الأحد، 27 سبتمبر 2020

يوميات: مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (4)..تابع "3-1" سلاما متجددا فاطمة


 

يوميات: مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (4) ..تابع "3-1" سلاما متجددا فاطمة

 مهما كانت زيارتنا تطول كان لابد ان اصحو يوما على ساعة الافتراق والرجوع الى الارض ،حيث الواقع الذي اصر والدي ان يحشره في رؤسنا بكل الاساليب ..حيث كل شيء بقدر وحساب ..كنا نعرف انه عانى الكثير وبقيت في نفسه ذات الغصة بأنه لم يكن منصوفا في دنياه وانه في مجمل معاناته الأولى كان غير قادر البثة على الاقتناع بأنه يستحق كل حرمان داقه وعاش عليه ..كان فقط غير قادر على الاحتجاج او الرفض لكنه مدرك تماما بأنه لايمت بصلة للفقر الذي يجترعه ضدا على امكانات والده /جدنا ..وكان يحز في قلبه اصرار والدته بالضبط على ان يعيشوا الضنك والحاجة ..الحاجة للطعام الجيد والوفير . الحاجة للباس..الحاجة لبيت يسعهم كلهم وبفرش مناسب ..  الحاجة للاعتبار الاجتماعي الذي يناسب وضع ابيهم المادي ووضعه كملاك للارض والعقارات...  لكنه معنا لم يفعل اكثر من محاولة اقناعنا بأنه لا يملك ذات منطق والديه وانه لا يقيم اي توازي بين التربية التي تلقاها هو وبين تربيتنا نحن وانه ببساطة يحاول ان يقيم التوازن المفروض بين وضعه الاجتماعي الوظيفي وبين متطلباته والتزاماته تجاه اسرته ...وانه يريدنا أن نكون واقعيين لا غير ..

كنت اعي الواقع الذي ينتظرني بعد العودة من جنة "طنجة " هي ايام فقط على عودتنا للمدارس ولدوامها ولطقوس انتظامنا حول مائدة الطعام وامام التلفاز  وكنت اعرف انني لن افارقهم بخيالي وساذاكر كل لحظة عشتها الى جانبهم وحدي ..في خلوتي وتحت غطاء فراش نومي ولن ابخل على بالدموع ..سادعها اخر تطهر لي قبل أن اغفو في نومي ...

كنت الومهن بيني وبين نفسي لا لشيء الا لانهن كن اكثر رهافة في التعامل معي ..في تقبلي ..في الانصات الي ..في الاستجابة لاحتياجاتي النفسية والعاطفية ...كنت اقارن حالي وحال عديدين من من تعرفت عليهم في محيط الحي والمدرسة والمجتمع ..من من طورت حال مشاعري تجاههم من الشفقة الى التعاطف معم كما افهمني اخي الاكبر مني..من يفتقرون الى كل شيء تقريبا والى حضن العائلة أساسا ..كنت اجدهم منسجمين وغير منسجمين في ذات الان  ..طيبون ومبادلون العطاء لكنهم مميزون باصرارهم على أن يبدلوا وينجزوا ويحققوا اشياءا لهم ولذويهم ولربما هذا ما كان يجعلهم مبتعدين عن الاخرين ..يقطعون الطرق لوحدهم ونادرا ما يشاركوننا جوقتنا في مناسبات الافراح والاعياد وحتى النزول للشاطئ البحر لا ياخد منهم في مجمله ساعة زمان ويعودون بحالهم ...كانوا اقوياء وصمتون وحنونون ..ولعلي كنت اريد ان اكون مثلهم..!! كان يتعبني الحنين للجنة اكثر مما تتعبني اللوائح المفروض اتباعها بالبيت ..كان يعدمني اتزاني الشوق لكل احضانهم الدافئة ..كان يرعبني الخوف على افتقاد احد منهم ..كنت مثل خالتي "زهرة " حملت في ابنها الاصغر نسخة أخرى لابنها الاوسط الذي افتقدته والذي ما صدقت شخصيا انه فعلا كان موجودا بينهم ..لا اعرف لكنني تعلمت ان لا اصدق الا فيما أراه والمس وجوده المادي والفعلي الباقي قد يكون وقد يكون مجرد تعبير عن اشياء قد استوعب مضامينها الان او بعد قليل او في يوم من الايام .. خالتي كان خوفها مضاعفا كما محبتها لابنها "عبد الحميد "كانت لابعد حد متطرفة في حبه والاهتمام به وهي مع ذلك تلبس لباس الصرامة في كل تعاملاتها وتحرص على أن لا تدلله او تفسد طباعه ..خالتي كانت لها مواقف بدت فيها غير قادرة على المكابرة والتحمل وتصنع تبلد المشاعر لكن أول حالة اغماء وانهيار في الشارع العام كانت من خشيتها على ابنها "عبد الحميد" الذي توارى عن انظارها وهو يتعقب لص محفظة سرقها من والدتي ...صرخت بلوعة وانهارت وحتى لما فتحت عينها ما انحبست دموعها الممطرة بصمت وذهول حتى عاد اليها لتستعيد انتبهاها ورباطة جئشها بل ولتقود هي عملية الابلاغ وافادة الشرطة بالواقعة وتدفع والدتي لاستخراج شهادة ضياع بطاقتها الوطنية التي كانت بالمحفظة المسروقة ..  وانا كنت خائفا على أن افتقدهم .. افتقدهن .. كما افتقادي المزمن لاختى الكبرى الغير الشقيقة ولربما خوفي من ان افتقد فيهم والدتي التي لولها لما كن لهن مثل وجودهم ..وجودهن في حياتي وفي مشاعري وذاكرتي ... 

من جملة ما لم اقدر على استعابه تماما اصرار اختي الغير الشقيقة على أن تنادي والدتي، والدتها ب"خالتي"..ومن جملة من احببتهن لذواتهن وبالتخصيص عمتي"فطوم"فقط لأن اختي "مليكة "كانت تحبها وكان منزل العمة ملاذ لها لذلك كان لزوما علي ان أحبها.. وان أحبها بالعقل ..ان أحبها حبا مضاعفا يشبه لحد بعيد حبي لعائلة خالتي "زهرة "وحبي الخاص جدا لخالتي "زهرة " ...

التمارين التي ترجيت اخي "سمير  "ان يدخلني فيها كانت تؤتي اكلها معي ..تعلمت ان أهجر العالم للصمت وان اتعبد فيه ..ان اطرح كل مايطفو في سطح ذهني وانا لا امسك الا بافكار وخواطر العمق وان لا انشغل تماما الا بالافكار التي تتوارد على من اخر صور استقر عليها تاملي...كان بادئ ذي بدا يسخر مني ويقول لي:" انك  لا تقوى على مسايرة نشاطتي الرياضية البدنية ..مقتول .. "بشرى "صعيبة عليك ..وخا اسيدي انا غذي نعلمك التامل الذاتي راه هو ل"يوغا "غير مبعد على الفلسفة الدينية .." ..كنت اعرف انني على الاقل مرحليا لن أكون في حاجة لتعلم اية رياضة قتالية مادام اخوتي بجانبي وابناء عماتي اجدهم بجوارنا في البحر ..بالقرب من المدرسة ..بشوارع المدينة هم وعماي وباقي افراد عائلتنا وهم قادرون على أن يدافعوا عني ويحمونني ...كنت على الاصح في حاجة لان اتقوى من الداخل كما لاحظ علي اخي الاكبر مني "فؤاد"..

اخي الكبير "خالد"دفعني بقوة للقراءة  والمناقشة قال لي بأنها خلاصي من الوحدة وكسب للقوة ..اخي "فؤاد"نبهني :"مشي ليقلك عليها "خالد"تتبعوا فيها ..هذاك راه وخا خوك راه فشي شكل راه تاهو كبحال بوا 'والدنا' وعمامي راه مكيعحبوا غير راسو ...قرى الكتب وناقشها مع راسك اما مع لخرين ناقش  غير الافكار ديال الكتاب مشي الافكار لكونتها انت مع الكتاب ..هذك احتفظ بها لنفسك ..طور بها راسك كبحال لكيدير "خالد "مخصوا حتى واحد ميكون كبحالوا .."

كنت اتالم عاطفيا لما ادفع لاتخد بعض المواقف من الاشخاص القرببين مني لكنه ما دمت حريصا على أن اتلقى المعرفة من الذين احبهم فإنني امسك على اعصابي واعقد العزم على أن أكون في مستوى التعلم منهم او لانني كنت اعرف انني لامحالة سأراجع   اخي "سمير "في ذلك ..هو على اكثر من مستوى يشبه ابنة خالتي "فاطمة"يستقبلني بالضحكة ثم الابتسام وثم الترحيب واطيب الملامسات والعناقات والتقريب منه ومستعد بلا حدود ليتعاطى  معي في اي موضوع ولينصت الي والأهم ،ليوجهني بعد ان يقدم لي اكثر من اختيار ..وهو يضج بالحياة والفاعلية والقدرة على العمل والابتكار ويتدبر دائما احوله المادية وموضوعاتها ..قال لي "نحن استفدنا من تجارب عمينا وكل افراد العائلة ومن الذين صاحبنهم ونحن كل واحد منا يحاول ان ينقل لك بعض خبراته الخاصة ويقوي فيك جزءا ..دبا "فؤاد"مشي بغى يخسرك مع "خالد"ولا انا غذي نخسرك معهم بجوج غير بش انت تولي من تتنبه لشي مساءلة تولي تقرها في راسك وتقرنها مع افكار وحدة خرى  وهذيك لغذي تستقر عليها كما بغت تكون هي لتدير بها ...."

