ظل السؤال يكبر في راسي ويطاردني لازمنة من عمري .."هل اخطئن في حقي ..؟!!.."
كنت بداخلي احس برغبات متصارعة واخشى علي من الانقياد وراءها ..وكانت مشاعر الخجل تربكني وتشل امكانات التواصل السلس مع الاخرين..ربما لانني حملتني هم ان ابحث خلف كل احساساتي وتتبع خواطري واحلام يقظتي .اكثر من ان استمتع باسترجاعاتي وألحق دروب تلك اللذة المحفورة في أعمق ذاكرتي..
اقطع الطريق لمنزل "حنا "'جدتي ' مستسلما للطريق الذي اعتدت سلوكه ..اتمنى فقط ان اجد الباب مواربا لادلفه ولا اضطر لأطرقه ..اتمنى فقط ان تستجيب لحس مقدمي وتناديني باسمي وتدعوني للدخول او الالتحاق بها بكوخ السطح ..اتمنى فقط ان تنتظرني على سلم الدرج الضيق واول ما اصل اليها تحضني وتقبلني ولما لا تسالني "ماذا بك ..؟! " بمثل هذا العمر الحديث وانا يتملكني احساس بانني كبرت وشخت وفقدت القدرة على الاستمتاع ..بممرات الاعدادية كانت عيوننا تتقابل على نحو ما لم اعد اريده مع الاخرين ..عيني كانت تقدم اعتذارتي ..عيناها ..اعينهن كانت تحمل المزيج من الاستياء والتساءل والكثير من الاهتمام ..اكاد اجزم ان كلهن اتت عليهن اكثر من مرة ليأتوا للوقوف لجواري وليتحادين اكثر بجسدي وليلتقطن كفي ويمسكن بها ..الصغيرات كن اكثر جرأة ليطبعن قبلة على خدي ويتركن المجال لنتحاضن على نحو مواري ..
عمتي لم تكن تثقل علي بالاسئلة ..تتركني اعيد اكتشاف فناء السطح كما لا امل عن فعله في كل مرة وكانني ما اكتفيت من استجلاء كل ركن وكل زاوية فيه وكل ميل أو تشقق في ارضيته ..تدعوني لاجلس في مرمى عيونها لتطالعني بين الفينة والاخرى وهي تحاول معالجة الصمت بيننا باي حديث تعرف جيدا انني لا ألتقطه بتنبه لكنني حريص على تسجيله بذاكرتي ..تنهي عمتى ما بين يدها من شغل وتسكب الماء لتنظف يدها تمسحها على اسفل ثوبها ثم تدنوا مني لتكاتفني وتقربني من حضنها وتطلب مني ان احيطها بذراعي ..تطول البرهة وتمتد للحظات لا اشعر فيها باي شيء سوى بسلام هائل يجتاحني ويكتسحني ..تهزني من غفوتي ..تمسك بوجهي تحضنه بكفيها ثم تترك المجال لتطبع علي خدي قبلة كبيرة ثم تدعوني وهي تاخدني لنجلس سوية بكنبة الكوخ ..تسالني هذه المرة وهي تنظر مباشرة الي عيني : "- دبا 'الان 'مزيان ..؟!."اومأ براسي كتعبير تاكيدي على الحال الذي وصفته هي بخصوصي ..تلف ذراعها خلفي وتخضني من الوراء بصدرها وتدنوا بوجهها من خدي ..تعبث بشعري تقبله وانا في غاية الاستسلام وغير مترقب لشيء .. مطمئن بجانبها فهي اكبر مني لتعرف كيف تعتني بي ..في ذلك الزمن كنا نتحدث ونتكلم وكانت تحكي لي الحكايات لكننا لم نكن بعد قد طورنا اي لغة نفسية بيننا كانت وستظل ابلغ لغة عميقة بيننا تلك التي كانت بجسدها تخاطبني وتقول لي انني افهمك ..
