الجمعة، 23 أكتوبر 2020


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (9) .تابع : سلاما متجددا فاطمة"8-1"

 من اين لي بسحري الذين يتحدثون عنه وكل واحدة تضفي على تعبيره بصمة خاصة ؟! انا اعرف حدود وشكل قوقعتي -جسدي الذي البسه ويلبسني ..واعرف شكل ومحتوى الاسمال التي ارتديها والتي عبثا احاول مساوتها علي وعدم التحفظ في ارتدائها عملا بنصيحة اخي "سمير "الذي كان يقول لي تجاوز الشكل الى الجوهر .الى العمق الانساني فيك ..احسست ببعض الرضى عن حال هندامك ..هيا تحرر ..انطلق تعرف قصة حجا مع حماره وحماية جحا مع حماره وابنه ...تعرف انه صعب ان ترضي كل ادواق الناس لذلك دعك منه مادمت تعرف قدرك ... وانا بالرغم عن قناعاتي تعدبني بعض الاحساسات التي تلم بي وتسيطر على تفكيري لدرجة يصعب علي تحويلها جانبا من راسي ..على كل حركيتي ونشاطي ولمات الاصحاب والرفاق من مختلف الأعمار والنوع اشعر انني وحدي ولانني في حاجة لافهمني اكثر ..كنت بالرغم من الثقة في النفس التي يعززها في كل احبتي وكل الناس الطيبين تاتي علي لحظات يتملكني فيها الخوف ..الخوف من المجهول والخوف من ان افقد السيطرة على نفسي..

في الصباحات التي لا ادرس فيها بالاعدادية انسل مغيرا طريقي المألوف وحريصا على أن اسلك الأزقة واقطع الطرقات بسرعة متفاديا مقابلة من أعرفهم والذين كنت احرص على ان اتعرف على قدر من المعلومات عنهم ..عن طبيعة نشاطهم وعملهم عن احوالهم الاجتماعية ..عن نوع الثقافة التي تربوا عليها عن سلوكهم الإعتيادي عن نشاطهم الاجتماعي بما في ذلك حتى خط سيرهم الشبه دائم في خرجاتهم للشوارع وفي مدارات حيهم...كانت قد أصبحت عندي اكثر من هواية ان اهتم قبليا بمن ساصاحبه و اتعرف عليه بشكل رسمي وعندما اتمكن من استكمال خطاطتي الذهنية عنه يكون سهل علي ان اتدبر فرصة اللقاء به وأكون قد حددت سلفا حتى كيف اقود الحديث التعارفي الاول به ..غير ذلك كنت العب على تيمة الخجل والتحفظ والمراعات للنوع وللفوارق الاجتماعية والعمرية بما يجعلني اتروى في دراسة المعطيات الأولية عن الشخصية التي تتعامل معها ولا اسمح له من الوهلة الأولى التي اختار هو ان يقتحمني ويلاعبني اجتماعيا بموضوع التعارف الاجتماعي ان ينجح في استكشافي الى ان اسمح له وبطريقتي الخاصة وفي الوقت الذي أراه يناسبني ...ربما اخدت بعض الوقت مع مجموعتنا لاقنعهم بصوابية وجهة نظري وموضوعها لكنهم متى اقتنعوا ..ساهم كل واحد منهم في اقناع الطرف الآخر الاقرب اليه عاطفيا في مجموعتنا ومن جديد احصل على تقديرهم وترابطنا كمجموعة نتبادل فيها الادوار التوجيهية والتفاعل الايجابي فيما بينا وفيما بيننا ومع محيطنا..اكتشف كل واحد منهم على كم حصل من خيبات عاطفية من من سعى او سهوا هم التقرب منه في اكثر من محطة حياتية من عمره وكم كان هجرانه وتجاهله وابتعادهم عنه محبطا له ..لم اكن لاتلاعب باي احد منهم غير أنني كنت لحد بعيد اعرف كيف أوجه ضرباتي واحيانا صفعاتي لهم لاهزهم من الداخل ولاجعلهم يرون الاشياء والوجوه والاشكال والمعاني بطريقة جديدة ومغايرة لانماط تفكيرهم وابصارهم المقولبة والنمطية ..كنت أوجه انتباهم لموضوعاتهم النفسية والعاطفية الأساسية لنعيد القراءة فيها وفي نفس الآن افتح اكثر من نافدة على موضوعهم الاساسي ..على صورتهم لذواتهم وعلى وعيهم باحتياجاتهم الأصيلة فيهم ..كان ما يجمعنا كمرحلة عمرية ونفسية فارقة في حياة كل انسان اجتماعي هي مرحلة المراهقة .. اكانت مراهقة مبكرة او متأخرة ..اكانت خملة او نشطة متوقدة ..ومتى وجدت المدخل لافك عقدة لسانه لنمد في التحدث والاحاديث بيننا فقد فتح لي منفدا لامد جسرا لافعل فيه ولاتفاعل معه ..وكنت حريصا على أن لا اقتحمه عنوة وان لا امهد التقرب منه الا عبر اخر نكون قد طورنا انا واياه علاقتنا ببعضنا والباقي افراد مجموعتنا التي تكون فرحة بمثل فرحتي بان نخلق فضاءا أوسع يضم اكبر عدد من أفراد جيلنا وبالتالي ان نوسع من دائرة تعارفاتنا وعلاقاتنا وفرص تبادل الخبرات والمهارات بيننا ..ثم ان نعمل وبشكل اساسي على تطوير وتعميق معرفتنا بانفسنا ..بالانسان فينا وبالانسان الاجتماعي في ترابطاته الاخرى مع الناس والمؤسسات ..كنا نملك اللغة وطرق التعبير عنها ونسعى بكل لهفة وجد لنطورها بالقراءات وحرصنا في اغلبيتنا على أن نتبادل تحصيل الكتب والروايات والمجلات

 وكل ما يقرأ وتبادل قراءته فيما بيننا ..على أن نخصص لكل ما نقراه من حلقات لمناقشته والحاق ما استخلصنا من كل وربطه  بموضوعاتنا الأساسية ومحاورها المتشعبة منافد لادخاله والحاقه بسابق ما اخد يتراكم لدينا من معارف نظرية وعملية انسانية ..لم نكن نغطي على اي نقص فينا او نتظاهر بالجدية كنا صادقين في رغباتنا وفي طموحاتنا كاشخاص وكمجموعات لان نعرف اكثر وان نهتم اكثر وان نتواصل بشكل مستمر فيما بيننا وان نسمح من ثمة لاقتراح اي واحد منا ان يصوغ لنا برنامج لقاءنا ..كان الهم الذاتي المشترك بيننا ان نكون راقين في أسلوب عيشنا وكان الرابط الموحد بيننا على اختلافات احوال معيشتنا ومستوايتها الاجتماعية اننا نعاني بشكل او باخر ..نعاني ولا نريد ان نرهق اسرنا اكثر مما هي مرهقة بتامين ظروف العيش لنا ..كنا نريد ان نضمن قدرا معتبرا من استقلالية ذواتنا عنهم وحريتنا دون ان نصطدم بهم بل ان نحتويهم في رؤيتنا لكيفيات احساسنا بهم هم كذوات وكافراد اسريون واجتماعيون ومدى نجاحهم في استدخال قيهم وقيم الجماعة فينا وكان علينا ان نسلك طريق الحوار معهم ان نمد جسوره اولا فيما بيننا وبينهم  ليسهل التفاهم والتقبل ولما لا اقناعهم بالتفاعل معنا من موقع جديد والتاسيس لعلاقات جديدة فيما بيننا وبينهم ...عن نفسي كنت مهوسا بادب نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ولجيلهم من الكتاب والادباء كما كنت مفتونا برؤى ومواقف الأديبة والباحثة نوال السعداوي ..على أنني كنت مولعا بقراءة كل الاعمال المترجمة من كل اللغات ..لم يكن عندي وقت لاضيعه في عمل اي شيء الا وانا اقراء حتى في المرحاض اقراء ..حتى وانا اتناول الطعام اقراء وان لم اكن اقراء فانا اناقش ما اقراءه وتوقفت عن قراءته لاساهم في نشاط ترتيب البيت او احد فروضه التي ما كنت اتردد طواعية مني في الالتزام بتاديتها ..كنت التهم الكتب ومقالات المجلات والجرائد بمثل ما انا حريص على دوام تخصيص وقت صباحي للاستماع الى محطات الإذاعة الوطنية ووقت مسائي لها متى سمحت ترددتها لبثالبث الإذاعة الجهوية طنجة المباشرة حتى مطلع الفجر ..كنت قد طورت مقدرتي على الانصات والقراءة دون ان افقد تركيزي وحدها بعض البرامج الإنسانية من كانت تستاثر كليا على تركيزي فاضع الكتاب جانبا من يدي لاولى لها كامل حواسي وانتباهي ...كل ما اقراءه يفتح عيني ويوسع مداركي و مخيالي..ويوقظ احساسات جديدة في ..ويفتح شهيتي على اصحابي وصاحباتي الذين اسعد ويسعدون بلقاءاتنا ببعض..بمحاداثاتنا ونقاشاتنا والتي كنت انتهز فرصها لاستذكر ما للتو قرائته او ما يشغلني عميقا التفكير فيه من موضوعات اغلبها اما رصدته  او اثار اهتمامي وانتباهي من مداولة النقاش حوله او بخصوصه في الإذاعة ..

كنت التف على الطرقات واتدبر  بسرعة بديهة طرق الافلات من من لا يتردد على النداء علي بنية توقفي للسلام علي او للدردشة معي او ببساطة ليطلب مني ان ارافقه او يعرض مرافقته لي ...كان لي موعد خاص ..موعد حرصت ان اتدبر تكلفته المادية وخصصته لي والدتي بكل ترحيب على أن يبقى سر بيننا ..امر بعحالة لاقتني الصحيفة المتجددة تحث عنوان "بيان اليوم "بعد ان الفت طبيعتها القديمة التي كانت تملأ اصابع كفي وراحة يدي وحتى وجهي بسواد حبرها واعشق ان اقربها من انفي لاشم رائحة طبعتها ..كانت مفتاحي لارى واطلع  على اخبار الوطن السياسية البائتة .لم اكن من هواة ان الاحق الاخبار الجديدة وموضوعات السبق الصحفي ولأن جريدة "البيان "جريدة تقدمية متأخرة من ناحية الإمكانات المادية والمهنية التقنية فلقد كانت حريصة على أن تتفرد هي بمتابعة كل ما ينشر في الصحف الرائدة الوطنية لتقرا فيه هي بروقان وبمنظورها الحزبي الموسوم بشخصية زعيمها الاول والتاريخي الذي كنا داخل اسرتنا نكن له احتراما جد خاص انه الزعيم "علي يعته "مؤسس الحزب الشيوعي المغربي الذي تحول ليحمل اسم "حزب التقدم والاشتراكية " لم اكن اضيع وقتا في البحث بين عنوانين الصحف وبين ما يظهر من  اسماء صحف عربية وافدة لاول مرة كنت ااجل ذلك لاقرب فرصة اتحصل فيها على مبلغ محترم لاشبع رغبتي في التسوق والتنزه بين رفوف المكتبة و حامل الصحف المعدني او الخشبي المميز ..اضحت لي علاقات مميزة مع اصحاب المكتبات وباعة الصحف الذين كانت لكل واحد منهم طبيعته الخاصة في فرض حضوره الاجتماعي...والتي كنت قد استطلعت عنها وتقصيت عن كل ما أمكن من تفاصيل عنها منذ زمن الطفولة عندما كنت اصاحب على الخصوص اخي الاكبر في خرجاته الاجتماعية بوسط المدينة ..معرفتي بطباع كل واحد منهم وما يستهويه ونقط جدبه وما ينفر منه بالعادة جعلني حتى انا افرض شخصيتي وتحفظاتي الخاصة خصوصا وانني كنت اعرف الانطباع الاول الذي أتركه في النفوس وهو الانطباع الذي لا ينبغي لي ان اجعله يترسخ في ذهنهم عني بل كان لزاما علي ان احوله خصوصا وانهم تعرفوا علي وانا بعد طفل اصاحب احد اخوتي وفي كل مرة من كان يتجرا علي بالملاطفة والمحاكاة يكرر نفس العبارة اليومية التي يكررها الكبار :"لقد كبرت .."وانا في نفسي اردد بنبرة تحد عميقة "انا كبرت قبل الان ومن زمن بعيد ..من اول ان وصلت لاستقر بهذه المدينة .."واعد نفسي بانني في يوم ساجعلها بداية حديث التعرف بيننا وساكسب رهان تحويل ذاكرته عني للابد ..تخيرت مقهى اقصدها واصعد مباشرة إلى سدتها المعدة كطابق علو واول يوم قررت فيه دخولها واعتبارها مقهاي الاثير والسري بعد ان قمت بعدد من الزيارات الإستكشافية لمقاهي المدينة ..خصوصا وسط المدينة صحبة اخوتي وبعض افراد عائلتنا لحين ان استقر راي على تلك المقهى بالضبط مقهى "وادي المخازن "كانت الأولى والاحدث في سلسلة المقاهي التي لا ترتبط بماضي استعماري ..وكانت الأولى  لمستثمر دخيل على الميدان لا سبق أن اشتغل بمقاهي ولا كان والده صاحب شغل بالمقاهي والمطاعم في حقبة الاستعمار والتي تلاها مباشرة اي في بداية الاستقلال ..احببت ان ابدا في الحقبة التي اعيشها انا الان ..في حاضري وحاضر البلد والمدينة ..وان افرض نمط شخصيتي لدى تواجدي بها ..كنت ادخل اليها متجاهلا النظر لاي شخص يجلس بصالتها السفلى والاساسية ومستعدا لتجاهل أية ابتسامة ترحيب او حتى نداء علي من احد معارفنا او اصحاب اخوتي او حتى أساتذة اعداديتنا ...كنت ادخلها وحدي واجلس لزاوية ارى منها ولا ارى منها ارى منها حتى العابرين من الشارع الرئيسي للمدينة "شارع الحسن الثاني"..زاويتي لها ميزة أخرى كانت سارية تخفيني عن تبيني التام من من كان يقصد المرحاض من رواد المقهى وحتى من الباعة المجاورين للمكان الذين كانوا يقصدونها لقضاء حاحاتهم ..لم اكن في حاجة لاتخفى وراء الجريدة التي كنت اطالعها بنكهة جد خاصة وبغاية النظر والإستمتاع والتذوق  لانني كنت افترشها على الطاولة واستعمل قلم الحبر الاسود لااشر على عبارات او موضوعات بعينها كما على اسماء كتابها ومدنهم والهويات التي يقدمون بها انفسهم أو تقدمهم بها إدارة تحرير الجريدة اليومية الوطنية التي كانت تصدر خمسة أيام فقط في الأسبوع ...خرجتي كانت ثلاثة صباحات في الأسبوع اقتني فيها من عدد الى عددين حيث لم تكن الجريدة تنفد من اكشاش الباعة ..لم يكن عليها اقبال وكنت احتفظ بالعدد الذي يحتوي على ملحق بيان اليوم الثقافي الى ثالث يوم أسبوعي لي بالمقهى والذي كان يوافق الاحد بتقدير خاص مني انا ..وهو الصباح الذي تعرف كل المقاهي اكبر توافد لرودها ولكل وجوه المدينة المعروفين وهو الصباح الذي كانت تحلو لي فيه ان اثير المحادثة مع مكتبي جد راق من وانا طفل كان يعاملني معاملة مكايسة وجد محترمة كنت اطلب منه ان يحدثني عن جديد الصحف والمجلات وان يعطني فكرة عن أكثرها انتشارا ومبيعا محليا لكي أعرج الحديث عن الجريدة التي اقتنيها انا واتابع اعدادها عددا عددا ولاسأله عن من يكون الحريص مثلي على متابعتها على الاقل من محله هو بالضبط ولاطلب منه في مناسبة اخرى على. ان يعرفني اليه بصفتي متتبع وقارىء نفس صحيفته ..

لم اكن اعير الجريدة لاي كان وحتى داخل منزلنا كنت اطلب التزامات خاصا بان يحتفظ لي بها وان تعاد لي سالمة كنت احتفظ بكل نسخها واعود مرات لمعاودة تصفحها وقراءة موضوعاتها التي لازلت تثير اهتمامي ..

من المقهى اخرج واعبر ميدان التحرير واتبطا المشي والخطو

امام باحات المقاهي لارى وأرى من روادها متبعا نفس اسلوب وجوه المدينة المعروفين وساستها المتحزبين  والنقابيين وحتى انا ممسك بصحيفتي واقاوم بعد لذة ان امسك بسجارتي السوداء الرخيصة فقط لأن الوقت لم يحن لرفع مثل هذا التحدي عاليا أمامهم هم فقط في مثل هذا الصباح الذي يعني لهم اكثر من طقس اجتماعي وانما فرصتهم لتاكيد حضورهم  وانتماءاتهم السياسية ومكانتهم الاجتماعية الوظيفية والعمالية واوضاعهم التجارية ..كنت انظرني الى أن اصل لمكاني على الشرفة الاطلنتكية وفي قمة الزاوية التي تجمع بين شارع يؤدي الى اعداديتنا "الامام مالك "وشارع اخر يحيط كل امتداده بالبحر ..وكان لي اهتمام اخر بهنالك كنت ارغب في مطالعة الوجوه التي تعبر وتفحصها  وتبين من منها متعود كل ظهر الاحد على المرور من هنالك والتنزه بها ومن اكثر حرصا على رؤية البحر مهما  كانت ظروف وأحوال الجو المتقلبة ..كنت ببساطة اريد ان اتعرف عن قرب من من يكونوا ناس المدينة ..كنت مهتما بان اتعرف على المدينة وناسها وفي كل مرة كنت اسجل علامة على أوجه معينة وعلى من من الممكن ان يعطني اسما وصفة وبعض معلومات أولية عن من يكون اصحابها وكنت اعرف انه سياتي صحبة والدي أساسا وكان عمي "محمد"والذي يعقبه بعد قليل من الوقت ابن عمتي المتوفاة "خدوج ""العربي "والذي يحمل نفس لقبنا العائلي لانه يناسب من جهة الاب كذلك لابناء عمومة والدنا ..وكان هذا أكثر واحد يسهل علي عملية الاستقصاء الأولية التي كنت اباشرها بحكم مهنته ككهربائي منزلي معروف بالمدينة ليحدد لي الجهة السكنية التي يقطنها من يهمني معرفته ولتبدا بعدها عملية ضبط من سيفيدني حقا باستجماع معلومات كافية عنه او سيوصلني إلى ربط علاقة تعارف مع أحد مقربيه او أفراد أسرته المتاحين ..حاول معي اخي الاكبر مرات متتالية ان يعرف مني لماذا اهتمامي بهذا او ذاك ولماذا الحرص بالخصوص على عادة خرجاتي تلك لكنني لم افصح له ولا حتى تلميحا بمرامي البعيدة او القريبة ...ومع الباقي كنت اتحجج في العادة بمجرد الرغبة في التعرف على وجوه المدينة البارزة والمعروفة بحكم انني اقابلها لأكثر من مرة وطبعي ان ينتابني الفضول لا أقل ولا أكثر ...

كنت اعرف انه علي ان اصبر هكذا اوصاني اخي "فؤاد"ان اصبر على رغبة البوح باسراري الخاصة وعن ما يعترني من شك او حيرة او نفاد بصيرة ..كان يقول لي ان اعرف ان طريقي بعد طويلة وانني لا محالة ساقطعها ما دمت متمسكا بالمضي والخطو فيها .. كان اخي لدى عودته في العطل المدرسية من ثانويته التقنية الداخلية بتطوان  يحرص بشدة على أن يدعوني للخروج معه كان يقول لي وهو يكاتفني ويقف بمعانقتي من جديد :"توحشتك اصحابي ...والله "كنا نذخن سوية وكان لا يقدم لي سجارة بالشوارع الرئيسية وبجهات سكننا ومن تلقاء نفسه يرد وكانني سألته لماذا يتعمد فعل ذلك :"عارفك في الوقت من هذ المرحلة محتاج تكسب الناس ..."كنت انظر اليه ويفهم عني دون حاجة للكثير من الكلام كان حريصا على أن نكون مقتصدين في الكلام بيننا على أن نفكر في بعضينا اطول وقت ممكن كان احيانا يطلب مني ان اشك في نوياه أن لا اسلم اذني وكياني بالعاطفة التي تجمعنا وطورنها سوية او فقط اتقبل منه اي توجيه او نصيحة لانه اخي الذي يكبرني قال لي :"بناء الثقة هو الذي يحتاج الى الشك ..فكر في ذلك مليا بينك وبين نفسك .."قال لي في آخر زيارة له للبيت :"وش قررتي دبا ..."نظرت اليه مستفهما فارسل يقول "بقيتي كتمشي للقهوة ..ماما معندكشي معها مشكل ؟!"قلت له بايماءتين نعم ولا ..فتابع :"على ذلك الشي كنسولك وش قررتي تخرج للعلن ..تبين شوي من راسك "بقيت صامتا ولا انظر اليه فضمني لجانبه وطلب مني أن أتكلم وقلت له احاول ان لا اكون مستعجلا فقط فرد علي :"اذن انت مستعد "قلت له :"هذيك درتها شحال هاذي ودبا باقي كنوجد بش منعاود راسي معهم .." "وشنو غدي تدير .."قال لي لاصمت لبعض الهنيهات ثم لاجيبه :"غذي نلبس خويا سمير بالمقلوب وخويا خالد غذي نلبس نيشان وانا غذي نبقى نتفرج عليهم شونوا غذي يبقوا يدير ا معيا مغذيش نتسرع.." عاجبني بالرد :"ايه ..مخصكشي تتسرع ..."مضينا لوقت بدى طويل ونحن صامتين نذخن سجائر شقراء مضى لاقتناءها بالتقسيط عوضا عن ما كان يذخنه معي من علبة سجائر السوداء الرخيصة كنت اعرفه انه مشغول البال يفكر في كيفية تيسير سبلي ..ثم وكأنه يتذكر واقع الحال قال لي :"دبا العطلة سلات شوف مع ماما مغديش تحرافلك معها تمشي انت وياها لطنحة ..خصك  تشوف وتهدر مع فاطمة بالخصوص في هذ شي لكتوجد لو  ومن ثم شوف آسية وترتاح معها غير يومين .."بمجرد ان وجهني كنت قد اوجدت  سيناريوا محادثتي لوالدتي وضمنت ان أحصل على موافقتها لكنني كنت متهيبا لا من مستقبل الايام معي لكن من ما يحملني اياه من ثقة ...

"فاطمة "بنت خالتي هي من عوضت اختها الكبيرة "فاطنة "في زيارتنا بمسكننا ب"القنيطرة " جاءت بها خالتي صحبة ابنها "محمد"لتمكث معنا ولتساعد والدتي في الاهتمام بي شخصيا وهي في أواخر فترة الحمل بأختي التي ستاتي بعدي "بشرى" ولما علقت والدتي على لماذا لم تصحب معها "فاطنة "ردت عليها بنرفزتها العادية جدا :"انا كنعرفش شنو كندير وهذيك باقي خصني نعاود نربيها ونعلمها .."ارادت والدتي ان تستوضح منها اكثر لكن خالتي "زهرة "اقفلت الموضوع بطريقتها الخاصة :"اختي شعندك كتحمقي راسك معاي والله لقلت ليك نيتي حتى ترشق لي وديك الساعة انا نجي عندك ونتحدث معاك .." ..كنت آنذاك على وشك ان اتم عامين من عمري كان كل واحد من اخوتي  تخصص له والدتي ساعة وشكل ملاعبتي وكان الصراع يحتد بين اخي "خالد "و"سمير "على من فيهم يخرجني لامام البيت ..للخارج ويلاعبني ويعلمني المشي لجانبه وحده صغيرهم "فؤاد"من يقف غير متزعزع ومتعصبا غير رائق ينتظر وصول نوبته كان يحملني بين ذراعيه وياخدني لنجلس بالمطبخ ليلاعبني على طريقته الخاصة لعبة الكلمات والاسماء والنعوث والصفات وكان يلقنني بسهولة كل ساعة اكثر من مفردة جديدة وتركيب لغوي جديد كان الكل يقف مبهورا من قدرة اخي على التعاطي معي في الكلام وتعليم الجديد منه .."فؤاد "كان يمانع اي توجيه اخر من اخوتنا بخصوصي اثناء توبته في الإشراف علي ومانستي كان يجلسني على ركبتيه وعيني لعينه ويتحدث الي واحيانا يكافئني ويكافئ نفسه بتقبلي ...مرة عرض عليه اخي "سمير "ان يطلب من ولدتنا السماح لي بان انام معهم بغرفتهم فرد عليه اخي "فؤاد"ان ماما لن تقبل ..ثم اردف قائلا له :",شتي راه وخا غذي تجي اختنا الصغيرة مغديش تسمح فيه ولا تخليه يبقى ينعس حدنا حتى تولي ختنا تضحك وتبغي حتى هي تهدر عاد ديك ساعة غذي تقبل وها انت سول ماما الا متقتيش في "ووافقت امي مبتسمة راي اخي فؤاد دون ان تشرح لماذا ....

"فاطمة "لم يبدوا عليها القلق او الانزعاج لحظة توديع والدتها -خالتي "زهرة "لها ولنا سلمت على والدتها بكل إعتيادية وعادت لتقف مقدمة ظهرها لحضن خالتها والدتي ولتكاتف اخي "فؤاد"الذي كان يحملني كطفله الاثير بين ذراعيه  وهو يطلب مني توديع خالتنا والمنادات عليها وكلما ناديت عليها باسم خالتي تاتي لتقبلني ولتحضننا سوية انا واخي الذي يحملني ..مع "فؤاد"لم اكن لاتطلع  لاي حضن اخر ولا حتى لحضن والدتي ومن ان لم اعد أعطى الحليب بالرضاعة والتي كان يحلو لاخي" سمير" ان يرضعني اياها هو و"فاطمة "بنت خالتي الذين يجلسا لبعضيهما جنبا لجنب كالاشقاء   . بدا اخي فؤاد من يهتم باطعامي خصوصا وانه كان الانجح في حالي ممتثلا لاسلوبه وهادئا دوما بجواره ..ومنذ أن بدات استوعب الكلام وارسم المعاني في ذهني ومخيالي كان لا يكتفي بمجرد الحديث الي وانما يقص علي اولى ذكرياتي التي كنت استوعبها ولا استوعبها باللغة لانني كنت بعد لم اتعلمها وكان حريصا على أن ياخدني للمكان بالضبط الذي احتضن الذكرى التي يذكرني بها ...سيقول لي بعدها لسنوات عمي "محمد":"فؤاد عجيب راه هو لكان صاحبي راه من صغروا هو كيحمقني بالاسئلة ديالوا ومن لي انت تزادتي بغى يولي رجل تربية وهكا جا لعندي وقال لي ياك انت كنتي معلم قريت التربية ودبا خصك تقريها لي بشرط انا نولي رجل تربية .." "فؤاد"كان طوال وقته صامتا ..وكان صمته مختلفا عن صمت اخي "سمير "الهادئ الطبع الذي لم تجد معه امي اي صعوبة تذكر في تربيته اللهم تحسسه الشديد من اي تقلبات في الجو او في الطعام مما كان يعرضه للاصابات المتعددة بالمرض .."خالد "لم يكن محضوضا تماما ..وكان موضوع نقاش دائم بين والدي وبين باقي افراد عائلتيهما ..لم يحضى بجمال فؤاد وانسياب شعره ولا برقة ملامح "سمير "كان راسه يميل لكي لا يكون متناسبا مع حجم جسده ..وكانت جبهته عريضة وبارزة على حول قال عنه طبيب العائلة انه من الممكن إصلاحه لكن يستحسن ترقب ان يمد ويكبر قليلا في العمر لكي يستبعد التذخل الجراحي في مثل حالته ..."خالد"لم يكن ليلتفت لشكله المختلف ولا لشعره الاجعد لان الكل ساهم في اشباعه عاطفيا وفي تقديره والاثناء عليه وحده والدي الذي لم يكن يستسغ ان يكظم بعضا من ما أصابه من خيبة فيه وكان لا يبالي بان يعبر عن اسفه العميق ..الامر الذي نمى علاقة جد خاصة بينهما كان فيها الوالد حريصا على أن يعزز ثقة صغيره البكر بنفسه وان يدفع بكل محيطه العائلي ليسهم في ذلك ..اعطاه درجة عالية من الاستقلال بنفسه وحرص على أن يلعب معه دور الاب الموجه والمعلم في كل حين وفرصة ..كان حريصا على أن يعلمه كل المهارات الفنية والتقنية وياخد كامل الوقت ليلقنها له وليدربه عليها ثم لا يقبل منه بعدها ان يفشل في ترجمتها والعمل بها ..كان لا يغفل عنه ويتعامل معه هو بالخصوص بكامل الاحترام ودونما تدليل ..كان يعرف انه يستعرض من أقرانه للتمييز ولبعض المضايقة ولاشكال من التنمر لذلك كان يريده قوي البنية وقادرا على أن يدافع عن نفسه لكن دون ان يقوى فيه أي توجه عدواني او مرضي ...على ما تجمع عائلة والدي فلقد ربي "خالد"تربية "مخزنية ..تربية قياد (جمع قائد).."سمير "الذي جاء بعده قوا فيه جوانب العاطفة والتعلق واغذقوا عليه من المحبة والحنان وتوصوا به أخاه "خالد"بان لايغار من اخيه الذي سينعم برفقته وصحبته وتابعيته لانه هو الاول وهو الأكبر وهو المحترم دائما وابدا .."فؤاد"جاء في ظروف عصبية كان يمر بها مشوار زواج والدينا ..حيث كلما طالت العشرة بينهما الا وتسرب الملل واتسع الفراغ بينهما ..كان الوالد قد اصبح مدرسا متمرسا في وظيفته وشخصا محترما وكان قد بقي ينسى او يتناسى ظروف تنشئته وحرماناته الأولى ..كان ببساطة قد تراخى وانس أخوته الذين كانوا إذا لم ياتوا سوية للمكوث بضيافته لفترات اخدت تطول في كل ما من مرة يأتي كل واحد منهم لما يغادر الثاني وكانت علاقتهم ببعضهم على ما فيها من تراتبية شبه نذية وكانت الخمرة تقربهم اكثر من بعضهم ..وكان طبيعيا ان تبدا المشاكل والصراعات ..كانت للوالدة مؤخداتها ومطالبها بحقها في ان تشعر بالحرية في بيتها وتنعم بزوجها وبما يكسبه هي واولدهما ..بينما الوالد لم يكن راسيا على قرار ..كان في قرارة نفسه يشعر بانه مدفوع لا طبيعيا ليتصرف على نحو ما يريده الاخرون منه لكنه هو لم يختره عن طواعية ..في مراحل التعرف الأولى من زواجه لوالدتي كان مطاوعا لمنطقها الذي كان يحثه على أن يساعد اسرته أخوته البنات الغير المتزوجات ووالدته ولا بأس بأن يتفكر أخوته الرجال ..كانت هي مرحبة بان يتخلى عن جزء من راتبه كمصروف دعم شهري لولدته وان يخصص مصارف كسوة ولوازمها مرة على الأقل في السنة لاخوته البنات ..مع مضي العمر بينهما و مع ازدياد حاجته ليعوض حرمانات الطفولة وبديات الشباب اصبح يلومها هي على توجيهه لها لمصلحته ولمصلحة عائلته كان يشعر هو بدوره أنه غير حر ببيته لتكرار زيارات افراد أسرته الامر الذي يتطلب زيادة مصروف البيت ويتطلب منه الكثير من إظهار الانضباط ..هو على أن مصاريف أخوته الذكور يمكن ان تكون ثقلا على كاهله الا انها كانت تحسسه برجولته من موقع التراتبية التي تربى عليها ومن اعراف المجتمع الذكوري المغربي ....في هذه الظروف وغيرها من شاكلتها جاء ازدياد "فؤاد". ربما طبعه العصبي وانغلاقه يعود حتى لفترة الحمل به وهو بعد جنين يتأثر بتوتر العلاقة بين الوالدة ووالدنا..ثم لربما لانه لم يعتنى به جيدا ..لم يرسم له دورا محددا وانما بلا وعي منه كانوا يحاولون من جديد تكريس نظام التراتبية بين الاخوة ..."فؤاد "ببساطة سيكون تابعا جديدا للاخ الاكبر وانتهينا ..كانت تربيته صعبة على الوالدة التي كانت تطمح لان يكون مولودها الثالث انثى لا ذكرا من جديد ولانها من جانبها كانت تعاني من خيبات واحباطات انفلات الحبل الذي حرصت على تكبل بها زواجها ومن احلامها التي اخدت تنهار الواحدة تلو الأخرى.."فؤاد"كان عنيفا حتى في نوبات بكائه وجوعه ومتحسس من تركه لوحده ودون كامل الرعاية ..تناوبت العمة الصغرى "مينة "مع والدتي محاولات تطويع عنفه وحدة طباعه العصبية ..كان مقتصدا حتى في التعبير بالكلام وغير قابل للمساومة ولا يلين موقفه الرافض لامر بسهولة ولا بتحايل كان يلزمه صبر من يرعاه ويتواله والكثير من الرعاية ..تفطنت الوالدة لتفرد مزاج ابنها فاعادته لحضنها ووعدت نفسها من أن تلزم تربيته وتسهر على تربيته كما لو انها لم يسبق لها ان ربت اثنين من أخوته ..تعاملت معه كحالة خاصة مستجدة عليها وسايرته في رغباته العنيدة وأحواله المتقلبة واعطته مساحات خاصة ليتحرك فيها بكل استقلالية وحرية وصمت .تكتفي فقط بمراقبته من بعيد ودون تذخل منها او من من تساعدها في الاهتمام به ...عمتى "مينة"كانت مستعدة لان تخلص لدرجة العبادة في تربيته ورعايته وكذلك كان الحال مع ابنة خالتي المراهقة آنذاك "فاطنة "لكنه هو لم يختار ولم يستحود على اهتمام وحب الا من الصغيرة التي اخدت تكبر وبسرعة ابنة خالتنا "فاطمة "التي على قدر استنكارها لطباعه الحادة ولصمته وانغلاقه على نفسه لمحت في عينه بريقا خاصا وذكاءا متميزا واستقلالية متعالية بذاته على حسن ملامحه وثقته بنفسه ..ربما بدات هي الاخرى لمحاولات مسايرته ليس الا لكنها مع تعلقها به اخذت تفهم احتياجاته وتلفت انتباه الباقين لها كحاجته لمن يتحدث اليه ويحكي اليه دون ان يطالبه بالتجاوب الشفاهي معه ..وحاجته لمن يخرجه للشارع ويتمشى معه لكن دون أن يفرض عليه أن يمسكه من يده أو أن يتحوط عليه جسمانيا ..وحتى بالنوم لم يكن بحاجة لمن يحتويه بين حضنه لينام كان يكتفي بان يكون مرافقا وان لا يشعر بانه مستترك وحيدا او مهملا...وانتبه الإخوة لاخيهم الصغير الكبير بدهشة من يكتشفه من جديد "فاطمة "بنت خالتنا التي منذ ان وصلت بشكل رسمي لتقيم معنا مرحليا لحين انتهاء وضع امي لمولودها الجديد ..اخدتها والدتي لتجالسها بصحبتنا انا ابن العامين غير التامة واخي "فؤاد"الذي يكبرني باربع  سنوات وكانت هي تقارب سن اخي "خالد"الاكبر من سمير الذي كان في عمر التاسعة سنوات .."فاطمة "كانت قد تحولت لبنت ظهرت عليها علامات البلوغ لكنه بلوغ لا يشد الانتباه ولا يثير الاستفهام كما ممكن أن لا يثير الاعجاب لانه لم يكن بلوغا متدرجا بل وكأنها نامت وصحت ووجدت لها ثديين متكورين صغيرين تامين النضوج ..كان قوامها يميل للتوسط مما  يفسح تلقائيا ليكون لها ردفين ممتلئين لكن دون بروز فاضح ..كانت في صورة فتاة ،امراة صغيرة وبشعر اسود كث وغزير وساحر ملمسه ..وجهها به استدارة وبعض نتوء بالخذين هو ما ورتثه من امها وخالتها ..كانت مكتملة النضوج وفخورة بنفسها دونما تغنج اختها الاكبر منها "فاطنة "التي كانت اطول منها وبقوام اقل ما يقال عنه انه رائع ومثير ..نظرات "فاطمة "كان فيها مزيج من التحدي والذكاء لم تكن خجولة ولا متمردة بل كانت هادئة ومطواعة حتى انها أنها مستعدة لتتصرف بنزق وليس بغباء لتلبية لك طلبك الغريب او لامنطقي ..بالمطبخ اجلستنا والدتي وتحدتث اليها بشكل صريح ومباشر :"عرفتي يماك علاش مخلتي فاطنة ختك تجي تبقى معيا ..ياك ..دبا سمعني شنو غذي نقولك نساي الهدرة لكانت كتوصيك بها يماك انا خالتك العزيزة عليك انا لغذي نعلمك كتعيشي معنا انت بعقلك وبدتي كتكبري بصح انتي مازال صغيرة ها فؤاد لعبي معه وتونسوا مع بعضيتكم وطارق ديره كبحال ولدك هنني منو شوية وخالد وسمير متزديشي  معهم في الهدرة ولا في الزنقة ضحكي معهم ..تكلمي معهم كبحال ختهم ومتدسرهمشي عليك .. واجي نقولك خالد متخلهيشي يقرب ليك هو ولا عزيزك ..سلمتي عليه وبوستيه وباسك من الوجه من لي جيتي صافي متقربي لعندوا متكلمي لو وخا يعيطليك هذري معاه من موضعك ...ولا توحشتي يماك وخوتك عند متقوليهاليشي بش نعرف انا كيفاش ندير نسردك تشوفيهم ويشوفك ولا نديك انا بيدي وترجعي معاي .. صافي اتفقنا ابنتي العزيزة ..""فؤاد "على عادته كان يتابع كل الحوار وهو متعمد ان يتصنع عدم اللامبالاة ومستمر في ملاعبتي بهدوء كان يجلس بمحاداة "فاطمة " كان ملتصقا بها ولما انهت والدتي صياغة الاتفاق بينهما امالني اليها ليزيد من اقترابه منها وطلب مني أن اقبلها وان تقبلني هي الاخرى ..وهي تقترب لوجهها مني كنت اقترب حتى انا بشكل تلقائي وفي نفس الوقت لارضي مطلب اخي الذي يحبني وأحبه دون ان استوعب كيف وقبلتني وقبلتها لكن قبل أن تنتهي من ذلك كان اخي "فؤاد "قد طبع على خدها هو التالي قبلة ابتسمت لها والدتنا وابتسمت لها بدورها بنت خالتنا "فاطمة "..لكنها بسرعة عقدت عزمها وتصنعت التجهم ونهضت واقفة مخاطبة والدتي باستنكار :"خالتي فؤاد باسني انا طارق بغيت نبوسوا حيث هو بغى يبسوني وفؤادي معرفتشوا كي دار حتى باسني ..وشتي دبا "وردت عليها والدتي وهي تضحك منها وتقلد طريقتها في التحدث والتحامل :"الحامقة فؤاد فين يوصلك فؤاد باقي صغير عند يدوخك ويبقى عليك غير بالبوسان وانتي يعجبك الحال " "فاطمة "كأنها فهمت المغزى ولم تفهم في نفس الوقت ما تشير اليه خالتها بالضبط :"وعلاش اخالتي غذي يعجبني الحال.."ومضت امي اليها لتضمها الى حضنها وتقول لها :"حيث حتى انتي باق صغيرة وفؤاد عندك مقطر من عينك ..ضحكي ولعبي مع خوتك محدك وما حدهم باقين صغار ..".

. .

كنت ابن الثالثة من العمر لما كانا يضعاني بينهما وقد استعد كل اخوتي للنوم في غرفة كبيرة واحدة "خالد "على مرتبة بقاع الغرفة و"سمير "بمرتبة جانبية له قرب مفتاح الإضاءة ونحن الثلاثة سوينا فرشا على الارض  غير بعيدين عن باب الغرفة التي كان يفضل اخي "فؤاد"ان ينام بالقرب منها والذي يفاجئ الجميع ويتفاحئ منه الجميع الذين لا يعرفون متى نام ومتى استيقظ وكيف لم ينتبه اليه احد ..حتى من كان يستيقظ ويريد الذهاب للخارج للتبول متسللا وحدرا كي لا يوقظ احدا كان يفاجئه فؤاد وهو يجده امامه يبحلق فيه ويبتسم في وجهه...لم يكن يتعمد افزاع احد بل كان بهدوءه وابتسامه يمتص فزع اي احد غير والدنا الذي كان يقفز من مكانه لما يتبدى له دائما اخي "فؤاد"من حيث لا يتوقع كان احيانا يصبر عليه حتى يدخل المطبخ وياخد الكوب ويفتح صنوبر الماء ويشرب ويبحث في اواني المطبخ عن ما هناك او ماتبقى من طعام وعندما يهم باطفاء الإضاءة والعودة لفراشه كان ينادي  عليه ويستوقفه ليذهله ويتعحب كيف ومتى دخل وكيف لم يلاحظه ...

"فؤاد"كان يتركني "لفاطمة "لتنيمني في حضنها وكان هذا ما يحصل في البداية يضعاني بينهما ويتسامرا بالقص علي كل الحكايات التي مرت من حولي من قبل حتى ان اخرج من رحم امي لارى النور وكان اخي "فؤاد"يترجم لها كيفيات التعبير المبسط للتواصل معها بشكل جيد ولما كانت تستصعب قدرتها على توصيل لي بعض المعاني كان يتعمد شكل الصرامة معها وياخدني اليه ويدير لها ظهره قائلا لها :"صاف غذي نعسوا معيا "وهي تضحك وتبستسم وتتوسله :"طلق لي العايل ديالي ينعس معاي .."ويمكنها مني وهو يكسر من حدة الموقف وبتعالي يقول لها :"وعيت منعلمك كي تهدر معه وباقي مابغيتش تتعلمي.. القريا وليتي كتطير فيها والهدرة مع العايل ديالك ولو ..." كانا لما يستشعرا  الحاجة في النوم ويبدأ في التفوه والنعاس تحملني الجانب الاخر من جهتها وتدير  راسها لاخي "فؤاد "وتقول له "تصبح على خير اخي فؤاد .."فيطبع كل واحد قبلة على خد الاخر ويديرا ظهرهما لبعض 

 

الجمعة، 16 أكتوبر 2020


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (8) تابع :سلاما متجددا فاطمة "7-1"

 عالم الصمت لا تكونه تلك المواقف التي نجبر فيها على التواطئ مع انفسنا ومع الاخرين ..انه لا يختزل تلك الصرخة التي نغتالها قبل تحولها إلى صرخة حقيقية بفعل يد تشد وتضغط على افواهنا او تحول انتباهنا الى أن هناك من سيتفطن الينا ...عالم الصمت لا يتشكل فقط من صور تلك الابهام التي ترفع في وجوهنا وتحثنا على التزام الصمت ولا من تلك المواقف التي تحول فيها انتباهتنا الى الاضخم من الابهام ..الى ما يعتقد فيه الرجل والمرأة على السواء انه يشكل الفارق معنا فيبرزه في وجوهنا بصفاقة وتحدي ليجبرنا على الصمت ...عالم الصمت هو كل ما يتبقى لنا من كل تلك المواقف ومن كل خلاصات تفكيرنا فيه وحوله والذي لا يسلمنا الى حيرة او شك او حالة من عدم الفهم وانما يوسع لاقصى حد من قدرتنا على استعاب كل استفهامتنا..وتساءلتنا ..عالم الصمت هو عالم كائن بحدوده الخاصة فينا ..عالم لا يمت بصلة لعوالمنا الخفية او السرية ..عالم نستحضره دوما معنا قريبا لحد ان يكون لصيقا بنا ..برؤيتنا الابصارية والادراكية لكل ما يتحرك حولنا ..عالم الصمت هو غير القبول بالصمت الذي تفرضه علينا المواقف التي نتفاعل فيها  بشكل مباشر او غير مباشر بل هو اختيار حر وواعي ..نهج عقلناه جيدا وصيغناه على احسن حال ليكون خالصا لنا حتى اننا طورناه للا نخشى عليه من الفضح او لنجبن من البوح به ..هو عالم الصمت فيه ليس كبتا نحتاج ان نلونه ونلبسه لبوسا مختلفة ..الصمت فيه قرار واعي ..قرار ينبع من رغبتنا العميقة في ان نصير حكماء من حيث اننا ملكنا ان نعرف وان نغوص لابعد الحدود في معرفتنا الخاصة ...

عالم الصمت ليس هو ذلك الموقف الذي تغتصب فيه وتجبر فيه على الصمت وعلى ان تكمل انت إرتداء سروالك والانصراف ..وانما ان تنظر في عيون مغتصبك جيدا وتصر على أن تحمل صورته معك لتتمعن جيدا فيها للا تنساه ابدا ..لتعقل جيدا عليه ..ولتبدا في بناء حوارات معه ومن خلاله مع نفسك وانت تعيد رسم كل الموقف من جديد وانت تعيد كامل تفكيكه وبناءه من جديد وانت تقف عند حدود كل فعل فعل فيه وترصد مخلفاته فيك ..وتجيب عن أسئلة :ما الذي حركه فيك ؟! ما الذي اذاك فيه ؟!..ما الذي لو لجأ إليه من توسلات افعال اخرى او بمصاحبتها لتفادى ايقاعك في رفضه التام..

عالم الصمت هو الهجرة الى عالم جواني يحول رؤيتك الى الابد الى الناس الى الوجود الى نفسك والى كل الموضوعات الأساسية فيك ..

عالم الصمت  هو ما سوف يتشكل كقناعة راسخة عندك لا تنمحي ولا تزول تحت اي ضغط ..عالم الصمت هو ما سوف يضمن لك القوة لتمارس اصعب التكيفيات النفسية والاجتماعية بدون اي تكلفة تحتسب او تذكر ...

عالم الصمت لا يمت بصلة لعالم المخادعة او المثالبة والوقيعة والدسيسة بشيء ..عالم الصمت هو العالم الذي ترفع فيه اختياريا وطوعيا اي حجب بينك وبين الله ..الله كفكرة كبيرة وجميلة ومحبوبة ..تنتهي فيه الرقابة التي يمارسها الرب الأخلاقي الذي لقنونا تصورتنا الطفولية عنه ..تنتهي لتبدا بينك وبينه علاقة مكاشفة وحب متبادلة وصادقة ومصاحبة تشعر بها عن يقين انه معك ..لجانبك..لا يمكن ان يضرك او يؤديك او يحاسبك بمنطق الكبار وربهم الشديد العقاب ..

عالم الصمت هو العالم الذي كما ترى انت بعيونك وتسمع باذنيك وتحس تكون تعلم ان الله يرى ويسمع ويكتشف في نفس الآن بجانبك ..عالم الصمت هو متى ادركت ان الله ليس فوق او تحت ولا هناك ولا هنالك ليرنا وانما معنا يرى ويعلم ويكشف ..هو الساعة التي تبدا  فيها غير محتاج لاحد اخر بجانبك تشهده وانما داخلك فقط تخاطبه ويخاطبك وتقول له "ها انت ترى .."ويقول لك :"ارى .."فتطمئن 

لم اكن في حاجة لان اقول اي كلمات ولا لان اسلك اي سلوك مراوغة ..كنت فقط اكثر حرصا على الرصد وبشكل واع ..متنبه ويقظ لا اريد ان تفلت من آليات رصدي اي تفصيلة او جزئية لانني كنت اعلم ان الموقف مهما امتد زمنه سينتهي وعلي من انها ان ابدا إعادة تركيبه وتجزيئه ومن جديد تفكيكه وإعادة بناء معرفتي عنه من جديد ..

عندما كنت اطيل النظر الى "فاطمة "بنت خالتي "زهرة"كانت تصبر علي ..تتحملني بلا مبالات ..وعندما اصر على متابعتي لها دون ان اشاكشها او اتطفل عليها باحاديثي  كنت اعرف الخطوة التالية التي ستاتي بها كانت لا محالة ستمسك بي وستاخدني في ضمة لحضنها وستسالني :"مالك علاش كتشوف في ..توحشتني ؟!"وانا اكثر من الوحشة اليها ما دعاني لاعبر اليها من هذه الخطوة الأساسية لكلينا كنت اعلم لحد كبير انها لا ترضيني انا فقط حين تاخدني وتقربني منها وانما ترضي نفسها اكثر مني وانا راض بكل  رضاها عني فقط لانها كانت تتحدث الي بعدها وان لم اكن راضيا تماما على ما كنت اجده من محاولات الدفاع عن نفسها وهي تحاول شرح امور مشروحة ومفهومة لكلينا ..لكننا مع الوقت اخدنا نطور مساحات الرضى بيننا كلما طورنا اللغة بيننا وما عادت تخجل من ان تسالني تعليمها لغة الاسماء والمفاهيم خصوصا لما تحاوزنا حدود الهزل الاباحي مع بعضنا ..سلوك "فاطمة "المتطور معي جعلني اكثر اريحية معها ..في التعاطي معها وحتى هي بدت اكثر استعابا لي وقدرة على مقاربة الاشياء بيننا بمنطق جديد ..لم تعد تنظر إلي نظرة طفلها الذي سلمت رعايته وحق تبنيه لاختها "آسية "التي تحبها اكثر من اي واحد في محيط اسرتها بل غدت اكثر اقتناعا بحاجة كل واحد منا "انا "و"آسية "للمرحلة النفسية التي نعيشها لنكون معا وتفسح هي لكلينا المجال اكثر لنتطور معا وتطور هي ذاتها معنا من خلالنا لانها تكبرنا عمرا وحسا خبرتيا ولانها كبرت منذ وانا كانت طفلة صغيرة باعتزاز بنفسها وعوملت دوما كأنها كبيرة وتلك كانت جنتها ونارها ..تلك كانت مشكلاتها مع نفسها ومع محيطها القريب ..كانت في اعز اللحظات الحميمية من العابنا الطفولية تهرب بعد ان تكتشف انها كانت متلاحمة معي متكاشفة معي ..منسابة معي ..مستمتعة بملاعبتي ...وكنت اضحك عليها بيني وبين نفسي لانني كنت مكتشف عمرها  الحقيقي.. بعد بعمر طفلة الاربع سنوات التي لا تاخد وطرها منك لكنها متى احتالت عليك لتاخد الطريق لتحقيقه ترتبك من شدة ما تاخد في اكتشافه فترتجف وتنتبه فتبدا في معالجة خوفها بالهرب ..بنت الخامسة اذكى من ان تحتال ..بنت الخامسة صريحة في رغباتها ومستمتعة ذكية لن تترك قبل أن ترضى رغباتها وترضيك ..بنت الرابعة مترددة ..متوجسة وقلقة باستمرار ..بنت الرابعة غير طيعة فقط هي غير قادرة على أن تفقد تقدير الاخرين لها لما تكون ممتثلة القواعد ومنتظمة لها .."فاطمة "كانت كبيرة في السن وناضجة لكنها ابعد على أن تكون مستمتعة بعمرها او مدركة لجسدها لم تكن تولى له الكثير من العناية والاهتمام غير التقليدية منه والاعتيادية ..ربما كانت تحس اكثر بالراحة النفسية وهي تتصرف على نحو بويهمي مع نفسها كأن تفضل الجلوس على الارض والنوم على الارض  والبقاء بكسوة كالحلباب طوال اليوم والليل غير مبالية بما لحقها من تطبع بالسوائل والايدامات ..وعندما كنا نكون بجانبها انا واختى "بشرى "كانت تتصرف على نحو اكثر انطلاقا وعفوية كان لا تتصنع الجلوس بتادب وكانت تاخد كامل راحتها في ان تفتح ساقها وتوسع الفرجة بين فخذيها وكان تفتح ازار الصدر عن كسوتها معبرة عن حرها واختناقها. لكنها في لحظة ما كانت تنتبه وتقفز من مكانها كالملدوعة وتبدا في ترتيب حالها وتقول "ناري ..جريو عليا انا نسيت راسي معكم ..ناري وكو كانت شفتني يما كو كانت دارت فيها اليدين ورجليين  .."كانت تنسى ان خالتي دلفت الحجرة علينا ووقفت للاكثر من برهة تراقب المشهد كله من فوق وأنها وهي تنادي "آسية "ادارات "فاطمة "راسها لتنظر بشكل مباشر في عيون امها وان لا شيء حال دون ان تستمر على ما كانت عليه معنا من انطلاق عفوي وانسجام وانه لو كان هناك داع لتنبيهها بامر سهت عنه او غفلته من قواعد أساسية لما توانت امها -خالتي عن توجيهه لها ...وأنها بينها وبين نفسها العميقة كانت في اللحظة والتو مدركة لهذه الحقيقة لكنها وليس تقديرا من مسؤوليتها في انهاء امر شغل بيتي كانت تقوم به أو مكلفة القيام به جعلها تطلب الانصراف وتعاود لم شعرها ولبس دور الجادة والمبالية والاكثر واحدة عاقلة فينا وانما لربما الخوف من استحلاء لعب ادوار اخرى غير الدور الذي اجادته وتربت عليه وكل ثناء حصلت عليه في كل حياتها كان من خلاله ... كنا نحن ونحن الصغار متنهين لكل ثناء يلقى في حضرتنا لنا وكنا نجلس لبعضنا البعض في مجموعتنا لنستحضرها ونقراء فيها ..فنتجاوز ما لم يكن مقصودا لذاته ولا نتجاوز دونه ولو حتى بالسخرية منه كان عادي ان يبدى احد كبار الحي رضاه عنا لما نبادره بالسلام والتحية  او لما نبدي استعدادنا لتقديم يد المساعدة وكان مستساغ لنا لحد بعيد ان لا يكون نصيبنا غير الرضى والدعاء لنا بالنجاح والصلاح لما لا تتوانى عن تقديم يد العون لسيدة كبيرة محتاجة له لكن لم نكن راضين عن تسخيرنا وجزاءنا بمجرد شكر مشكوك حتى في النية التي صدرت منه ...كنا محترسين  بان يالف الاخرون منا ما دعاهم ليثنون عليه فينا لانهم كانوا يثنون على افعال نأديها ونقوم بها ونبذل الجهد والوقت فيها لذلك اتفقنا فيما بيننا ان نتعلم الزوغان من طينة هؤلاء وان نتدبر الأمر بيننا كان يلتمس العذر لنا اي واحد او واحدة منا باسمنا درءا للاحراج المتعمد وان نتعلم التجاهل وحينا ان نتصنع الغلط.. ان نتعمده لندفع بطالب الخدمة منا ان يقوم بها بنفسه ما دام قادرا على ذلك ...اتفقنا على أن لا نتساهل في حق انفسنا ..وان لا نسمح للكبار ان يستغفلوننا .."فاطمة "بنت خالتي كانت كمن تعودت ان تستغفل نفسها وارتاحت في دور المشرفة على كل شيء بالبيت حتى ثياب الغسيل كانت تراجع اختها "آسية "فيهم مع انها ليست نوبتها ولا دورها في شان تصبين الغسيل ..كما كانت تتدخل حتى في كمية الماء المخصصة لغسل الأرضية قرب باب البيت الرئيسية ...وتبقى على اهبة الاستعداد لتنفد كل طلبات تطلب منها بل ولتتدخل هي عارضة تقديمها ...عندما وجهنا انتباه "آسية "لهذه التفاصيل لم تتقبلها في الاول لكن كل الذي حرصنا على أن نطلبه منها هو مراقبة تصرف "فاطمة "وتنظر فيه وفي اخر نفس المساء انصفتنا واعطتنا الحق في ملاحظتنا .."فاطمة "كانت حريصة على أن تنام الظهيرة وكانت تانبنا على الضوضاء التي نصدرها ونحن نتلاعب او نتحاكى في وسط الدار او في باحة مدخل الباب والدرج .."فاطمة"كانت تحرص على أن تتوجه لفراش النوم مبكرا لتسيقظ مبكرا وكانت تجد صعوبة في مواجهة التغيرات التي تحصل بمقدمنا عندهم والذي كان يغيزني منها هو تقبلها السلبي لتاكيد نفس سلوكها الإعتيادي والالي "فاطمة ..مكتسهرشي سير ابنتي تنعسي راك عيتي اليوم   ..".."فاطمة في السبعة ديال الصباح كتكون نايضة هي لكتدور بالكوزينة وكتتسناكم تنضوا بش تعدلكم الفطور الله يرضي عليها ..""فاطمة بعقلها كتخرج من كنسخرها ومكنجي ندور هكا ولا هكا حتى كنلقاها بجنبي واقفة جات ما عندهاش مع ديك شي لاخور نحلف عليها ..."وهي المسكينة تستحب مثل هذه التعليقات بل وتقف منتصبة مؤكدة عليها وعلى وجهة نظرها الغير الحقيقية لانها نفسها لم تملكها وانما تبنتها من كلامهم السابق وتوجيههم السابق لها ... لكنها لم تكن ابدا متبلدة الفهم او غير قادرة على استعاب الامور لما كنا نروم إعادة توجيهها على انها كانت بطريقتها المرحة والضحكة في البدايات الأولى لا تتوانى عن استنكار ما نقوله وكانت تحاول  أن لا تبدوا صدامية معنا وانما تتعمد قلبه الى سخرية منا :"ها انتنا العايل يلاه عاد دار عشر سنين في عمروا غدي يفهم علي  ..والعيالة ديال ثمن سنين غدى تولي توريني انا شنو ندير وشنو مانديرشي ...والله هيلا .."  كانت "آسية "تقف لجانبنا من موقع اقتناع وتحرص على أن لا تترك الفرصة تفوت دون ان تساهم هي بنفسها في توجيه اختها الاكبر منها بكل تادب واظهار للمحبة:"اختي ..عطي راسك شوي ديال الراحة وجلسي ضحكي معنا وتهودي معنا وبدلي شوية من العادات ديالك ..ديري انت نفسك كبحال الا في كونجي عطلة ..سهري ونوضي معطلا ..شوفي اختي انا نتكفل بالكوزينة غدي نطلعوا  بثلاثة بنا مور للعشا وغدي نجمعوها وتصبح معاوطة..غير تهناي ولا بغيتي طلعي معنا وجلسي مع طارق وبشرى في السطح على منكمل ..."وترد هي على الجزئية الأخيرة "السطح ..سمع ..سمع قالتك نجلسوا في السطح بغيتي يما تطلع ترميني انا وياك من سور دالسطح للبارا...هه هه .."وترد بشرى "يماك خليها لي انا غدي نقوللها وهي والله متخسري خاطر غير انتي متبقياشي واقفة كتحنزي فيها وكتسنياها تقولك لا او لا ويه كبحال المخزني ..."وتضحك "فاطمة "بالرغم عنها وتتدخل "آسية ":والله اختي العزيزة ديرها معنا بدلي شي شوية معنا الجو توحشنا ديك القصارة ديالنا كلنا مجموعين مع مليكة .."وكأنها لمست لها عصبا متحسسا ..تنظر إلي مباشرة وبحدة وتعي انني مدبر هذا التحايل عليها لكنني اكون فعلا قد نلت منها بتوصية "آسية "ان تثير لها اسم اختي الغير الشقيقة "مليكة "الصحبة الشقية لجميعهن وانطق انا بتحايل وتهكم عليها "والله ابنت خالتي منبسل عليك غذي ندير ليك غير خاطرك اما حتى خاطري محال معك ..""ياك بعدى وزيد قدامي شوفو بعدا بشرى شنو غادة تدير مع يما ..."كنا نقدر على اقناعها بمنطقنا لانه كان الصواب ولأن "فاطمة "لم تكن تريد ان تفعل في حقيقة امرها غير الصواب ..

"فاطمة"كانت موضوع نقاشات عديدة في بيتنا كنا جميعا نقدرها ..كانت الطيبة راسخة فيها كما سلاطة اللسان خصوصا خارج البيت كانت تلبس خالتي بالمقلوب ..خالتي "زهرة "كانت قاسية متطاولة  على بناتها تحبهم جميعا لكنها تضمر الحب في صدرها ولا تتحدث الا بنقيضه ..تلعن حس البنات وكل ما ياتي منهن ..تلعنهم دون ان تقصد ذلك بالمرة او تفعلها بنية اختبارهن ؛من منهن تتجرا عليها ..كانوا من غير "فاطنة "التي تبدا في مراقبة ردود افعالهن هما لا يتبادلان حتى التعبير بالنظرات حينما تتطاول عليهن خالتي "زهرة"ينكمشن على انفسهما ويزوغان بنظرتهما كانت حتى تدخلات أمي في حقهما  تجابهه خالتي بالاستنكار والرفض ..وتطاوعها والدتي وتصمت بدورها تعرف ان خالتي سرعان ما ستراجع موقفها وستاخد اختها الكبيرة لحضنها لتسمع منها وتفتح لها قلبها .."فاطمة "في خارج البيت عند دكان الحي او بائع الخضر متحرشة  بالاخريات ..مستعدة لتدخل المعارك الكلامية ومشاداتها ..غير متسامحة بالمرة ..كنا نصحبها ونعود معها على وقع فرملتها لمشاعر عدوانيتها وهي تكثر من استحضار عبارتها "والله العظيم ..قالك شنو هي يعبرلها لولا ..سعمكين انا الحمارة ديالها ..."كانت اختى تتبادل معي  الحديث الصامت بالنظرات وكنت اقول لها دعيها الان ..فيما بعد ...كل اخوتي كانوا يشكرون فيها لكنهم في نفس الآن يبتاسون لحالتها الكل يعرف انها ماضية في العمر وكبرت بعض الشيء على عمر زواج قريناتها وفي زمن كان شائع جدا زواج القاصرات والصغيرات فيه ..هي ظاهريا لم تكن لتبالي بموضوعه لكننا كنا نلحظ عليها انها تبقى صامتة متتبعة بلهفة تحاول مدارتها لما ينبش الموضوع بخصوصه ولا تنوي الهروب كما تتدعي  شفاهيا "والله اخالتي مكنفكر فيه ..انا حسى براسي باق صغيرة ...."وكنا نعرف انها ليلتها سيصعب عليها النوم ورتبنا الأمر بيننا ومع والدتي لتنبش الموضوع بحضورنا فقط وتدع الباقي لنا ..وفي الليل ساعة اعداد افرشتنا للنوم تسللت اختي "بشرى " لتنام معها هي و"عواطف "بينما انا بجانب "آسية "التي كنا من اول لحظة وصولنا نعدل عمرها وعمرنا ونعيد ضبطه لتانسنا ونانسها وكانت تتقبلنا بكل فرح واريحية  حتى لا نعرف من منا يساير الاخر ..لعل لا احدا فينا كان يساير الاخر لأننا كنا نتصرف بحرية وعفوية ومحبة خالصة .."فاطمة "تعقلن في المسائل الخاوية وتتحفظ جدا لكنها ليست سادجة

لتنطلي عليها حيلنا وانما فعلا كنا ناخد كامل الوقت لنرتب حيلنا ..كنا بشهور نرتبها مع اخواننا الكبار ومع والدينا ونشرك حتى عمتي "مينة "وعمي "محمد"  ..وحيلنا لم نكن نسعى من وراءها الا دفعها للتغيير الايجابي والاهتمام بنفسها بمستقبلها اما كنا واعين بصعوبة طلب اكثر من ذلك لان العائلة كلها كانت محافظة حد التزمت لكننا كنا شبه متيقين اننا سنكسب الرهان لأننا بعقولنا على قوة العاطفة التي لا يشك اي طرف منا في صدقها ورسوخ وشائجها بيننا نقدر ..كنا نحرض والدتي على التقرب اكثر من "فاطمة "وتحريك مشاعرها وهز عمقها وتقوية فكرة الزواج في راسها لكن" فاطمة "كانت تتصرف بفضاضة عوض ان تنسحب لتختلي بنفسها وتفكر فيما اثارته معها خالتها كانت تغرق نفسها في الاشغال البيتية وعندما الحق بها تنتبه الي وتبدا في معاملتي بكل رقة وتنسى مثالبتي والمكر بي بسخريتها وتهكمها .كنا نفهم انها مستغرقة بينها وبين نفسها في الاخد والرد فيما دعتها خالتها ان تفكر فيه وما محاولاتها استلاطفي  الجادة الا كرد جميل واعي منها لان امي حركت الانثى فيها ...وكانت اختى تعابثني وتقول لي :"اليوم يومك فاطمة غدى ترشيك في موضع ماما .. " اختي "مليكة "كانت أكثر صراحة معي في موضوع بنات خالتي "زهرة"كانت اكبرهم وفي مثل عمر "فاطنة "تقريبا وكانت مستقلة بنفسها ولحد  ما متهورة او تعطي ذلك الانطباع  وقالتها لي بصراحة وبحضور "فاطنة "قالت لي "فاطمة مكبوتة سيكسو . سمحلي انا مكنعرفشي نهدر بالعربية بزاف ومكبوتة حيث مكتهدرشي على راسها ومعمرها تصحابت او خرجات ونزيدك عوتني مكتمارسي مع راسها كبحال لبنات لفي عمرها وممزوجاتش ..""فاطمة"كانت حريصة على الصلاة في الوقت بالضبط ومحافظة على طهارتها حتى وان لم تكن حريصة كل الحرص على صلاة الفجر كما محافظة حتى مع اخويها على أن تترك بينها وبينهما  على مسافة نسميها الحشمة والوقار وهو ما كانت تضحك منه مقهقهة "فاطنة "بحضور اخويها وهي تتمسك بذراع اخيها محمد او تعانق اخاها الاصغر "عبد الحميد":قالتك الحشمة والوقار .. هيه هه ...." "مليكة "لخصت مشكلة "فاطنة "البنت لكنها لم تقل بكل مشكلتها ..كنا نعرف من خلال تبادلنا المستمر للدرشات والحكايات والاعترفات مع اصحابي وصاحباتي بمجموعتنا بالحي بان الوسط الاسري والعائلة يقتل او يذكي التميز والحظوظ..وكنا نعرف كذلك ان وجود اخوة كبار يتعلمون ويدرسون في مستويات أعلى كالثانوي او الاعدادي على الاقل يعطي لصغار الإخوة فرصا افضل ومزايا عديدة على اقرانهم من الاوساط التي مستوى الوالد على احسن حال لم يتجاوز الابتدائي والام أمية والاخوة الكبار مجرد راسبين في مستويات دنيا من الابتدائي على انهم رجال مقتدرون اصحاب مهن او تجارة مربحة انما غير متنعمين بما يجنونه من مال ..قلما يهتمون بامر لباسهم على أن أحوال مساكنهم مقتصرة على الاساسي والاساسي جدا  ..فرش وسرير الزواج وكراكيب واواني الطبخ الجد عادية وساعة تعمم التلفاز الابيض والاسود اصبح كل من لا يتوفر عليه يفكر على الاقل في ضرورة ادخاله للبيت ودائما بنفس الحجة :"ونديرو الخاطر للدراري..."صحيح كنا نحس بان الفقر عام وشعبي ..لكن كان بيننا من هم باحسن حال ليس ماديا بالضرورة لكن باسلوبهم في العيش وكانوا متميزيين بعدد ابناء اقل وبسكن مرتب يستحق أن تشرف على وضع لمساتها الأنثوية وسحرها سيدته وكان الاخرون الذين يحملون معهم صفات البداوة رغم قدومهم المبكر من الارياف والمداشر الى الاستقرار بالمدينة هؤلاء كانوا يصنعون الكارثة منهم من لديهم كامل الإمكانات المادية لكنهم يبدرونها في الطعام واللباس الخالي من الدوق وفي الولائم والعزومات لا يفكرون حتى في الاستقرار في بيت من ملكهم ولا يهتمون حتى باطفالكم ومدارسهم ..الخير متوفر لكنه مبعثر ...كانت أحوال "عزيزي سي محمد"المادية لا باس بها كان تاجر حبوب ومورد بالجملة لها ويملك منزلا وسيارة عائلية من النوع الكبير يستغلها لنقل البضائع وملك في نفس الوقت سيارتين للنقل وسيارة خاصة لتنقله ...كان خير الطباع وكما متداول بيننا كان "ولد الخير "كنا نتمتع ياطيب فاكهة و اطيب دجاج بلدي وباطيب الحلويات والفواكه الجافة والتمور والالبان ...لكن حال البيت كان كئيبا..من عمر صباغته والوانها من حال اثاثه من شكل المطبخ واوانيه ..كانوا قد اكملوا ولم يكملو بناء الطابق الاول لتبدا خالتي في التفكير بصوة عالي بأنها ستزيد بناء طابق ثاني ...انتقلوا للاقامة في الطابق الاول بنفس الفرش واختفظوا  بغرفة وصالة ومرافق السكن التحتي دون الغرفة الكبيرة التي تحولت لمستودع حبوب واقتطعت من السكن ...عند عودة والدتي من سفريتها القصيرة لتزور اختها واخيها "محمد",الكبير نتحلق حولها وعادت يدور الحديث عن كيف تركت احوالهم ..ساعتها كنت افتح كل حواسي واليات رصدي ومتابعتي على حديثهم كنت انظر لاختي واوما لها بعيني جهة صدر والدتي لتفهم عني ما اطلبه منها وكانت تتجرا على الحديث وتسال والدتي عن احوال" آسية "..وكنت افرح لما تخبرنا والدتي عن الوردة المنفتحة التي اضحتها "آسية "وعن رقة وملاحة "آسية "وعن دعة ومحبة "آسية "وكانت تدعوا لها بكل خير ...كنت اريد اول ما أريد الاطمئنان عليه حال البنت التي استودعتها والتي لم انسى لها سعة خاطرها معي وانا بعد طفل جد صغير وانا طفلها ..لم اكن معها اتظاهر بغير عمر الطفل الذي اكونه حسب تقويم السنين لم اكن الا لماما اعرفها عن عمري النفسي الحقيقي ظل ذلك سر بيننا سر مع كامل اخوتي وكل واحد منهم على حدى ..كنا انا واخي "فؤاد رجال بالغون في عمر والدنا واعمامنا ...وفي نفس الوقت نحرص على أن نبدي لهم اننا فطنين ونتعلم بسرعة كنا نجعلهم هم يضبطون لنا عمرنا حسب احتياجاتهم لنا نحن كنا نمثل العمر النمودجي لما مقدر لمثلنا في شواهد الميلاد والازدياد ..كان اخي "فؤاد"صادقا جدا معي ووعوده صادقة حتى فيما يبدوا لي انها مجرد خيالات ومستحيلة كان يصدقني فيها ..اذكر وعده لي الذي قطعه لي يوم وداعنا لمدينتنا الام "القنيطرة "في رحلة الاستقرار بمنزلنا الجديد ب"العرائش"وهو يصحبني في جولة بسوق "الخبازات "ويذكرني بمن سنتركهم من اهلينا الذين نحبهم ويحبوننا ويطلب مني ان لا افكر فيهم كمن سيموتون كان يقولو لي اننا سنلتقي بهم وسوف ياتون هم باحثين عنا الى حيث منزلنا الجديد الذي ينتظرنا هو وحياة جديدة تماما ...كان يصحبني مكتافا اياي بحنو وصداقة وكنت انظر اليه متطلعا وبوثوق..طلب مني ان لا اساير والدتي واختي الصغيرة "بشرى "في توديع احبتنا وجيراننا بالدموع وانما بالعناقات والقبلات ..وقال لي انه يضمن لي اجمل مفاجئة ..قال لي اننا بمجرد ان تصل الشاحنة التي تقل اغراضنا الى بيتنا الجديد حتى ساكبر ..ساكتشف انني كبرت واننا سوف نكبر سوية وسيكون ذلك سر بيننا ..

"آسية "تركتها في آخر زيارة لنا وهي بعمر "الثانية عشرة "اي تكبرني بعامين مثل بنت جيراننا  التي كنت احبها وتحبني مثل اخيها الاصغر منها وتحرص على تعاملني وفق ذلك من خوفها على أن ان اتعلق بها اكثر والتي كانت بنت ناضجة جسمانيا .."آسية "كانت اكبر من ذلك في حقيقة عمرها الطولي لكنها اول ما تجاسرنا عليها انا واخي" فؤاد  "اولا وجدنها بنت السابعة في عمرها النفسي البنت المستدئبة صاحبة النظرات الحادة والفصيحة جنسيا التي بدأت صفوفها الدراسية الأولى بشكل نمطي لا مبكرا ولا متاخرا والتي للتو تنوي التعرف عن قرب لعالم واسع ومختلف من موضوعات الذكور وبعض الرجال الكبار الذين سيشكلهم طاقم المعلمين والإدارة المدرسية ..وتعاملنا معها وفق تقديرنا ذلك ..كنا نوظب الخطة في التو وننفدها فقط كان علينا أن نتجاوز معها الحاجز النفسي الجسدي الاول وكنت انا الطعم الذي نصطاد به كان يلفت انتباهها بانني كبرت وانني لم اعد الطفل الصغير الذي تنيمه في حضنها وكان يدعوني لاريها كم كبرت وانا كنت ارد عليه بان لا حاجة لي بان اصدمها وافاجئها ..هي كانت تعقل اننا نهزء بها وفي نفس الآن تتوجسس منا وكانت تنسحب بي بعيدا عن أنظاره التي يبادلها فيها فصاحتها وبعض وقاحة بنت السابعة سنين وتسالني سر تبدل اخي "فؤاد "معها وكنت اراوغها ليكبر فضولها واخيرا قلت لها انه قد اصبح ذكرا بالغا مثلما هي انثى بالغة واحست بالخجل وفارت الدماء على خديها ..في الليل ونحن نرقد بجانب بعضنا شعرت بها مختلفة كما كان قد اخدت تختلف نظرتها الى اخي فؤاد كانت قد عادت لتحضن فيها ابنة الخمس سنوات الراغبة والذكية النظرات والتي تخطط لتدخل الاخر في التجريب معها ..كانت أكثر حنية معي ومتساهلة معي لا تبعد كفي عنها ..كانت مستمتعة برفقتي وشاردة في نفس الوقت ثم سالتني عن لماذا يقول اخي "فؤاد "عني انني كبرت فدعوتها لحديث الهمس في الاذنين بما تعي مع دعوتي انه حكي فاضح لكنها تقبلته بضحك واستمتاع وقلت لها عن ما الذي كبر في بالخصوص وعن علاقاتي وغزواتي الجديدة وكانت غير مصدقة وتدعوني في كل مرة لان اقسم لها بانني اقول الحقيقة كما تطلب المزيد من التفاصيل ...انتهت سهرتنا حتى مطلع النهار وكشفت عن ما الذي كبر في وراوغتني ونمنا متفقين على أن لا تصحو لنداءات "فاطمة "وانما حتى الظهر ...قال لي "اخي فؤاد "انها ليلتها كانت معي وهي ابنة الرابعة عشرة المتحايلة على رغبتها والقلقة من عنفها فيها ..وقال لي انه سيسايرها على أن يتولى هذا المساء تحويلها الى سن بنت الخامسة حتى ترضيني وترضي نفسها ...خرجنا سوية نحن الخمسة "عواطف "و"بشرى "واخي "فؤاد"و"آسية" لحيث الشارع الرئيسي بالحي لنقتني فواكه جافة والعابا وملصقات لم تكن خجلة من اخي "فؤاد"الذي كان يمضي بجانب منها لكنني انا من كان عليه ان يدفع الثمن كانت اشد التصاقا بي وممسكة بي بقوة لما ادعوها لتترك يدي تكاتفني بل وطلبت مني ان لا أفلت منها ولاول مرة نتجاوز دكان بائع الفواكه الجافة والتسالي لنصل حتى لموقف سيارات الأجرة الكبيرة وعلى توجسها وخوفها من ان تستعويقها خالتي او يلمحها اخاها "عبد الحميد"كانت مستمتعة وعبرت لي ونحن معا متكئين بعد تناولنا لوحية الغداء المتأخرة كلنا سوية نحن الخمسة عن اعجابها باخي "فؤاد "وقالت لي "بلا منوصيك غدى نتخاصم معك والله ..."وكنت ااوكد لها فهمي لوصيتها بان اطبع قبلة كبيرة على خدها وكانت تعانقني وتضمني لحضنها وتقول لي "غير كنكدب عليك معمري نخاصمك والله.."

"فاطمة"اخدت تستحلي المجيء للمكوث معنا عحبتها لمتنا وفرحتنا بمشاركتها لنا حتى قررت أن تعود لتشاركنا غرفة نومنا وما عادت والدتي تصاحبنا النوم فيها بمقدم "فاطمة "

في آخر يوم لنا في تلك الزيارة التي دامت زهاء العشرة أيام استودعتني "آسية "بمعانقتي بذراعيها وحضنتني وقبلتني بمحضر الكل.. امام والدها ووالدتها  واخيها "عبد الحميد "كانت قد غدت ابنة الثانية عشرة الغير خجلى من التعبير عن محبتها وتعلقها كنا قد سوينا امر ما حدث من تجربة بنت السابعة فيما كان اخي قد عانقها آخر ليلة بتناها عندهم في تلك الزيارة وطلب منها أن تقبل منه اعتذاره وقال لها انها بنت خالته العزيزة التي يحبها تماما مثل اخته الصغرى او الكبيرة  واوصاها بي وبمنتهى الصراحة قال لها "هذا بغيه هذا كيموت عليك هذا كثر منك انتي ديما كيسول غير عليك ..".

"فاطمة "ظلت ملتصقة بي من خلفي وهي تعانقني وتضم راسي لصدرها كنت مثلها لا اريد ان تتقابل عيوننا لانني سابكي وستبكي هي بالتتالي وكذلك كان.. كانت اخر واحد يعانقني وبمسح دموعي بدموعه وهي تعدني بأنه سياتون لزيارتنا عما قريب وكانت تطلب من امي قائلة لها :"اخالتي تهلى ليا غير في هذا .."

دائما كنت اخدل اخي "فؤاد "لا اعرف كيف اودع احبتي الا بالدموع ...  

الاثنين، 12 أكتوبر 2020


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (7) تابع :سلاما متجددا فاطمة "6-1"

 تغيرت رؤيتي لكل الموضوعات بما فيها النفسية ..بت متجاوبا اكثر مع نظرات الجميع ومن كنت اعرف انه يتقبلني اكثر   حتى وبدون ان اعود بذاكرتي بتفاصيل العلاقة بيني وبينه..كنت اسمح لنفسي ان تعيد اكتشافه ..لا اعرف كنه الذي يتحرك في ولا كيف قويت على نكرانهم وتحمل البقاء بعيدا عنه داخل عالم من الحيرة والشك والتساءلات ..وكل الذي بت اعرفه الان هو احتياجي في هذه المرحلة لاعيد بناء علاقتي بهم ليس الا اما حتى كيف فلا املك تصورا جاهزا عنها ..لم اكن اضعف حتى وانا المس رهافة من احساساتي وفيض من العواطف تحتاجني ..لعلي كنت اقول لنفسي حيث رمتك الامواج فلتسبح او لتنطلق ..تركت لنفسي عقالها فقط واضبت على حصص تداعي الحر وقصرت على نفسي أن اتركها لليل لانني بنهاراتي كنت محتاجا لانشغل بالاكثر من شلة الرفاق ..كان علي ان اقطع دروبا وازقة وأرى اماكن بعينها ...وكان علي ان انظم زيارات لفصول الدرس بالاعدادية ..لفصول بعينها حسبما كان الحنين ياخدني ..كنت قد رفعت راسي التي تحتوي عيني لاعاود النظر والتفحص في الوجوه ..لم اكن في حاجة اكثر لاوشي باي شيء أو لاعبر اي تعبير حسي حركي حتى بعيني ..كنت اطلق فقط لنفسي عنان التعليق على موضوع رؤيتي وابصاري نحو العيون التي تشدني واتعقب صاحبها في مجموعه وفي كل تفاصيله ..  فطن الي العديد من الاصحاب والصاحبات ومن اساتذتي خصوصا وانني غير مضطر على الدوام والانتظام في الدراسة هذه كانت مفهومة ومستوعبة اداريا .اما الاخرى فكنت احدس انهم سيفهمونها هم مع بعض قليل من الوقت ..اسعدني ان كانت اولى العائدات لتلتصق بي وتصحبني وترافقني داخل المرر والساحة وتنتظر خروجي او تسال عن زمنه لتستادن مرافقتي "خديجة "والتي سهلت علي استعادة كل سرب صغيراتي الجميلات من مجموعة "الزنابق "كما اطلقنا عليهم نحن الرفقة الثلاثة من زمن التلمذة والصبي ؛انا و"الشريف "و"الكراب"وكانت "الزنابق "مجموعة فتيات مثلن صحبتي مسرحية "الثور والزنابق "التي عمليا تكلف "الشريف "الاشراف على اخراحها و"الكراب"تلحين اغانيها لانني كنت اناها مشغولا بالتحضير  لكل الحفل ولانشطة اخرى تغطي تقريبا فترة الاسبوع بما فيها حتى المشاركة في الاعداد للاستعراض ولقد اخد مني التحضير فترة طويلة فاوتت الشهر وكنت شبه متفرغ من الدراسة لها ولما احتجت مقدم "الشريف "ليتفرغ معنا طلبت من السيد المدير التدخل عند إدارة اعداديهم ليسمحوا له بذلك وكانت الاستجابة الفورية من طرفهم خصوصا انه تقليد ان تنشغل كل المؤسسات التعليمية بتنظيم حفلات وتظاهرات رياضية والتهيئة للاستعراض الكبير الذي تتوج به احتفلات عيد العرش المجيد ..

"الزنابق "كبرن بسرعة عن السنة الفارطة  لكنهن لم يتركن لي فرصة التملص منهن ومن البقاء مجرد محدق بهن  بمجرد ان راين "خديجة "بصحبتي حتى تهافتن علي واعادني الى سابق عهدنا يغدقن علي حبهن البرىء في انتظار ان تختلي بي اي واحدة منهن لتشاركني اسرارها الصغيرة والعابها المحببة المتوارية خلف جسدهن الصغير الذي بات اكثر نضوجا وقامتهن التي غدت اكثر اتساقا وطولا ..

وحدها "سناء"من بدت غاضبة مني وكلما تحركت لجوار الاخريات وغالبا مجرد مستمع ومتقبل لمدعابتهن كنت الحظ انها تراقبني ..هي مثل الكل والجميع من من حاولوا الاقتراب مني وافهامي انهم يشاركونني هول ما حدث معي ..هي من الكبيرات التي اخدتني وعانقنني امام كل حشود التلامذة وعلى مرأى اساتذتي وطاقم الإدارة التربوية بمجرد عودتي بعد الحادثة وهي مثلهم اخبرتهم بعدم تجاوبي على ترك مسافة بيني وبينهم ..

"سناء"البنت الذكية والانيقة التي قبلت بان نقيم بيننا علاقة حب وتصاحب واعي ..بل وعلاقة نوعية ..علاقة صريحة بيننا بعلم والديها واسرتها وبمباركة خاصة من خالتها المقيمة معهم بالبيت ..علاقة تراعي سننا والمرحلة النفسية التي نعاني داخلها دون ان تؤدي اي واحد منا ..هي من البنات الناضجات والتي على عدم اجتماعيتها التي بدت اول مرة تدخل فيها باب الاعدادية مثلي انا قرات في عينها ..في هندامها..في طريقة جلوسها في مشيتها ..انها اكثر نضوجا من قرينات عمرها بما افادني انها لن تعمر في طاولات الدرس لزمن طويل وأنها ما ان تتقدم بضع خطوات في العمر حتى ستعمر بيتا وتلد اطفالا بل حتى الصغيرة اختها "فذية"تتبع خطوات اختها لكن فقط بتاني ..  

"سناء "كانت صورة أخرى لبنت جيراننا التي عششت في راس الطفل الذي كنته والتي ايقضت المراهق في بنضوجها  والتي كادت تقتلني الغيرة عليها في كل مرة وحين ارها تحدق فيمن يكبرنا ..كان كل شيء فيها يقول بأنها اعدت نفسها لتكون اما وزوجة وحاولت مرارا ان انزعها من خيالي لكنها كانت متمكنة مني وعندما خطبت اتيحت لنا الفرصة صحبة اخواتها ان نتصارح وان تخبرني انها لطالما حاولت هي الاخرى ان تجعلني اكف عن التعلق بها لكنها في نفس الآن كانت تريد محبتي لها وأنها وعلى غرار كل اخواتها كانت لا تتردد في ان تهبني اكثر ان لم يكن مثلهن ...

"سناء "من البداية اتفقنا على أن نحب بعضنا ونحن نستحضر اننا لن نتصاحب العمر كله ولن نترك لانفسنا ان نرتكب أخطاء المراهقين  ..اتفقنا على أن نترك للعلاقة بيننا ان تتطور  لكن بحدود نقر فيها نحن الاثنين ولا باس من ان نشاور مقربينا وكان الاتفاق على أن تتولى خالتها واخي "سمير "امر الإستشارة ..كانت علاقة نوعية بكل امتياز من البدايات الأولى قررنا في امر الغيرة بيننا ..في حدود الحيل بيننا ..لكن الاجمل كان ذلك الاتفاق الغريب بيننا على أن نلعب لعبة استغماية اجتماعية بيننا كأن لا نجعل احد يصدق اننا على علاقة بيننا وفي نفس الآن يشك الكل في انه بيننا اجمل علاقة ..كانت "سناء "بنت محسوبة على بنات حينا لكنها خارج أزقة فضاء الحي كان يقع منزلهم الذي يطل على الشارع لذلك كنا بعيدين عن دائرة تعرفنا واحتكاكنا الحميمي فقط نتقابل وهن يعبرون الزقاق ممشى للدكان او لطريق المدرسة لم يكن يشاركن الا ناذرا جدا بنات جيراننا اللعب والجري والتحاكي بالحي وسلوكهن هن البنات الإخوة الثلاثة وذكريين بالإضافة للخالة الشابة كان فيه احترام خاص اكثر من تعالي وكانت تسحرني منذ ان كانت طفلة تصحب والدها ممسكة بيده لكنني احتفظت بسرها لي لوحدي ولم اطلع عليه احدا قط حتى دخلت القسم الذي ادرس به اول سنة اعدادية لي صحبة اختها "فذية "بعد ان انتقلت من اعدادية اخرى لعندنا ..وقررت ان أحبها دون ان يحدث معي كل الصراع الذي كان يسببه لي تعلقي ببنت جيراننا التي اعرف ولا اريد ان اعرف في نفس الوقت انها ستتركني لرجل ناضج ولبيت تكون سيدته ..

كانت تترصدني بعيونها وهو ما لا يعني اكثر من انها مسرورة بإستعادة رؤيتي بالاعدادية لكنني كنت الحظ عليها قلقها وتوترها الذي لا يعني تماما انها غيرة منها علي ..كلانا كان يعرف اننا غير قادرين على ايجاد الصيغة التي يحق لنا فيها على أن نغار على بعضنا وان لا يمنع هدا من ان تعلم على الاقل من جانبي انني أحبها ولست في حاجة لان اجرب مع اخرى اما من  جانبها هي فكانت غير محتاجة لوجع الرأس والقلب  بالعلاقات كانت تقول لي انها مرتاحة معي في علاقتنا التي نضبط فيها وتيرة تطورها قدر الإمكان دون حاجة لاي اندفاعات عاطفية او حسية مبالغ فيها ..كانت ساعة تتارق بشاني وتحن الى حبيبها في، تاتي وتاخدني من امام الجميع حتى ولو كنت اقف بجانب مدير الاعدادية وساعة تريد ان تقبلني تداور جماعات اصحابها واصحابي وتبادر بتقبلي وكان الامر مجرد مزحة او مجرد تنفيد لحكم لعبة الاحكام بين الاقران وشللهم ...كنا متفقين على أن نحافظ على الشكل الاجتماعي ونعلي امام الجميع بأننا مجرد زملاء دراسة ولا حتى اصحاب وابناء حي كبير واحد ..لكن بيننا بامكاننا استغلال ذلك كتمويه فقط غير مسموح باي انفلاتات لكن لاباس منها وكأن هذه الأخيرة اتت بشكل عفوي ومن الاستثناء العادي ان يحصل بين أصحاب جد عاديين غير مرتبطين عاطفيا ببعضهم البعض ..

"سناء"بدت لي غاضبة مني حتى ان "الكراب "صديقي طلب مني الاخلال بسابق اتفاقنا الذي ينص على أن لا يتابع اي منا الاخر في ما اتفقنا على انه خصوصية الطرف الآخر وان لا يتدخل على الاقل بشكل مباشر ..ونبهني الى أن ب"سناء"امر غير اعتيادي بالمرة لانها تملك حق نقض اي اتفاق وقتي بيننا متى ارتات ذلك على أن تبرر تصرفها امامي ..ربما او الاكيد انني طلبت منها ان نبتعد قليلا تبعا لحالتي النفسية الصعبة التي كنت امر منها بعد الحادثة لكن ان لا تنسى الظهور ولو على فترات متباعدة لرؤيتي وكانت في كل مرة تفاجئني بزيارتها لحيث مسكننا ولم تكن تبالي بان تلمحنا عيون وهي تحرص على أن تمسك بكفي وتبقيها براحة كفها وتقبلني حين الوداع ..وانا كنت في منتهى الاحوال غير قادر على تجاهلها وان كان يصعب علي التجاوب معها لكنني كنت مستسلما لها واحاول جاهدا ان اوصل اليها كامل اعتذاري وطلب ان تصفح عني لانني لست على مايرام ليس الا ...

هل كانت "سناء "تنتظر مني إشارة اكثر من هذه ليعود الدفئ لعلاقتنا ..؟!انا هاهنا وهاهو سرب صغيراتي يرفرف حولي وحتى ان لم استعد كامل عافيتي فانا أبدى كامل استعدادي لاتعافى ..اين هي من التي ما نستني ومن التي اربكت الكثير من القواعد بيننا فقط لتذكرني باجمل عاطفة تربطنا طوال الفترة الماضية ..؟! 

حقيقة اربكتني هذه المرة وزاد تدخل صاحبي واخرين من تلبكي لقد اعادتني للصفر واتعبتني ..بت لا اعرف كيف افعل معها لاستعيدها واستعيد مبادئتها لي ..المرحلة التي وصلنا اليها بعد اربع سنوات من الترابط بيننا ..ان اترك لها حرية ان تبادئني هي في كل شيء حتى في امر الاقتراب منها او  التحدث اليها ..ووجدتني انتكس في علاقتي بها ..عدت بدوري لمجرد متابع ..مراقب لصيق لها وهي تتجاهلني معظم الوقت ..وهو ما كاد يفقدني صوابي لانها جعلتني مفضوحا امام الجميع ..كان ينفد صبري مني كنت انظر في عيوني استاذتي الشقراء الجميلة واسالها حلا تبتسم في وجهي بتخابث وتحليني عليها على "سناء "..انظر الي "سناء " تتحاشى النظر في عيني لكنها تستمر في مبادلة نفس الابتسامة مع استاذتنا الشقراء الجميلة ..سالت بنفس الطريقة استاذتي الطيبة الحنون هزت عينها واحالتني على نفسي ..ولما حاولت ان اسال استاذي وموجهي العزيز امهلني وفي نهاية الحصة طلب مني انتظاره قرب باب قسمنا حيث اوقفني مأكدا علي بان لا اتحرك من مكاني ..كان تلامذة فوجنا ينصرفون ويعبرون الباب من جواري ولما اقتربت هي من الوصول الباب حول انتباهها باستفسرها على ان نسيت شيئا بمقعدها  ثم تقدم نحوي ليهمس لي "من تكون خرجة شد ليها فيدها ومشي معها ..صافي .."اردت ان اقول له:" ولكن ...حنا ..."فلم تخرج الكلمات من شفتي ..كانت قادمة باتجاه الباب نحوي ..ولما اقتربت  استعدت توجيه استاذي لي ووجدتني انظر لكفها بمواربة ..وكانت وهي تمر بجانبي متعمدة ان لا تتقابل عيوننا ومتعمدة في نفس الآن أن تمر بمحادتي ..ولا اعرف كيف لمحت حركت كفها تدنو مني لامسك بكفها وامضي لجوارها وليلحقنا صوت استاذي "عبد الرحمان الحناش"مناديا عليها "سناء ..سناء .."أدارت راسها صوبه وكذلك فعلت فقال لها مبتسما:"صافي ابنتي .."فاستدارت صوبي وسلت كفها عن كفي لتفاجئني باحلى ضمة وعناق ..وليفاجئنني استاذتي معا "الشقراء الجميلة والطيبة الحنون " ونحن نعبر زحام حشود التلامذة في ساعة الانصراف باغلاق ابواب الاعدادية و"سناء" لجواري بمحادتي كتفا ملتصقة بكتف بان يعبرا مسرعتين ويلتفا علينا كل واحدة من جنب ويقتربا بدورهما منا وليلتصقا بنا هما كذلك ..كان المشهد نسبيا هو ذاته يتكرر ..مشهد يوم الحفل الكبير يوم ان اقتربت اكثر مني "سناء "ونحن ننسق بيننا كلمة تقديمية لفقرات الحفل ومن انها ونحن طيلة الحفل نكاد لا نترك مجالا ولا فرصة لنا دون أن نكون متقاربين ..متلاصقين ..متلامسين ونسينا ان عيون كل الحضور تراقبنا  وتتبعنا بما فيها حتى عيون والدها وخالتها التي كانت بصحبة زوجها الحديث العهد بها وفي ختام الحفل وخلال  كلمة تجديد الترحاب واعلان نهايته وانا بجانب استاذي موجهي العزيز الذي كان ينوه بمجهوداتي وسناء بجانبي لجواري لم اعرف كيف وجدتها تستدير لتعانقني وتضمني لصدرها امام كل الحضور وتحت تصفيقاتهم وتهامستهم ...

واخيرا فهمت انها كانت تتنازل لي عن حقها في ان تكون هي المبادئة وأنها كانت تعبر عن سعادتها بانني انا من عبر اليها لنعبر لاجمل علاقة واعية ونوعية بيننا لانني لو لم افعل لبقيت هي ذاتها نفس الطفلة التي كانت تبادلني نفس التطلعات وهي تعبر ازقتنا ولا تملك ان تقول لي اكثر ولا انا كنت املك الجرأة حتى لمبادلتها التحية الصامتة   

كنت اعرف ان لعبة المعانقة والضم جاء يومها سنفعل ذلك امام الجميع ولن نبالي..خرجنا للشارع وتناقل الخبر سريعا بين "الزنابق "ليتحلقوا حولنا ويغلقوا علينا الدائرة لا ليحجبوننا فقط عن الانظار لكن ليباركوا لنا عودتنا لدفئ علاقتنا ولينضموا الينا ويدفعوننا لنعانق بعضنا ..وبالحي اصرت على أن نمر بداية لحيث بيتنا  واحتالت علي لادخل البيث بحجة اعارتها كتابا ونادت على والدتي بلسانها الذي لم يعد يتصنع التلعثم فخرجت بدوري والوالدة لتسلم عليها وتقف مبتسمة في وجهها والوالدة تبادلها الابتسام كذلك وتمسك "سناء "بيدي وتنزلني من عتبة الباب لتضمني وتعانقني امام والدتي ثم تطلب مني ان اصاحبها الان لاستودعها بيتهم ولتعيد ضمي امام والدتها وخالتها وامام ابتسامتهم وترحيبهم وعندما قالت انها ستتركني الان سالتها عن اختها العزيزة على قلبي "فذية "التي وكأنها كانت تنتظر فقط ان الفظ اسمها لتخرج الي ولتضمني بدوري ضمة الابنة او الاخت الصغرى لانها كانت أقصر قامة مني ..اطالت احتواءها لي وكنت مستسلما تماما لها وانا في غاية الدهشة والانتشاء ..غمغمت ببعض الكلمات المودعة ومضيت في طريقي دون ان افكر ولو للحظة في ان انظر للخلف ..كنت اعرف انني على موعد مع الكثير من دموع الفرح وعدم التصديق تنتظرني بالبيت ...

"فاطمة "بنت خالتي بعدما هدأت من روعتها يومها وتمالكت نفسها امام نظرات "آسية "التي بدت لي متصلبة ان لم احسبها متحجرة ..ان لم انعثها ببساطة بالمصدومة وهي متى دخلت صالة الجلوس ببيتهم ووجدت كل من "فاطمة "و"فاطنة"لجانبي بينما كانت خالتي واقفة بعد ان طردت ابنها "عبد الحميد"الذي كان يريد التدخل لتهدئة الجو المشحون بالدموع وصراخ "فاطمة "في وجهي وهي تردد "مابقيتشي فيك ياك اطارق ..مابقتشتي فيك خالتي ويما واسية ..مابقيتشي فيك انا نسيتني ..بغيتي تموت .."وعلى وقع الكلمات الأخيرة دخلت "آسية "لم تحتاج لتنظر الى عيون اي احد اخر اقتربت مني وادارت وجهي اليها لتتفحصني وكأنها لأول مرة تعرفني او تراني ..اطالت النظر الي وبشكل جد غريب..في عينها أشبه بشرود كبير .."فاطمة"احست باختها ونهضت  من مكانها ممسكة بدراع اختها تطلب منها الجلوس لكن "آسية "كانت في عالم اخر اخدتني من يدي وسحبتني اليها غير منتبهة حتى للمكان الذي كانت تعزم الجلوس اليه ..جلست بالية وكانت تروم ان تاخدني لاجلس حجرها تصلبت قريبا منها ..سمعتها تطلب مني الجلوس اليها بدى الوضع معقدا فانا عمليا اكبر على جلسة الحجر المحببة عندي ولطلما كنت اتحايل عليها بالاكثر من سبب كأن تمشط شعري لتجدني على حجرها لكن هذه المرة نحن ابعد عن الهزل والنكتة ..الموقف كله على بعضه مربك للاعصاب حتى انا اصبت بالصدمة وعرقت في حالة من عدم القدرة على التفكير في اي شيء ..حالة من الانحسار التام ..كان الموقف يتكرر على نحو اكثر انفعالية من الذي قابلتني به زوجة اخي "خالد"التي اصرت على تصحبه لحيث اتلقى العلاجات الإسعافية بالمستشفى وكان ويا للعحب ان والد "سناء"من يقدمها لي..وكانت كل دموع والدتي وعناقاتها لي لما اوصلوني للبيت صحبة والدي وصهرنا والد "فاطمة "زوجة اخي "خالد" والضمة التي ما ارادت لها اختي ان تنتهي وهي تعاتبني وتلومني على فعلتي غير الذي يفعلنه بنات خالتي حتى "فاطنة "نست كل حسها الدعابي  الذي كان يحول اعنف المواقف التي كانت تقابلها هي بذاتها الى هزل في آن حدوثه معها كأن تترامى خالتي عليها لتنهال عليها بالضرب عوض ان تستمر في بكائها كانت تعلي صوت ضحاكتها وكأن الموقف كله غير جاد ومجرد لعب ومزاح ..   هذه المرة كانت تتخاطفني من يد "فاطمة "هذه تدير وجهي لها والاخرى تسحبه لجهتها.."فاطمة "تجاهد انغلاق عينها كي لا تدرف اولى الدمعات الغزيرة و"فاطنة "دون ان تغمضهما كانت قد اينعتا شلال من الدموع .."فاطمة "تستجمع صوتها وتتنحنح محاولة استعادة قدرتها على صياغة الكلام و"فاطنة "لا تقول اي شيء لي فقط تتحين الفرصة لتاخدني لصدرها بينما الاخرى تسحبني اليها وخالتي بدت شاحبة الوجه لا تقوى على احتمال الوقوف لكنها تكابر وانا مسلوب تماما "آسية "لعلها من كانت أكثر واحدة مدبوحة في ..لعلها لم تكن لتفكر في البكاء وانما في الاستسلام للاغماء .."فاطمة "وحدها التي استطاعت أن تحسم في الموقف لانها كانت جد متنبهة للحاصل مع "آسية"تدخلت لتنهي الموقف المركب امهلتها واخدت تلامس ذراعها بتحبب وتلطف الا ان ارخت كفها عني لتجلسني بجانب منها وطلبت من "فاطنة "ان تناولها كوب ماء بسرعة ..كانت "عواطف "قد وصلت لتوها وتبعتها ابنة خالي "يامنا "صرخت خالتي في وجه "عواطف"وهمت بضربها وهي تسالها لماذا تاخرت ..بدخول"يامنا " فهمت ان خالتي "زهرة"من ارسلت وراء "آسية "وانا ابنت خالي التي تسكن قابلة منزل الأخيرة وصلها طلب الحضور المستعجل ل"آسية "عند "يمها /خالتي زهرة "فتحسبت  ان في الامر مكروه قد حصل فلحقت هي الاخرى ب"عواطف "لهاهنا ..المسكينة "عواطف"لم يكف بعد صراخ خالتي عليها حتى عاجلتها والدتها "فاطنة"بالصراخ ايضا طالبة منها الصعود للمطبخ لاحضار كوب ماء ..بعد "آسية "تبحلق في بغياب تجاهد مقاومته وانا غارق في تتبعها باستسلام عجيب وسكون غير مالوف ..ارى كيف يشيح ويهرب بياض عينها عن سواده ارصد حركة تنفسها التي تباطئت تماما وكأنها توقفت ...تحلقوا حولنا والكل يناديها "آسية ..آسية ..."اخدت راسها لصدرها اختها "فاطنة "بينما "فاطمة "ترشف لها الماء ..احسست من النظرات التي كانوا يرمقونني بها بالرغبة العارمة في الانفجار بالبكاء والنحيب..واحسست بالاختناق والتبلبل  في جلستي كنت كمن يريد الوقوف ليجري هاربا وفي نفس الوقت اريد البقاء بل مصر على أن ابقيني لجوار "آسية "التي كانت عمليا في حالة اغماء .."يامنا "بنت خالي لحقت بحال "آسية "دون ان الحظ عليها انها استوعبت بعد اي خلفيات للموقف ..خالتي اهتمت بها وطلبت مساعدة "فاطنة "التي بدت لي انها تتصرف بالية الطفلة ..اخدت آسية تستعيد وعيها ومعها قدرتها على درف الدموع دون صوت ودون تعبير وتراميت في حضنها لابكي بكل حرقة ووجع وهي تربث على ظهري وتقول لي "صافي ..صافي اطارق ..صافي الحبيب ديالي .."وكلما طلبت مني الكف احبس الهواء داخلي واطلق تنهيدات عالية واجشع في البكاء ا..راسي لصدرها وغطت علي  براسها وذراعيها تمسد شعري.. تقبل راسي ...لم تقل لي اي شيء وحدها "فاطمة "من كانت تدمل جراحي العميقة :"وشتي اطارق وشتي شنو كنت غدي تدير فينا وشتي شنو كنت غدي تدير. في آسية .."راجعت الموقف مرات متتالية وكنت انتهي في كل مرة لنفس النتيجة كل الذي حصل لم اكن اتوقع حصوله بالمرة اعتقدت بيني وبين نفسي انه متى حدست  خالتي انا في الامر مكروه لما طلبت من "عبد الحميد"ان يصحبها لمنزل اخي "خالد"الذي قصدته ومكث به خفية حتى عن عيون ابناء ابن خالي "محمد"الصغار وجائتني ليكشف" عبد الحميد"من تجنبي وحرصي على أن لا يلامس جهتي اليسرى حتى لا يحادي الجرح الذي كان يولع في احساسات بالالم الشديد والصاعق احيانا ان نسيت ومجرد حركت ذراعي او لامس كفي شيئا ..ان بهنالك شيء ما ليسالني مباشرة واتعمد النكران وكان يصر على معرفة ما اخفيه ليؤكد الشك الذي اعتراه فقط ونطق بها "حشوما عليك اولد خالتي تدير في راسك هكذا "وكان يتعمد أن لا يذكر الحادثة بمسميتها وبفطنة منه كان يمهد الامر لتستوعبه خالتي التي انهالت باللطم على فخديها "اولي اطارق بغي تقتل راسك ...اولي اخالتي ديالي صافي مبقتيش كتبغينا ......."  

عندما عدت لمدينتنا لم يمنعني برودة الجو من الخروج للوقوف في اعلى زقاق دار "بنعيسى"..كانت عين تنظر جهة منزل "سناء"التي اكيد انها وصلها الخبر وعين تنظر صوب باب المنزل الذي تقطنه تلك الممرضة الشابة "فاطمة "ولا اعرف لماذا انا متحمس بمثل هذا الشكل في رؤيتها ..؟! هل كان فقط هو الفضول لاعرف منها تفاصيل ما حدث معي بالمستوصف الحضري الذي تعمل به يوم الحادثة اياها ..؟! لا اقتنع داخليا بذلك ..كان الشك يخامرني من جديد في شأنها ..في شان هل ساعقل عليها ..على ملامح وجهها ..على شكلها ..؟! كنت اذكرها بدون وجه ..بدون ملامح . بدون هيئة الا تقربية ..احاول تذكر الذي لفت انتباهي اول بداية عملها بالمستوصف لكن كل الذي كنت اتحصل عليه هو صورة تقريرية شفاهية عن الموقف لا حدود لاستحضار ابتسامتها او بريق عينها ولا لرنين صوتها الذي اقر انه جدبني للتطلع اليها ومتابعتها وهي تتعامل بمنتهى الرقة واللطف  والظرافة مع كل المعايدين ..الباقي لست متاكدا منه وغير قادر على الاقل الان الاستغراق في استحضاره ..بعد راسي تؤلمني ..اسفل جمحمتي ينبعث منه أشبه بالازير ويسيطر على كامل راسي ..يدي اليسرى زرقاء اللون ..يابسة ..مجمدة من البرد ..الرغبة لي في التذخين وحالي مبعثر احاول على الاقل ان لا افكر في كيف تركت "طنجة "وعائلتي في هذه اللحظات ..فاض بي الكيل ما عدت اريد انجاز اي تصور عن كيف سيقابلني الذين يعرفونني ويهتمون لأمري ..حنق سيطر علي وبت اهيا نفسي لفكرة أن لا اهتم وان لا اعير اي أحد اهتمامي ..كانت رعشة تسلل الى كامل بدني ربما لانني لم اتناول أي طعام من وجبة الفطور بالمقهى التي دعاني اليها ابن خالتي "عبد الحميد"الذي اصر على أن يرافقني الى المستوصف هناك لتغيير الضماظة وتشبت بان يبقى معي لحين ركوب الحافلة في طريق عودتي لمدينتنا..الح وترجاني  في البقاء معهم بطنجة والنزول كما هو مالوف ببيت خالتي لكنني كنت اتحجج باي شيء لانني داخليا كنت قد حسمت في ضرورة أن أغادر كل فضاءات طنجة حتى وانا غير مستعد لاجدني من جديد بمدينتنا ..اخترت ببساطة الهروب كما سمته "فاطمة "بنت خالتي حين قلت بانني ساتركهم للعودة لديارنا ..لم تقتنع لكنها في نفس الامر سهلت علي الامر لم تلح او تصر في طلب بقائي قالت لي "سير دبا ..رجع شوف يماك ورجع بعدى نشبعوا منك حتى حنا العزيز ديالي ..صافي ..وعد .."  كنت اصدق اي كلمة أو عبارة تنطق بها "فاطمة "لانها مكايسة ولا ترمي بالكلمات على عواهنها ..تعقل اي تعبير قبل أن تستخدمه وهي لا تدعي انها صادقة وصريحة بل تقسم باعظم الايمان على انها صادقة في كل ما تقوله ومع الجميع ..وكان يكفيني ويزيد على كفايتي ان اقرت لي بانني عزيز عليها .."آسية "لم احاول اكثر ان افكر بها كما كنت افعل كان يكفي بان ترد على بالي لاختنق بالبكاء عليها وعلى نفسي التي حسستها  بكم هي قاسية وانانية وناكرة الجميل دون ان تنبش باي عتاب او لوم ..

كان كبار السن والمواظبين على الصلاة بالمسجد يعبرون الطريق من امامي متوجهين لتأدية صلاة العشاء ..تعمدت ان اشيح بنظري البعيد كي اتفادي  مقابلة عيون اي احد يمكن ان اعرفه من من يعبرون لافاجا بصورة انثوي ينادي باسمي ..حدثت جيدا في صاحبته التي كانت شابة في مقتبل العمر ترتدي حلبابا برسوم أوراق شجر وورود خضراء زيتية  غير غامقة وخرقة راس صفراء تميل الى البني ..كان بصخبتها كفل صغير تمسك بكفه ..اعدت من جديد التحديق فيها ونظراتي تحمل التساءل :"من تكون هذه؟!"كان الطفل يباظل النظر الي تارة والى من معه ..والدته على ما يعتقد ..لا اعرف كم طالت اللحظة بيننا الى أن افلتت كف الطفل وصعدت عتبة الطوار الذي اقف فوقفه ومدت ذراعيها  المفتوحة لتعانقني وهي تهمس قرب وجهي بالحمد لله على سلامتك...كنت مدهوشا من الموقف وعبثا احاول البحث في شان هذه السيدة الشابة وفي من تكون ..؟! قربت راحة يديها واحتوت  خدي بينهما ونظرت باحلى ابتسامة من عيون تزخر باروع حنان وقالت لي "فاطمة ..انا فاطمة الممرضة .."وتراحعت براسي للخلف واخدت اديره   يمينا ويسارا متدمرا واتمتم بعبارات ساخطة على نفسي ..تفجاءت من رد فعلي الغير المقصودة وسالتني ببعض الاسى "مالك طارق .."ولانها كانت هي وكانت هي من وجدتني خارجا لانتظر مجرد رؤيتها لم املك ان اختبأ خلف الصمت او اي كلام واندلعت في الكلام اليها وقلت كل شيء وكل ما لم اخالف حتى نفسي بقادر على ان اقوله حتى بيني وبين نفسي ..قلت لها انني وصلت بعد الظهيرة قادما من طنجة وانني وجدتني محدوبا لاقف هاهنا وانني كنت افكر في مجرد رؤيتها وانتي اكتشفت بيني وبين نفسي انني لست متاكدا ان كنت ساعقلها من عدمه لتاتي وتقترب مني وتاخدني قريبا من حضنها فكيف لا اعتبرني معتوها ثم كيف اتحصل على كل هذا الحظ بل كيف احضى بفوق.. فوق ما تمنيته ويتمناه اي واحد في عمري ولو لمرة في كل امد حياته ..كانت تتبعني بعيون بدت سعيدة بسماعي اتحدث وهي تلامس ذراعي بتحبب ورقة ..واقتربت مني لتطبع على خدي قبلة وتقول لي :"متتحركش ..تسنني انا غدي ندي يوسف للدار ونجي لعندك نهدروا انا وياك ..عندك تهرب ..متفاقين .."لم انبس بكلمة واحدة بل حركت راسي من جديد يمينا ويسارا متيمنا على حديثها وانا اقول لها بعيني ابدا لن اهرب...

(يتبع....) 

السبت، 10 أكتوبر 2020


 

يوميات:مابعد عوالمي السرية .. عالم الصمت (6) تابع ؛سلاما متجددا فاطمة"5-1"

 كان يلزمني ان اسمح لنفسي بان تسامح نفسها ..وان تكف على محاصرتها..لم يسبق لي ان اعتزلت احبتي وناسي الطيبين مثلما قويت على فعله للاكثر من ستة شهور ..

بعد الحادثة مباشرة تعلمت الظهور على مستويين ..ظهور اجتماعي احاول الالتزام فيه بعدم الإفصاح او البوح بما يكون حالتي النفسية واسعى فيه لالحاق سابق معاملتي في الماضي بالحاضر ..اسلك وكان لاشيء وقع حتى انني اتعبت من حولي الذين لا يصدقون ان كل مااقدمت عليه لا يشكل فارقا معي ..بيني وبين نفسي كنت جد منتبه لكل من حولي وجد متلهف لارى وارصد ردة فعل كل واحد منهم واي واحد اخر يكاد فقط يكون قد وصله علم بالحادثة ..

الظهور الاخر كان خاصا كنت أتركه لنفسي حيث انهشني فيه خصوصا بعد ان فقت على منتهى التوهان والحيرة وانعدام اي توازن في ..

اكتشفت الان كم عصي علي ان استمر في تجاهلهم وتجاهل رغبتي فيهم ..في ان اكون قريبا منهم وان اسمع منهم وان اتحدث بدوري معهم ..

سمحت لنفسي بان تمارس تداعيها الحر دون ان اوجهه ..سمحت للصور الحبيبة بان تداعب عيوني ..وسمحت لاصواتهم المحفوظة داخلي بان تنبعث من جديد ..وكل ليلة بل لليال متتالية كنت اترك لنفسي بان تغوص في اعماقي وتتخير اي ذكرى ..اي شخص تريد ان تستعيده وتستعيد نفسها معه ..لم اكن لاتوهم او انسج الحكايات او لازيف الوقائع كنت اعرف انني طورت جيدا آليات ملاحظاتي وتخزين المواقف والصور في ذاكرتي وطورت  معها حتى آليات الانكار والادعاء بانني لااتذكر شيئا حينما احاصر بالاسئلة من اخر ..

الزمن الخاص الذي قضيته في غرفة اخوي "خالد.وسمير "بالسطح لم اضيعه هباء منثورا ..تعلمت فيه الكثير ولم اجبن من التجريب والمغامرة فيه  ..لم اترك لاي كتاب توفر لي من ان يهزمني ويستصعب علي قرائته والسفر معه ..وحده الزمن الذي غاب فيه كل اخوتي باستثناء الصغيرة "بشرى"كان الزمن الذي قهرني وبلبل كل كياني ..من وحشتي واغترابي فقدت القدرة على النوم المنتظم ..وارق الليالي كان يسلمني لنهارات تعيسة احمل فيها تعبي وانهداد حالي مرغما عني واسير الطرقات بالية من الى البيت للاعدادية، ولاي مكان يتطلبه الأمر الضروري ..

بعد بضع أسابيع قليلة من الحادثة طلبت تغيير الغرفة السطحية بغرفة "سمير بالمنزل التحتي وطلبت بالخصوص من والدتي ان تدعني على سجيتي وان لاتتعب نفسها معي مهما كانت حالتي النفسية سيئة ..

الان اجد في الحاجة من جديد لاعود للصومعة ولاواجه مخاوفي ووحشت المكان ..وبعد ان نظفت واعدت ترتيب المكان والحاق متعلقاتي الشخصية به أخبرت الوالدة بنيتي وجددت الطلب بان لاتكلف نفسها في كل وقت بالصعود للاطمئنان علي وان لا تخاف علي وانني متى كنت في حالة صعبة فساطلب المساعدة ...كنت اقرا في عيونها الخوف من ان اعدم نفسي في احدى نوبات اكتئابي الشديد ..كنت اعرف انها حتى في ساعات متقدمة من الليل لما تصحو اضطرارا تحمل نفسها لتطمئن علي ولما اخدت اقفل باب الغرفة من الداخل علي استنكرت الأمر علي ..

بالغرفة /الصومعة كنت اعرف تماما من اين ابدا ..لم اكن بحاجة لاستعيد قراءة روايتي / الشاهد الثاني "رسالة من عالم اخر."ولا لان اتصفحها..كنت مسكونا بإستعادة نفس العبارة التي ارقت الصوة الاول في الرواية المفترض انه كاتب الرسالة ..العبارة التي ظلت تتردد لسنوات في راسه وتضجع نومه حتى اوصلته لحافة الانهيار ..العبارة التي كانت تحمل الي صوت اخيه /طفله الذي كان مسؤولا عن رعايته بعد وفاة والديه وتضعه مباشرة في نفس الموقف الذي صيغت فيه ككلمات يرددها طفله والدم ينزف من شرخ براسه أحدثه إصاص الزهور الذي سقط فوقه .."لماذا تركتني وحدي ....لماذا تركتني وحدي..."  

لم اكن بحاجة لافهم عنها انني اعاني من احساس الاستتراك وحدي والا ما هزتني هذه العبارة مثلما فعلت بكاتب الرسالة المفترض لكنني لم اكن متاكدا من تمكن هذا الاحساس فقط مني ليعرضني للانهيار ..

اول من استحضرت في ذهني كان اخي "فؤاد"لكنني ازحته بسرعة من دائرة استحضاري كان صوته من وجهني لافعل ذلك كان يقول لي "متستحضرشي هذك الامور العادية لقدر يتبعها اي واحد من لي يبغي يرجع ذاكرتو القديمة ..ركز في المواضيع لي انت حس بها كتهمك انت تستحضرها كيما بغات تكون غير متغرقش مع الاستحضارات الجنسية حيث حتى هذك غير غدى تحجب عليك الرؤية ديال العمق ديالك .."فكرت في اخي "سمير "من حيث اقصيت بالتتالي اختي غير الشقيقة "مليكة "واختى الصغرى "بشرى"لكن صوته المقابل صوة "فاطمة "بنت خالتي تصدى لي وهي تضحك حد الهزء مني وهي تقول لي "سمير خاك غير خطيه الا بغي تدوز لي به غير كتعي راسك انا قلت ليك بلا تطاور معي دوز لي مباشرة .." كنت اعقل لعبة "اجي نعود ليك .."التي ترد علي بها ب"اشنو غدي تقولي عوتني .."ونبقى نلوك في الكلمات والعبارات انا انعثها بالجبلية وهي تنعتني بالعروبي "ولد حلالة "ولما تستظرف مني اقبالي عليها تتنازل لي وتتصنع بعض الجد وتقبل التقرب مني "يالها شنو بغي تعود لي .."..في البدايات الأولى لم اكن انقل لها عنه سوى تمنياتي انا ..سوى محظ رغباتي انا في ان ارها سعيدة وفرحة بعمرها ..لا اعرف لكنني صادقا كنت دائم الاشباع وموضوع رغبة من كل من يقترب منا ..على اننا مع كل الذين كبرنا سوية معهم من جيراننا كنا نعيش ابهى واسعد عمر ولا نترك الهواجس بان تاخدنا متى احسسنا بحاجاتنا لنتبادل الاشباع ..وكان يعز علينا بعض كبارنا ..بعض من من اخدهم العمر في دروب التعاسة والحرمانات ..من بعض من كنا نراهم يخجلون حتى من ممارساتنا العلنية التي كنا نحن نعتبرها جد عادية ..كنت ارى السرور في عيني اخي "سمير "والغبطة كذلك والاستحلاء في نبرة تعليقه "وانتموا فشي شكل جالسين قدام الناس وعايشين وفي اخر كتعنقك وكتبوسك عاد كتمشي بحالها ..."وكنت ارد عليه بكل تلقائية :"عادي اصحابي ..حنيا صحاب .."وبنزق يبادرني بالسؤال -الاستفهام :"وبشرى..."وارد بدون تردد :"بشرى ختى الصغيرة وصحبتي وكتبغني وكنبغيها مافيهاش باقين صغار ولاكبار ..وش فهمتني اصحبي "ويقول لي وكانني نجحت في الاختبار :"وزيد اصحبي ندخلوا للدار دبا نتعشوا وعاد نقصروا .. زيد أصاحبي " ..

في البداية كان همي على أن اكون بالقرب منها وتسمع مني واتحدث اليها. ان اتعرف اكثر عليها ..نحن لم نكن مثل الارانب على تشبيه عمتي الكبرى "الزهرة"لسلوكنا الجنسي الطفولي حتى لما كنا نختلي لنمارس طقوسنا الخاصة لا ننسى ما بيننا من عهود وصداقة واشياء مشتركة كما لاتنسى من الاطمئنان على بعضنا البعض كنا نخاف على أن نؤدي بعضنا البعض او نتسبب بدون ان نقصد في خلق كره بيننا ..لم نكن ارانب صغيرة كنا احبة دائما حتى في عز خصماتنا كنا نغافل بعضنا البعض لنرسل نظرات تفهم وحب بيننا  وفي أول فرصة يقصد احدنا الاخر ليبادئه بالكلام ولنستعيد الود بيننا ونستعيده في التو والان ..

نحن كنا نقضي الكثير من الوقت في تبادل الكلام ووجهات نظرنا التي كنا نعقل على اننا ابناء وبنات العشرة والحادية عشرة ومنا من في سن الخامسة عشرة واكثر من ذلك ان الكبار عموما بما فيهم حتى اخوتنا العزاب بعد لن يصدقوا فيما نحن نخوض من احاديث واهتمامات ولا فيما يجعلنا متلهفين على التلاقي بيننا ..كنا نبخس نظرتهم الاتهامية لنا كذكور مع اناث ومع بعض اخوتنا كنا نعتبرها غيرة زائدة عن حدها ولا من مبرر لها ..على اننا نعي الجوانب الأخرى ونستنكر على من لم يعشها مثلنا ان يمنعنا منها وحتى ان حاول فلن نمكنه من ذلك لأننا نعي اهميتها عندنا ..كانت الامور محسومة عندنا بمنطق خاص ونلمس في داخلنا قدرة مدهشة على إمكان أن نقنعهم بمنطقنا ..ربما هذا هو دافعي مع ابنت خالتي "فاطمة"لقد ذهبت بعيدا في التفكير بيني وبين نفسي فيها ..في حالها ..في حال البنت فيها التي نضجت وعما قريب ستتجوز لكنني اجدها شبه معدومة التجارب ..كنت اعرف ان حياتها تكون قافرة قبل أن تأتي اختي "مليكة " للمكوث عندهم قدر ما تريد هي  لتلهب مشاعرهن وخيالهم وتحرك فيهن الرغبات المكبوتة ..حتى بعد ان ترحل لا يكف البيت ان يبدوا متوردا..وتبدا بعض صاحبتهن بالمقدم لزيارتهن وهو غير المألوف في باقي المواسم والذي تراقبه خالتي "زهرة "بعين متيقظة وتجابهه بسلاطة لسان بمجرد ان يبدأ في التكرر..

كنت اسال بمباشرة اختي "بشرى"و"صغيرة حينا "..هل تعتقدا انها من الممكن ان تكون لها حياتها السرية الخاصة ..تجارب صغيرة على الاقل ...كانا يسبعدا ذلك ..كنت قد وضعتها تحت الملاحظة في خرجتها معي التي تصحبني فيها لتتبضع من الدكان او لتمر على صاحبة لها تعرف انها ممنوع بثاثا عليها ان تدخل معها لبيتهم بل وحتى ان تعبر باب البيت لبهوه ولم الحظ عليها اي سلوك من ما نحن نمارسه بكل اريحية واتقان ..حتى نظراتها لمن يعبر الشارع من "الجنس الاخر "متوارية وعصبية ليس فيها حتى فضح الانثى الواعية برغباتها .."فاطمة"البشوشة الدائمة الضحك والهزء والسخرية تنفلت اعصابها بشدة وتبدا في الزعيق والتهديد بتركي لوحدي والعودة للبيت دوني فقط لانني طلبت منها ان تنظر للرجال والذكور مثلما تنظر للنساء والاناث ..

كنت اقلب الذاكرة وانا اتتبعها كنا نحن ابناء خالتها الوحيدين الذين تربوا معهم ببيتهم وكانوا ياتون عندنا هم كذلك وكنا نرتاب بمنطقنا نحن من ان تكون لهم بدورهم العابهم وكنا نصل الى يقين بأنه حتميا كانت لهم العاب لكنها للاسف توقفت في زمن مبكر جدا والا للاحظنا استمرار بعض اشكالها ..كان المتطاول فينا والمتباهي بتعدد علاقاته الغرامية اخي "خالد"يبدوا في نظرنا نحن و"بشرى"قزما امامهن  وحتى في اليوم الذي تصيدناهما هو و"فاطمة "بنت خالتي واحرجناهما ليسلاما على بعضيهما من الوجه ارتباكا كليهما وبديا لنا مثل ادميين من عالم اخر ومن يومها ونحن لم نكف عنهما حتى اولعن الخيال بينهما واستسلما الينا وبات كل واحد منها يتصيد الاختلاء باي واحد منا ليدفع بعجلة الحديث السؤال عن الطرف الآخر ..نجحنا جزئيا في ان نجعلهما يطيلا مجرد الكلام اليومي الرتيب عن "كي داير ..لاباس ..مزيان ..خليتك .."الى "وكي دير مع القريا دابا اخالد.."وهو "...مسولتكشي اش غاد تديري بعد الخياطة لي كتتعلمي دابا .."لكننا كنا انا واختى بشرى مستحكمين في اللعبة وادخلنا معنا حتى "عواطف "كنا نعرف كيف نخلق التوتر بينهم ونولع خدودهما بالدماء ونهز شخصية" خالد" الذكورية ونجعل من "فاطمة"تتحول من البنت التي تعتز بنضوجها لمجرد طفلة تداري ارتجافها ..

كنت اكثر تنبها لما يعانياه من ضجر في النهارات خصوصا في الظهاري والاماسي وهما لا ينبغي لهما ان ينزاح من تحت نظر خالتي "زهرة"حتى وهي غافية  كانت خالتي لا تكف يوميا من التأكيد عليهما ان "ولد خالتها ولو عزرى .."كانت تتبرى منهما امامي وتهبني صلاحيات في نفس الآن وهي تتخاطب معي بلغتنا الخاصة "لغة العيون المدربة"..خالتي "زهرة "سانعتها بعدها  وانا بعد بسن الخامسة عشرة بأنها "خالة ثورية " لكنها من الجيل القديم من طينة الوطنيين الذين عبؤا كل فئات الشعب الغارقة في الجهل والفقر والواقع ضحية مسلسلات من الاغتصابات والاغتصابات المتكررة ضد الاحتلال وضد البرجوازية المستفيدة من الاوضاع .."خالة ثورية "اختارت ان تقف لجانب الحرس القديم للاخلاق والقيم  لكن دون ان تكف عن التطلع الى الامام ..الى المستقبل المشرق والمتحرر ...كانت تحس ببناتها لكنها غير مستعدة لتنسى كيف الانثى منهم كانت تنهش وتغتصب ويستاسد عليها لتعيش خادمة تحت طاعة اي رجل  ..كانت تعرف ان بناتها كبرتا لكن غصة كانت بعد تالم حنجرتها كلما نادت على بنتها الكبرى "فاطنة "وكانت تلحظ مني انني الاحظها ..في يوم نادت علي وطلبت مني لانها لا تقول لي ولا تامرني وربتني على أن لا اسايرها لكن ان اقبل اطاعتها :"فاطنة انت معرفشي شنو بيني وبينها انت هذك بنت خالتك مشي معها ..هدر معها ..الا بغتك تتسخر ليها تسخر ليها متقطعهاش الا شفتني مقطعها .." و"فاطنة"لم يكن لي ابدا معها مشكل كانت تتحدث لي كما لو كنت كبيرا مند ان كنت طفلا صغيرا ولم تكن تواري عني شيئا كانت تتبع نهج اختي "مليكة " وكانت كثيرا ما تستعمل معي تعبير :"انت عرف كلشي ..عارف من بدات الحكاية .."ولم اكن اريد ان اعرف ببساطة لذلك اتظاهر بانني ربما اعرف وبيني وبين نفسي اتبع نفس الاسلوب لكي لا اعرف غير انها تعاملني جيدا وعلى نحو تفضيلي بامتياز لجانب اخيها الكبير "محمد"اما حتى "عبد الحميد"فاحوالها متقلبة معه تبعا لانقلابات أحوالها مع والدتها "خالتي زهرة".

لم تكن خالتي "زهرة"تترصد لي بعيونها حتى وهي لا تكف عن متابعتي كما لم تكن تصدني وتطلب مني الكف عن مجاسرة "آسية "او "فاطمة"كما كانت تفعل مع اخي "فؤاد"الذي يكبرني باربع سنوات والذي كان يستجيب في الحال دون ان يردد اي كلمة ..خالتي كانت تتعمد ان تريني انها راتني وتنسحب من مجال رؤيتي واحيانا كان اخبارها لي انا بالضبط انها ستنزل من السطح دون توجيه كلام لاحد بنتيها بمثابة تشجيع لي ..موافقة ضمنية ورضى منها عن سلوكي وهو ما كان يجعلني طوال الفترة التي اقضيها بعيدا عنهم وعن "طنجة "افكر فيها وابحث في شأنها وأشارك كل مجموعات اصحابي وصاحباتي المقربين مني في التباحث حولها بل وألحق حتى الكبار مثل عمي "محمد"وعمتي "مينة"واخرون ودائما احاول طرح موضوع بحثي او طلب الراي والمشورة باسلوب غير مباشر لا اذكر فيه المعنيون بأمره ..

مع اختي والبنات اقراني ؛صاحباتي كنا نتدوال بمنتهى الصراحة في كل المواضيع ونهتم لها ونخطط للمزيد من كيفيات التعرف على أوجه النظر المختلفة في موضوعها عبر استعمال وسائل وحيل نوقع الكبار من حينا  في حبل التكلم عنها لنا حتى امام المسجد كنا نتجرا عليه بل وحتى المرأة المتسولة المتعبة نفسيا "خت حميدو"كنا نتحايل عليها لنعرف رايها ...كنا جميعنا نغتبط ونحن نلمس فينا اننا مختلفين واننا نكبر ونعي اكثر واننا متحررون ..اننا ابعد بكثير من تخبطات مجتمع الكبار ليس المادية فقط وإنما الفكرية والنفسية ...كنا نشجع بعضنا على القراءة وحتى من لا يقرا نشركه في السماع لقرائتنا وتحليلاتنا..ولطالما فجاءنا حتى كبار اخوتنا بسعة مداركنا ودقة ملاحظتنا وصوابية رأينا ...كنا نتلهف على الحديث والنقاشات بيننا من حيث اننا اكتشفنا ان كل ما ينقصنا هو مجرد امكانات التعبير عن افكارنا باساليب واعية ومنطقية وموضوعية اكثر ..

"فاطمة"اقنعتها بحيلة بسيطة جدا يومها لم اطلب منها حكايتها ولا رأيها ..كل ما هناك انني ادخلتها بحق الى عالمنا نحن واخدت احكي لها بالتفاصيل عن ما يجمعنا ..عن ما يقع بيننا عن مخداعتنا للكبار الاوصياء علينا ..عن مجموعاتنا التي تكبر يوما عن يوم ..عن احلامنا المشروعة في التغيير ..عن اوجاعنا والبؤس  الذي نحس ان اباءنا يجترعونه كل يوم بمرارة ..واستهواها جو حكايتنا كانت تتخاطف علي من بين يدي "آسية "التي وانا "بطنجة "او وهي "بمدينتنا"عمليا هي امي الراعية وانا ابنها كانت خالتي وحينا امي تطلب منها قائلة لها "خدي ولدك نعيسه معك ..."وتنظر الي بكل حب وتقول لي "زد اولدي ..يلاه معيا "ثم تنظر الى اختي "بشرى"وتقول لها "يلاه ابشرى"ولما اتعنث ولو للحظة تنظر لاختها "فاطمة " ليوجها الانظار سوية لوالدتهما خالتي "زهرة"ولوالدتي خالتهما وتنطق "آسية":"ايما عواطف غدي تبات معنا هذ الليلة ..؟"ويبقى الجواب معلقا هل ستعطف خالتي "زهرة "لحال "عواطف "التي تكابر الدموع ..؟!هل ستتدخل خالتهما 'والدتي..ولا احدا يملك ان يتوقع الرد ولا احدا يملك ان يؤثر على خالتي في موضوع عواطف غير "اختي بشرى"وكأن خالتي لا تتذكر ان "عواطف" صغيرة بعمر اختي " بشرى"وان من حقها ان تسعد مثل ما تسعد "بشرى بصحبتنا ..لا تتذكر الطفلة التي كانت هي نفسها الا لما تدلل امي اختي بمحضرها

وتطلب منها ان تذهب لحضن خالتها ..وكما نسقنا الأمر سوية في اللحظة المناسبة تذهب اختي "بشرى "لتعانق خالتي وتتوسلها في السماح ل"عواطف "بالمبيث صحبتنا وتسمح لها لتنطلق الاثنتين معا في عناق صاخب كما تفعل اختي "مليكة "مع كل بنات خالتها وخصوصا "فاطنة "وهما يتناديان على بعضهما البعض ب"اصحبة.."اي ياصاحبتي ." 

"آسية"هي الام السحرية لي التي لا تشبع من طلاتها علي من عيونها السحرية بكل حنو ومحبة واشتياق لان تعيدني لصدرها ..كنت قد كبرت على أن اصاحب للمرحاض ومع ذلك اتحايل على والدتي لتكلف "آسية "امر الاعتناء بي وكانت تساندني اختي "بشرى" وتقول لوالدتنا "ماما بلا متفرشي القضية ..قليها لها بالصح "..وتنادي امي على "آسية ":"آسية ..ابنتي اجي دي طارق لبيت لماء ..."وبدون ان تشعر تمسك بي من يدي وتخاطبني "اجي اولدي نديك تقضي حاجة "...بقينا نلعب معها بنفس اللعبة حتى بعد تجاوزي مرحلة الطفولة ودائما كان يوقعها لسانها وتخاطبني باحلى تحبب في الوجود :"ولدي "..."فاطمة"كانت خارج جيلي تكبرني باحد عشرة سنة ..""آسية "تبقى على انها تكبرني من جيلي وقد اقول صادقا انني بمراهقتي المبكرة لحقت مراهقتها المتأخرة ..

"آسية"لما تحرر لسانها والفت السهر معي حتى طلوع الفجر وظهور ضوء الصباح قالت لي:"غذي نقولك وحد المسألة ..شتي راه مشي ماكندي ماكنجيب في الهدرة  ..غير قول انا صادقة مع نفسي ولي في قلبي كنقولوا ..انتوما  كيسحبليكم كتدوخوني بالهدرة بش انا نعيطلك بولدي  وانا والله العظيم هذك هو الشعور ديالي معك ..ربيتك في حجري كنهزك في صدري ..حملتك في ظهري.. كنعسك ..كنغسلك ..كنوكلك بيدي ..كنلعب معك ...شتي مشي غير انت لمبغيش تكبر لو خيروك حتى انا مكرهتكش تبقى صغير وتبقى ولدي ..."

"آسية "كانت تنام على السرير وانا و"فاطمة "التي لا تحبد النوم الا على أفرشة بالارض نستلقي متسامرين ..تتعب "فاطمة "من المنادات عليها لتجلس  على الارض بمستوانا عوض وضعها الجانبي المتعب لكن "آسية "كانت مستمتعة اكثر من ان تتابعنا من فوق ..أن تبسط مجال رؤيتها على كل موضوعنا  ..واحيانا كنت اتعمد اعيائها واتعمد إطالة السهرة بجانب "فاطمة "وبالاتفاق معها ولما كانت تشعر بالتعب عن حق وتبدا في عدم القدرة على حبس تفوهات الرغبة في النوم تنادي علي "طارق اجي تنعس حديا ..."تكررها وتكررها وتنبهني "فاطمة المتقارية معي على الخطة لكنني وحتى وانا انظر إليها اتصنع عدم الاستجابة ولما اشعر ببعض نرفزتها الكز "فاطمة "لتعطيها المفتاح السحري لمغارتي فترد عليها :"على من كتعيطي .."والاخرى بصبر اخد ينفد تجيبها "على طارق .."فتستفسرها مرة أخرى "على من ..".."على من ..."ثم تنتبه "آسية "للعبتنا ...وتبتسم وتمد بيدها لتنادني "غير سمحلي اولدي ..اجي نعسوا ..."واقول لها "نعسوا وشنو .."وترد :"ونهدروا شوية حتى يطلع الصبح "

لم اكن اساير اختي" بشرى "في دموع وحالة وداعهم كنت ااجلها لحين تتحرك بنا الحافلة في طريق العودة لبيتنا لكنني متى صاحبت "فاطمة "بدات اعقد حالة الوداع بثلاثة أيام قبل حصوله وكانت تنخرط معي "آسية "فيه ...

تطور بيننا الكلام ولغة الكلام والمشاعر كما تطورت عدد زيارتهم لنا ببيتنا خارج نسق زيارت العطل الفصلية ..بدت "خالتي "ممسكة بزمام الأمور ولاكثر من مرة بمجرد ان يقترح ابن خالتي الكبير "محمد"ان يقلها بسيارة والده "عزيزي "التي يشتغل عليها في نقل الحبوب وتوريده للتجار ولمربي الماشية بالإضافة إلى النقل السري للأفراد والبضائع لتزور خالته -والدتي كانت تحدد له اليوم الذي يناسبها وتقدم الينا صحبة"آسية "و"وعواطف "ان كانت ستبات  ليلتها عندنا وبمعية "فاطمة "ان كان العكس لانه كان لزاما على من يبقى بالبيت ليتكفل برجاله ...

على كامل فرحتي بمقدمهم كنت افتقد دوما "فاطمة "ان لم تصحبهم وكان هذا يكلف "آسية "الكثير لتسلوا علي ..."فاطمة "غير "فاطنة "وغير "آسية "وغير "عواطف "لكل واحدة مكانتها الخاصة في قلبي بمثل ما كان لكل واحدة تفردها في طباعها وشخصيتها واسلوبها في التعامل معي  "فاطمة "تركتني منذ البداية ل"آسية "كانت تحبني وتتشارك رعايتي وتاخدني  حتى بالغصب عني لتمطرني وتشبعني بالقبلات منذ ان كنت طفلا صغيرا ولكنها سرعان ما تعيدني "لاسية "الام السحرية التي لم يكن لها رحما يتسع ويتشكل ليلدني يوم ولدت ..

كان "عزيزي سي محمد"لما يدخل صالة البيت ويجدنا بجانب بعض على وسادة واحدة يجلس اي مكان وكأنه لم يرانا ويتصنع المفاجئة عندما تتقدم اليه "آسية "منادية ومسلمة عليه "كي بقتي ابابا "..لم يتدخل ابدا ليوجه لاي واحد منا سلوكه ربما كان يفعلها ببعض الجد مع أبنائه الذكور واحيانا بعصبية ونرفزة وحتى مع "فاطمة "لكنه ابدا لم يفعلها مع "آسية "او حفيداته ومعي انا بالقطع لم يوجه لي حتى تلك الملاحظات التقنية التي كانت تتوجهها لي امي على شاكلة "وباركة من البسالة ..."

"عزيزي سي محمد"كان يدبحني دوما دون ان يحس لانني لا اعقل ان سمعت والدي يناديني بتحبب كما كان دائما يفعل هو وفي اي مخاطبة له معي كانت دائما كلمة "اولدي "طارق  تسبق ..والدي كانت على لسانه دائما "طارق "فقط و"طارق "تتصوت بحسب انفعالته وعصبيته ...

صوة "فاطمة "حاصرني وهو يهزء مني في اول ليلة لي بغرفة السطح التي قررت العودة إليها ..صوتها سلمني اليها وتداعت كل مقاوماتي لانشغل باستحضارها ونفس السؤال يلف بخيط حول عنقي ..يخنقني :"لماذا تركتني لوحدي ..؟!"السؤال الذي تسلل الي من الرواية اياها وسيطر على هواحسي ..واعدت السؤال علي مرة أخرى بصيغة اخرى :"فاطمة لم تتركني وحدي .."وكان ياتي السؤال الإجابة عن لسانها هي وصوتها:"اي فاطمة فينا تقصد "فاطمة "التي كان يمثلها اخوك "سمير "امامك لتنساب في الحديث معه ام فاطمة .. فاطمة التي علمتها كيف تتحايل عليك مثلما يفعل سمير لتتحدث اليها ..ام فاطمة انا ..مشي سمير فاطمة ومشي فاطمة سمير .."كنت اعرف الى اين يؤدي الجواب لكنني لا املك بعد الان القدرة على الهروب او الفرار من الجواب الذي كنت اعيد صياغة سؤاله   "هل املك ان اعترف لها بانني كنت اقارن في مدى حبي لكل واحدة منهن وانني كنت اسبح بخيالي بعيدا لاتمثل اي واحدة قد اختار حبها خالصا لي ولها .."وكانت تعاود ضحكاتها المتقطعة وتقطع علي حبل تفكيري وانا استحضرها

وتهمس لي:"غير قولي انا عارفة لي في قلبك وعودت لي كلشي لكان كيوقع بيناتكم غير انت وخا كتقول لي صريح معيا مشي صريح مع نفسك ..وخصك تعرف انا العكس ديالك تماما صريحة معك وصريحة مع نفسي وصريحة مع كلشي .." ..كانت تحاصرني من كل جانب لا لانهار امامها انها طريقة "فاطمة "لتقول لي بأنها تحبني على طريقتها الخاصة ..وضحكت منها لتعاود رسم الجد وتسالني :"هل حقا افتقدتني ..؟! "قلت دون تردد :"لا ..لكنني مرعوب من ان افقد الامل في ان اراك ثانية .."وفجأة بدت لي انها هذه هي اهم نقطة في حقيقة ما حدث معي ...الخوف من الافتقاد لكل مواضيع الحب الأولى والاساسية في حياتي وزاد في تعقيدها رؤية احبتي يبتعدون الواحد تلو الآخر عن عالمي الواقعي ...كان من الممكن ان اقنع بالانتظار لكنني كلما نظرت حولي اجد الزمن يتسابق وياخد احبتي وناسي الطيبين في العمر وكلما كبروا ابتعدوا او اختفوا عن دربي او انتهوا ببساطة ..ماتوا ...كان سؤال الموت يحيرني ليس في حد ذاته ..ليس في حد من يترك عالمنا لكن في من يترك خلفه من ناس يحبونه لم يتعلموا للحظة على أن يكفوا عن حبه وانتظار رعايته ..مجرد نظرته ...هكذا كانت جدتي بكل القمل الذي تنزله من شعرها وهي تسرحه وتعاود لفه ..بكل الطيات التي على وجهها بكل قوامها العظمي النحيل وجلدها الاصفر الناشف أحبها وكم احن لاغفوا في حضنها ..هكذا كانت "غيثة "المعيدة بالاعداديه ذات الخمسين سنة وازيد والتي كانت تسكن بجوار بيتنا صحبة زوجها المعلم الابتدائي دون اطفال والتي صعب على اصحابي وصاحباتي المقربين اقراني ان يصدقوا لهفتنا على بعضنا كنت اقول لهم كيف لا اقبل حب وصداقة امرأة اتت حتى للبيت تطلب وتترجى والدتي ان تسمح لها بأن تحبني وتصاحبني لانها كانت ترى في غير الأمومة التي لم تعشها وانما نفسها التي احبتها وهي طفلة وتخيلاتها بما ستصبح عليه ومما قالته لامي واسعدها بانني محبوب من الكل فكيف لا تتورط في حبي ..كانت ذات بشرة بيضاء جافة وكل اوردتها الدموية زرقاء اللون بارزة ولا تهتم بشعرها ومع ذلك لا تتوانى على أن تجلس كرسيا تخرجه بجانب طوار بيتها لتتشمس ولما ادونوا منها وابتسم كما عودني كل احبتي على السلوك مع الناس الكبار وخصوصا النساء منهم كانت تبتسم لي برحابة وفرح وتغمض قليلا عينها بمحبة صادقة لا اغفل عن  صاحبتها انها اختي غير الشقيقة "مليكة "فكنت ادنوا منها مقربا وجهي لاسلم عليها  وكانت تضمني الى حضنها الدافئ على غير المتوقع ولا تتركني الا ان تلمس على شعري وتعاود تلثيمي وتطبع اعدب قبلة .."غيثة "لم تتح لي الفرصة حتى لاحبها ببعض الكفاية كانت ترافقني من الاعدادية لحيث باب منزلنا وتهب للمنادة علي في طريق عودتنا الزوالية للاعدادية لكنها قبل اختتام نفس الموسم الدراسي بشكل رسمي كانت قد انتهت ميتة ...بكيتها بحرقة كما احبتني هي بحرقة ولهفة كانت مفضوحة وكل نساء وبنات الحي واساتذة الاعدادية يتغامزون علي وعليها ..

لا اعرف بعد الحقيقة لكن صوة "فاطمة "وضعني على اول الطريق مثلما كان يفعل بي دائما اخي "سمير ".

الخميس، 8 أكتوبر 2020


 

يوميات :مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (5) تابع : سلاما متجددا فاطمة "4-1".

 كنت قد كبرت وكلما تمعنت في حالي انفرض علي نفس السؤال :"هل كبرت حقا على الطفل الذي كنته ...؟!..في تلك الزيارة لاحظت علي خالتي توتري وحملت اكثر من مرة عينها الي مطالبة بان افصح في امري وكنت امهلها ..كنت اترك للوقت ان ينوب عني في التوصيل اليها بانني جاد فيما ساخبرها به وانني هذه المرة اطالبها بالكثير من التفهم والرعاية ...

عندما كانت تودع أمي وهما على مدخل الدرج التصقت بخالتي لتكاتفني ولتقول لي "شنو باغي تقول لي اخالتي ديالي ..؟!"امسكت بذرعها وطلبت خلوة بها :اجي نقولك اخالتي.."وقلت لها باندفاع  وعلى نفس واحد وبكل اختصار ما اريده منها ...كنت اريد واريد واريد وغير قادر على ان اداري ان كنت لا استطيع ان  اداري على نفسي الحقيقة .. كنت اعرف انني تحايلت بما يكفي لارتب اوضاع اقامتي ب"طنجة"بمنزل اخي "خالد"وانني خططت باتقان لاهم الخطوات وانني حضيت بالموافقة الرسمية والباقي سيتكفل به اخي الاكبر كطلب الانتقال و تسجيلي بثانوية جديدة ..لكنني كنت بحاجة لاسمع من خالتي ولتسمع مني ..كنت في حاجة لان اكاشفها وتنظر هي بكامل اختيارها وحريتها في ما عساني اقول به ..كنت فعلا منزعجا وبكيت لأكثر من مرة وبحرقة خلال الأيام الثلاثة الماضية التي قضيناها انا وامي بمنزل خالتي "زهرة "وعزيزي "سي محمد "بلاجدوى ..بكيت وكانني بحاجة فقط لأن انفس عن انفعالاتي ..اما ما من حيرة او شك كان يخامرني في انه سيكون دوما مرحب بي في هذا البيت ..وربما بكيت مشاعرا اخرى كانت تكبر داخلي وتغربني عن نفسي ..الذي كنت اعيه وواثق به من كل خواطري وهواحسي هو احساسي العميق بانني بحاجة لاعيش هذه التجربة اكثر من حاجتي لاستعيد اي لحظة عشتها داخل هذا الفضاء وبين ناسه لانني كنت اعرف انني كبرت وربما ماكنت لاحسها بمثل ما رمقتني به بنت خالتي "آسية " وهي تستوقفني في طريق عودتها لمنزلها الخاص منزل زوجها وكنت قبلها غير قادر البثة على تصور كيف سيكون شكل هذا اللقاء كنت اعرف ان الخبر شاع بينهم وكل بطريقته سيوجه لي الكلام وسيقول وسيقول وانا ساسمع منهم لكنني ساظل في انتظار اللحظة التي سيقولون فيها كل شيء يعنني ويهمني واريده ..لذلك مع "آسية"كنت في حالة انحصار ذهني تام وكانني في قرارة نفسي كنت متاكدا انها ستفاجئني ..

قلت لخالتي ان كل طنجة لا تعني لي شيئا وليس لي فيها مكان ولن يكون مكاني وانني بكل ماتوسلته للمقدم للعيش بطنجة لانني اريد ان اكون بالقرب منهم وقلت لها انني ابدا مانسيت احضان ابن خالتي الاكبر "محمد"وقبلاته لي وهو يوعدني صادقا وناكثا في نفس الوقت بأنه سينقلني لعندهم وسيسجلني بمدرسة فقط بعد ان يقبل والدي بذلك وانا لا أتركه الا بعد ان يصدقني في هل فعلا هو جاد في وعده وما ينم عنه من رغبة حتى  وإن يبدوا  أشبه بالمستحيل من حيث ان الفكرة مستبعدة كليا من والدي ...وقلت لخالتي بسابق خوفي من ان اكبر وان امنع من زيارتهم الخاصة التي اريدها انا وليست تلك الزيارات العائلية الرسمية ..وقلت لخالتي بانني حتى ولو كبرت لن اكبر ابدا عنها وأنها تعرفني وتعرف عن ماذا ابحث والى ما انا في حاجة نفسية اليه بهذا المنزل ...كنت اطلب من خالتي اذنها الخاص في ان  تفتح لي الجنة التي كنا نعلم جيدا اننا سنسحب منها تدريجيا لكي لا نطرد  منها ..واوامت اليها عاطفا ليس الا على انه ما من وضع حساس سيكون معي ومع "عواطف "خصوصا في الحالة التي اعيشها في حاضري النفسي وهنا صدقي كله قراته في دموعي التي انهمرت مني وشعرت بحق بكم انا في حاجة لحضنهم لتاخدني اليه وللا تسلمني منه الا لحضن والدتي التي اخدتني اليه وهي تطمئنني  بالنيابة عن خالتي التي اوصلت لها لابلغ حد كم انا  منكسر ذاخليا وفي حاجة لإعادة الترميم  ..

كنت ناضجا لحد مقبول معرفيا لاستوعب بعضا من حالتي واسميها واضعها في قوالبها النسقية الثقافية وفي غيرها كنت اعتمد على حدسي الخاص ..اعي اموري في خطوطها العريضة على الاقل ..اضيق من توهاني واعمق من تفكيري الى أن انتهي لاعي على الاقل ما اريده حتى لا يضللني هوى ما أشبه ما اريده ليس الا...

كنت اريد ان اكون قريبا من موضوعات الحب الاول والاساسية في تكويني النفسي بمثل ما كنت بعد في حاجة وان على نحو مختلف لأكون قريبا من مستشفى الأمراض العقلية والعصبية التي كنت اتابع العلاج بها ..حاجتي الأخيرة كانت بعد تجريبية وان اخدت منحنيات  اخرى لتغدوا اكثر استكشافية للعالم الاخر الذي يقبع في الصمت ويتلون بالوان عجائبية واستفهامية اما في جزئه الاجتماعي فلقد كنت حاسما معه وكان لعبتي الصاحية ما كنت لاهتم البثة باي وصم او نعث وان استغللت تحيز الناس العاطفي بخصوص مرتديه  او الخارجين منه ...

كنت اريد ان انظر في عيونهم مجددا من موقع مختلف ..كنت مستعدا لاغامر بكل شيء لاحضى بفرصة اخرى ليرونني ولاراهم بشكل مختلف ..مع "فاطمة"كنت مستعدا تماما لجولات من النقاشات ولتتعانق اكفنا مرات ومرات ولننتهي في كل جولة بوعد خفي بأنه سيكون لنا كلام اخر في آخر مطاف حديثنا ..مع فاطمة اللغة طوعنها بيننا و "انظر الي مباشرة كما انظر اليك مباشرة "تجاوزنها بمسافات ولا حدودا نقيمها بيننا غير تلك التي نعي جيدا انها مركبة بيننا اكثر مما هي مصطنعة او فقط لانها واقعية لنتقبلها نحن كأنها القدر الذي لا مرد له .."بالعكس  .."كانت تقول لي "شتي انا ..فاطمة لما قراتش ولي من أسرة محافظة ..عندي استعداد ندير شي حاجات لما نعرت كي ديرين خصني فقط نكون مقتنع بها وصادقة فيها مع نفسي ...ولبغى يهدر غير يهدر .." وكنت اقول لها:"وشتي أنا بهذ العقلية لعندك وبالصراحة ديالك بش بغيتك وبغيت خويا سمير ..."

كان اول لقاء لنا ..خالتي "زهرة"جائتني إبانها صحبة ابنها "عبد الحميد"الذي كان يناديني باسمي ومصر على طرق الباب بمثل اصراري على تجاهله وتعمد التظاهر بانني غير موجود ببيت اخي "خالد"لكنني استجبت تبعا لمنادة خالتي لي باسمي :"طارق افتح انا خالتك .."كنت متعبا لا اعرف طعما للنوم الا خفية مني وبعد غير قادر على استعاب كامل وجودي ..بعد لم اهضم الصدمة ..بعد ذاهل من هول ما مر علي ولست متيقنا بالمرة بانني بعد لم امت ..لم انتهي ...

كان اول لقاء لنا في كامل حياتنا ذلك اللقاء الجد كلاسيكي الذي لا يرتب له احد الطرفين ..ولا احد اخر ..لقاء ياتي هكذا..بعيدا عن اي سابق اتفاق او تخطيط ..لقاء نعي في عمقنا النفسي انه لن يمر دون ان يحدث ثورة داخلنا ودون ان يؤسس لجديد انفعالاتنا ولقاءتنا ...

كان اللقاء الذي أردته عن حق لقاءا غير مالوف ولا اعتيادي ..وكان اللقاء الذي اعرف فقط ما ينبغي ان اقول فيه دون ان اعي ولو مجرد عبارة واحدة مما يمكن ان اقوله ولا خمنت في كيف ستسلك هي معي لانني ببساطة لا اخالها ابدا كالاخريين..

كان موعدا مثاليا بكل المقاييس ..كان الوقت يبعد بالقليل ربما بزهاء الساعة الا قليلا عن غروب الشمس وكان  المكان ابعد عن ضجيج المارة ونقط تبضعهم ولقاءتهم ببعضهم اليومية كما هو الحال بجوار بيت خالتي بمجرد عبور الزقاق الى الشارع ..وكانت لوحدها وكان ملمح بعضنا لبعض ما منه شك كما لا محل ليهرب احدنا من الاخر (على الاقل بالنسبة معي...!!؟).وقبل ان ابدا في التفكير وصياغة اولى الارتسمات كانت قد انهت كل داع لاي تفكير قبلي بابتسامتها وبما سمعته من شفتيها على أن المسافة التي كانت بيننا لا تسمح لي بان اسمع منها ما جاء وكأنه مجرد انفلات صوت للداخل للشفتين..كان اسمي يرقص بين شفتيها وفرحة تطل من عينها ..كنت اعرف  انني انا من في حاجة ليتحدث ومن عليه أن يقدم أسبابه حتى غير المقنعة لكنني كنت ادرك انني ازاءها محتاج للاكثر من أدافع عن وجهة نظري ربما علي الاعتذار منها لأنني بالاكثر من شكل خدلتها في ..

قارب الوقت على اذان العشاء وهي تسمع مني وتقول وقلت أشياء كثيرة وتعاطت هي معها بكل حس وذكاء لكن كل منا كان يحس انه بعد لم نقل ما نريده ربما الوضع جديد علينا ..ربما شكل ومكان اللقاء صعب علينا كامل المكاشفة ..ربما لم االفها ولم تالفني بوقفتنا في الشارع ..ربما لأننا لم نمارس البوح الا وراسينا قريبين من بعض وبالهمس اكثر من جرس الكلمات الصاخب ..وربما من جانبي لانني كنت خائفا من ان اندفع في الحديث واقول اكثر مما ينبغي أن يقال او فقط لانني لم اكن استسغ  ان استحضر بيني وبين نفسي انها مجرد ابنة خالتي متزوجة وأم لذلك كنت اداور واسايرها في التحدث وهي صابرة علي متحملة مني نزقي ..كانت متيقظة لحركة الناس وللزمن ونبهتها لذلك لكنها اصرت على الوقوف مواصلة التحدث الي كنت اجيبها بمنتهى الصدق عن كل تساءلاتها  لكنني لم اقل لها الحقيقة الكامنة بذاخلي ..كنت اكابر برسم الابتسامة على وجهي الى أن سالتني وهي تنظر مباشرة إلى عيني :"طارق كتبغني كبنت خالتك ولا كي آسية صحبتك ..نسى انني متزوجة وديك الشي ..وجوابني بصراحة .."واندلعت بالدمع كنت اعرف انني مكشوف أمامها وعبثا احاول كنت اعرف من اول ان وصلت لهاهنا بعد ان  سفرني اخي خالد ومكنني من مفتاح بيته المكترى ب"طنجة"وقدم لي وصفا بعنوان البيت لاخد فرصة لارتاح مع نفسي  واغير الجو وابتعد عن نظرات الاستفهام التي بات الكل يرمقني بها انني لا اريد اكثر من ان اطمئن قليلا في حضن خالتي زهرة وان ارى"آسية "وان ابكي امامها الطفل الذي اردت ان اقتله ..طفلها الذي ربته ورعته بكل حب وتفاني ..مجرد ان ابكي امامها لانني انا نفسي لا اعرف لماذا حاولت فعلا الانتحار او لم اعد ادرك دوافعي لا الأولى ولا التالية التي جعلتني اصمم على ارتكابه ..

جئت مرات بعدها وكنت في كل مرة احن لبيت خالتي "زهرة "ويحلو لي ان اعتصم بغرفتي بالمسكن المخصص لابن خالتي "عبد الحميد"..اغفوا ..انام ..اصحو ..أدخن ..اسمع الموسيقى ..اقرا ..اشرد ..احلق وحدي ..وكانت خالتي تدعوني للبقاء بالمنزل لاتعشى معهم او لالتحق بالغداء صحبة كامل العائلة التي تجتمع ظهيرة يوم الجمعة وكنت دائم التحجج والاعتذار وعندما كان يضيق علي الخناق كنت افقد القدرة على التواصل السليم معهم ربما كنت اعيد ذلك لتعاطي لمادة "الحشيش "لكنني كنت اعي انني فقط اتهرب منهم وفي نفس الوقت انتظر منهم هم ان يقربونني منهم ..كنت متعبا بالأدوية التي اتعاطها وبالجو الاستثنائي الذي وجدتني محشورا فيه بارادتي وبدونها حتى لما يدخلن علي بنات خالتي لخلوتي اتعمد ان اترك كامل المسافة بيني وبينهم وحتى وهن يحاولن العبور الي لا اسايرهن كنت اعرف اكثر من انهن باوضاع اجتماعية ونفسية مركبة كنت اعرف بيني وبين نفسي انني مرهق عاطفيا ومن السهل ان اتعلق في أية قشة..وكنت خائفا مرعوبا اكثر من ان فعلت ان اخسرهن وهو ما لا طاقة لي به أو عليه ..النافدة الوحيدة التي كانت لي ان احلم بهن ان احادثهن بيني وبين نفسي أن ابني معهن عالما وان استعيد اللحضات التي كنا فيها سوية اكثر من عائلة واكثر من احبة ...

كانت جرأة مني يوم ان بدات في التفكير في استعادة نفسي ربما لانني اناها بدات في التكيف مع اثار الأدوية العصبية والنفسية وانزاحت عن عيني تلك الغمامة التي كانت تدبلهما ولانني بت المس الحاجة بضرورة أن استعيد ترتيق ذاكرتي التي بدأت مليئة بالثقوب ولانني كنت في حاجة لابادل شهادات بشهادات اخرى كنت في حاجة لان اتحدث عن نفسي لمن يعرفها لمن عاش بجانبها لمن رباها وعلمها واسس لوجودها الانفعالي والعاطفي والعقلي ..  كان يلزمني ان استعيد لغة الكلام كما تعلمتها من "فاطمة"..اخي خالد وزوجته "فاطمة"حاولا معي بطرقهما الخاصة ربما لو كان اخي "سمير "بالقرب مني لعبر معي بسرعة على الاقل ليضعني في اول السلم ..خالد يعرف انه لم يطور معي هذا الأسلوب في التعاطي الوجداني الخالص لكنه كان يدفعني لاعبر عن نفسي وعن وجودي الاجتماعي ..اختي "بشرى "كانت تعرف انني مدبوح في نفسي وما لم اطلب منها الاقتراب اكثر مني فلا فائدة من أن تمثل او تلعب معي ايا من الادوار .."فاطنة "بنت خالتي الكبرى مستعدة لتعطيني وتهبني  فوق حاجتي لكنها تموقعت مثل موقع اختي "بشرى"وكانت تحس بي وتحتوني بكامل الحب والعطف بين دراعيها لكنها هذه المرة بكل كياسة واعتبار لوضعي النفسي وحدها "آسية "من كانت تفتحصني وتهزني عميقا اكثر مما كانت تفعله معي عيون الطبيب المعالج الذي كان قلما يتحدث هو الي ..وكانت مصرة في كل مرة على أن تفهمني انها بعد تحب طفلها ..خالتي مثل والدتي طلبت منهما فقط ان لا يقلقا من شاني وان يدعاني على سجيتي..وحده "عزيزي "من اكتشفت كم انا في امس الحاجة لحنوه وعطفه وكم استعيد من سلام وامن داخلي لما اخد يانس مني ان اندفع لحضنه ساعة يجمعنا سلام وتقبيل من الوجه ..خالتي مثل والدتي وجدتني اكثر ميلا للابتعاد عنهما حماية لنفسي من الضعف والانهيار .."عبد الحميد "و"محمد"اخدا مني مسافة لكنهما ابديا المزيد من الدعم لي وكانا كريمين ماديا معي ..تحولا لصدقين لي يبادلني ولا يطلبا ان ابادلهما الا بما اقدر حقا عليه ..

كنت قد قطعت بعض الاشواط في استعادة قدرتي على التركيز ومتابعة القراءة لكنني ب"بطنجة"اعوض  عليها بقدرتي على مخاطرة ذاتي والغوص بعيدا في اعماقها و"بطنجة "كنت استعيد حتى شغفي الاول بموضوعات حبي الاول والاساسية كانت صور عمتي "مينة "وعمي "محمد "لا تفارقني أساسا وكنت اعيد اكتشافي واكتشاف كم احبهما اكثر من البقية ..

  لأكثر من ستة أشهر على الحادثة وكل الحنين الذي يتولد في لم يقوى على تدويب الجليد الذي امتد ليصنع مسافات بيني وبين احبتي الذين اتحرق شوقا اليهم وهم قريبون مني لكنني انا بما يعتمل ذاخلي اجدهم ابعد من يمسك بهم حتى خيالي ..كنت خائفا من ان اعيد الكرة  فاعدمني ..مع ساعات الفجر يعسكر علي شبح الموت فاغرق في رؤيات ضبابية يتخللها الدمع الكثيف واجدني مودعا ..مودعا لا محالة كل ناسي واحبتي عما قريب ..ولما اصحو من غفوة النوم تتلبد علي مشاعر الاغتراب وافقد طعم الاشياء ...

لما قدم اخي "سمير "الى المغرب في الصيف استغلت اول خرحة لنا وكانت لشاطى البحر الصخري لاخبره  بما يعتمل بداخلي من مخاوف وبالسرعة المطلوبة احالني على نفسي وقال لي "قل لي انت دبا كيفاش كتشوف المخرج ولو المؤقت لهذا الحالة ديالك ...حيت انت لكتعرف راسك اكثر من اي واحد فينا حنا ولا شي طبيب وخا يكون كيف ما كان مجهد .."وقلت له بحاجتي لان اعود ل"طنجة "لمنزل "خالتي زهرة"وهذه المرة لاستعيد علاقاتي معهم وعلاقتي بنفسي 

.. 

كانت اولى الرؤى المتفحصة لذاتي ولحالي جائتني وانا مع رفاقي المستجدين والذين على تقبلي المبدئي بمصاحبتهم لم اكن بعد قد سمحت لنفسي بان اطور معهم أية علاقة صداقة حميمية ..كنت اسايرهم بدايات تعاطيهم للحشيش لكنني لا اسايرهم تعاطيهم للنقاش ولا مجاسراتهم ..كنت غير مقيد بالحضور للدرس بالاعدادية ..طلب مني اخي خالد الذي قدم لإدارة المؤسسة شهادة طبية مرضية بتقدير ثلاثة شهور ان ارتاح وساعة شئت أن أذهب للاعدادية فلقد سمحت لي الإدارة بذلك دون اي شرط بالالتزام بكامل الدوام او باستمرار القدوم في الايام الموالية لكنه طلب مني بالمقابل ان اذاكر بيني وبين نفسي دروس العام السابق الذي رسبت فيه وانا على ابواب التوجيهية (السنة الرابعة اعدادي ) وان اضع نصب عيني انني ساجتاز الاختبار النهائي وسانجح مثل ما نجحت في الدورة الأولى حتى وانا كنت متعبا ومريضا ولا افصح بذلك ..

كنت قد ضجرت من جو المكوث مع رفاقي بحديقة الثانوية التي كانوا يدرسون بها وبحق ضجرت من نظرات البنات التي كانت ترمقني وتتساءل عن وضعي وبضع ما يكون سري ..خصوصا انني بوضع الدخيل لعالم الثانوية ورفاقيته انا لم اتحصل على بطاقة العبور ..رسبت العام السابق واكرر نفس المستوى بالاعدادي..ولما تعرفت على رفيق جديد لهم يسكن بديور حواتة تعرفنا على جو المقبرة "مقبرة للامنانة "الذي لم يكن غريبا علي بل لعلي كونت معه علاقة حميمية وخاصة جدا منذ ان توفت جدتي "رحمة "واخد يعني لي اكثر من مجرد مكان نصاحب فيه صديقا لنا يهوى صيد الطيور او مكان أقصده لاجمع العقارب والحشرات ولاتظهار بانني طورت هواية وولعا علميا خاصا بينما انا في حقيقة امري اعيد اكتشاف روايتي التي سلبتني لبي وفؤادي وسيطرت  على كامل تفكيري واحاول عيش تجربة الطفل الذي يطور عوالمه الخاصة بعد إصابته بحادث عرضي سقطت فيه على راسه اصاص زهور فادته في  سلامة قواه العقلية والنفسية "رواية رسالة من عالم اخر "...اخر شيء اذكره وتذكرته وتاكدت بأنه لازال بحوزتي بعد ان اوقفوني على قدمي  لاخطو الخطوات خارجا من قسم المستعجلات بالمستشفى يومها ..كانت صورة في ظرف رسائل أصفر اللون لمن قررت بكامل وعي ان اصاحبها وان أحبها ..أن أعيش تجربة الحب مع سابق التخطيط والاصرار معها ..ان اجعلها تقبل عن وعي بان تلعب معي دور الصاحبين والحبيبين وان نتورط في كل الاعيب الحب دون ان نتورط في الحب والتي راقها مني اسلوبي في اقناعها بمجارتي بداية ثم كامل تقبلها لنوع العلاقة بيننا .."سناء "كانت بنت واعية ونوعية كما الرواية التي اول ما عادوا بي للبيت قررت أن اصعد وحدي لغرفة السطح للتأكد من وجودها ولاعيد تفحصها باحثا عن اي علامة قد اكون وضعتها بين دفتيها او بين اوراقها او كتبتها بين سطورها او حتى طبعتها بطريقة الضغط على ورقها ..بيني وبين نفسي كنت متيقنا ان بين هذه الرواية او من خلالها او من كل ما يشكلها يكمن اكثر من سر وحقيقة وسبب يخصني لكنني كمن عدم ان يذكره او ضاع منه ..

بالمقبرة كنا نتحلق حول بعضنا هم كانوا أكثر انسجاما بينهم انا لم يسبق لي ان كنت على معرفة باي واحد منهم قبل شهرين من الان وحتى صديقي المقرب "الشريف"الرابط بينهم وبيني لم يكن ليصاحبنا ولا كان لينسجم مع تمردهم على الدراسة وعلى القواعد الاجتماعية ..وكنت دائم تفحصهم والتدقيق في سلوكهم واسلوبهم والمقارنة بيني وبينهم وبين الشخصيات الروائية التي سبق وان قراتها مرات ومرات حتى حفضتها ..كان مفهوم عندهم انني امر من متاعب صحية نفسية وعصبية وعلى ذلك النحو سلكت معهم وتحفظت عن مسايرتهم والتذاكي مثلهم او التجاسر والتعبير الحر عن رغابتهم الجنسية وعن ما يغدي الكبت فيهم ويمارس الحرمان عليهم ...كنت بيني وبين نفسي احسهم ذوي افواه عريضة يلكون الكلمات الكبيرة وغير صادقين في  ادعاءاتهم ولم يكن من داع لاقول لهم حقيقتي فيهم انا قدرت بداية خطوة صديقي الاقرب "الشريف "الذي حاول صادقا اخراحي من ما رآه في عزوفا وانطواءا غير سليم لواحد مثلي عاش معظم حياته مع الاصحاب والناس وداخل المجتمع فاخد يصمم على أن اصحبه للثانوية حيث يدرس وعرفني بعدد من أصحابه وكانوا هؤلاء منهم ثم عاد ونبهني لمسالة التعاطي للحشيش وطلب مني أن أكون حذرا من الامر ...

جو المقبرة ..رؤيتي لمن حولي من رفاق وإعادة مقاربتها مع رؤيتي لنفسي ولبعض موضوعاتي النفسية اخد يحرك في الرغبة الجادة لاستعيد بعض نشاطتي ورياضاتي الخاصة التاملية خصوصا مع استهوائي التام لعالم الليل والسهر حتى شروق الشمس ..كان السؤال يكبر داخلي ويحمل لي نفس الاتهام :"لماذا اقدمت على الانتحار ..؟!"كنت غير شاك بالمرة انني تعمدت وضع الظرف والصورة في جيب سترتي السوداء قبل أن أقدم على المحاولة الأولى والثانية والثالثة التي نسبة الفشل فيها كانت عمليا وتقنيا اضعف وقد تؤدي الى الموت الحتمي فقط ان لم اسعف في اناها وبالسرعة المطلوبة ..كنت اعرف انني اداري الحقيقة واتعمد مدارتها حتى بعد رحيلي واريد ان اعطي انطباعا زائفا وكلاسيكيا انني مجرد فتى مراهق مصدوم في علاقة عاطفية وانتحر لكنني لم اكن بقادر مرة أخرى على اجلاء الاسباب الحقيقة التي جعلتني ارتب لكل ذلك ...وكان علي ان ابدا البحث وان اطرح جانبا وليس خلفي موضوع الرواية /الشاهد الثاني ان ابدا في التفكير خارجا منها وليس في داخلها ..

كذلك مع رفاقي الجدد اكتشفت ان على أن اعيد ترتيب رؤيتي لهم ولنفسي وعوض ان اقبل بهم عن مضاضة او اضطر لمجرد مسايرتهم لما لا ابني معهم علاقة واعية لاحاول بداية التقرب منهم ..لامثل التقرب منهم وفهمهم كما يحاولون هم التمثيل علي بأنهم يقدرون خصوصيتي ويتالمون لما انعطفت  عليه حالتي النفسية ...وكانت البداية ليست معهم هم بالخصوص ولكنها كانت مع الاثر /الشاهد الثاني ..الرواية التي كانت عبارة عن استرجاعات بعد الفصل الأول الذي جاء كتقرير موجز عن الحادثة وكيف حصلت مع بعض الاستطردات من طفولة البطل المحكي عنه المفترض انه كان بعد مشروع طفل /ابن بعد لم يرى النور ..وبدات بداية بإعادة ترتيبها بطريقة تطورية خطية لاضع المقدمة في زمنها الصحيح ثم في زمن كتابة نص الرواية الذي جاء عبارة عن رسالة من شخص عازم على الانتحار والاعتراف قبله ..وكذلك بدات انتبه لما علي القيام به ..لا بد لي ان اعيد ترتيب ذاكرتي ..لا بد لي من ان اعود الى الماضي البعيد لما اكونه وان اكف عن محاولة معرفة فقط ما كان يعتمل داخلي في الفترة التي تعبت فيها وبدأت في التخطيط للمحاولات  الإنتحارية ...

مجيء سمير وبموسم الصيف كان لا محالة لن يترك مبررا دون مقدم خالتي "زهرة"لعندنا وستصحبها كالعادة "آسية "وعواطف"ومن الممكن ان تاتي معها ابنة خالتي الكبيرة "فاطنة " وبناتها كمامن الممكن ان لا تاتي تبعا لحال  علاقتها الدائمة التشنج ...لكن الاكيد ان "فاطمة "لن تفوت الفرصة لتاتي لزيارتنا والسلام على اخي "سمير "الذي تكن له منزلة تقدير واحترام خاصين جدا وكذلك هو خصوصا بعد ان اصبح مغتربا لوحده بالديار الفرنسية بعد عودة اخي وزوجته "فاطمة "وابنهما الصغير "بهاء الدين" بشكل نهائي للمغرب ..وكما كنت مترقبا عودة اخي "سمير "بالكثير من الصبر ليتحدث الي واتحدث اليه كنت مترقبا مقدم ابنة خالتي "فاطمة"كنت محتاج اليها بشدة اريد منها ان تحاول معي وتخرجني من الصمت لانني عن حق كنت اوشك على الانهيار من وقعه علي وهذه المرة كنت مستعدا في قرارة نفسي أن اسهل عليها المحاولة وان نعيد علاقتنا ببعضنا بل وان اطلب منها هذه المرة بان تساعدني على استعادة لغة الكلام التي هي من غرستها في ..كنت اعرف ان اخي "فؤاد"من كان اول اخوتي وافراد عائلتي الذي علمني اخراج الاصوات والنطق وكل أنواع النزق والطيش والضحك على الدقون لكنه كان مقلا ودائما في التحدث عن نفسه وعن همومه وحتى ان فعل فعلى نحو ساخر وغير مباشر وغامض ..مما كان يدفعني لالتزام الصمت بحضوره اكثر من المحاججة او محاولة التكلم والتحدث واول ما كنت احاوله كان يدفعني ببعض الحدة وبعصبية وهو يزجزني قائلا لي :"انا خوك فؤاد من نهدر سمعني مشي فاطمة بنت خالتك تبقى تتعاطى معيا "....

كنت متمهلا في تمثيل دور التصادق مع رفاقي مستحضرا في كل خطواتي تجاههم صوت اخي "فؤاد"واعيد تقريبا نسج حكاياته مع رفاقه هو مع رفاقي انا ..لم أبالي بتنبيهات صديقي الاقرب "الشريف"كان صوت "فؤاد"عاليا على اي صوت اخر كان يقول لي :"بغين يدخلوك للحشيش سير معهم ..دير راسك حتى انت كانبو ..غذي يبقو يديروا رأسهم مصمكين بش يصمكوك ويتلاهو بك تصمك ليلهم وتبع شنوا غذي يبقو يقلو غير بينتهم ..انت متبين ليهومش انك متنبه ليهم ولا عايق بهم ..متبينش ليهم حتى انت راك قارئ وواعي عليهم خليهم هما ليبانوا قافزين وواعيين انت غير فرزهم واحد واحد ..شتي حتى ديك لعيبات ديال يبقوا يطبلوك في فليستك متديرهاش في بالك غير وكان من يبقو يبنوا ليك على حقيقتهم عطي لكل واحد الصرف ديالو ..."

كنت اقضي النهارات معهم بالغابة غالبا وباحياءهم السكنية لكنني كنت اتجنب انتظارهم او مصاحبتهم للثانوية من حيث انني استحضرت  صوت معلمي الاول اخي "فؤاد""متخليهمش يخسرو ليك نظرة الناس ليليك وهذاك ليحاول يشوهك بك وليبقى يديك حتى لعند البزناس بش تتسوقوا الطريف ديال الحشيش عرفوا هذك هو أول وحد غدي يعاديك وغذي يجبد لك الصداع مع موالين الدار ومع الناس وعاد زيد المخزن ..هذاك ديروا في البال متزهقوش لكن غير بالفن لكي يقول خالد "

في الليل اعود لحضيرتي ..لسهرتي امام المذياع وللقراءة ..حال تدخيني للحشيش كان يجعلني منتشيا وبدات استعيد نشاطي الجنسي الذاتي وموضاعاتي النفسية وشوقي لصاحباتي اللواتي بت احن اكثر ولو لمجرد رؤيتهن بعد ان شبه قاطعتهن بصمتي وانزوائي على نفسي اختي "بشرى"حافظت على نفس زيارتها لي بغرفتي وتقبلي قبل أن تذهب لتنام وسؤالي عن احوالي حتى وهي تعرف انني كففت على التجاوب معها كذلك فعلن بنات جيراننا المقربين منا اصررن على مناداتي باسمي وتحيتي سواء رددت عليهن السلام او اقتضبت فيه او تجاهلته ...كنت ااجل العودة لاقتناء الكتب والمجلات وخوض نقاشاتي مع باعتها الذين اكن لهم الاكثر من الاحترام كما كنت ااجل استعادة علاقاتي باصحابي .. باصدقاء المدرسة كما باستاذتي وباطر دار الشباب لم اكن اعرف تماما لما اعاند رغبتي في استعادة كامل نشاطي الاجتماعي لكنني في جزء مني كنت مسلوبا من صوت معلمي الاول اخي فؤاد"وكنت افتقد لصوت معلمنا الاول لكلينا انا واخي ..لعمي الاصغر "محمد"وكنت اعرف انني متى لم اجلس لبنت خالتي "فاطمة "فمحال ان استعيد جرئتي لاتوجه لمرشدي في الحياة الاجتماعية العامة عمي "محمد "...(يتبع ..)

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...