الأحد، 29 مايو 2022

يوميات : عوالمي السرية ..../ مابعد كورونا ...حياتي الاسرية ..

 ٤-هجران عنيف ...


هكذا كانت حسبتي ...مرت ازيد من اربع سنوات ونصف على انفصالنا ...لم اكن اتقصى اخبارك ..لم احاول ولو مرة ان افعلها ..غير انني دائما وانا اقطع الطرقات وبشوارع المدينة واسواقها عندي ذاك الهاجس بانني قد اراك ..قد اقابلك ..قد تقع عيني مع عينك ...

تعبت ...عندما انتظرتي خروجي للعمل وازلت الجبس عن ساقيك وقدميك وخرجت متسللة من البيت ولما وصلت منزل الوالدة هاتفتني لتبلغيني انك هجرتني وانني لا استحقك وانني ....وانني وانت وانت ....وما لا عدت اعرف كم من الكلام قلتيه وظللت ترديده ...

تعبت من الاسئلة ..تعبت من الحاجة التي دعتني لاجمد نشاطي بالشارع "تجارة الفراشة "

واحزم سلعتي واخزنها وان اقبل بعرض اخي الكبير بان اساعده في اعمال صباغة وتشطيب ومراقبة العاملين ببيته وكان يقصد اساسا ان يبعدني عن الوحدة والعزلة ومجرد التفكير فيما وقع بيننا ....وكان بذلك يؤمن لي ان اكون بعيدا عن اي مكان كان لسعاد ان تصلني به خصوصا بعد كل التهديدات التي قالت بها ...نعرف كلنا انها لن تصمت ولن تنهد وستحاول ولمرات ان تستفزني في الشارع العام لعلي امكنها من ما به ترفع قضية اعتداء عليها ..وفي ادنى محاولاتها ستلجا لي دوما لكي تجبرني على ان تاخد مني مصروفا .." تكريسني "  بلا واجب حق وتحث طائلة انها ستحيح علي  ان رفضت الرضوخ لمساوماتها ....

عانقت قنينة الخمرة الرديئة سعة لتر ونصف والتي اممزجها باليموندا وبدات استعملها كرضاعة اطفال وانا حبيس الفراش ..اشرب منها واشرب حتى يغفلني النوم فانام ...لاصحوا من جديد عليها ...كنت لاغيب استعمل حبوب "اتراكس ٣٥مغ" واحيانا جرعات من محلول "كلسي برونات " او "دوغماتيل سيروا"...واستمر في الشرب ..لا شهية عندي للاكل او بما لا اعرف كنهه اسقطتها من حسابي واكتفيت بالنزير والقليل كنت اريد ان اتخلص من كثافة جسمي ..كنت اريد النحول والخفة في سفري هذا ...

لم يكن سهل علي بالمرة على كل ما كنت اتصوره واتوقعه ان يكون الفراغ قاتل وان يكون الاستتراك اشبه بالجحيم ...اعرف انني الرجل ..لكن الا يعني هذا انني بدوري انسان وكائن اجتماعي ومن حقه ان يحزن وان يكتئب وان يشعر بالضياع وان يعاني في المحصلة من الالم النفسي والارق والاكتئاب ....؟!..

سعاد ..كانت شريكتي والتي لا يهمني كيف كانت تنظر الي .." سهل الانقياد وسهل ان تتحكم به وتتلاعب بعواطفه حتى .. " لانني كنت مقتنعا بانه ما ان ينوجد عيب او نقص فينا او خلل في تركيبنا فسيتم استغلاله الطرف الاخر ..وهي كغيرها من حقها ان تسعى وتحاول معي ان استطاعت الي سبيلا ..

كانت شريكتي بالحضور ..بالمرافقة ..بالمصاحبة ..كانت لكل الوقت بجانبي حتى ولو لم نكن على وئام وود دائم  بيننا ...كانت مصممة على ان تكون حاضرة بجانبي تلحضني وتراقبني وتتحين فرصها معي ...

وفجاة ..او دفعة واحدة تقرر ان لاتفعل امرا حقيقيا للبقاء معي وتختار الابتعاد وكان لها ذلك دون ان تاخد  الوقت الكافي لتفكر كيف سيكون حالي بدونها ...!؟؟.

بعد كنت غير قادر ان اصدق ان ما حصل حصل كما هو.. كما يقولون او لا يقولون.. كما اتفقت الرواية عليه ونتداوله نحن ..ام انه لاسباب معينة حدث الاتفاق على ان نتدوال ما حدث على هذا النسق ..لنقل اتفقنا على تزيف الواقعة لسبب معقول ...

اصعد لسطح منزلنا اظل ادور حول السياج الذي اقمناه فاصلا يحول دون ان يتسرب كلبنا الاسود العزيز "برونو " لسطح منزل جيراننا المجاور ...اتفقد السياج والفتحات التي اقيمت فيه ولسبب من الاسباب اراها غير عملية وانها صعبة حتى على سعاد  المرور السلس لسطج المنزل المجاور لنا عبرها ...انظر لعلو طابقه اجده عاليا وليس دنيا بالمرة ..والارضية التي يقف عليها صلبة لامجال للمناورة ...واشعر بالقشعريرة والامتعاض ..كيف جرات على تحاول الهرب من هناك ..وكيف اقدمت على القاء نفسها من كل ذلك الارتفاع ....!!؟

انا تركتها على الكنبة القريبة من باب صالة جلوسنا الواسعة ..كانت تحزم راسها بخرقة حزم المحاربين رؤسهم ..كانت مكفهرة الوجه متألمة من الالام اسنانها حيث وقعت بعض اللكمات على وجهها بعد ان تجرات لتمد يدها لوجهي مستعملة اظفار اصابعها لتصيبني بجراح وندوب على مستوى الوجه والجبهة والعنق وهو ما اغازني جدا واستفزني لاقسى درجة لانني فهمت منه ومنها انها تحاول توثيق الحدث على خارطة وجهي واشهارها للعلن ...كانت امي التي لا تقوى حتى التحدث دونما تهدج وتعب واضح والتي صعدت درج سلم الطابقين بمشقة وصعدتهما كمن تحبوا هي المريضة المزمنة بالالام المفاصل وامراض الشيخوخة ..تدعوني وتتراجني لكي اترك سعاد ...تقولوا لي باركا عليها بارك عليها المسخوط خليها عليك ....انا راضية عليك اولدي متضربهاش ...

ابعدتها من يدي واخدتها للكنبة وجلست بالقرب منها تلتقط انفاسها وهي تقول لنا :"غذين تقتلوني ..غدين تصفيوها ليا ....احرام هد شي لكتديروه في بعضكم ....

نزلت لغرفة الطابق الاول لاقفل الباب علي واحاول الاسترخاء بالتدخين ...كانت كل حواسي متوقظة تتابعها ..لا اعرف ما عساها يمكنه ان تفعله ...نزلت واغلقت باب البيت الرئسية بالمفتاح وصعدت من جديد لانظر لحالها واسالها ماذا تريد ..وكانت تطالب فقط بان اسمح لها بالخروج وهو ما كنت ارفضه على الاقل الا ان يبزغ الصباح ...

بعد نصف ساعة او حولها اسمع استغاثة..وعثقوا الروح ..واعثقوا الروح ...انهظ جاريا من مكاني اصعد الدرج ابحث عنها في الغرفة ..في السطح ..في سطح الجيران ...لا اجدها ..اعود لاتتبع صوت استغاتثها ..اتبين انه من خارج البيت ...انزل مسرعا درج الطابقين افتح الباب بسرعة امضي لاخر الطوار والتفت لارها تحاول الحبو وتجر رجلها بصعوبة ...اقصدها اسالها ماذا فعلت بنفسها ..ماذا كانت تنوي ان تفعله بنفسها ....اطلب منها حملها لداخل البيت ترفض وتستمر في الحبو باتجاه الشارع ...امي خرجت ...والسيد مقدم الحي بدوره تقدم منا واخد يراقب الوضع ودونما ان يوجه اي سؤال ...كانت سعاد تتالم وتشير لرجلها ...رجلي تهرسات ...امي رجلي تهرسوا ...قال لي مقدم الحي انها في حاجة لسيارة اسعاف سالته رقمها ودخلت لاحمل الهاتف واتصل بهم وكذلك فعل هو ...في تلك اللحضات وصلت هي للشارع كانت تلبس قميصا شبيا خفيف  ونهديها يبرزان منه وترتدي سروال نوم خفيف بلا سليب من تحته من نفس اللون ..كنت احاول مساعدتها على الوقوف واطلب منها الرجوع للمنزل ولكنها تعلل رفضها بان قدميها متكسرتين ..في هذه الاثناء وصلت سيارة الاسعاف ونقلوها بها ..توادعنا انا والسيد مقدم الحي، عون السلطة وشكرته من جانبي ودخلت للمنزل صعدت غرفتي دخنت عدد من السجائر الواحدة تلو الاخرى وانا تحث وقع اسوا صدمة..ثم تدثرت بمعطف ثقيل حيت كان درجات الحرارة جد منخفظة انها ايام راس السنة الميلادية ..وطلبت من والدتي مبلغ ٢٠ درهم لعلي احتاجها في حال اخدوني عناصر الشرطة الى مركز الديمومة للاستماع الي وان افرجوا علي يكون بملكي ما اقل به سيارة اجرة...قلت للوالدة فيما بعد ساخبرك بكيف تتصرفين مع الكلاب في حال كنت ساغيب لفترة من الزمن ...كانت تنظر الي ولا تناقشني   انا الان لست متاكدا من اي شيء ومفتوح على كافة الاحتمالات . .المهم لا تنزعجي مما قد يحصل معي في اسوا الاحتمالات ...وادعي لي ...لانه ينبغي ان الحقها الى مصلحة الاسعاف والمستعجلات والمفروض ان اكون بجانبها ولا اعرف ما يمكن ان اقابل هناك ...

