عالم الصمت لا تكونه تلك المواقف التي نجبر فيها على التواطئ مع انفسنا ومع الاخرين ..انه لا يختزل تلك الصرخة التي نغتالها قبل تحولها إلى صرخة حقيقية بفعل يد تشد وتضغط على افواهنا او تحول انتباهنا الى أن هناك من سيتفطن الينا ...عالم الصمت لا يتشكل فقط من صور تلك الابهام التي ترفع في وجوهنا وتحثنا على التزام الصمت ولا من تلك المواقف التي تحول فيها انتباهتنا الى الاضخم من الابهام ..الى ما يعتقد فيه الرجل والمرأة على السواء انه يشكل الفارق معنا فيبرزه في وجوهنا بصفاقة وتحدي ليجبرنا على الصمت ...عالم الصمت هو كل ما يتبقى لنا من كل تلك المواقف ومن كل خلاصات تفكيرنا فيه وحوله والذي لا يسلمنا الى حيرة او شك او حالة من عدم الفهم وانما يوسع لاقصى حد من قدرتنا على استعاب كل استفهامتنا..وتساءلتنا ..عالم الصمت هو عالم كائن بحدوده الخاصة فينا ..عالم لا يمت بصلة لعوالمنا الخفية او السرية ..عالم نستحضره دوما معنا قريبا لحد ان يكون لصيقا بنا ..برؤيتنا الابصارية والادراكية لكل ما يتحرك حولنا ..عالم الصمت هو غير القبول بالصمت الذي تفرضه علينا المواقف التي نتفاعل فيها بشكل مباشر او غير مباشر بل هو اختيار حر وواعي ..نهج عقلناه جيدا وصيغناه على احسن حال ليكون خالصا لنا حتى اننا طورناه للا نخشى عليه من الفضح او لنجبن من البوح به ..هو عالم الصمت فيه ليس كبتا نحتاج ان نلونه ونلبسه لبوسا مختلفة ..الصمت فيه قرار واعي ..قرار ينبع من رغبتنا العميقة في ان نصير حكماء من حيث اننا ملكنا ان نعرف وان نغوص لابعد الحدود في معرفتنا الخاصة ...
عالم الصمت ليس هو ذلك الموقف الذي تغتصب فيه وتجبر فيه على الصمت وعلى ان تكمل انت إرتداء سروالك والانصراف ..وانما ان تنظر في عيون مغتصبك جيدا وتصر على أن تحمل صورته معك لتتمعن جيدا فيها للا تنساه ابدا ..لتعقل جيدا عليه ..ولتبدا في بناء حوارات معه ومن خلاله مع نفسك وانت تعيد رسم كل الموقف من جديد وانت تعيد كامل تفكيكه وبناءه من جديد وانت تقف عند حدود كل فعل فعل فيه وترصد مخلفاته فيك ..وتجيب عن أسئلة :ما الذي حركه فيك ؟! ما الذي اذاك فيه ؟!..ما الذي لو لجأ إليه من توسلات افعال اخرى او بمصاحبتها لتفادى ايقاعك في رفضه التام..
عالم الصمت هو الهجرة الى عالم جواني يحول رؤيتك الى الابد الى الناس الى الوجود الى نفسك والى كل الموضوعات الأساسية فيك ..
عالم الصمت هو ما سوف يتشكل كقناعة راسخة عندك لا تنمحي ولا تزول تحت اي ضغط ..عالم الصمت هو ما سوف يضمن لك القوة لتمارس اصعب التكيفيات النفسية والاجتماعية بدون اي تكلفة تحتسب او تذكر ...
عالم الصمت لا يمت بصلة لعالم المخادعة او المثالبة والوقيعة والدسيسة بشيء ..عالم الصمت هو العالم الذي ترفع فيه اختياريا وطوعيا اي حجب بينك وبين الله ..الله كفكرة كبيرة وجميلة ومحبوبة ..تنتهي فيه الرقابة التي يمارسها الرب الأخلاقي الذي لقنونا تصورتنا الطفولية عنه ..تنتهي لتبدا بينك وبينه علاقة مكاشفة وحب متبادلة وصادقة ومصاحبة تشعر بها عن يقين انه معك ..لجانبك..لا يمكن ان يضرك او يؤديك او يحاسبك بمنطق الكبار وربهم الشديد العقاب ..