الروايات التي كنت التهمها كانت تداعب مخيلتي وتدعوني لاصحابها في استكشاف عوالم الحب والرغبة ..الكتب العلمية التي توفرت لي كانت أكثر حيادية في تناولها لموضوع الحياة الجنسية ولم تكن تجيب على كل اسئلتي واستفهاماتي فانا قد افهم واستوعب معنى الممارسة الجنسية لكنني لا أعرف حقيقة ما يعتمل داخلي ويكبر بين ضلوعي ويجعلني دائم العطش وممتلئا باحساسات النقص وباستعداد لاهرب من خلاني واقراني لاي فسحة انزوي فيها على نفسي ولما لا ابكي قليلا احساساتي بالاغتراب ..!
احنق عليهن جميعهن واتذمر من ما غيرهن ما كنت لأكون بكل هذه العواصف التي تنهش دواخلي ..من غير ما زرعنه عميقا في ما كنت لابالي ولربما كنت مثل عديدين قلما ينتبهوا وقلما يتساءلوا لكنهم مستعدين دوما لاقتناص أية فرصة ودون ان يستوعبوا حتى حقيقة دوافعهم ..
في لحظات عالية مدها انسى انني كنت بلهفة القطة الصغيرة المبتلة والتي تعلي نظرها بتجاه اي أحد ليحسن اليها وانني كنت اتعب من عنادي وإبائي الذي بلا سبب يقنعني حتى انا نفسي واعود متسللا ابحث عن اي واحدة منهما او اقف عند الباب على أمل ان تاتي الاخرى او مجرد ان تمر من الزقاق ..كانت تتلقفني الصغرى باوسع حنان وتظل الاكبر على مناوشتها لي :"ألعيل "بارك من ذك تطاور ديالك وش كيصحبلك غير انت (نتينا) لكنتي صغير ..."وتمد ذراعيها ويدها مطالبة اختها ان تمكنها مني وتطلب مني بترجي وبنظرة يملاها العطف والحنان أن أذهب عند اختها الاكبر الاكبر منها "فاطمة "..
في لحظات من الصمت الذي كان يعلوا بيننا كنت اكاتفها واتدلل عليها طالبا ان اساءلها وان تسمع لي وتجد معي أجوبة..ودون تردد وبسرعة اقدف بالخاطر الذي يثير حيرتي ."علاش انا كنبغيكم بجوج وكل وحدة كنبغيها فشكل وما باغيش نخسرها .."تنظر إلي بجنون وبلهفة ثم تحور نظرتها الى اختها وتقول لها "_وش سمتعي.." وتسرع الصغرى بالرد الذي وكأنها لم تكن مستعدة لوقت لتفكر فيه وتنجزه :"-حتى حنا كنبغيوك بجوج وكل وحدة فشي شكل .." تتدخل "فاطمة "لتسرق فرصة الحديث وتقول لي "_انا غذي نشرحلك انا مشي هي هذي انا مختلف عليها فكل حاجة في جسمي.. في سني ف..تجربتي.. فديك شي لكيعجبني ومكيعجبهاش هي وانا كبيرة عليك. هي وخا كتبان عامرة وكبيرة هي باقة قريبة ليك في السن وانا معاملتي ليك مشي نفس المعاملة لعندكم مع بعضيتكم ..دبا انت كتبغي في حاجات مغير لكتبغيهم فيها هي..."وبسرعة كذلك تتدخل الصغرى وكأنها تستأنف نفس الحديث ولكن بلسانها هي لتقول لي "كبحالنا حتى حنا كل وحدة فينا كتبغي فيك حاجات ...". .....فهمت لكنني لم اكن اريد غير استرجاع كم مرة رددت كل واحدة منها مفردة "كنبغيك ".."كنبغيوك "لانها وحدها الجواب الذي يكفيني ويقنعني ..الباقي كله تفاصيل لا تهم ...