عانقت والدتي حملت المزيد من السجائر وتوجت راجلا الى حيث مستشفى اللامريم ....وجدتهم قد ارسلوها لقسم الاشعة لتاخد صورا لقدميها وساقيها .. لحقت بها لهناك ..ولما خرجت من القسم كانت ترتجف ونادتني باسمي طالبة مني ان ادفئها ..خلعت معطفي الثقيل ووضعته عليها ..كانت تطلب مني ان ابقى بجوارها ..عدنا بها لقسم المستعجلات حيث اقر بوجود كسر واكثر وبضرورة ان تاخد سريرا استشفائيا بجناح النساء لتتلقى العلاجات ولتتمكن من ان يفحصها  اخصائي العظام وجراحهم...

سعاد كانت تشكوا من البرد اكثر فاكثر ومن الالم ..الممرضة المناوبة شكت لي عدم وجود مواد تسكينية بخزانة الجناح وطلبت مني ان احاول مع ممرضي غرفة الاسعاف والاستعجالات ...وقصدتهم وعدت بحقنتين ..كانت سعاد تتحدث للممرضة وماسمعته منها شيء على اننا نهددها ونستقوي عليها وهي لا تعرف كيف تتصرف ....

عدت للمنزل وحملت لها بطانيات وملاية ووسادة كان النهار قد بزغ وابتدات الحركة تعج بها المستشفى الاقليمي...كنت قد اجريت مكالمة مع والدتها مي السعدية وقلت لها ان سعاد بالمستشفى وقالت لي بانها سترسل من وراء اختها الكبرى باصيلا وسيأتون معا ...

لم يكن هناك اي تدخل للشرطة ولا من طلب قدمته سعاد تطلب فيه حضور الشرطة ولا طاقم التمريض وجد من ضرورة ان يقوم بدلك الاجراء ...على كل انا كنت مستعدا لكل الاحتمالات ..كانت معنوياتي في الارض وكذا مشاعري ..كان كل شيء متساوي عندي ولا اي فارق معي يشكل ...

عدت لاشرب قهوتي بالبيت ولادخن وعقلي منجبس علي لا اكاد المس اي ترتيب للاحداث كيف وقعت ولا ما هو ما فلت من بين يدي فاوصل الامر الى هذه النتيجة ...اصبحت في غاية التلف لا افهم كيف حصلت الامور وهل فعلا هي من اسقطت نفسها من الطابق الاول لمسكن جيراننا ...او الا يكون انا من حملتها واخرجتها لجوار البيت بعد تعنثها واصرارها على ان تخرج الان وفي التو من هذا البيت .  والكسور كيف وقعت لها ..ربما ليست هناك كسور كل ما هناك رضوص فقط ....ومع كل هذه الاسئلة والاستفهامات انا ما بين المصدق ان هذا حصل وانه لم يحصل او ليته لم يحصل ...وهنا تبلبلت كل مشاعري ....

بعد ارجاعها للبيت ومكوثها معي لازيد من شهر ونصف كلانا كنا مريضين ومتعبين ..هي كانت مكتئبة وانا اعاني "كرب ما بعد الصدمة " (PTSD)..ولما رحلت تفاقمت الحالة معي وبت اكثر سوداوية وحزنا واغترابا وضياعا ..كان كل شيء سعيت لبناءه بجانبها قد انهار ...والبرنامج الذي داومت عليه لزهاء ثلاثة سنوات انهار بدوره ...وعاودني الخوف والقلق على نفسي وفقدت القدرة على ان انام مما كان يجعلني كل ايامي اعاني الانهاك وسوء المزاج واضطراب المشاعر والرغبات ...

ثلاثة عشرة شهرا وانا على هذه الوضعية اشرب بشكل مستمر لوحدي وبالفراش ..اعيش الفوضى والاغتراب لا اعرف كيف يمكن ان اقيمني من جديد ..ان اجعلني انهظ مجددا وافكر في المسير واستمراره ....

وطوال هده الفترة لا خبرا يصلني عن سعاد ....



الخميس، 26 مايو 2022

يوميات : عوالمي السرية ../ مابعد كورونا..حياتي الاسرية

 ٣- البحث عن المصالحة ...!؟


لست في حاجة لان اقرا ما خلف خطابك ولا لكي افهم دواعي قول اي شيء او كل شيء مادامت  اختلفت دروبنا ..او فشلنا في ان نصنع نقطة الالتقاء ...!!؟ ..

حيحتي ...كنت اعرف ان ذالك منتهاك ..بكامل الرعونة تهدين اي جسر للتواصل بيننا وتسدين الباب التي انفتحت امامك بكل سعة وترحيب ...

عمرتي راسك وجيتي عوالى على خزيت ...تدركين جيدا انك الخاسرة قبل ان تفكري حتى في المحاولة ...خسرت قبل ان تعلينها علانية امام كل الناس الذين ايقضتيهم من نومهم لتفرجينهم في ..ناسية انك ستكونين الفرجة ..من سيهتم ..ومن سيتجاوب معك ..تعرفين مسبقا ان الصمت سيكون كامل جوابي عن كل سفالتك ...

لن اعاتبك اعرفك ضائعة ..اعرفك تبحثين عن اي سبب وجيه او مقنع يساعدك على الخلاص من كل عبئ حياتك التي لم ترضيك قط او  فقط لمجرد سويعات ...سويعات تجرعين فيها بضع كؤوس تشعرك بالتعاطف مع نفسك ومع بعض من العالم وليس كل العالم الذي خاصمتيه ونسيت حتى لماذا ....!!؟.

سعاد ..عبثا تقاوم ..مجبورة على ان تعاند الى اخر رمق كي لا تسقط او تنهار قصتها ..لا يمكن في لحظة ان تجد كل الذي ادارت له ظهرها وناصبته العداء كان مجرد خطء كبير وفادح ...

عبثا ظلت تبحث عن عائلة هي من رفضت الانتماء اليها او بالاحرى هي من تمردت عليها وخرجت عنها ...الواقع انها كانت صغيرة بعد على ان تاخد اية قرارات ..لكن الحاصل هو ما وقع وتتالى ...وكان الليل وويل الليل وكانت الكلاب الضالة والذئاب وكانت القسوة وكان الاذلال وكانت كل انواع المرارات وكان الشارع الخالي والبرد والجوع والخوف ...وكانت سعاد التي لا تملك ان تعود للخلف ..كانت التي فقدت ان تكون طفلة وان يكون لها بيت وحضن دافئ يسامح ويغفر ...

اذكرها وهي تجفل من النوم مرتعدة صارخة .."وامي وامي ..."..كنت احس بها غير قادرة على ان تتظاهر طوال الوقت بانها قادرة على ان تتجاوز كل مخاوفها وبانها فعلا تعاني وبعمق ...

تلك التي احببتها ..تلك الانسانة الحقيقية ..الصادقة في مشاعرها الغير محتاجة لان تفكر في حيحة تعيد برمجتها وتشغل اليات دفاعها عن نفسها حتى وهي تعقل جيدا ان كل ما ستفعله لن يساهم الا في تازيم موقفها ..لكن من يبالي ..وهي من هم لهم تغدوا ولا من بيت استطاع في يوم ان يشعرها بانه بيتها ..ولا من حاضر مهما راق جوه ودام امكنها الاطمئنان اليه ..لقد صدقت في اللعنة ..

صعب ان تعيش متوجسا..خائفا..مرعوبا..والاصعب ان تعلق امالا كبيرة على غد سياتي ولا ياتي ...

من اجل نصر في معركة واحدة تخسر كل الحرب لان الحرب ليست معركة واحدة...سعاد ارادت اعتبارها وعدمت بدون ان تعي الطريق لنيله ..من جديد وكما دائما كانت تلهت وراء السراب لانها لم تصدق ان ما حصل، حصل..وكان يجب ان ينتهي عنده..ما كان يتوجب ان تعلق فشلها على اي احد ..وهكذا من اجل ان تستمر الحياة ..ما كان يجب ان تفكر كثيرا ...

لست في حاجة لان امسك قصة ماثرة او مقنعة لادافع عن الحق في ان اكون وان اوجد ...

تعرف جيدا انها مضطربة وكفت على ان تلاقي نفسها وخائفة من ان تختار الانسحاب ...

لا اعرف لماذا كنت مصرا على ان اتلقفها ولا ادفعها نحو السقوط ...كانت سهلة امامي ..قادر على ان اتخلص منها مثلما تفعل هي بدون لحظة تردد او مراجعة للنفس ...لكنني اخالني كنت اريد ان اعرف فعلا كيف تراها تعاني ..ما الذي تعانيه ...كنت اريد طريقا لاستوعبها اكثر ..ربما باصرار ان لا اخسر المعركة معها ..ربما بانانية ان اجعلها ممتنة لصدقي وتقدر بعض نبلي ...كنت مستعدا لان اخسر اشياءا كثيرة من اجل ان اجعلها تصدق انها اختياري ..وانني راض بنصيبي ويحق لي ان اكون سعيدا به ...لكنها تابى الا ان تذكرني بنفسي زمن العناد والمكابرة ..زمن التلف والانهيارات العصبية ..كانت مستعدة لان تخسر كل شيء الا وفاءها لنفسها ..كانت مستعدة لان تصدق في كل ضلالتها لكي لا ينهار عالمها ...

صدقت في انها ضحية ولن تقبل ان تنازع في ذلك ..والسبيل الوحيد لاقناعها ان تشاركها اوهامها الخاصة جدا وان تضمحل امامها لتحل هي مكانك ..لتبتلعك كي تكون هي ..وهي فقط في كل معادلة الزوجين او الشريكين او العشران ...

بكل بساطة لم يكن بامكاني ان اسايرها تكفيني عللي النفسية وامراضي ..لا يمكنني ان اقبل ان اكون مجرد وعاء ..او نحو شكل مجرد ..وقلتها بصراحة ..لو كانت تقدر على امتلائي لما همني ان تكون هي النبع وانا المستقر ..او تكون هي كل الوهم الذي تضج به دواخلنا ..لكنها لم تتملكني ولا غيبت كامل وعي بانني حتى انا في حاجة لان اكون ولان انوجد ...



الأربعاء، 25 مايو 2022

يوميات ...عوالمي السرية .../ مابعد كورونا ..حياتي الاسرية ...

 ٢- احقاد الماضي..


لازلت استحضر نصا قصصيا لمحمد الشريف الطريبق نشره بجريدة العرايش التي كنت اديرها بعمود بالصفحة الاخيرة ..وكان يتحدث عن تلك التي تحمل حقيبتها واشياها وتخرج برغبة ان لاتعود لغرفتها ولسابق حياتها بها وبعد رحلة تقف فيها بافريز الاطلسي تعود من جديد تحمل حقيبتها لنفس الغرفة وكل شيء يقول داخلها انها ستعاود الكرة مرة اخرى ....

هي ذي سعاد رغم انني اخليت لها رفوفا بالخزانة لتضع ملابسها واشياءها الخاصة الا انها ظلت مصرت على ان تحتفظ بهم في حقيبتها..حتى لما تصبن قطعا من ثيابها تعاود وضعها بذات حقيبتها ...براسي يصدع صوت مغني الراي المغربي "محمد مسكر "ويطلق اغنيته :داير صاكي فوق كتافي وباقي نعرف بحق الرجال  ...."،

اخاطبها من بعيد ودون ان اوصل لها افكاري او صوتي ..."الا متى ستظلين تحملين قطعك وبعض القليل من ممتلكاتك البسيطة والفقيرة فوق كتفك وتفكرين دوما في الرحيل والرحيل ...!!؟ الى متى ستاجلين ساعة الاستقرار وتحطين متاعك الارض وراسك الارض وترضين بواقعك ...؟!..

بعد سعاد هي سعاد بعد تتوعد بانها ستنال حقها من كل الذين ظلموها وتعدوا عليها ..وانها لن تسامح ابدا في كل من اداها من قريب او بعيد ...

اذكر بحنية "امي السعدية " وهي تسخر من سعاد دون ان تقسوا عليها في ذلك ..."هزا قرنك كي العقرب ..."

سعاد طيبة بلا حدود و"درويشة "غير انها بالاضافة الى ذلك "عافية "

مر الزمن بسعاد دون ان يمكنها من ما اردته بشدة ..وما اردته هي بكل قوة وعنف ان تعيد الاعتبار لنفسها وان تنتقم من كل من احتقرها في يوم او سخر منها او قلل من اعتبارها او حاول محاصرتها وفي هذه تستوى كل ساكنة جماعتها القروية "الساحل "..وكل عائلتها وبعبارة ادق كل من يعرفها او عرفها في يوم من الايام ...لعلها تنتظر ان تتحول الا غيرها الا انسانة اخرى بلا كل ذلك الماضي الذي يعقلونه عنها ..او لعلها في حاجة لان تنسلخ من كل ما يذكرها بذلك الماضي وبتلك الشخصية التي يعقلونها عنها ....

تقول جادة انها لم تكن كذلك في معظم ايامها بل كانت تشتغل وتلتزم البيت بالشهور وتصرف عليه وتعول والدتها ...لكن لا تعرف كيف "المساخيط ديال السوحليا كيعودو يدور بها ويخرجوها الطريق ..."...

عاشت متمردة هذه هي حقيقتها الاصلية ..تمردت وهي بعد صغيرة على كل اوضاع واعراف القرية ومحافظتها ..كل الذي كانت تستوعبه يتلخص في ام تشتغل لتعيلهم تشتغل في المعامل ..في الحقول ..في اي عمل ومن اول الصباح الى اخر المساء لتاتي قوتها وقوت ابنائها ...سعاد حاولت ان تفهم ولعلها لم تفهم تماما كيف ان لها ثلاثة اخوة ذكور واحد توفي وكل واحد منهم من اب اخر ومن اب توفي وانا حتى هي لا تعقل والدها المتوفي السي المختار ...

والدتها التي عايشت ثلاثة ملوك حكموا المغرب للان حدث ان تزوجت باربع رجال وولدت مع كل واحد منهم وكلهم وافتهم المنية ..اربعة ذكور واحد منهم توفي وترك بناتا من صلبه والذكر الاصغر له اخت لها ابناء واحفاد ولكنه ليس الاخ الشقيق لسعاد اصغر العنقود ومن اخر زوج تزوجته الوالدة ...

الاخ الاصغر الغير الشقيق ودونما ان تفصح في شانه الكثير تناصبه اشد عداء ..تحكي حكايات مبعثرة عن طفولتهما معا وعن حوادث كان يعترض سبيلها ويسابها ما تتحصل عليه من اجرة عمل قامت به ...

لكن الطريقة التي تتحدث بها عن اخيها هذا منفرة ومبالغ فيها فهي ترميه باقدح الصفات وتنعثه بالانتهازي وبالاناني وبالنصاب و....كما تحاول توجيه اتهمات ملتبسة له حينما تقول "انا بسبابوا خرجت من الدار ..."...

في احد اعترفاتها لي قالت لي انها منذ صغرها كانت تطمح لان تخرج شيخة ...وبانها كانت منبهرة بحيات الشيخات وبجراتهن على ان يذخن جهرا كما الرجال ....

تتحدث عن طفولة نزقة عاشتها وعن ميولات كانت تركبها لتقاتل الاناث والذكور من اقرانها وعن تحراميات كانت تفعلها ..سعاد لم تدخل يوما فصلا دراسيا او حتى كتابا تعلميا ..قالت لي انها استفادت لما كبرت قليلا من دورة تدريب بالمعهد النسوي على الخياطة والصوفة 

تتحدث عن فترات كانت تصحب والدتها لتشتغل بجانبها في معامل تصبير السمك وفي معمل تعبئة قنينات الكوكاكولا ...

وتتحدث عن فترة سافرت لتعيش عند خالتها بمدينة القصر الكبير ...لكنها لا تقول اشياء كثيرة عن حياتها ...كل الذي تستقيه منها ان علاقاتها مع اخيها بمنزل الوالدة هي من اوصلها لكي تاخد القرار بان تخرج نهائيا من بيت الاسرة وتخرج على نظام العائلة ....

سعاد الان جدة لصغيرة اسمها "افنان" تقول بطريقة لا احبها منها عن ابنتها "حنان " تزوجت شهر ونص وجبت الكادوا (الهدية) وجات ..."

سعاد على انها ليست راضية عن مال بنتها الا انها داخليا كمن حصلت على الخلاص الذي يرضيها خصوصا انه يهبها الحق الان في ان تقول ها لماذا انا كنت رافضة لهذا الزواج وها لماذا ابعدوني انا امها عن زواج بنتي وفعلوا بها ما شاؤوا وهاهي النتيجة الان ...غادين يعطوها للجبل وميقلولهاش حتى تشرب اقراص منع الحمل المساخط ...خرجوا على البنت ..دعوا بهم لله معمري نسمحلوهم والنهار لغذي يجي بيدوا غذي نوريهم شكون تكون هي سعاد وعلياش انا قادة ....

الأحد، 22 مايو 2022

يوميات : عوالمي السرية ...مابعد كورنا حياتي الاسرية ..

 ١- الثقة...



تكبر داخلي هذه الرغبة في اجراء هذا الحديث ..في التكلم .. في قول اشياء واشياء تظل حبيسة بذاخلي وتتحرك بعنف ..تريد الخروج ...خارج كل سياق ما كنت احكي واسترجعه..ربما لان لا علاقة لها بذلك الماضي القريب او البعيد ولكنها مرتبطة بحاضر هذا الوقت ...بهذا الحاضر المبعثر كما هو دائما ..

وحدتي قد لا يكون اي جديد فيها ومهما حاولت استحضارها كانها معانات ستبدوا مجترة وقديمة ولا شيء فيها مستجد ..دائما كنت كذلك في معظم لحظات عمري ..كنت وحيدا ..وماذا بعد !!؟..

الزمن خاص ..زمن يهرب من اي التزامات ولا يريد ان يخضع لاطار يقيده او يخصه ...زمن اكون فيه ويسعني لا يهم نهارا او ليلا ولا اي ساعات منهما ولا ما عساه يكون اليوم وتاريخ اليوم ...

زمن بلا ذاكرة مهمة ..لا شيء يستحق ان يوضع حكاية او يقص عنه..

زمن غالبية وقته استرجاع ..ارتماء في تفاصيل الماضي البعيد وبعض من الماضي القريب ..

زمن كل الشخوص فيه غير حقيقة الا بمقدار ما كانت وما لم تتبدل فيه رغم كل امتداد زمنها وتاريخها ..

اعرف انني لن احي ولن اميت اي من شخوص ذاكرتي وقد لا افاجا بان ارفض وان احاصر متى سجل علي تطاول على تلك الذاكرة التي لا تخصني انا وحدي ...

لا ابالي بان اوضع بين معقوفتين وان يحسب علي انني امارس فضحا غير مقبول اجتماعيا ..لانني ما كنت لاهتم بنشر غسيلي ولا غسيل اي احد وجل ما ابتغيه ان اتخلص من ذاكرة قد تتعفن ولا تحكي اي شيء والاهم ان لا تملك ان تقول كل ما كان يجب ان يقال ويحكي قبل ان تضمحل وتضيع كالهباء المنثور ...

لم اكن قاسيا في احكامي ولا متطرفا في نظرتي للامور فقط حاولت ان اكون صادقا مع نفسي ومع من حولي حتى وان لن يرقهم حالي ولا حالهم كما تناولته من زاوية نظري ومن تمام حرية رؤيتي ...

"سعاد " اخدت الفرصة التي تستحق ..الفرصة الثانية ..فرصة كاملة بلا سابق احكام وبلا تدابير اختبارات وكشوفات تقيمات ..فرصة تامة لها كامل القوة لكي تنهي وتطمس التجربة السابقة التي كانت بيننا والتي انتهت على ذلك النحو الكارثي والدرماتيكي..وتاسس بالمقابل لزمن جديد يجمعنا ..يوحدنا ..يقربنا من بعضنا ..يديب اي خلافات بيننا ..يوصلنا فعليا للحظة المصالحة الخاصة ولتاسيس السلم والعيش الممكن مع بعضنا ...

كانت مغامرة من طرفي ..مغامرة بحق ان ابدا مع واحد انا اعرفه جيدا واعرف لحدود بعيدة نسبية امكانيات تغييره لكن ما كان مقبول ان الغي فعل اننا نتطور ونتغير ما دمنا في تفاعل مع الحياة ومع الناس ومع ظروفهما...

كانت مغامرة ادرك انها قد لا تسلم جرتي معها وانها قد ترتد فوق راسي ..لكنني كنت مدفوعا وعلى نحو واعي وصريح واخر غير صريح ولكنه واعي هو كذلك لاخضها ولاعيشها كتجربة عيش جديدة وبشكل كامل بدون ان اضع سقفا محددا لنهايتها ..النهاية ليست شاني ولكنها قد تاتي كنتيجة منطقية وموضوعية وعندها لا محالة من ان اتقبلها واعمل بها وانتهى ...

كان يلزمني اطار اطرح فيه المغامرة لكي لا تتحول مهزلة تجرني الا ما لا يحمد عقباه ...

من قبل اخد القرار كان نص روائي لنجيب محفوظ يطاردني بشدة ويفرض حضوره بقوة على فكري وذهني ..كان عمله الموسوم ب"حضرة المحترم "يجثم على فكري ..يمارس رصدا فوقيا علي ..وكل الذي كنت اردده داخلي بانني لن اعيش روايته بل اريد ان اعيش روايتي ...

ما كنت لاقبل ان تدخل حياتي وتخرج منها متى شاءت وتعاود الكر كذلك ودون ان تحس بانها مطالبة باي تفسير او تبرير منطقي ...

هذه المرة كانت مصممة على ان تلعبها خارج قواعد الزواج والعشرة والمساكنة الشرعية رفضت ببساطة ان تترك الكوخ الذي تكتريه في عمارة سكنية مقسمة بيوتاتها على عدد من المكتريين منهم المتزوجون ومنهم المطلقون ومنهم الاعزاب ...كان منطقها هش لا يستقيم ..ان الدعوى بانه يلزمها ان تتحوط وان تترك لها مكانا خاصا به تعود اليه لانها تعبت من ان تدور على بيوتات الاخرين وكل مرة يخرجونها الى الشارع ...قالت ان لا امان اضحى لها ...وانا لعلي افهم ان سابق انكسارها ودوران الدنيا عليها زعزعز الثقة بنفسها ..افقدها قدرتها على ان تركب التحدي كل ما من مرة وان تبدا من جديد مهما كانت الظروف التي تقابلها ...

سجلت كامل رفضي لهذا الوضع الشاذ وقلت انني لن ادعمه ..اما ان تكون معي او لا تكون ...خصوصا ان مجال بيتنا واسع ولا يكلفنا اي اجر وما من يطرق باب بيتنا طالبا باجرة او حق لديه علينا ...

ابت ان تترك كوخها لتقيم بشكل رسمي معي كما ابت ان اخبر اخوتي بانني اعدتها الى البيت وانني من يتكلف بكل مصاريفها ومصاريف البيت 

من جديد تمادت في الخروج لعالمها لحيث صاحباتها واحياءهم ونشاطاتهن سواء في البيع على ارضية الطرقات والشوارع وعادت لجلساتهن ولكوؤس الخمرة وسجائر الحشيش ولقصصهن وحكايتهن وعادت لتاتين لتطرق باب مسكني وهي سكرانة وفي حالة متدمرة وقد صرفت كل ما كان بحوزتها من مال قليل بل وتاتي وقد تعرضت لسرقة هاتفها ومفاتيح باب كوخها وباب ومسكننا وما كان معها من نقود ...بل وتاتي وقد تعرضت لمحاولة اعتداء بالضرب لما خرجت عن طورها وهي شاربة الخمرة تسب وتلعن كل ناس السوق الذي يتوسط حيهم ...

يعز علي حالها اعرف انها كبرت في السن واخدت تشيخ تجاعيد تجد مكانها تحث جفونها ..اما فمها ففي حالة كارثية من الدمار ..اسنان مكسرة وصفراء واخرى سوداء واخرى اخلت مكانها وحتى شفتيها اضحت بجلدتين جلدة متسخة بسواد وصفرة الدخان مغطاة باخرى ..ما زالت بنفس الحدبة الخفيفة على ظهرها وجسدها يشكوا من سوء التغدية .ما من نهذين ممتلئتين ولا ردفين ...كلها على بعضها في حاجة الى ترميم والى اعادة تاهيل ..بالاضافة الى الكسرين الذي تعرضت له على مستوى القدمين والقصبتين والذي وان وقفت منه عليها فهي لا زالت تعاني الالم والتعب بسرعة ولازال اسفل قدمها يتذمل ....

قبل ان نعاود الاتصال ببعضنا بعد وفاة والدتي كنت اعرف انها اشعلتها معركة مع اهلها مع كل العائلة ووصل الامر باخيها من والدتها ووالدتها ان قدم بلاغا وشكاية بها لمصالح الدرك الملكي بدعوى تهديد اهل بيته بتصفيتهم جسديا وقد قدموا تسجيلات بذلك للمصالح الامنية .. 

كما علمت بان حتى ابنتها حنان هددتها بان ان لم تترك ساحتها وتنساها فهي بدورها ستوصلها الى الدرك والمحكمة معها ...

وكل القصة حسب روايتها هي تدور عن باي حق يزوجون بنتها دون حضورها ودون علمها ودون مشورتها ....

وجدتها هي هي لازلت تجتر ويلها لوحدها وتوجد الاسباب ايجادا للاتتغير بل لتبقى بكل الحقد الذي ياكلها من الداخل ويمتص دمائها ويعكر صفوها ويفسد علاقتها ...

هالني حالها وشكل وجهها وتعنتها بعد لا تريد ان تصدق الا ما تصدقه هي وان كان لا عقلا يقول به ولا نظرية تدفع به ...

ضيعت كل صاحباتها القديمات وابتدات مع اخريات بنفس الاستعداد لتضيع اول واحدة منهن لن تنسجم مع افكارها او خواطرها او جنونها ...

ابتدات معها تاركا لها حرية القرار واتخاده ..قالت يلزمني الوقت لاطمئن ولاقرر ..قلت خوديه لكن بحساب لن يكون بامكاني ان احتمل ان تضعيني في اختبار دون ان اضعك بدورك في نفس الاختيار ...ثم عدت وقلت ..صعب سعاد ان نبدا حياة جديدة نفتقد فيها كلينا لاهم عنصر الثقة ..

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...