عالم الصمت هو العالم الذي كما ترى انت بعيونك وتسمع باذنيك وتحس تكون تعلم ان الله يرى ويسمع ويكتشف في نفس الآن بجانبك ..عالم الصمت هو متى ادركت ان الله ليس فوق او تحت ولا هناك ولا هنالك ليرنا وانما معنا يرى ويعلم ويكشف ..هو الساعة التي تبدا فيها غير محتاج لاحد اخر بجانبك تشهده وانما داخلك فقط تخاطبه ويخاطبك وتقول له "ها انت ترى .."ويقول لك :"ارى .."فتطمئن
لم اكن في حاجة لان اقول اي كلمات ولا لان اسلك اي سلوك مراوغة ..كنت فقط اكثر حرصا على الرصد وبشكل واع ..متنبه ويقظ لا اريد ان تفلت من آليات رصدي اي تفصيلة او جزئية لانني كنت اعلم ان الموقف مهما امتد زمنه سينتهي وعلي من انها ان ابدا إعادة تركيبه وتجزيئه ومن جديد تفكيكه وإعادة بناء معرفتي عنه من جديد ..
عندما كنت اطيل النظر الى "فاطمة "بنت خالتي "زهرة"كانت تصبر علي ..تتحملني بلا مبالات ..وعندما اصر على متابعتي لها دون ان اشاكشها او اتطفل عليها باحاديثي كنت اعرف الخطوة التالية التي ستاتي بها كانت لا محالة ستمسك بي وستاخدني في ضمة لحضنها وستسالني :"مالك علاش كتشوف في ..توحشتني ؟!"وانا اكثر من الوحشة اليها ما دعاني لاعبر اليها من هذه الخطوة الأساسية لكلينا كنت اعلم لحد كبير انها لا ترضيني انا فقط حين تاخدني وتقربني منها وانما ترضي نفسها اكثر مني وانا راض بكل رضاها عني فقط لانها كانت تتحدث الي بعدها وان لم اكن راضيا تماما على ما كنت اجده من محاولات الدفاع عن نفسها وهي تحاول شرح امور مشروحة ومفهومة لكلينا ..لكننا مع الوقت اخدنا نطور مساحات الرضى بيننا كلما طورنا اللغة بيننا وما عادت تخجل من ان تسالني تعليمها لغة الاسماء والمفاهيم خصوصا لما تحاوزنا حدود الهزل الاباحي مع بعضنا ..سلوك "فاطمة "المتطور معي جعلني اكثر اريحية معها ..في التعاطي معها وحتى هي بدت اكثر استعابا لي وقدرة على مقاربة الاشياء بيننا بمنطق جديد ..لم تعد تنظر إلي نظرة طفلها الذي سلمت رعايته وحق تبنيه لاختها "آسية "التي تحبها اكثر من اي واحد في محيط اسرتها بل غدت اكثر اقتناعا بحاجة كل واحد منا "انا "و"آسية "للمرحلة النفسية التي نعيشها لنكون معا وتفسح هي لكلينا المجال اكثر لنتطور معا وتطور هي ذاتها معنا من خلالنا لانها تكبرنا عمرا وحسا خبرتيا ولانها كبرت منذ وانا كانت طفلة صغيرة باعتزاز بنفسها وعوملت دوما كأنها كبيرة وتلك كانت جنتها ونارها ..تلك كانت مشكلاتها مع نفسها ومع محيطها القريب ..كانت في اعز اللحظات الحميمية من العابنا الطفولية تهرب بعد ان تكتشف انها كانت متلاحمة معي متكاشفة معي ..منسابة معي ..مستمتعة بملاعبتي ...وكنت اضحك عليها بيني وبين نفسي لانني كنت مكتشف عمرها الحقيقي.. بعد بعمر طفلة الاربع سنوات التي لا تاخد وطرها منك لكنها متى احتالت عليك لتاخد الطريق لتحقيقه ترتبك من شدة ما تاخد في اكتشافه فترتجف وتنتبه فتبدا في معالجة خوفها بالهرب ..بنت الخامسة اذكى من ان تحتال ..بنت الخامسة صريحة في رغباتها ومستمتعة ذكية لن تترك قبل أن ترضى رغباتها وترضيك ..بنت الرابعة مترددة ..متوجسة وقلقة باستمرار ..بنت الرابعة غير طيعة فقط هي غير قادرة على أن تفقد تقدير الاخرين لها لما تكون ممتثلة القواعد ومنتظمة لها .."فاطمة "كانت كبيرة في السن وناضجة لكنها ابعد على أن تكون مستمتعة بعمرها او مدركة لجسدها لم تكن تولى له الكثير من العناية والاهتمام غير التقليدية منه والاعتيادية ..ربما كانت تحس اكثر بالراحة النفسية وهي تتصرف على نحو بويهمي مع نفسها كأن تفضل الجلوس على الارض والنوم على الارض والبقاء بكسوة كالحلباب طوال اليوم والليل غير مبالية بما لحقها من تطبع بالسوائل والايدامات ..وعندما كنا نكون بجانبها انا واختى "بشرى "كانت تتصرف على نحو اكثر انطلاقا وعفوية كان لا تتصنع الجلوس بتادب وكانت تاخد كامل راحتها في ان تفتح ساقها وتوسع الفرجة بين فخذيها وكان تفتح ازار الصدر عن كسوتها معبرة عن حرها واختناقها. لكنها في لحظة ما كانت تنتبه وتقفز من مكانها كالملدوعة وتبدا في ترتيب حالها وتقول "ناري ..جريو عليا انا نسيت راسي معكم ..ناري وكو كانت شفتني يما كو كانت دارت فيها اليدين ورجليين .."كانت تنسى ان خالتي دلفت الحجرة علينا ووقفت للاكثر من برهة تراقب المشهد كله من فوق وأنها وهي تنادي "آسية "ادارات "فاطمة "راسها لتنظر بشكل مباشر في عيون امها وان لا شيء حال دون ان تستمر على ما كانت عليه معنا من انطلاق عفوي وانسجام وانه لو كان هناك داع لتنبيهها بامر سهت عنه او غفلته من قواعد أساسية لما توانت امها -خالتي عن توجيهه لها ...وأنها بينها وبين نفسها العميقة كانت في اللحظة والتو مدركة لهذه الحقيقة لكنها وليس تقديرا من مسؤوليتها في انهاء امر شغل بيتي كانت تقوم به أو مكلفة القيام به جعلها تطلب الانصراف وتعاود لم شعرها ولبس دور الجادة والمبالية والاكثر واحدة عاقلة فينا وانما لربما الخوف من استحلاء لعب ادوار اخرى غير الدور الذي اجادته وتربت عليه وكل ثناء حصلت عليه في كل حياتها كان من خلاله ... كنا نحن ونحن الصغار متنهين لكل ثناء يلقى في حضرتنا لنا وكنا نجلس لبعضنا البعض في مجموعتنا لنستحضرها ونقراء فيها ..فنتجاوز ما لم يكن مقصودا لذاته ولا نتجاوز دونه ولو حتى بالسخرية منه كان عادي ان يبدى احد كبار الحي رضاه عنا لما نبادره بالسلام والتحية او لما نبدي استعدادنا لتقديم يد المساعدة وكان مستساغ لنا لحد بعيد ان لا يكون نصيبنا غير الرضى والدعاء لنا بالنجاح والصلاح لما لا تتوانى عن تقديم يد العون لسيدة كبيرة محتاجة له لكن لم نكن راضين عن تسخيرنا وجزاءنا بمجرد شكر مشكوك حتى في النية التي صدرت منه ...كنا محترسين بان يالف الاخرون منا ما دعاهم ليثنون عليه فينا لانهم كانوا يثنون على افعال نأديها ونقوم بها ونبذل الجهد والوقت فيها لذلك اتفقنا فيما بيننا ان نتعلم الزوغان من طينة هؤلاء وان نتدبر الأمر بيننا كان يلتمس العذر لنا اي واحد او واحدة منا باسمنا درءا للاحراج المتعمد وان نتعلم التجاهل وحينا ان نتصنع الغلط.. ان نتعمده لندفع بطالب الخدمة منا ان يقوم بها بنفسه ما دام قادرا على ذلك ...اتفقنا على أن لا نتساهل في حق انفسنا ..وان لا نسمح للكبار ان يستغفلوننا .."فاطمة "بنت خالتي كانت كمن تعودت ان تستغفل نفسها وارتاحت في دور المشرفة على كل شيء بالبيت حتى ثياب الغسيل كانت تراجع اختها "آسية "فيهم مع انها ليست نوبتها ولا دورها في شان تصبين الغسيل ..كما كانت تتدخل حتى في كمية الماء المخصصة لغسل الأرضية قرب باب البيت الرئيسية ...وتبقى على اهبة الاستعداد لتنفد كل طلبات تطلب منها بل ولتتدخل هي عارضة تقديمها ...عندما وجهنا انتباه "آسية "لهذه التفاصيل لم تتقبلها في الاول لكن كل الذي حرصنا على أن نطلبه منها هو مراقبة تصرف "فاطمة "وتنظر فيه وفي اخر نفس المساء انصفتنا واعطتنا الحق في ملاحظتنا .."فاطمة "كانت حريصة على أن تنام الظهيرة وكانت تانبنا على الضوضاء التي نصدرها ونحن نتلاعب او نتحاكى في وسط الدار او في باحة مدخل الباب والدرج .."فاطمة"كانت تحرص على أن تتوجه لفراش النوم مبكرا لتسيقظ مبكرا وكانت تجد صعوبة في مواجهة التغيرات التي تحصل بمقدمنا عندهم والذي كان يغيزني منها هو تقبلها السلبي لتاكيد نفس سلوكها الإعتيادي والالي "فاطمة ..مكتسهرشي سير ابنتي تنعسي راك عيتي اليوم ..".."فاطمة في السبعة ديال الصباح كتكون نايضة هي لكتدور بالكوزينة وكتتسناكم تنضوا بش تعدلكم الفطور الله يرضي عليها ..""فاطمة بعقلها كتخرج من كنسخرها ومكنجي ندور هكا ولا هكا حتى كنلقاها بجنبي واقفة جات ما عندهاش مع ديك شي لاخور نحلف عليها ..."وهي المسكينة تستحب مثل هذه التعليقات بل وتقف منتصبة مؤكدة عليها وعلى وجهة نظرها الغير الحقيقية لانها نفسها لم تملكها وانما تبنتها من كلامهم السابق وتوجيههم السابق لها ... لكنها لم تكن ابدا متبلدة الفهم او غير قادرة على استعاب الامور لما كنا نروم إعادة توجيهها على انها كانت بطريقتها المرحة والضحكة في البدايات الأولى لا تتوانى عن استنكار ما نقوله وكانت تحاول أن لا تبدوا صدامية معنا وانما تتعمد قلبه الى سخرية منا :"ها انتنا العايل يلاه عاد دار عشر سنين في عمروا غدي يفهم علي ..والعيالة ديال ثمن سنين غدى تولي توريني انا شنو ندير وشنو مانديرشي ...والله هيلا .." كانت "آسية "تقف لجانبنا من موقع اقتناع وتحرص على أن لا تترك الفرصة تفوت دون ان تساهم هي بنفسها في توجيه اختها الاكبر منها بكل تادب واظهار للمحبة:"اختي ..عطي راسك شوي ديال الراحة وجلسي ضحكي معنا وتهودي معنا وبدلي شوية من العادات ديالك ..ديري انت نفسك كبحال الا في كونجي عطلة ..سهري ونوضي معطلا ..شوفي اختي انا نتكفل بالكوزينة غدي نطلعوا بثلاثة بنا مور للعشا وغدي نجمعوها وتصبح معاوطة..غير تهناي ولا بغيتي طلعي معنا وجلسي مع طارق وبشرى في السطح على منكمل ..."وترد هي على الجزئية الأخيرة "السطح ..سمع ..سمع قالتك نجلسوا في السطح بغيتي يما تطلع ترميني انا وياك من سور دالسطح للبارا...هه هه .."وترد بشرى "يماك خليها لي انا غدي نقوللها وهي والله متخسري خاطر غير انتي متبقياشي واقفة كتحنزي فيها وكتسنياها تقولك لا او لا ويه كبحال المخزني ..."وتضحك "فاطمة "بالرغم عنها وتتدخل "آسية ":والله اختي العزيزة ديرها معنا بدلي شي شوية معنا الجو توحشنا ديك القصارة ديالنا كلنا مجموعين مع مليكة .."وكأنها لمست لها عصبا متحسسا ..تنظر إلي مباشرة وبحدة وتعي انني مدبر هذا التحايل عليها لكنني اكون فعلا قد نلت منها بتوصية "آسية "ان تثير لها اسم اختي الغير الشقيقة "مليكة "الصحبة الشقية لجميعهن وانطق انا بتحايل وتهكم عليها "والله ابنت خالتي منبسل عليك غذي ندير ليك غير خاطرك اما حتى خاطري محال معك ..""ياك بعدى وزيد قدامي شوفو بعدا بشرى شنو غادة تدير مع يما ..."كنا نقدر على اقناعها بمنطقنا لانه كان الصواب ولأن "فاطمة "لم تكن تريد ان تفعل في حقيقة امرها غير الصواب ..
"فاطمة"كانت موضوع نقاشات عديدة في بيتنا كنا جميعا نقدرها ..كانت الطيبة راسخة فيها كما سلاطة اللسان خصوصا خارج البيت كانت تلبس خالتي بالمقلوب ..خالتي "زهرة "كانت قاسية متطاولة على بناتها تحبهم جميعا لكنها تضمر الحب في صدرها ولا تتحدث الا بنقيضه ..تلعن حس البنات وكل ما ياتي منهن ..تلعنهم دون ان تقصد ذلك بالمرة او تفعلها بنية اختبارهن ؛من منهن تتجرا عليها ..كانوا من غير "فاطنة "التي تبدا في مراقبة ردود افعالهن هما لا يتبادلان حتى التعبير بالنظرات حينما تتطاول عليهن خالتي "زهرة"ينكمشن على انفسهما ويزوغان بنظرتهما كانت حتى تدخلات أمي في حقهما تجابهه خالتي بالاستنكار والرفض ..وتطاوعها والدتي وتصمت بدورها تعرف ان خالتي سرعان ما ستراجع موقفها وستاخد اختها الكبيرة لحضنها لتسمع منها وتفتح لها قلبها .."فاطمة "في خارج البيت عند دكان الحي او بائع الخضر متحرشة بالاخريات ..مستعدة لتدخل المعارك الكلامية ومشاداتها ..غير متسامحة بالمرة ..كنا نصحبها ونعود معها على وقع فرملتها لمشاعر عدوانيتها وهي تكثر من استحضار عبارتها "والله العظيم ..قالك شنو هي يعبرلها لولا ..سعمكين انا الحمارة ديالها ..."كانت اختى تتبادل معي الحديث الصامت بالنظرات وكنت اقول لها دعيها الان ..فيما بعد ...كل اخوتي كانوا يشكرون فيها لكنهم في نفس الآن يبتاسون لحالتها الكل يعرف انها ماضية في العمر وكبرت بعض الشيء على عمر زواج قريناتها وفي زمن كان شائع جدا زواج القاصرات والصغيرات فيه ..هي ظاهريا لم تكن لتبالي بموضوعه لكننا كنا نلحظ عليها انها تبقى صامتة متتبعة بلهفة تحاول مدارتها لما ينبش الموضوع بخصوصه ولا تنوي الهروب كما تتدعي شفاهيا "والله اخالتي مكنفكر فيه ..انا حسى براسي باق صغيرة ...."وكنا نعرف انها ليلتها سيصعب عليها النوم ورتبنا الأمر بيننا ومع والدتي لتنبش الموضوع بحضورنا فقط وتدع الباقي لنا ..وفي الليل ساعة اعداد افرشتنا للنوم تسللت اختي "بشرى " لتنام معها هي و"عواطف "بينما انا بجانب "آسية "التي كنا من اول لحظة وصولنا نعدل عمرها وعمرنا ونعيد ضبطه لتانسنا ونانسها وكانت تتقبلنا بكل فرح واريحية حتى لا نعرف من منا يساير الاخر ..لعل لا احدا فينا كان يساير الاخر لأننا كنا نتصرف بحرية وعفوية ومحبة خالصة .."فاطمة "تعقلن في المسائل الخاوية وتتحفظ جدا لكنها ليست سادجة
لتنطلي عليها حيلنا وانما فعلا كنا ناخد كامل الوقت لنرتب حيلنا ..كنا بشهور نرتبها مع اخواننا الكبار ومع والدينا ونشرك حتى عمتي "مينة "وعمي "محمد" ..وحيلنا لم نكن نسعى من وراءها الا دفعها للتغيير الايجابي والاهتمام بنفسها بمستقبلها اما كنا واعين بصعوبة طلب اكثر من ذلك لان العائلة كلها كانت محافظة حد التزمت لكننا كنا شبه متيقين اننا سنكسب الرهان لأننا بعقولنا على قوة العاطفة التي لا يشك اي طرف منا في صدقها ورسوخ وشائجها بيننا نقدر ..كنا نحرض والدتي على التقرب اكثر من "فاطمة "وتحريك مشاعرها وهز عمقها وتقوية فكرة الزواج في راسها لكن" فاطمة "كانت تتصرف بفضاضة عوض ان تنسحب لتختلي بنفسها وتفكر فيما اثارته معها خالتها كانت تغرق نفسها في الاشغال البيتية وعندما الحق بها تنتبه الي وتبدا في معاملتي بكل رقة وتنسى مثالبتي والمكر بي بسخريتها وتهكمها .كنا نفهم انها مستغرقة بينها وبين نفسها في الاخد والرد فيما دعتها خالتها ان تفكر فيه وما محاولاتها استلاطفي الجادة الا كرد جميل واعي منها لان امي حركت الانثى فيها ...وكانت اختى تعابثني وتقول لي :"اليوم يومك فاطمة غدى ترشيك في موضع ماما .. " اختي "مليكة "كانت أكثر صراحة معي في موضوع بنات خالتي "زهرة"كانت اكبرهم وفي مثل عمر "فاطنة "تقريبا وكانت مستقلة بنفسها ولحد ما متهورة او تعطي ذلك الانطباع وقالتها لي بصراحة وبحضور "فاطنة "قالت لي "فاطمة مكبوتة سيكسو . سمحلي انا مكنعرفشي نهدر بالعربية بزاف ومكبوتة حيث مكتهدرشي على راسها ومعمرها تصحابت او خرجات ونزيدك عوتني مكتمارسي مع راسها كبحال لبنات لفي عمرها وممزوجاتش ..""فاطمة"كانت حريصة على الصلاة في الوقت بالضبط ومحافظة على طهارتها حتى وان لم تكن حريصة كل الحرص على صلاة الفجر كما محافظة حتى مع اخويها على أن تترك بينها وبينهما على مسافة نسميها الحشمة والوقار وهو ما كانت تضحك منه مقهقهة "فاطنة "بحضور اخويها وهي تتمسك بذراع اخيها محمد او تعانق اخاها الاصغر "عبد الحميد":قالتك الحشمة والوقار .. هيه هه ...." "مليكة "لخصت مشكلة "فاطنة "البنت لكنها لم تقل بكل مشكلتها ..كنا نعرف من خلال تبادلنا المستمر للدرشات والحكايات والاعترفات مع اصحابي وصاحباتي بمجموعتنا بالحي بان الوسط الاسري والعائلة يقتل او يذكي التميز والحظوظ..وكنا نعرف كذلك ان وجود اخوة كبار يتعلمون ويدرسون في مستويات أعلى كالثانوي او الاعدادي على الاقل يعطي لصغار الإخوة فرصا افضل ومزايا عديدة على اقرانهم من الاوساط التي مستوى الوالد على احسن حال لم يتجاوز الابتدائي والام أمية والاخوة الكبار مجرد راسبين في مستويات دنيا من الابتدائي على انهم رجال مقتدرون اصحاب مهن او تجارة مربحة انما غير متنعمين بما يجنونه من مال ..قلما يهتمون بامر لباسهم على أن أحوال مساكنهم مقتصرة على الاساسي والاساسي جدا ..فرش وسرير الزواج وكراكيب واواني الطبخ الجد عادية وساعة تعمم التلفاز الابيض والاسود اصبح كل من لا يتوفر عليه يفكر على الاقل في ضرورة ادخاله للبيت ودائما بنفس الحجة :"ونديرو الخاطر للدراري..."صحيح كنا نحس بان الفقر عام وشعبي ..لكن كان بيننا من هم باحسن حال ليس ماديا بالضرورة لكن باسلوبهم في العيش وكانوا متميزيين بعدد ابناء اقل وبسكن مرتب يستحق أن تشرف على وضع لمساتها الأنثوية وسحرها سيدته وكان الاخرون الذين يحملون معهم صفات البداوة رغم قدومهم المبكر من الارياف والمداشر الى الاستقرار بالمدينة هؤلاء كانوا يصنعون الكارثة منهم من لديهم كامل الإمكانات المادية لكنهم يبدرونها في الطعام واللباس الخالي من الدوق وفي الولائم والعزومات لا يفكرون حتى في الاستقرار في بيت من ملكهم ولا يهتمون حتى باطفالكم ومدارسهم ..الخير متوفر لكنه مبعثر ...كانت أحوال "عزيزي سي محمد"المادية لا باس بها كان تاجر حبوب ومورد بالجملة لها ويملك منزلا وسيارة عائلية من النوع الكبير يستغلها لنقل البضائع وملك في نفس الوقت سيارتين للنقل وسيارة خاصة لتنقله ...كان خير الطباع وكما متداول بيننا كان "ولد الخير "كنا نتمتع ياطيب فاكهة و اطيب دجاج بلدي وباطيب الحلويات والفواكه الجافة والتمور والالبان ...لكن حال البيت كان كئيبا..من عمر صباغته والوانها من حال اثاثه من شكل المطبخ واوانيه ..كانوا قد اكملوا ولم يكملو بناء الطابق الاول لتبدا خالتي في التفكير بصوة عالي بأنها ستزيد بناء طابق ثاني ...انتقلوا للاقامة في الطابق الاول بنفس الفرش واختفظوا بغرفة وصالة ومرافق السكن التحتي دون الغرفة الكبيرة التي تحولت لمستودع حبوب واقتطعت من السكن ...عند عودة والدتي من سفريتها القصيرة لتزور اختها واخيها "محمد",الكبير نتحلق حولها وعادت يدور الحديث عن كيف تركت احوالهم ..ساعتها كنت افتح كل حواسي واليات رصدي ومتابعتي على حديثهم كنت انظر لاختي واوما لها بعيني جهة صدر والدتي لتفهم عني ما اطلبه منها وكانت تتجرا على الحديث وتسال والدتي عن احوال" آسية "..وكنت افرح لما تخبرنا والدتي عن الوردة المنفتحة التي اضحتها "آسية "وعن رقة وملاحة "آسية "وعن دعة ومحبة "آسية "وكانت تدعوا لها بكل خير ...كنت اريد اول ما أريد الاطمئنان عليه حال البنت التي استودعتها والتي لم انسى لها سعة خاطرها معي وانا بعد طفل جد صغير وانا طفلها ..لم اكن معها اتظاهر بغير عمر الطفل الذي اكونه حسب تقويم السنين لم اكن الا لماما اعرفها عن عمري النفسي الحقيقي ظل ذلك سر بيننا سر مع كامل اخوتي وكل واحد منهم على حدى ..كنا انا واخي "فؤاد رجال بالغون في عمر والدنا واعمامنا ...وفي نفس الوقت نحرص على أن نبدي لهم اننا فطنين ونتعلم بسرعة كنا نجعلهم هم يضبطون لنا عمرنا حسب احتياجاتهم لنا نحن كنا نمثل العمر النمودجي لما مقدر لمثلنا في شواهد الميلاد والازدياد ..كان اخي "فؤاد"صادقا جدا معي ووعوده صادقة حتى فيما يبدوا لي انها مجرد خيالات ومستحيلة كان يصدقني فيها ..اذكر وعده لي الذي قطعه لي يوم وداعنا لمدينتنا الام "القنيطرة "في رحلة الاستقرار بمنزلنا الجديد ب"العرائش"وهو يصحبني في جولة بسوق "الخبازات "ويذكرني بمن سنتركهم من اهلينا الذين نحبهم ويحبوننا ويطلب مني ان لا افكر فيهم كمن سيموتون كان يقولو لي اننا سنلتقي بهم وسوف ياتون هم باحثين عنا الى حيث منزلنا الجديد الذي ينتظرنا هو وحياة جديدة تماما ...كان يصحبني مكتافا اياي بحنو وصداقة وكنت انظر اليه متطلعا وبوثوق..طلب مني ان لا اساير والدتي واختي الصغيرة "بشرى "في توديع احبتنا وجيراننا بالدموع وانما بالعناقات والقبلات ..وقال لي انه يضمن لي اجمل مفاجئة ..قال لي اننا بمجرد ان تصل الشاحنة التي تقل اغراضنا الى بيتنا الجديد حتى ساكبر ..ساكتشف انني كبرت واننا سوف نكبر سوية وسيكون ذلك سر بيننا ..
"آسية "تركتها في آخر زيارة لنا وهي بعمر "الثانية عشرة "اي تكبرني بعامين مثل بنت جيراننا التي كنت احبها وتحبني مثل اخيها الاصغر منها وتحرص على تعاملني وفق ذلك من خوفها على أن ان اتعلق بها اكثر والتي كانت بنت ناضجة جسمانيا .."آسية "كانت اكبر من ذلك في حقيقة عمرها الطولي لكنها اول ما تجاسرنا عليها انا واخي" فؤاد "اولا وجدنها بنت السابعة في عمرها النفسي البنت المستدئبة صاحبة النظرات الحادة والفصيحة جنسيا التي بدأت صفوفها الدراسية الأولى بشكل نمطي لا مبكرا ولا متاخرا والتي للتو تنوي التعرف عن قرب لعالم واسع ومختلف من موضوعات الذكور وبعض الرجال الكبار الذين سيشكلهم طاقم المعلمين والإدارة المدرسية ..وتعاملنا معها وفق تقديرنا ذلك ..كنا نوظب الخطة في التو وننفدها فقط كان علينا أن نتجاوز معها الحاجز النفسي الجسدي الاول وكنت انا الطعم الذي نصطاد به كان يلفت انتباهها بانني كبرت وانني لم اعد الطفل الصغير الذي تنيمه في حضنها وكان يدعوني لاريها كم كبرت وانا كنت ارد عليه بان لا حاجة لي بان اصدمها وافاجئها ..هي كانت تعقل اننا نهزء بها وفي نفس الآن تتوجسس منا وكانت تنسحب بي بعيدا عن أنظاره التي يبادلها فيها فصاحتها وبعض وقاحة بنت السابعة سنين وتسالني سر تبدل اخي "فؤاد "معها وكنت اراوغها ليكبر فضولها واخيرا قلت لها انه قد اصبح ذكرا بالغا مثلما هي انثى بالغة واحست بالخجل وفارت الدماء على خديها ..