الخميس، 9 سبتمبر 2021

الاستاد محمد بديع "العمري". عوالمي السرية : الوثيقة رقم : ....



مستند رقم:008/ محمد بديع (مناقب الراحل بقلم عبد القادر العفسي )-محمد بديع كرئيس للمجلس البلدي لمدينة العرائش 

مستند رقم:009 / محمد بديع رئيسا للمجلس البلدي لمدينة العرائش (احمد نعمان "صفحة جريدة العرائش ذنعمان )

مستند رقم:007/محمد بديع رئيسا للمجلس البلدي لمدينة العرائش باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبيه


مستند رقم:002 / محمد بديع عضو مجلس النواب (1977-1982

مستند رقم:001. / محمد بديع عضو مجلس النواب (1993-1997)






مستند رقم: 003 / محمد بديع عضو فريق الحركة الديمقراطية الاجتماعية (رئيس لجنة القطاعات الاجتماعية والشؤون الإسلامية )







مستند رقم:004 /صفحة بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك (مدونة سياسية ) 








مستند رقم:005/ محمد بديع رئيس المجلس الجماعي لمدينة العرائش (1992-1997)




مستند رقم:006 / محمد بديع من مؤسسي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالعرائش


 


السبت، 27 فبراير 2021

يوميات: عوالمي السرية..(38) بعيدا عن حنان"هذه..."17 تابع :"25-1"


 

يوميات : عوالمي السرية..(38) بعيدا عن حنان"هذه..."17 تابع :"25-1"


 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فعلا انتهى كل الذي كان بيننا حين قررت ان اخد الطريق دونهم ...؟! ...

يوسيني انني دفعت الامور في ذلك الاتجاه ..كان لابد من ان انتهي من كل ذلك وان اطوي المرحلة على الاقل مؤقتا لانه بدى لي انني قد اضحيت في موقع لا يسمح لي بان اعبر صراحة عن موقفي وان اقول لا ببساطة ..لا لست معكم فيما لم اختار ان اكون فيه ..وان لا احدا منكم او فيكم يستطيع ان يلزمني ان اتبع طريقا لم ارسمه ولا حلمت به ولا قررت فيه ..هم بدوا وكانهم قد استعادوا ثقتهم في انفسهم واحلامهم وهم يستعيدون علاقاتهم السابقة وسهل عليهم ان يوحدوا اكثر من نقط مشتركة بينهم تجعلهم يقبلون بالسير جنبا لجانب بعضهم على كل الاختلافات التي بينهم ..هم الى حد بعيد يقفون على ارض صلبة ويعرفون جيدا ما عساهم يراهنون عليه ويلعبونه بذكاء وحرفية وغير مقبول بدى لي ان اسمح لهم باخدي في طريق مغمض العينين ...

على الرغم من تبدل افكارنا واهتماماتنا واتساع حقولها لم نعتقد ولم اعتقد انه من المناسب ان نتوجه سياسيا لنمارس السياسية في مثل هذا العمر وفي مثل احوال البلد ..كنا نعي ان السياسية متوغلة في كل حركاتنا وحتى سكوننا لكن ان نمارسها بكامل الوعي والانتظام بعد مبكرة علينا ..لعلي كنت الاكثر حرصا في المجموعة على ان نحافظ على استقلاليتنا وان نكون متنبهين من اية محاولة لاحتواءنا في فعل او حركة اكبر منا ...

كنت منفتح الذهن على اية قراءات او نقاشات فكرية او اجتماعية او نفسية لكنني لم اكن استسيغ ان احشر في قضايا كلنا نعرف انه سهل المزايدة فيها عبر الكلام ومجرد الحديث بينما الخطو فيها فعليا الكثير منا لا يقوى على فعله لانه اساسا سيجد نفسه كمن يمارس العبث او يحلم وهو مستيقظ ...هذا ناهيك عن الاصطدام المباشر مع قوى تقليديا ستجهز عليك ان لم تحتويك ...

كان العديد من الطلبة الجامعيين وحتى الغير النشيطين منهم يلقون بخطاباتهم عن الوعي المجتمعي والوعي السياسي بالواقع الراهن وضرورة اشراك الجميع في مسيرات التحرر والتقدم والنماء  ويتحمسون وهم يلكون العبارات بين اشداقهم وتراهم يتقمسون ادوار البطولات ورجالاتها .. وهؤلاء انفسهم هم اول من يقل حافلات العودة للديار عند بدا اي تحرك سياسي او نضالي بساحات الجامعة ..وهم اول من يعود للخلف ويتحججوا بعشرات الحجج الواهية كي لا يترشحوا لمهام جمعوية او ليساهموا عمليا او ماديا في التحضير لنشاط ...

نحن كنا قلة لا نكاد نتجاوز  الخمسة عشرة فرد ناخد صفين في قاعة متوسطة الحجم كقاعة العروض والاجتماعات التابعة لمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالعرائش ..ونحرص على ان ننسق فيما بيننا في شان الحضور والمشاركة في المتابعة والنقاش في نشاط لشبيبة حزبية او عرض من تنظيم جمعية كنادي الموظفين الذي كان يخرج قليلا عن نسق الانشطة الثقافية النمطية لاستضافة شخصية او اسم وازن او  جمعية جهوية نشطة ومتميزة  ...الباقية ان كانت من باقية لا تتابع ولا تلتزم ومنغمسة في برامجها الشخصية كتحصيل الدراسة او الوظيف والعمل او الجلوس بالمقاهي وتصفح الجرائد مجانا ...

المدينة كل المدينة ما تكونه غير شلل وجماعات متحلقة حول بعضها البعض هؤلاء شلة الاستقلاليين وتلك شلة الاتحاديين والاخرى لحزب التقدم والاشتراكية والاخرى للاسلاميين الاصولين والاخرى لسماسرة الانتخابات ونحن بدورنا اضحينا نشكل شلة رفاق  ..ولعلنا كنا الشلة الوحيدة التي لا تمانع حضور اي نشاط سياسي او حزبي يقام بالمدينة والتي لا تتعامل بحساسية سياسية او بنظرة حزبية ضيقة ..

ان تعبر شوارع المدينة الرئيسية في آخر المساء فلا ريب من ان تصادف جماعات تتجول مع بعضها بعد مغادرتها مكان اجتماعها بالمقاهي او بمقرات حزبية وتستطيع بسهولة ان تميز انتمائها السياسي وقد يحصل ان تجد بينها وجوها جديدة كما شان نقابي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل او الاتحاد العام للشغاليين او الاتحاد المغربي للشغل الذين كان من اشد الحرصين على ان لا يخرجوا للشوارع العامة الا للظهور مع وجوه جديدة من الملتحقين بنقاباتهم كاستعراض لربما للقوة ولمقدرتهم على الاستقطاب بينما الحزبين منهم فملتحفون على بعضهم البعض وحتى الشباب منهم نادرا ما يتواجدوا ولوقت طويل مع الكبار منهم وكان جديد الشلل شلة حزب الحركة الشعبية ونقابة اتحاد النقابات الشعبية المنفردة في نموذج الوجوه المتحلقة حول الاستاذ بديع العمري والفويلي محمد ..بينما كانت شلة صغيرة ترى في بعض ايام الاحاد والعطل والاعياد الرسمية صحبة السيد جروم من الحزب الوطني الديمقراطي وشلة غير قارة حول السيد البو من الحزب الدستوري ...

كانت اكبر شلل تجتمع بنادي الموظفين وهي في اغلبها لاساتذة التعليم الاعدادي و الثانوي مع عدد قليل نسبيا من معلمي السلك الابتدائي وكل همها ان تجتمع للعب الورق او الشطرنج او الداما بالقاعة او تصفح وقراءة الصحف اليومية والثرثرة كانوا يابون حتى الانظمام إلى حضور نشاط يقام بنفس القاعة بنفس النادي من انايتهم وزيفهم وخواءهم على ان المفترض فيهم انهم يكونون جيل المتنورين والطليعة في المجتمع واكثر الناس المفترض فيهم التصاقا بالقراءة والكتابة والتوصيل المعرفي .. بينما يتجمع معلموا السلك الابتدائي بصالون مقهى ليكسوس وبتراس مقهى الكتبية وهم يتقاسمون جريدة لربما حصل عليها احدهم من موظف ...

قد يكون لقدامى رجال التعليم وشيوخهم عذرهم فليس سهل قضاء زهاء الاربعين سنة تنتقل بين فصول الدراسة وتدريس التلامذة لكنه بالنسبة لجيل الشباب منهم والملتحقون الجدد بمهن التدريس فامر عزوفهم عن الفعل الثقافي وعن العمل الجمعوي غير مفهوم ولا شيء يفسره اذا كان اغلبيتهم بانتماء حزبي سياسي ونقابي وان البادي منه انهم يحملونه كنوع من الاصطفاف مابين اليمين واليسار والوسط وكنوع من التموقع المظهري الشكلي الاجتماعي لكنهم غير فاعلون في اغلبيتهم ولا ملتزمين حتى حزبيا واقصى التزام لهم مساهمتهم بالحضور في اللقاءات والتظاهرات الجماهيرية الكبرى التي تنشطها القيادات المركزية الحزبية والنقابية ..ولعل حضورهم ذلك الاعلان الوحيد عن انتماءهم وانخراطهم السياسي الحزبي ..وتبقى شلل الاستاذة المحامون الاقرب في السلوك الى سلوك رجال التعليم مع ظهور لامع لبعض اسماءهم بانتماءتهم الحزبية لا يتعدى جلسات المقاهي ولا يتابع اي نشاط ثقافي عام ولا يساهم حتى بالنشر او التعليق الصحفي في منابر الحزب الإعلامية ...

اطباء القطاع الخاص بالمدينة نادرا ما يتواجدون في الشارع العام وجلساتهم خاصة بالنادي الاسباني او بفندق الرياض او بمطعم وحانة الاسطال حيث لا ضرر من احتساء بعض الكوس بعد وجبات طعام غنية ولذيذة  وصحبة رفقة مرموقة او مميزة بعيدا عن اية هموم سياسية او ثقافية او اجتماعية ...

وتبقى شلل موظفي بعض القطاعات التي الفت لها مكانا مخصوصا باحدى مقاهي وسط المدينة كمقهى العلمي بالنسبة لموظفي الشبيبة والرياضة ومقهى "بودعوة"بالنسبة لموظفي الجماعات المحلية وتراس مقهى الكتبية بالنسبة المقدمين والشيوخ واعوان السلطة ....

كل مقهى بالمدينة يعرف بجماعات وشلل موظفين ومهنيين او متعاطين وعاطلين ومقامرين ونوع من السماسرة وبنوع من الحزبين الذين يرتادوه وارتياده لهم ينقسم على الاقل لقسمين قسم اجتماعي شبه رسمي وقسم اجتماعي خاص ويكون في الغالب بمقهى الحي او المنطقة التي يسكنها او التي ازداد بها حيث يسهل عليه الاندماج والتصرف على حريته في اللعب والتعاطي للممنوعات وفي حالة ان كان يريد ان يتبضع حصته التموينية من المخدر فهناك سيقابل المزود له ...ولعل هذا النوع من المقاهي كان يشكل اكبر فرصة للاستقطاب  لانه اصلا يتم بلغة بسيطة وواقعية مباشرة وكل حسب امكانياته ونظرته الخاصة لهذا الواقع ولمدى تطابق مصلحته ونزوعه الاجتماعي مع ما يحيل عليه ويمثله الحزبي او النقابي ويحصل الاتفاق عليه ...احيانا كان التدخل لحل مشكلة إدارية او مجرد الوعد بذلك مدخلا مناسبا لجر الشخص اولا واسرته للحزب ...واحيانا التوسط لتدبر عمل موسمي او تسهيل اجراء اداري كتسجيل الابناء في المدرسة او دفتر الحالة المدنية او لاجراء فحص بالاشعة او للاستطباب بالمستشفى او تسريع معالجة ملف الحصول على جواز السفر او اخراج ملف من البحث المتعثر بمفوضية الشرطة ...كلها سبل لاستقطاب منخرطين وتابعين للحزب ...لم يكن هناك مجال لمناقشة افكار وروى الحزب او الاطلاع على تاريخه وثراته ولا اي نوع من النقاشات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للقضايا الراهنة ولمشاكل السكان والساكنة  المحلية ...ولا اي نوع من التوعية السياسية او التربية على المواطنة كانت تمارس وانما ببساطة نوع من السمسرة وربط قضاء المصالح وجلب المنافع بدين الولاء والتبعية للحزب او على الاصح للمسؤول المحلي للحزب بشكل شخصي حتى كان لكل مسؤول حزبي داخل نفس الفرع كثلته وجماعة تابعيه ومن يراهن باسمهم وعددهم على مواقع او مصالح او تزكيات معينة لصالحه الخاص ..  

الشبيبات الحزبية كانت اكثر انخراطا في عمليات الاستقطاب في الاوساط التلمذية وعلى مستوى الاحياء السكنية المتمركزة في محيط وسط المدينة واسلوبها ارقى من اي اسلوب اخر تمارسه كوادر الحزب فهم مستعدين لفتح اي نقاش او حوار  ومبادلة الافكار والروى وغير مستعجلين في كسب منخرطين لصالح الحزب ..اذ ياخذون كامل وقتهم في التعرف الى الاخر وربط الاتصال به وفتح قناة لاجراء اكثر من محادثة ونقاش رزين وهنا كانت شخصية الناشط السياسي ومدى تكوينه هي المحدد والموثر  غير ان الشبيبات الحزبية  كانت تبدوا انها تعاني مع اعضاء الحزب الذين لا يعتبرون الا بالنتائج وكثيرا ما يصطنعوا وضع العراقيل لتحويل اتجاه وانظار شبيباتهم لجعلها اكثر عملية ومنضبطة لتسلسل القرار الحزبي اي لا تتصرف من تلقاء نفسها ودون مراجعة مكتب الحزب ..

جو التلمذة ارحب لخوض غمار النقاش ومبادلة الافكار وفرص اللقاء منتظمة لحد كبير ومساحة المشترك بين الجماعات والاقران اوسع لتفسح المجال لسهولة المرور لتاسيس برامج خاصة على هامش الانشغال الاساسي بالدراسة والتعلم ..سهل تمرير كتاب او اوراق او دفاتر وكرسات كما مبادلة اشرطة سمعية او موسيقية غنائية .. سهل الترويج للافكار بالوسط التلمذي لكنه دون وجود ذلك الشغف وتلك المواهب وامكانات العمل عليها في مجموعات وفي إطار ما فهي لا تنتهي بكسب اعضاء جدد ينظمون وعن قناعة لعمل التنظيم الشبابي الحزبي وينشطون به ...

نحن كنا نعرف بعضنا البعض وننتطم لنوادي نشطة بدار الشباب وكنا نرحب بالمساهمة في احياء وحضور اي نشاط ثقافي او إشعاعي او رياضي تنشيطي بعيدا عن اية خلفيات سياسية او انتماءات حزبية وكان يجمعنا ذات التقدير والاحترام لكل الفاعلين والنشطين السياسين والجمعوين دونما حاجة ليمارس الاستقطاب من اي جانب للجانب الاخر على الاقل في شكله المفضوح والمباشر ...

لا اخالني كنت مستبدا مع مجموعتي الاقرب لاننا منذ البداية تعلمنا سوية ان نكون واضحين مع بعضنا البعض ومن البداية كنا نعرف مدى حاجتنا لنستفيد من تجارب وخبرات الاخرين لنكبر ولنتفادى الوقوع في الاخطاء التي لا لزوم اليها وحتى عندما تدخل موطروا الدار ليثيروا انتباهنا لاهداف مجموعات اخرى تفد الدار وتنشط بها كمحاولات منهم لاستقطاب اليافعين والشباب الغير ذي التجربة السياسية لمقراتهم ولاطاراتهم الحزبية وجدونا على علم مسبق ودراية بموضوع هؤلاء وغيرهم كما دون استعداد للانقياد وراء اية مجموعة منهم ...كان "سي محمد العربي اسحيسح "على انه محسوب على شبيبة حزب التقدم والاشتراكية واضحا معنا ويسمي لنا الاشياء باسماءها ومن قبله كان " عبد السلام السلطاني"على انه ساعتها كان ينشط بحزب الاستقلال وشبه متطوع بالعمل داخل مؤسسات الشبيبة والرياضة الا انه نبهنا مليا لكي لا نفقد استقلاليتنا هذا دون ان نقف مترددين عن استثمار اية فرص للتعرف والاكتشاف على تجارب الاخرين بما فيها المؤطرة سياسيا والتي تحمل اهدفا محددة تصب لصالح تنظيمات سياسية وحزبية .... لكن بوعي بانه باعمارنا تلك بعد نملك كامل الوقت لكي نفهم ونستوعب السياسية والاعيبها لذلك فعلينا ان لا نتسرع في الاختيار ولا نخوض التجارب الفاشلة والموثرة سلبا على تطورنا الفكري  والثقافي الطبيعي ...

في الوقت الذي انتظمت لقاءاتنا ونقاشتنا وصحبتنا مع كل من بدر الدين الساخي وعبد السلام الصروخ وتعرفنا الى مجموعاتهم وبالتتالي تعرفوا هم كذلك على مجموعاتنا الخاصة كان ودون سابق ترتيب اشبه بتنظيم علاقاتي خلوي ينشا ويرتسم كان كل واحد منا وحسب نوعية علاقاته وحميميتها وقربها ومدى الانسجام الحاصل بينها هو من ينسق بينهم وبين باقيتنا وهو من يربط الاتصال بيننا وبينها وكلما احس برغبة وطيدة ليتقرب واحد من مجموعته للمجموعة التي بتنا نشكلها كلنا مع بعضنا ناقشنا في ذلك وهكذا كان يتحدد لقاء المزيد من التعرف والتقرب من المجموعة "الاساس " ..

 مقر  الاتحاد المغربي للشغل اعطى شكلا من الرسمية على لقاءاتنا ولم يحدث ان كنا نواجه الكثير من التحفظ من مختلف اعضاء مجموعتنا للحضور والاجتماع به الينا ولكنه كان يلزمنا برامج نشاط متنوع وغني لكي لا نقع في الرتابة والملل والعزوف ..ربما كنا في حاجة لتاسيس إطار جمعوي او حتى ناد ولربما هذا ما طور النقاش لموضوع توليف إطار الشبيبة العاملة للعمل بشكل او باخر تحث يافطته وجعله اكثر إمكانية لاستعابنا بكل مشاريعنا وروانا  واختلاف وتنوع شغفنا ..ولربما ساهم هذا النقاش في التعرض حتى لامكان تصريف قناعاتنا وايماناتنا والعمل لجانب الاطارات العمالية وتنظيماتها مع النقابة حين انها فرصة سانحة للتقرب من هموم ومشاكل الطبقة العاملة والشغيلة ولممارسة الفعل التوعوي والتعبوي حول القضايا الاساسية والمصيرية ...

كلما توسع النقاش وامتد بيننا كان حجم السياسي بيننا يتبدى اكثر فاكثر ولم نكن كلنا على نفس الاستعداد لخوض غماره لانه لم نكن كلنا قد احتككنا بجو الجامعات وبساحاتها ولانه ببساطة كان يلزمنا ان نكون حذرين مادمنا محدودي التجربة وتعوزنا خبرة الممارسة ..لم يكن الخوف ما يحكم مواقفنا او يرهبنا كل ما هناك اننا نستشعر صعوبة الالتزام في طريق طويلة مع عدم تمام الوضوح والتقييم للمواقف ومن جانب آخر لوجود اختلاف في كم وحجم الضغوط الممارسة على كل فرد منا ...  

لا انكر الجانب العاطفي من علاقاتي لانه محدد اساسي في طبيعة العلاقات التي ارشحني لتكوينها وامضي على اساس انشاءها ولا اعدها مثالية مني او رومنسية معيبة ..كنت المس مني التوثر والقلق الزائد من تلك العلاقات التي تنشأ صدفة ولا تكون صافية ويكون كل شيء فيها مبالغ فيه بالكثير من الصيغ والطرق ..كنت غير قادر على ان اعطي باريحية في علاقة محدودة التطور او جامدة على ضرب من الحسابات ما ان تنتهي سينتهي معها وجود علاقتنا وكان ياخد مني الكثير نفسيا انهاء علاقة على نحو كارثي بكل ما المفروض فيه ان تحمله داخلي من مشاعر الكره والحقد والرغبة في رد الاعتبار او الانتقام ...كنت ادرك انه قد يسوء فهمي في مواقف مختلفة وقد يترتب عن ذلك فتور في العلاقة وجزر لكنني ما كنت ابالي ابقى دوما بامل كبير في غد سيعيد المياه الى مجاريها وسافهم بقدر صحيح او سيلتمس لي العذر والتبرير المناسب وسنستعيد الود والاحترام بيننا ..حتى عندما اقرر اتخاد موقف مقاطعة من احد او الابتعاد عنه ما امكنني اكون داخل قرارة نفسي التمس له كافة اعذاره ولحد بعيد صافي السريرة نحوه كانسان وككائن اجتماعي وكل ما هناك انه منطقي في العلاقات الاجتماعية يحثم علي ان اتنحى عن دربه وان لا ارافقه وان لا اضعه جانبا على هامش علاقاتي كما يفعل الخائفين على خسارة شخص قد يحتاجونه في يوم من الايام ...

مع "فخر الدين"الكاتب المحلي لفرع نقابة الاتحاد المغربي للشغل بقيت على تمام حرصي في وقاره واحترامه وفي غاية الإمتنان لانه فتح لي طريقا لاستوعب اشياء كثيرة وجد مهمة وعملية في حياتنا ولانه لم يكن متكلفا معي وحاول جاهدا توخي ان يكون صادقا معي لاقصى حد ممكن ولانه قبل بان يمدني بخبرات ومهارات في التعامل تنقصني وتعوزني واقدر له انه صادقني على حداثة سني وفارق العمر والتجربة بيننا ..لعلي من قبل معرفة "بدر الدين الساخي"كنت اقايس الامور بمنطق اكثر عاطفية وبحدة انفعالية الامر الذي كان يعرضني للهزات العاطفية ويوثر على قرارتي واحكامي لكنني بالتعرف عليه اصبحت اعقلن عواطفي واقرأ فيها وعلى هذا النحو تعلمت ان احترم اكثر الشخص الجدير بالاحترام وان اكن المشاعر النبلية لمن يستحقها ...

"فخر الدين "سلمني مفاتيح المقر ومكنني من غرفة مكتب كما لم يمانع في استعمالي للالة الكاتبة خاصته ..ولم يتدخل او يتطفل على جلاستنا وحتى الخاصة منها ولا على سلوكنا الشخصي ...وانا من عودته على افادته بما يحصل في غيابه بالمقر وقصدت من وراء ذلك ان ابني معه علاقة ملتزمة تظل فيها المواقع مميزة والحدود مرسومة جيدا بيننا  وغير مبنية على المكر والخديعة ...ولما تطور نشاطنا بالمقر وتكاثقت لقاءتتا واجتماعاتنا كنت واضحا مع الجميع لانه كان لزاما علي وعلينا ان لا ننسى ان للمقر الذي يحتضن انشطتنا الداخلية حتى الان مسؤول عنه في الواجهة وهو من يتدبر بمجهوده الشخصي والاجتماعي نفقات كراءه وفاتورة الماء والكهرباء الخاصة به وبصفته السياسية النقابية يضمن لنا لحدود معينة حرمة المكان وحرية اجتماعاتنا ومماراستنا ..في بداية عرضي الامر لم يتقبلها تماما "عبد السلام الصروخ"او لعله كان يريد تفعيل المزيد من النقاش حولها والتقرير فيها للخروج بخطة عملية نحوها وبخصوص شانها .."بدر الدين الساخي"كان مع اي قرار تنظمي او اشراكي او نحو ذلك ياخد بعين الاعتبار مكتب الفرع ومنظمته الشبيبة ويساهم لجانبها في تحقيق ولو جزء بسيط من اهدافها الكبيرة ..."عبد السلام الصروخ"سرعان ما تحول لاكبر متحمس للتعاطي والتعاون مع مكتب الفرع ومنظمته وطلب مني ان افاتح كاتب الفرع في ذلك من قبل حتى ان نخرج جميعا بقرار واضح وحاسم في الموضوع ..  

لعبد السلام الصروخ براعاته في كسب العلاقات وتفعيلها فهو مكايس ومراعي وبسيط في خطاباته ومنطلق في التعبير عن افكاره مما يشجع الطرف الآخر اكثر على التعاطي معه ...مر بسرعة مع فخر الدين من طرق الموضوعات العامة إلى مناقشة اوضاع المكتب المحلي للنقابة وعرض على نحو عملي مساعدة الكاتب المحلي على تنظيم عمل الفرع وعلاقاتها بالمكاتب القطاعية النقابية وفي وقت قصير تشجع فخر الدين الكاتب المحلي لفرع نقابة الاتحاد المغربي للشغل الى عقد اجتماع عام تجديدي للمكتب والى بداية الاعداد لعقد مؤتمر اقليمي تاسيسي  للفرع  دون خوف من ان تاول عملية الانتخابات الداخلية لغير صالحه ...

الشيء الجميل الذي كنا نفتخر باننا نحوز عليه ويميزينا هو قدوتنا على تبسيط الموضوعات والاجراءات وقدرتنا على عدم تعقيد الامور ولا وضع العربة امام الحصان ..كان كل شيء يبدوا لنا ممكننا وسهل انجازه وانجاحه بالقليل من التدبير وبالاعتماد على امكانياتنا ومواردنا الذاتية والسيطرة على موضوع الانفاق الغير الضروري والمكلف وهو ما لعلنا اكتسبناه من تجربتنا مع نوادي دار الشباب وفرقها المسرحية التي تعودت على إقامة عروض وانشطة انطلاقا من صفر امكانات مادية متوفرة ولتتمكن في الاخير من تحصيل فائض في ما اتيح من امكانات وما تم توفيره بالجهد الجماعي وبالاعتماد على دوائر علاقاتنا الخاصة والقريبة والرفاقية ...كان يكفي فقط ان نرتب الخطوات الاولى ..البداية وبعد ذلك كل شيء يسهل ادراكه وتوفيره مع اصرارنا على المضي فيه الى الاخر ...

بدر الدين الساخي كان شعلة من النشاط لا تنطفأ وفي الوقت الذي قد يداهمنا العياء والتعب والملل جميعنا يضل هو مصرا على ان لا يتوقف وان لا يياس منا ومن قدرته على استنهاض عزيمتنا ...فخر الدين بعدما تقرب من مجموعتنا الاساس تغيرت كل افكاره وخلفياته عنا وبدى مستعدا لان يراجع مساره المتدبدب في تسير الفرع والعمل بمعيتنا على تنشيط المكاتب والشبيبة العاملة كما ابدى استعداده لتوفير الدعم المادي بعدما كان يستصعب القيام بآية خطوة ويجتج بالكثير من الحجج والاشتشكالات وهو الذي اخد يلاحظ التحول النوعي الذي عرفه المقر الذي اخد يعج بالحضور الفاعل والمستعد للانخراط والعطاء والدفع في اية خطوة إيجابية يرتيها جمعنا ..

نظم عبد السلام الصروخ مع فخر الدين الكاتب المحلي اجتماعات المكاتب القطاعية  وجموعها وداب على توثيق اجتماعاتها ومقرراتها وتنظيم ملفات مكاتبها وعملنا جميعا على الانخراط في فتح نقاشات مع العمال ودعوتهم للحضور  وتشجيعهم على الانتظام في حلقات نقاش وتدارس القضايا القطاعية والعامة التي تخص كل القوى العاملة والشغيلة بالاقليم ...وهكذا بدا الاعداد لاجتماعات تاطيرية يستدعى اليها اعضاء في الغرف المهنية الجامعية والجهوية وفاعلون حقوقيون للرفع من وعي مسؤولي المكاتب والعمال المنخرطين معهم ...

بدا كل شيء يتقدم ايجابا ويبشر بالنجاح وكلنا بات اكثر التزما بالحضور والمتابعة والمشاركة والجو الديناميكي الذي خلقناه كان وحده الاكثر تشجيعا  لاي وافد جديد على التفكير في  تكرار زيارته بل والانخراط في المتابعة والعمل لجانبنا ...

تكسرت حلقة الوصل التي كانت تربطني بين كتابة الفرع والشبيبة العاملة وبين مجموعتنا الاساس دون ان استشعر اي ضعف في موقفي بل بالعكس كان الامر بمثابة نجاح لمساعي في تنشيط الفرع الذي اصبح الان إقليميا وعلى راسه فخر الدين الذي استطاع ان ينال اصوات الموتمرين الاقليمين بالنسبة لي وبالنسبة لعلاقاتي مع فخر الدين فلقد كانت ممتازة وحققت الكثير من اهدافها العملية وبالنسبة لعلاقاتي مع رفاقي فهي بالتاكيد إيجابية ومثمرة ولا مجال للوقوف عند فضل احد على احد لانه جميعنا نخلص في النهاية إلى انه لولا الرغبة التي كانت تاججنا جميعنا وشغفنا بان نحقق اشياء على ارض الواقع تجمعنا وتقربنا اكثر ويكون بامكاننا ان نتشاركها ونجمع اخرين حولها لما نجحت مساعي اي واحد منا بمفرده ...    

            

  

الخميس، 11 فبراير 2021

يوميات: عوالمي السرية..(37) بعيدا عن حنان"هذه..."16 تابع :"24-1"


 

يوميات: عوالمي السرية..(37) بعيدا عن حنان"هذه ..."16 تابع :"24-1"


 كان مقرر ان تنتهي ولاية المجالس الجماعية ومجلس النواب المنتخب سنة 1983 ،سنة 1989 لكنها اجلت لغاية سنة 1992 اعتبارا لظرفية الاستفتاء على الصحراء المغربية الامر الذي أربك حسابات العديدين  وانتهزه آخرون لتقوية فرصهم وحظوظهم في التقدم للانتخابات ومحليا خلق وجود السي محمد العمري بديع خلف فرع نقابة اتحاد النقابات الشعبية المفارقة في مرحلة لم يكن يعلى صوت على صوة نقابتا الاتحاد العام للشغاليين والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد المغربي للشغل..وفي وقت عصيب من صراع المعارضة مع النظام ومن اشتغال ماكنة الشحن الايديولوحي على أوسع نطاق مع تركيز على الفئات الكادحة والطلبة والشباب العاطل عن العمل ..وفي وقت كانت صحافة المعارضة هي الاكثر مقروئية ومبيعا ..

السي بديع كان ذكيا جدا وكان يتمتع بشعبية واسعة وبشخصية مختلفة عن الوجوه السياسية بالمدينة على انه كان مناضلا سابقا بالحزب الوطني للقوات الشعبية ومن الذين انظموا لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ خروجه وانفصاله عن الحزب الوطني وتاسيسه سنة 1975 وكان من بين  الذين اعتقلوا في ربيع 1973  من النقابة الوطنية للتعليم كدش ورحلوا الى سجن طنجة..  ومن رجال التعليم الذين عانوا تابعات المشاركة في ذلك التصعيد النقابي والسياسي ..السي محمد بديع يترك للاخرين التحدث عن تلك المرحلة وعن تاريخه هو يتصرف ببساطة ولا مبالات حول حجم الاستفسارات التي تلف خروجه من صفوف اليسار الوسط الى صفوف احزاب اليمين ويترك لخصومه السياسين ترويج الاشاعات عنه بينما هو يتصرف بنفس قناعاته ويترجمها على ارض الواقع ..

السي محمد بديع العمري استبشر خيرا بتاجيل الانتخابات للسير قدما في تعزيز صفوف قواعد حزب الحركة الشعبية عبر كسب قواعد عمالية وشغالة تنظم لنقابة الحزب نقابة اتحاد النقابات الشعبية التي كان يتولى كتابتها المحلية السي محمد الفويلي النقابي السابق بفرع الاتحاد المغربي للشغل واستطاع في نفس السنة التي وقع فيها التاجيل من ضم مكاتب نقابية قطاعية هامة كمكتب عمال ومستخدمي الجماعات المحلية ومكتب عمال شركة افيم ومكتب مستخدمي البريد والاتصالات وغيرها من عمال شركات فلاحية كانت لوقت قريب منظوية تحث لواء الاتحاد المغربي للشغل ..

السي محمد بديع على احساسه بثقل التكلفة المادية للتاجيل الى انه كان متفاءلا ومتمعنا في ايجاد الظروف للتغلب عليها في الوقت الذي بدى فيه الساسة المحليون خصوصا الاستقلاليون كالمدبوحين ومتذمرين جدا من عامل التاجيل الذي كان لا يصب في مصلحتهم ويفاقم سوء الأوضاع محليا خصوصا امام اتساع رقعة المساءلة والدعوة لمحاسبة المجلس البلدي المحلي المدار من طرف حزب الاستقلال في عز سياسية تريف المدينة وتشويهها بالاكشاك التي ملأت كل فضاءاتها واركانها وفي عز اقفال وترحيل المعامل والشركات من تراب الجماعة الى مناطق اخرى ومع مردودية جد ضعيفة لعمل وتدخل المجلس البلدي الاستقلالي بالمدينة ..

السي محمد بديع كان قد اشتغل جيدا على جزء كبير من دوائر المدينة القديمة الا دائرة القصبة الإستقلالية بامتياز كما سعى الى كسب دوائر باحياء هامشية بكل من الحي الجديد والباركي وجنان بيضاوة وجنان الباشا  التي استطاع كسب جموع الناخبين بها لارتباطهم واشتغالهم بفضاءات المعامل والشركات التي كان قد استقطب مكاتبها النقابية  كما كسب عدد من المتعاطفين مع شخصه ومع تجربته من الناقمين على اداء  المجلس البلدي الحالي وعلى تردي اوضاع المدينة على كافة المستويات على الرغم من تحولها إلى عاصمة إقليم العرائش ..

السي محمد بديع كان محاطا بشخصيات شعبية من الهامش وبمهنين وحرفين من قاع المدينة ولم تكن متحلقة حوله تلك النخبة الغير المنسجمة اجتماعيا والتي لا تحضى بالقبول الاجتماعي العام كما كان الحاصل مع فرع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية محليا  الذي كان يواجه مشاكل داخلية ومهدد بالانفجار ..

سي محمد العمري بديع كان في قلب المعادلة السياسية الانتخابية المحلية ويقف الى الجانب الاخر اصدقاء الامس من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و من كانوا ينادون بضرورة تصحيح المسار وإعادة الاعتبار للمدينة من فرع حزب الاستقلال ويقولون بضرورة مساءلة ومحاسبة كل المسؤولين عن تردي وضع المدينة ..

ما يتناقله الشارع العام المحلي ليس بالضرورة ما تجود به الصحافة الوطنية او الجهوية ..وما تعقله ذاكرة الاشخاص ليس ما تدبج به المطبوعات المناسباتية وما يعلن عنه تاريخا مكتوبا رسميا او شبه رسمي ليس غير تاريخ يقول بعضا من الحقيقة وليس كل الحقيقة ولا الحقيقة كما يدركها من عايشها ...وفي مجتمع محلي كمجتمعنا العرائشي يولي عدد من الناس لتناقل الاخبار الزائفة وتصديقها عبر مر الايام ربما خوفا من تابعات ترسم الحقيقة والحقائق كما هي على الاجيال التي لم  تعشها ولم تعرفها وانما فصل لها ذاكرة تناسب اوضاعها وتخدم مصالحها ...

سهل تلويث ذاكرة وسمعة اشخاص معينين تواروا عن الانظار او خرجوا لسبب او لاخر من الظهور في المشهد السياسي الاجتماعي العام للمدينة ..لعلها اللعبة التي تمارس بكل اتقان وتفنن في كل مناسبة إنتخابية وفي كل حملة سياسية ومن الجميع تقريبا ...ولعل اللعبة هذه اضحت مقابل للممارسة السياسية ولعمليات الاستقطاب اذ لا بد من ان ابخس قدر الخصم واشوه ذاكرته واغيب مناقبه لاقدمني البديل الاقوم والافضل له او ببساطة لاجمل صورتي على حسابه الخاص ...

انا لعلي كنت مثل الاستاذ بديع غير ميال للتحدث طويلا في الماضي ..ماضيه السياسي والاجتماعي ..كنت مكتف بان اعرفه بعد قادر على ان يقود ويسوس ويوجه اللعبة وبغير الكثير من الكلام وانما بالعمل والفعل الناجع  ولطالما لا حظته وراقبته من بعيد وقريب وراقني ان اتعامل معه دونا عن باقي ساسة المدينة ...ولما اخدت الخطوة العملية للتقرب منه بالتاكيد لم يكن للحزب الذي يمثله ويتزعمه محليا واقليميا  اية علاقة به ..  ولا كنت من  من   يبحث عن اي غطاء سياسي او من من يراوده اي طموح سياسي على انه لم يكن واردا في حساباتي ان ابحث عن فرص بناء مستقبلي ها هنا ببلدنا..بقدر ما كنت في حاجة لان اخوض التجربة وان اتعرف عن قرب كيف تدار اللعبة السياسية وكيف يتم تسير مجلس مدينة كمدينتنا ولاعرف اكثر كيف تمارس السياسة ببلدنا ...

مع جماعة الرفاق  كنت قد اخدت ما يكفيني من معرفة وتجربة ولم اكن على استعداد لانخرط مع الجادين منهم في اي مشروع تنظيمي في جو داخلي كان يتسم بالصراع وبالتجادب ولا كنت مهتما بان اكون شاهدا على ما ستاول اليه اوضاعهم السياسية حين بدى لي واضحا ان كل واحد او كل رفيقين بطموح وتصميم مختلف وان رفاقية اليسار تعرف الكثير من النقط الغير المتوافقين حولها وانا ببساطة لم اكن ارتب حياتي على ان اعيش بهذا البلد لافكر في المضي مع تيار دون الاخر او لاعمل على الالتزام التنظيمي مع اي فريق منهم ..كان يكفيني من تعرفت عليهم وعشت الى جانبهم وتشبعت ببعض افكارهم وامنت ببعض قيمهم ...بيني وبين نفسي كنت ارتب حياتي على منوال اخر وعلى نحو اجدني فيه بعيدا عنهم وعن كل الفضاءات التي كانت تجمعنا ...

لعلي لا اريد ان اتذكر كيف حدتث اولى بوادر الاصطدام او الخلاف العلني مع من ثم استقطابهم للمقر وليس لاي جهة او تيار  لكنني لا انسى كيف بدات اتحسس من جو النقابة ومن الوجوه التي كانت تاتي صحبة من قبلوا بإعادة النشاط السياسي والثقافي داخل مقر الاتحاد المغربي للشغل بالعرائش كانوا يخفون اكثر مما يفصحون واغلب النقاشات كانت تدار في حلقات منعزلة وتكمل بخارج المقر وكنا نحن مهمشون فيها  وينظر الينا بفوقية وللاسف كان هناك من داخل جماعتنا من انساق مع الوافدين الجدد واخد يهمشنا بدوره فجاة احسسنا كلنا انهم ليسوا كمن يسحبوا البساط من تحث اقدامنا وانما يبخسون كل ادوار قمنا بها على حداثة سننا في الاكثر من توفير مقر وجو مناسب لإعادة التجميع هذه الى اننا نحن كلنا كنا شركاء واعون بضرورة اخد خطوة كهذه للم شمل كل الرفاق الذين اخذتهم اجواء البيوتات الخاصة وسهرات الشرب والنقاش الى صباح بعده لا شيء يتغير على ارض الواقع او يفعل من كل ما قرروا فيه او تداولوا في شانه ...لقد كانوا قادرين على ان يتفوهوا بالكلمات الكبيرة ويرسموا الاحلام البراقة لكنه عمليا غير قادرين على انجاز خطوات بسيطة وملتزمة على عكس ما كنا نفعله نحن في مجموعتنا الاصلية الاصغر الذين ما ان تلوح لنا صوابية الفكرة حتى نبدا في إنجاز تصور عملي لتحقيقها وتوفير الإمكانات المادية المناسبة لها والتي يمكن ان نتحوز عليها ...كنا نطرق ابواب بيوت المسؤولين في الليل ونبحث عن من يمدنا بالعون ونحشد دعم كل من نعرفه من من سبق فقط ان جمعتنا معه فرصة لقاء واحد عابر والمهم هو ان ننجح في تحقيق ما وضعناه نصب عيننا على انه الهدف ..لم نكن مدمني حديث ونقاشات محثدة  او عالية الايقاع كما لم نكن نحمل وهم النضال لاننا كنا منخرطين فيه باشكال مختلفة وعملية وبسيطة واكثر مردودية وكثيرا ما لم نتفق تماما في غائية خطوة ما لكننا كنا ندعم بعضنا لانجاح القيام بها مع احتفاظ المتحفظ منا على موقفه الذي بينه ..لم نكن نترك للخلافات الفكرية او النظرية ان تعيق تقدمنا وحقنا في التجريب والمحاولة والانطلاق..كنا مؤمنين بجدوى الممارسة والتجريب وترجمة الافكار الى ابداعات وخطوات واقعية على احتمال اننا قد نصيب او نخطا لكننا لن نعدم إمكانية إعادة المحاولة بعض تقييمها ومراجعتها وتصحيحها ..  

ونحن نشتغل مع رواد نادي الافاق تحث تأطير مسؤولي دار الشباب او بعدها باشرافنا الخاص بمقر الاتحاد المغربي للشغل لم يكن وارد عندنا ان نمارس السياسية او الاستقطاب والتعبئة لصالح افكار معينة بقدر ما حاولنا ان نمارس التربية باساليب حداثية وممارسة التنشئة الاجتماعية وفق تصورات منسجمة مع رؤيتنا للقيم والمبادئ الإنسانية والكونية كنا نشعر باننا مختلفين وقادرين على ان نصنع الفرق وان نبدع فيه لم تكن لنا اوهام وان كانت لنا احلام كبيرة وجميلة ومنها ما يبدوا بعيدا جدا عن الامساك او النوال .. وكنا مع بعضنا نكمل بعضنا البعض ونساند بعضنا البعض وتواجدنا برفقة بعضنا يعزز ثقتنا بانفسنا وبقدرتنا وارادتنا على العطاء والبدل والتضحية وكذلك على التفاعل الإيجابي والسليم ...كنا واضحين مع بعضنا البعض لاقصى درجة ممكنة لم نكن نخطط سرا دونا عن ما نجهر به او نقدر على ان نجهر به علنا ..كنا مجمعين على ان لا نخوض في اية مغامرة تكلفنا مستقبلنا وتضيعنا حياتنا و تهدد اوضاع أسرنا ...وبيننا نحن الثلاثة اساسا ينضاف الينا اقرب اصدقائنا واصحابنا لم نكن مع فكرة الانضمام الى اية جهة حزبية او سياسية على الاقل الى ان نبلغ سن إمكان الانضمام الرسمي الى مؤسسة الحزب  اي السن القانوني وهو نفسه الذي يمكننا من تاسيس جمعية على نحو   قانوني كما لم نكن مع افكار التكوين والتنشئة داخل تنظيمات حزبية كشفية او تربوية تاطيرية ولا العمل مع شبيبات حزبية خارج إمكان القرار معهم اعتبارا لحداثة السن ..كما اننا كنا متمهلين جدا في مسالة الاختيار الفكري والعقائدي السياسي حتى ونحن ندين بالكثير لافكار وايديولوحية اليسار الماركسي -اللينني ...كما اننا بعد في حاجة للمزيد من الوقت لتتضح لنا رؤيتنا الخاصة لمستقبلنا الشخصي كل واحد منا وباوضاعه الاسرية والعائلية على حدى ..تلامذة وتحث وصاية والدينا واهلينا ليس بامكانهم الكثير من الضمانات انهم سيجتازون مرحلة اخر المراهقة لمرحلة الشباب بكل امان دون ان يعوقوا او يعرفوا كبوات ان لم يكن فشلا دريعا...كنا ثلاثثنا نحتكم لمنطق العقل او نحاول ذلك بمثل ما نحاول ان نستوعب المرحلة النفسية والفكرية التي نمر بها وفوق كل هذا ان نعي واقعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتاريخي ..ربما كنا نقول الاشياء بطريقة مختلفة وعاطفية فيما بيننا ومع اصحابنا ورفاقنا لكننا كنا نصدق في التعبير عنها ونتفق على صوابيتها ...لم نكن نريد ان نحرق المرحلة وان كنا نسابقها  ونستشعر قيمة الوقت وسرعة التغير ويحدونا الامل في ان نكون في تمام الموعد وعلى تمام الجاهزية مع الغد الذي يضمن لنا قدرا من الإستقلالية والكثير من التحرر من كل اشكال التحكم والتسلط  والتخلف ...بيننا نحن الثلاثة انا و"الشريف "و"الگراب" لم يكن هناك خلاف البثة على ان كل واحد منا حر في اختياراته وقناعاته وتوجهاته وميولاته وكذلك كنا مع جماعاتنا ومع رفاقنا ..لم نكن نخاف على ارتباطاتنا العاطفية ان يمسسها التحول حتى ولو اختلفت دروب بعضنا عن البعض ..كانت بيننا عشرة سنوات والفة وعاطفة صادقة وترابط بين عوائلنا واسرنا قوي وعندما اتخدت القرار النهائي بتوديع النشاط بمقر الاتحاد المغربي للشغل وانهاء اشرافي على نادي الافاق الذي كان قد فقد ركن هاما منه مع تنحي رفيق بلقرشي عن مهمته التاطيرية به لصالح انكبابه الخاص مع حزب الاستقلال ومنظماته ...لم افكر كثيرا فيما عساه سيقولوه عني  شركائي لانهم يعرفونني جيدا ولا حتى كيف سينظر اليه رفاقنا المقربون لاننا وجميعنا ومن البداية كنا واضحين مع بعضنا البعض واي التزام كان بيننا ذاته لازال قائما وهو التزام رفاق مع رفاق وليس مع اي تنظيم او إطار معين اخر ...

انا بعد كان يلزمني ان اخوض رحالات جديدة واسفار اخرى لافهم واستوعب الكثير من الافكار والمعاني وكان يلزمني في هذه المرحلة ان اتعرف على ما يكونه او يكونه اليمين على افتراض انني اخذت كفايتي في بعض التعرف والتقرب مما يكونه ويكونه اليسار في عدد من تشكيلاته وتلوناته ..حين ان تجربة التقرب من حزب الاستقلال خصوصا في آخر مرحلة لها من نشاطي لجانب الشبيبة المدرسية ابانت لي بجلاء حقيقة العلاقات والتكثلاث داخل صفوف اعضاء ومناضلي الحزب وصعوبة شق الطريق بينهم على انهم مسايسون اكثر وليسوا من من يمكنوني من المعرفة والتجربة ويفتحون لي الابواب بيسر او بسهولة وفي اقصر الاماد ...

كنت في حاجة لان افك شفرة مفردات عديدة بعد مغلقة معانيها عن ذهني ولا استطيع ان احكم تصورها الفعلي بعيدا عن تعاريفها المدرسية والنظرية المجردة والمبسطة ..اليمين كان يعني ببساطة السلطة ..الاقتراب من السلطة والحكم والنفاد الى دواليب النظام واليات إشتغاله وانا كان يعورني كثيرا اختبار هذه المعاني وعقلها ... 

في ابريل 1989توصلت بقرار فصلي نهائيا من الثانوية  والتمدرس وهو ما اردته لذلك لم اكن في حاجة لاحتج عليه وفي شهر يونيو كنت لجانب مكتب الشبيبة الشعبية التابعة للفرع المحلي لحزب الحركة الشعبية بالعرائش وفي نهاية شهر غشت من نفس السنة كنت احمل اعتمادا رسميا كمراسل اقليمي لجريدة الحركة الشعبية اليومية لسان حرب الحركة الشعبية ..

ومنذ ان تركت مقر الاتحاد المغربي للشغل بالمدينة في شهر دجنبر من سنة 1988 لم يعرف نشاط بعدها لنادي الافاق ولا راودنا الحلم في استعادته ...كان نادي الافاق قد انتهى رسميا ودون ان تتحول زمر فيه متجانسة للعمل في إطار جمعوي او سياسي اخر الا كافراد احرار في اختيارتهم..لم يتم تشكله او تشكيله من جديد او نسخ تجربته في اي عمل اخر وان حاول "بلعزيز خالد "ان يجمع عددا من سابق رواد النادي حوله فيما بعد في تجربة نادي النوارس المسرحية ومع عبد السلام الصروخ في نادي وجمعية النوارس على شاكلة ما كنا نشتغل عليه من معامل للاشغال اليدوية ومراسم للفن وتربية على التخييم وتربية موسيقية ومسرحية بالإضافة إلى استدخال التربية الجنسية الحديثة في اساليب التنشئة والتربية الاجتماعية ... 


الجمعة، 5 فبراير 2021

يوميات: عوالمي السرية..(36) بعيدا عن حنان "هذه..."15 تابع :"23-1"


 في مرحلة مبكرة من حياتي تعرفت على اول حزب ..كانت ايام الانتخابات الجماعية لسنة 1983 وكان حزب التجمع الوطني الاحرار قد اتصل بوالدي طالبا منه ملئ دائرة إنتخابية ووالدي لم يكن له اي نشاط سياسي او حزبي ولا حتى اجتماعي لكنه رضخ امام اصرارهم على تقديمهم لهم باسم الحزب في دائرة سكناه الاصلية على ان يتكفلوا هم بكل امور ومصاريف الدعاية الانتخابية  ..كنت اصاحب والدي للمقر وابقى معه لساعات متأخرة  ..لم اكن لاستوعب تماما معنى الحزب ولا الغرض من وجوده لكنني كنت مستثارا بفكرة ان اعرف وان اكون فكرة واضحة عن الحزب وعن ماهية النشاط به وبدات اسال كل من اقابله ولي معه سابق معرفة ومجال للحديث والنقاش ..وفي سنة 1984 لم امانع في مصاحبة "يوسف ملوك "وحسن العدلي "وعزيز قريدش "لمقر حزب الاتحاد الدستوري ولاحضر اجتماعا تنظيميا لبرامج الحملة الانتخابية النيابية كان من تأطير كاتب الفرع ومرشح الحزب للانتخابات السيد ",محمد البو "وكان يسنده موظف للشبيبة والرياضة يعمل لمصلحة الشباب والرياضة كمدرب لكرة السلة وهناك كان اول لقاء لي مع "محمد ايت السي مبارك "صاحب دكان الحي خارج اطار الحي ..كان "حسن العدلي " هو من عرض علي ان اصاحبهم لهناك وسمعت منهم كلاما متفرقا كنت اخزنه في ذاكرتي دون ان اعيره الكثير من الاهتمام ..كانوا بدورهم يتبعون خطو "يوسف ملوك" وكانوا متشككين في امكانية ان يحصلوا على عرض سخي وبمقابل مادي مغر من ذلك الحزب الذي حسب تخمينهم لم تكن له اية حظوظ في الفوز بمقعد برلماني  ..نفس الحديث سيهمس لي به جارنا صاحب الدكان بعد ان اخدني جانبا واستفسرني عن سبب تواجدي بهنالك ...كان يتحدث لي بنبرة العارف بالخبايا وبهدف توجيه النصح لي ومما قاله لي ان ابقى في نشاطي الفني والثقافي دون ان اترك للاخرين فرصة التلاعب بي وتسخيري في اغراضهم النفعية والمصلحية على الاقل الى ان اكبر قليلا في السن واتمكن من تحديد اختياراتي ...

في سن ابكر من ذلك كنت قد تعرفت على وجوه حزبية شابة من الشبيبة الإستقلالية بدار الشباب المقابلة لمقر قنصلية دولة اسبانيا كانوا على معرفة باخي الاكبر والذي كان ابانها يقيم معرضا تشكيليا بفضاء الدار وتحدثوا الي وعرضوا علي ان انشط مع منظمة الكشاف المغربي بمقر حزب الاستقلال صبيحات ايام الاحاد وخلال ايام العطل المدرسية وطوال ذلك الموسم صاحبت مجموعتي من من يدرسون معي بمدرسة البلدية المختلطة ومن من كانوا يجرون معي تداريب على التمثيل والمسرح المدرسي لنمثل هنالك ونشارك في صبيحات الاطفال وفي بعض الامسيات وكنا نتنقل مابين دار الشباب ومقر المنظمة التي كانت جادة في شان انظمامنا اليها والمشاركة ضمن انشطتها بل وفتح المجال لنتلقى تدريبات على نظام الكشفية وتحصيل رتب فيه ..استطعنا أن نخرج من مشكلة توفير مكان لتدريباتنا عوض عن اسطح منازلنا وكاراج منزل صديق لنا وان بقينا متشوقين لايجاد نصوص مسرحية تناسب اعمارنا وجمهورنا في غياب إمكانية لكي نكتب نحن نصا ولو في حجم مشهد او مشهدين قصيرين  ...بمقر حزب الاستقلال لم اولي اهتماما بمسألة الحزب وكان كاتبه المحلي "السي الزوبير "الذي يشغل وظيف مدير مدرسة ابتدائية يحضر لبعض الوقت لنشاطنا ويرحب بنا ثم يتركنا لحالنا بينما كان كاتب الشبيبة الإستقلالية "المنصوري "يتولى توجيهنا والاهتمام بنا وهو من قدم لنا "حسن لبحر  "الذي يهتم بتاطير وتنشيط صبيحات الكشفية ايام الاحاد .. 

ربما في اول تعرفي على حزب التجمع الوطني للاحرار كنت متشوقا لاتعرف على تنظيماته الموازية من قبل الكشفية قبل ان ابدا بالاصطدام مع مفاهيم جديدة كليا علي ..كان كل هؤلاء الحزبين يبحثون على فرص ليكسبوا على حساب الغير وانهم يطمحون للمناصب وللتقرب من السلطة و....و....

كانت الصورة قد اخدت في الاتضاح لي اكثر فاكثر عن الحزب وعن الانتخابات وعن السياسية في بحر سنة من الانتخابات الجماعية الى الانتخابات البرلمانية ولم اكن لابالي بالتواجد في اي مقر حزبي على أن يكون نشطا ويوفر لنا الفضاء المناسب لنمارس هوايتنا ونقضي به وقتنا الثالث لذلك فضلت فضاء دار الشباب الهادئ وتعامل مدير الدار السيد "محمد المسطاجي "ومساعده "محمد العربي السحيسح "بينما مجموعتي كانت تفضل جو حزب الاستقلال لما يخلقه من فرص لقاء مع عدد كبير من الاطفال والطفلات  ولانهم كانوا بطبيعتهم أميل للشقاوة والمرح من فرض الامتثال للقانون الداخلي للدار وللاشراف المغاير الذي كان يقوم به مديرها علينا و لما كان يوجهنا اليه "السي السحيسح "على اعتباره ممارسا سابقا للمسرح والتمثيل ....

بالمكتبة العامة للبلدية كنت متلهفا على قراءة كل النصوص المسرحية المتوفرة ومن بعدها الروايات والمجموعات   القصصية ..لم يكن نظام المكتبة الداخلي والصارم يسمح بإجراء اي نوع من الإستكشاف لا للفهارس ولا للكتب ..كما لم يكن هناك اي تشجيع يذكر فقط هي النظرات المتفحصة والمرتابة والحادة ولا فكرت جادا في إمكان ان اجد من الكتب بها ما يجيب لي عن الكثير من الأسئلة وعندما كنت  اسأل المقربين من حولي لم يكونوا يشبعون فضولي للمعرفة وحتى عندما يبداون في التحدث فهم غالبا ما يبسطون الامور على ذات الاعتبار المسبق عندهم انني بعد صغير على مثل هذه المعرفة ...

مع "عبدالسلام الصروخ" كان الامر مختلفا كليا إذ أقبل بحماس على افادتي على كل ما كنت اطرحه عليه من استفهامات وأسئلة وقدر مني اهتمامي بان اعرف ..وهذه المرة لم يحلني على واقع وممارسة الحزبين كما كان الجميع بتعميم يحيل عليها وانما وبتقديم وتحليل نظري كان يشرح لي المفاهيم السياسية ويقدمني منها وكلما لمس مني المتابعة والرغبة في ان اعرف اكثر ما كان يبخل علي بالمزيد ...

اما مع"بدر الدين الساخي"فلم يكن  يكتفي بعرض المفهوم وشرحه والاستدلال عليه بشواهد عامة من الواقع القريب نظريا منا وانما بعدما يتعمق في عرض تطوره التاريخي ومدلولاته المختلفة من وجهة نظر العلوم المختلفة اليه والمدارس الفكرية يعود ليبسط كل ذلك لحد انك تشتشربه وبكل يسر وسهولة ..على انه وبذات كرمه يدعوك لتقرا في كتاب سياتيك به ...

شجعني كثيرا "عبد السلام الصروخ"على ان احافظ على الروح التي اسال بها وحثني على ان اتجاوز الإحراج بلا سبب في التعرف على الاخرين وفتح علاقات ونقاشات معهم وكان يجسر لي الهوة مع عديدين كما فعل مع "توفيق العمراني "الذي كنت اعرفه وابادله التحية وشيئا من الكلام او كما فعل مع "محمد عابد"الذي كنت اراقبه من بعيد في طلاته وخفوت صوته وابتساماته المتأدبة ..بعد ذلك ومن تلقاء نفسي اقتحمت مقر حزب التقدم والاشتراكية وجالست شبيبته وتعرفت على وجوه منهم ..كما حرصت على زيارة "توفيق العمراني" بمقر الحزب وجلست لمكتبهم "شبيبة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية"..كما تغيرت طريقتي في التحدث ل"حسن لبحر "عضو كتابة الشبيبة الإستقلالية"  ...

كنت اريد الكثير من الاجوبة ومن اقرب المصادر كما كنت على استعداد لاقرا كل ما يوفروه لي من كتيبات او مطبوعات ..معهم تجاوزت تلك الاستفهامات التي كان الكبار يواجهونني بها :"ولماذا تريد ان تعرف ؟! "او "كل هذا لن يفيدك في شيء .."

لم تكن بالمدينة من مقرات حزبية قارة ومفتوحة ونشطة او شبه كذلك من غير مقرات "حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية "اما مقر حزب التجمع الوطني للاحرار فعلى انه كان موجود بشكل دائم ومفتوح الا انه غير نشط بالمرة ليس هناك الا الحارس المكلف بفتحه واغلاقه ...وبالاضافة لذلك كان هناك مقر دائم لنقابة الاتحاد المغربي للشغل التي يظهر لها بعض التحرك من وقت لآخر   لكنها غير نشطة كذلك ...

اما الجمعيات والنوادي فكلها مغلقة على منخريطها وروادها فكان هناك نادي وادي اللوكوس للكرة الحديدية وجمعية نادي الحسنية للصيد والقنص ونادي شباب العرائش لكرة القدم الذي كان مقره بالملعب البلدي كما نادي نجم العرائش لكرة السلة الذي كان مقره ملعب الميناء لكرة السلة واليد بالإضافة لجمعية نادي الموظفين البارز والذي كانت تنظم به بعض النذوات والمحاضرات والاجتماعات العامة والجمعية الخيرية الإسلامية "دار المسنين "العاملة في مجال الشؤون الاجتماعية والخيرية  ..غير ذلك من الجمعيات والنوادي فكانت تعتبر دار الشباب مقرا مؤقتا لها والنشطة منها تستفيد من برنامج  حصتين الى ثلاثة حصص صباحية او مسائية في الأسبوع خصوصا بعد افتتاح دار الشباب الراشدي الجديدة بحي النابص" زنقة السعديين "   سنة 1983 وعمليا دجنبر 1983 /يناير 1984.

وعلى الرغم من اعتيادي دخول حزب الاستقلال من فترة مبكرة من عمري الا أنني ابدا ما اعتبرت نفسي امت بصلة للحزب وعلى توطد معرفتي بمسؤولي مكتبه ونقابته ومنظماته إلا أنني دائما كنت اجدني بعيدا عنهم ..أعرفهم لكنني لا اجزم بانني أعرفهم لانهم كانوا جد متصلين ببعضهم ويكادون لايفترقون عن بعضهم البعض ومرتبطين باواصر عائلية وقرابات بينهم ولايفصحون الا بالعموميات بحضور الاخرين ..والاخرون قد يكونوا اي احد لم يطمئنوا له وكسبوه بحق لجانبهم ليصبح واحدا منهم ..وانا منذ البداية كانت رجلي هنالك و رجل اخرى في مكان اخر ...كما انا نفسي لم اكن افصح عن ما يجول في خاطري ولا عن ما تكون خطواتي اللاحقة ...وحتى لما انفتحت شهيتي على القراءة لم اجد في ادبيات الحزب أو زعيمه التاريخي ما يجدبني اليه ولا في خطاباتهم المغنات بالوطنية  وبالتضحيات الجسام التي بدلوها من اجل استقلال المغرب ما يقنعني ويجعلني اعتقد في انهم كذلك ...

الذي كنت اعرفه عنهم محليا انهم يشكلون شبكات معارف وعائلات حتى لاجد أن الواحد منهم يولد وهو استقلالي ما دام جده وابوه وكل أفراد عائلته استقلاليون ...وان الواحد منهم لما يكبر قليلا ياخده والده او أخاه الاكبر منه للحزب كما لو انه ياخده للكتاب ...وبدى لي ان تكون استقلاليا انما ذلك مثل القدر وانا قدري لم يجعل لي اي احد في عائلتي استقلالي ...وطيلة فترة التمدرس الاعدادي كنا نهزء في قرارة انفسنا وبيننا من اقراننا الاستقلاليين الذين كانوا يبدون مبالغين في حيويتهم ونشاطهم وادعائهم انهم يعرفون في كل شيء وانهم متمرسون في مؤسسات الحزب ...

كانوا مع بعضهم البعض قادرين على أن يغطوا كافة تنظيمات الحزب .. الاطفال للكشاف المغربي والتلامذة للشبيبة المدرسية والطلبة للاتحاد العام لطلبة المغرب والشباب للشبيبة الإستقلالية والنساء للمرأة الإستقلالية والرجال للحزب وللنقابة حسب وظيفه او عمله او مهنته ...وكل هؤلاء من مصدر واحد تشكله العائلة والعوائل الإستقلالية بالتبعية كيف ؟! لا احد يريد ان يعرف كيف او لا يريد أن يفصح عنها ...

كان الاستقلاليون لجانب الاتحاديون وحدهم من جميع الحزبين الذين يوسمون الاحياء السكنية بلون سياسي وتنظيمي مختلف ومن بين كل عائلات المدينة تذكر عوائلهم بانتمائها الحزبي السياسي ..وكان الاستقلاليون اكثر ميلا للدعاية لبعضهم البعض بالانتماء للحزب حتى عندما يهم الامر محلا تجاريا او مكتبة او مكتبا عقاريا او هندسيا او للمحامات ....  فيحرصون على التجمع عنده او مصاحبة صاحبه هم كوجوه  معروفة عند الساكنة بانتمائها الحزبي السياسي ...

بمقر نقابة الاتحاد المغربي للشغل كنت اعرف ماذا ساواجه ومن ساواجه من كل من اخد يتوافد عليها بعدما اخدت تتسع الحلقة للايعود فيها غير الرفاق وحدهم ..بالتاكيد لم يكونوا ليكونوا من النقابين المحسوبين على الكونفدرالين ولا للشغالين ولا من حزبيهما ..وبالتاكيد لم يكونوا ليكونوا من اي حزب اخر وان ليس معروف على الساحة المحلية ..ربما يكون بعضهم من حزب التقدم والاشتراكية. الذي كان يفتح صحيفته بيان اليوم لتنشر فيها مكاتب نقابة الاتحاد المغربي للشغل لكنهم محليا مكتفون بانفسهم وبرفقتهم ومقرهم الحزبي الذي حتى وان اختفى يعود للظهور في مكان ما من المدينة ويحاول أن ينشط على رغم الاتهام العام  الموجه اليهم بأنهم شيوعيون ...وبالتاكيد لم يكونوا من الذين شكلوا تيارات او أجنحة داخل احزابهم الأم لأن هؤلاء كما كان معروفا ظلوا متمسكين بالتواجد والانتظام داخل مقرات احزابهم رغم اختلافاتهم والى ان يحسموها لم يفكروا في الانفصال عن الحزب للانظمام لاخر او النشاط في تنظيم نقابي مغاير وحتى الذين انظموا الى نقابات غير تقليدية كاتحاد النقابات الشعبية التابعة لحزب الحركة الشعبية اغلبيتهم لم يكن لهم اي انتماء حزبي او سياسي وانما بحكم المصالح والمنافع انضموا مع نقابة الأغلبية القطاعية كما حصل مع رجال التعليم والصحة الذين انظموا للكونفدرالية والاتحاد العام للشغالين دون حزبيهما ...

بنقابة الاتحاد المغربي للشغل كنت اعرف ان كل واحد او كل ثنائي سيحاول ان يجدب الأطراف الغير المنتمية او المسيسة لجانبه والكل يرفع سقف الاستقطاب عاليا لان الكل عبارة عن أقلية تمارس السياسية وان الخط الواصل بينها عموما هو اليسار وان الكل يبحث عن الشرعية في أفق الانتظام او مرحليا سيحاول التسلل لاكبر عدد من التنظيمات الجمعوية والمكاتب النقابية ليمارس التعبئة وليحاول السيطرة على مكاتبها والظهور بمظهر الاقوى على الساحة السياسية المحلية..بدر الدين الساخي كان يبدوا مسيطرا على الوضع وواضح لحد بعيد مع الجميع ورحب بالجميع ولم يكن ليملي أية شروط على اي كان منهم ..كان ببساطة يحاول أن يلغي أية حزازيات او حسابات قديمة على الرغم مما بدى انه فتح للدفاتر القديمة بين مجموعات وبينه كان النقاش بينهم محتد ويبدوا انه بلا نهاية ...

انا وقفت نفس موقفي لم اكن اتفرج وانما اراقب وكففت عن اقتراح اي شيء بل حتى على مستوى نشاط النادي صبيحة ايام الاحاد مع الاطفال فضلت ان يتعطل أن لا احاول كما كنت افعل التمسك باستمراره ولو في حدود ومع مجموعة صغيرة من الاطفال ..بدى لي اننا كبرنا على هذه التجربة التي خضناها بكامل الجد والعزم والنشاط ..واننا اعطينا فيه الكثير وحان الوقت لكل واحد منا أن يبدأ في طريقه الخاص ..الشريف في السينما والگراب في الموسيقى وبلقرشي في العمل الحزبي الذي اخده جزئيا منا وانا لأرتب اوراقي واتفرغ قليلا للقراءة ولنفسي ...واختى لحياتها بعيدا عن كل هذه العوالم ....

كنت ادرك واحدس ان النهاية قريبة بيني وبين هذه المرحلة لامر لمرحلة اخرى لانني هنا ومع كل افراد المجموعة قد استنفدت كل دواعي تواجدي الذاتية والموضوعية لابقى لصيقا بهم كنت اعرف انه سيصعب علي قليلا ان ابدا من جديد ومن نقطة أخرى وان أألف اجواء و اماكن ووجوه جديدة... كانت اخر مجموعة جديدة تعرفت عليها عن طريق صديق اخي فؤاد "سعيد العمراني " وكانت من ابناء حيه "عبد الحق شهبون .سعيد ركالة .عبدالحفيظ صبحي وعبد اللطيف صبحي اخاه.وطارق طريبق .."وجدت مكانا لها بجانب الاخرين بالنقابة ولحد بعيد وجدت توزعي بين كل هذه المجموعات قد بات  مرهقا ومكلفا وبغير جدوى او لاقل انه حقق جدواه المرحلية واصبح ياخد اكثر مما يعطي لي وان في حدود ..لقد كان  يعدمني الوقت والفرص لاتعرف واعيش اكتشافات اخرى اتحدى فيها نفسي واتعلم منها واحقق فيها بعض الرضى عن ذاتي ...  وعلى طريقتي جعلت "سعيد العمراني"يقترح علي ان ننشط حزب الحركة ونقابته اتحاد النقابات الشعبية  التي كانت طريقه للتعرف على السيد محمد بديع العمري  وذلك بحكم عمله في قطاع البريد والاتصالات واختياره ان ينظم لنقابة البريد والاتصالات التابعة للاتحاد النقابات الشعبية مادام وزير البريد والاتصالات السيد محند العنصر هو الامين العام لحزب الحركة الشعبية ومصلحته تقتضي منه ان يتحالف مع الأغلبية القوية وهكذا طلبت منه ان يرتب لي اوضاع التقرب للحزب واللقاء مع السي محمد بديع العمري ...

في الفترة الأخيرة من عمر نادي الافاق كنا ننشط مع اطفال وبالغي الاحياء التي نسكن بها ومع اخواتنا واصحابهم وصاحباتنا وكنا جميعا نسهر على تطوير برامج اشتغالنا واشكال ممارساتنا الفنية والثقافية والتنشيطية  وكنا نغطي دائرة سكنية واحدة واسعة ومتقاربة كما يجمعنا ببعضنا كلنا الكثير من الروابط والمشاعر وسهل ان يتعرف جميعنا بجميعنا..ويساهم كل قادر منا على تنشيط ورش وتسيير نقاش او الاشراف على مجموعة عمرية ..كان النادي قد عبر الى مرحلة مغايرة تماما على ما بدا منها وعمل عليها في سنواته الأولى حتى بات اقرب الى الجمعية السياسية منه الى نادي يهتم بالتربية غير النظامية وفي وضعه داخل فضاء النقابة التي وجد اليسار طريقه اليها لم يكن مقبولا ان نمارس وصاية على اي من روادنا وفي نفس الوقت ان لا نكون من نخلق الفرص والمناسبة لاستقطابهم من أي طرف كان وعلى أية حال هذا ما لم اصمت عن قوله لاصحابي ورفاقي من مجموعاتي الذين كانوا بالاساس بجانبي ومعي وبجانب افراد مجموعاتي الاقرب لا مع النقابة ولا مع اي تيار أو تنظيم اخر ...                

يوميات: عوالمي السرية..(36) بعيدا عن حنان"هذه..."15 تابع :"23-1"


 

الأحد، 31 يناير 2021

يوميات: عوالمي السرية..(35) بعيدا عن حنان"هذه..." 14 تابع :"22-1"


 

يوميات : عوالمي السرية..(35) بعيدا عن حنان"هذه..."14 تابع :"22-1"


 لما قررت الابتعاد لم افكر في الانسحاب ولا فكرت في مهادنة الاجواء ولكنني كمن اختار ان يقتصد في الحركة ..ان يخرج من القطار الذي يركبه ليعاود تفحص وادراك السرعة التي كان يمضي عليها ذلك القطار ..كان راسي يعج بافكار كثيرة حد التشوش..كنت اعاني من حالة ذهنية قريبة من الخلط .لا اعرف ان فقدت معها القدرة على تحديد اتجاهي او سقطت في براثين من يملي علي قراراتي ويحدد لي اتجاهاتي  ..كنت اعج بانفعالات متناقضة فانا في حاجة لاثباث ذاتي لكنني في ذات الان لا اريد ان اتورط في الاوهام ولا ان انساق مع اللغط الاجتماعي وادور كدابة الساقية لاعيد انتاج خوائي ..ولا يمكنني ان اظل مستعرا ..اقتات من أعصابي ومن جسدي باصطفافي خارج اللعبة الاجتماعية مجرد مراقب ،اعزل ..غير فاعل ..  

عندما قررت الابتعاد كنت مستوعبا تماما لمن كان يهمه ان ابتعد ..ولمن حاول ان يزيحني من الطريق ..ومن اماكني ..ومن فضاءاتي الحبيبة ..ولمن حاول اقصائي ..ولمن حاولوا محاصرتي...

عندما قررت الابتعاد لم اكن مهزوما ولا كنت ضعيفا ولا كنت يائسا او حائرا ...لكنني كنت بعكس ذلك تماما ..كنت قويا بما يكفي لاختار ان اغير من مسلكي ومن محيطي ومن نظرتي ورؤيتي للاشياء التي اعتادت أن تؤثت المشاهد من حولي ..وكنت مدركا وبحدس قوي بان العالم نفسه تغير ويتغير للايعود كما كان ابدا ... 

بداية التسعينيات ..بداية تفكك منظومة دولية وسياسية وايديولوحية عمرت طويلا هي وحربها الباردة التي انتهت رسميا مع سقوط جدار برلين في نهاية سنة 1989... هل كان يعني ذلك هزيمة الافكار الكبيرة وكل ما شكل المبادئ والقناعات ..؟! هل كان يعني ذلك انتصار الغرب وثقافته وبالنسبة لنا انتهت الحرب وانتهت حاجتنا لجزء من تلك الصحوة ...؟!! ..

بداية التسعينيات كنت قد  اخدت مسافة من الرفاق وكنت قد ودعت مقر نقابة الاتحاد المغربي للشغل بشكل رسمي على أن لا شيء كان يمنعني من دخوله والمكوث به رفقة من ظلوا اصدقائي ورفاقي لكن دون ان انشط به او اساهم في برامج الشبيبة العاملة المتحولة والتي كانت تعد العدة لانقلاب على كتابة الفرع بعد ان سيطر "اليساريون " على المقر ..كنت أعرفهم واحدا واحدا لكنني لم اعمل على كسب صدقاتهم ..لم يكن عامل السن وفارقه المشكلة ولكنه مزاجي الذي يرفض التعاطي مع اصحاب الأفواه الكبيرة والذين يصنعون الفرق صنعا ليغطوا على نواقصهم ... كان منهم من يشغل وظيف التدريس الاعدادي و الثانوي وكان منهم من للتو تحصل على وظيف ومنهم من دخل للتو مدرسة تكوين رجال التعليم الابتدائي..بالنسبة لهم كانوا ينتظرون الوقت الكافي ليتعرفوا علي او بالاحرى ليدرسون امكانيات التعامل معي لانهم لم يكونوا ليتعاملوا معي كما أنا في ذاتي ..بالعشرين سنة التي هي كل عمري ...كانوا يبحثون عن الجزء الذي يصلح ان يتعاطوا فيه معي لانهم لم يكونوا ليقبلوا ان نترافق ونتصاحب ..ولم يكن حرصهم على ايلاءي بعض الاهتمام الا كمثل اعتراف بانني من فتح لهم الباب ليفكروا في استخدام مقر النقابة كفضاء لتجميع مكونات اليسار والحركة التقدمية بالمدينة والاستفادة من غطاءه ..كانت بينهم سابق معرفة ومحطات نضال  وتاريخ مشترك ونقاشات مفتوحة كنت غائبا عنها وكان بينهم ود ولقاءات سمر وشراب لم اكن حاضرا فيها ..وبينهم مشاريع وافاق يعولون عليها لم اكن ضمنها ..بحسبة جانبية هم من يملكون القرار في ضمي اليهم من عدمه ..في اشراكي وايلاء دورا اساسيا او ثانويا ..وبحسبة جانبية وبعد ان ألفوا المقر والقدوم والاجتماع به  وراقهم الجو ومدوا اقدامهم فلا شيء عاد بإمكانه أن يزحزحهم منه وانا مجبر بشكل او باخر على القبول بهم اذا اردت ان اكون "شيئا"في معادلة وجودهم لكن هذه هي الإشكالية معي لانني لم افكر في يوم في الانظمام إلى جماعة يسار او أو الى أي اتنظيم اخر وحتى استقطابي من طرف الكاتب المحلي للفرع "فخر الدين .."كان استقطاب نادي ينشط في التربية غير النظامية لمقر شبه خالي ومهجور وكل المكاتب القطاعية الممثلة بالفرع تكاد تكون اسمية وبالكاد بضع عناصر أحادية من كل مكتب نقابي من كانت تأتي بين الحين والاخر مع "فخر الدين "او لتسال عنه ..لم تكن تعقد اجتماعات لا اسبوعية ولا شهرية ولا من نشاطات تعبوية او نضالية ..الكتابة المحلية كانت تسعى بشكل فردي في التعاطي مع بعض مشكلات العمال او الباحثين عن عمل مع إدارات العمل أو منذوبية الشغل او لدى السلطات العمومية وكانت تجدد لنفسها مكتبها دون جموع عامة لتضمن استمرارية تواجدها الذي كان يوشي بأنه كسبي ومصلحي ..الكاتب العام المحلي كان هو النقابة ومعه طالب جامعي يسنده هو الشبيبة العاملة ..الكاتب المحلي ممرض اعزب متفرغ للعمل النقابي يتخد غرفة بالمقر كسكن له وأحواله الصحية متعبة من اكل الشوارع ومن الرطوبة التي تعشش جدران المقر القريب من شاطئ البحر ..والكاتب المحلي للشبيبة العاملة "عبد الخالق الحمدوشي "في أغلب الأحيان بتطوان وعندما يقدم للمدينة يظهر بصحبة "فخر الدين "يظهر دون ان يتدخل في نشاطنا او يطلب اشاركه فيه وان بدى مع الوقت اكثر ميلا للجلوس معنا خصوصا في امسياتنا .واخد يكون او يسترد علاقاته ببعض منا امثال "عبد السلام الصروخ "و"بدر الدين الساخي "....واصبح وضع النقابة والفرع من صميم النقاشات التي تثار بيننا ويبدى حولها عدد من الملاحظات والرغبات  في المساعدة على تجاوز عقباتها وتنشيط ادوارها واحياء مكاتبها ...

نحن كنا اقران ..ابناء جيل واحد متقارب في العمر ونعيش تقريبا نفس معانات وجودنا ونفس الصراعات النفسية والاسرية وان لم تكن بنفس الحدة .."الصروخ عبد السلام"و"بدر الدين الساخي"لم يكونا من جماعتنا الأصلية وان تقاربنا لدرجة حميمية واصبحنا اصدقاء وأصحاب ورفاق ..ومعهما معا لانهما كانا الباقيين من فرقة كانت تشتغل على المسرح ومسرحية "الأقدار "كانت ايام الاعداد لها وعرضها بدار الشباب فرصتنا للتعرف عليهم ونحن نهوى المسرح والتمثيل ونحن نشكل مع بعض (الشريف محمد الطريبق .محمد الگراب .رفيق بلقرشي .اختي بشرى ) نادي الافاق بدار الشباب الراشدي وارتبطنا بداية باعضاء الفرقة "حسن العدلي . عزيز قريدش .يوسف ملوك ".الذين حاولوا توجيه تداريبنا المسرحية لكنهم لم يكونوا جادين تماما ولا ملتزمين وبعد وقت من الزمن كفوا نهائيا عن القدوم للدار بينما كان "بدر الدين الساخي"بتقاسيم وجهه الحادة وبانفعاله وعصبيته المكضومة حريص على زيارة الدار والوقوف لسبورة اعلاناتها وتذخين سجائره ببابها او على الرصيف المرتفع قليلا المقابل للدار وكان احيانا بصحبه "عبد السلام الصروخ" او يلتقي به هنالك لانه على غير "بدر الدين الساخي"كان حريصا على التطفل على أنشطة النوادي والفرق الناشطة بالدار ويستمتع برفقة روادها والتحدث اليهم وكان يبدوا اكثر اجتماعية من "الساخي "الذي كان يتمتع بشخصية قوية وكارزيمية وكان يدهشنا بسلوكه المعاكس لمظهره اذ كان جد ودود وطيب وعلى صلاة واسعة بكل اولئك الطلبة الجامعيين الذين كانوا يتدفقون دفعة واحدة حينما يكون هناك نشاط ثقافي كمحاضرة او ندوة او حلقة دراسية هم واولئك الذين كنا نعرف عنهم انهم ينتمون لشبيبات حزبية كشبيبة حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وشبيبة حزب التقدم والاشتراكية والشبيبة الإستقلالية ..ويزيد من دهشتنا ان كل عابر من طريق الدار على اختلاف حرفته او مهنته او منطقة سكناه كان يناديه باسمه المتداول "بدرو"  او "الساخي "كان شخصا معروفا ومقدرا ..ومعنا وجدناه ذا صدر رحب يتسع لكل نقاش وقدرنا فيه عقله المنفتح والعميق ذي المعرفة المترسخة ..كان يحب القراءة وفي معظم الاوقات كان يحمل كتابا او اكثر من كتاب ..واحد يقرا فيه والاخر من اجل اعارته لصاحب له طلبه منه او هو ببساطة من عرض  ان يزوده به لتوسيع النقاش بينهم ...

"عبد السلام الصروخ"و"بدر الدين الساخي"لم يتحولا معا لصديقين لنا وانما كل واحد منهما صادقنا على طريقته واسلوبه الخاص ومعهما معا لم نشعر بآية تبعية او احتواء من نوع ذاتي خاص ..بيننا تكون احترام متبادل وتفاهم مشترك يقدر خصوصية كل واحد منا ولم تكن فيه تلك النزعة الفوقية الاستاذية او الأبوية او الأخوية (الاخ الاكبر) ..كان بيننا قدرة على الانصات والتحاور والنقاشات التي اتت بيننا على حدة  نبرتها كانت تلين ويتخللها كم رائق من الضحك والتفكه والسخرية المريرة ...

عرفناهما في ادق خصوصيتها وعاشرناهما ..كانا اكبر من ان يسقطا في نقاشات الذوات وفي التعاطي بلغة الحزازيات وحتى لما توسعت حلقاتنا ظلا محافظين على مسافة خاصة في التعامل مع كل واحد او كل زوجين قريبين من محموعاتنا على حدى ومقبلين على التعاطي معها بأشكال منسجمة ومغايرة لما غيرها ..كانا قادرين على تفهم خصوصية كل علاقة في مجموع علاقاتنا ببعضنا وقادرين على أن ينظما خلافاتنا دون سياسية تأليبية او انحيازية ودونما خداع ...

نحن كنا نكون فيما بيننا مجموعة رفاق وكان يسكننا ذلك الهم في ان نكبر على مرحلتنا السيكولوجية والنفسية بكل ما يطبعها ويثبتها من تنميط اجتماعي وثقافة شعبية وان نتجاوز السقوط في العبث والعدم او في دوامة الاجترار للافكار وللمخدرات وللاوهام ..ولما حدث ان عرفنا بعضنا البعض بباقي اصدقائنا ورفاقنا وتوسعت شبكة علاقتنا اكتشفنا كم نحن نكبر في ذواتنا وفي رؤيتنا للامور والأشياء ...

مع "الصروخ ","وبدر الدين الساخي" لم يحدث أن تعاطينا بمنطق سياسي ضيق ولا تداولنا في الانتظام على شكل معين ومحدد ولا حتى على مستوى الافكار لم نشعر بأنهم اوصياء علينا ويسعون الى توجيهنا ايديولوجيا وخندقتنا في فكر معين ..كنا احرارا في قناعتنا وعلى ذلك الأساس كنا نتصارع ونتقارع في الافكار ومع الافكار ...

بمقر نقابة الاتحاد المغربي للشغل حدث ان وجهنا بنقد لسلوكنا سواء تجاوزناه او لم نتجاوزه فلم نقف طويلا عنده وانما مررنا منه لنعقله على المستوى الفكري والسياسي وكانت فرصتنا لنقرا في  النقد والنقد الذاتي وفي مسألة العمل الجمعوي ولنتجاوز  كذلك حالات الفراغ والملل والاحباط التي كانت تواجه بعضنا او كلنا بدرجات متفاوتة في الوعي بها ..  

انحسرت مجموعتنا عن اشخاص منها مع انتقالهم من مرحلة التلمذة للجامعة او لاختيارهم الالتزام مع اسرهم والاشتغال الى جانب رب الأسرة ومع ذلك لم نفكر لحظة في انهاء  ما داومنا عليه لفترة طويلة من اللقاءات والاجتماعات  بمقر النقابة بل لعلنا تعودنا الاستمرار مع من يحضر في انتظار ان يغيب ليحضر الاخر او ليحصل ان نتحصل الاجتماع الكامل بكل افراد المجموعة ...لاتعرف كيف كنا مصرين على المضي قدما رغم فضاء النقابة المظلم والكئيب ورغم جو المدينة الرمادي طيلة فترة الشتاء واول الربيع ..لعلنا على ذلك النحو استطعنا أن نخلق إمكانية أن نثير الاهتمام ونجلب مبدئيا رغبة الاخرين في الانظمام الينا ومشاركتنا نقاشاتنا المفتوحة حتى انسوا المكان والفضاء وبرنامجنا .الذي لم يكن ينتهي بمجرد خروجنا اخر المساء وبعد مضي ساعات  من الليل وانما كان يستمر ونحن ناخد ممشى شارع محمد الخامس وساحة التحرير ونحن ناخد طريق ايصال كل من اراد مغادرتنا لمنزله حتى تنتهي ثلاثة أفراد ثم فردين ونستودع بعضنا ..

مع الاخرين كان صعب ايجاد رابط كل يوم للتحدث الجاد والتحاور ولم اكن من من يستسغ احاديث كل يوم وقول اي شيء وعندما يكون هناك حديث دائر بينهم يصعب كذلك التطفل عليه خصوصا لما يبدوا انه حديث ابتدأ قبل الان وحديث ممتد ..

ليس سهل اقتحام الاخر وفرض ذاتك عليه او استعراض قدرك ليعيد اعتبارك خصوصا مع وجود فارق السن والتجربة واختلافها ومع كل المترسب عندنا اجتماعيا  حول العلاقات والاجيال   ... 

انا نفسي لم اسعى لتكسير نمط كسب العلاقات لا لانني لم اكن لاقدر عليه ولكن لانني لم أجد داخلي الحافز للفعل ذلك ...كنت مشغولا بيني وبين نفسي بالتفكير في المستقبل ..وكنت مهموما بالحاضر المبعثر ..ولم استشف حاجة في ان أقصر تجربة تطوري على نفس المجموعات التي كانت تفد على النقابة والتي كنا نتفاعل معها لانه بدى لي تطور مخصوص لا يفي بما اتطلع اليه وبما ابحث عنه وبما قد يخدم مصلحتي الشخصية حتى انا كذلك ...وكان اهون عندي ان اخوض تجارب جديدة وابدا على مسارات مختلفة من ان افقد القدرة على توجيه نفسي او اعدم الاختيار ..

بعد كان بامكاني ان اناور لاتخلص من الضغوط التي تمارسها علي اسرتي ..والدي واخي الاكبر والبداية من مكان اخر او في مجال آخر ومع زمرة رفاق جدد وفي فضاءات مختلفة كان انجح مناورة يمكنني اتباعها وانجع سبيل يمكنني الحصول فيه على المزيد من الخبرات والمهارات والمعارف ...

 لم اهدم اي معبد فوق راسي ولا تحولت عن ما امنت به من افكار ومبادئ ولا هجرت الاصحاب والرفاق ..كنت لا زلت انا هو انا بكل وفائي لنفسي ولمن عاهدتهم على ذلك كل ما هناك انني كان يجب ان اكبر قليلا على نفسي وان انظر الى الأمام ..

كنت في وضع العاطل عن العمل وبلا مهارات حرفية او تدريب تقني مهني وضجر من ان اجدني جزءا من الوقت الثالث بالنسبة للآخرين اكانوا طلبة او تلامذة يدرسون او موظفون او عمالا ..ولم يكن وارد في خطتي ان احترف الاشتغال بالعمل الجمعوي او السياسي ولا ان اقدمني على شاكلة برجوازي صغير ..كنت مستعدا لان ابدا في اي مجال او عمل قار يحفظ لي كرامتي ويحترم انسانيتي ويوفر لي حدودا للعيش الكريم وكان هذا من جملة الاسباب التي جعلتني مستثارا عصبيا وغير قادر على الاستمرار مع الاستاذ بديع ولا مع جريدة الحزب "جريدة الحركة "وتركتهم دون ان انظر ورائي ....وعدت لارفض الاستمرار في العمل لصالح الإدارة حين بدا التسويف والتلاعب بي وتركت الساحة كلها وخرجت اسيح في الطرقات والخلاءات المجاورة  الغابة ولشاطئ البحر الصخري بكل انواع القلق الذي ابتليت به وبكل الخوف الذي كان يعتمل داخلي...

عشت اياما عصية وجد صعبة حسبت فيها انني فقدت السيطرة على مجريات حياتي وانني انقلبت على نفسي وضيعت الطريق وعبثا كنت احاول لملمة تبعثر ايامي وشجاعتي وثقتي بنفسي ...كنت ادرك ان دور اللامبالي واللامهتم لا يناسبني كما ان لباس المتحدي لن يصونني وقد يوقعني في بئر بلا قرار .. ومع ذلك لم ابرمح لاي عودة لاي محطة سابقة من حياتي ..ما من مجال للتراجع حين انني كنت املك كافة اسبابي الذاتية والموضوعية لكي لا اشك في سابق قراراتي التي اتخدتها تحث الضغط او بمعزل عنه الاساسي عندي انني اتخدتها بكامل حريتي وقناعتي ولا همتني كثيرا العواقب او ما يحسبه الاخرون عني ...                

      

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...