عندما كان يستقر تاملي على خالتي "زهرة" لا اذهب بعيدا في تفكيري إذ سرعان ما استشف سر تعلقها بي وتعلقي بها الخاص جدا ..خالتي "زهرة"لم تكن مجرد اخت لوالدتي ومجرد اخت صغرى لها.. ومجرد اختين افتقدا اختيهما الكبرى ووالديهما وهما بعد طفلتين لجوارهما وليس لجانبهما اخ اكبر لكنه غير قادر على معالجة اي امر من الافتقاد الذي لم يصحو منه ..افتقاد تام لاي موضوعات ضمان او امان اجتماعي في زمن متحول انهكته الحرب العالمية الثانية وتابعاتها ..في زمن الجوع الفضيع والعام جدا.."زهرة"خالتي لم تصحوا يوما من مخاوفها الحقيقية رغم كل تبدل احولها المادية والاجتماعية "زهرة"خالتي بقيت في داخلها نفس الطفلة المرعوبة التي فاقت يوما ولم تجد من كل من كان يدللها ويهتم بها غير اختها اما حتى اخوها "محمد"فلقد كان تائها ..مصدوما وهما من تناوبا على رعايته حتى في ابسط متطلباته وشؤونه اليومية "زهرة "لم تعرف يوما ان تنام الا كما ينام الذئب حتى في عز شخيرها أدنيها مفتوحة ..تتحسس اي صوت واي ذبيب ..كانت تحكي وتقول لي "...كان اي صوت كنسمع وخى حتى المغرب ما اذن كنحرك اختي "رحيموا"وكنقولها نوضي هاهما جاو لينا يديونا..."..خالتي "زهرة"رائحتها لا تشبه رائحة والدتي ولا حضنها يشبه حضن والدتي ..حضن والدتي كان اول ما يقابلني يغمرني بالدفئ ..خالتي حضنها يتقلب من مثل اي حضن امرأة عادية تعرفنا الى حضن يشتعل ..الى حضن غير سلبي ..حضن بعد ان تقربني منه تعانقني لتتحسس كامل ظهري ..كامل جسدي وتغمرني بالقبلات قبل أن تجلسني الى حجرها وهي لا تكف عن مناداتي "اجي عنذي اخالتي ديالي ..توحشتك كثر مكتتوحشني ..." ..خالتي "زهرة"لربما في غياب ابنها "عبد الحميد"الوحيد الذي كانت ترمقه طوال الوقت وتتبعه ولا تغفل عن النظر اليه اكون انا ..اختي "بشرى"كانت تلاحظ منها ذلك وتومأ لي بعينها ؛اي تتبع ..وانا افتح عيني جيدا لاخاطب خالتي وهي تفهم مني ولا تتوانى على أن تمسك بأختي الصغرى "بشرى"وتقربها منها ..كنت افهم كل شيء منها وتفهمني من مجرد النظر لعيون بعضنا البعض بل احيانا كانت تجهر بصوتها الداخلي وتقول لي "سمعتك ..بلاتي نكمل هذ شي لي فيدي ونجي لعندك اخالتي ديالي.."تقولها لي على انني لم انبس بآية كلمة من شفتي ....عزيزي "سي محمد"كان لا يكف عن الابتسام ببشاشة في وجهي وعندما كانت تطلب مني والدتي ان اكف قليلا عن خالتي "وباركة راك عيقتي على خالتك راك كبرتي .." كانت خالتي تضحك جهرا وتزيد من احتضاني وتشبعني بالقبلات.. وتنظر لبناتها ولابنها قرة عينها وبتخابث تقول لهم "موتوا المغياريين .."ويضحكوا وكل يحاول ان يساير الجو وحده عزيزي كان يقصر من ضحكته ويطلب مني الاقتراب منه ويومأ لاختي ان تقترب هي كذلك منه ليحنوا علينا ويحتضنا لبرهة ثم يعدل من طريقة جلسته وياخد كفينا لكفه ليسرب الينا احلى شعور بالسلم والأمان والمحبة كانت اختي لا تتمالك نفسها لتهب بتقبليه وهو يتمتم بالرضى عليها اما انا فانغرس به واتمايل عليه بظهري دون ان ازيح نظري عن خالتي التي كانت تسحب نظرتي وتقدف بها بعيدا لعينيي تراقب الوضع بمزيح من الحب والحنان والغبطة التامة ..لعيون "آسية "احلى وارق عيون عرفتهما وساعرفهما في كل ما سيأتي من حياتي وعمري ..  

(يتبع ..)

السبت، 26 سبتمبر 2020


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (3) ..سلاما متجددا فاطمة "2-1".

 ظل السؤال يكبر في راسي ويطاردني لازمنة من عمري .."هل اخطئن في حقي ..؟!!.." 

كنت بداخلي احس برغبات متصارعة واخشى علي من الانقياد وراءها ..وكانت مشاعر الخجل تربكني وتشل امكانات التواصل السلس مع الاخرين..ربما لانني حملتني هم ان ابحث خلف كل احساساتي وتتبع خواطري واحلام يقظتي  .اكثر من ان استمتع باسترجاعاتي وألحق دروب تلك اللذة المحفورة في أعمق ذاكرتي..

اقطع الطريق لمنزل "حنا "'جدتي ' مستسلما للطريق الذي اعتدت سلوكه ..اتمنى فقط ان اجد الباب مواربا لادلفه ولا اضطر لأطرقه ..اتمنى فقط ان تستجيب لحس مقدمي وتناديني باسمي وتدعوني للدخول او الالتحاق بها بكوخ السطح ..اتمنى فقط ان تنتظرني على سلم الدرج الضيق واول ما اصل اليها تحضني وتقبلني ولما لا تسالني "ماذا بك ..؟! " بمثل هذا العمر الحديث وانا يتملكني احساس بانني كبرت وشخت وفقدت القدرة على الاستمتاع  ..بممرات الاعدادية كانت عيوننا تتقابل على نحو ما لم اعد اريده مع الاخرين ..عيني كانت تقدم اعتذارتي ..عيناها ..اعينهن كانت تحمل المزيج من الاستياء والتساءل والكثير من الاهتمام ..اكاد اجزم ان كلهن اتت عليهن اكثر من مرة ليأتوا للوقوف لجواري وليتحادين اكثر بجسدي وليلتقطن كفي ويمسكن بها ..الصغيرات كن اكثر جرأة ليطبعن قبلة على خدي ويتركن المجال لنتحاضن على نحو مواري ..

عمتي لم تكن تثقل علي بالاسئلة ..تتركني اعيد اكتشاف فناء السطح كما لا امل عن فعله في كل مرة وكانني ما اكتفيت من استجلاء كل ركن وكل زاوية فيه وكل ميل أو تشقق في ارضيته ..تدعوني لاجلس في مرمى عيونها لتطالعني بين الفينة والاخرى وهي تحاول معالجة الصمت بيننا باي حديث تعرف جيدا انني لا ألتقطه بتنبه لكنني حريص على تسجيله بذاكرتي ..تنهي عمتى ما بين يدها من شغل وتسكب الماء لتنظف يدها تمسحها على اسفل ثوبها ثم تدنوا مني لتكاتفني وتقربني من حضنها وتطلب مني ان احيطها بذراعي ..تطول البرهة وتمتد للحظات لا اشعر فيها باي شيء سوى بسلام هائل يجتاحني ويكتسحني ..تهزني من غفوتي ..تمسك بوجهي تحضنه بكفيها ثم تترك المجال لتطبع  علي خدي قبلة كبيرة ثم تدعوني وهي تاخدني لنجلس سوية بكنبة الكوخ ..تسالني هذه المرة وهي تنظر مباشرة الي عيني : "- دبا 'الان 'مزيان ..؟!."اومأ براسي كتعبير تاكيدي على الحال الذي وصفته هي بخصوصي ..تلف ذراعها خلفي وتخضني من الوراء بصدرها وتدنوا بوجهها من خدي ..تعبث بشعري تقبله وانا في غاية الاستسلام وغير مترقب لشيء .. مطمئن بجانبها فهي اكبر مني لتعرف كيف تعتني بي ..في ذلك الزمن كنا نتحدث ونتكلم وكانت تحكي لي الحكايات لكننا لم نكن بعد قد طورنا اي لغة نفسية بيننا كانت وستظل  ابلغ لغة عميقة بيننا تلك التي كانت بجسدها تخاطبني وتقول لي انني افهمك ..

الروايات التي كنت التهمها كانت تداعب مخيلتي وتدعوني لاصحابها في استكشاف عوالم الحب والرغبة ..الكتب العلمية التي توفرت لي كانت أكثر حيادية في تناولها لموضوع الحياة الجنسية ولم تكن تجيب على كل اسئلتي واستفهاماتي  فانا قد افهم واستوعب معنى الممارسة الجنسية لكنني لا أعرف حقيقة ما يعتمل داخلي ويكبر بين ضلوعي ويجعلني دائم العطش وممتلئا باحساسات النقص وباستعداد لاهرب من خلاني واقراني لاي فسحة انزوي فيها على نفسي ولما لا ابكي قليلا احساساتي بالاغتراب ..!

احنق عليهن جميعهن واتذمر من ما غيرهن ما كنت لأكون بكل هذه العواصف التي تنهش دواخلي ..من غير ما زرعنه عميقا في ما كنت لابالي ولربما كنت مثل عديدين قلما ينتبهوا وقلما يتساءلوا لكنهم مستعدين دوما لاقتناص أية فرصة ودون ان يستوعبوا حتى حقيقة دوافعهم ..

في لحظات عالية مدها انسى انني كنت بلهفة القطة الصغيرة المبتلة والتي تعلي نظرها بتجاه  اي أحد ليحسن اليها وانني كنت اتعب من عنادي وإبائي الذي بلا سبب يقنعني حتى انا نفسي واعود متسللا ابحث عن اي واحدة منهما او اقف عند الباب على أمل ان تاتي الاخرى او مجرد ان تمر من الزقاق ..كانت تتلقفني الصغرى باوسع حنان وتظل الاكبر على مناوشتها لي :"ألعيل "بارك من ذك تطاور ديالك وش كيصحبلك غير انت (نتينا) لكنتي صغير ..."وتمد ذراعيها ويدها مطالبة اختها ان تمكنها مني وتطلب مني بترجي وبنظرة يملاها العطف والحنان أن أذهب عند اختها الاكبر الاكبر منها  "فاطمة "..

في لحظات من الصمت الذي كان يعلوا بيننا كنت اكاتفها واتدلل عليها طالبا ان اساءلها وان تسمع لي وتجد معي أجوبة..ودون تردد وبسرعة اقدف بالخاطر الذي يثير حيرتي ."علاش انا كنبغيكم بجوج وكل وحدة كنبغيها فشكل وما باغيش نخسرها .."تنظر إلي بجنون وبلهفة ثم تحور نظرتها الى اختها وتقول لها "_وش سمتعي.." وتسرع الصغرى بالرد الذي وكأنها لم تكن مستعدة لوقت لتفكر فيه وتنجزه :"-حتى حنا كنبغيوك بجوج وكل وحدة فشي شكل .." تتدخل "فاطمة "لتسرق فرصة الحديث وتقول لي "_انا غذي نشرحلك انا مشي هي هذي انا مختلف عليها فكل حاجة في جسمي.. في سني ف..تجربتي.. فديك شي لكيعجبني ومكيعجبهاش هي وانا كبيرة عليك. هي وخا كتبان عامرة وكبيرة هي باقة قريبة ليك في السن وانا معاملتي ليك مشي نفس المعاملة لعندكم مع بعضيتكم ..دبا انت كتبغي في حاجات مغير لكتبغيهم فيها هي..."وبسرعة كذلك تتدخل الصغرى وكأنها تستأنف نفس الحديث ولكن بلسانها هي لتقول لي "كبحالنا حتى حنا كل وحدة فينا كتبغي فيك حاجات ...".  .....فهمت لكنني لم اكن اريد غير استرجاع كم مرة رددت كل واحدة منها مفردة "كنبغيك ".."كنبغيوك "لانها وحدها الجواب الذي يكفيني ويقنعني  ..الباقي كله تفاصيل لا تهم ...

لم اعرف كيف تسلل الي الاحساس بالخوف ولا من رعاه في ليكبر ويبدأ في محاصرتي ..خالتي كانت بوعيها الفطري تهز الطفل الحالم في  كانت وهي ضاحكة مجلجلة تحدرني وتقول لي "عندك تتيقهم راه غير كيضحكوا عليك..راه كل واحدة دبا تمشي لدارها وتخليك ..."..خالتي عالم منغلق ومفتوح على كل المفاجات..مرة متربعة في عرش صمتها والتفاتتها وتململها في جلستها..ومرة مقبلة على التحدث وبجد ..ومرة مشدودة الانتباه مستغرقته تماما امام برنامج تلفزيوني لكنها في العادة غير ذلك بالمرة هي على الاغلب  صامتة والحديث عندها مجرد عبارات تنطقها وتصريحات تعطيها لمن لجوارها وكأنه فعليا كان بينها الحديث مسترسل وهو ما لا يكون ..خالتي لم يكن لها نفس طويل في الحديث سرعان ما تبدي ضجرها الصريح ..تحب التفكه بحضورنا ولا ينقصها حس الدعابة لكنها سرعان ما تعود لتنحسر في صمتها وحدها الأوامر التي توجهها وبحدة كانت تذكرنا بالوقت وتذكرنا كذلك بان خالتي بعد مدركة لالتزاماتها ومستوعبة لحضورنا بجوارها ..لما الحق بها للمطبخ تدعوني لها "اجي عنذي اخالتي .." تحضنني في صدرها ..تغرس راسي عميقا في صدرها ثم تقبلني تاركة بعض رطوبة شفتيها على خدي ثم تعاود توجيه الحديث الي "_انا خالتك عندك عزيزة ..منين نهدر معك سمعني ومن نشوف فيك بعيني فهمني ...وسير دبا ونس "آسية "راها كتصبن في السطح " كنت اقدر منها شكل تعاملها معي واعدها بيني وبين نفسي بان اعمل بكل ما تطلبه مني ..بجوارها كنت استرد ثقتي بنفسي ...هل خالتي من زرع في ذلك الاحساس بالخوف ..؟! ربما ب"طنجة "الجنة بالنسبة لي كنت أخشى علي من مصير اخوتي الكبار الذين ما عاد متاح او "مقبول "ان يمكثوا اكثر من بضع ايام بمنزل خالتي كان والذي يقول لهم "دبا نتوما كبرتوا ..درتوا صحابكم وعندكم ما يتدار   خليوا عليكم دار خالتكم في الثقار ..طلوا عليهم وحد اليومين واجي بحالتكم .."...كنت خائفا ان اكبر وان اطرد من الجنة..وبت مرعوبا اكثر مع خطبة بنت خالتي "فاطمة"..وبدات اعيش افتقادها حتى وانا بجوارها ملتصق بها بتودد.. ..

بكيت خوفي ل"آسية "بكل حرقة لتهزا مني وبذات الحنو والعاطفة وتقول لي "_حنا دبا وخى كنكبروا مكننسو لكنبغيوه بالعكس كنزيدوا نبغيوه غير كل مرة فشي شكل اخر عوتني .." 

لما عرفت "فاطمة "بشأن مخاوفي اتتني وجرس ضحكاتها يسبقها لتبدا الحديث "_اجي "ألعيل "ديالي وش كيصحبلك دغيا غدي تكبر ولا فشي نهار غادي تكبر علي ..انتينا معندك فراق معنا باق مشفتي والوا شنوا غذي نديلك في دار راجلي..من غذي تبقى تجيبك خالتي لعندنا ولا ماجبتكش انا غذي نهود عندك لحتى لدارنا ونديك معيا ...".

كنت احدس انها صادقة معي ولا تتحايل علي من اجل ان تطمئنني فقط لم اشأ ان اخبرهم حقيقة من زرع في كل ذلك الخوف لم اجرأ ان اقوله لاول مرة لاي منها وانما اوصيت به عند ابنة خالتي الكبرى "فاطنة " التي خبرتها عن اختي الكبرى التي ما ان تأتي لزيارتنا او نقابلها صدفة بمنزل الخالة  حتى ابدا في العد التنازلي عن متى ستودعنا والى كم من الزمن قبل أن نعاود الالتقاء ولما حقيقة كل ذلك يحصل معها هي بالضبط ومعنا نحن كذلك ...؟!! 

(يتبع...)

الجمعة، 25 سبتمبر 2020


 


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية ...عالم الصمت (2) سلاما متجددا لفاطمة..

 لم تفارقني للحظة ولا تحولت تلك المواقف التي ارتسمت عليها كنهاية ختامية لا تدعوا الا للعودة إلى نقطة البداية ..الى علامة الصفر في علاقاتنا ببعضنا ..وللمرة المئة او ما لم احصيه جيدا تتثالب علي وتهزمني وتعلن انتصارها علي ..وتهزء مني بتودد ..بدون ان تثير حفيضتي ..فكلانا يعلم جيدا اننا حريصون على ان يستمر الود بيننا الى مالا نهاية .. 

اقول مع نفسي :" هذه المرة فعلتها عن جد .." تنظر إلي مباشرة في عيني وهي تتشدد لتريني انها تنظر إلي بعمق وصراحة في عيني ودونما تصنع او بمنتهى الاتقان والتفنن تبدا في مخاطبتي مزاوجة الضحك والابتسام بالكلام : "- وماذا تعتقد هل نمزح ؟! قلت لك ساتركها عميقة في ذاكرتك لا تنتسى ..وها انا اترك على انتظاري ..." 

كنت قد قررت ان اغير من سابق برنامج اهتمامي بالبيت من حيث ان عائلة خالي ابتدات موسم الزيارات فلا بد ان يكسروا عائلة خالتي بدورهم حالة الطوارئ الصحية وياتون لزيارتنا وبالتاكيد ستكون هي وزوجها ،رفيق عمرها اول من سيفد الينا منهم ..لذلك لم اتردد لحظة في ان اطرح جانبا برنامجي السابق وابدا في ورش اعداد البيت ونظافته لاقول بطريقة صغيرها التي ربت واعتنت به جيدا "ها انا ذا ..ممتثل لما لم تأمري به مباشرة لكنك اوصيت به من جملة ما توصيني به ..وها انا ذا مثل الصبي المتعلق بك دوما انتظر فقط الرضى من عيونك .."  

حينما توصلت بالرسالة الصوتية وباشرت الاتصال بباقي افراد عائلة خالتي المتاحين لم يكلفني ذلك الكثير من الوقت وبعض جهد البحث لاخلص الى جانب اليقين في انها ستودعنا على الاقل ذلك اليقين العلمي البحث وبيني وبين نفسي لم اكن في حاجة لاصدق في التمني والاماني ..كان اهون علي ان اضرب في تخميني العلمي القوي على أن أطعن في القلب ..ولما أتى الخبر لم أملك الى أن الجأ الى اختى واخي ملتمسا بتحايل على أن يلملموا التبعثر الذي اضحيت عليه ..ليأمنوا لي سفرا امنا في دواخلي ..سفرا استعيد فيه الطفل الذي كنته ومازلته ..سفرا اطمئن فيه على احوالي من كل تعرضات الحاضر وتهديدات الاتي من الزمن ..

احملق فيها غير مباغث لكنني بذات الان كمن لا يريد ان يصدق واقول لها :" ..لن تعاودي زيارتنا اذن .." تضحك مني وبتغزل ترد علي "-..لا ما من زيارات بعض اخر مرة .." وبحنق حاولت جاهدا على أن اسيطر على تفجره عاليا من ذواخلي اقول لها :" ولماذا ادخلتني في زمن انتظارك حين انك لن تعاودي المجيء ؟!" تنظر للاسفل وكأنها تستجمع انفاسها او تكابر رغبات اخرى وتغير من نبرة تعاطينا في الحديث وتنظر الي عيني لبرهة ثم تحولها عني لتتركها تقع على اي شيء غير عيني وغير شخصي وتدخل معي في استرجاع "انسيت عما طالبت انت فيه ان ندفع في تأسيسه بيننا عندما كنا نتحدث عن العمر بيننا الذي على اننا كبرنا ونكبر  لا يتغير ابدا بيننا ..انسيت انك انت من حشر حسابات الموت في علاقتنا ببعضنا وطالبت بان ناخده في تقديرنا وان نعمل عليه كما كنا نعمل على مشاريعنا الحياتية الصغيرة والكبيرة وان نحوله من مأساة الى مستوى مزحة او حدث طبيعي بسيط لا بد لاي واحد منا ان يعشه ...!!؟"

لم يحدث معي ان نكث بعهودي ..لم يحدث معي ان تحايلت لانال شيئا او حبا  دون ان فضحت نية تحايلي قبل الفوز به اردتني دوما صادقا ولو على حساب قانون الخسارة والربح الاجتماعيين .وفي احيان كثيرة كنت لا اتحصل الا على الكثير من المرارة والاحساسات المتضاربة وانا لا اعرف كيف اداور ولا كيف الون مشاعري وانما مع اول ينوع الفكرة بداخل  راسي حتى اتدفق بها واعمل على المكاشفة بها ولما اعود لنفسي اجدني مكتظا بمشاعر وباستفهامات وخائفا من ان اكون قد اسيئت الفهم ..وحدها تلك القناعة التي كونتها كانت تردني الى توازني كنت اعالج الموضوع ببعض اللامبالاة من حتى ان يسأ فهمي "..ماذا يعني ان لا افهم جيدا ما دمت انا كنت مخلصا في كل ما قلته او دعوت اليه بمثل ما انا وفي لنفسي..! "  

اذكر صغيرتي "رحاب "لما وجدتها تبكي وحدها بالغرفة وهي ترفض ان تتحدث عن مابها وانا اقاوم حالة الانحباس التي وضعتني فيها بوعي او بلا وعي ..لا اقدر على أن احتويها بين ذراعي ولا ان اضمها الى صدري  واتركها لمساحة من التطهر او لنزع الوحشة من كوامنها لم يكن امامي سوى المزيد من دفعها لتتحدث الي عبر عدم الكف من جهتي عن التحدث اليها ..من جملة ما قلته لها انني اطلب منها ان تسامحني ان كنت قد ارتكبت اي خطا في حقها دون ان أقصده وان تسامحني على اي زلة لسان اساءت اليها لانني في هذه قد اذنب انا بطبعي لا اقاوم لذة الكلام والمحادثة وقد يدفعني تدفقي الحميمي في الكلام الى ان اتفوه لربما بما لا يصح او يحب او متواضع عليه اجتماعيا وهو ما قد ياول بالإساءة ..وهو ما انا صادق أاكد على انه ليس بنيتي ابدا ..

كنت الجأ الى التبرير لنفسي وكانت "فاطمة "تفهم عني ذلك ولم تكن من طينة من تسايرني من أجل المسايرة ..معي كانت لجوجة تطالب بلا انقطاع بحقها في الكلام وفي ان اسمعها كما تسمع هي لي وكانت بمطالبتها تلك تكبر في عيوني  هي لا تقول الا بالمشاركة في الاخد والعطاء وعندما تتحدث الي لا تأكد الا على حقيقة صدقها ومنتهى صراحتها كانت تحب ان تدللني يقولها "ألعيل 'يايها الولد' "..ألعيل وكيصحبلك انت الاول لجيتي الدنيا ..؟! " ثم تردف :يمكن تكون مدوز ...'اي لك خبرة "لكن راه كل واحد عندو تجربتو ومدوز حتى هو..عندك تكون غالط .."

نحب ان نناوش بعضنا الى أن نمسك بعضنا من الجانب الذي يوجعنا وعندها نهادن ونمد السلام بيننا ونفتح الباب على مصرعه للمكاشفة بيننا..لسنا في حاجة لنشك لحظة في صدق مشاعرنا ولا نوايانا ..كنا نعرف كلنا اننا كبرنا ..كانت قد صارت جدة من زمن اخد يبعد وانا اجتماعيا لا زلت على حالتي وكنت استوعب بعض قلقها بخصوصي لكنها تطمئن على وعلى اختياراتي وتقدف لي نفس الكرة التي مررتها اليها :"عندي هو تكون عايش مزيان ..بخير مع راسك .."  

مع "فاطمة " لم اكن لالعب دورا اتماهي فيه مع والدي المتوفي ربما مع اخوتي ربما مع ابناءهم خصوصا مع تقدم والدتي في السن ومكوثي بجانبها ببيت الأسرة والعائلة حتى انني وجدتني مدعوا لاذكر بعضهم جهرا وعلانية بانني انا صغيرهم من يلعب دور الاب بحضورهم من حيث ان لكل بيت لا بد من تواجد للاب فيه ...ومع "فاطمة " لم اكن بحاجة للكثير من الاسترجاعات كان يكفي  ان انطلق معها من حيث انا كائن نفسيا ونحويا وان لا اخفي عنها ما تنتابني من افكار او هواجس او مما أنا منشغل عليه بالتفكير والتارق ومعها كنت مستوعب تماما للعمر بتقديره الطولي الزمني الحقيقي ..كنا نعرف أن كلينا كبر لنملك اكثر مساحات لنتحدث في كل الموضوعات وعن مختلف الاحساسات و لهذه  مساحة خاصة اوجدنها نحن لأنفسنا منذ ان لمست في صغيرها المفضل من بين كل ابناء خالتها انه بدا يكبر ويتعلق بها عاطفيا ومنذ أن فهمت بان عليها ان ترعاه وتامن له مساحة ومسافة  امان تحميه من مشاعر الافتقاد والتهديد ..

"هل تظنينني اخطات في نبش مثل هذا الموضوع ؟! " 

-"بالتاكيد ..لا ..انت كمن كان يقرا في خاطري ويعرف فيما انا منشغلة به .."

لم اباغثها وان شعرت بانني اوجعتها ..كنت اعرف انني ادعوها مرة أخرى لتحدثني عن عالمها عن صغارها الذين كبروا كانت تعرف انني لست من ذوي ذلك الاهتمام الحسي الاجتماعي لاسالها عن احوالهم وانما لانني ببساطة مؤمن بالعائلة وبالقيم التي تاسس لها والتي استشربتها منذ نشئتي ..وهذه المرة تعمدت ان اوجه علامات استفهاماتي بشكل مباشر اليها بعد ان كسرنا من حدة استحضار الموت في حياة كل واحد منا .."- هل انت راضية على ما قدمته في حياتك لاسرتك ..؟!"واجابت وكأنها تسترسل في احد احاديثها الخاصة جدا مع نفسها والتي لم تخبر بتمام التفصيل عنه حتى شريك عمرها ورفيقه الوفي .. "_ساكذب عليك ان قلت غير راضية عن نفسي ..راضية تمام الرضى عن كل ما قدمته وبذلته من اجلي من اجل كل واحد.. واحد ..لانني ابدا لم انم على هواجس فكرة لانفذها مباشرة في الصباح وانما كنت اقضي اوقاتا واياما وانا منشغلة في التفكير والبحث واسئل بطرق غير مباشرة قبل أن املك القرار واقتنع ومن ثمة ابدا التنفيذ ..انا حتى في آخر قرارتي لاستكمال بناء المسكنين لابني لم اذخر جهدا ولا ركنت الى الاختيارات السهلة بداية من تفضيل حج البيت الحرام او مصلحة بناتي  واولادي كلهم سوية الى من هم احق من غيرهم ولا لماذا افعل ذلك .!!؟..ولما اطمئن قلبي حاول زوجي مراجعتي في الامر بدواعي الاهتمام بصحتي والاعتناء بامري نفسي لان امور البناء صعبة ومتعبة نفسيا وعصبيا ..لكنه لما لمس في الاصرار في الغد الموالي بدأ معالجة الأمور الإدارية ..وانطلقنا ..انا بناتي مطمئنة عليهن لابعد حدود لان تربيتهن على كل ما عانيته معهن كانت سهلة لكنني مع الاولاد لم افارق خوفي الاول بشأنهم الى الان ..الاولاد محتاجون الى كل أنواع الدعم والدعم المادي أساسا انا اعرف انني لم أقصر في تربيتهم كما والدهم علمهم مند صغرهم الاعتماد على الذات وقيمة العمل والانجاز ...ابني الاصغر نسخة مذكرة مني يشبهني حتى في ملامح وجهي وكل ما اعطيه له كمن اعطيه لنفسي لذلك ارتايت ان احتفظ به قريبا من عيني ومن رعايتي وان احرص على أن يستوعب ما عرض زواجه الاول للفشل ..ابني الاكبر اسم على مسمى عالم لوحده وبحكمة خاصة جدا اخد من كلا والديه لكنه استطاع ان ينفرد بشخصيته وبتقديره هو لأموره ومع ذلك لم يكن من مناص لنقربه هو كذلك منا وان لا نخاف عليه ..بناتي كل واحدة مستقرة ببيت زوجها وكل واحدة دعمت فيها الجوانب التي اختارت ان تتعلق بها مني كل واحدة منهن هي في نفسها وذاتها جزء مني ..من  "فاطمة " أخرى لكن بجوانب تركت لها كامل الحرية في ان تصنعها هي بنفسها لنفسها لكن برعاية مني وبتوجيه  مني ..وبناتي انا لم يتمردن علي حتى مع من خالت نفسها أنها ستفعل بي ذلك نسيت بانني انا من قويت فيها نزوعها الكبير للاستقلال باراءها وذاتها وتحملها لمسؤولية نفسها وثمن اخطاءها ..انا اعطيت من القلب ومن العقل لم اكن متساهلة معهن وفي نفس الوقت اكثر من متسامحة معهن بقيت ملتصقة نفسيا بعمر كل واحدة منهن لافهمها ولاستوعب احتياجتها ولارافقها في تمرحلها ومعهن عشت اجمل لحظات عمري خصوصا ان لا واحدة منهن تشبه الاخرى منهن لكل واحدة طباعها الخاصة ومميزاتها الخاصة وطريقة تعبيرها عن نفسها ..الكبيرة متعلقة بابيها مستقلة بنفسها وكانني ما ربيتها وبيني وبينك أحبها أكثر لأنها كذلك والتي تعقبها اكثر وعيا بمصلحتها وبمصلحة إخوتها ومستعدة لتبدل الغالي والنفيس من أجل إخوتها ومن اجل كل العائلة وناجحة في حياتها والثالثة صاحبة القلب الكبير اما الرابعة فهي عنيدة صعبة الانقياد وتبدوا خشنة مع انها اكثر طيبة وان لا تبدي ..انا ربيت بناتي  ..زوجتهن بمحض اختيارهن.. سهرت لجانبهن وهن يضعن بناتهن واولادهن ..بقيت الى جانب اولادي الذكور ..واسكنتهم لجواري حتى لا تخلوا علي حيطان البيت من حس الاولاد والاحفاد واشيخ واتعب.. وفي اقرب الاجال  سأوفي ديني مع ربي بالحج صحبة زوجي ..فكيف لا اكون راضية ..يحدث معي كثيرا عندما امكث لوحدي بالبيت ان ابكي لدرجة أنني اشعر بانني مكتئبة وربما أكون في حاجة لعلاج من نوع تخصصي ثم اعود لنفسي ولصلاتي ولحمدي لله اقول لنفسي وماذا ينقصني بعد ليطمئن قلبي ...امر من وعكات صحية ومع توالي مرورها لا اخفيك انني بدات افكر في حادثة الموت لكنني عندما اتمعن في مختلف فصول حياتي اجدني مطمئنة على نفسي حققت جميع ما تمنيته وحلمت به عندي اجمل الحفدة  والحفيدات وضعنا المادي انتقل من منتهى الكفاف الى مستوى لاباس به اعتمدنا على انفسنا صحيح اننا عشنا مراحل من التقشف الى أن وقفنا على ارجلنا لكننا بمجرد  ما ان  انتهينا من بناء مسكننا الاول والفرن حتى انفتحت علينا ابواب الرزق وتجاوزنا تقشفنا ومخاوفنا والان وبعد ان كبرنا الاولاد بات بالإمكان أن نلتف لأحولنا نحن وبتنا نخرج ونسافر انا وزوجي ...  انا بصراحة وبعد وفاة والدي والدتي بالخصوص راجعت حساباتي مع الموت وكل ما عدت اتمناه هو ان اموت مرضية دون ان يطول معي مرض الموت لا اريد ان اتعدب وان يتعدب اولادي معي اما من حيث انني ان كنت راضية على حياتي نعم راضية وراضية حتى بالموت لقد اديت رسالتي بكل جهد من اراد ان يأديها على احق واتم وجه ..تصور معي حتى في زيارة الغداء يوم الجمعة دائما يوجه لي زوجي اللوم ويطلب مني ان اغير من هذا الطقس ..في آخر صيف نبهت بناتي واولادي بانني تقاعدت نهائيا عن تفصيل وخياطة اي ثوب لاي احد ..ان لي الاوان بان ارتاح انا بدوري....     

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...