لم اعرف كيف تسلل الي الاحساس بالخوف ولا من رعاه في ليكبر ويبدأ في محاصرتي ..خالتي كانت بوعيها الفطري تهز الطفل الحالم في كانت وهي ضاحكة مجلجلة تحدرني وتقول لي "عندك تتيقهم راه غير كيضحكوا عليك..راه كل واحدة دبا تمشي لدارها وتخليك ..."..خالتي عالم منغلق ومفتوح على كل المفاجات..مرة متربعة في عرش صمتها والتفاتتها وتململها في جلستها..ومرة مقبلة على التحدث وبجد ..ومرة مشدودة الانتباه مستغرقته تماما امام برنامج تلفزيوني لكنها في العادة غير ذلك بالمرة هي على الاغلب صامتة والحديث عندها مجرد عبارات تنطقها وتصريحات تعطيها لمن لجوارها وكأنه فعليا كان بينها الحديث مسترسل وهو ما لا يكون ..خالتي لم يكن لها نفس طويل في الحديث سرعان ما تبدي ضجرها الصريح ..تحب التفكه بحضورنا ولا ينقصها حس الدعابة لكنها سرعان ما تعود لتنحسر في صمتها وحدها الأوامر التي توجهها وبحدة كانت تذكرنا بالوقت وتذكرنا كذلك بان خالتي بعد مدركة لالتزاماتها ومستوعبة لحضورنا بجوارها ..لما الحق بها للمطبخ تدعوني لها "اجي عنذي اخالتي .." تحضنني في صدرها ..تغرس راسي عميقا في صدرها ثم تقبلني تاركة بعض رطوبة شفتيها على خدي ثم تعاود توجيه الحديث الي "_انا خالتك عندك عزيزة ..منين نهدر معك سمعني ومن نشوف فيك بعيني فهمني ...وسير دبا ونس "آسية "راها كتصبن في السطح " كنت اقدر منها شكل تعاملها معي واعدها بيني وبين نفسي بان اعمل بكل ما تطلبه مني ..بجوارها كنت استرد ثقتي بنفسي ...هل خالتي من زرع في ذلك الاحساس بالخوف ..؟! ربما ب"طنجة "الجنة بالنسبة لي كنت أخشى علي من مصير اخوتي الكبار الذين ما عاد متاح او "مقبول "ان يمكثوا اكثر من بضع ايام بمنزل خالتي كان والذي يقول لهم "دبا نتوما كبرتوا ..درتوا صحابكم وعندكم ما يتدار خليوا عليكم دار خالتكم في الثقار ..طلوا عليهم وحد اليومين واجي بحالتكم .."...كنت خائفا ان اكبر وان اطرد من الجنة..وبت مرعوبا اكثر مع خطبة بنت خالتي "فاطمة"..وبدات اعيش افتقادها حتى وانا بجوارها ملتصق بها بتودد.. ..
بكيت خوفي ل"آسية "بكل حرقة لتهزا مني وبذات الحنو والعاطفة وتقول لي "_حنا دبا وخى كنكبروا مكننسو لكنبغيوه بالعكس كنزيدوا نبغيوه غير كل مرة فشي شكل اخر عوتني .."
لما عرفت "فاطمة "بشأن مخاوفي اتتني وجرس ضحكاتها يسبقها لتبدا الحديث "_اجي "ألعيل "ديالي وش كيصحبلك دغيا غدي تكبر ولا فشي نهار غادي تكبر علي ..انتينا معندك فراق معنا باق مشفتي والوا شنوا غذي نديلك في دار راجلي..من غذي تبقى تجيبك خالتي لعندنا ولا ماجبتكش انا غذي نهود عندك لحتى لدارنا ونديك معيا ...".
كنت احدس انها صادقة معي ولا تتحايل علي من اجل ان تطمئنني فقط لم اشأ ان اخبرهم حقيقة من زرع في كل ذلك الخوف لم اجرأ ان اقوله لاول مرة لاي منها وانما اوصيت به عند ابنة خالتي الكبرى "فاطنة " التي خبرتها عن اختي الكبرى التي ما ان تأتي لزيارتنا او نقابلها صدفة بمنزل الخالة حتى ابدا في العد التنازلي عن متى ستودعنا والى كم من الزمن قبل أن نعاود الالتقاء ولما حقيقة كل ذلك يحصل معها هي بالضبط ومعنا نحن كذلك ...؟!!
(يتبع...)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق