعتبارها تلعب دور الذكر المتحضر فينا قلبت كل المعادلات وطرحت مثلما يفعل الذكر من قاموسها لغة هذا عيب وهذا لا يجوز وهذا حرام وضمنت بذلك الانثى الحقيقية فيها ان ان تتنفس بملئ ارادتها وبكامل حريتها..وسهل عليها ان تكسر القواعد الاجتماعية المحددة للسلوك العام ولانماط التعارف بين جماعات الاناث والذكور من الاقران ومن خارج دائرتهم ..وانا على اعتباري العب دور الانثى كنت احرك فيها السؤال والمساءلة واترك لها الفرصة والمجال لتعيد تقييم دور الانثى الاجتماعي ...

ومع "حنان "هذه بالتاكيد لم نكن مثل الارانب ولا كان الصمت يغلبنا ويدفعنا مباشرة لنتوارى عن الانظار لنمارس الحب والاعيب الهوى ..كنا نستمتع بالصمت عندما يطبق بيننا ونتبادل الاصغاء لبعضينا ونسمح للنقاش ان يحتد ولاصواتنا ان ترتفع متى احتجنا ذلك ...

عندما اخدت تودعني (يودعني الذكر الذي تتقمسه ) كان يحب علي ان اخجل من ان اسالها عن موعد تلاقينا  ..كان يحب ان ادعها هي (هو ) تطلبه او تتدبره بمعرفتها ...ومتى اصبحت ملحاحة اقابل الحاحها بنهج مثيله لتنتبه لما يمكن ان ينشاه بيننا او يعرضنا اليه ...

حتى عندما كنا نتصافى ونتصارح ونمضي في منتهى صدقنا ناسين تقمس ادوار الاعيبنا نظل نتفكه على انفسنا وعلى ما حلى بيننا من الاعيب ...حتى بتنا نشتاق لان نفسح  المجال بيننا من الوقت الاخر بان نعاود نفس اللعبة الممتعة بيننا ...ويفضحنا حجم اشتياقنا لنتبادل الادوار لانه يحقق الامتاع لكلينا ولاننا نكتشف عبره ونتعلم من خلاله اهم ما يلزمنا لنتجاوز كل العيوب التي تقضي وتنهي وتدمر العلاقات بين النوعين في بيئتنا .... 

"حنان"هذه ابكتني بشدة وهزت مني كل قشرة اتخبا داخلها ..."حنان"هذه  ارهقني حبي لها وما كنت استشفه من حبها لي ..."حنان "هذه فكرت في الاكثر من مرة من ان انساها ..ان اقتلعها من ذاكرتي ومن وجداني ..لانها كانت اكبر من ما قد استحقه ..   معها ..بحوارها كان كل العالم محجوب عن نظري لا ارى سواها  ..وهي كانت تنظر إلي بكمال وجودي ..لم اكن طفلها ولا احسستني بذلك ..كنت رجلها ..

"حنان"هذه .. تقراني في صمتي ..وتتحرك نحوي لتجيب  عن كل رغباتي ...عندما اتركها يستعصى علي ان استعيد احساسي  بالعالم وبالاشياء من حولي ..اكون بعدا غارقا في اللحظة التي كنت فيها لجانبها ولالد الاحساسات التي كانت تولدها داخلي ...

كنت متعلقا بها بشكل فضيع ويلزمني ان لا انكر ذلك فحسب بل يلزمني دائما أن أرتب نفسي لتلك الساعة التي اعرف انها قد تأتي ...ساعة ان نفترق وتفترق طرقاتنا عن بعضينا ... لا انهزامية مني ولا تشاءما كان يراودني ...لكنها الحقيقة كما كنت اعتبرها وانا مفكر فيها ...هي تكبر ..هي المشتهات من الجميع ..وهي حتى ولو لم تكن بعد تميل للتفكير بنمطية  الاناث اللواتي في سنها ومرحلتها ..فهي بالتاكيد ستعرف يوما هذا الميل وسيكبر السؤال ذاخلها وستحتار وستنتهي بان ناخد القرار ..والذي لن يكون في صالحي ..انا شبه حسمت في قراراتي العملية ولا اعرف كيف اداورني ..على أنني مهما فعلت هاهنا لاتمكن من تحقيق ذلك الحد الادنى من الاستقلال المادي فلن يكون بامكاني ان اقدمني على أنني ذلك القادر على أن يفتح بيتا ويقوم على رعاية مصالحه ...اعرف انني مهما جربت وعدوت وقطعت من المسافات لن أكون في مستوى من سيقبل به اجتماعيا في مثل هذا المقام ...وفي غير ذلك انا بعد يلزمني الكثير من الوقت وامامي بعد طريق طويلة لاقطعها ...حاولت مرات متعددة مع "حنان "هذه ان افتح عينها على هذه الحقائق المادية الاجتماعية ...لكنها لم تكن تريد ان تعرف مني غير ما يجعلني افعل ذلك بلا كلل في كل مرة اتطرق فيها لمثل هذا الموضوع ..كان لا يهمها الا ان تعرف مني كم انا عاشق ..مغرم بها لدرجة أنني بت اريد منها ان تهون علي هذا الحب وترحل برفق وتهجر  بدون ان تنال مني ..

علاقة بلا مستقبل ...بلا أفق منظور ..لكنها علاقة متجدرة عاطفيا ..علاقة هزمتني اجتماعيا وحتى سياسيا ..لانني لم اكن املك ان أدافع عن نفسي فيها  ..ولا استطيع ان اتحدى في اختياري ان اكون معها وان اظل معها ...مكنتها مني لانني لا املك ان اجعلها تكون لي ابدا ...اشعر بكامل الامان لجوارها لكنني اعدمه لما اتركها ..وابدا في تصور ان كل الذي نعيشه بجانب بعضينا وكل لهفتنا على بعضينا أشبه بالحلم او المستحيل ...تمنيت بحق ان تحدث تلك الضربة الغير المتوقعة من الحظ ..وتمنيت لو فجأة يعلو نجمي واتالق  ...لاسعد بجانبها ..لكن ما كان لها ان تحدث ببساطة ...كنت احتاج لابتلع العشرات من حبات المهداءات لازيح الغم الذي يركبني من الانشغال بها ...عني انا ما كنت لافارقها لحظة ..لكن كان يلزمني ان اتظاهر بالقوة وان اكابر وان لا اتجرا على حتى قطع الدروبات او الطرق التي قد تسلكها متعمدا مقابلتها ..ما دامت هي لم تحدد موعدا للقاءنا او لم تتحرك اتجاهي وتطلب مني ان اصاحبها ...

كنت اسخر من نفسي على حظي التعس ..ففي الوقت الذي اجد من يبادلني الحب بكامل سخاء يكون حاضري خاوي الوفاض لا زرع ازرعه وانتظر نباته ولا باب انتظر ان تفتح في القريب امامي ... 

هاهي "حنان "هذه ..وها انا ..مفلس اجتماعيا ..متعطل عن العمل ..بلا أفق مادي منتظر ...ها "حنان "هذه وها هو الواقع بكل جبروته المادي يقف هازئا مني ..

معها كنت بقادر على  ان اتجاوز جراحي لكنها ما ان تتركني حتى تهيج دواخلي ...هي كانت قريبة مني ومتاح لي ان اقابلها وان اقضي معها اطول الاوقات لم تكن مثل اي واحدة أخرى تعلق بها قلبي وحدث ان افترقت طرقتنا عن بعضينا ...

"حنان "هذه لم تكن ابدا فرصة وضيعتها ..."حنان "هذه استوعب وعيي الشقي انني لن انالها كما لو كانت فرصة العمر ابدا ...ومابين أن اصدق عميقا في تجسير  هذه الهوة الاجتماعية المادية التي تقف بيني وبينها مستقبلا ان لم تكن مطروحة بذات الحدة في حاضر علاقتنا ..وما بين ان القي بكامل عزيمتي على المضي في درب مسدود  ..وما بين ان استمر كمن يختلس اللحظات وهو يعرف انه سينتهي ممنوعات منها ذات يوم ...

بالطبع يصعب علي ان اصدق انك لم تكوني لي ...

بالطبع يصعب علي ان اصدق انك كنت لي 

بالطبع يصعب على أن اصدق ان الواقع المادي الاجتماعي هزمني ...لذلك كان اهون على أن انكرك ..وان احجبك من ذاكرتي ...

الخميس، 19 نوفمبر 2020

يوميات :عوالمي السرية..(17)..حقيقتي مع حنان "هذه /تابع :3-1


 

يوميات :عوالمي السرية ..(17)..حقيقتي مع حنان "هذه "/تابع 3-1

 اجلت ان اتناول دوائي الليلي وكانني حسمت في ان ليلتي ستكون دون مرقد ...لم يكن لي ان اختار التراجع ولا ان اقنع بكل فرحة كنت ارمقها تطل من عينها وتكاشفني بها ..ولا انا من من عاد يعرف كيف يتقلب ويتارق بمجرد التفكير في شان موعد له في الغذ مع ساحرته ..ربما فكرت في لحظات في امر انتظامي على العلاج الذي يلزمني وعلى يقين انني احتاجه لالم كامل تبعثراتي واوقفني من جديد على قدمي ..لكنها تلك الحالة النزقة ما ركبتني..وجعلتني احاول على الاقل الان ان لا اهتم بغير ايجاد مخرج من الورطة التي وقعت فيها ..لم يكن ممكن أن احتمل ما يحصل معي او مني لانني اضحيت انا كذلك مشتبه به في تدبير هذا الخرق السافر في مقدرات ذاكرتي ..

كنت اعرف انني اشتغلت كثيرا على موضوعة الذاكرة وعلى ذاكرتي بالخصوص اعقل مدى الدهشة التي كانت ترتسم على وجه اخي "سمير"وانا اقبل تحديه الذي رسمه لي  مازحا ومعتقدا بانني حتى ولو حاولت بداية الدخول فيه فهناك اكثر من عامل سيوقفني ويثنني عن اتمامه والايفاء به ...كنت لما اشكوا له حاجتي للمزيد من القصص والمجلات والكتيبات الصغيرة يطلب مني ان اعيد قراءة كل مجموعاتي من قصص عطية الابرشي ومجلات المزمار الكبيرة والصغيرة الحجم وباقي القصص المصورة عن مجموعاتنا لأنه فيما بعد سيجري لي اختبارا على مدى قدرة ذاكرتي على الاستحضار والحفظ ...واوافقه لابدا في الحين ولاسهر لوقت متأخر حتى تنتهي والدتي من خياطتها وتذهب لتنام وفي الفجر اكون مستيقظا لاتمم القراءة واظل معتصما بالبيت ليحل علي اخر المساء وانا اتمت ازيد من مائتين واحدى عشرة مجلة مصورة وقصة لاظل في انتظار ان يعود من خرجة صغيرة مع صاحبه لوسط المدينة وتناول عشاءه  فلحاق به بغرفته العلوية بالسطح وانا أخبره بانني جاهز للاختبار وانجح بأعلى مستوى ...وكان يعود ليدخلني في اختبار اخر كان اجري مسح خانات الكلمات المتقاطعة المبسطة للاطفال بمجلة المزمار العراقية وان اعود لملائها وملئ ما لم اكن بعد قد اهتممت بحله منها والتحدي يكون على الوقت الذي اقضيه بدون توقف في إنجاز التحدي وكذلك على عدد الاخطاء المفروض أن لا ارتكبها وعلى مجموع ما قمت بحله كما ينبغي ..اعقل كيف اهتممت بذلك الجانب الاخر غير تمرينات تقويتها وتقوية ترتيبها واستخدامات استحظارها ..ذلك الجانب الذي لم اقف فيه عند محاولة معرفة اضطراباتها والامراض التي تعتريها بل لذلك الاستخدام النفسي العميق ..لكيفيات التلاعب بها وتزيف احداثها ووقائعها ومسحها جزئيا وتطبيقاته في مجالات الحروب العلنية والسرية وفي حقول التجارب النفسية العسكرية ..وذلك ما استهواني وشغل حيزا كبيرا من اهتمامي الحاد وكلفني الوقت والجهد والامكانيات لاتابع في موضوعها ولاتحصل  على كل ما توفر من مراجع معرفية ودراسات حولها .. وكنت كلما وجدت الفرصة سانحة لاجرب بعض تلك الأساليب والحيل النفسية اتجرا على فعله مع اصحابي وصاحباتي وحتى مع أناس قد اكون لأول مرة اقابلهم ...ربما ابقى مدينا لما وقع بين يدي من نصوص فلسفية كانت تقرا في مواضيع المعرفة /الابستمولوجيا ومواضيع عقل الوجود والموجودات ..لانها عبرت بي الى شكل اخر من المعرفة والتفكير واعطتني نفسا جديدا لاعود لقراءة كل اعمال فرويد وكل من يتناول مدرسته بالعرض او الاستناد اليها أو النقد فيها ... وهذه المرات كنت اقرءها برؤية خارجة عن الذات لانني كنت قد انتهيت من محاولات تحليل ذاتي  او تعلم ممارسة التحليل النفسي ...وعدت من جديد لانظر في علم النفس المرضي /الاكلينيكي واربطه بما اخد يتجمع لي حول تلك الدراسات والابحاث المتعلقة بالذاكرة ..كنت اعرف انه بعد يعوزني الكثير من حل شفرات المعرفة والكثير من الالمام بالمعارف التي تتفرع اليها وكنت اجد السلوى في المجلات والملاحق الثقافية لالقي ولو ببعض نظري على ما تجود به من تقديمات ومداخل نظرية او ما تطرحه كمواضيع رزينة للملاحظة والاهتمام بها كحقول معرفية مستقلة بذاتها ضمن المعرفة الشاملة ..بقيت أعمال روائية تناولت موضوع الذاكرة راسخة في ذهني وتثير في حس التجريب اكثر فاكثر ..كان عمل لمصطفى محمود يحمل عنوان "شبكة العنكبوت"من بينها ورواية مغربية تحمل عنوان "دماغ العكروط" وعمل روائي قراته وانا نزيل مستشفى الأمراض العقلية لكاتبه "الهردي" بعنوان "احلام بقرة "...وكنت أرتب التلاعب بذاكرتي كما أرتب بوعي كامل او بغير وعي كلي الحالات التي ادخلني فيها واعرضني فيها واصعد في كل ذلك حتى الج عتبة الانهيار فانهار ...وانهار عن حق افقد كليا القدرة على التعرف على حاضري وكيفيات التعامل مع ابسط الموضوعات الحياتية اليومية وافقد صلاتي بمن حولي وارتاب في صلاتي بهم أساسا وانتهي بعد الكثير من التشنجات العصابية على أنماط ذهانية وافقد كليا القدرة على النوم او التركيز وتسوء علاقتي مع ذاتي ..مع جسمي ...لكنني كنت اعود لالم شتاتي مع اول صحوة وتنبه لما عليه أن يكون تصرفي وانطلق مجددا في عملية إعادة ترميمي ذاكرتي ووقف النزيف والسيطرة على وضع الانهيار ..كان الوضع سيكون كارثيا بلا ريب علي لو لم اكن قد اجدت ترتيب ذاكرتي على النحو الذي تتدخل لتسعفني هي ..كنت في اول التجربة انطلق من موقع المتعمد والمراقب والمتدخل الواعي ثم تدريجيا اتخلى عن آليات رقابتي الذاتية لاعبر للمناطق الظل والتشبيح والتزييف والهوام والهذيانات لانتهي لااعرف نفسي ..بعودتي مجددا احمل كشوفات تزيدني يقينا في  قوة المعرفة وسلطتها وكان يكفيني كجائزة هذا اليقين المطلق مجددا بالرغم من ظروف ايامي المتشابهة وشبه الكالحة الا من متنفسات هنا وهناك وبين الفينة والاخرى ..هذا اليقين الذي جعلني قادر على المضي في الحياة وبكفاياتي الخاصة ولا اريد اكثر من ان اكون انا نفسي وما اريده منها ..   كنت مللت من محاولات دفعي للتقدم للامام بمنظورهم الاجتماعي لحد انني بت اتعامل بترفع مع التضيق المتعمد الذي يمارسه علي والدي وتغيرات سلوك والدتي الفجائي والحاد من جهتي أما محاولات تدخل اخي الكبير"خالد"فلقد كنت فقط لا اريد ان أفسد عليه نواياه الطيبة والمشاعر التي يصدر عنها واسايره ..لم اكن في حاجة لاعود للمكاتبة بصحف كمراسل او غيره ولا لان اعود للاهتمام بالدراسات القانونية ولا حتى لاذهب لاجتياز المباريات الخاصة بالتوظيف ...لا لأنني مازلت على ذات قدر ايماني بفرنسا التي ساحمل اليها كطرد بريدي مضمون الوصول  بل فقط لانني اصبعت عصيا على كل أنواع التكيف الاجتماعي وخارج آليات الضبط الاجتماعي البسيطة ..كان لي بالتاكيد احساس وتقدير خاص بذاتي لانني اعرفني ويكفيني ذلك ...  رپما هذا التطور الحاصل معي ما جعلني اجمد علاقات عملية عدة واضيع علي ما كنت اكسبه كتعويضات مادية لاباس بها منها ..وانزل بي الى مستوى الظل ...كنت كل ماعدت اريده هو حريتي ولتكن  حتى في مواتي او جنوني ..لم تعد تجدبني كما لم تكن تجدبني عن حق في يوم تلك الاحلام البراقة نعم كنت اطمح لان استقل بنفسي واؤمن وجودي الاجتماعي لكن ليس على حساب ان اتخلى كليا عن ماهيتي وان امسخ..وان اقبل بالتحويل الذي يسعون كلهم لاذخالي فيه ...كان عندي مجرد العناد.. العناد اهون عندي من ان اساق لما يريدونه مني ...انتهيت لاطرح فكرة أية علاقة عاطفية تنتهي برباط الزواج من ذهني بمثل ما كففت عن الاهتمام بان استقر بغرفة موضبة على مقاسي وتحتوي ما اريده من الاشياء..بل حتى الملابس المختارة بعناية التي بعثها لي اخي "سمير ،"عبر البريد تخلصت منها ببيعها باي ثمن لا لانني لم اكن بحاجة لها ولكن لانها كانت تأتي كمحاولة تعويض عن زمن انتظاري للذي لم ياتي ولا يلوح بيقين انه سياتي وانا بذاتي انظر انه كلما تأخر صعب علي ان اكون في مستوى تحدي الاندماج المفروض ان اقوم به اذا حدث وهاجرت للديار الفرنسية ...كنت اريد تقديرا حقيقيا واهتماما جادا وتدخلا حاسما يرفعني ويقدمني للفعل الاجتماعي وللمكانة التي عن حق استحقها والتي ارى غيري من من ملكوا الشيء القليل من الإمكانات ومن من يسندهم يتبواونها وهم غير جدرين بها ...وكان من حقي ان لا يعز علي نفسي او ادخل في عملية الاشفاق عليها باختياري ان أثبت على ايماناتي بنفسي ووعي بواقعي وبواقعنا الاجتماعي والسياسي ...وساعة تفلت اعصابي لتفلت ولتطيش ما همي باحكام الناس وتقيماتهم المتواضع عليها ...كان لزاما علي ان ابدا في التخلص من اوهامي التي تعودت على تقبلها كحقائق اجتماعية واعراف وتقاليد وانماط وسياقات واساليب اثبات وجود ..لاكسب حريتي وكرامتي ووفائي لنفسي ولمن عانيت في حبهم ..ربما كنت اقوم باسوء انتكاسة اجتماعية ومتجه للفشل الاجتماعي بمنظور العامة لكنني بداخلي ..مع نفسي كنت مقتنعا بانني افعل الصواب ولو على الاقل مرحليا ...كنت لا امانع في التحدث عن نفسي بنبرة التمرر والاسى هذه واكاشف من يهتموا لي من من حولي بارائي الخاصة وباعتباراتي الفلسفية لما اعيه من حياتي ومن حياتنا كلنا ..هناك من تفهم وهناك من كان مقتنعا لحد ما وهناك من اعتقد أنني امر من مرحلة عصية او من  أزمات نفسية ما ان اعبرها حتى اعود عنها لسالف نشاطتي الاجتماعية ولحماستي لانجاح اي مشروع ...

  لم اهتم باقتناص أية فرصة ..ربما لانني كنت متحسسا  من كيفيات نظرنا لمعنى الفرص اذ كنت استهجن سلوك البحث عن الفرص التي لانستحقها ولا تمنح لنا ..الفرصة بهذا المعنى انتهاز واختلاس واحتيال ..وحتى في مدلولنا الشعبي هي "همزة "امر لا يخطر على البال وغير متوقع الحدوث والحصول لأننا لم نتدبره ونخطط له ونهيئ انفسنا لنيله ...اي شيء بيني وبين نفسي قد أقبل به واي شيء لا يخصني وحدي او رهين بتوافق اخر او مصالح غير معه..يكلفني الكثير من التفكير والتدبير قبل أن اخد فيه أي قرار ....عني انا اهون علي ان اعيش كما أنا كمجرد ظل يعبر  هذه الحياة على أن اعقد صفقات ضد رغباتي الخالصة ..صفقات قد تعتبر ناجحة اجتماعيا لكنها قد تكون قاتلة لي ... بهذا الايمان فقط كنت اقبل بالتجريب وكسب الخبرات المهنية والاجتماعية لكنني ما كنت باي حال مستعد لاقبل التنمط في دور يتيم من الادوار المشاع الترويج لها كفرص تامين مستقبل عيش تحث ظل مهن وحرف ..

لم اجعل من حياتي  تبعثرات بالعكس كنت حريصا على ترتيبها لكن على طريقتي ونمط تفكيري الخاص ...ذاكرتي لم تكن بها ثقوب ولا تحتمل ان تحتوي ثقوبا كل ماهناك انني كنت اعمد على ترتيبها بطرقي  الخاصة التي تنسجم اساسا مع قناعاتي الراسخة ..."حنان"هذه مهما كان الذي جمعني بها لن تكون امراتي الوحيدة بمثل ما ترسخه اعتقادتنا الاجتماعية والشرعية والقانونية ..لا لانني ضد مبدأ الزواج الشرعي بالقدر ما انا ضد الزواج الاجتماعي وما يتضمنه من افكار أساسية منها القبول الاجتماعي الذي ليس الا احتواءا في ذات معايير المجتمع السائد ..انا لعلي اكثر شراسة في رفض الزواج السائد في مجتمعنا من "شهرزاد"حينا التي تخلت عن انوثتها هي الشقراء الساحرة الجميلة لانها فتحت عينها جيدا على حال زيجات كل نساء الحي وكل اقرابنا وكل من نعرفهم ولم تجد ما يسرها فيه ...كل زيجاتنا غير متكافئة لأننا كمجتمع نعاني اكبر الخلل في كل تركيباتنا .....

"حنان "هذه التي تؤكد معرفتي واحسبني كذلك انا ما ينكرها في  لعله الحرص على أن لا اخسرها ...لانني كلما اردتها بعنف ان تكون بقربي وبجانبي وعشقت فيها ذلك الوعد /الوهم الجميل الذي ظلوا يغدون به عقولنا ومخيلتنا ويجملوه في عيوننا ..وعد ان تكون امراتي لي لوحدي وانا لها لوحدها اكون قد انزلقت في منحدر لن اصعد منه للابد ...انا ما اصدق في امرأة تكون لرجل واحد ورجل يكون لاربع ولما ملكت يمينه ...انا لا اصدق في امرأة لم يقوى رجلها على الانعاض للدخول بها ان تكون امرأته لوحده ..انا لا اصدق في إمكان أن تظل امرأة امرأة رجل شيخ زمن مرض موته لسنوات وهي بعد في مقتبل العمر ان تبقى كذلك ...انا لا اصدق في ان ذكرا يعد رجلا لما يتزوج امرأة ..ولا امرأة يتناوب على اغتصابها كل من ببيت عائلتها لن تعود إلي من تعودت منهم اغتصابها فقط لانها اصبحت امرأة رجل ...

"حنان"هذه لن تكون باي حال الا الحبيبة الحرة في ان تاتيني متى شاءت وان تفر مني متى ضاقت بي ..لا قوامية لي عليها ولا سلطة لاخضعها بها ولا حاجة لي بان انحنى خلف القانون ليعيدها الى بيتي رغم عنها وتحت طائلة انفاد الحكم بالقوة ..."حنان "هذه ان فعلا اقتربت من مداري فلقد اكتوينا سوية بكل نيران العشق فينا ..و رقصنا الرغبة بكل نشوتها ولذتها وما اهتممنا بان نفترق او نبتعد عن بعضنا ..لانه هكذا ديني في الحب وهذا هو زواجي الذي اعرفه وعشته ..

كنت قاسيا مع نفسي وعلى نفسي لاجعلها تحتك مع الحقيقة الواعية لا مع كل ما يحاولون استدخاله وحشره في رؤسنا..ومن وعيي الشخصي وايماناتي الخاصة كنت اكثر تعاطي مع الاخرين بافكاري وبقناعاتي الراسخة والتي  بعد اكونها ..كنت مستعدا لأن افتح اي نقاش ومع اي شخص ومهما  كان عمره او وضعه  لابادله ارائي ومفاهيمي وما افقه من رسائل ..ولم احتاج لان اسمح لوهم الانتماء السياسي أو الايديولوجي الضيق ان يركبني لاشطح به ..لم اكن اعدني محسوبا على اي تيار حداثي او تقدمي او طلائعي وحتى عندما اخترت ان يلصق لي عنوان حزبي كان الجميع يحسبني غير جاد وهازل في ان ارتكب مثل هذه الحماقة وان اسمح بالقيام بمثل هذا التحول الجذري ..لكنني قلتها لهم بصراحة لست مع الحزب لا شكلا ولا قالبا ولا حتى كفكرة تنظيمية اجتماعية انا مع الشخص الذي يمثل الحزب هاهنا محليا واقليميا لانني كنت معه منذ ان كنت طفلا تلميذا بالمستويات الاولى ابتدائي ..وهو احتاجني وانا محتاج لاجدد بعض نشاطي ولاراقب الامور عن كثب .. وعدت وقلتها لهم صراحة بانني لا اعول على اي احد فيهم في دعمي او الالتزام معي لدفعي في هذا الاتجاه لانه بالنسبة لي الامر متعلق باهداف مرحلية واخرى مستقبلية وفيها حتى ما هو شخصي لكن محال ان اسلك معها اي طرق انتهازية او مصلحية ضيقة ..ورفعت بذلك التحدي عاليا في وجه من لم يصدقني وقلت لهم بأن الايام بيننا وها انا تحث انظاركم وملاحظتكم ...

"حنان"هذه اتت لتظهر في مجال رؤيتي وانا قد انسحبت من تحث الأضواء واسقطت متابعة المتشككين في نواياي وان كنت اعلم انني من جديد.فتحت عيون اخرين لم يكونوا من بين من شككوا في نوايايا بالعمل السياسي الحزبي ..

"حنان "هذه لو كانت تشك لحظة في لما جاءتني .."حنان "هذه لو كان في نيتها إعادة ترنيمة والدتها وأمهاتنا ونسج حبال تصيد رجل لها لما تقدمت مني .."حنان "هذه حتى ولو كانت امرأة متعة بمقابل لما جاءتني في مثل هذه الظروف التي انكستني اليها بكامل وعي وترتيب مني ...

"حنان"هذه بمثل ما هي مفعمة بالأنوثة وتحمل داخلها بركانا هادئا ..مفعمة لا ريب بالحياة ونظرتي قد تصيب ولا تخطأ..حنان ان كانت قد اقتربت مني فلقد اقتربت من اختيارها الذي تعقله هي لوحدها واردته بكامل قناعتها وانا على هذه الشاكلة قد اكون اختيارا نادرا وفريدا من نوعه لانني اعرفني جيدا لم اكن على أية حال ذلك المليح ولا ذلك الجميل  الذي تنوي سرقته عروسات البنات وان كنت مشتهى اعنف اللذات الذكورية في زمن الرغبات العالية لشعب يبدوا وكأنه لا يريد ان يكبر عن الطفل فيه ..ولا كنت الفتى الرياضي الرشيق المتانق الذي يستهوي المراهقة ان يضمنه لمحموعاتهن المفضلة التي يتباهين بالتجربة فيها على من يعتبرهن غبيات ومحرومات  من قرينتهن او حتى من الجيل الذي يكبرهن ..ربما تميزت في ساحات اخرى لكنها بلغة حسابات البنات الطامحات لتأمين مستقبلهن فلقد كنت رهانا خاسرا ...وانا على كل ذلك لم اكن يوما ابن "بابا "الذي وفر لي ما يكفيني ويكفي أحفاده المستقبليين لتحاول اكثر من واحدة الانتحار من اجل كحيل عيني ....انا ان ارادتني "حنان "هذه فلقد ارادت مني الانسان في وارادت ان تغامر في المعرفة معي الى اخر العمر بعيدا عن اي تعاقدات مصلحية ...الامر معي يختلف على أن يكون رومنسية متأخرة او مثالية او طوباوية او حتى  نهج عبثي او فوضوية..او تحرر غير مسؤول ..لانه لم يكن ينطلق من اوهام او ضللات او من وعي انسان مريض غائب عن الواقع بل بالعكس كنت واقعيا جدا مع نفسي واردت أن اعيش حياتي كما هي وان اتمتع بكل لحظاتها لا ان اظل مبتئسا متشوفا غدا قد لا ياتي ..لا ان اظل محروما..عاطشا اجري خلف السراب ..وحتى بلغة الأرقام حسبتها واعدت مرات حسبتها ولم اجدها تقنع ..انا مجرد ابن موظف بسيط في سلك التعليم  وتاريخه الشخصي والعام لم يسعفه ليتخلص من انانيته وسلوك المحرومين ليضحي ولا يذخر جهدا من اجل أبناءه ..وكل عائلتنا على ما كان حالها لم تكن لتناظر كبريات العائلات الملاكة المحلية والثرية او التي كسبت النفود لداخل الادارات والدوائر الحكومية ..وانا في وضعي  الابن الخامس الذي لم يكمل دراسته ولم ينتظم في حرفة او مهنة ومجرد التفكير في وضعه يثير حفيظة الوالد لانه كان ببساطة يريد ان يخلص نهائيا من تابعات حمل  أي مسؤولية شخص اخر ..كان يحس ان العمر ينسرق منه ومزاحه يسوء وحتما كان على استعداد لان يتخلص مني باي ثمن لانني بت اكلفه دون ان يستفيد مني ودون ان يكون متاكدا من تقدير تاريخ سينتهي معه عبئ ما اكلفه ..عن حق كان وضعي اكثر من بائس او متأزم او محاصر ...كنت ارى عن حق الفرص الحقيقية لأكون واملك كل المؤهلات لأكون فيها لكنه يعوزني الدعم الكلي ..وانا لم اكن لا اقبل على نفسي أن ابقى ادور كدابة الساقية واطحن في راسي واتنهد من ذاخلي الخيبات ...انتهيت لان اخوض معه الصراع ان كان ولا بد من خوض الصراع على أية حال في اي مكان وفي كل مكان ..  الصراع بداية لاثبت وجاهة موقفي لانه ما كان مقبولا ان يرمي بي البحر دون ان يعلمني كيف اسبح ويقول لي تحرك ..تحرك فقط وهكذا ستستطيع السباحة وانتشال نفسك ...وكان علي ان اواجهه  بواقع باقراني وقريناتي الذين لم يكونوا كلهم في احسن حال منا لكن ذويهم ما بخلوا عليهم بكل جهد ودعم يضعهم في تقدير الوصول السليم لبر امانهم الاجتماعي ..قبلت بوضع ان اخسر جزئيا ما كان الاخرون يسعون لربحه كليا على أن اترك لحالي وان املك قراري....

"حنان "هذه لن ارتضي لها ان ارهنها فيما انا مرتهن عنده بلا شك ولن ارضى بها الا مالكة لقرارها ...وعلى كل حال  قد لا نكون نحن من اوجدنا قدرنا  لكننا نملك ان نغير ولو قليلا فيه ...

"حنان "هذه   ..ان تعقلني ولازلت متمسكة بان تبدا معي من جديد فإنها حتما تنظر للابعد من قدميها ..و"حنان "هذه .. لم تخرج فجأة من فراغ ..لعلها تملك اكثر الاسباب وجاهة لتقبل المضي بعيدا في طريقي ..طريق أن نعبر حياتنا بسلام ..

لعلي للان اتعاطى مع "حنان "هذه دون ان اتمكن من الامساك بها كذكرى حية ..لعلي تجاوزت ذلك الحد الممكن اعتباره تحفظا وقد اكون التزمت به بيني  وبين  نفسي  للا اعرض سيرتها الخاصة للنبش والفضح ..وللان امضي محاذرا دون ان اسقط في الشك من وجودها اصلا في مثل تلك الحياة التي كنت اعيش عليها لانه شك أن ارتادني بقوة فهو ينسف مصداقية كل الحكي وكل عمليات الاسترجاع والتذكر ومن السهل علي بعد ذلك ان اعود للاتكال على فرضية أن العياء النفسي قد نال مني وانني لربما ولجت عتبة المرض من جديد ..او لاصدق في ان الزيف وحده ما نسجته  ايامي هو والخواء..

الان في هذا الحاضر البعيد وبعيدا عن كل ما اذخلني اصلا في عملية الكتابة والسرد هذه  سواء كان هم حكي حكايتي..او تدوين روايتي ..لا يمكنني ان اصدق في ان التي لمحتها وكانت هي "حنان"تلك لا يمكن ان لا تكون هي "حنان "هذه التي قد تكون على   ما استعيده في ذهني وفي مخيلتي عنها وعن سابق لقائتنا ومغامرتنا. وحواراتنا هو مجرد استخلاق احداث او هي مجرد استيهامات تطورت ذاخلي للفتي المراهق في ..

الان وقبل ان نتقابل وجها لوجه وتعبرني للا انظر خلفي متابعا عبورها.. اعرف انها سيدة متزوجة وام ولا تسكن بعيدا عن حينا وربما هذا قد يكون سببا يحول بشكل اعتباري دون ان اتمكن من اللحاق بها في ذاكرتي مثلها مثل عديدات كففت على أن انظر اليهن على انهن كن في حياتي ذات يوم وكففن على أن يكن حاضرات في حاضري او تخليت انا نفسي على أن أفكر فيهن كممكنات او ببساطة ارفض ان اتحدث بصيغة كنت وكنا وكانني لا اريد ان اومن بان الزمن ينفلت مني وانني اعبر الشطر الاخير من حياتي النسبية ..من مراحل مبكرة من عمري صعب علي استعاب كيف يمكن أن نكون لجانب بعضينا البعض ونصبح فيما بعدها كاننا اغراب وكاننا ما كنا حيث ما عاد من إمكان لان نكون ...ربما حاولت في نفس الاتجاه من وازع المحاولة الصادقة ان افتح صفحة جديدة مع صاحبتي "فاطنة"التي تكبرني بخمس سنوات ..قلت لها أشياء عديدة كأن العمر يمضي بنا واننا لم ناخد فرصتنا كما ينبغي وانه مجرد قرار ناخده ويخصنا نحن معا لوحدينا يمد اتساعا لعمرنا فلماذا نفوته علينا ...كنت وقبل المحاولة اعرف انني كمن يصطاد في عمق بلا قعر ولا قرار وانني متى فشلت من قبل في ان اجعلها تقبل بان تظل لجانبي مهما كانت ظروفي لانني على استعداد لان اكتفي بوجودها الخالص..كنت اعرف  انها متعبة ومرهقة وغير مستعدة لتامل في اي بداية جديدة ..وهو الشعور الذي لا ينتابني مع "حنان "هذه ومع عديدات غيرها ..ثمة احساسات قوية بأننا بعد مفتوحون  على كل الاحتمالات واننا حتما سنعود لنلتقي وسيجمعنا الحكي الشهي  من جديد  ..مع غير هؤلاء تبقى فقط تلك النظرة الحزينة والمؤمنة على أن كل الذي كان بيننا قد تحجر ولا اي احتمال في ان ننسج ولو عنوان حكاية قصيرة جديدة ...

لا اصدق كما كان يحصل معي بعد   سكرات  ثقيلة ما اصحو واستعيد انني فعلته وانني عن حق انخرطت فيه وقدرت على المغامرة فيه ...بل اجدني اريد ان انتهي منه بسرعة واطرحه من تفكيري وتذكري له لاقدر على ممارسة عيشي البسيط والعادي ..كنت اصحوا على ما يشبه الصدمة واواجهها باشبه ما يكون  بعملية حفظ الملفات او القضايا  ..حفظا وركنا في الرفوف والخزانات الموجودة في الاقبية المملوءة بالغبار والتي يغزوها العنكبوت ويستعمرها ....لا اصدق انني جرات على مغامرة العيش بمثل ما فعلته وبدون أية مشاعر تكبيت او تثليب ...في آخر زيارة لاخي" فؤاد  "لنا بمناسبة زفاف الصغيرة التي كبرت ابنة اخي "خالد" ."صوفيا "قلت له انني فقدت رغبتي في الشرب نهائيا لانني لم اعد اعرف كيف اسكر ولانني ساعة اشرب تنفلت مني كل شياطيني لدرجة يركبني الهلع مما يمكن ان اجرا على ارتكابه ...قلت له انني مررت الى مرحلة انني اصبحت اجدني فيها على درجة عالية من الخطورة وغير متسامح بالمرة ومنفتح على ابعد واسوا الاحتمالات مني ..ربما لم افصل معه كما هي عادتي معه وربما لم اقل الاشياء كما ينبغي ان اقولها له لكنه حتما استوعب على نحو ما ما همني بان اقوله بالضبط ولم اجرا عليه ..لعلي اردت ان اقول له انني بعد كل الذي مررت به وخبرته في حياتي لم يعد بامكاني ان اتنازل او اتساهل في حقي ...    

.  

الاثنين، 16 نوفمبر 2020

يوميات :عوالمي السرية ..(تابع :16)..قصتي مع حنان "هذه ..تابع /2-1..


 

يوميات :عوالمي السرية ..(تابع 16)..قصتي مع حنان "هذه "../تابع 2-1.

 تركتني راضيا عنها ..ابتسم بداخلي وتغلبني ابتساماتي فتخرج كتعبير على وجهي ..وددت في السهر ..في المشي لمسافات طويلة دون هدف في اكثر الأزقة الموحشة والخالية من الناس ..فكرت بجنون بان اعاود ولفي القديم وانطلق منحدرا عبر الشوارع والطرقات حتى اجدني بمدخل مدينة العرائش بطريق طنجة وامضي فوق الاسفلت واقطع قنطرة وادي اللوكوس وانزل لامضي بين حشائش جانب الطريق الى ان اصل الى موقع مدينة ليكسوس الأثرية ولا اتوقف عندها وانما اكمل الطريق وقد خفتت إضاءة الطريق الا من اضواء السيارات وهديرها فوق الطريق ...امضي وفقط حتى يخلو راسي من اي تفكير ..حتى تتحول كل الصور التي كانت تطاردني الى بياض واسع ومطلق  ..وابدا في التوجس والحذر ...ويرتفع في داخلي ذلك الحس القوي بالتنبه  وتتسع حدقة عيني  وتنفتح كل حواسي ويتنشط جسدي لاجده خفيفا يكاد لا يمشي وانما ينسل ويعبر الطريق الجانبي بسلاسة متجاوزا كل عثراته واعرف مسبقا اين اضع قدمي ..ويكبر داخلي الاحساس بالتيقظ ..وتتحول عيني لكاسحة تجوب كل المكان وتكشفه  وتحسب حساب اي شيء قد يتحرك بما فيها السيارات القادمة في اتجاهي وكلي استعداد لاتحرك في الوقت المناسب ..لا مجال للاحتمال او التردد فقط هي المواجهة ما ترسخ لدي كقناعة غريزية ..لا إمكان للتراجع ..لا معرفة لي بالخوف ..اي شيء يتهددني املك القدرة على ازاحته من طريقي ..انتهيت من هذا التمرين الذي كلفني ازيد من عشر سنوات للاانتهي منه ابدا ..ابقى كامنا واعود لممارسته ..جربت فيه الكثير من الحالات النفسية لاتعرف على ردات فعلي العصبية والنفسية والجسمية ..قطعته تحت الامطار والرعد .. قطعته وانا في اعصى نوباتي اكتئابي وفي اشد حالات الانهاك وانا مضرب عن تناول الطعام للازيد من خمسة أيام ..قطعته وانا في اعنف حالات التخدير بالاقراص ...وانا ازاوج بين الامفيتامينات (أدوية عقلية منشطة ) وبين الكحول ...قطعته دوما بنفس الاحساسات تقريبا ..ما ان إميل على طريق ديور الحواتة لاستقيم على طريق طنجة حتى اتحول لانسان اخر ..لا شيء يمكن ان يعيقه ولا حتى دوريات الشرطة التي تمشط الطريق الجانبي المؤدي لشاطئ  راس الرمل او عناصر السد القضائي المتنقل ما بين مدخل الطريق الفرعي لراس الرمل وموقع ليكسوس والى الامام منه او الى الخلف غير بعيد عن  القنطرة  ..دائما كان هناك من من  مجرد رؤيتي يعرفني ولانني كنت اختار ان امر من الجهة المقابلة لوقوفهم متفاديا أن أقف لاحد تجمعني معه علاقة ما ..وتاركا لهم فرصة تتبعي ورصد سلوكي في نفس الوقت فلا احدا على الاطلاق اقترب مني ليحقق في هويتي او ليتجرا  على استفهامي حول ماذا أفعله بهكذا طريق وفي مثل هذا التوقيت الجد متاخر من الليل ولم يكن هناك سبب سحري يخصني  الا ما هو من سابق ترتيباتي ... العرائش اعرفها منذ ان فتحت عيني وكنت احملها معي بين عيني كل نهاية عطلة صيف ونحن نودعها لمدينة القنيطرة ..وهناك لا يكف اخي "فؤاد"من ان يتجول بي ذهنيا وافتراضيا بالعرائش بل جعلني اقلب كل الاماكن الواقعية بمدينتنا الام القنيطرة لانظر اليها على انها العرائش ... العرائش عنت لي الكثير ..البحر ..احضان عماتي وجدتي واعمامي وكل العائلة ...جناننا واطيب اجاص وباكور  وعنب وثوت ورمان  ..كلبتنا "هنيدة "وعناقها ...ساحة الرحبة بحدائقها الصغيرة والانيقة وبكراسيها ذات الزليج المصورة عليه شخصيات جميلة ...ساحة وسط المدينة ...المدينة القديمة باصواتها وازدحامها وروائحها ... العرائش كل من كان يصحبني معه في خرجاته كان يعرفني على جزء خاص منها واول ما اعقله من المكان من كنت بصحبته اول مرة اكتشفه فيها ... العرائش النائية والضاحية قدمها لي اخي "فؤاد"كاجمل الهدايا ودائما ونحن نسير على اقدامنا ولا مجال للتلكك بالتعب او العياء او صعوبة  تضاريس الطريق ..ودائما كان يوصلني الى رحاب المدينة وقد حل الليل ...مع اخي "فؤاد"عشت امتع المغامرات لاكتشاف كل نقطة نقطة من المدينة وعلى الارض ومن ان قفز بي من عمر الخامسة سنوات لاصبح كبيرا كاي كبير اخر ...

العرائش كحاضرة  صغيرة محدودة شوارعها ومرافقها والباقي جنان واحياء هامشية ومنطقة صناعية فلاحية بطريق القصر الكبير واخرى بجوار الميناء البحري...كل المدينة قد تختصر في الميناء ومحيطه والمحطة الطرقية ومحيطها ومستشفى اللامريم ومحيطها وثكنة القوات المساعدة وما يقبع بجوارها وخلفها وقصر البلدية والمدينة القديمة التي تتحوط به ..ومستوصف "الطري"وساحة دار المخزن والأحياء الخلفية للمدينة القديمة ومدرسة البلدية والأحياء المحيطة بها والسوق المركزي ومحيطه وثكنة رجال الاطفاء ومبنى الدائرة الأولى للشرطة المقتطع منها ومحيطهما السكني ومبني مفوضية الشرطة أعلى تلة السوق المركزي اليومي ويبقى مدخل المدينة الرئيسي ومبنى المحكمة الابتدائية واسفل الطريق المنحدر مبنى الدرك الملكي وبالحهة الغربية للمحكمة تبقى الاحياء الهامشية والعشوائية التي تنتهي بسوق الجملة ...واذكر العرائش على لسان عمي "محمد"تلك التي شبه تقريبا الكل يعرف فيها الكل او يحدس انه يعرفه ...واي وجه غريب يكشف نفسه ...وظلت العرائش كذلك حتى اواسط الثمانينات..كل المدينة كان يضبط النظام الامني بها بضع عناصر من رحال الشرطة النظاميون تحت امرأة ضابط والباقية من مفتشي شرطة واعوانهم في الضابطة القضائية تحت امرأة ضابط وقسم بفردين  يمثل ما كان يعرف بالقسم السياسي وكل هولاء تحت امرأة عميد رئيس المفوضية.. عدد الجميع لم يكن يتجاوز الاربعين على الاقصى تقدير  في بداية الثمانينات بينما كانوا لايتجاوزن العشرين في السبعينيات ..وكانوا في مهامهم قد يحتاجون لمساندة من أفراد القوات المساعدة واحيانا لدعم عناصر الوقاية المدنية واحيانا يسخرون اعوان السلطة المحلية من شيوخ ومقدمين وشواش وعمال الخدمة بالبلدية المؤقتين ..كل وسائلهم اللوجستيكية عبارة عن جيب لاندروفير متوسطة واحدة دائمة الاعطال والاخرى جديدة نسبيا وسيارة رونو 4 كسيارة لرئيس المفوضية تحولت مع تولي العميد "العمالي "الى سيارة متسعة سوداء اللون ..اعقل عليهم الواحد تلو الآخر واعقل جيدا على انهم كانوا يلعبونها جيدا كانوا اسياد المدينة بدون منازع ..ولحقت بعدد منهم خصوصا العناصر المدنية الزي  شهرة الأبطال ونسجت عنهم مخيلات الناس قصصا لم تكن كلها صحيحة ..انا بقيت وفيا لدروس اخي "فؤاد"كما كنت اولي انتباهي لتوجيهات اخي "سمير "النفسية ..بقيت محافظا على الاعتناء بهندامي وحسن التصرف الاجتماعي ومهما كنت أطلق العنان لجموحي باللعب والحركة مع اقراني كنت بمجرد ان نتجاوز عتبة الغابة او الشاطئ للطريق العام حتى اعدل من هندامي واضبط سلوكي بما في ذلك حتى سلوك عبور الطريق والسير فيه  ..كان لزاما علي ان لا الفت انتباه المارة من الناس لسلوكي او لمظهري فاتعرض لانتقادهم المباشر او اسجل في ذاكرتهم كشخص قليل التربية ..مع اخي "فؤاد"عنى لي الاحترام أمرا اخر لا يحتمل معه وجود الخوف او الخشية كان يوقفني قبالة الحرس البلدي ويقول لي انظر اليهم بشكل عادي وتعامل معهم مثلهم مثل اي انسان اخر بالمجتمع لاحظت منهم تجاوبا تجاوب معهم ..طلبوا منك الابتعاد طاوعهم دون تردد او خوف ...كان يقول لي بان اجاريه وانظر كيف يعبر من امام عناصر الشرطة المشرفين على حراسة بنك المغرب والذين يقفون بمدخل المفوضية مرفوع الراس بنفس وتيرة مشيته منتبها وغير متطاول في تنبهه او متذاكي عليهم ..

بقيت تعاليمه راسخة في ما أتى من حياتي حتى عندما ابتعد ليكمل دراسته الثانوية بمدرسة جابر بن حيان في شعبة المحاسبة بتطوان ..بقيت على كامل احترامي لهم وفي تمام تنبهي لهم خصوصا العناصر الجديدة والمستبدلة بمن كان يخرج على المعاش او ينقل في العادة ليشتغل فترة من الزمن بمدينة القصر الكبير أو يولى مهمة بتطوان حيث كانت هي عاصمة الاقليم وسياتي علي وقت همني بالدرجة الأولى لا ان اعقلهم وحدي بل اجعلهم يعقلونني فكنت اغتنم اول فرصة لوجود عنصر جديد مع عنصر قديم يعرفني عن قرب او تطورت علاقتنا الاجتماعية النظرية لمرحلة من التودد وتبادل التحية والسلام لاتقدم او لاظهر في  مجال رؤيتهما ليتنبه لي من اعرفه وهكذا الفت انتباه الوافد الجديد بانني موضع ترحيب وتقدير من عناصر الشرطة الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة بالمدينة ..كان جارنا المفتش "حسن بلد"المعروف ب"كولمبوا "خير من سهل علي الوصول لهدفي لانه كان يكن لي مودة خاصة جدا ولا يتجاهلني في اي وضع اجتماعي كان دون ان يتقدم لي ويسلم علي ويقبلني على خذي ويثني على سلوكي وعلى ذكائي بينما كانت زوجته مهتمة بالسؤال عني ولا يفوتها ان تتوقف الي لتضمني اليها ....سيتطور  الوضع وساعود لالتقي بهم على صفات متعددة وتربطني بهم علاقات على اكثر من مستوى لكنني لم اتخلى عن رصد اي اختفاء لعنصر منهم ومعاودة ظهوره او لظهور الوافدين الجدد ...كان يهمني في المقام الأول ان اعرف عن نفسي أن أقول "هذا انا .."وفي المقام الثاني بعد ان اسرق انتباههم ابدا في تطوير علاقتي النظرية بهم لاكسب تعاطفهم على اعتبار انني كنت اعرف ان من يقع بين ايديهم لا ينال اي تعاطف منهم خصوصا ان لم يكن مسنودا ..وفي كل ذلك ما كان يهمني غير حريتي ولا يعنني غير ان لااودى فيها او امس فيها ...وعندما بدأت اترك لنفسي الحق في ان تتمرد قليلا على الاعراف الاجتماعية لم اهتم بكسب تواطئهم  لصالحي بل سعيت بجهد وحيلة لاصادق كل سكير فيهم ولاقول له ها هو الشاب الصغير الذي لن تعرفوه ابدا لانه لا يسكر حتى الثمالة ابدا وكثيرا ما كنت اوصل جليسي منهم حتى باب بيته وهو يقاوم عبثا الترنح والتقئء ... تملكت عن حق المقدرة على أن ادهشهم في الكثير من حقائقهم المزيفة عن الناس وعن المراحل العمرية وعن ذاكرة الناس الجماعية وتسنى لي في الاكثر من مقام ان اكون من ياخد اعتبار حضوره ليخلص جماعة أصحابه ومرافقيه على الاقل من موقف تحقيق الهوية والسوق الى المخفر ..كانت حتى تقف فجأة علينا سيارة جيب لاندروفير خاصتهم وعندما يلمحونني بينهم ونحن نسكر او مجرد نتجول في شوارع المدينة ليلا لساعات متأخرة او نحن بمقهى ليلي كانوا يحيونني ويكملوا طريقهم  هذا ان لم يكن يسنح المكان والزمان بان ينظم الي الصديق الاقرب لي بينهم لنتذاكر ونتفاسر عن اصدقاء جلستنا الخمرية سواء بالحانات او بالجوار على طول السور القصير المحيط بالشاطئ الى حيث افريز الاطلنتكي  ...

لم يكن لاسمح بالخوف من ان يتملكني ولا كنت لاستبعد اي سيناريو اتعرض فيه للمخاطر ..للخطر وهذا ما همني بالدرجة الأولى والقصوى ...كانت لا تروادني مجرد خواطر وتصورات انفعل معها واخالني فيها أدافع عن نفسي بل كنت مقتنعا تماما بقدرتي على أن اقتل كل من يتهدد حياتي او يعرضني للخطر ..أن اقتل بكل عنف وبكل قوة الاندريالين التي كانت تغلي في راسي وانا على طريق طنجة احيانا لا اولي ظهري لاعود راجعا بوسط المدينة حتى يبدأ ضوء النهار بالظهور ...كنت ما ان اضع رجلي مفتوحة ببعض الانفراج المقصود لثتبيت وقفتي ومشيتي وابدا في الخطو حتى يحترق كل الكحول من دمي واستيقظ  ويطير كل مخدر من عقلي ...فقط هي العودة من كان يلزمها سيطرة اخرى ومن نوع اخر لانني ما ان ادخل المدينة وابدا في مأنسة اضواءها حتى يتملكني خذر شديد يكاد يوقعني ارضا ويغلبني لاجدني مترنحا اكاد اسقط ارضا. وكان يلزمني ان اعاود ضبط نفسي واعصابي على انسحاب الاندريالين ومقاومة حالة الارتعاش والتعرق الشديد الذي كانت تصيبني وحالة انحباس الصوت التي تطالني هي وبعض التشوش في استعاب الاصوات ...لانني كنت اعرف ان كل الخطر الواقعي قد اتعرض له وانا على هذه الحالة وانا اعبر أزقة مظلمة والوجهة التي كنت قادما منها جهة نائية او غير معروفة وتطرح اكثر من سؤال واحتمال ودائما كان في كل ركن وزاوية وناصية جماعة يحتسون الشراب او يذخنون الحشيش او في انتظار اي فرصة ليتصيدوا شريكا جنسيا ذكرا كان او انثى شردت عن صاحبها او خرجت من تلقاء نفسها وحالتها هي كذلك تبحث عن من يتطاول عليها ..كان علي ان اعيد تنظيم دورتي الحيوية بسرعة ..  كأن احرص على افراغ ما في متانتي وظل محصورا .. كأن ابدا في تدريب حبالي الصوتية على اجراء محادثة وكان يكفي ان اتعاطى مع الامر بوعي لاجلي حالة الحبسة العرضية التي كانت تصيبني ..ان أقف للحظات قصيرة وادرب عيني على كمية الضوء الجديدة المفروض ان اتعرض اليها وان اغير بالتالي طريقة مشيتي المتاهبة  والرخوة العرضية الى مشية متوازنة  وان اعبر الطرقات من وسطها وان اتحاشى الالتفاف الجانبي الحاد لكي لا اصطدم باحد متركن هناك ولا تفادى وقع المفاجئة غير السارة ...لم اكن لالقي اي سلام على اي احد او جماعة .. اعبر من أمامهم لكن على نفس المسافة القريبة في وسط الطريق ..واواجهم بنظراتي المتفحصة مثلما يفعلون هم وانتظر إشارة تعرف من احدهم او منادة من يعرفني منهم وعندها لا مجال للااشاركه التحية وحتى الوقوف معهم لبعض الوقت حسب جو وقفتهم وطبيعة الحاضرين فيها ...لم اكن اامن حتى خطر الكلاب لكنني لا اخشها كليا ولا اسمح لها بأن تشم في رائحة الخوف اعبر من امامها وكلي تربص بها أي حركة عدائية ساواجهها بكل عنف وقد أصبح انا من يطاردها وهي تعوي هاربة مني ...لكنني وبدون رهاب مرضي كنت حذرا من السيارات والدراجات النارية وحتى الهوائية خصوصا ليلا والشوارع خالية ويكاد يكون رجال الامن شبه غائبين كليا ..اخاف من الدهس المتعمد من مجانين الليل الذين يعبون الشراب مع همومهم ويمزجون كل أنواع المخدرات لكي ينسوا ولا ينسون شيئا فيتحولوا الى معتهوين عنفين ورعناء غير ابهين بكل ما يمكن ان يجرؤا على ارتكابه لينفسوا عن كم الغيض الذي يكاد  يدمرهم ...

فكرت  في ان احملني واسهر للصبح بالمقهي الليلي ...  ثم تذكرت انني بعد لم اذخن أية سجارة منذ تلك التي خرجت لرهدة المكتبة لاذخنها واعود لداخل قاعة المطالعة واظل محدقا لمن تركتني على وعد ان نتقابل في الغذ وعلى اطيب الوعود الخفية ...

تمشيت لحيث ساحة أربعة طرق وكسرت الاتجاه منزلقا عبر الشوارع لبيتنا ..مذخنا سجائري بدون توقف وباستمتاع وانا بعد مستحضرا كامل رضاي على الفرحة التي قابلت بها مكاشفتي ..كان الوقت متاخر على جلسة التلفاز بصالة البيت فدخلت غرفتي بعد ان اعددت كوب قهوة سوداء غير ثقيلة وحملت عددا من الملاحق الثقافية لصحفتي الاتحاد الاشتراكي والعلم التي اعاود قراءتها من جديد ومن جديد كلما كانت تنقصني مادة للقراءة..بشكل اوتوماتيكي كنت اعرف انها احسن طريقة لانظم طريقة تفكيري عوض ان اسبح في الفضاء مع من كانت تسحر في ...كنت ادع مزاجي يقودني الى الجنس الذي يستهوني القراءة فيه ويوفر لي القدرة على التركيز داخله وهكذا مقال الى مقال او نص ادبي لنص ادبي او قصيدة لقصيدة حتى اجد العتبة التي بولوجها الج الى حقيقة ما يشغل بالي بالضبط لان كل ما قد كان يعلو سطح تفكيري مجرد انشغالات ذهنية لحضية وعابرة وتخفي اكثر ما تفصح عن حقيقة ما يشغلني في العمق ...

كنت بيني وبين نفسي مقتنعا الى حد بعيد بان "حنان "هذه قد اعطتني راس الخيط لامسك بتلاليب الحكاية التي لعلها تجمعني واياها ..كنت ومن اول ظهور وظهور ثاني لها في مجال رؤيتي ومكاني الحميمي الخاص "المكتبة "نظرت فيها ذكاءها ..لم تكن ابدا تلك البنت السادجة والمفضوحة  التي جاءت للمكتبة لتمر منه  مرور الكرام وتلقي فقط ببعض ما تخاله سحرها وتتكل على أن ينبت لها عاشقا ينهل دروسه نهلا وهو في قمة انتصابه منتظرا أن يحقق رعشته لما  ينجح ويحصل على وظيف او من تلك اللواتي يضربن موعدا خارج رقابة الاهل ومعارفهم بالمكتبة ليخرجوا سوية ويتمشون كاي زملاء في انتظار المرور من اي زقاق مظلم او خالي من المارة ليسرقوا بعض القبلات ..."حنان "هذه اقتربت مني لتسلم علي من وجهي وتسمح لي بان احضنها على رصيف اكبر شارع بالمدينة وكان في اي لحظة يمكن ان تلمحها والدتها .."حنان "هذه حتى في حركتها هذه تأكد لي بأنها تعرف حتى اكثر سلوكاتي تحببا ؛الحب العلني ..ابدا لم اجد في ان اقول احبك باي طريقة متاحة ما يدعوا لان اتستر فيه ..هكذا كنت وكنا منذ زمن طفولتنا الخاصة والى الان مع كل صاحباتي واصحابي نتلامس ..نتعانق ..نقبل بعضنا البعض ..نتحادى ...نفعل كل ما يحلو لنا وامام عيون وانظار الجميع ..لكننا لم نكن ابدا بويهمين او منحلين اخلاقيا بالمفهوم الاجتماعي الضيق لأننا نعرف ونقدر ونتحاشى الاصطدام لمجرد الاصطدام ...

"حنان "هذه كانت مركزة على حالتي النفسية وبالضبط على تلك التي كنت مفضوحا بعنف تعاطي الشديد للحبوب المخدرة لكنها لم تلعب معي لعبة من يستهويها دور المعالجة النفسانية او دور الخالة المتفهمة او حتى الدور الذي تجيده كل الاناث تقريبا دور الامومة ..."حنان "هذه بكثرة ما حامت حول الموضوع وتطرقت اليه ثم عادت لتوضح بأنها لا تحاكمني باي شكل من الاشكال وأنها تعرف جيدا سلوكي العام ..اعطتني هذا الاحساس بأنها كمن كانت تحاول تذكري بها ....اتذكر "حنان "بنت خالي واتذكر بالفعل انني بعد ان اودعتها الحافلة الطرقية صحبة اختها "سعاد" وكل الذي بعد يفصلها على عرسها لا يتعدى الخمسة عشرة يوما بقيت للاكثر من اسبوع لا اريد ان اصحوا من التخدير القوي وعلى بطن فارغة الا من الماء والقهوة السوداء الثقيلة والسجائر ..كنت على أنني من البدايات الأولى للتعلق بها اعرف انها لن تكون لي لكنني هكذا كنت دائما ما أن اصدق بإمكان حب حقيقي الا وانساق ولا اصحوا الى على نوبة انهيار عصبي جديدة ... اتذكر انني تصرفت على نفس النمط مع كل من احببتهن وتفرقت طرقنا عن بعضها البعض ..فهل يمكن ان تكون لي قصة شبيهة بهذه مع "حنان "هذه ...؟!يصعب أن اصدق ان بذاكرتي خروم بمثل هذا الحجم لانسى ...اذن هل حصل وان قابلتها وخرجت معها وانا معزول في حالة تعاطي الشديد  ومن بعد ذلك اكملت تعاطي فضيعتها وضاعت ذكراها عني ..لا لا يمكن مع مثلها ان تكون غير اعتيادية واستثنائية وتنتسى بسهولة ولو تحث تاثير اي مخدر ..اذن لا مناص من ان اقتنع بانني انا من حجبها عن ذاكرته وبكامل التعمد والتخطيط لسبب بسيط جدا هو انني  احببتها بعمق في يوم من الأيام والباقي كله تفاصيل تشبه بعضها البعض في تناولها لطبيعة بيئتنا وظروفنا الاجتماعية التي تحول دون إمكان استمرار العلاقات العاطفية وتطورها الطبيعي دون رقابات وتدخلات من الاهل والمجتمع ..لكن حتى هذه التفاصيل تبدوا لي لا تنسجم مع ما تبدى لي منها من استقلالية وثبات في شخصيتها وحتى في سلوكها معي ..  

اضحى لزاما علي ان افهم لغز حجبي لها من ذاكرتي مادامت اكدت لي سابق معرفتنا وعلاقاتنا ببعض ..وهو نفس احساسي وحدسي ..

"حنان"هذه ظهرت في مجال رؤيتي الخاص وانا منتظم اعبر فترة نقاهة من اخر نوبة عصبية شديدة مررت بها ..لم تظهر في فترة الصحو الأولى من النوبة كما يمكن ان يظهرن تلك اللواتي قدر لهن ان يكون على مقربة مني او من دوائري وانا في قمة فوضاي وفضائحي قبل أن انهار تماما وان كانت كما يوشي كلامها عني تعرف عن قرب الحالات التي اكون عليها فهي تعرف الاكثر عني وتعرف طبيعتي التي ترفض ان يتدخل احبتي ولو بمحاولة مساعدتي مادمت لم اطلبها صراحة منهم وكنت اعتبر عن حق موافقتهم على مبدئ هذا قمة الاحترام لي وللحب الذي يجمعنا ويربطنا ببعضنا الاخر ..."حنان "هذه جائتني وانا في اصفى الحالات الذهنية وان اشعر بانني بعد منهوك نفسيا وجاءت والوقت كله ملكها ما فزعت لو تاخرت في الاقتراب منها ولا تظاهرت ومثلت علي ادوارا عندما تقدمت لمحادثتها  ..اصغت الي جيدا وتحدث الي جيدا وودعتني اجمل توديع وغدا لنا اجمل موعد سيكون على أية حال ..واحدة بمثل تصرفها  هذا اعني لها الكثير وبالتاكيد تعني لي الاكثر ..فلماذا ازحتها من ذاكرتي القريبة ؟!بل لماذا لم امسك بها بكلتا يدي واعانقها مدى الحياة واجعلها دائمة الحضور في حياتي ..؟! 

تمكنت مني الرغبة في البكاء وأصبحت حقيقية ..بكاء بلا صوت ..بكاء يخصني وحدي وليس على شيء اخر غير نفسي التي ستقتلني يوما بحماقاتها ... حتى اختباري للحب الحقيقي ينهي بي على مشارف ان اضيع عقلي ..كل علاقاتي لم اخرج منها الا بانهيار عصبي  ومع توالي النوبات الحادة كان خطر ان اقدم على محاولة انتحار مميتة وقاتلة جد وارد وكان كل من حولي يبداون في القلق نحوي وانا لا اكون ذاتي في مأمن من ما يعتمل داخلي لكنني ابدا بأشكال متعددة في قطع صلاتي بمن حولي ..بتدمير اشياءي العزيزة علي ..بحرق اوراقي وتمزيق كتاباتي وصوري .. بمحاصرتي باخد عدد من السلفات الصغيرة التي يصعب أن اردها دفعة واحدة فاضطر الى تغير الطريق في كل مرة كما الأماكن المعتادة وينتهي بي المطاف ليضيق علي الخناق ..اتصرف بمنتهى الحماقة كان ادخل الحانة واسكر ثم اتسلل دون ان ادفع الفاتورة  ..اثمل وابدا في لعن الجميع بالحي على أنني احبهم جميعا كما اعرف انهم يحبونني. لكنني ماذا افعل وانا ابحث عن كافة الاسباب التي تجعل الياس التام يتملكني لاصفيها لنفسي ..لاقتلني ...

"حنان "هذه يمكن  ان يكون  سر حجبي لها من ذاكرتي القريبة رغبتي في استشعار طعم خسارتها لاناولني الحجة تلو الحجة لاختار  الرحيل عن هذا العالم   ...

"حنان "هذه على الارجح انها  كانت قريبة جدا ورافقتني من زمن بعيد مرافقة نظهر فيها مع بعض ثم نعاود الاختفاء لعلنا نحتمل تابعات تبدل احوال ايامنا ..."حنان "هذه قد تمت بصلة لكل مراحل عمري ولعلها هي من صاغت معي  الاتفاق على أن نترفق ببعضنا وان لانحرق المراحل دفعة واحدة ..."حنان"هذه لعلها امنت بما كنت انا نفسي دائم الدعوة اليه والتعبير عنه بان ناخد كامل وقتنا في التعرف لبعضنا .في القرب والابتعاد من مداراتنا ..في اشباع وإعادة توليد الاشباع لعواطفنا  ..في محاولات التجريب في طرق اخرى ومع اشخاص اخرين لنتعرف على ما قد نشكله ويكون مختلفا عن ما يشكله كل واحد منا مع اخر غيرنا .."حنان "هذه قد تكون تلك الحاضرة دوما والغائبة كذلك ...و"حنان "هذه لا مجال للشك في انني حاولت اغتيالها وانا اخطط لاحدى محاولات انتحاري في عز انهياراتي العصبية لانتهي الان على محاولات النفاذ ومن جديد لذاكرة اعماقي لانتشلها واستعيدها ... 

الأحد، 15 نوفمبر 2020

يوميات : عوالمي السرية..(15)..*حنان "هذه"..


 

يوميات :عوالمي السرية ...(تابع :15)..*حنان "هذه "..

 كم تبدوا تلك الايام بعيدة وصعبة على الإمساك حتى على مستوى الذاكرة ..لا اعرف كيف احتملنا ان يذهب كل واحد منا في طريق مختلف ..كل الذي نعقله ولا نعقل ملابساته انه كان لكل واحد اسبابه الخاصة...اكذب على نفسي لو قلت انني اعرف كل ما يحصل معي او حصل معي ...نظرت اليها وهي قادمة في الاتجاه المقابل لي وقلت مع نفسي :"جاءت في الموعد ..جاءت وكأنها تعرف انني في حاجة لرؤيتها ..لمجرد رؤيتها ...ياه كم كنت في حاجة ماسة لرؤيتك .."تقابلت عيوننا من بعيد ..حاولت ان تزيح عيني عن عينها وتحولهما لصاحبتها سايرتها لهنيهة ثم عدت لانظر مباشرة في عينها وانا اقول لها ذاخلي :"كلا ..اريدك انت .."..اقتربنا من بعضنا وعبرت مجال رؤيتي ..حتما لم افكر في النظر خلفي ..كانت بعد احملها بين عيني ولا ارى غيرها من كل الاشياء من حولي ..كنت اردد بيني وبين نفسي :"ياه ...كم تغيرنا ..."وكنت احدس داخلي فكرة اننا لم نتغير فقط لكننا كبرنا في العمر ...كانت بصحبتها صاحبتها القديمة التي لم تتجوز بعد ولا انجبت اطفالا كم فعلت هي ..ربما الان قد افهم سر تحويلها لنظري لمرافقتها ..ربما كمن كانت تهمس لي +",انظر ..انا بعد محافظة على اصحابي القدامى ...انا بعد احفظ عهودي .."...بقيت مشغولا طوال اليوم والمساء ونمت بها وهي تتوسط مقلة عيني وأصبحت الى الان مشغولا بها .متساءلا عن ما الذي يحدث معنا لنصبح هكذا نمضي ..ونتقابل وقد يجمعنا نفس المكان دون ان نقترب من بعضنا ..دون ان نحاول حتى التفكير في إمكان ذلك ...ما الذي جعلنا نتصرف كالغرباء عن بعضنا البعض ..؟! ..

إختلفت الطرقات بيننا ..كان كل واحد منا يعرف انه اختار دربه ليمشي فيه لنهايته لكننا اتفقنا على أن نكون مع بعض ..اتحدت ارادتنا على أن نعطي لكلينا فرصة أن يعبر حياة الاخر ..انا كنت مصمما على المحاولة ..كنت مصرا على أن لا احبن ..مثلها كان صعب ان أتركه وان لا التفت اليه ..كان فيها اكثر الاشياء التي اتعرف عليها جيدا لانها تسكنني ..جزء من شخصيتي .. وأصبحت مستلبا بان اتعرف على هذه الآنسة التي وكأنها ترتديني بالمقلوب ...اصبحت مسكونا بان اتعرف على أجزاء مني في صيغتها المؤنتة...كنت لحد ما  لا استسيغ لعبة التعارف بين الجنسين المغايرين ولا عدت براغب حتى ان ابدا من حيث لن تختلف النهاية ..وكنت لحد بعيد قانع بعلاقاتي المفتوحة التي لا تكلفني اي صداع راس ولا اية احزان او اسف ...على أنني كنت لا اجدني اتمتع باي سحر لاتكل عليه واعول عليه أن يقدمني اليها ...كما انني كنت ابعد عن مناطق الهزات والتوثرات النفسية لانني ابانها كنت اتابع بانتظام أدوية ضبط الانهيار العصبي وهي كانت تتكفل بلفي بأغطية امان تجعلني مكتفي بنفسي ومطمئن بالقدر الكافي على نفسي ما دمت قد اودعتها بين ايدي امينة ..ايدي المعالج النفسي ..تواجدي بالمكتبة اضحى شبه عادة يومية لما بعد الزوال ..ارتاح في صمت وجو المكان واترك لذهني ولمخيلتي ولذاكرتي ان تسافر مع قراءاتي ...فرضت هي نفسها على المكان لان لا احد يمكنه منازعتي في انني صاحبه الوفي وانني من اول مرتاديه تقريبا على الاطلاق ..فرضت حضورها بكامل انوثتها وبحدة تقاسيم وجهها وصرامة تعابيره ..شدت عيني وبالرغبة العميقة التي تنفتح عليهما وتسكنهما على شكل شفتيها وابهرني خيالي الذي تعقبهما ..كتمت تنهيدات داخلي وتحاشيت ان استمر في النظر اليها وهو ما لم أفعله فيما سياتي من ايام تالية ...كانت صاحبتها يمرن عليها لتغادر المكتبة معهن ولم اكن بقادر على ان امنع نفسي من الفرح وانا اقابل منها وجها اخرا ..وجه مبتسم ..فرح ..شهي ..وصوت مغناج ببعض الثخونة الذكورية لعلها كانت مصطنعته باتقان وبكثير من التمرين والاعداد  حتى اصبحت تمتلكها وكأنها اصلا صواتيا فيها ...رافقتها بعد ذلك في كل مكان كنت اعبره واجدها تعبره هي كذلك ..رافقتها بتنبه واهتمام زائد ..هذه المرة كنت اشغل كل فكري وكل مواهبي على الاستقراء لأكون عنها صورة ذهنية اوضح  ..كنت مصمما على ان اتعرف عليها وهذا ما كنت اقوله لما كانت تتقابل عيوننا ونحن بالمكتبة ونحن نحرص على أن نجلس في اقرب مكان يتيح لنا أن نكون متقابلين النظر فيه لبعضينا ...نازعتني بعض افكاري وخواطري  قليلا نحوها وحاولت ان تسرب لي الملل والياس ..كانت تصور لي عبث المحاولة من جديد وتثنني عنها وتخيل لي انه مجرد سيناريوا فليم كلاسيكي قديم او مشاهد من روايات رومانسيه شعبية او لربما الحالة النفسية التي انا عليها وشبه انزوائي ووحدتي الشبه دائمة منذ آخر انتكاسة ما جعلني ابدا في الاحساس بالجوع العاطفي ولربما ببعض الحاجة للممارسة الجنس ليس الا ... 

لم اكن اجري تمارين على ذاكرتي ولا كانت الأدوية تقحمني فيها فقط كانت في لحظات تمر علي صور من اقرب حالات الفوضى التي كنت اعيشها وصعدتها في والتي كنت احاول ان لا اجعلها تفعل في بتكبيت ضميري ودفعي لتبني احساسات الندم والشعور بالذنب ...كنت اقول لنفسي :"هذا هو حال طارق لاتقبله كما هو "كنت اعرف انني في حاجة لاعقد الهدنة مع نفسي ولاتصالح معها ..كنت في حاجة لارمم ذاتي واعتني قليلا بجسمي وبحالته الصحية ...مظهري انسته وانست معه كم يقلقني حاله وكم بالرغم عني عانيت معه وبسببه ..لكنني بالمقابل تعلمت جيدا كيف لا اجعله احد اسباب تعاستي وسر ما يبدوا علي من ميل للانطواء الاجتماعي الذي ابدا لم يكن في يوم كذلك حتى في اسوء معاناتي النفسية كل ما كان انني كنت مكتفي بعوالمي  الخاصة وبفضاءات تحركي الاجتماعية الخاصة لم اكن بحال معني بتلميع صورتي الاجتماعية ولا بالظهور بمظهر رجل العلاقات الاجتماعية ...كانت لي دوائر اصدقاء وأصحاب خاصة كما لي طقوسي الخاصة واماكني المألوفة والمفضلة والشوارع والازقة الاثيرة التي اطرقها واسلكها وغالبا محددة سلفا ..كما لي ساعات لانسى فيها العالم والعالمين ولا اهتم الا بما احتسيه ولا يهم المكان الذي قد يرسوا عنده مزاجي واشتهي ان اسكر فيه ..كنت اعرف مسبقا ما تكونه الحقيقة الاجتماعية للفرد عند الاخرين وكنت اسخر منها لانها لا تعني أية حقيقة كل ماهناك كانت عبارة عن حكم او تقييم تصرف او سلوك لوحظ على فرد في لحظة من لحظات شتى غير مقدر لها أن تلاحظ وتتابع ليكون الحكم شاملا او تقريبا كذلك ..وعلى كل ما كان يهمني ان يترسخ ذلك الحكم ويتعمم ويظل لصيقا بي من ذاكرة ناس تفتخر بأنها تعقل الامور جيدا ...

كنت اكسر روتين ايامي ذات الوتيرة المتوسطة التي لم تكن تعج بكثرة النقاشات والحماسة والرغبات والفوضى ولا كانت منخفضة كئيبة سوداوية  ...ربما فيها الكثير من البطئ الذي يجعلني  أكثر قدرة على تامل الاشياء من حولي واستعادة علاقاتي مع الاماكن ومع وجوه الناس ..مع اصوات العالم الخارجي ..مع حركات الشوارع وتنقل المركبات ..مع ضوء النهار واضواء الليل ...كان يكفي ان انتظم لما لا يتعدى الاسبوع مع الأدوية لابدا في تحمل أثارها المزاجية ولارتدي نمط عدسات اخرى تحول رؤيتي للموضوعات وللناس وتبقني بعيدا عن اي صراع نفسي ...

علاقتي مع "عادل "ابن حينا لم تتبدل وان عرفت الكثير من التحول ..ظل هو هو صديق مقرب وحميمي .. كنت أقصده بمحل حلاقته حيث يشتغل وغالبا ما كنت اصادف معه صاحبنا "عبد الرحيم السباعي "...كان يفرح بمجيء ويتندر على بتفكه بانني جئت وجاء الكلام ...كنت قد أقبل بان اتعاطى معهما بضع انفاس صغيرة ومحدودة  من الحشيش ..لم يكن يرقوني ان ادخنها بشكل عام وحتى عندما احن اليها افضل ان اتعاطها وحدي وبغرفتي الخاصة وربما اعاقرها لايام حتى اضجر منها واكف عنها لفترة ..

مع "عادل "الذي يصغرني سنا كنت عاطفيا جدا ..كان صغيرا جدا عندما أختار هو ان يصاحبني ..كان كبير أخوته وكان يعاني دون ان يملك الفهم لماذا يعاني ولا مايعاني منه بالضبط ..كان طفلا صغيرا وكانت امه من ترعاه والده كان دائما غائبا مهاجرا ..مسافرا وحتى عندما قرر المكوث لاطول فترة ممكنة كان مقسما بين اسرتين له بزوجتين واطفال لكل منهما ..."عادل "من الذين كانت تلحقه كنية والدته في التعريف عنه ..كان وسيظل كذلك على الاقل في ذاكرتنا "عادل ولد المصبحية"..لم يكن يشار إليه باسم والده او كنية والده كما كان الحال مع "نورالدين ولد الجعواقي "او "هشام خاه ديال محمد"و"محمد خاه ديال هشام الطويل "لانه كان كل طفولته يصاحب اخاه وغير معروفة حكاية انفصال والده عن والدته المتكفلة بهما كليا وهي تحتضنهم صحبة اختهم الصغرى بمنزل اسرتها مع اخوال صبيتها وخالتهم العانس ..

"عادل "يعقلني لسنوات عدة وفي حالات متعددة وبعد يتحدث عني وكانني احد أبطاله الذين يعجبونه ويذكر لي انني دائما كنت اعامله جيدا واخدت بيده في طريق اختبار العديد من تجارب الحياة  والانفتاح عليها ..

"عادل "يحتوني باحترامه لي ويجعلني اتعامل معه بذات الاحترام والاهتمام ..  ربما لم يكن بمقدرته ان يساير نقاشتنا التي كانت تحتدم خصوصا اذا انظم الينا "محمد الشكذالي "صديق طفولتي المقرب والذي لازمنا بعضينا البعض في كل مراحل عمرنا  لكنه كان يستلذ جوها ويسعى بكل جهده على أن يبقى متنبها لما يدور فيها ومستوعبا قدر الإمكان الافكار التي نتداول حولها ..

"عادل "لم يكن ممكنا ان يتابع دراسته لذلك انقطع في مستوى ابتدائي أدنى وهو بعد صبي صغير .. ولا كانت ظروفه الأسرية تسمح له بأن يكون أية اهتمامات او هوايات جادة كالقراءة او الموسيقى او حتى الرياضة ..وظروفه تلك هي من جعلته كذلك مختلفا عن بقية أقرانه ..ربما كان بينه وبين نفسه يشعر بانه اكره على وضعه الشخصي ولم يختره او يستشار فيه ..وبينه وبين نفسه كان يتمني وضعا اخر وفرصا متكافئة تستجيب لطموحات الفتي الذي كانه ..

مع "عادل"كنت اضبط موجة تدفقاتي العاطفية لانه ببساطة يجعلني بذاكرة حية على زمن طفولتي وطفولة اقراني بالحي ..ببساطة كان حضوره يلحقني بماضي البعيد لاستعيده على مستوى انفعالاتي الأشد  عمقا والاكثر رسوخا والتباسا في نفس الوقت بذاكراتي ..

عندما كنت اقر بيني وبين نفسي بانني في حاجة للعلاج اتدبر سبله واخضعني اليه ..ربما كان هناك من يشكك في جدواه وانا لا اتابعه باستمرار بمثل ما لا اعايد المختص بشكل دائم ..لكنني انا كنت مقتنعا بأنه المسلك الوحيد لاسيطر على نوبات تقلبات مزاجي التي يمكن ان تقتلني في يوم ..

كان يلزمني ان اوقف عجلة زماني على أن تدور في ساقيتها المعتادة مرحليا لاعيش ما يشبه فترة نقاهة جديدة وسلام جديد ...كنت احن فيها لاستعيد بعض دفئ علاقاتي باصحابي الذين لا نهملهم لكن طرق بعضنا المختلفة تبعدنا عن بعضنا ..وكنت هذه المرات اخدني للمقهي في غير ساعاتي المعتادة وبغير نية ان اجلس للقراءة وبعزم على أن اجالس اصحابي الذين مر علينا وقت لم نكن نتفارق فيه وكانت بيننا اكثر من أنشطة نمارسها سويا ومن مشاريع افكار وأعمال نهتم بها ..كان مرحب دائما بي من كل عائلة "بنكبور  "ومن كل دائرة اصدقائهم الذين اضحوا اصدقاء لي كذلك لكنني لم اكن موضع تقدير خاص الا من نادل المقهي "عبد النبي "الذي كان يحب مني قدرتي على تجاوز انتكاساتي وتخبطاتي وقدرتي على مفاجئته دائما بانني بعد اسيطر على الامور ولا داعي ليقلق علي ..

كان اسمها "حنان" قد يراودني الشك في ذلك من موقع انني قد اخزن اسما في ذاكرتي وحتى بعد ان يصحح لي في اقرب مناسبة يصعب علي إعادة ادخاله مكان الاسم الاول الذي ثبت عندي ..ولم يكن اسمها لوحدها بل حتى صاحبتها التي ترافقها هي واخت لها كان اسمها "حنان "...

مع الاسف لم اهتم بعد كم من "حنان "تعرفت عليها في أيام حياتي وكل "حنان "كان يكفي ان يكون اسمها "حنان "لاجدني مسكونا بالرغبة في التعرف على كيف ستكون "حنان "هذه وكلهن ..كل "حنان"لم تكن في النهاية تحيل الى على "حنان "وحيدة احتلت مكانها عميقا في قلبي وذاكرتي "حنان "بنت خالي ..السمراء القمحية الناطقة العيون الشهية دائما وابدا ..

"حنان "هذه لم يجدبني اليها كل ما الفت الانجداب اليه عند كل من كانت تدعى "حنان "..هذه شغلتني ذهنيا حتى تعاليت عن اعارت اكتمال انوثتها انتباهي ..."حنان "هذه لم تفجر في سيل العواطف التي كونتها في سابق مراحل حياتي مع كل من تقربت اليها وكانت تدعى "حنان "...

"حنان "هذه أثارت في الرغبة لاطاردها لانني بدون ان استوعب تماما كيف حصل او يحصل الامر كنت استشعر بأنها تطاردني وبتخطيط مسبق ... وبانها ترفع التحدي بيننا عاليا ..كانت ترمقني بمثل ما افعل بدون تعبير ...كانت تقول لي "انا هنا "بمثل ما كنت اقوله لها "انني هاهنا "لم تكن تتهمك من نظرات استكشافي الأولية بل كانت توما لي بأنها تعرف عن ماذا اسعى التعرف عليه وتنتهي لكي لا تبوح اكثر ولا تحيل على نفسها او جسدها وحتى ان تصرفت بعفوية ولاح من شكل جسدها ما يمكن ان ان يشكل موضوع اثارة ..كانت تتعمد ان تلوح بعينها لما حصل امام عيني ولفت انتباه غيري ان لم يكن قد ابدي انه لفت انتباهي بدوري ...

"حنان "هذه لو كنت خارج وتيرتي المتوسطة لتعاملت معها كقضية يلزمني الاستخبار عنها ولا ارتحت حتى اتمكن من جمع أكبر قدر من المعلومات الشخصية والاجتماعية عنها ..لكنني كنت بنظرتي التاملية قد قبلت التحدي الذي رفعت سقفه بيننا وقبلت بان اهتم بها على طريقتي الخاصة ..لن اسعى إلى رصدك ..لن اتعقبك الى أي مكان ..لن احتاج الى أية معلومة يقدمها لي احد اخر عنك او احتال في طلبها منه ..ساترك لعنايتي ..ساتبعك في  ادق تفاصيلك ..سافضحك بينك وبين نفسك حتى تنفتح لي معرفتك ...

"حنان "هذه  ..حركت بداخلي الإثارة عميقا ..نبهت كل حواسي..حركت بداخلي الرغبة القوية لامتلاك حقيقتها او على الاقل البعض منها .."حنان "هذه جعلتني اتراجع للخلف في جلستي للمطالعة واشيح وجهي قليلا عن رؤيتها والتفكير فيها .."حنان"هذه جعلتني اتراجع للوراء وابدا في التفكير بحق في الاقتراب منها ..

"حنان "كانت تلميذة بالثانوي ..تسكن حيا متميزا على ناصية سوق الكبيبات بالمدينة القديمة ..تلبس بشكل عصري وحداثي كاف ليبدي روعة انوتثها وسحر وجهها ..غير متانقة ببهرجة بل تبدوا بسيطة وطبيعية كاي بنت في عز عنفوانها وهي بالكاد قد تكون بنت الثامنة عشرة او التاسعة عشرة ...

هل كان يهمني ان اعرف اكثر وبدقة اكثر من كل هذا لابدا في رسم صورة تخطيطية عنها في ذهني ؟!لا ..كان يكفيني ان اتابعها فيما بت اعرفه ..ان انظر لسلوكها الاجتماعي داخل اطار الحي ،السوق ..المركز التجاري الذي تسكنه والذي يحصل ان اخترقه قاطعا الطريق من او الى المكتبة او في غير مثل هذا المشوار صحبة احد رفاقي او حتى وحدي ..وان اقيس مدى حرارتها الاجتماعية التفاعلية مع ناسه ..مع الباعة وأصحاب الدكاكين الذين قد لا نعرف منذ متى وهم هناك ولازالوا كما كانوا يشكلون الوجوه القديمة والمالوفة والراسخة في اماكنهم

هم وغيرهم من ساكنة المدينة القديمة الذين يفتخرون بان ينعثوا أنفسهم بأنهم العرائشيون الحقيقيون والاصليون للتأكد فقط من معطى فرضي صغته في راسي :"هل هي عرائشية ؟! هل هي على الاقل عرائشية المنشا ؟!"لانني كنت اعرف انها ان كانت كذلك وان كانت بنت المدينة القديمة فهي بالتاكيد تعرفني وبالتاكيد اعرفها ...لا ..وليس كل هذا فقط بل الاكيد انه كانت بيننا سابق معرفة قريبة من بعض ..اين وكيف ومتى هذا ما ساعرفه بعد ان بدأت اتيقن من انها هي كذلك لان لا احد يتحاشى سلام تلك المرأة التي تجتدب الحديث مع جميع من يقابلها وتتعامل وكأنها ام للجميع ..ولا بنت تتقبل الغزل الفاضح من ذلك الشيخ الذي يبيع النعناع والبقدونس وحبات الليمون دون ان تكون كبرت .داخل نفس الحي او عاشت بالسوق صحبة والدتها البائعة..ولا بنت ترد السلام والتحية على شباب الحي الذين يجتمعون بالقرب من باب القصبة اتقاء التحرش بها مثلا ان لم تكن بحق تربت بالقرب منهم ...

"حنان"هذه ..كانت بنت المدينة القديمة ..بنت العرائش..تدرس بثانوية محمد بن عبد الله "التجيرية". وهي بلا شك درست المستوى الاعدادي باعدادية الامام مالك في غير مرحلة دراستي بها لكنها قد تكون تعرفت علي من  من بقيت على علاقة بهم من بنات مجموعة "الزنابق "  اعرف جيدا ذلك السلوك الفضولي والمتساءل عندما تلاحظك بنت مراهقة  وبنات في سنها يستوقفونك ويرتمون عليك بتحبب واحدة تستدعي الاخرى حتى يشكلوا عليك حلقة مبهحة .تعج بالفرحة والحبور والود والمحبة ..فتقف او حتى لو لم تقف للتتطلع  فإنها تبدا في الاستفسار عنك وعن ماتكون وعن لماذا يحصل معك انت بالضبط ما رأته يحصل معك وكثيرا ما كان يحصل معي ذلك من بنات المجموعة الحبيبات الى قلبي ..وستحصل على بعض الجواب وستتعرف على "طارق "ذاك الذي كان وتالق نجمه ذات ايام بالاعدادية كما لم يكن يتنبأ لي الجميع ..وستتعرف بالتالي على حكايتي الحزينة التالية والتي تتداول كالنار في الهشيم "طارق "الذي تغير من ان حاول تمزيق شرايين يده في محاولة انتحارية عنيفة ...وقد تتبعني اكثر لتحاول بدورها ان تعرف كيف يكون حاضري وستعرف ما يعرفه الكثيرون عن "طارق "ذاك النوعي والمثقف والناشط الجمعوي والذي يشتغل مكاتبا ومراسلا  صحفيا لعدد من الجرائد والذي قد يظهر صحبة بعض وجوه المدينة وساستها ..ولو همها التعرف علي لوجدت اكثر من طريقة لاقتحامي كما كن يفعلن الكثيرات من قريناتها وزميلات دراستها دون ان يكون همهمن التقرب اكثر على الاقل مرحليا ..فهل تكون "حنان "هذه احداهن ؟!من يدري ان كنت انا نفسي يتساءل ..!؟ فانا يحصل لي ان اتصرف بتودد بالغ واقبل ان يتجرا علي العديدون واتعاطى معهم بتحبب وتلقائية دون ان يكون همي منهم شيء وبسرعة قد لا احتفظ بهم في ذاكرتي القريبة والحاظرة دوما ناهيك على التبدل السريع والعجيب الذي يحصل مع الصغار ومع الصغيرات بالخصوص اذ قد تكفي فترة قصيرة نسبيا ليتحولن لاخريات لا يشبهن ما كن عليه من قبل ...  ثم انا نفسي دائم التحول واطور من نفسي باستمرار حتى اكاد لا اعود اتذكر كيف كنت في سن مبكرة الا عناوين المرحلة ولا من وجوه من درسوا معي غير من كنت مهتما بهم ويهمونني ..وهي "حنان "هذه الا يعقل ان تكون واحدة من اللواتي اقتربت منهن ؟!هي بالتاكيد جميلة ومعتنية بنفسها وغير خجلة من انوتثها وبلا شك كانت كذلك في صباها و ربما احلى من الان ..هي بالتاكيد كانت تنزل البحر ..والبحر فضاؤنا الحميمي المفتوح الذي نتعارف فيه كل على بعضه وقد نسمح بان نتمادى في تعارفنا إلى تبادل الاكتشاف واللعب الحميمي ..وقد تكون من اولئك الذين يفرض وضع الجلوس في القارب الذي يقلنا الى شاطئ راس الرمل لتجلس ملتصقة بي ولاحاول انا تلين الموقف عليها وعلي بإجراء محادثة معها قد تادي بتعارفنا الأولي ليسهل اقتراب اي طرف منا من الاخر وقد تطلب او تسمح لي بان اطلب منها ان تسبح معي بما يعني ان نتلامس ..ان نتعانق ..ان نتكاتف..ان تقبلني ان رقتها وان افعل مثلها انا كذلك وغير مهم كم اكبرها او كم تكبرني ان اجتدبت الي وسمحت لي بان اجتدب اليها ..  وهي متى كانت تنزل الشاطئ فهي بالتاكيد زارت لأكثر من مرة في عز موسم التصييف شاطئنا الصخري القريب من جهة سكنانا وهناك شكل اخر من التعارف الندي والصريح ..والاكيد اننا سنكون قد اجتمعنا في الاكثر من مناسبة ربما على هامش فعاليات ثقافية او فنية أو مسرحية او حتى في تظاهرات عرس وزفاف التي تقام بالشوارع وبازقة الاحياء الشعبية ...وربما أكون ببساطة قد تعرفت عليها عن طريق واحدة تكبرها وكانت تصاحبها ليحصل بعد ذلك ان تحرص هي الصغيرة على أن تبادلني السلام والسؤال لفترة قبل أن أن تختلف طريقنا عن بعضنا ونتخلف لاحقا عن ممارسة نفس عادة مبادلة التحية بيننا حتى نخال مع مضي الوقت اننا لا نعرف بعضنا البعض ..  

هي ..قد لا تكون اقتربت مني ابدا لكنها كانت قريبة من دوائري..هي قد تكون كعديدات امضينا عمرهن الصغير في تتبعي والاهتمام بي من بعيد ...انا نفسي اعرف من بعد تتحين الفرصة لاقتحامي ولا افعل شيئا لاشجعها على ذلك لان منطق اللعبة يتطلب القبول بموقف الطرف الآخر من حيث انه هو من اختار ان يضعك في مجال رؤيته واهتمامه وعليه وجب منك انت تقديره والبقاء فقط منتظرا أن يعبر هو اليك ...اذكر جيدا كيف انهت تناسل تلك الأسئلة والحيرة برأسي اختى الصغرى"بشرى"وهي تؤكد لي حقيقة أن البنات بدورهن يهتمن لمن يعحبهن ويتمنين ان يفتحن معه علاقة وان كل واحدة وما يعجبها ...واثبت لي الحقيقة مع صاحبات لها اهتممن بي ...وفيما بعد صرت اتصرف بذكاء تجاه نظرات وحركات بعضهن التي يعبرون بها تجاه اصحابي ورفاقي وافطنهم لمثل هذه الحقيقة ...

"حنان"هذه قد تكون تلك البنت التي راهنت علي ان تاخدني اليها في الوقت الذي يناسبها والاكيد انها جسرت سبل ذلك على مراحل كانت تعبر فيها مجال رؤيتي وتستحود فيه على كامل تنبهي ..اي انها كانت تتعمد ان تسحرني لتهيم بي في زمن وحدها تعلمه ...

"حنان"هذه يلزمني ان اصل اليها في ذاكرتي قبل أي مكان آخر ..لان "حنان"هذه تولد في دائما الاحساس بانني اعرفها ..فهل تكون واحدة من اللواتي صدوني عند اول محاولة اقتراب منها او حتى جس النبض فالمني ذلك لازيحها تماما من ذاكرتي ومن الانشغال بها ذهنيا ..حصل معي ذلك ولم يكن من جرح في انايا او نرجسيتي ولكنه كان ببساطة قبول بلعبة اننا لم نتوافق فلندع بعضينا وكاننا ما عرفنا بعضينا لا داعي لمولد الحقد بيننا ان لم نستسغ الحب علاقة بيننا ...

"حنان"هذه لا ينبغي على أن اتركها تتعبني لانني ببساطة ساقلب معها المعادلة التي لن اتحاهلها فيها ولكنني ساتعامل معها كما لو لم اعرفها الا متى ظهرت في مجال رؤيتي بكل هذا الوضوح وبكل هذه الحدة في الحضور ولكي اسهل عليها الطريق وعلي سافضح خواطري بشانها امامها ولها انها ان تقرر هي ما شاءت من موقع ما تكون هي قد وصلت إليه معي او بخصوصي وهكذا سنكون حتما قد انتهينا اما لنبدا من جديد او لناسس لبداية ممكنة او لنحول الاتجاه ...

هل كنت عمليا بما خلصت اليه ؟!ام هل كنت اعالج الحالة الذهنية التي اقحمتني بها باساليب علم النفس المهني وبمهارات التكيف مع الأوضاع او القيام بالتحويل المناسب ..؟!ربما توسمت في الطريقتين طرق بابها ..الاقتراب منها ...المخاطرة بإمكان خسارتها نحو ان افوز بالتعرف عليها لانها بالفعل انثى تستحق مني ان لا اجعلها تمضي دون ان تعبث بكياني وتستوطن جزءا من ذاكرتي الحية ...كان يعز علي فقر حال من لم يجرب ..من لم يلهت وراء المعرفة ..من لم يولى امر ان يتمتع بجنة الارض بالا ..كنت اغضب من من اجدها او اجده مجرد قانع بحياته الباهتة والموحشة والمقفرة ..لم اكن اقبل من كل من كان يدور قريبا من فلكي ويمت بصلة لدوائري ان يمضي في تبلد وسذاحة حاله ويبقى حبيس ردود الفعل المتشنجة او المرضية ..كنت من تلقاء نفسي اقرر أن اتدخل لاهزه ..لاصدمه حتى بينه وبين نفسه ..لاعركه قليلا لاعرفه على مدى اتساع الحياة وعلى مدى زخمها وثراءها وكنت اعرف انني في مساعي ذلك حتما اريده في صفي ..لجانبي لكنني اريده حرا في كامل اختيارته وبثبات ارادته في تبني أية قناعة بعد ذلك وفي ان يسلك اي طريق ...وكان يكفي ان اتخير اللحظة المناسبة لاتوجه اليه بالحديث والحوار لانني ملكت مهارة إدارته بالتعود والتطوير في كل مرة كنت افعل ذلك ...

 لم اسالها هل تعرفني او هل سبق ان تقابلنا ..؟!..لم اناديها حتى بالاسم  الذي التقطته تنادى به ...  اقتربت منها فقط وهي تقف لصاحبتيها بالممر الذي ينتهي  الى الباب الكبيرة لمبنى منذوبية الثقافة  ويؤدي الى الخارج إلى ساحة دار المخزن "الكومنداسيا"..كانت متحسسة جدا من اقترابي لأنني تعمدت مساءها ان اكف عن المطالعة واختلاس النظر اليها بين الفترة والاخرى وابدا في كامل تاملها واكتساحها حتى مكنتها من ان  تشعر بالتوثر ..كان علي ان اهزها قليلا كما فعلت هي معي طوال المدة السابقة لكن بتمهل ...انا تعمدت ان اواجهها لامهد لخطوة الاقتراب هذه ..  وخاطبتها في إمكان أن أقف اليها الوقت ذاته الذي تقف اليه مع صاحبتها بافريز الساحة المكل على الميناء وللابعد منه على موقع مدينة ليكسوس الأثرية ومجرد التحاور معها ..تطلعت الي مليا مباشرة في عيني ولم أضف شيئا على كلمة "زيد ...(هيا).."وهناك حدثها عن كل ما جال في خاطري نحوها وعن حقيقة ما حركته في وتحدتث عن نفسي..عن حاضري  ..عن احتياجاتي النفسية الحالية بكل صدق وتحرات ان اقولها لها بصراحة بانني لست مستعدا لاقحمني في خسارة جديدة ...وحددت معنى كم كلفتني تلك العلاقات العاطفية الغير متوازنة من خسارات ..كانت معظم الوقت تصغى الي واحيانا تبتسم في وجهي وصاحباتيها كانتا ذكيتين لم يحاولا تذكيرها بكم استغرقنا من الوقت وكم بات الاوان متاخرا ..وانا مادمت قد بدأت الكلام وتحاوزت عثراته الأولى فلقد قلت كل شيء وبدات اصبغ امكانات علاقة ما تجمعنا ..تقربنا من اكتشاف بعضنا لما يكفينا من الزمن الخاص بنا ودونما شرط او قيد او التزام بغير الصدق وبغير ان نكون اولا وقبل اي شيء اوفياء لانفسنا ولاختيارتنا..هي كررت بابتسام لأكثر من مرتين عبارة "تعرفني  تقول تعرفني وتقول في نفس الوقت بانك قد لا تكون تعرفني "شرحت لها المنطق الذي يدفعني لمثل هذا الاعتقاد مع كامل حرصي على أن اصدقها حتى فيما قد يقبع خلف شكي الخاص ولم اتحجج بما يمكن ان يكون مجرد اثار عرضية مترسبة لتعاطي الأدوية النفسية والعصرية  لفترة طويلة من الزمن..لفتت صاحبة لها انتباهي لخلو الساحة من المارة وتاخر الحال بالتالي لابدا في وضع نهاية لمحادثتي ففهمت عني انه وجب التحرك من المكان على الاقل وكان طريقنا واحد اللهم هي بمجرد عبور الزقاق الى باب القصبة ستكون قد اشرفت على باب بيتها وصاحبتها غير بعيد عنها..اكتفينا بالمضي جنبا إلى جنب لم تكن تنظر إلي ولا انا فعلت ذلك وفي وسط الشارع توقفت كمن ااودن لها ان تلقي بامر الانسحاب وذهاب كل واحد منا لامره لكنها انظرتني وطلبت من صاحبتها انتظارها لحين الذهول للبيت والعودة لايصالهما لبيتهما هما الأختين الصنوين للبعضهما ..   

رافقتهن من جديد ودخلنا الأختين لمنزلهما وعدنا لنتمشى في بعض من الشارع وتوقفنا منه جانبا مفتوحا على الشارع الذي يقبع به منزل اسرتها ..كنت قد أصبحت غير قادر على ان استمر في الكلام ..خلت انني قلت كل شيء وعبرت تماما عن ما كان يجول في خاطري  والان ما عاد يهمني حتى ان تقرر هي فيما عساها ستفعل بي وببوحي لها ..كنت متوثرا من الصمت الذي داهمنا وفجات اندلعت هي بالكلام بمثل وتيرتي ..ابتدأت متعثرة لتنطلق بسلاسة وعفوية في التعبير ..اكدت لي بان حدسي كان صحيحا وأنها من اختارت ان تعاود الظهور في مجال رؤيتي وفي مكاني الحميمي الخاص "المكتبة "وقالت لي انها متأكدة انني اذكرها واذكرها جيدا وأنها لا تقدر   حاجز النسيان لاثار ما اتعاطاه من عقاقير ..لانها تعرف عني حالات تعاطي العنيفة لبعض المهداءات في ساعاتي العصية ..لم تكن تفاجئني ولكنها كانت تفعم دواخلي بحالة سلام مطلقة ..بدت مهتمة بحالتي  النفسية ومركزة ببعض الحدة عليها مما عاد ليحرك في غيضا داخليا علي ..على "طارق "الذي اكونه في بعض الحالات .. لم احاول ان اطلب منها  تدقيقا فيما كانت تسرده عني ..كنت منتظرا أن يأتي الاخبار والتفصيل منها لكنها كمن احست بالحاجة لان تبرر نفسها اكثر امامي ..كانت تبحث عن تبيان دواعي ظهورها الان في حياتي ومترددة او خائفة من ان اسيء فهمها ..بدت لي تائهة وتعاني..كانت قد كفت على أن تنظر إلي مباشرة في عيني ..تتحاشى نظراتي ..ربما فكرت لأكثر من مرة من ان توقف محادثتها لي وتنسحب بهدوء  ..كانت تحوم حول فكرة العلاقة كما يتصورها الذكور وكنا تتصورها الاناث دون ان تحدد موقفها هي منها وتعود لتنقض اهتمامها بالخوض حتى في الحديث عنها ...كانت لحد بعيد تشعر بانني فضحتها ولم افضح نفسي امامها بالقدر الكافي ..ربما كانت تعول  على عامل  الوقت والايام بيننا لتجعل سلوكي يفضحني لتلاعبني بضع الاعيب الحب ..وانا علمت من متابعتي لطريقة افصاحها لي الغير التي تتحدث بها انها لن تقول لي اكثر مما قالته على الاقل ان لم اساعدها في ذلك .. وطلبت منها ان نعود لمقال الصفاء بيننا لمقام انني اعرفها وهي تعرفني ولنبقى في ثناياه وعدت لاتحدث بحرقة عن ما يعني لي ان تكون تعرفني وتعرف انني اعرفها وأنها مازلت مصرة على أن تعرفني على ما قد يسجل علي اجتماعيا وقد لا يسندني ..لكنها ابت علي ان يشكك احد في قدري على الاقل من جانب كل الذين عرفونني واقتربوا مني وعاشوا تجارب اجتماعية بجانبي وأكدت لي بأنها لو كانت تعرف بانني لا اصلح اجتماعيا لما كانت لتقف لتخاطبني او تقبل حتى بان انظر إليها ..  وعبرت بها إلى منطقة الامان بوثبة متجاسرة  :"اذن اصحاب .."ردت علي وهي توما براسها ايجابا :",نعم اصحاب .."..وخلال تلك  الاثناء اثار انتباهي لسيدة قطعت الشارع  الذي يقابلنا  ودارت على يمين وهي تنظر يمينا و شمالا كمن تبحث عن احد ..فوجهت انتباهها  لربما تكون والدتها تلك السيدة وخرجت تبحث سر تاخرها نظرت جهتها وأكدت لي صحة تخميني وقبل ان تنطلق في اتجهاها وبعد ان حاولت بتردد أن تنادي عليها اقتربت مني وطلبت مني ان نكمل الحديث في الغد في نفس موعدنا المسائي ..قالتها وهي تبتسم من اقرارها بأنها كانت دائما معي على موعد بالمكتبة وهذه هي نفس حقيقة ما صار معي منذ ان عاودت الدخول لمجال رؤيتي ولفضاءاتي الحميمية الخاصة ..عادت لتنظر جهة امها التي كانت ذاهبة في اتجاه منزل صاحبتيها ثم استدارت لي واقتربت اكثر لتسلم على من الوجه وتنظر في عيني بتودد وغزل وتواعد وتهمس لي :"حتى للغدة ..(حتى الى الغد ).." لم اقدر على أن امنع نفسي من تقريبها اكثر من حضني وان احضنها لهنيهات واهمس لها صادقا وعن حق  :"شكرا ...شك.........را بزاف .." ومضت مسرعة وهي تردد بصوة عالي :"صافي ..غذا ..بسلامة .." 


     



             

الخميس، 12 نوفمبر 2020

يوميات: مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (15).."1-1"الغلام.


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (15)."1-1"-الغلام

 احتفظت بي بعيدا على أن اتادى نفسيا في علاقاتي وتفاعلاتي مع الاخرين ..كنت اخرج من غرفتي ومن البيت وانا البس قناعا وشكلا مغايرا عني وعن ما تكونه حقيقتي ...كنت قادر على ان العب مختلف الادوار وان اتلون في اليوم بعشرات الالوان لكنني بكل حال غير مستعد لاعري عن نفسي حتى مع الاقربين الي كنت وهذه بعض من الحقيقة ؛خائفا على نفسي ..خائف من ان اجرح في كياني ..خائف من ان يحاولوا الغاءي واعتباري وكانني غير موجود ....

بوحدتي كنت اتاملني جيدا واتركني على سجيتي لافكاري ..لخواطري ..لاحلام يقضتي ..لارتب العالم حسب هواي ورغباتي التي لم تكن أنانية وانما كانت تعد لكل واحد مكانه واعتباره هو الاول والمقدم على الكل وحتى على نفسي ...

بوحدتي كنت لا امل من مراجعة كل ما يمر على في يومي ومن جديد اعيد تغيير زوايا النظر ومسافات الرؤي واعيد ترتيب الحوارات واقايس المساءل بمنطق مختلف حيث اعيد وضعي مكان الذي كنت استحضره نيابة عني واتقمس سلوكه على غير ما كنت فعلا ساسلكه وابديه مني لو كنت على سجيتي وانطلاقي ..اعيد اكتشاف طبيعة الاخر بالكثير من التجرد ولا اعتبرني قاسيا في احكامي ..اكاد اجزم بانني اعرفني وبقدرتي على الاعتقاد بانني اعرف الى حدود بعيدة عن ماذا يصدر الاخر ..عن خلفياته النفسية والاجتماعية وعن اي ثقافة ينبع ...كان لازما علي ان اتسامح  وان لا اتضايق منهم بل وكان لازما علي ان افكر فيهم جيدا وان اعقلهم فيما بيني وبين نفسي جيدا ..كنت دائم الانشغال بهم عن حب فيهم وعن رغبة عقلية جادة في ان لا ادخر جهدا ان كان بالإمكان الاخد بهم في المسارات السليمة كما اتصورها والى ان يفعلوا الصواب كما ادركه بكامل قناعاتي ...

انا كانت تكفيني مساحة من التطهر بالدموع لاسامح الجميع واعاود الخروج اليهم بالدور الذي يستسيغونني فيه ولا مشكلة في ان اعود من جديد مع نفسي لانذب بعض حظي التعس فيهم   

لم اكن استسيغ اللعبة الاجتماعية كما لو انها قدر مجبورون على تقبل أحكامه ومعاييره ..كنت اعي انني نسبيا بعمر صغير لم ادرك الرابعة عشرة سنة بعد وانني بهذا العمر لا ينبغي لي انني اعتقد بانني رجل ولا يصح لي ان اتصرف كالكبار كما محصور علي ان الاجج الكبار لان حتى اكثرهم تفهما سيلعب معي لعبة المسايرة ليس الا وساعة سيشتشعر انني احاول تسجيل اهداف عليه سينتصر لنفسه وسيعود لقوقعته.. قوقعة الرجل..كنت ادرك جيدا ولحدود بعيدة كيف ينظر الي العديد منهم ..من اولئك الكبار ..ولم اكن ذهنيا في مرحلة التشتث ومجرد التوهم لانني فعليا خضت التحدي مع اقراني من مجموعاتي الاقرب واخضعت نفسي للتجارب أمامهم لنتبين وبالملموس بانني لم اكن مجرد مراهق يعاني قلق وصراع  هويته الجنسية ..كما انني غامرت بان اقحمهم في كامل رؤيتي وكنت الف بهم انى توفر الوقت والمكان المناسب والظرف الاجتماعي المتسامح مع حريتنا في التحرك ولكي نكون معا وكنت اتعمد صدمتهم في الواقع الذي في جزء منهم كانوا يعقلونه وقد يتبادلون حتى التعليق عليه لكنهم يعودون الى كبته داخلهم وينكرونه او يحملونه داخلهم كمجرد مخاوف  عميقة ومموهة حتى انهم يتعرضون الى مشاهدته امام عيونهم لكنهم يتجنبون النظر اليه والوقوف عليه مليا بالمساءلة والتحليل ....هم يتذكرون جيدا تلك المسرحية المكونة من فصل وحيد قصير لطالما لعبنها سوية ومع العديد من اصحابنا مسرحية "الخادم بلال " ولطلما تبادلنا التفكه فيما بيننا باستخدام ذات النداء وعبارته _"بلال ..بلال .."..+'نعم يا مولاتي .."_"تعال الى هنا ياغلام " ..+"حاضر يا مولاي "..لكنهم لم يكونوا يقفون على حقيقة ما يكونه الغلام ولا اي علاقة له بمولاته ومولاه ...انا الذي استهوته روايات "الف ليلة وليلة "وسلبته سيرة "حمزة البهلوان" واخذته لتعانقه وتضمه روياتي "جرجي زيدان"توقف طويلا عند شخصية الغلام وعمر الغلام ومصير الغلام ..مستقبل الغلام ..طبيعة وجوده في الحياة الاجتماعية والحاجة إلى وجود أمثاله داخل مختلف البيئات والاوساط الاجتماعية ...انا لم اكتفي بمجرد قراءة النصوص والتفكير بها بل كنت ابحث عن مدى صلتها بالواقع ..عن مدى ارتباطها بحقيقتنا الاجتماعية ..ربما صعب على في البداية أن أجد غلام يشبه غلام قصور الرشيد "هارون الرشيد "لكنني ما ان تجاوزت ما كان ينبغي علي ان اتحاوزه بالضرورة نظرا لانني ابحث عن شواهد تعرضت للتبدل الشكلي على الاقل فلا نحن نلبس لباس ناس الرشيد ولا زمننا هو زمن الرشيد ..حتى اخدت ابحث في السلوك وهل عساه تبدل ؟! كنت اعيد قراءة نفس النصوص التي يحضر فيها الغلام والحكي عنه وعن تصرفاته وعن سلوك من حوله معه ..واركز بكامل تنبهي وحواسي مع ما كان يسرد حوله من اساليب الاستدراج والايقاع في الفخ وعن ما كان السرد ينسبه لاحاديث تدور في راس المستدرج وحده وتصلنا نحن كقارئين فقط كما لو هي الكشف وبالمثل عن ما يدور في راس الغلام وعن ما اوصته به سيدته او سيده الاول الذي احسن اليه بتربيته كافضل الغلمان وبالمقابل ما الذي كان يتعرض له من شاءت الأقدار أن يتعرض ويختطف ويباع في سوق النخاسة كعبد ثم كيف تحول إلى غلام في دار فلان او في قصر ذاك ... 

كنت من زمن بعيد رغم القلق الذي يجتازني عميقا في دواخلي والذي يهز الطفل مني وقد يعرضني للبلبلة و للكثير من الارتياب والشك..اصررت على أن اكبر سريعا وان أتعلم اكثر واكثر ..ان اعرف ..وكان لزاما علي ان افتح عيني جيدا وان أثبت على الموضوعات التي تثير انتباهي ...كنت المح في عيون من يرافقني تلك الخشية التي يشيح به وجهه بسرعة عن موضوع ابصاره وكنت ادقق في باقي التعابير التي تكتسح وجهه وتوجه سلوكه الحركي وقد تهدج صوته وتجعله يتمتم باي شيء فقط ليحاول السيطرة من جديد على انتباهه الذي سحب منه ..كنت المح نفس السلوك يتبعه حتى الكبار مع تشنج واضح منهم وابداء لبعض العصبية والنرفزة ..كان حتى والدي يداورني فيه ويحاول تحويل انتباهي عنه وعن موضوع ابصاره ...ربما هنا وكما مع موضوعات اخرى يحاول الكبار التصرف بمبالغة زائدة كاعطاءها حيزا كبيرا من الكلام والحديث الذي لا يعني شيئا يخصها ويقرا فيها بالقدر ما يحاول بناء سور بينها وبين وعي بها ..كانت المعارك الجسدية قد تنشب دون سابق انذار..وقد تتطور لتصبح دامية وكان الكل يتصرف بتجنب وتحاشي لان يمسه جزء من ضررها وينوء بعيدا عنها حتى وان اضطر للوقوف شاهدا على فصولها وحتى اولئك الذين كانوا يضطرون للتدخل لتفريقها كان لزاما عليهم ان يتصرفوا بمنطق احتواءها دون ان يتورطوا فيها فعليا ...وكانت تلك السرقات الصغرى كما حوادث النشل تمارس في الطرقات وفي اي مكان والجميع ياخد منها موقفا متحفظا نادرا ما يتم التدخل لمنع حدوثها او الابلاغ عنها ..كما التسول المهين وما يقابله من ردات فعل غير متاسمحة ومتسامحة كذلك ...حتى عندما يبداون في الكلام عنها فهم لا يقولون حقيقة ما خالجهم من مشاعر ..يقولون كل شيء كمن يلقون الدروس وكان الأمر لا يعنيهم هم لذلك الاجدر بان يقفوا على مسافة منه وليس على اي مسافة منه بل على مسافة امان منه ..ان لا يتورطوا هم ..على أن يتحاشوه ..على أن يتحنبوا حتى النظر اليه ...وكل هذا لم اكن اجده غير تعبير عن الخوف ..الخوف كما كنت أقرأ عنه ويرسمه لي اصحاب الكتب والروايات بلسان شخصياتهم وما يدور في رؤسهم ...

كان حتى اقراني الصغار في سن مبكرة يحدسونه على انه خطر ويتصرفون بخوف تجاهه ..كان صديق طفولتي "فريد "يكف على أن يظل المرح والمتقافز المكر ..كان فجأة يبتلع ريقه ويصمت قبل أن يبدأ في تقمس أسلوب الكبار بدعوتي للاسراع و بتحنب النظر أو استسراق الرؤية وكان ينتهي بان يرفع كتفيه بغير لامبالات وداعيا اياي بان اعتبرها كذلك وينتهي الحديث حولها شبه نهائيا لانه بعد ذلك يكفي أن نتبادل الحديث عنها بصريا ..عيني في عينه وننسحب لموضوع اخر بشكل اوتوماتيكي ...

كنت الحظ على "بدرية "انها متحرجة  وتجاهد كي لا تفقد سيطرتها على تناغم حركتها وسلوك مشيتها او وقوفها وبالاساس امامي ..بمحضري كشاهد على واقعة تحرش بها عام بدكان او بالسوق او بتجمع حاشد بالمدرسة او بوسط المدينة ..واقعة اعتداء عنوانه التحرش المقصود  ..وواقعة لست الوحيد الشاهد عليها  بل لعلي الشاهد الواعي المنتبه الاكثر لها والذي يفكر في ايجاد مخرج منها كدعوتها الصريحة للتحرك  او تغيير المكان ثم التحدث لها بصريح العبارة عن موضوعها ودعوتها لتاخد موقفا منها صريحا كذلك ..كنت رافضا لموقف السلبية والانكسار والقلق الذي يعتري المتحرشة بها والذي يدخلها في الانهزام والاستسلام  الذي كنت اعرف انها قد تحوله لموضوع تلذد  وقد تطوره لتصبح هي من تسعى ليتحرش بها ...لم يكن موضوع الغلام وحده الذي يشكل فارقا معي بل كل موضوعات الرغبة العنيدة والخطرة في امتلاك ما ليس بامكانك ان حتى ان تدنوا منه ..ربما نفس الرؤيا ونفس الأسئلة واجهتني حتى وانا مجرد طفل صغير عندما كنت اوخد ليجلسني على حجره  احد افراد العائلة الكبار في السن سواء كان امرأة أو رجلا ..ما كان يشكل معي فارقا كبيرا اللهم انني كنت انظر اليه بنظرة مسبقة سبق أن رصدتها وتتبعتها وحاولت الاستفهام عنها وعن حقيقة ما يكتنفها من مشاعر وما تفيض به من احساسات خاصة ..لم اكن اختى "بشرى"لاخد للحجر ولاعانق واقبل بسخاء  فانا مختلف عنها نوعيا فانا ذكر واكبرها بعامين ولم تكن الغيرة ما تركبني لكنني في مرات متكررة كنت ألاحظ أن موضوع الغيرة هو ما يكون المدخل الذي يستغله ذلك الكبير من عائلتنا ليحتال على رغبته في اجالسي بدوري على حجره ..لكن الموضوع لم يكن ينتهي عند ذلك كان يهمني ان اعرف بالضبط على الاقل ما كانت هي تستشعره ..هل كانت راضية ..مستمتعة ام كانت تستشعر بأنها مستغفلة وهناك من يحاول استغلالها وهل تملك حقا ان تفهم الامر على هذا النحو ..؟! كنت احاول ان استوعب حتى تلك "العادي "التي تخلص اليها صاحبتنا القريبات في الحي وهن يتداولن في امر تلك الرغبة العنيدة في امتلاك ما قد لا يخص البعض في امتلاكه ...كانوا ينظرون الى الامر بأنه عادي ان ياتي به الكبار في حقهم وعادي جدا ان ياتي من كبار عائلتهن ومعارفهن ..لكنني لم اصدق في تصريحاتهن بأشكال عدة كنت اجدهن مجرد مطبعات مع الموضوع او مجرد عابرات لاكتشاف لذات مغايرة وربما غير اصلية في طبيعتهن ...انا بوعيي وتنبهي كنت افقد القدرة تماما على الاحساس بان الامر عادي ..كلا ليس عادي ان اجد شيءه منتصبا تحتي ولا عادي تلمساته التي تتحسسني ولا الطريقة التي يطبع القبلات بها على خدي وهو يحاول استغفالي اكثر ليلثمني من شفتي ..وكنت اتساءل حتى عن الطريقة التي كانت تستدرجني بها  بنت عمتي الكبيرة "سعاد"لتمارس بي لذتها التي كانت تتحول من مقبولة لي مرغوبة من طرفي لأخرى غير مقبولة ولا لذة استحصلها من وراءها ..كانت تصر على اقحامي في ممارسات لا تتناسب معي ..كانت تستفرد بي لتحقق هي رغبتها وانا كنت اعرف انها تستمتع بذلك لكنني في نفس الوقت لا استمتع انا ...انا كل الذي كنت ابحثه عندها بعض الدفئ وبعض الحنان كان تسمح لي بان ابقى بين حضنها اطول فترة ممكنة كان اعانقها واشعر بدفئ قبلتها على خدي وحتى قبلة خفيفة من الفم لكن لم اكن استلذ منها ان تملا فمي بلعبها وان تعتصر شفتي وقد امسكت بجسدي وكأنها تريد تحطيمه بين ذراعيها ..انا منتهى ما كنت اريده ان اراها مكشوفة وتريني صدرها لا أن تمسك بي بين فخديها وتحتك بي بشعر عانتها الذي يسري في كأنه ابر او شعر قنفود ..بطبيعة الحال لم اكن استشعر غير الألم والاشمئزاز والرغبة في الخلاص منها والهروب بعيدا عنها والجلوس وحدي لاعيد التفكير في الاستعاضة نهائيا عن الاقتراب منها او الرغبة حتى في الجلوس لجوارها ...كنت استشعر الاذى الذي اتحصله من مسايرة رغباتها الأولى التي كانت تدعوني فيها لمجرد الاقتراب منها او عدم الخجل منها كانت كلما نادتني الا وتحببت لي وكلما بدات اكثر في تقريبي منها الا وقالت لي انها تحبني وتسالني ان كنت مثلها أحبها لكنها تنتهي بان تقف لتعديل من حال ثيابها وتدعوني الى أن انصرف للخارج او للتظاهر بان لاشيء حدث منها تجاهي ويتغير حالها تماما تصبح "سعاد "اخرى وحتى عند لحظة افتراقي عنهم كانت تقبلني ببرود وتصنع وكأنها لا تعرفني ... "سعاد"ابكتني مرات عديدات في وحدتي وجعلتني على غير طبيعتي معها غير قادر على ان لا اسايرها لكنني في كل مرة افعل ذلك اكون اكثر تنبها من المرة السالفة وكل مرة تنكشف لي اكثر لم اجرا على كرهها قط لكنني اتخدت منها موقفا لم اعد ادنوا ابدا منها ان هي لم تحاول ذلك معي ..لم تكن "سعاد"بحال افضل من ابن عمتي "الزهرة ""البشير" المثار عصبيا دائما والمتوحد بنفسه والمنشغل دائما عن مخالطة أقرانه من اخوتي الكبار وباقي اقران العائلة واصحابهم بعالمه هو فقط ..انا كنت معه كما كنت مع جميع افراد العائلة التي يحتاج اخوتي وكبار العائلة الى  تقديمهم لي في كل عطلة صيف نقدم اليها الى مدينة العرائش قبل أن نستقر بها نهائيا على أن هذا هو ابن عمتنا الفلانية الذي كبر والذي كان يعجبني مرافقته واتقبله كذلك وابدا من جديد في محاولة اكتشاف هل هو فعلا يعجبني ويروقني وهل هو فعلا لطيف لاترك له كفي ليماسكني  بها ويصحبني معه بجوار بيت جدتي او لغاية دكان الحي الاقرب ...انا ما كنت لارتاح وهو مصر على أن يحملني بين ذراعيه ولا كنت لاطمئن له بأن يحملني ليجلسني فوق حجره بعد ان يجلس هو عتبة باب احد الجيران ويكون متاكدا بان لا احد يراقبه ...انا اخي "فؤاد"لم يحتاج لابن عمتنا "فطوم "رشيد "الذي لا يعرف ان يجلس باسته على اي مكان غير حجر اخواله وكل ابناء العائلة وكل كبير بالحي ليعرفني بالمثال ما الذي يحصل في جلسة الحجر تلك وانما قالها لي بصراحته المعهودة وافهمني بالاكثر من طريقة ومثال وفتح عيني لارصد بتفصيل كل ما يحدث والى ما يؤدي ذلك ...لم يتركني حتى للحيرة والارتياب وانما مررني جيدا لاتجازها حتى في ما بات يقلقني بصفة عامة ويكاد يصيبني بالشلل لما يدعوني اقرب الاقرباء لي مثل والدي او عمي لاجلس اليه ..اخي "فؤاد"كان صارما معي  خصوصا فيما يتعلق برسم وتحديد القواعد ان نبهني من التمادي في جلسة الحجر تلك فمعناها انها قاعدة عامة ما فيها من استثناء وانه ينبغي علي ان ارسم حدود جلستي جيدا حتى مع والدي وان متى كان في غير وعيه  مخمورا ان اكون حذرا اكثر وانه لا ادعه ياثر علي بكثرة اقباله علي واغوائي بالقطع النقدية وبالاشياء الحلوة والطيبة ليتلاعبا بي على طريقته ...اخي "فؤاد"لم يترك لي مجالا للاستغراب كان يقول لي بان الامور احيانا تسري بالرغم من عدم قبول الغير بان تسري على ذلك النحو ...كان ينبهني لحقائق جديدة كليا علي كان يشرح لي معنى الاحتكاك المولد للشرارة وكيف يجد الكل الأطفال اكثر دفئا وحرارة وهم بين احضانهم وهم على احجرهم وكيف تسري النار فيهم فتكبر رغبتهم وينتصب قضيبهم وعندها قد يحدث المكروه والضرر ...كان يعود لي في كل مرة لينبش في ذات الموضوع ويعطيني تفاصيل اكثر واستدلالات أوضح ودون ان يزرع الخوف الذي لا لزوم اليه حتى منه هو بذاته كان يحرص ان يظهر لي حقيقة نوياه في انه يريد اكسابي معرفة ولا يحاول بآية طريقة ان يحتال علي ...

كبرت وكبرت رؤيتي للموضوعات التي تثير انتباهي مع كامل حرصي على أن لا تثير معها انبهاري واعجابي بها ..كنت لحدود بعيدة قد كسبت استقلاليتي وتمام  حاجتي لتوجيهات اخي "فؤاد"لانني وبكثرة ما راجعتها بيني وبين نفسي كما كان يوصيني ان افعل كنت قادرا على استحضارها في كل وقت ..بل وحتى الاجتهاد في استدخال توجيهات جديدة لي انا بنفسي لنفسي لانه كان يكفي ان اظل متنبها وغير غافل ولا معتقد بسداجة بان كل شيء برئ ...

كبرت ولم يخلو المشوار الذي قطعته من تعرضات ومواقف اسيء لي فيها بالغا وبدرجة عميقة كانت في احيان تجعلني عن حق امرض دون أن يتمكن اهلي من معرفة المصاب في ولا نوع المرض الذي اعاني منه ...وانا كان يعز على أن اشمت بيني وبين نفسي انا الذي يخال نفسه الحريص والذكي والنزق ...كنت انسحب كالمجروح  لابكي نفسي حتى تجف دموعي وحتى تنتهي رغبتي حتى في النحيب والاسى لابدا من جديد في تحليل كل موقف الإساءة التي تعرضت لها ولاعيد على اثر ما اتبينه من رسم حدود وقواعد لي واحكاما جديدة على من اتعامل معهم ...

لم يحركني غير الصدق  وغير الرغبة في ان يكونوا صادقين معي في مساعي لافتح معهم مثل هذه الموضوعات ولاوسع نظرتهم وزاوية رؤيتهم لحقيقة الامور التي تجري امام انظارنا كلنا وقلما نعيرها الاهتمام والتنبه المناسب واللازم لها حتى نصدم وحتى تحصل الرجة الاشبه بالكارثة او تحصل الكارثة ...كنت احبهم واريد حبهم كنت بيني وبين نفسي وفيا لهم وكنت اريد وفاءهم ..عاهدت نفسي على أن اخلص في حبهم ومودتهم وكنت اريد منهم نفس العهود وان تكون تلقاءية منهم ...لم اكن مشغولا بنفسي وبعوالمي وحدها ولا عالم كان لي بغيرهم وبغير ان يكونوا جزءا منه ...كانوا احبتي واصحابي ورفاقي واكثر الاسباب التي تجلب لي الامتاع والانس وتخفف علي وطأة التنبه والحذر الزائد الذي كنت اذكيه في خصوصا وانني لا اكف عن الرصد والتحليل والبحث والاستقصاء في كل ما يفرض نفسه علي ويدخل مجال رؤيتي ويحرك في الهاجس الاول للانتباه..

كان موضوع الغلام اكثر الموضوعات شيوعا في مجتمعنا واكثر الموضوعات الحاضرة في كل مكان وفي كل زمان واكثر الموضوعات التي اتعجب كيف الكل صامت تجهاها ..والذي كنت اعرفه عن الصمت او عن احد أهم الأسباب التي تدعوا اليه انه هو الخوف ...الخوف الذي عاهدت نفسي على أن لا ادعه يتمكن مني .يشل حريتي في الحركة أو التصرف ولو تحت طائلة ان اعاقب بدنيا ما كنت لابالي اعرف انني سرعان ما سارفع راسي من جديد وساتجاوز  الالام التي سببها لي فقط لانني اريد ان اكون قويا واقوى على الصمت والخوف ..

لم اكن لاتحرج من موضوعات الجنس أو الاعيب الحب والهوى التي كانت تمارس في الخفاء وفي الخلاء وفي كل مكان تحث غطاءات مختلفة وتحايلات متعددة ولا كنت لانبهر بها أو استلذها كالمحرومين من البنات الصغار والحديثي المراهقة او لاصعق بها كما تصعق البنات الكبيرات ..الذي كان يهمني من التنبه لها ان احلل ظروفها ان احاول رسم وتتبع ولو ذهنيا وافتراضيا منطلقاتها الأولى وان احدس من استدرج من والى اين وكيف عساه ينتهي الأمر بينهما ...انا لم اكن في حاجة لاتباهى بعلاقاتي ولا بممارساتي لأنها ببساطة لم يكن فيها اي احتيال وانما كانت رضائية ولم اكن وحدي الذي يمارس فيها على طرف اخر وانما كنا شركاء في الممارسة وانداد والاهم اننا لم نكن نقف عندها وكأنها كل ما سعينا وراءه وكل همنا كانت بل حولنها لفسحات بقدر ما نحتاجها ونحن ونشتاق اليها نترك لها ان تاخدنا لابعد حد من الاستمتاع وتحصيل اللذة دونما داعي لنستفيق منها على ندم او احساس بالاشمئزاز او بالذنب او بالخجل من انفسنا ومن رغباتنا ..كنا نطور شكلا وقالبا من الاعيب ممارستنا ونقبل عليها برغبة جادة في ان نستكشف اكثر ونتعلم اكثر ونزداد خبرة بشكل اوسع ...والذي كنا ندرك اننا لسنا في حاجة له ولن نسمح به هو ترهيبنا او محاولة حصارنا او منعنا لأننا في كل الاحوال لن تدخر جهدا لنلتف على الجميع ما دمنا نحن مقتنعين بحاجاتنا له وعلى نحوه الطبيعي وليس ذلك  "العادي "الذي كانوا يوهموننا به ويحتالون عليه بنا ...كنا صرحاء مع انفسنا وحتى مع من حولنا وتعلم كل واحد منا ان يكون نزقا وجريئا وان يتصرف بحرية اكبر في التعبير عن نفسه دون حاجة للمراوغة وبهذا وحده كنا نكسب معاركنا الصغيرة والاساسية مع اهالينا ومع الكبار المتطفلين على حياتنا وعلى اختيارتنا وعلى حرياتنا ...

ما كان مقبول على كلنا ان تتوجه الينا الدروس وتلقى علينا المواعظ خصوصا من اولئك المتظاهرين بالاخلاق العالية وبالحس الاجتماعي وبالمكانة العلمية أو الإعتبارية ...كنا بيننا وبين بعضينا البعض نجري نفس التمارين على كيفيات ان نواجه المواقف النفسية التي يقحمنا فيها الكبار وكيف نتصدى لمحاولات تصيدنا في المازق الاجتماعية الأخلاقية للنيل منا وان اخترنا على أن لا نكون قاسين في احكامنا على المقربين منا وعلى ان نترفق خصوصا باخوتنا الكبار حتى عندما يخطئون في حقنا ويستصغروننا ويبداون في محاولة استغلالنا والضحك على دقوننا او جعلنا نرقص بشكل او باخر فوق احجرهم  ..كنا متفاهمين على أن نكسبهم لجانبنا بان نتسامح معهم وان نتصالح معهم وان نبني معهم علاقات جديدة ومختلفة من الاحساسات والوعي والتفهم ...وكنا في لحظات اكثر مدعوون لكي نتصرف بحدق اكثر ونجعلهم يرتكبون في حقنا الخطا لكي نقلب عليهم الطاولة ونظهر لهم كم انهم مناقضين لكل ما يقولون به وقد يتصرفون ويسلكون نقيضه ..وكم هم لا يمتاوزون عن كل اولئك الذين لا يكفون عن تحذيرنا من الاختلاط بهم أو الاقتراب منهم ..ومع امهاتنا كنا مدعون اكثر لنكاشفهم بحقيقتنا في الوقت الذي نملك فيه كامل الحرية في ان لا نجعلهم يدركون اي شيء منها  ونستمر نحن في ممارستها بكامل التستر والتكتم وحتى ولو جاءت الامور خارج كل تقديراتنا وضبطنا فستكون اول مرة واخر مرة وبعدها لن نكررها كما سندعي أمامهم وامام توسلات ان يكفوا علينا من سيل الصفعات او الضرب او الركل..مع يقين سيظل يصاحبنا ونحن في عز الشعور بالالم اننا في اقرب فرصة سنعود اليها ..   

 لم اكن مهتما بتحليل الاثر الذي كنت اعرف انه يستهدف تركه داخلي اولئك الذين كانوا يحاولون انتهاز اي فرصة للتعرف علي بل وحرق المسافات التقرب الي على أنني لا اناسب ان اكون على صداقة بهم ولا على أية علاقة بهم لانهم يكبرونني وليسوا من جيلي ولا من محيط العائلة أو معارفها ..بل كنت اضعهم نصب عيني وابدا في مراقبتهم وترصدهم دونما ان اتمادى في تحويل الأمر لعمليات ملاحقة لهم لكن انتهز بدوري الفرصة السانحة لمراقبتهم عن قرب ..ربما بالغابة ..وربما بالمقبرة  ..واحيانا بالاماكن المختلفة على الشواطئ الصخرية التي كنت اصاحب فيها اخوتي في رحلاتهم للصيد  ..وبهنالك كنت اقلب الوضع عليهم ..فعوض ان انسحب اظل اغدوا واراوح المكان متصنعا المداورة المفضوحة لانني بالتجربة والمعايشة كنت قد بدأت افهم سلوك مثل هؤلاء ..كانوا استعراضيون امام الموضوعات التي تثير رغباتهم ويراهنون على أن يكسبوا تعلقهم بهم ..بل ومجازفون احيانا بفضح انفسهم ورغباتهم وهم غالبا تحت تأثير الكحول أو التخدير الشديد او عماء الرغبة ..كنت كلما اقتربت من المكان الذي يتوارون به أو يرتادونه لانه فقط معزول ونادرا ما يمر منه الاخرون الا واوقعته في فخي وحولت نيته  الاولى في التستر على سلوكه الى محاولات احتوائي في الموقف اما بالاقتراب او المنادات على بالاقتراب منه او بالابتسام لي  وانا ما كنت ابدي أي توجه للصد بل اتقبله وكان الامر عادي جدا ..وهنا كنت اترك له الفرصة ليحول سلوكه الاختباري الاول معي لسلوك اغوائي على طريقة معظمهم حيث يبدأ في فضح نفسه وفضح شريكه الذي لم يكن عندي شك حتى وان كنت لأول مرة أراه فيها معه بأنه غلام وان قد لا يكون غلامه ...كنت اريد ان ارى بام عيني كلا الطرفين  يعريان على حقيقتها ..كنت اريدهما ان يتماديا اكثر وهما على وعي  بانني اراقب موقفهما للحين الذي يتهتك السر بينهما فانسحب بهدوء او ابتعد بما يكفي لاضمن ان أفسد عليه مخطاطاته  الأولى بالسيطرة علي بادخالي في جو التلذذ والإستمتاع بالذي كان يحصل بينهما ...وكنت على يقين انه لن يتوانى في اي مرة سيقابلني فيها من المزيد من الاقتراب مني والتودد مني لكن هذه المرات لن ينتهج أسلوب الاحتيال الاجتماعي الذي يدعي فيه انه يعرف اخوتي او احد افراد عائلتي وانه يعقل علي منذ ان كنت اصاحب هم وانا بعد طفل صغير ....الان كنت اعرف انه سيبدا معي فصلا جديدا من محاولات احتوائي واستقطابي عبر دراسة سلوكي كان يعرض علي سجارة او قطعة حشيش او أن يقتني لي شيئا لاكله كقطع بسكوي او حتى افطار بملبنة ..وانا اسايره كما ينبغي علي ان اساير بالممانعة وان الح فلاباس بان اوافق على الشيء البسيط والغير المكلف ...

كانوا احيانا من جملة المتنمرين علي من من تتلمذوا معي في المستويات الابتدائية او بالاعدادي من كانوا بصحبتهم ومن ضبطتهم يمارسون شذوذهم عليهم وبكل رضائيتهم ..وكانوا احيانا من صدمت فيهم لانني بصراحة لم اكن اتوقع منهم أن يكونوا الى هذه الدرجة من التطبيع مع الموضوع ...ربما لو سار الأمر كما كنا نختبره بين الاصحاب وجماعات الاقران لما وجدت الامر صادما ...

الذي شدني للموضوع اكثر وجعلني مهتما بدارسته والتعمق فيه لم يكن الأسلوب المزدوج في الغالب الذي يسلكه الغلام المكشوف او الذي كشفته انا وتعاملت معه بصمت وحيادية لانني لم اكن من طينة من يفضح اي سر  ..فالغلام اما لا مبالي وواضح عليه تراخي همته وسلوكه انطوائي متكاسل وخمول وغير مهتم بحال ثيابه على انها قد تكون جيدة وغالية الثمن واما متحايل ونزق وحركي اكثر من اللازم ومهتم بمظهره حد انه يبدوا متانقا مبالغا على انه يحمل بداخله طاقة عدوانية وحقدا على الاخرين وقلما يحسن التصرف او معاملة الصغار ...الذي شدني للموضوع اكثر كان أسلوب المتخد اليه غلاما والمتنقل بين غلمان اخرين ...أسلوبه الاناني الغير المراعي ومظاهر السيطرة البارزة في أسلوب تحدثه ومخاطبته  وفي الحركات التي يبديها وجشعه في ان ياخد اكثر وبدون حتى ان تكون لديه رغبة حقيقية في ان ياخد فقط هي نزعته في ان يفرض سيطرته ..

كنت لحد بعيد اميز بين المتحرشين على اصنافهم المتعددة وبين الشاذين جنسيا وسلوكيا اما حتى أولئك المخنثين فانا لحدود ذلك الان كنت كاغلبية الناس لا اوليهم الكثير من الاهتمام فهم معرفون وحتى من كان يقبل عليهم يتعاطى معهم بالكثير من الحذر الاجتماعي والتستر لانها كانت مثل المعيبة ان يضبط رجل مع مخنث ..غير ان امرهم يختلف مع اقرانهم من جيلهم ومع من هم بعد شباب ووغير متزوجين كانوا موضوعهم التحرشي الاثير ..كانوا يتحرشون بهم امام العلن وفي الأماكن العامة ويتمادون في ذلك معهم ..اما الكبار فنادرا ما كان يستنكر احدهم مثل ذلك السلوك ..تقريبا الكل كان يتصرف وكان لاشيء غير عادي يحصل امامه ...

وانا بعد في سن الثالثة عشر كان مسموح لي بان اخرج للجوار لاتمشى ليلا حتى ما بعد الحادية عشرة صحبة رفيق لي خصوصا وانا اخي "سمير "كان متعودا لان يقف على ناصية الشارع بالقرب من منزل صديقه الاثير "رضوان "ابن حينا لساعات متأخرة من المساء والليل بعد ان ياخدا عشاءها او ليتجول لحدود وسط المدينة ثم يعودا ادراجهما من نفس طريقهما المعهود ..ومادمت قد سمح لي هو بالخروج فقد اولاني حريتي ورعايته واوصاني بكيفيات التصرف بما في ذلك تجنب الاصدام مع الاخرين كما لا يغفل على التنبه لزمن غيبتي ليتعقب المسار الذي ارسمه له مسبقا باحثا عني وليطمئن على سلامتي من بعيد لبعيد دون أن يفرض نفسه علي سواء كنت وحدي او بصحبة رفيق من أبناء حينا وبعدها احد صاحبي الاوفياء "الشريف "او "الگراب"الذين كنا بداية نذهب نحن الثلاثة "سمير "و"رضوان"لاستئدان اهليهما في شان السماح لهما بان يكسرا قليلا من روتين الحياه اليومية حتى ولو كنا بعد صغار كما يعتبروننا العامة من الناس ..

لم اكن اخفي عنهم رؤيتي للموضوعات التي تهمني بل فقط كنت اترك لنفسي الوقت الكافي لالم بها لادرسها ولم اكن الجا للاحتيال عليهم لكنني كنت اطلب منهم انظاري بعض الوقت وسابين لهم حقيقة مقاصدي واهدافي الشخصية ...احيانا كانوا يستفسرونون بحدة عن لماذا هذا الحرص على ذلك المشوار نفسه في كل ليلة نكون فيها بالخارج ولماذا اقصد المرات متتالية نفس الأزقة والدروب ولا ما الفائدة من الوقوف غير بعيد عن جوقة منتظري افتتاح ابواب صالة السينما في فترتها المسائية والعودة لانتظار خروجهم ....كانوا يستفسرون لكن بغير تذمر لانهم تعودوا مني في ما سبق أن لا اخيب ظنهم وان اناولهم المفاجئة والخبر اليقين فقط عليهم ان يصبروا علي ويساعفونني فيما اجعل من مشواره على كل حال أمرا ممتعا وخارحا عن مالوف تجولات وخرجات اقراننا ...وبحق كنا جميعا نفتخر بأننا مختلفين عن الاخرين ونتمتع بقدر من الذكاء وحسن التصرف ..

عند خروجي من الاعدادية لازمت لفترة طويلة جدا المرور من داخل السوق المركزي والقيام بجولة فيه ...كما لازمت المرور على الاقل من جهة ثلاثة حمامات شعبية بجهتنا السكنية تقريبا كل يوم ما بعد ساعة المغرب وقرب الاعلان عن صلاة العشاء اللهم في أيام المناسبات لان توقيت دخول الرجال مكان النساء كان يتاخر جدا وغالبا يبدوا انه خاضع لمزاج النسوة وليس حتى لاصحاب الحمامات الشعبية ...  كما كنت حريصا على أن اغير طريقي المألوف وان قد اضطر لاخللخل فيه حسب الظروف التي قد اقابلها كل مساء يوم دراسي كامل الدوام اي حتى الساعة السادسة مساءا لاسلك الطريق الذي يصبح اكثر وحشة بمجرد عبور كوكبة التلامذة والأساتذة الذين للتو قد غادروا الاعدادية في اتجاه ما يشكل جهة وسط المدينة وأبواب المدينة القديمة ويمرون من جوار الباب الرئيسية للسوق المركزي ...كنت اتاخر عنهم وقد أداور الجميع بالقيام بجولة عبر الافريز قبل أن اخد طريقهم الى حدود سينما "ابيندا "ثم اعود ادراجي لاسير في اتجاه بيتنا ...اي واحد من من يعرفونني كتلميذ بالاعدادية او كواحد يسكن الحي الفلاني والجهة الفلانية كما كان يصنف الناس بعضهم البعض نظريا يعتقد في انني اخرق وغير عادي او معقد وغريب الطباع وذلك لانني انا من كنت اريدهم ان يعتقدون في ذلك بميلي على أن امضي لوحدي وبمفردي وبطريقة مشيتي ويتصنع الارتباك وتحاشي النظر في العيون وحتى من كان يستغرب ان يعود فيراني بصحبة رفاق واتحدث بانطلاق كنت اتعمد تجاهله وتجاهل النظرات الأولى التي كان يرمقني بها والافتحاص الذي كان يفتحصني به لما اكون وحدي وان تجرا على الاقتراب والسلام من مرافقي كنت اتراجع للخلف ولا اتجاوب حتى مع سلامه او محاولة تودده ..كنت أنكره ببساطة واتعالى عليه واجعله من جديد يقتنع في غرابة اطواري ...

كنت مشغولا بالاكثر من موضوع وكل موضوع يستاثر على اهتمامي وابدا الخوض فيه الا ويفتح لي المجال لموضوعات اخرى وكذلك كان الحال مع قرائتي التي كانت تصيبني احيانا بالخيبة لما انتهي منها والذي كنت بحق ابحث عنه لم اجده فيها او لم يكفي فضولي المعرفي  او لم يشبع نهمي لان اعرف اكثر ..وحدها عوالم الروايات كانت ترضيني وان لا تشبعني لانها كانت تجعلني اكثر حاجة لان اقراء غيرها وغيرها لانفتح على عوالم جديدة واكتشف فيها وعبرها اسرارا جديدة  ..وكنت متحديا لوالدي بالخصوص في موضوع ادماني على القراءة ..كان هو يتصرف معي بتعالي وبمحاولات إظهار سلطته الأبوية ليس الا وهو يوجهني لان اهتم بدروسي عوض ما اقراءه وان انام مبكرا عوض السهر الخاوي الوفاض والذي لا يؤدي  إلى نتيجة وكنت اقول له بأنه مادام يتحدث عن النتيجة المدرسية فهذه ستكون لصالحي وعند هذا فليكن الرهان فقط...

فرضت علي حاجتي للقراءة والاضطلاع على الكتب والمجلات والروايات لان اعدل قليلا من خطتي في تعاملاتي مع من هم خارج المجموعات التي اعرفها وتخيرت  ان يكونوا من جنس الاناث لانهن أكثر قدرة على التعاطي الاجتماعي  السليم  ولانهن متى امن بإمكان قيام صداقة مبنية على أسس الاحترام ومراعية فهن لا يترددن في ذلك وبدات ببنات الاحياء القريبة من حينا وكنت مباشرا معهن ..هاهو هدفي ..وهاهي نوع الصداقة التي اقترح ان تجمعنا والهدف هو ان نتبادل الكتب والروايات والمجلات بيننا ان اعيرهم وان يعيرونني ما بحوزتهم من كتب وليس شرط ان يقرؤها هم ربما اخوتهم ربما والدهم  ..الأسلوب المباشر والواضح الذي اعتمدته وانا اطرق الابواب وانوي تاسيس علاقات جديدة وانا احيانا اتوسل مساعدة احدى صاحباتي في تقديمي لاحدى المرشحات لم اقابل معه اي رفض بل كان جد مرحب به وشغلني امر هذا الترحيب حتى انا نفسي..مابيني وبين نفسي ...واخدت استبين حقيقة انني ملحوظ وبشكل بالغ خصوصا من اقراننا  البنات ..وانهن يحملن تجاهي عددا من الأسئلة والاستفسارات ولا ينظرن لي بتلك النظرة الذكورية على أنني غريب الاطوار ومعقد بل على أنني غامض ولا افصح تماما عن نفسي مثير للاستفهام ...

كان الكتاب كيفما كان حجمه لا ياخد معي اكثر من يوم لكنني قد احتاج لإعادة قراءته وقراءته مرات ان شغلني وهمني موضوعه ..لكن فرحتي اكثر كانت تكون بالروايات لانها تتركني لعالم ساحر من الأحلام ونسج التصورات وإعادة تمثل للحوارات والمواقف وكلما اعجبت بشخصية من شخصياته الا وحاولت إعادة التماهي معها واستكشافها بين الناس أو حتى اسقاطها على نفسي ومحاولة تقمس بعض اسلوبها وملامحها ...

بيني وبين نفسي لم ياخد مني مساءلة دوافعي الشخصية حول مجال اهتماماتي المتسعة يوما بعد يوم ولا حول تيمات موضوعاته الكثير من الوقت لانني كنت صادقا مع نفسي كنت لا اراوغني حينما يثرني موضوع ما او تلفت انتباهي واقعة اجتماعية ما او حتى مجرد ظاهرة غير مميزة عابرة ما ...كنت ارصد ما حركته داخلي انا من مشاعر او احساسات وما خلفته في من انطباعات آنية ولاحقة ..ولما استشعر الحاجة لان افهم كل ذلك الاثر يكبر في الفضول لتوسل كل سبل المعرفة وابدا بالاهتمام ...كان الجميع اتركهم خلف راسي لا تجدني معني بهم لاثبت لهم اي شيء أو لاجعلهم يحددون ويملون علي ما اهتم به وما لا ينبغي ان اهتم به ..وما كنت اضيع الوقت في مجرد الحلم بانني لما ساكبر ساعرف اكثر وابدا في نسل الحلم تلو الحلم ..ما كان يهمني ان ارسم حدودا لرغباتي الواعية ولا حتى اهداف نمطية محددة سلفا اجتماعيا ...انا كان يهمني ان اعرف ان أوسع من معرفتي ومن رؤيتي لكل الموضوعات وفي مختلف الحقول وكفى لا احلم بان اصبح او اصبح او اصبح ...  

كنت انطلق من رؤيتي الذاتية ومن ما يشكل نوع خبرتي الشخصية للموضوعات الاكبر والاوسع ...وكنت لحد بعيد معني بان اعرف اكثر كل ما يهم وياطر الحياة الاجتماعية واساسا الحياة الاجتماعية النفسية ..كانت هذه المعرفة تغذي في الشعور بذاتي ..بمعرفتي اكثر بنفسي ولكل من يشكلون محيطها ومن اتفاعل معهم...وتمدني بالثقة بنفسي وبالثبات الذي احتاجه ..كما بالتصميم والإرادة على التقدم والخطو للامام وتجاوز تلك الهموم الصغيرة وتلك الخيبات التي اتحصلها من أوجه تفاعلاتي الاجتماعية ...

لم يكن الموضوع شخصي الا بقدر ما تهمني الرغبة كموضوع اساسي وكل ما تنفتح عليه من موضوعات هي الاخرى ...نعم كنت احمل كغيري بعض الأسئلة الخاصة عن موضوع الرغبة وعلاقتها بالذات وبالاخر لكنني انا بالخصوص كنت قد قطعت اشواطا في زمن مبكر على الذي انا فيه لافرق جيدا بين الجنس كرغبة وكممارسة تقنية وبين الرغبة كموضوع فلسفي ونفسي ....وتناول اجتماعي ..

الغلام كان حاضرا بقوة وكان موضوعا اثيرا من كل الكبار على مختلف تصنيفاتهم ...الغلام لم يكن ذلك الغر الذي يتلاعب به كبير ما في لحظات ما ويتحصل منه او عبره على لذته هو .. بينما يتظاهر بأنها اول مرة او حصلت هكذا سهوا منه او في لحظة انتشاء زائد ..عابرة ...

مثلما كان الغلام طفل اخر اي رجل اخر ..كان الغلام غلام ابيه وكان الغلام أصغر الإخوة ...وكان الغلام ارق واعذب طفل صغير الحي الذي قد لا يسلم من ان يلاعبه كل افراد الحي صغيرهم وكبيره لكنه لا يكون غلام الا واحد فيهم ...

الذي كان يتجمع لي من عمليات رصدي وملاحقتي للموضوع ابان لي عن تباث علاقة الغلام بصاحبه وعن نوع من التعالق  المفضوح والعلني فيها وعن انماط من التسخير والاسترقاق فيها ..

كنت ارصد المواعدة خارج اسوار الاعدادية بينهم وكنت اعرف من مجرد مرور صاحب الغلام في طريق مخصوص كالغابة او للخلاءات المجاورة للمقابر او الاحياء الهامشية او لجوانب الشواطئ الصخرية ان الغلام لن ينفك ان يظهر من خلفه تاركا بينهما مسافات ...كنت الحظ في سلوك شراء تذاكر السينما لتمكين "صبي "من واحدة منها بمداورة والتفاف على من يقفون بجواره انه قد يكون غلامه وكلما وجدته بصحبته تأكد لي تخميني ....

كنت بقدر قادر على ان اميز بين من هو قد يكون ابن فلان او احد اقرباءه وبين من يكون مجرد غلام له وان كان يدعي العكس ويتصرف على نحو مبالغ في الثقة بأنه هناك فقط ليخدم قريبه الذي يسكر مع جماعة من أصحابه ..كان الغلام مطواعا اكثر من اللزوم وغير متحصل على الاكراميات كما المتحرش به أو المغوي به ..وكانوا لحد ما اجدهم وكانهم يعرفون بعضهم البعض او على الاقل لديهم دوائر تعارف خاصة ...كنت حاضرا على نداء بعضهم البعض وتوجيهه لحيث مكان صاحبه واين يمكن ان يجده واحيانا كان فيهم من يعرض ان يصاحب الاخر في مشوار البحث عن صاحبه ...واخدت الصورة تكتمل لي شيئا فشيئا ...فالغلام قد لا يكون مجرد رفيق ممتع يتلذذ عليه صاحبه بل يسعى هو الاخر لجلب غلمان اصحاب اخرين لصاحبه بينما قد يقبل هو بمرافقة طالب جديد للتمتع به أو قد يقايض نفسه لاخر بحساب ان يمكن صاحبه من غلام الاخر ...كما أنهم غير مهوسين بالصبية الصغار وانما باصغر الطفلات وهو ما كان بعد يحيرني السؤال حوله ...

موضوع الغلام كان البداية لاحداث هزة داخلي لانني ببساطة اكتشفت مدى شيوعه وتعمق وجوده بيننا ..كان حاضرا في كل مكان في ورشات تعلم الحرف اليدوية كخياطة الجلاليب والمناديل الصوفية وفي ورشات النجارة والميكانيك واشغال الترصيص  والجبس ومحلات البقالة وتريش الدجاج وبين طاولات بيع الخضر وعرباتهم المجرورة..... دائما كان هناك اكثر من صبي وصبي واحد مفضل ..صبي واحد رغم انه قد يقوم بكل اشغال السخرة الا انه يتمتع بمزايا افضل وتجمعه مع معلمه او صاحب المحل علاقة سرية وقد لا تكون سرية ضمن حدود علاقات صاحب المحل او "المعلم "سواء مع نسوة تعودنا المرور عليه ومبادلته الحديث والمؤانسة او مع اصحابه الذين يدخن معهم الكيف او سجائر الحشيش او يحتسيا الشراب مع بعضهم البعض ..كما قد لا تكون ابدا سرية الا بمقدار حيث كنت الحظ كم يتم استوقاف الصبي من بعض الكبار عند خروجه من محل للتبضع واخده على جانب  او تعقبه للمنادات عليه وهو يعبر زقاقا او دربا خاويا نسبيا من المارة وكم كنت ألاحظ من متربصين بناصيات الشوارع في ساعة خروج اخر فوج بصالات السينما وهم ينتظرون مرور الصبية المنفردين الذين لم يصاحبوا صاحبهم ....هؤلاء في الغالب لم يكونوا من اولئك الصبية   البادية عليهم اثار التعنيف والضرب بل كانوا يبدون على قدر كبير من الاستقلال بانفسهم وعلى دراية بتامين انفسهم من الاعتداءات او التعرض للتعنيف...وهولاء لم يكونوا من اولئك الذين تربى عندهم ذلك الميل لمثل تلك العلاقات وهم انما يحاولون الخروج من تلقاء أنفسهم لايجاد علاقات ينفسون فيها عن رغباتهم وميولاتهم المحولة ويحاولون بالتالي التحرر من اثم وذنب الشعور بالاضطهاد والضعف المترسب عندهم من طول ما مورس عليهم داخل محيط اسرهم وعوائلهم او حيهم ..ولا من اولئك الاطفال الهامشيون الذين يرتادون المحطة الطرقية والاسواق والميناء ومنزل شاطئ راس الرمل حيث القوارب تتجمع لتقل المصطافين والذين يعانون الحاجة والفقر وسوء الاوضاع الأسرية والاجتماعية ولهم سلوكهم الادماني كما أنهم مستعدين للدخول في أية علاقة بمقابل او بدونه تقريبا ...كما أنهم ليسوا بالتاكيد من اولئك  المخنثين المفضوح سلوكهم وحالهم والذين يعيشون ويرافقون في الغالب النسوة الكبار والعاهرات المحترفات ...هؤلاء يعيشون بيننا ويتواجدون بيننا واكاد اجزم ان الكل يعرفهم وقد لا يريد الاعتراف بذلك اما لانه غير معني بموضوعهم او لديه حساسية خاصة منهم او لانه متواطئ معهم وينتظر فقط دوره وفرصته لياخد منه وطره وقد يكون المكان المثالي للكبار في السن ان ينتهزوا فرصة تواجده بالحمام او بالبحر بينما الرجال والشباب فساعة يحلو لهم اصطياد امثالهم فما عليهم الا التسكع في محيط الغابة او في الخلاءات المحيطة بالدور الهامشية وبمحيط قاعات السينما بالمدينة وبكل سهولة يحصل الاتفاق والمصاحبة من بعيد بان يتعقب الغلام من يرغب فيه ورغب حتى هو فيه ...الغلام اكبر واحد بين مجموع أقرانه متظاهر بحريته واستقلاليته واكبر واحد يظهر في سلوكه قدرته على تدبر مصروفه الشخصي واحتياجاته ..والغلام في الغالب فرد متوحد بنفسه لا اصدقاء او رفاق لديه دائمون ..كثير الشجار لكنه يتصرف قبل أن يتطور لعراك حقيقي ..غير طيعي اجتماعيا إذ غير معني بتقديم خدمات للناس كالسخرة او المساعدة على حمل قفة امرأة مسنة او مرضعة او ايصال "وصلة "الخبز للفران ...لعله ليس في حاجة لرضى الناس عليه اذ لعله يعرف أنهم غير راضين عنه الا بمقدار ما يرضون رغباتهم به أو عليه ...لكنهم منضبطون  بشكل غريب داخل المدارس وبحضور رجال الشرطة في التجمعات العمومية أو عند قيامهم بحملات التاكد من حمل بطاقة  الهوية الوطنية بمداخل السينمات او بمخارج او مداخل الميناء والمحطة  الطرقية ..  

الغلام على ما اخد يترسخ لي هو شخص صبي او في طور مراهقته الأولى تعامل معهم في كل مراحل نموه على انه موضوع رغبة جنسية ذكورية كما سمح له في حدود ان يمارس هو بنفسه حتى الاعيب اللواط مع أقرانه مما لم يثبت عنده الشعور بالتخنيث او التماهي مع أسلوب التعبير عند الاناث ولربما هذا ما قد يفسر لي ميله للتحرش بالصغيرات  جدا من البنات على غير مثيلهم من الذكور ...وهو ما قد يفسر لي عدم ميله لمصاحبة النساء الكبيرات والعاهرات المحترفات كنا يفعل المخنثون لانه بالمقابل على استعداد لان يعوض عدم مقابلة صاحبه الكبير بمرافقة اي كبير قد يحسن مخاطبته والتودد إليه وهو غير مبالي بكسب مقابل اللهم التكلف باحتايحه الاني  ..كابتياع تذكرة الدخول للسينما او أجرة النقل بالقارب او اي شيء كوجبة سريعة باردة او بعض السجائر التي تكفيه لحتى زمن الخروج في البحث عن صاحبه لان صاحبه في العادة هو من يتكفل به ...

لم احتاج لافتح مع من كنت أعرفهم ويعرفونني أعرفهم بصفتهم كغلامان حوارات او احاديث مباشرة كنت في المقام الأول معتمدا على رصدي وتتبعي ودقة ملاحظاتي وفي المقام الثاني استفسر عنهم من بعيد لبعيد من كنت محافظا بعلاقاتي معهم من أفراد المجموعات التي كنت الحريص على استمراريتها وتوسيعها في حدودها هي ..كل واحدة على حدى ..

هؤلاء وكل عوالمهم وكل اصناف الناس الذين يدرون في فلكهم ساصبح معني بهم ..سيهمني ان أعرفهم ..ان اعرفهم في خصوصية تركيبتهم وعقليتهم وافكارهم كما في نشاتهم وتربيتهم ...

هؤلاء وباقي اولئك الذين جرني بحثي الاصلي للتساءل عنهم والانشغال بهم من مخنثين واطفال الدعارة ومن لوطين  ومنحرفي  الميول سيصبحون بدورهم مواضيعا لبحثي ودراستي المستقبلية ..

هؤلاء وباقي الظواهر التي شدت انتباهي كاولئك النسوة الكبيرات في السن والعاهرات المحترفات ومدمني الخمر والمعاقرين له باستمرار وتجار بيع الحشيش والكيف بالتقسيط والقوادات والقوادون والمعرفون بلعب العاب القمار ..كلهم اصبحت مهتما بان اعرف عنهم الاكثر ...

كنت واحدا من الناس ...وكاي واحد منهم مفروض علي ان اخرج للفضاءات العمومية ولاخالط الناس ولاتفاعل معهم ولاحتك ببعضهم ...كنت اي واحد من الناس بما انا عليه من العمر وبما اكونه من انطباع لديهم بحجمي وشكلي ولون بشرتي وشعري ودرجات حرارتي الجسمية غير قادر على ان ارفض تواجد مثل كل تلك النماذج البشرية والمجتمعية بيننا وبالقرب مني احيانا ..اذ قد اعدم اختيار من يجالسني او يجلس بالقرب من والدتي بالحافلة الطرقية او بالقارب او قد يقف خلفي في صف بالمدرسة او السينما او بالمستوصف او بتظاهرة عمومية بإحدى الساحات العامة أو بحديقة عمومية او بالهواء الطلق كالغابة او الشواطئ ..

كنت كاي طفل نظريا في بداية مراهقته قد يتعرض للاكثر من ممارسة تحرشية ومحاولات استغلال نزوي وكان يهمني ان اضبط تماما كل تلك التفاصيل السلوكية الصغيرة التي بدى لي ان التسامح معها او عدم اعارتها الانتباه اللازم والرد المناسب هو ما يسمح بان يجعلها تتطور ومن ثم يتم احتواءك في موقفها ...

وكنت بكل تجرد معني بان اعرف اكثر وان اكبر اكثر وان اتميز عن اقراني لكن بدون ضجة او دعاية غوغاء ...

كنت مهتما بان اتعرف على مفاتيح علمية واجتماعية ونفسية لكل تلك الكلمات التي كانت تلقى كسبات فاضحة او يتم تنقلها والحديث عنها بالهمس والتكتم في المجاميع الخاصة ..كما مهتم بان اتعرف على مايدور في وسط عائلتنا الكبيرة وان افهم سلوك كل واحد منهم كما ينبغي لي الفهم لا كما يحاولون هم افهامي ...انا من سن جد مبكرة قد اقولها هكذا فقدت نظرتي البريئة لكل شيء يجمعنا ويلمنا ونتحدث فيه ونسميه ونمارسه ونسلكه ....انا في سن الخامسة كنت قد أصبحت كبيرا كما وعدني اخي "فؤاد"وحصل معي ...     

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...