في الليل ونحن نرقد بجانب بعضنا شعرت بها مختلفة كما كان قد اخدت تختلف نظرتها الى اخي فؤاد كانت قد عادت لتحضن فيها ابنة الخمس سنوات الراغبة والذكية النظرات والتي تخطط لتدخل الاخر في التجريب معها ..كانت أكثر حنية معي ومتساهلة معي لا تبعد كفي عنها ..كانت مستمتعة برفقتي وشاردة في نفس الوقت ثم سالتني عن لماذا يقول اخي "فؤاد "عني انني كبرت فدعوتها لحديث الهمس في الاذنين بما تعي مع دعوتي انه حكي فاضح لكنها تقبلته بضحك واستمتاع وقلت لها عن ما الذي كبر في بالخصوص وعن علاقاتي وغزواتي الجديدة وكانت غير مصدقة وتدعوني في كل مرة لان اقسم لها بانني اقول الحقيقة كما تطلب المزيد من التفاصيل ...انتهت سهرتنا حتى مطلع النهار وكشفت عن ما الذي كبر في وراوغتني ونمنا متفقين على أن لا تصحو لنداءات "فاطمة "وانما حتى الظهر ...قال لي "اخي فؤاد "انها ليلتها كانت معي وهي ابنة الرابعة عشرة المتحايلة على رغبتها والقلقة من عنفها فيها ..وقال لي انه سيسايرها على أن يتولى هذا المساء تحويلها الى سن بنت الخامسة حتى ترضيني وترضي نفسها ...خرجنا سوية نحن الخمسة "عواطف "و"بشرى "واخي "فؤاد"و"آسية" لحيث الشارع الرئيسي بالحي لنقتني فواكه جافة والعابا وملصقات لم تكن خجلة من اخي "فؤاد"الذي كان يمضي بجانب منها لكنني انا من كان عليه ان يدفع الثمن كانت اشد التصاقا بي وممسكة بي بقوة لما ادعوها لتترك يدي تكاتفني بل وطلبت مني ان لا أفلت منها ولاول مرة نتجاوز دكان بائع الفواكه الجافة والتسالي لنصل حتى لموقف سيارات الأجرة الكبيرة وعلى توجسها وخوفها من ان تستعويقها خالتي او يلمحها اخاها "عبد الحميد"كانت مستمتعة وعبرت لي ونحن معا متكئين بعد تناولنا لوحية الغداء المتأخرة كلنا سوية نحن الخمسة عن اعجابها باخي "فؤاد "وقالت لي "بلا منوصيك غدى نتخاصم معك والله ..."وكنت ااوكد لها فهمي لوصيتها بان اطبع قبلة كبيرة على خدها وكانت تعانقني وتضمني لحضنها وتقول لي "غير كنكدب عليك معمري نخاصمك والله.."
"فاطمة"اخدت تستحلي المجيء للمكوث معنا عحبتها لمتنا وفرحتنا بمشاركتها لنا حتى قررت أن تعود لتشاركنا غرفة نومنا وما عادت والدتي تصاحبنا النوم فيها بمقدم "فاطمة "
في آخر يوم لنا في تلك الزيارة التي دامت زهاء العشرة أيام استودعتني "آسية "بمعانقتي بذراعيها وحضنتني وقبلتني بمحضر الكل.. امام والدها ووالدتها واخيها "عبد الحميد "كانت قد غدت ابنة الثانية عشرة الغير خجلى من التعبير عن محبتها وتعلقها كنا قد سوينا امر ما حدث من تجربة بنت السابعة فيما كان اخي قد عانقها آخر ليلة بتناها عندهم في تلك الزيارة وطلب منها أن تقبل منه اعتذاره وقال لها انها بنت خالته العزيزة التي يحبها تماما مثل اخته الصغرى او الكبيرة واوصاها بي وبمنتهى الصراحة قال لها "هذا بغيه هذا كيموت عليك هذا كثر منك انتي ديما كيسول غير عليك ..".
"فاطمة "ظلت ملتصقة بي من خلفي وهي تعانقني وتضم راسي لصدرها كنت مثلها لا اريد ان تتقابل عيوننا لانني سابكي وستبكي هي بالتتالي وكذلك كان.. كانت اخر واحد يعانقني وبمسح دموعي بدموعه وهي تعدني بأنه سياتون لزيارتنا عما قريب وكانت تطلب من امي قائلة لها :"اخالتي تهلى ليا غير في هذا .."
دائما كنت اخدل اخي "فؤاد "لا اعرف كيف اودع احبتي الا بالدموع ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق