السبت، 10 أكتوبر 2020


 

يوميات:مابعد عوالمي السرية .. عالم الصمت (6) تابع ؛سلاما متجددا فاطمة"5-1"

 كان يلزمني ان اسمح لنفسي بان تسامح نفسها ..وان تكف على محاصرتها..لم يسبق لي ان اعتزلت احبتي وناسي الطيبين مثلما قويت على فعله للاكثر من ستة شهور ..

بعد الحادثة مباشرة تعلمت الظهور على مستويين ..ظهور اجتماعي احاول الالتزام فيه بعدم الإفصاح او البوح بما يكون حالتي النفسية واسعى فيه لالحاق سابق معاملتي في الماضي بالحاضر ..اسلك وكان لاشيء وقع حتى انني اتعبت من حولي الذين لا يصدقون ان كل مااقدمت عليه لا يشكل فارقا معي ..بيني وبين نفسي كنت جد منتبه لكل من حولي وجد متلهف لارى وارصد ردة فعل كل واحد منهم واي واحد اخر يكاد فقط يكون قد وصله علم بالحادثة ..

الظهور الاخر كان خاصا كنت أتركه لنفسي حيث انهشني فيه خصوصا بعد ان فقت على منتهى التوهان والحيرة وانعدام اي توازن في ..

اكتشفت الان كم عصي علي ان استمر في تجاهلهم وتجاهل رغبتي فيهم ..في ان اكون قريبا منهم وان اسمع منهم وان اتحدث بدوري معهم ..

سمحت لنفسي بان تمارس تداعيها الحر دون ان اوجهه ..سمحت للصور الحبيبة بان تداعب عيوني ..وسمحت لاصواتهم المحفوظة داخلي بان تنبعث من جديد ..وكل ليلة بل لليال متتالية كنت اترك لنفسي بان تغوص في اعماقي وتتخير اي ذكرى ..اي شخص تريد ان تستعيده وتستعيد نفسها معه ..لم اكن لاتوهم او انسج الحكايات او لازيف الوقائع كنت اعرف انني طورت جيدا آليات ملاحظاتي وتخزين المواقف والصور في ذاكرتي وطورت  معها حتى آليات الانكار والادعاء بانني لااتذكر شيئا حينما احاصر بالاسئلة من اخر ..

الزمن الخاص الذي قضيته في غرفة اخوي "خالد.وسمير "بالسطح لم اضيعه هباء منثورا ..تعلمت فيه الكثير ولم اجبن من التجريب والمغامرة فيه  ..لم اترك لاي كتاب توفر لي من ان يهزمني ويستصعب علي قرائته والسفر معه ..وحده الزمن الذي غاب فيه كل اخوتي باستثناء الصغيرة "بشرى"كان الزمن الذي قهرني وبلبل كل كياني ..من وحشتي واغترابي فقدت القدرة على النوم المنتظم ..وارق الليالي كان يسلمني لنهارات تعيسة احمل فيها تعبي وانهداد حالي مرغما عني واسير الطرقات بالية من الى البيت للاعدادية، ولاي مكان يتطلبه الأمر الضروري ..

بعد بضع أسابيع قليلة من الحادثة طلبت تغيير الغرفة السطحية بغرفة "سمير بالمنزل التحتي وطلبت بالخصوص من والدتي ان تدعني على سجيتي وان لاتتعب نفسها معي مهما كانت حالتي النفسية سيئة ..

الان اجد في الحاجة من جديد لاعود للصومعة ولاواجه مخاوفي ووحشت المكان ..وبعد ان نظفت واعدت ترتيب المكان والحاق متعلقاتي الشخصية به أخبرت الوالدة بنيتي وجددت الطلب بان لاتكلف نفسها في كل وقت بالصعود للاطمئنان علي وان لا تخاف علي وانني متى كنت في حالة صعبة فساطلب المساعدة ...كنت اقرا في عيونها الخوف من ان اعدم نفسي في احدى نوبات اكتئابي الشديد ..كنت اعرف انها حتى في ساعات متقدمة من الليل لما تصحو اضطرارا تحمل نفسها لتطمئن علي ولما اخدت اقفل باب الغرفة من الداخل علي استنكرت الأمر علي ..

بالغرفة /الصومعة كنت اعرف تماما من اين ابدا ..لم اكن بحاجة لاستعيد قراءة روايتي / الشاهد الثاني "رسالة من عالم اخر."ولا لان اتصفحها..كنت مسكونا بإستعادة نفس العبارة التي ارقت الصوة الاول في الرواية المفترض انه كاتب الرسالة ..العبارة التي ظلت تتردد لسنوات في راسه وتضجع نومه حتى اوصلته لحافة الانهيار ..العبارة التي كانت تحمل الي صوت اخيه /طفله الذي كان مسؤولا عن رعايته بعد وفاة والديه وتضعه مباشرة في نفس الموقف الذي صيغت فيه ككلمات يرددها طفله والدم ينزف من شرخ براسه أحدثه إصاص الزهور الذي سقط فوقه .."لماذا تركتني وحدي ....لماذا تركتني وحدي..."  

لم اكن بحاجة لافهم عنها انني اعاني من احساس الاستتراك وحدي والا ما هزتني هذه العبارة مثلما فعلت بكاتب الرسالة المفترض لكنني لم اكن متاكدا من تمكن هذا الاحساس فقط مني ليعرضني للانهيار ..

اول من استحضرت في ذهني كان اخي "فؤاد"لكنني ازحته بسرعة من دائرة استحضاري كان صوته من وجهني لافعل ذلك كان يقول لي "متستحضرشي هذك الامور العادية لقدر يتبعها اي واحد من لي يبغي يرجع ذاكرتو القديمة ..ركز في المواضيع لي انت حس بها كتهمك انت تستحضرها كيما بغات تكون غير متغرقش مع الاستحضارات الجنسية حيث حتى هذك غير غدى تحجب عليك الرؤية ديال العمق ديالك .."فكرت في اخي "سمير "من حيث اقصيت بالتتالي اختي غير الشقيقة "مليكة "واختى الصغرى "بشرى"لكن صوته المقابل صوة "فاطمة "بنت خالتي تصدى لي وهي تضحك حد الهزء مني وهي تقول لي "سمير خاك غير خطيه الا بغي تدوز لي به غير كتعي راسك انا قلت ليك بلا تطاور معي دوز لي مباشرة .." كنت اعقل لعبة "اجي نعود ليك .."التي ترد علي بها ب"اشنو غدي تقولي عوتني .."ونبقى نلوك في الكلمات والعبارات انا انعثها بالجبلية وهي تنعتني بالعروبي "ولد حلالة "ولما تستظرف مني اقبالي عليها تتنازل لي وتتصنع بعض الجد وتقبل التقرب مني "يالها شنو بغي تعود لي .."..في البدايات الأولى لم اكن انقل لها عنه سوى تمنياتي انا ..سوى محظ رغباتي انا في ان ارها سعيدة وفرحة بعمرها ..لا اعرف لكنني صادقا كنت دائم الاشباع وموضوع رغبة من كل من يقترب منا ..على اننا مع كل الذين كبرنا سوية معهم من جيراننا كنا نعيش ابهى واسعد عمر ولا نترك الهواجس بان تاخدنا متى احسسنا بحاجاتنا لنتبادل الاشباع ..وكان يعز علينا بعض كبارنا ..بعض من من اخدهم العمر في دروب التعاسة والحرمانات ..من بعض من كنا نراهم يخجلون حتى من ممارساتنا العلنية التي كنا نحن نعتبرها جد عادية ..كنت ارى السرور في عيني اخي "سمير "والغبطة كذلك والاستحلاء في نبرة تعليقه "وانتموا فشي شكل جالسين قدام الناس وعايشين وفي اخر كتعنقك وكتبوسك عاد كتمشي بحالها ..."وكنت ارد عليه بكل تلقائية :"عادي اصحابي ..حنيا صحاب .."وبنزق يبادرني بالسؤال -الاستفهام :"وبشرى..."وارد بدون تردد :"بشرى ختى الصغيرة وصحبتي وكتبغني وكنبغيها مافيهاش باقين صغار ولاكبار ..وش فهمتني اصحبي "ويقول لي وكانني نجحت في الاختبار :"وزيد اصحبي ندخلوا للدار دبا نتعشوا وعاد نقصروا .. زيد أصاحبي " ..

في البداية كان همي على أن اكون بالقرب منها وتسمع مني واتحدث اليها. ان اتعرف اكثر عليها ..نحن لم نكن مثل الارانب على تشبيه عمتي الكبرى "الزهرة"لسلوكنا الجنسي الطفولي حتى لما كنا نختلي لنمارس طقوسنا الخاصة لا ننسى ما بيننا من عهود وصداقة واشياء مشتركة كما لاتنسى من الاطمئنان على بعضنا البعض كنا نخاف على أن نؤدي بعضنا البعض او نتسبب بدون ان نقصد في خلق كره بيننا ..لم نكن ارانب صغيرة كنا احبة دائما حتى في عز خصماتنا كنا نغافل بعضنا البعض لنرسل نظرات تفهم وحب بيننا  وفي أول فرصة يقصد احدنا الاخر ليبادئه بالكلام ولنستعيد الود بيننا ونستعيده في التو والان ..

نحن كنا نقضي الكثير من الوقت في تبادل الكلام ووجهات نظرنا التي كنا نعقل على اننا ابناء وبنات العشرة والحادية عشرة ومنا من في سن الخامسة عشرة واكثر من ذلك ان الكبار عموما بما فيهم حتى اخوتنا العزاب بعد لن يصدقوا فيما نحن نخوض من احاديث واهتمامات ولا فيما يجعلنا متلهفين على التلاقي بيننا ..كنا نبخس نظرتهم الاتهامية لنا كذكور مع اناث ومع بعض اخوتنا كنا نعتبرها غيرة زائدة عن حدها ولا من مبرر لها ..على اننا نعي الجوانب الأخرى ونستنكر على من لم يعشها مثلنا ان يمنعنا منها وحتى ان حاول فلن نمكنه من ذلك لأننا نعي اهميتها عندنا ..كانت الامور محسومة عندنا بمنطق خاص ونلمس في داخلنا قدرة مدهشة على إمكان أن نقنعهم بمنطقنا ..ربما هذا هو دافعي مع ابنت خالتي "فاطمة"لقد ذهبت بعيدا في التفكير بيني وبين نفسي فيها ..في حالها ..في حال البنت فيها التي نضجت وعما قريب ستتجوز لكنني اجدها شبه معدومة التجارب ..كنت اعرف ان حياتها تكون قافرة قبل أن تأتي اختي "مليكة " للمكوث عندهم قدر ما تريد هي  لتلهب مشاعرهن وخيالهم وتحرك فيهن الرغبات المكبوتة ..حتى بعد ان ترحل لا يكف البيت ان يبدوا متوردا..وتبدا بعض صاحبتهن بالمقدم لزيارتهن وهو غير المألوف في باقي المواسم والذي تراقبه خالتي "زهرة "بعين متيقظة وتجابهه بسلاطة لسان بمجرد ان يبدأ في التكرر..

كنت اسال بمباشرة اختي "بشرى"و"صغيرة حينا "..هل تعتقدا انها من الممكن ان تكون لها حياتها السرية الخاصة ..تجارب صغيرة على الاقل ...كانا يسبعدا ذلك ..كنت قد وضعتها تحت الملاحظة في خرجتها معي التي تصحبني فيها لتتبضع من الدكان او لتمر على صاحبة لها تعرف انها ممنوع بثاثا عليها ان تدخل معها لبيتهم بل وحتى ان تعبر باب البيت لبهوه ولم الحظ عليها اي سلوك من ما نحن نمارسه بكل اريحية واتقان ..حتى نظراتها لمن يعبر الشارع من "الجنس الاخر "متوارية وعصبية ليس فيها حتى فضح الانثى الواعية برغباتها .."فاطمة"البشوشة الدائمة الضحك والهزء والسخرية تنفلت اعصابها بشدة وتبدا في الزعيق والتهديد بتركي لوحدي والعودة للبيت دوني فقط لانني طلبت منها ان تنظر للرجال والذكور مثلما تنظر للنساء والاناث ..

كنت اقلب الذاكرة وانا اتتبعها كنا نحن ابناء خالتها الوحيدين الذين تربوا معهم ببيتهم وكانوا ياتون عندنا هم كذلك وكنا نرتاب بمنطقنا نحن من ان تكون لهم بدورهم العابهم وكنا نصل الى يقين بأنه حتميا كانت لهم العاب لكنها للاسف توقفت في زمن مبكر جدا والا للاحظنا استمرار بعض اشكالها ..كان المتطاول فينا والمتباهي بتعدد علاقاته الغرامية اخي "خالد"يبدوا في نظرنا نحن و"بشرى"قزما امامهن  وحتى في اليوم الذي تصيدناهما هو و"فاطمة "بنت خالتي واحرجناهما ليسلاما على بعضيهما من الوجه ارتباكا كليهما وبديا لنا مثل ادميين من عالم اخر ومن يومها ونحن لم نكف عنهما حتى اولعن الخيال بينهما واستسلما الينا وبات كل واحد منها يتصيد الاختلاء باي واحد منا ليدفع بعجلة الحديث السؤال عن الطرف الآخر ..نجحنا جزئيا في ان نجعلهما يطيلا مجرد الكلام اليومي الرتيب عن "كي داير ..لاباس ..مزيان ..خليتك .."الى "وكي دير مع القريا دابا اخالد.."وهو "...مسولتكشي اش غاد تديري بعد الخياطة لي كتتعلمي دابا .."لكننا كنا انا واختى بشرى مستحكمين في اللعبة وادخلنا معنا حتى "عواطف "كنا نعرف كيف نخلق التوتر بينهم ونولع خدودهما بالدماء ونهز شخصية" خالد" الذكورية ونجعل من "فاطمة"تتحول من البنت التي تعتز بنضوجها لمجرد طفلة تداري ارتجافها ..

كنت اكثر تنبها لما يعانياه من ضجر في النهارات خصوصا في الظهاري والاماسي وهما لا ينبغي لهما ان ينزاح من تحت نظر خالتي "زهرة"حتى وهي غافية  كانت خالتي لا تكف يوميا من التأكيد عليهما ان "ولد خالتها ولو عزرى .."كانت تتبرى منهما امامي وتهبني صلاحيات في نفس الآن وهي تتخاطب معي بلغتنا الخاصة "لغة العيون المدربة"..خالتي "زهرة "سانعتها بعدها  وانا بعد بسن الخامسة عشرة بأنها "خالة ثورية " لكنها من الجيل القديم من طينة الوطنيين الذين عبؤا كل فئات الشعب الغارقة في الجهل والفقر والواقع ضحية مسلسلات من الاغتصابات والاغتصابات المتكررة ضد الاحتلال وضد البرجوازية المستفيدة من الاوضاع .."خالة ثورية "اختارت ان تقف لجانب الحرس القديم للاخلاق والقيم  لكن دون ان تكف عن التطلع الى الامام ..الى المستقبل المشرق والمتحرر ...كانت تحس ببناتها لكنها غير مستعدة لتنسى كيف الانثى منهم كانت تنهش وتغتصب ويستاسد عليها لتعيش خادمة تحت طاعة اي رجل  ..كانت تعرف ان بناتها كبرتا لكن غصة كانت بعد تالم حنجرتها كلما نادت على بنتها الكبرى "فاطنة "وكانت تلحظ مني انني الاحظها ..في يوم نادت علي وطلبت مني لانها لا تقول لي ولا تامرني وربتني على أن لا اسايرها لكن ان اقبل اطاعتها :"فاطنة انت معرفشي شنو بيني وبينها انت هذك بنت خالتك مشي معها ..هدر معها ..الا بغتك تتسخر ليها تسخر ليها متقطعهاش الا شفتني مقطعها .." و"فاطنة"لم يكن لي ابدا معها مشكل كانت تتحدث لي كما لو كنت كبيرا مند ان كنت طفلا صغيرا ولم تكن تواري عني شيئا كانت تتبع نهج اختي "مليكة " وكانت كثيرا ما تستعمل معي تعبير :"انت عرف كلشي ..عارف من بدات الحكاية .."ولم اكن اريد ان اعرف ببساطة لذلك اتظاهر بانني ربما اعرف وبيني وبين نفسي اتبع نفس الاسلوب لكي لا اعرف غير انها تعاملني جيدا وعلى نحو تفضيلي بامتياز لجانب اخيها الكبير "محمد"اما حتى "عبد الحميد"فاحوالها متقلبة معه تبعا لانقلابات أحوالها مع والدتها "خالتي زهرة".

لم تكن خالتي "زهرة"تترصد لي بعيونها حتى وهي لا تكف عن متابعتي كما لم تكن تصدني وتطلب مني الكف عن مجاسرة "آسية "او "فاطمة"كما كانت تفعل مع اخي "فؤاد"الذي يكبرني باربع سنوات والذي كان يستجيب في الحال دون ان يردد اي كلمة ..خالتي كانت تتعمد ان تريني انها راتني وتنسحب من مجال رؤيتي واحيانا كان اخبارها لي انا بالضبط انها ستنزل من السطح دون توجيه كلام لاحد بنتيها بمثابة تشجيع لي ..موافقة ضمنية ورضى منها عن سلوكي وهو ما كان يجعلني طوال الفترة التي اقضيها بعيدا عنهم وعن "طنجة "افكر فيها وابحث في شأنها وأشارك كل مجموعات اصحابي وصاحباتي المقربين مني في التباحث حولها بل وألحق حتى الكبار مثل عمي "محمد"وعمتي "مينة"واخرون ودائما احاول طرح موضوع بحثي او طلب الراي والمشورة باسلوب غير مباشر لا اذكر فيه المعنيون بأمره ..

مع اختي والبنات اقراني ؛صاحباتي كنا نتدوال بمنتهى الصراحة في كل المواضيع ونهتم لها ونخطط للمزيد من كيفيات التعرف على أوجه النظر المختلفة في موضوعها عبر استعمال وسائل وحيل نوقع الكبار من حينا  في حبل التكلم عنها لنا حتى امام المسجد كنا نتجرا عليه بل وحتى المرأة المتسولة المتعبة نفسيا "خت حميدو"كنا نتحايل عليها لنعرف رايها ...كنا جميعنا نغتبط ونحن نلمس فينا اننا مختلفين واننا نكبر ونعي اكثر واننا متحررون ..اننا ابعد بكثير من تخبطات مجتمع الكبار ليس المادية فقط وإنما الفكرية والنفسية ...كنا نشجع بعضنا على القراءة وحتى من لا يقرا نشركه في السماع لقرائتنا وتحليلاتنا..ولطالما فجاءنا حتى كبار اخوتنا بسعة مداركنا ودقة ملاحظتنا وصوابية رأينا ...كنا نتلهف على الحديث والنقاشات بيننا من حيث اننا اكتشفنا ان كل ما ينقصنا هو مجرد امكانات التعبير عن افكارنا باساليب واعية ومنطقية وموضوعية اكثر ..

"فاطمة"اقنعتها بحيلة بسيطة جدا يومها لم اطلب منها حكايتها ولا رأيها ..كل ما هناك انني ادخلتها بحق الى عالمنا نحن واخدت احكي لها بالتفاصيل عن ما يجمعنا ..عن ما يقع بيننا عن مخداعتنا للكبار الاوصياء علينا ..عن مجموعاتنا التي تكبر يوما عن يوم ..عن احلامنا المشروعة في التغيير ..عن اوجاعنا والبؤس  الذي نحس ان اباءنا يجترعونه كل يوم بمرارة ..واستهواها جو حكايتنا كانت تتخاطف علي من بين يدي "آسية "التي وانا "بطنجة "او وهي "بمدينتنا"عمليا هي امي الراعية وانا ابنها كانت خالتي وحينا امي تطلب منها قائلة لها "خدي ولدك نعيسه معك ..."وتنظر الي بكل حب وتقول لي "زد اولدي ..يلاه معيا "ثم تنظر الى اختي "بشرى"وتقول لها "يلاه ابشرى"ولما اتعنث ولو للحظة تنظر لاختها "فاطمة " ليوجها الانظار سوية لوالدتهما خالتي "زهرة"ولوالدتي خالتهما وتنطق "آسية":"ايما عواطف غدي تبات معنا هذ الليلة ..؟"ويبقى الجواب معلقا هل ستعطف خالتي "زهرة "لحال "عواطف "التي تكابر الدموع ..؟!هل ستتدخل خالتهما 'والدتي..ولا احدا يملك ان يتوقع الرد ولا احدا يملك ان يؤثر على خالتي في موضوع عواطف غير "اختي بشرى"وكأن خالتي لا تتذكر ان "عواطف" صغيرة بعمر اختي " بشرى"وان من حقها ان تسعد مثل ما تسعد "بشرى بصحبتنا ..لا تتذكر الطفلة التي كانت هي نفسها الا لما تدلل امي اختي بمحضرها

وتطلب منها ان تذهب لحضن خالتها ..وكما نسقنا الأمر سوية في اللحظة المناسبة تذهب اختي "بشرى "لتعانق خالتي وتتوسلها في السماح ل"عواطف "بالمبيث صحبتنا وتسمح لها لتنطلق الاثنتين معا في عناق صاخب كما تفعل اختي "مليكة "مع كل بنات خالتها وخصوصا "فاطنة "وهما يتناديان على بعضهما البعض ب"اصحبة.."اي ياصاحبتي ." 

"آسية"هي الام السحرية لي التي لا تشبع من طلاتها علي من عيونها السحرية بكل حنو ومحبة واشتياق لان تعيدني لصدرها ..كنت قد كبرت على أن اصاحب للمرحاض ومع ذلك اتحايل على والدتي لتكلف "آسية "امر الاعتناء بي وكانت تساندني اختي "بشرى" وتقول لوالدتنا "ماما بلا متفرشي القضية ..قليها لها بالصح "..وتنادي امي على "آسية ":"آسية ..ابنتي اجي دي طارق لبيت لماء ..."وبدون ان تشعر تمسك بي من يدي وتخاطبني "اجي اولدي نديك تقضي حاجة "...بقينا نلعب معها بنفس اللعبة حتى بعد تجاوزي مرحلة الطفولة ودائما كان يوقعها لسانها وتخاطبني باحلى تحبب في الوجود :"ولدي "..."فاطمة"كانت خارج جيلي تكبرني باحد عشرة سنة ..""آسية "تبقى على انها تكبرني من جيلي وقد اقول صادقا انني بمراهقتي المبكرة لحقت مراهقتها المتأخرة ..

"آسية"لما تحرر لسانها والفت السهر معي حتى طلوع الفجر وظهور ضوء الصباح قالت لي:"غذي نقولك وحد المسألة ..شتي راه مشي ماكندي ماكنجيب في الهدرة  ..غير قول انا صادقة مع نفسي ولي في قلبي كنقولوا ..انتوما  كيسحبليكم كتدوخوني بالهدرة بش انا نعيطلك بولدي  وانا والله العظيم هذك هو الشعور ديالي معك ..ربيتك في حجري كنهزك في صدري ..حملتك في ظهري.. كنعسك ..كنغسلك ..كنوكلك بيدي ..كنلعب معك ...شتي مشي غير انت لمبغيش تكبر لو خيروك حتى انا مكرهتكش تبقى صغير وتبقى ولدي ..."

"آسية "كانت تنام على السرير وانا و"فاطمة "التي لا تحبد النوم الا على أفرشة بالارض نستلقي متسامرين ..تتعب "فاطمة "من المنادات عليها لتجلس  على الارض بمستوانا عوض وضعها الجانبي المتعب لكن "آسية "كانت مستمتعة اكثر من ان تتابعنا من فوق ..أن تبسط مجال رؤيتها على كل موضوعنا  ..واحيانا كنت اتعمد اعيائها واتعمد إطالة السهرة بجانب "فاطمة "وبالاتفاق معها ولما كانت تشعر بالتعب عن حق وتبدا في عدم القدرة على حبس تفوهات الرغبة في النوم تنادي علي "طارق اجي تنعس حديا ..."تكررها وتكررها وتنبهني "فاطمة المتقارية معي على الخطة لكنني وحتى وانا انظر إليها اتصنع عدم الاستجابة ولما اشعر ببعض نرفزتها الكز "فاطمة "لتعطيها المفتاح السحري لمغارتي فترد عليها :"على من كتعيطي .."والاخرى بصبر اخد ينفد تجيبها "على طارق .."فتستفسرها مرة أخرى "على من ..".."على من ..."ثم تنتبه "آسية "للعبتنا ...وتبتسم وتمد بيدها لتنادني "غير سمحلي اولدي ..اجي نعسوا ..."واقول لها "نعسوا وشنو .."وترد :"ونهدروا شوية حتى يطلع الصبح "

لم اكن اساير اختي" بشرى "في دموع وحالة وداعهم كنت ااجلها لحين تتحرك بنا الحافلة في طريق العودة لبيتنا لكنني متى صاحبت "فاطمة "بدات اعقد حالة الوداع بثلاثة أيام قبل حصوله وكانت تنخرط معي "آسية "فيه ...

تطور بيننا الكلام ولغة الكلام والمشاعر كما تطورت عدد زيارتهم لنا ببيتنا خارج نسق زيارت العطل الفصلية ..بدت "خالتي "ممسكة بزمام الأمور ولاكثر من مرة بمجرد ان يقترح ابن خالتي الكبير "محمد"ان يقلها بسيارة والده "عزيزي "التي يشتغل عليها في نقل الحبوب وتوريده للتجار ولمربي الماشية بالإضافة إلى النقل السري للأفراد والبضائع لتزور خالته -والدتي كانت تحدد له اليوم الذي يناسبها وتقدم الينا صحبة"آسية "و"وعواطف "ان كانت ستبات  ليلتها عندنا وبمعية "فاطمة "ان كان العكس لانه كان لزاما على من يبقى بالبيت ليتكفل برجاله ...

على كامل فرحتي بمقدمهم كنت افتقد دوما "فاطمة "ان لم تصحبهم وكان هذا يكلف "آسية "الكثير لتسلوا علي ..."فاطمة "غير "فاطنة "وغير "آسية "وغير "عواطف "لكل واحدة مكانتها الخاصة في قلبي بمثل ما كان لكل واحدة تفردها في طباعها وشخصيتها واسلوبها في التعامل معي  "فاطمة "تركتني منذ البداية ل"آسية "كانت تحبني وتتشارك رعايتي وتاخدني  حتى بالغصب عني لتمطرني وتشبعني بالقبلات منذ ان كنت طفلا صغيرا ولكنها سرعان ما تعيدني "لاسية "الام السحرية التي لم يكن لها رحما يتسع ويتشكل ليلدني يوم ولدت ..

كان "عزيزي سي محمد"لما يدخل صالة البيت ويجدنا بجانب بعض على وسادة واحدة يجلس اي مكان وكأنه لم يرانا ويتصنع المفاجئة عندما تتقدم اليه "آسية "منادية ومسلمة عليه "كي بقتي ابابا "..لم يتدخل ابدا ليوجه لاي واحد منا سلوكه ربما كان يفعلها ببعض الجد مع أبنائه الذكور واحيانا بعصبية ونرفزة وحتى مع "فاطمة "لكنه ابدا لم يفعلها مع "آسية "او حفيداته ومعي انا بالقطع لم يوجه لي حتى تلك الملاحظات التقنية التي كانت تتوجهها لي امي على شاكلة "وباركة من البسالة ..."

"عزيزي سي محمد"كان يدبحني دوما دون ان يحس لانني لا اعقل ان سمعت والدي يناديني بتحبب كما كان دائما يفعل هو وفي اي مخاطبة له معي كانت دائما كلمة "اولدي "طارق  تسبق ..والدي كانت على لسانه دائما "طارق "فقط و"طارق "تتصوت بحسب انفعالته وعصبيته ...

صوة "فاطمة "حاصرني وهو يهزء مني في اول ليلة لي بغرفة السطح التي قررت العودة إليها ..صوتها سلمني اليها وتداعت كل مقاوماتي لانشغل باستحضارها ونفس السؤال يلف بخيط حول عنقي ..يخنقني :"لماذا تركتني لوحدي ..؟!"السؤال الذي تسلل الي من الرواية اياها وسيطر على هواحسي ..واعدت السؤال علي مرة أخرى بصيغة اخرى :"فاطمة لم تتركني وحدي .."وكان ياتي السؤال الإجابة عن لسانها هي وصوتها:"اي فاطمة فينا تقصد "فاطمة "التي كان يمثلها اخوك "سمير "امامك لتنساب في الحديث معه ام فاطمة .. فاطمة التي علمتها كيف تتحايل عليك مثلما يفعل سمير لتتحدث اليها ..ام فاطمة انا ..مشي سمير فاطمة ومشي فاطمة سمير .."كنت اعرف الى اين يؤدي الجواب لكنني لا املك بعد الان القدرة على الهروب او الفرار من الجواب الذي كنت اعيد صياغة سؤاله   "هل املك ان اعترف لها بانني كنت اقارن في مدى حبي لكل واحدة منهن وانني كنت اسبح بخيالي بعيدا لاتمثل اي واحدة قد اختار حبها خالصا لي ولها .."وكانت تعاود ضحكاتها المتقطعة وتقطع علي حبل تفكيري وانا استحضرها

وتهمس لي:"غير قولي انا عارفة لي في قلبك وعودت لي كلشي لكان كيوقع بيناتكم غير انت وخا كتقول لي صريح معيا مشي صريح مع نفسك ..وخصك تعرف انا العكس ديالك تماما صريحة معك وصريحة مع نفسي وصريحة مع كلشي .." ..كانت تحاصرني من كل جانب لا لانهار امامها انها طريقة "فاطمة "لتقول لي بأنها تحبني على طريقتها الخاصة ..وضحكت منها لتعاود رسم الجد وتسالني :"هل حقا افتقدتني ..؟! "قلت دون تردد :"لا ..لكنني مرعوب من ان افقد الامل في ان اراك ثانية .."وفجأة بدت لي انها هذه هي اهم نقطة في حقيقة ما حدث معي ...الخوف من الافتقاد لكل مواضيع الحب الأولى والاساسية في حياتي وزاد في تعقيدها رؤية احبتي يبتعدون الواحد تلو الآخر عن عالمي الواقعي ...كان من الممكن ان اقنع بالانتظار لكنني كلما نظرت حولي اجد الزمن يتسابق وياخد احبتي وناسي الطيبين في العمر وكلما كبروا ابتعدوا او اختفوا عن دربي او انتهوا ببساطة ..ماتوا ...كان سؤال الموت يحيرني ليس في حد ذاته ..ليس في حد من يترك عالمنا لكن في من يترك خلفه من ناس يحبونه لم يتعلموا للحظة على أن يكفوا عن حبه وانتظار رعايته ..مجرد نظرته ...هكذا كانت جدتي بكل القمل الذي تنزله من شعرها وهي تسرحه وتعاود لفه ..بكل الطيات التي على وجهها بكل قوامها العظمي النحيل وجلدها الاصفر الناشف أحبها وكم احن لاغفوا في حضنها ..هكذا كانت "غيثة "المعيدة بالاعداديه ذات الخمسين سنة وازيد والتي كانت تسكن بجوار بيتنا صحبة زوجها المعلم الابتدائي دون اطفال والتي صعب على اصحابي وصاحباتي المقربين اقراني ان يصدقوا لهفتنا على بعضنا كنت اقول لهم كيف لا اقبل حب وصداقة امرأة اتت حتى للبيت تطلب وتترجى والدتي ان تسمح لها بأن تحبني وتصاحبني لانها كانت ترى في غير الأمومة التي لم تعشها وانما نفسها التي احبتها وهي طفلة وتخيلاتها بما ستصبح عليه ومما قالته لامي واسعدها بانني محبوب من الكل فكيف لا تتورط في حبي ..كانت ذات بشرة بيضاء جافة وكل اوردتها الدموية زرقاء اللون بارزة ولا تهتم بشعرها ومع ذلك لا تتوانى على أن تجلس كرسيا تخرجه بجانب طوار بيتها لتتشمس ولما ادونوا منها وابتسم كما عودني كل احبتي على السلوك مع الناس الكبار وخصوصا النساء منهم كانت تبتسم لي برحابة وفرح وتغمض قليلا عينها بمحبة صادقة لا اغفل عن  صاحبتها انها اختي غير الشقيقة "مليكة "فكنت ادنوا منها مقربا وجهي لاسلم عليها  وكانت تضمني الى حضنها الدافئ على غير المتوقع ولا تتركني الا ان تلمس على شعري وتعاود تلثيمي وتطبع اعدب قبلة .."غيثة "لم تتح لي الفرصة حتى لاحبها ببعض الكفاية كانت ترافقني من الاعدادية لحيث باب منزلنا وتهب للمنادة علي في طريق عودتنا الزوالية للاعدادية لكنها قبل اختتام نفس الموسم الدراسي بشكل رسمي كانت قد انتهت ميتة ...بكيتها بحرقة كما احبتني هي بحرقة ولهفة كانت مفضوحة وكل نساء وبنات الحي واساتذة الاعدادية يتغامزون علي وعليها ..

لا اعرف بعد الحقيقة لكن صوة "فاطمة "وضعني على اول الطريق مثلما كان يفعل بي دائما اخي "سمير ".

الخميس، 8 أكتوبر 2020


 

يوميات :مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (5) تابع : سلاما متجددا فاطمة "4-1".

 كنت قد كبرت وكلما تمعنت في حالي انفرض علي نفس السؤال :"هل كبرت حقا على الطفل الذي كنته ...؟!..في تلك الزيارة لاحظت علي خالتي توتري وحملت اكثر من مرة عينها الي مطالبة بان افصح في امري وكنت امهلها ..كنت اترك للوقت ان ينوب عني في التوصيل اليها بانني جاد فيما ساخبرها به وانني هذه المرة اطالبها بالكثير من التفهم والرعاية ...

عندما كانت تودع أمي وهما على مدخل الدرج التصقت بخالتي لتكاتفني ولتقول لي "شنو باغي تقول لي اخالتي ديالي ..؟!"امسكت بذرعها وطلبت خلوة بها :اجي نقولك اخالتي.."وقلت لها باندفاع  وعلى نفس واحد وبكل اختصار ما اريده منها ...كنت اريد واريد واريد وغير قادر على ان اداري ان كنت لا استطيع ان  اداري على نفسي الحقيقة .. كنت اعرف انني تحايلت بما يكفي لارتب اوضاع اقامتي ب"طنجة"بمنزل اخي "خالد"وانني خططت باتقان لاهم الخطوات وانني حضيت بالموافقة الرسمية والباقي سيتكفل به اخي الاكبر كطلب الانتقال و تسجيلي بثانوية جديدة ..لكنني كنت بحاجة لاسمع من خالتي ولتسمع مني ..كنت في حاجة لان اكاشفها وتنظر هي بكامل اختيارها وحريتها في ما عساني اقول به ..كنت فعلا منزعجا وبكيت لأكثر من مرة وبحرقة خلال الأيام الثلاثة الماضية التي قضيناها انا وامي بمنزل خالتي "زهرة "وعزيزي "سي محمد "بلاجدوى ..بكيت وكانني بحاجة فقط لأن انفس عن انفعالاتي ..اما ما من حيرة او شك كان يخامرني في انه سيكون دوما مرحب بي في هذا البيت ..وربما بكيت مشاعرا اخرى كانت تكبر داخلي وتغربني عن نفسي ..الذي كنت اعيه وواثق به من كل خواطري وهواحسي هو احساسي العميق بانني بحاجة لاعيش هذه التجربة اكثر من حاجتي لاستعيد اي لحظة عشتها داخل هذا الفضاء وبين ناسه لانني كنت اعرف انني كبرت وربما ماكنت لاحسها بمثل ما رمقتني به بنت خالتي "آسية " وهي تستوقفني في طريق عودتها لمنزلها الخاص منزل زوجها وكنت قبلها غير قادر البثة على تصور كيف سيكون شكل هذا اللقاء كنت اعرف ان الخبر شاع بينهم وكل بطريقته سيوجه لي الكلام وسيقول وسيقول وانا ساسمع منهم لكنني ساظل في انتظار اللحظة التي سيقولون فيها كل شيء يعنني ويهمني واريده ..لذلك مع "آسية"كنت في حالة انحصار ذهني تام وكانني في قرارة نفسي كنت متاكدا انها ستفاجئني ..

قلت لخالتي ان كل طنجة لا تعني لي شيئا وليس لي فيها مكان ولن يكون مكاني وانني بكل ماتوسلته للمقدم للعيش بطنجة لانني اريد ان اكون بالقرب منهم وقلت لها انني ابدا مانسيت احضان ابن خالتي الاكبر "محمد"وقبلاته لي وهو يوعدني صادقا وناكثا في نفس الوقت بأنه سينقلني لعندهم وسيسجلني بمدرسة فقط بعد ان يقبل والدي بذلك وانا لا أتركه الا بعد ان يصدقني في هل فعلا هو جاد في وعده وما ينم عنه من رغبة حتى  وإن يبدوا  أشبه بالمستحيل من حيث ان الفكرة مستبعدة كليا من والدي ...وقلت لخالتي بسابق خوفي من ان اكبر وان امنع من زيارتهم الخاصة التي اريدها انا وليست تلك الزيارات العائلية الرسمية ..وقلت لخالتي بانني حتى ولو كبرت لن اكبر ابدا عنها وأنها تعرفني وتعرف عن ماذا ابحث والى ما انا في حاجة نفسية اليه بهذا المنزل ...كنت اطلب من خالتي اذنها الخاص في ان  تفتح لي الجنة التي كنا نعلم جيدا اننا سنسحب منها تدريجيا لكي لا نطرد  منها ..واوامت اليها عاطفا ليس الا على انه ما من وضع حساس سيكون معي ومع "عواطف "خصوصا في الحالة التي اعيشها في حاضري النفسي وهنا صدقي كله قراته في دموعي التي انهمرت مني وشعرت بحق بكم انا في حاجة لحضنهم لتاخدني اليه وللا تسلمني منه الا لحضن والدتي التي اخدتني اليه وهي تطمئنني  بالنيابة عن خالتي التي اوصلت لها لابلغ حد كم انا  منكسر ذاخليا وفي حاجة لإعادة الترميم  ..

كنت ناضجا لحد مقبول معرفيا لاستوعب بعضا من حالتي واسميها واضعها في قوالبها النسقية الثقافية وفي غيرها كنت اعتمد على حدسي الخاص ..اعي اموري في خطوطها العريضة على الاقل ..اضيق من توهاني واعمق من تفكيري الى أن انتهي لاعي على الاقل ما اريده حتى لا يضللني هوى ما أشبه ما اريده ليس الا...

كنت اريد ان اكون قريبا من موضوعات الحب الاول والاساسية في تكويني النفسي بمثل ما كنت بعد في حاجة وان على نحو مختلف لأكون قريبا من مستشفى الأمراض العقلية والعصبية التي كنت اتابع العلاج بها ..حاجتي الأخيرة كانت بعد تجريبية وان اخدت منحنيات  اخرى لتغدوا اكثر استكشافية للعالم الاخر الذي يقبع في الصمت ويتلون بالوان عجائبية واستفهامية اما في جزئه الاجتماعي فلقد كنت حاسما معه وكان لعبتي الصاحية ما كنت لاهتم البثة باي وصم او نعث وان استغللت تحيز الناس العاطفي بخصوص مرتديه  او الخارجين منه ...

كنت اريد ان انظر في عيونهم مجددا من موقع مختلف ..كنت مستعدا لاغامر بكل شيء لاحضى بفرصة اخرى ليرونني ولاراهم بشكل مختلف ..مع "فاطمة"كنت مستعدا تماما لجولات من النقاشات ولتتعانق اكفنا مرات ومرات ولننتهي في كل جولة بوعد خفي بأنه سيكون لنا كلام اخر في آخر مطاف حديثنا ..مع فاطمة اللغة طوعنها بيننا و "انظر الي مباشرة كما انظر اليك مباشرة "تجاوزنها بمسافات ولا حدودا نقيمها بيننا غير تلك التي نعي جيدا انها مركبة بيننا اكثر مما هي مصطنعة او فقط لانها واقعية لنتقبلها نحن كأنها القدر الذي لا مرد له .."بالعكس  .."كانت تقول لي "شتي انا ..فاطمة لما قراتش ولي من أسرة محافظة ..عندي استعداد ندير شي حاجات لما نعرت كي ديرين خصني فقط نكون مقتنع بها وصادقة فيها مع نفسي ...ولبغى يهدر غير يهدر .." وكنت اقول لها:"وشتي أنا بهذ العقلية لعندك وبالصراحة ديالك بش بغيتك وبغيت خويا سمير ..."

كان اول لقاء لنا ..خالتي "زهرة"جائتني إبانها صحبة ابنها "عبد الحميد"الذي كان يناديني باسمي ومصر على طرق الباب بمثل اصراري على تجاهله وتعمد التظاهر بانني غير موجود ببيت اخي "خالد"لكنني استجبت تبعا لمنادة خالتي لي باسمي :"طارق افتح انا خالتك .."كنت متعبا لا اعرف طعما للنوم الا خفية مني وبعد غير قادر على استعاب كامل وجودي ..بعد لم اهضم الصدمة ..بعد ذاهل من هول ما مر علي ولست متيقنا بالمرة بانني بعد لم امت ..لم انتهي ...

كان اول لقاء لنا في كامل حياتنا ذلك اللقاء الجد كلاسيكي الذي لا يرتب له احد الطرفين ..ولا احد اخر ..لقاء ياتي هكذا..بعيدا عن اي سابق اتفاق او تخطيط ..لقاء نعي في عمقنا النفسي انه لن يمر دون ان يحدث ثورة داخلنا ودون ان يؤسس لجديد انفعالاتنا ولقاءتنا ...

كان اللقاء الذي أردته عن حق لقاءا غير مالوف ولا اعتيادي ..وكان اللقاء الذي اعرف فقط ما ينبغي ان اقول فيه دون ان اعي ولو مجرد عبارة واحدة مما يمكن ان اقوله ولا خمنت في كيف ستسلك هي معي لانني ببساطة لا اخالها ابدا كالاخريين..

كان موعدا مثاليا بكل المقاييس ..كان الوقت يبعد بالقليل ربما بزهاء الساعة الا قليلا عن غروب الشمس وكان  المكان ابعد عن ضجيج المارة ونقط تبضعهم ولقاءتهم ببعضهم اليومية كما هو الحال بجوار بيت خالتي بمجرد عبور الزقاق الى الشارع ..وكانت لوحدها وكان ملمح بعضنا لبعض ما منه شك كما لا محل ليهرب احدنا من الاخر (على الاقل بالنسبة معي...!!؟).وقبل ان ابدا في التفكير وصياغة اولى الارتسمات كانت قد انهت كل داع لاي تفكير قبلي بابتسامتها وبما سمعته من شفتيها على أن المسافة التي كانت بيننا لا تسمح لي بان اسمع منها ما جاء وكأنه مجرد انفلات صوت للداخل للشفتين..كان اسمي يرقص بين شفتيها وفرحة تطل من عينها ..كنت اعرف  انني انا من في حاجة ليتحدث ومن عليه أن يقدم أسبابه حتى غير المقنعة لكنني كنت ادرك انني ازاءها محتاج للاكثر من أدافع عن وجهة نظري ربما علي الاعتذار منها لأنني بالاكثر من شكل خدلتها في ..

قارب الوقت على اذان العشاء وهي تسمع مني وتقول وقلت أشياء كثيرة وتعاطت هي معها بكل حس وذكاء لكن كل منا كان يحس انه بعد لم نقل ما نريده ربما الوضع جديد علينا ..ربما شكل ومكان اللقاء صعب علينا كامل المكاشفة ..ربما لم االفها ولم تالفني بوقفتنا في الشارع ..ربما لأننا لم نمارس البوح الا وراسينا قريبين من بعض وبالهمس اكثر من جرس الكلمات الصاخب ..وربما من جانبي لانني كنت خائفا من ان اندفع في الحديث واقول اكثر مما ينبغي أن يقال او فقط لانني لم اكن استسغ  ان استحضر بيني وبين نفسي انها مجرد ابنة خالتي متزوجة وأم لذلك كنت اداور واسايرها في التحدث وهي صابرة علي متحملة مني نزقي ..كانت متيقظة لحركة الناس وللزمن ونبهتها لذلك لكنها اصرت على الوقوف مواصلة التحدث الي كنت اجيبها بمنتهى الصدق عن كل تساءلاتها  لكنني لم اقل لها الحقيقة الكامنة بذاخلي ..كنت اكابر برسم الابتسامة على وجهي الى أن سالتني وهي تنظر مباشرة إلى عيني :"طارق كتبغني كبنت خالتك ولا كي آسية صحبتك ..نسى انني متزوجة وديك الشي ..وجوابني بصراحة .."واندلعت بالدمع كنت اعرف انني مكشوف أمامها وعبثا احاول كنت اعرف من اول ان وصلت لهاهنا بعد ان  سفرني اخي خالد ومكنني من مفتاح بيته المكترى ب"طنجة"وقدم لي وصفا بعنوان البيت لاخد فرصة لارتاح مع نفسي  واغير الجو وابتعد عن نظرات الاستفهام التي بات الكل يرمقني بها انني لا اريد اكثر من ان اطمئن قليلا في حضن خالتي زهرة وان ارى"آسية "وان ابكي امامها الطفل الذي اردت ان اقتله ..طفلها الذي ربته ورعته بكل حب وتفاني ..مجرد ان ابكي امامها لانني انا نفسي لا اعرف لماذا حاولت فعلا الانتحار او لم اعد ادرك دوافعي لا الأولى ولا التالية التي جعلتني اصمم على ارتكابه ..

جئت مرات بعدها وكنت في كل مرة احن لبيت خالتي "زهرة "ويحلو لي ان اعتصم بغرفتي بالمسكن المخصص لابن خالتي "عبد الحميد"..اغفوا ..انام ..اصحو ..أدخن ..اسمع الموسيقى ..اقرا ..اشرد ..احلق وحدي ..وكانت خالتي تدعوني للبقاء بالمنزل لاتعشى معهم او لالتحق بالغداء صحبة كامل العائلة التي تجتمع ظهيرة يوم الجمعة وكنت دائم التحجج والاعتذار وعندما كان يضيق علي الخناق كنت افقد القدرة على التواصل السليم معهم ربما كنت اعيد ذلك لتعاطي لمادة "الحشيش "لكنني كنت اعي انني فقط اتهرب منهم وفي نفس الوقت انتظر منهم هم ان يقربونني منهم ..كنت متعبا بالأدوية التي اتعاطها وبالجو الاستثنائي الذي وجدتني محشورا فيه بارادتي وبدونها حتى لما يدخلن علي بنات خالتي لخلوتي اتعمد ان اترك كامل المسافة بيني وبينهم وحتى وهن يحاولن العبور الي لا اسايرهن كنت اعرف اكثر من انهن باوضاع اجتماعية ونفسية مركبة كنت اعرف بيني وبين نفسي انني مرهق عاطفيا ومن السهل ان اتعلق في أية قشة..وكنت خائفا مرعوبا اكثر من ان فعلت ان اخسرهن وهو ما لا طاقة لي به أو عليه ..النافدة الوحيدة التي كانت لي ان احلم بهن ان احادثهن بيني وبين نفسي أن ابني معهن عالما وان استعيد اللحضات التي كنا فيها سوية اكثر من عائلة واكثر من احبة ...

كانت جرأة مني يوم ان بدات في التفكير في استعادة نفسي ربما لانني اناها بدات في التكيف مع اثار الأدوية العصبية والنفسية وانزاحت عن عيني تلك الغمامة التي كانت تدبلهما ولانني بت المس الحاجة بضرورة أن استعيد ترتيق ذاكرتي التي بدأت مليئة بالثقوب ولانني كنت في حاجة لابادل شهادات بشهادات اخرى كنت في حاجة لان اتحدث عن نفسي لمن يعرفها لمن عاش بجانبها لمن رباها وعلمها واسس لوجودها الانفعالي والعاطفي والعقلي ..  كان يلزمني ان استعيد لغة الكلام كما تعلمتها من "فاطمة"..اخي خالد وزوجته "فاطمة"حاولا معي بطرقهما الخاصة ربما لو كان اخي "سمير "بالقرب مني لعبر معي بسرعة على الاقل ليضعني في اول السلم ..خالد يعرف انه لم يطور معي هذا الأسلوب في التعاطي الوجداني الخالص لكنه كان يدفعني لاعبر عن نفسي وعن وجودي الاجتماعي ..اختي "بشرى "كانت تعرف انني مدبوح في نفسي وما لم اطلب منها الاقتراب اكثر مني فلا فائدة من أن تمثل او تلعب معي ايا من الادوار .."فاطنة "بنت خالتي الكبرى مستعدة لتعطيني وتهبني  فوق حاجتي لكنها تموقعت مثل موقع اختي "بشرى"وكانت تحس بي وتحتوني بكامل الحب والعطف بين دراعيها لكنها هذه المرة بكل كياسة واعتبار لوضعي النفسي وحدها "آسية "من كانت تفتحصني وتهزني عميقا اكثر مما كانت تفعله معي عيون الطبيب المعالج الذي كان قلما يتحدث هو الي ..وكانت مصرة في كل مرة على أن تفهمني انها بعد تحب طفلها ..خالتي مثل والدتي طلبت منهما فقط ان لا يقلقا من شاني وان يدعاني على سجيتي..وحده "عزيزي "من اكتشفت كم انا في امس الحاجة لحنوه وعطفه وكم استعيد من سلام وامن داخلي لما اخد يانس مني ان اندفع لحضنه ساعة يجمعنا سلام وتقبيل من الوجه ..خالتي مثل والدتي وجدتني اكثر ميلا للابتعاد عنهما حماية لنفسي من الضعف والانهيار .."عبد الحميد "و"محمد"اخدا مني مسافة لكنهما ابديا المزيد من الدعم لي وكانا كريمين ماديا معي ..تحولا لصدقين لي يبادلني ولا يطلبا ان ابادلهما الا بما اقدر حقا عليه ..

كنت قد قطعت بعض الاشواط في استعادة قدرتي على التركيز ومتابعة القراءة لكنني ب"بطنجة"اعوض  عليها بقدرتي على مخاطرة ذاتي والغوص بعيدا في اعماقها و"بطنجة "كنت استعيد حتى شغفي الاول بموضوعات حبي الاول والاساسية كانت صور عمتي "مينة "وعمي "محمد "لا تفارقني أساسا وكنت اعيد اكتشافي واكتشاف كم احبهما اكثر من البقية ..

  لأكثر من ستة أشهر على الحادثة وكل الحنين الذي يتولد في لم يقوى على تدويب الجليد الذي امتد ليصنع مسافات بيني وبين احبتي الذين اتحرق شوقا اليهم وهم قريبون مني لكنني انا بما يعتمل ذاخلي اجدهم ابعد من يمسك بهم حتى خيالي ..كنت خائفا من ان اعيد الكرة  فاعدمني ..مع ساعات الفجر يعسكر علي شبح الموت فاغرق في رؤيات ضبابية يتخللها الدمع الكثيف واجدني مودعا ..مودعا لا محالة كل ناسي واحبتي عما قريب ..ولما اصحو من غفوة النوم تتلبد علي مشاعر الاغتراب وافقد طعم الاشياء ...

لما قدم اخي "سمير "الى المغرب في الصيف استغلت اول خرحة لنا وكانت لشاطى البحر الصخري لاخبره  بما يعتمل بداخلي من مخاوف وبالسرعة المطلوبة احالني على نفسي وقال لي "قل لي انت دبا كيفاش كتشوف المخرج ولو المؤقت لهذا الحالة ديالك ...حيت انت لكتعرف راسك اكثر من اي واحد فينا حنا ولا شي طبيب وخا يكون كيف ما كان مجهد .."وقلت له بحاجتي لان اعود ل"طنجة "لمنزل "خالتي زهرة"وهذه المرة لاستعيد علاقاتي معهم وعلاقتي بنفسي 

.. 

كانت اولى الرؤى المتفحصة لذاتي ولحالي جائتني وانا مع رفاقي المستجدين والذين على تقبلي المبدئي بمصاحبتهم لم اكن بعد قد سمحت لنفسي بان اطور معهم أية علاقة صداقة حميمية ..كنت اسايرهم بدايات تعاطيهم للحشيش لكنني لا اسايرهم تعاطيهم للنقاش ولا مجاسراتهم ..كنت غير مقيد بالحضور للدرس بالاعدادية ..طلب مني اخي خالد الذي قدم لإدارة المؤسسة شهادة طبية مرضية بتقدير ثلاثة شهور ان ارتاح وساعة شئت أن أذهب للاعدادية فلقد سمحت لي الإدارة بذلك دون اي شرط بالالتزام بكامل الدوام او باستمرار القدوم في الايام الموالية لكنه طلب مني بالمقابل ان اذاكر بيني وبين نفسي دروس العام السابق الذي رسبت فيه وانا على ابواب التوجيهية (السنة الرابعة اعدادي ) وان اضع نصب عيني انني ساجتاز الاختبار النهائي وسانجح مثل ما نجحت في الدورة الأولى حتى وانا كنت متعبا ومريضا ولا افصح بذلك ..

كنت قد ضجرت من جو المكوث مع رفاقي بحديقة الثانوية التي كانوا يدرسون بها وبحق ضجرت من نظرات البنات التي كانت ترمقني وتتساءل عن وضعي وبضع ما يكون سري ..خصوصا انني بوضع الدخيل لعالم الثانوية ورفاقيته انا لم اتحصل على بطاقة العبور ..رسبت العام السابق واكرر نفس المستوى بالاعدادي..ولما تعرفت على رفيق جديد لهم يسكن بديور حواتة تعرفنا على جو المقبرة "مقبرة للامنانة "الذي لم يكن غريبا علي بل لعلي كونت معه علاقة حميمية وخاصة جدا منذ ان توفت جدتي "رحمة "واخد يعني لي اكثر من مجرد مكان نصاحب فيه صديقا لنا يهوى صيد الطيور او مكان أقصده لاجمع العقارب والحشرات ولاتظهار بانني طورت هواية وولعا علميا خاصا بينما انا في حقيقة امري اعيد اكتشاف روايتي التي سلبتني لبي وفؤادي وسيطرت  على كامل تفكيري واحاول عيش تجربة الطفل الذي يطور عوالمه الخاصة بعد إصابته بحادث عرضي سقطت فيه على راسه اصاص زهور فادته في  سلامة قواه العقلية والنفسية "رواية رسالة من عالم اخر "...اخر شيء اذكره وتذكرته وتاكدت بأنه لازال بحوزتي بعد ان اوقفوني على قدمي  لاخطو الخطوات خارجا من قسم المستعجلات بالمستشفى يومها ..كانت صورة في ظرف رسائل أصفر اللون لمن قررت بكامل وعي ان اصاحبها وان أحبها ..أن أعيش تجربة الحب مع سابق التخطيط والاصرار معها ..ان اجعلها تقبل عن وعي بان تلعب معي دور الصاحبين والحبيبين وان نتورط في كل الاعيب الحب دون ان نتورط في الحب والتي راقها مني اسلوبي في اقناعها بمجارتي بداية ثم كامل تقبلها لنوع العلاقة بيننا .."سناء "كانت بنت واعية ونوعية كما الرواية التي اول ما عادوا بي للبيت قررت أن اصعد وحدي لغرفة السطح للتأكد من وجودها ولاعيد تفحصها باحثا عن اي علامة قد اكون وضعتها بين دفتيها او بين اوراقها او كتبتها بين سطورها او حتى طبعتها بطريقة الضغط على ورقها ..بيني وبين نفسي كنت متيقنا ان بين هذه الرواية او من خلالها او من كل ما يشكلها يكمن اكثر من سر وحقيقة وسبب يخصني لكنني كمن عدم ان يذكره او ضاع منه ..

بالمقبرة كنا نتحلق حول بعضنا هم كانوا أكثر انسجاما بينهم انا لم يسبق لي ان كنت على معرفة باي واحد منهم قبل شهرين من الان وحتى صديقي المقرب "الشريف"الرابط بينهم وبيني لم يكن ليصاحبنا ولا كان لينسجم مع تمردهم على الدراسة وعلى القواعد الاجتماعية ..وكنت دائم تفحصهم والتدقيق في سلوكهم واسلوبهم والمقارنة بيني وبينهم وبين الشخصيات الروائية التي سبق وان قراتها مرات ومرات حتى حفضتها ..كان مفهوم عندهم انني امر من متاعب صحية نفسية وعصبية وعلى ذلك النحو سلكت معهم وتحفظت عن مسايرتهم والتذاكي مثلهم او التجاسر والتعبير الحر عن رغابتهم الجنسية وعن ما يغدي الكبت فيهم ويمارس الحرمان عليهم ...كنت بيني وبين نفسي احسهم ذوي افواه عريضة يلكون الكلمات الكبيرة وغير صادقين في  ادعاءاتهم ولم يكن من داع لاقول لهم حقيقتي فيهم انا قدرت بداية خطوة صديقي الاقرب "الشريف "الذي حاول صادقا اخراحي من ما رآه في عزوفا وانطواءا غير سليم لواحد مثلي عاش معظم حياته مع الاصحاب والناس وداخل المجتمع فاخد يصمم على أن اصحبه للثانوية حيث يدرس وعرفني بعدد من أصحابه وكانوا هؤلاء منهم ثم عاد ونبهني لمسالة التعاطي للحشيش وطلب مني أن أكون حذرا من الامر ...

جو المقبرة ..رؤيتي لمن حولي من رفاق وإعادة مقاربتها مع رؤيتي لنفسي ولبعض موضوعاتي النفسية اخد يحرك في الرغبة الجادة لاستعيد بعض نشاطتي ورياضاتي الخاصة التاملية خصوصا مع استهوائي التام لعالم الليل والسهر حتى شروق الشمس ..كان السؤال يكبر داخلي ويحمل لي نفس الاتهام :"لماذا اقدمت على الانتحار ..؟!"كنت غير شاك بالمرة انني تعمدت وضع الظرف والصورة في جيب سترتي السوداء قبل أن أقدم على المحاولة الأولى والثانية والثالثة التي نسبة الفشل فيها كانت عمليا وتقنيا اضعف وقد تؤدي الى الموت الحتمي فقط ان لم اسعف في اناها وبالسرعة المطلوبة ..كنت اعرف انني اداري الحقيقة واتعمد مدارتها حتى بعد رحيلي واريد ان اعطي انطباعا زائفا وكلاسيكيا انني مجرد فتى مراهق مصدوم في علاقة عاطفية وانتحر لكنني لم اكن بقادر مرة أخرى على اجلاء الاسباب الحقيقة التي جعلتني ارتب لكل ذلك ...وكان علي ان ابدا البحث وان اطرح جانبا وليس خلفي موضوع الرواية /الشاهد الثاني ان ابدا في التفكير خارجا منها وليس في داخلها ..

كذلك مع رفاقي الجدد اكتشفت ان على أن اعيد ترتيب رؤيتي لهم ولنفسي وعوض ان اقبل بهم عن مضاضة او اضطر لمجرد مسايرتهم لما لا ابني معهم علاقة واعية لاحاول بداية التقرب منهم ..لامثل التقرب منهم وفهمهم كما يحاولون هم التمثيل علي بأنهم يقدرون خصوصيتي ويتالمون لما انعطفت  عليه حالتي النفسية ...وكانت البداية ليست معهم هم بالخصوص ولكنها كانت مع الاثر /الشاهد الثاني ..الرواية التي كانت عبارة عن استرجاعات بعد الفصل الأول الذي جاء كتقرير موجز عن الحادثة وكيف حصلت مع بعض الاستطردات من طفولة البطل المحكي عنه المفترض انه كان بعد مشروع طفل /ابن بعد لم يرى النور ..وبدات بداية بإعادة ترتيبها بطريقة تطورية خطية لاضع المقدمة في زمنها الصحيح ثم في زمن كتابة نص الرواية الذي جاء عبارة عن رسالة من شخص عازم على الانتحار والاعتراف قبله ..وكذلك بدات انتبه لما علي القيام به ..لا بد لي ان اعيد ترتيب ذاكرتي ..لا بد لي من ان اعود الى الماضي البعيد لما اكونه وان اكف عن محاولة معرفة فقط ما كان يعتمل داخلي في الفترة التي تعبت فيها وبدأت في التخطيط للمحاولات  الإنتحارية ...

مجيء سمير وبموسم الصيف كان لا محالة لن يترك مبررا دون مقدم خالتي "زهرة"لعندنا وستصحبها كالعادة "آسية "وعواطف"ومن الممكن ان تاتي معها ابنة خالتي الكبيرة "فاطنة " وبناتها كمامن الممكن ان لا تاتي تبعا لحال  علاقتها الدائمة التشنج ...لكن الاكيد ان "فاطمة "لن تفوت الفرصة لتاتي لزيارتنا والسلام على اخي "سمير "الذي تكن له منزلة تقدير واحترام خاصين جدا وكذلك هو خصوصا بعد ان اصبح مغتربا لوحده بالديار الفرنسية بعد عودة اخي وزوجته "فاطمة "وابنهما الصغير "بهاء الدين" بشكل نهائي للمغرب ..وكما كنت مترقبا عودة اخي "سمير "بالكثير من الصبر ليتحدث الي واتحدث اليه كنت مترقبا مقدم ابنة خالتي "فاطمة"كنت محتاج اليها بشدة اريد منها ان تحاول معي وتخرجني من الصمت لانني عن حق كنت اوشك على الانهيار من وقعه علي وهذه المرة كنت مستعدا في قرارة نفسي أن اسهل عليها المحاولة وان نعيد علاقتنا ببعضنا بل وان اطلب منها هذه المرة بان تساعدني على استعادة لغة الكلام التي هي من غرستها في ..كنت اعرف ان اخي "فؤاد"من كان اول اخوتي وافراد عائلتي الذي علمني اخراج الاصوات والنطق وكل أنواع النزق والطيش والضحك على الدقون لكنه كان مقلا ودائما في التحدث عن نفسه وعن همومه وحتى ان فعل فعلى نحو ساخر وغير مباشر وغامض ..مما كان يدفعني لالتزام الصمت بحضوره اكثر من المحاججة او محاولة التكلم والتحدث واول ما كنت احاوله كان يدفعني ببعض الحدة وبعصبية وهو يزجزني قائلا لي :"انا خوك فؤاد من نهدر سمعني مشي فاطمة بنت خالتك تبقى تتعاطى معيا "....

كنت متمهلا في تمثيل دور التصادق مع رفاقي مستحضرا في كل خطواتي تجاههم صوت اخي "فؤاد"واعيد تقريبا نسج حكاياته مع رفاقه هو مع رفاقي انا ..لم أبالي بتنبيهات صديقي الاقرب "الشريف"كان صوت "فؤاد"عاليا على اي صوت اخر كان يقول لي :"بغين يدخلوك للحشيش سير معهم ..دير راسك حتى انت كانبو ..غذي يبقو يديروا رأسهم مصمكين بش يصمكوك ويتلاهو بك تصمك ليلهم وتبع شنوا غذي يبقو يقلو غير بينتهم ..انت متبين ليهومش انك متنبه ليهم ولا عايق بهم ..متبينش ليهم حتى انت راك قارئ وواعي عليهم خليهم هما ليبانوا قافزين وواعيين انت غير فرزهم واحد واحد ..شتي حتى ديك لعيبات ديال يبقوا يطبلوك في فليستك متديرهاش في بالك غير وكان من يبقو يبنوا ليك على حقيقتهم عطي لكل واحد الصرف ديالو ..."

كنت اقضي النهارات معهم بالغابة غالبا وباحياءهم السكنية لكنني كنت اتجنب انتظارهم او مصاحبتهم للثانوية من حيث انني استحضرت  صوت معلمي الاول اخي "فؤاد""متخليهمش يخسرو ليك نظرة الناس ليليك وهذاك ليحاول يشوهك بك وليبقى يديك حتى لعند البزناس بش تتسوقوا الطريف ديال الحشيش عرفوا هذك هو أول وحد غدي يعاديك وغذي يجبد لك الصداع مع موالين الدار ومع الناس وعاد زيد المخزن ..هذاك ديروا في البال متزهقوش لكن غير بالفن لكي يقول خالد "

في الليل اعود لحضيرتي ..لسهرتي امام المذياع وللقراءة ..حال تدخيني للحشيش كان يجعلني منتشيا وبدات استعيد نشاطي الجنسي الذاتي وموضاعاتي النفسية وشوقي لصاحباتي اللواتي بت احن اكثر ولو لمجرد رؤيتهن بعد ان شبه قاطعتهن بصمتي وانزوائي على نفسي اختي "بشرى"حافظت على نفس زيارتها لي بغرفتي وتقبلي قبل أن تذهب لتنام وسؤالي عن احوالي حتى وهي تعرف انني كففت على التجاوب معها كذلك فعلن بنات جيراننا المقربين منا اصررن على مناداتي باسمي وتحيتي سواء رددت عليهن السلام او اقتضبت فيه او تجاهلته ...كنت ااجل العودة لاقتناء الكتب والمجلات وخوض نقاشاتي مع باعتها الذين اكن لهم الاكثر من الاحترام كما كنت ااجل استعادة علاقاتي باصحابي .. باصدقاء المدرسة كما باستاذتي وباطر دار الشباب لم اكن اعرف تماما لما اعاند رغبتي في استعادة كامل نشاطي الاجتماعي لكنني في جزء مني كنت مسلوبا من صوت معلمي الاول اخي فؤاد"وكنت افتقد لصوت معلمنا الاول لكلينا انا واخي ..لعمي الاصغر "محمد"وكنت اعرف انني متى لم اجلس لبنت خالتي "فاطمة "فمحال ان استعيد جرئتي لاتوجه لمرشدي في الحياة الاجتماعية العامة عمي "محمد "...(يتبع ..)

الأحد، 27 سبتمبر 2020

يوميات: مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (4)..تابع "3-1" سلاما متجددا فاطمة


 

يوميات: مابعد عوالمي السرية.. عالم الصمت (4) ..تابع "3-1" سلاما متجددا فاطمة

 مهما كانت زيارتنا تطول كان لابد ان اصحو يوما على ساعة الافتراق والرجوع الى الارض ،حيث الواقع الذي اصر والدي ان يحشره في رؤسنا بكل الاساليب ..حيث كل شيء بقدر وحساب ..كنا نعرف انه عانى الكثير وبقيت في نفسه ذات الغصة بأنه لم يكن منصوفا في دنياه وانه في مجمل معاناته الأولى كان غير قادر البثة على الاقتناع بأنه يستحق كل حرمان داقه وعاش عليه ..كان فقط غير قادر على الاحتجاج او الرفض لكنه مدرك تماما بأنه لايمت بصلة للفقر الذي يجترعه ضدا على امكانات والده /جدنا ..وكان يحز في قلبه اصرار والدته بالضبط على ان يعيشوا الضنك والحاجة ..الحاجة للطعام الجيد والوفير . الحاجة للباس..الحاجة لبيت يسعهم كلهم وبفرش مناسب ..  الحاجة للاعتبار الاجتماعي الذي يناسب وضع ابيهم المادي ووضعه كملاك للارض والعقارات...  لكنه معنا لم يفعل اكثر من محاولة اقناعنا بأنه لا يملك ذات منطق والديه وانه لا يقيم اي توازي بين التربية التي تلقاها هو وبين تربيتنا نحن وانه ببساطة يحاول ان يقيم التوازن المفروض بين وضعه الاجتماعي الوظيفي وبين متطلباته والتزاماته تجاه اسرته ...وانه يريدنا أن نكون واقعيين لا غير ..

كنت اعي الواقع الذي ينتظرني بعد العودة من جنة "طنجة " هي ايام فقط على عودتنا للمدارس ولدوامها ولطقوس انتظامنا حول مائدة الطعام وامام التلفاز  وكنت اعرف انني لن افارقهم بخيالي وساذاكر كل لحظة عشتها الى جانبهم وحدي ..في خلوتي وتحت غطاء فراش نومي ولن ابخل على بالدموع ..سادعها اخر تطهر لي قبل أن اغفو في نومي ...

كنت الومهن بيني وبين نفسي لا لشيء الا لانهن كن اكثر رهافة في التعامل معي ..في تقبلي ..في الانصات الي ..في الاستجابة لاحتياجاتي النفسية والعاطفية ...كنت اقارن حالي وحال عديدين من من تعرفت عليهم في محيط الحي والمدرسة والمجتمع ..من من طورت حال مشاعري تجاههم من الشفقة الى التعاطف معم كما افهمني اخي الاكبر مني..من يفتقرون الى كل شيء تقريبا والى حضن العائلة أساسا ..كنت اجدهم منسجمين وغير منسجمين في ذات الان  ..طيبون ومبادلون العطاء لكنهم مميزون باصرارهم على أن يبدلوا وينجزوا ويحققوا اشياءا لهم ولذويهم ولربما هذا ما كان يجعلهم مبتعدين عن الاخرين ..يقطعون الطرق لوحدهم ونادرا ما يشاركوننا جوقتنا في مناسبات الافراح والاعياد وحتى النزول للشاطئ البحر لا ياخد منهم في مجمله ساعة زمان ويعودون بحالهم ...كانوا اقوياء وصمتون وحنونون ..ولعلي كنت اريد ان اكون مثلهم..!! كان يتعبني الحنين للجنة اكثر مما تتعبني اللوائح المفروض اتباعها بالبيت ..كان يعدمني اتزاني الشوق لكل احضانهم الدافئة ..كان يرعبني الخوف على افتقاد احد منهم ..كنت مثل خالتي "زهرة " حملت في ابنها الاصغر نسخة أخرى لابنها الاوسط الذي افتقدته والذي ما صدقت شخصيا انه فعلا كان موجودا بينهم ..لا اعرف لكنني تعلمت ان لا اصدق الا فيما أراه والمس وجوده المادي والفعلي الباقي قد يكون وقد يكون مجرد تعبير عن اشياء قد استوعب مضامينها الان او بعد قليل او في يوم من الايام .. خالتي كان خوفها مضاعفا كما محبتها لابنها "عبد الحميد "كانت لابعد حد متطرفة في حبه والاهتمام به وهي مع ذلك تلبس لباس الصرامة في كل تعاملاتها وتحرص على أن لا تدلله او تفسد طباعه ..خالتي كانت لها مواقف بدت فيها غير قادرة على المكابرة والتحمل وتصنع تبلد المشاعر لكن أول حالة اغماء وانهيار في الشارع العام كانت من خشيتها على ابنها "عبد الحميد" الذي توارى عن انظارها وهو يتعقب لص محفظة سرقها من والدتي ...صرخت بلوعة وانهارت وحتى لما فتحت عينها ما انحبست دموعها الممطرة بصمت وذهول حتى عاد اليها لتستعيد انتبهاها ورباطة جئشها بل ولتقود هي عملية الابلاغ وافادة الشرطة بالواقعة وتدفع والدتي لاستخراج شهادة ضياع بطاقتها الوطنية التي كانت بالمحفظة المسروقة ..  وانا كنت خائفا على أن افتقدهم .. افتقدهن .. كما افتقادي المزمن لاختى الكبرى الغير الشقيقة ولربما خوفي من ان افتقد فيهم والدتي التي لولها لما كن لهن مثل وجودهم ..وجودهن في حياتي وفي مشاعري وذاكرتي ... 

من جملة ما لم اقدر على استعابه تماما اصرار اختي الغير الشقيقة على أن تنادي والدتي، والدتها ب"خالتي"..ومن جملة من احببتهن لذواتهن وبالتخصيص عمتي"فطوم"فقط لأن اختي "مليكة "كانت تحبها وكان منزل العمة ملاذ لها لذلك كان لزوما علي ان أحبها.. وان أحبها بالعقل ..ان أحبها حبا مضاعفا يشبه لحد بعيد حبي لعائلة خالتي "زهرة "وحبي الخاص جدا لخالتي "زهرة " ...

التمارين التي ترجيت اخي "سمير  "ان يدخلني فيها كانت تؤتي اكلها معي ..تعلمت ان أهجر العالم للصمت وان اتعبد فيه ..ان اطرح كل مايطفو في سطح ذهني وانا لا امسك الا بافكار وخواطر العمق وان لا انشغل تماما الا بالافكار التي تتوارد على من اخر صور استقر عليها تاملي...كان بادئ ذي بدا يسخر مني ويقول لي:" انك  لا تقوى على مسايرة نشاطتي الرياضية البدنية ..مقتول .. "بشرى "صعيبة عليك ..وخا اسيدي انا غذي نعلمك التامل الذاتي راه هو ل"يوغا "غير مبعد على الفلسفة الدينية .." ..كنت اعرف انني على الاقل مرحليا لن أكون في حاجة لتعلم اية رياضة قتالية مادام اخوتي بجانبي وابناء عماتي اجدهم بجوارنا في البحر ..بالقرب من المدرسة ..بشوارع المدينة هم وعماي وباقي افراد عائلتنا وهم قادرون على أن يدافعوا عني ويحمونني ...كنت على الاصح في حاجة لان اتقوى من الداخل كما لاحظ علي اخي الاكبر مني "فؤاد"..

اخي الكبير "خالد"دفعني بقوة للقراءة  والمناقشة قال لي بأنها خلاصي من الوحدة وكسب للقوة ..اخي "فؤاد"نبهني :"مشي ليقلك عليها "خالد"تتبعوا فيها ..هذاك راه وخا خوك راه فشي شكل راه تاهو كبحال بوا 'والدنا' وعمامي راه مكيعحبوا غير راسو ...قرى الكتب وناقشها مع راسك اما مع لخرين ناقش  غير الافكار ديال الكتاب مشي الافكار لكونتها انت مع الكتاب ..هذك احتفظ بها لنفسك ..طور بها راسك كبحال لكيدير "خالد "مخصوا حتى واحد ميكون كبحالوا .."

كنت اتالم عاطفيا لما ادفع لاتخد بعض المواقف من الاشخاص القرببين مني لكنه ما دمت حريصا على أن اتلقى المعرفة من الذين احبهم فإنني امسك على اعصابي واعقد العزم على أن أكون في مستوى التعلم منهم او لانني كنت اعرف انني لامحالة سأراجع   اخي "سمير "في ذلك ..هو على اكثر من مستوى يشبه ابنة خالتي "فاطمة"يستقبلني بالضحكة ثم الابتسام وثم الترحيب واطيب الملامسات والعناقات والتقريب منه ومستعد بلا حدود ليتعاطى  معي في اي موضوع ولينصت الي والأهم ،ليوجهني بعد ان يقدم لي اكثر من اختيار ..وهو يضج بالحياة والفاعلية والقدرة على العمل والابتكار ويتدبر دائما احوله المادية وموضوعاتها ..قال لي "نحن استفدنا من تجارب عمينا وكل افراد العائلة ومن الذين صاحبنهم ونحن كل واحد منا يحاول ان ينقل لك بعض خبراته الخاصة ويقوي فيك جزءا ..دبا "فؤاد"مشي بغى يخسرك مع "خالد"ولا انا غذي نخسرك معهم بجوج غير بش انت تولي من تتنبه لشي مساءلة تولي تقرها في راسك وتقرنها مع افكار وحدة خرى  وهذيك لغذي تستقر عليها كما بغت تكون هي لتدير بها ...."

عندما كان يستقر تاملي على خالتي "زهرة" لا اذهب بعيدا في تفكيري إذ سرعان ما استشف سر تعلقها بي وتعلقي بها الخاص جدا ..خالتي "زهرة"لم تكن مجرد اخت لوالدتي ومجرد اخت صغرى لها.. ومجرد اختين افتقدا اختيهما الكبرى ووالديهما وهما بعد طفلتين لجوارهما وليس لجانبهما اخ اكبر لكنه غير قادر على معالجة اي امر من الافتقاد الذي لم يصحو منه ..افتقاد تام لاي موضوعات ضمان او امان اجتماعي في زمن متحول انهكته الحرب العالمية الثانية وتابعاتها ..في زمن الجوع الفضيع والعام جدا.."زهرة"خالتي لم تصحوا يوما من مخاوفها الحقيقية رغم كل تبدل احولها المادية والاجتماعية "زهرة"خالتي بقيت في داخلها نفس الطفلة المرعوبة التي فاقت يوما ولم تجد من كل من كان يدللها ويهتم بها غير اختها اما حتى اخوها "محمد"فلقد كان تائها ..مصدوما وهما من تناوبا على رعايته حتى في ابسط متطلباته وشؤونه اليومية "زهرة "لم تعرف يوما ان تنام الا كما ينام الذئب حتى في عز شخيرها أدنيها مفتوحة ..تتحسس اي صوت واي ذبيب ..كانت تحكي وتقول لي "...كان اي صوت كنسمع وخى حتى المغرب ما اذن كنحرك اختي "رحيموا"وكنقولها نوضي هاهما جاو لينا يديونا..."..خالتي "زهرة"رائحتها لا تشبه رائحة والدتي ولا حضنها يشبه حضن والدتي ..حضن والدتي كان اول ما يقابلني يغمرني بالدفئ ..خالتي حضنها يتقلب من مثل اي حضن امرأة عادية تعرفنا الى حضن يشتعل ..الى حضن غير سلبي ..حضن بعد ان تقربني منه تعانقني لتتحسس كامل ظهري ..كامل جسدي وتغمرني بالقبلات قبل أن تجلسني الى حجرها وهي لا تكف عن مناداتي "اجي عنذي اخالتي ديالي ..توحشتك كثر مكتتوحشني ..." ..خالتي "زهرة"لربما في غياب ابنها "عبد الحميد"الوحيد الذي كانت ترمقه طوال الوقت وتتبعه ولا تغفل عن النظر اليه اكون انا ..اختي "بشرى"كانت تلاحظ منها ذلك وتومأ لي بعينها ؛اي تتبع ..وانا افتح عيني جيدا لاخاطب خالتي وهي تفهم مني ولا تتوانى على أن تمسك بأختي الصغرى "بشرى"وتقربها منها ..كنت افهم كل شيء منها وتفهمني من مجرد النظر لعيون بعضنا البعض بل احيانا كانت تجهر بصوتها الداخلي وتقول لي "سمعتك ..بلاتي نكمل هذ شي لي فيدي ونجي لعندك اخالتي ديالي.."تقولها لي على انني لم انبس بآية كلمة من شفتي ....عزيزي "سي محمد"كان لا يكف عن الابتسام ببشاشة في وجهي وعندما كانت تطلب مني والدتي ان اكف قليلا عن خالتي "وباركة راك عيقتي على خالتك راك كبرتي .." كانت خالتي تضحك جهرا وتزيد من احتضاني وتشبعني بالقبلات.. وتنظر لبناتها ولابنها قرة عينها وبتخابث تقول لهم "موتوا المغياريين .."ويضحكوا وكل يحاول ان يساير الجو وحده عزيزي كان يقصر من ضحكته ويطلب مني الاقتراب منه ويومأ لاختي ان تقترب هي كذلك منه ليحنوا علينا ويحتضنا لبرهة ثم يعدل من طريقة جلسته وياخد كفينا لكفه ليسرب الينا احلى شعور بالسلم والأمان والمحبة كانت اختي لا تتمالك نفسها لتهب بتقبليه وهو يتمتم بالرضى عليها اما انا فانغرس به واتمايل عليه بظهري دون ان ازيح نظري عن خالتي التي كانت تسحب نظرتي وتقدف بها بعيدا لعينيي تراقب الوضع بمزيح من الحب والحنان والغبطة التامة ..لعيون "آسية "احلى وارق عيون عرفتهما وساعرفهما في كل ما سيأتي من حياتي وعمري ..  

(يتبع ..)

السبت، 26 سبتمبر 2020


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية..عالم الصمت (3) ..سلاما متجددا فاطمة "2-1".

 ظل السؤال يكبر في راسي ويطاردني لازمنة من عمري .."هل اخطئن في حقي ..؟!!.." 

كنت بداخلي احس برغبات متصارعة واخشى علي من الانقياد وراءها ..وكانت مشاعر الخجل تربكني وتشل امكانات التواصل السلس مع الاخرين..ربما لانني حملتني هم ان ابحث خلف كل احساساتي وتتبع خواطري واحلام يقظتي  .اكثر من ان استمتع باسترجاعاتي وألحق دروب تلك اللذة المحفورة في أعمق ذاكرتي..

اقطع الطريق لمنزل "حنا "'جدتي ' مستسلما للطريق الذي اعتدت سلوكه ..اتمنى فقط ان اجد الباب مواربا لادلفه ولا اضطر لأطرقه ..اتمنى فقط ان تستجيب لحس مقدمي وتناديني باسمي وتدعوني للدخول او الالتحاق بها بكوخ السطح ..اتمنى فقط ان تنتظرني على سلم الدرج الضيق واول ما اصل اليها تحضني وتقبلني ولما لا تسالني "ماذا بك ..؟! " بمثل هذا العمر الحديث وانا يتملكني احساس بانني كبرت وشخت وفقدت القدرة على الاستمتاع  ..بممرات الاعدادية كانت عيوننا تتقابل على نحو ما لم اعد اريده مع الاخرين ..عيني كانت تقدم اعتذارتي ..عيناها ..اعينهن كانت تحمل المزيج من الاستياء والتساءل والكثير من الاهتمام ..اكاد اجزم ان كلهن اتت عليهن اكثر من مرة ليأتوا للوقوف لجواري وليتحادين اكثر بجسدي وليلتقطن كفي ويمسكن بها ..الصغيرات كن اكثر جرأة ليطبعن قبلة على خدي ويتركن المجال لنتحاضن على نحو مواري ..

عمتي لم تكن تثقل علي بالاسئلة ..تتركني اعيد اكتشاف فناء السطح كما لا امل عن فعله في كل مرة وكانني ما اكتفيت من استجلاء كل ركن وكل زاوية فيه وكل ميل أو تشقق في ارضيته ..تدعوني لاجلس في مرمى عيونها لتطالعني بين الفينة والاخرى وهي تحاول معالجة الصمت بيننا باي حديث تعرف جيدا انني لا ألتقطه بتنبه لكنني حريص على تسجيله بذاكرتي ..تنهي عمتى ما بين يدها من شغل وتسكب الماء لتنظف يدها تمسحها على اسفل ثوبها ثم تدنوا مني لتكاتفني وتقربني من حضنها وتطلب مني ان احيطها بذراعي ..تطول البرهة وتمتد للحظات لا اشعر فيها باي شيء سوى بسلام هائل يجتاحني ويكتسحني ..تهزني من غفوتي ..تمسك بوجهي تحضنه بكفيها ثم تترك المجال لتطبع  علي خدي قبلة كبيرة ثم تدعوني وهي تاخدني لنجلس سوية بكنبة الكوخ ..تسالني هذه المرة وهي تنظر مباشرة الي عيني : "- دبا 'الان 'مزيان ..؟!."اومأ براسي كتعبير تاكيدي على الحال الذي وصفته هي بخصوصي ..تلف ذراعها خلفي وتخضني من الوراء بصدرها وتدنوا بوجهها من خدي ..تعبث بشعري تقبله وانا في غاية الاستسلام وغير مترقب لشيء .. مطمئن بجانبها فهي اكبر مني لتعرف كيف تعتني بي ..في ذلك الزمن كنا نتحدث ونتكلم وكانت تحكي لي الحكايات لكننا لم نكن بعد قد طورنا اي لغة نفسية بيننا كانت وستظل  ابلغ لغة عميقة بيننا تلك التي كانت بجسدها تخاطبني وتقول لي انني افهمك ..

الروايات التي كنت التهمها كانت تداعب مخيلتي وتدعوني لاصحابها في استكشاف عوالم الحب والرغبة ..الكتب العلمية التي توفرت لي كانت أكثر حيادية في تناولها لموضوع الحياة الجنسية ولم تكن تجيب على كل اسئلتي واستفهاماتي  فانا قد افهم واستوعب معنى الممارسة الجنسية لكنني لا أعرف حقيقة ما يعتمل داخلي ويكبر بين ضلوعي ويجعلني دائم العطش وممتلئا باحساسات النقص وباستعداد لاهرب من خلاني واقراني لاي فسحة انزوي فيها على نفسي ولما لا ابكي قليلا احساساتي بالاغتراب ..!

احنق عليهن جميعهن واتذمر من ما غيرهن ما كنت لأكون بكل هذه العواصف التي تنهش دواخلي ..من غير ما زرعنه عميقا في ما كنت لابالي ولربما كنت مثل عديدين قلما ينتبهوا وقلما يتساءلوا لكنهم مستعدين دوما لاقتناص أية فرصة ودون ان يستوعبوا حتى حقيقة دوافعهم ..

في لحظات عالية مدها انسى انني كنت بلهفة القطة الصغيرة المبتلة والتي تعلي نظرها بتجاه  اي أحد ليحسن اليها وانني كنت اتعب من عنادي وإبائي الذي بلا سبب يقنعني حتى انا نفسي واعود متسللا ابحث عن اي واحدة منهما او اقف عند الباب على أمل ان تاتي الاخرى او مجرد ان تمر من الزقاق ..كانت تتلقفني الصغرى باوسع حنان وتظل الاكبر على مناوشتها لي :"ألعيل "بارك من ذك تطاور ديالك وش كيصحبلك غير انت (نتينا) لكنتي صغير ..."وتمد ذراعيها ويدها مطالبة اختها ان تمكنها مني وتطلب مني بترجي وبنظرة يملاها العطف والحنان أن أذهب عند اختها الاكبر الاكبر منها  "فاطمة "..

في لحظات من الصمت الذي كان يعلوا بيننا كنت اكاتفها واتدلل عليها طالبا ان اساءلها وان تسمع لي وتجد معي أجوبة..ودون تردد وبسرعة اقدف بالخاطر الذي يثير حيرتي ."علاش انا كنبغيكم بجوج وكل وحدة كنبغيها فشكل وما باغيش نخسرها .."تنظر إلي بجنون وبلهفة ثم تحور نظرتها الى اختها وتقول لها "_وش سمتعي.." وتسرع الصغرى بالرد الذي وكأنها لم تكن مستعدة لوقت لتفكر فيه وتنجزه :"-حتى حنا كنبغيوك بجوج وكل وحدة فشي شكل .." تتدخل "فاطمة "لتسرق فرصة الحديث وتقول لي "_انا غذي نشرحلك انا مشي هي هذي انا مختلف عليها فكل حاجة في جسمي.. في سني ف..تجربتي.. فديك شي لكيعجبني ومكيعجبهاش هي وانا كبيرة عليك. هي وخا كتبان عامرة وكبيرة هي باقة قريبة ليك في السن وانا معاملتي ليك مشي نفس المعاملة لعندكم مع بعضيتكم ..دبا انت كتبغي في حاجات مغير لكتبغيهم فيها هي..."وبسرعة كذلك تتدخل الصغرى وكأنها تستأنف نفس الحديث ولكن بلسانها هي لتقول لي "كبحالنا حتى حنا كل وحدة فينا كتبغي فيك حاجات ...".  .....فهمت لكنني لم اكن اريد غير استرجاع كم مرة رددت كل واحدة منها مفردة "كنبغيك ".."كنبغيوك "لانها وحدها الجواب الذي يكفيني ويقنعني  ..الباقي كله تفاصيل لا تهم ...

لم اعرف كيف تسلل الي الاحساس بالخوف ولا من رعاه في ليكبر ويبدأ في محاصرتي ..خالتي كانت بوعيها الفطري تهز الطفل الحالم في  كانت وهي ضاحكة مجلجلة تحدرني وتقول لي "عندك تتيقهم راه غير كيضحكوا عليك..راه كل واحدة دبا تمشي لدارها وتخليك ..."..خالتي عالم منغلق ومفتوح على كل المفاجات..مرة متربعة في عرش صمتها والتفاتتها وتململها في جلستها..ومرة مقبلة على التحدث وبجد ..ومرة مشدودة الانتباه مستغرقته تماما امام برنامج تلفزيوني لكنها في العادة غير ذلك بالمرة هي على الاغلب  صامتة والحديث عندها مجرد عبارات تنطقها وتصريحات تعطيها لمن لجوارها وكأنه فعليا كان بينها الحديث مسترسل وهو ما لا يكون ..خالتي لم يكن لها نفس طويل في الحديث سرعان ما تبدي ضجرها الصريح ..تحب التفكه بحضورنا ولا ينقصها حس الدعابة لكنها سرعان ما تعود لتنحسر في صمتها وحدها الأوامر التي توجهها وبحدة كانت تذكرنا بالوقت وتذكرنا كذلك بان خالتي بعد مدركة لالتزاماتها ومستوعبة لحضورنا بجوارها ..لما الحق بها للمطبخ تدعوني لها "اجي عنذي اخالتي .." تحضنني في صدرها ..تغرس راسي عميقا في صدرها ثم تقبلني تاركة بعض رطوبة شفتيها على خدي ثم تعاود توجيه الحديث الي "_انا خالتك عندك عزيزة ..منين نهدر معك سمعني ومن نشوف فيك بعيني فهمني ...وسير دبا ونس "آسية "راها كتصبن في السطح " كنت اقدر منها شكل تعاملها معي واعدها بيني وبين نفسي بان اعمل بكل ما تطلبه مني ..بجوارها كنت استرد ثقتي بنفسي ...هل خالتي من زرع في ذلك الاحساس بالخوف ..؟! ربما ب"طنجة "الجنة بالنسبة لي كنت أخشى علي من مصير اخوتي الكبار الذين ما عاد متاح او "مقبول "ان يمكثوا اكثر من بضع ايام بمنزل خالتي كان والذي يقول لهم "دبا نتوما كبرتوا ..درتوا صحابكم وعندكم ما يتدار   خليوا عليكم دار خالتكم في الثقار ..طلوا عليهم وحد اليومين واجي بحالتكم .."...كنت خائفا ان اكبر وان اطرد من الجنة..وبت مرعوبا اكثر مع خطبة بنت خالتي "فاطمة"..وبدات اعيش افتقادها حتى وانا بجوارها ملتصق بها بتودد.. ..

بكيت خوفي ل"آسية "بكل حرقة لتهزا مني وبذات الحنو والعاطفة وتقول لي "_حنا دبا وخى كنكبروا مكننسو لكنبغيوه بالعكس كنزيدوا نبغيوه غير كل مرة فشي شكل اخر عوتني .." 

لما عرفت "فاطمة "بشأن مخاوفي اتتني وجرس ضحكاتها يسبقها لتبدا الحديث "_اجي "ألعيل "ديالي وش كيصحبلك دغيا غدي تكبر ولا فشي نهار غادي تكبر علي ..انتينا معندك فراق معنا باق مشفتي والوا شنوا غذي نديلك في دار راجلي..من غذي تبقى تجيبك خالتي لعندنا ولا ماجبتكش انا غذي نهود عندك لحتى لدارنا ونديك معيا ...".

كنت احدس انها صادقة معي ولا تتحايل علي من اجل ان تطمئنني فقط لم اشأ ان اخبرهم حقيقة من زرع في كل ذلك الخوف لم اجرأ ان اقوله لاول مرة لاي منها وانما اوصيت به عند ابنة خالتي الكبرى "فاطنة " التي خبرتها عن اختي الكبرى التي ما ان تأتي لزيارتنا او نقابلها صدفة بمنزل الخالة  حتى ابدا في العد التنازلي عن متى ستودعنا والى كم من الزمن قبل أن نعاود الالتقاء ولما حقيقة كل ذلك يحصل معها هي بالضبط ومعنا نحن كذلك ...؟!! 

(يتبع...)

الجمعة، 25 سبتمبر 2020


 


 

يوميات : مابعد عوالمي السرية ...عالم الصمت (2) سلاما متجددا لفاطمة..

 لم تفارقني للحظة ولا تحولت تلك المواقف التي ارتسمت عليها كنهاية ختامية لا تدعوا الا للعودة إلى نقطة البداية ..الى علامة الصفر في علاقاتنا ببعضنا ..وللمرة المئة او ما لم احصيه جيدا تتثالب علي وتهزمني وتعلن انتصارها علي ..وتهزء مني بتودد ..بدون ان تثير حفيضتي ..فكلانا يعلم جيدا اننا حريصون على ان يستمر الود بيننا الى مالا نهاية .. 

اقول مع نفسي :" هذه المرة فعلتها عن جد .." تنظر إلي مباشرة في عيني وهي تتشدد لتريني انها تنظر إلي بعمق وصراحة في عيني ودونما تصنع او بمنتهى الاتقان والتفنن تبدا في مخاطبتي مزاوجة الضحك والابتسام بالكلام : "- وماذا تعتقد هل نمزح ؟! قلت لك ساتركها عميقة في ذاكرتك لا تنتسى ..وها انا اترك على انتظاري ..." 

كنت قد قررت ان اغير من سابق برنامج اهتمامي بالبيت من حيث ان عائلة خالي ابتدات موسم الزيارات فلا بد ان يكسروا عائلة خالتي بدورهم حالة الطوارئ الصحية وياتون لزيارتنا وبالتاكيد ستكون هي وزوجها ،رفيق عمرها اول من سيفد الينا منهم ..لذلك لم اتردد لحظة في ان اطرح جانبا برنامجي السابق وابدا في ورش اعداد البيت ونظافته لاقول بطريقة صغيرها التي ربت واعتنت به جيدا "ها انا ذا ..ممتثل لما لم تأمري به مباشرة لكنك اوصيت به من جملة ما توصيني به ..وها انا ذا مثل الصبي المتعلق بك دوما انتظر فقط الرضى من عيونك .."  

حينما توصلت بالرسالة الصوتية وباشرت الاتصال بباقي افراد عائلة خالتي المتاحين لم يكلفني ذلك الكثير من الوقت وبعض جهد البحث لاخلص الى جانب اليقين في انها ستودعنا على الاقل ذلك اليقين العلمي البحث وبيني وبين نفسي لم اكن في حاجة لاصدق في التمني والاماني ..كان اهون علي ان اضرب في تخميني العلمي القوي على أن أطعن في القلب ..ولما أتى الخبر لم أملك الى أن الجأ الى اختى واخي ملتمسا بتحايل على أن يلملموا التبعثر الذي اضحيت عليه ..ليأمنوا لي سفرا امنا في دواخلي ..سفرا استعيد فيه الطفل الذي كنته ومازلته ..سفرا اطمئن فيه على احوالي من كل تعرضات الحاضر وتهديدات الاتي من الزمن ..

احملق فيها غير مباغث لكنني بذات الان كمن لا يريد ان يصدق واقول لها :" ..لن تعاودي زيارتنا اذن .." تضحك مني وبتغزل ترد علي "-..لا ما من زيارات بعض اخر مرة .." وبحنق حاولت جاهدا على أن اسيطر على تفجره عاليا من ذواخلي اقول لها :" ولماذا ادخلتني في زمن انتظارك حين انك لن تعاودي المجيء ؟!" تنظر للاسفل وكأنها تستجمع انفاسها او تكابر رغبات اخرى وتغير من نبرة تعاطينا في الحديث وتنظر الي عيني لبرهة ثم تحولها عني لتتركها تقع على اي شيء غير عيني وغير شخصي وتدخل معي في استرجاع "انسيت عما طالبت انت فيه ان ندفع في تأسيسه بيننا عندما كنا نتحدث عن العمر بيننا الذي على اننا كبرنا ونكبر  لا يتغير ابدا بيننا ..انسيت انك انت من حشر حسابات الموت في علاقتنا ببعضنا وطالبت بان ناخده في تقديرنا وان نعمل عليه كما كنا نعمل على مشاريعنا الحياتية الصغيرة والكبيرة وان نحوله من مأساة الى مستوى مزحة او حدث طبيعي بسيط لا بد لاي واحد منا ان يعشه ...!!؟"

لم يحدث معي ان نكث بعهودي ..لم يحدث معي ان تحايلت لانال شيئا او حبا  دون ان فضحت نية تحايلي قبل الفوز به اردتني دوما صادقا ولو على حساب قانون الخسارة والربح الاجتماعيين .وفي احيان كثيرة كنت لا اتحصل الا على الكثير من المرارة والاحساسات المتضاربة وانا لا اعرف كيف اداور ولا كيف الون مشاعري وانما مع اول ينوع الفكرة بداخل  راسي حتى اتدفق بها واعمل على المكاشفة بها ولما اعود لنفسي اجدني مكتظا بمشاعر وباستفهامات وخائفا من ان اكون قد اسيئت الفهم ..وحدها تلك القناعة التي كونتها كانت تردني الى توازني كنت اعالج الموضوع ببعض اللامبالاة من حتى ان يسأ فهمي "..ماذا يعني ان لا افهم جيدا ما دمت انا كنت مخلصا في كل ما قلته او دعوت اليه بمثل ما انا وفي لنفسي..! "  

اذكر صغيرتي "رحاب "لما وجدتها تبكي وحدها بالغرفة وهي ترفض ان تتحدث عن مابها وانا اقاوم حالة الانحباس التي وضعتني فيها بوعي او بلا وعي ..لا اقدر على أن احتويها بين ذراعي ولا ان اضمها الى صدري  واتركها لمساحة من التطهر او لنزع الوحشة من كوامنها لم يكن امامي سوى المزيد من دفعها لتتحدث الي عبر عدم الكف من جهتي عن التحدث اليها ..من جملة ما قلته لها انني اطلب منها ان تسامحني ان كنت قد ارتكبت اي خطا في حقها دون ان أقصده وان تسامحني على اي زلة لسان اساءت اليها لانني في هذه قد اذنب انا بطبعي لا اقاوم لذة الكلام والمحادثة وقد يدفعني تدفقي الحميمي في الكلام الى ان اتفوه لربما بما لا يصح او يحب او متواضع عليه اجتماعيا وهو ما قد ياول بالإساءة ..وهو ما انا صادق أاكد على انه ليس بنيتي ابدا ..

كنت الجأ الى التبرير لنفسي وكانت "فاطمة "تفهم عني ذلك ولم تكن من طينة من تسايرني من أجل المسايرة ..معي كانت لجوجة تطالب بلا انقطاع بحقها في الكلام وفي ان اسمعها كما تسمع هي لي وكانت بمطالبتها تلك تكبر في عيوني  هي لا تقول الا بالمشاركة في الاخد والعطاء وعندما تتحدث الي لا تأكد الا على حقيقة صدقها ومنتهى صراحتها كانت تحب ان تدللني يقولها "ألعيل 'يايها الولد' "..ألعيل وكيصحبلك انت الاول لجيتي الدنيا ..؟! " ثم تردف :يمكن تكون مدوز ...'اي لك خبرة "لكن راه كل واحد عندو تجربتو ومدوز حتى هو..عندك تكون غالط .."

نحب ان نناوش بعضنا الى أن نمسك بعضنا من الجانب الذي يوجعنا وعندها نهادن ونمد السلام بيننا ونفتح الباب على مصرعه للمكاشفة بيننا..لسنا في حاجة لنشك لحظة في صدق مشاعرنا ولا نوايانا ..كنا نعرف كلنا اننا كبرنا ..كانت قد صارت جدة من زمن اخد يبعد وانا اجتماعيا لا زلت على حالتي وكنت استوعب بعض قلقها بخصوصي لكنها تطمئن على وعلى اختياراتي وتقدف لي نفس الكرة التي مررتها اليها :"عندي هو تكون عايش مزيان ..بخير مع راسك .."  

مع "فاطمة " لم اكن لالعب دورا اتماهي فيه مع والدي المتوفي ربما مع اخوتي ربما مع ابناءهم خصوصا مع تقدم والدتي في السن ومكوثي بجانبها ببيت الأسرة والعائلة حتى انني وجدتني مدعوا لاذكر بعضهم جهرا وعلانية بانني انا صغيرهم من يلعب دور الاب بحضورهم من حيث ان لكل بيت لا بد من تواجد للاب فيه ...ومع "فاطمة " لم اكن بحاجة للكثير من الاسترجاعات كان يكفي  ان انطلق معها من حيث انا كائن نفسيا ونحويا وان لا اخفي عنها ما تنتابني من افكار او هواجس او مما أنا منشغل عليه بالتفكير والتارق ومعها كنت مستوعب تماما للعمر بتقديره الطولي الزمني الحقيقي ..كنا نعرف أن كلينا كبر لنملك اكثر مساحات لنتحدث في كل الموضوعات وعن مختلف الاحساسات و لهذه  مساحة خاصة اوجدنها نحن لأنفسنا منذ ان لمست في صغيرها المفضل من بين كل ابناء خالتها انه بدا يكبر ويتعلق بها عاطفيا ومنذ أن فهمت بان عليها ان ترعاه وتامن له مساحة ومسافة  امان تحميه من مشاعر الافتقاد والتهديد ..

"هل تظنينني اخطات في نبش مثل هذا الموضوع ؟! " 

-"بالتاكيد ..لا ..انت كمن كان يقرا في خاطري ويعرف فيما انا منشغلة به .."

لم اباغثها وان شعرت بانني اوجعتها ..كنت اعرف انني ادعوها مرة أخرى لتحدثني عن عالمها عن صغارها الذين كبروا كانت تعرف انني لست من ذوي ذلك الاهتمام الحسي الاجتماعي لاسالها عن احوالهم وانما لانني ببساطة مؤمن بالعائلة وبالقيم التي تاسس لها والتي استشربتها منذ نشئتي ..وهذه المرة تعمدت ان اوجه علامات استفهاماتي بشكل مباشر اليها بعد ان كسرنا من حدة استحضار الموت في حياة كل واحد منا .."- هل انت راضية على ما قدمته في حياتك لاسرتك ..؟!"واجابت وكأنها تسترسل في احد احاديثها الخاصة جدا مع نفسها والتي لم تخبر بتمام التفصيل عنه حتى شريك عمرها ورفيقه الوفي .. "_ساكذب عليك ان قلت غير راضية عن نفسي ..راضية تمام الرضى عن كل ما قدمته وبذلته من اجلي من اجل كل واحد.. واحد ..لانني ابدا لم انم على هواجس فكرة لانفذها مباشرة في الصباح وانما كنت اقضي اوقاتا واياما وانا منشغلة في التفكير والبحث واسئل بطرق غير مباشرة قبل أن املك القرار واقتنع ومن ثمة ابدا التنفيذ ..انا حتى في آخر قرارتي لاستكمال بناء المسكنين لابني لم اذخر جهدا ولا ركنت الى الاختيارات السهلة بداية من تفضيل حج البيت الحرام او مصلحة بناتي  واولادي كلهم سوية الى من هم احق من غيرهم ولا لماذا افعل ذلك .!!؟..ولما اطمئن قلبي حاول زوجي مراجعتي في الامر بدواعي الاهتمام بصحتي والاعتناء بامري نفسي لان امور البناء صعبة ومتعبة نفسيا وعصبيا ..لكنه لما لمس في الاصرار في الغد الموالي بدأ معالجة الأمور الإدارية ..وانطلقنا ..انا بناتي مطمئنة عليهن لابعد حدود لان تربيتهن على كل ما عانيته معهن كانت سهلة لكنني مع الاولاد لم افارق خوفي الاول بشأنهم الى الان ..الاولاد محتاجون الى كل أنواع الدعم والدعم المادي أساسا انا اعرف انني لم أقصر في تربيتهم كما والدهم علمهم مند صغرهم الاعتماد على الذات وقيمة العمل والانجاز ...ابني الاصغر نسخة مذكرة مني يشبهني حتى في ملامح وجهي وكل ما اعطيه له كمن اعطيه لنفسي لذلك ارتايت ان احتفظ به قريبا من عيني ومن رعايتي وان احرص على أن يستوعب ما عرض زواجه الاول للفشل ..ابني الاكبر اسم على مسمى عالم لوحده وبحكمة خاصة جدا اخد من كلا والديه لكنه استطاع ان ينفرد بشخصيته وبتقديره هو لأموره ومع ذلك لم يكن من مناص لنقربه هو كذلك منا وان لا نخاف عليه ..بناتي كل واحدة مستقرة ببيت زوجها وكل واحدة دعمت فيها الجوانب التي اختارت ان تتعلق بها مني كل واحدة منهن هي في نفسها وذاتها جزء مني ..من  "فاطمة " أخرى لكن بجوانب تركت لها كامل الحرية في ان تصنعها هي بنفسها لنفسها لكن برعاية مني وبتوجيه  مني ..وبناتي انا لم يتمردن علي حتى مع من خالت نفسها أنها ستفعل بي ذلك نسيت بانني انا من قويت فيها نزوعها الكبير للاستقلال باراءها وذاتها وتحملها لمسؤولية نفسها وثمن اخطاءها ..انا اعطيت من القلب ومن العقل لم اكن متساهلة معهن وفي نفس الوقت اكثر من متسامحة معهن بقيت ملتصقة نفسيا بعمر كل واحدة منهن لافهمها ولاستوعب احتياجتها ولارافقها في تمرحلها ومعهن عشت اجمل لحظات عمري خصوصا ان لا واحدة منهن تشبه الاخرى منهن لكل واحدة طباعها الخاصة ومميزاتها الخاصة وطريقة تعبيرها عن نفسها ..الكبيرة متعلقة بابيها مستقلة بنفسها وكانني ما ربيتها وبيني وبينك أحبها أكثر لأنها كذلك والتي تعقبها اكثر وعيا بمصلحتها وبمصلحة إخوتها ومستعدة لتبدل الغالي والنفيس من أجل إخوتها ومن اجل كل العائلة وناجحة في حياتها والثالثة صاحبة القلب الكبير اما الرابعة فهي عنيدة صعبة الانقياد وتبدوا خشنة مع انها اكثر طيبة وان لا تبدي ..انا ربيت بناتي  ..زوجتهن بمحض اختيارهن.. سهرت لجانبهن وهن يضعن بناتهن واولادهن ..بقيت الى جانب اولادي الذكور ..واسكنتهم لجواري حتى لا تخلوا علي حيطان البيت من حس الاولاد والاحفاد واشيخ واتعب.. وفي اقرب الاجال  سأوفي ديني مع ربي بالحج صحبة زوجي ..فكيف لا اكون راضية ..يحدث معي كثيرا عندما امكث لوحدي بالبيت ان ابكي لدرجة أنني اشعر بانني مكتئبة وربما أكون في حاجة لعلاج من نوع تخصصي ثم اعود لنفسي ولصلاتي ولحمدي لله اقول لنفسي وماذا ينقصني بعد ليطمئن قلبي ...امر من وعكات صحية ومع توالي مرورها لا اخفيك انني بدات افكر في حادثة الموت لكنني عندما اتمعن في مختلف فصول حياتي اجدني مطمئنة على نفسي حققت جميع ما تمنيته وحلمت به عندي اجمل الحفدة  والحفيدات وضعنا المادي انتقل من منتهى الكفاف الى مستوى لاباس به اعتمدنا على انفسنا صحيح اننا عشنا مراحل من التقشف الى أن وقفنا على ارجلنا لكننا بمجرد  ما ان  انتهينا من بناء مسكننا الاول والفرن حتى انفتحت علينا ابواب الرزق وتجاوزنا تقشفنا ومخاوفنا والان وبعد ان كبرنا الاولاد بات بالإمكان أن نلتف لأحولنا نحن وبتنا نخرج ونسافر انا وزوجي ...  انا بصراحة وبعد وفاة والدي والدتي بالخصوص راجعت حساباتي مع الموت وكل ما عدت اتمناه هو ان اموت مرضية دون ان يطول معي مرض الموت لا اريد ان اتعدب وان يتعدب اولادي معي اما من حيث انني ان كنت راضية على حياتي نعم راضية وراضية حتى بالموت لقد اديت رسالتي بكل جهد من اراد ان يأديها على احق واتم وجه ..تصور معي حتى في زيارة الغداء يوم الجمعة دائما يوجه لي زوجي اللوم ويطلب مني ان اغير من هذا الطقس ..في آخر صيف نبهت بناتي واولادي بانني تقاعدت نهائيا عن تفصيل وخياطة اي ثوب لاي احد ..ان لي الاوان بان ارتاح انا بدوري....     

الخميس، 24 أكتوبر 2019

عندما كنت اتطلع للواحد منهم كنت اعرف ماذا اريد ان اعقل عنه ..الصورة التي اريد ان احفضها عندي وان لا انسها بخصوصه ..كنت اعرف انني كلما كبرنا حصل تغير علينا لربما في شكلنا ..في حجمنا ..في طريقة لبسنا .،في صوتنا وطريقة تحدثنا ..في سلوكنا مع بعضنا ومع الاخرين ..ونكاد نتحول بشكل لا نشبه فيه ما كنا عليه ..لكنني كنت لا اريد ان انسي..كما انني لا اريد ان اخدع في حقيقة احد .،علي الاقل الحقيقة كما اتصورها وكما خبرتها او وقفت عليها ..كنت امكث لوقت طويل وحدي بالسطح وبكوخي او بغرفة اخويً..واقضي بعض الوقت من،سور سطح بيتنا اراقب بيتوتات الحي وناسه واقراني عندما اتعب قليلا من القراءة واحتاج لبعض التسلية او الاثارة ..كنت المح مدي التغيير الذي يطرا عليهم ..طريقة مشيهم،وتحركهم ..سلوكهم،في اللعب والحديث والصياح ..رفقتهم الجديدة ..ضحكاتهم وابتساماتهم ..المحهم وانظر جيدا لهم متفكرا في كيف كانوا والي ما اصبحو وما يمكن ان يغدوا عليه مستقبلا ..واعود وانظر لنفسي انا في مقابلهم ..كنت ادرك انني بدوري تغيرت وكبرت قليلا وانزويت اكثر عنهم ..لكنني لا يمكنني ان انسي بخصوصي لماذا اكثر انزويت عنهم ..ما الذي حصل لابتعد عنهم او لاتجنب لقاءهم المتتالي..؟! كنت اعرف عنهم انه متي الواحد منهم كثرة خصامته مع الاخرين وتدخل والديه لوضع حد لاشتباكته معهم كان يبعد من الحي لبيته وللخروج لمدرسته فقط ويكف علي ان يظهر بمحيط الحي لفترة ق تطول وحتي عندما يعاود الظهور يكون بشكل مختلف ويتصرف بنحو اخر كأن يبقي لوحده او بالقرب من بيته او مع رفيق جديد من مدرسته او من حي اخر غير حينا ..وكان من حدثت له مشكلة وتناقلت اخبارها بيننا وبين الكل يمنع عن الخروج وترسم له طريق اخري ليمر منها للخارج ..وكان من حصل علي نقط سيئة في مدرسته هو الاخر يفرض عليه المنع وتعديل لسلوكه ..انا كنت دوما بعيدا عنهم،حتي لما كنت اقترب منهم ..كنت دوما بيني وبين نفسي اشعر بانني مختلف عنهم ..ربما خضت معهم عراكات وخصومات ..ربما في وقت حقدت علي بعضهم وتمنيت ان انتقم،منهم،في يوم ..ربما لم،اكن علي وفاق مع بعضهم،من اول ان تعرفنا فيها علي بعضنا ..لكن،ليس ذلك من جعلني اكثر انزوي عنهم فانا اصلا لم،انمي معهم،اية اهتمامات او هوايات مشتركة وما كنت لاترك نفسي لاخوض معهم مغامراتهم الرعناء ..كنت لجماعتي من البنات وبجانب اختي وكنت لاحقا وبشكل محدود مع اصحابي من المدرسة في اغلب الوقت عدت لوحدتي ولما يشغلني من،افكار ومن مشاريع اريد ان انجزها ولامور اخري ارغب في تعلمها ووجدت عالما لوحده يتسعني كان القراءة والاهتمام بكل ماهو مكتوب ومطبوع وورقي ..ولعالم،اخر بجانبه كان ترك نفسي لتاملاتي وافكاري وخواطري واحلام يقضتي .،كنت احصر تفكيري في امر او شخص لاسافر معه للابعد ولاهتم،به جيدا ..
كنت اعرف انتي لن اكون مثلهم فصرت ابحث عن شكل اجدني فيه ويستوعبني لوحدي ولمن ارتاح للوجود بجانبهم ..لم،تاثر في رخواتي ولا محاولة حصاري بانني اميل لجنس الاناث علي الذكور ولمخالطتهن وقد يكون اثر علي انني لم،اكن بقوتهم العضلية وقدرتهم علي العداء والعنف لكنني كنت لاقبل مني انني بذكاء للاخدع او يمكر بي وانني بكامل تنبهي لليكون مصيري المنع من الخروج وفرض رقابة،تامة من الاهل كما كان يحصل مع بعضهم،والذين،كان،يحزنني ان اراهم،اصبحوا كاطفال الخمس سنوات دائما في رفقة امهاتهم او اخوتهم الكبار من البيت للمدرسة وحتي عندما يخرجون للوقوف امام،عتبات بيوتهم هناك من يراقبهم ويوجههم ..وكنت لحد ما الحظ ألمهم هم ومرارة الوصم،الذي كانوا قد تعرضوا له بعد ان تم،ضبطهم او انكشف حال سلوكهم،الجنسي والذي يبدوا وكانه عرض اهلهم،لان يفقدوا اتزانهم،وليجعلهم،مهمومون باصلاح ما افسد من حال ابنائهم ..كنت اشفق عليهم خصوصا ان اقراننا كانوا لا يرحمون ويحولون،حياة الصغير لجحيم ..
ربما كنت شاهدا علي اكثر من حدث كانوا يتعرضون،فيه لاغواء وتلاعب الكبار منا بهم وكنت اعرف من استانس هو بنفسه ان يختار صحبة ورفقة من يخدعه ويختلي به ليمرر عليه ذكره بعد ان يعريه بمدخل عمارة،سكنية صغيرة او بغرفة،درج بيت او بسور مزبلة او خلف صخرة كبيرة بشاطئ البحر الصخري او ببركة ماء ..وكنت اعرف انها ليست بالعاب مقبولة علي كل الاثارة التي كانت تصاحبها والتضاحك والتصايح والمرح الذي كانوا يبدينه ..ربما شيء في انها كان،يستةار ويحب ان،يكتشف اكثر ما يحدث،وكيف يحدث،وما يثيره في النفوس لكنني لم،اعبر تلك العتبة لاختبر واعرف وانما اكتفيت بان،اسجل كل شيء بذاكرتي واعيل عليها لافكر فيها ولا سبح،معها احيانا بخيالاتي..حتي بهذا العمر الذي يقارب البلوغ لم،اكن،لاحاكمهم،او لاقبل ان اوصمهم،بوصم،ما ربما كنت اتعاطف مع من،اجده ضحية،تربية،فاسدة او اغواء مستمر من،فاسد شقي ..ربما كنت لاحقد علي الماكر المخادع ..ربما كنت للاتسامح،تماما مع اصبح ذلك،سلوكه الشبه طبيعي..لكنني بما لا اعرفه مني لم،استطع تماما ان ابعدهم،عن تفكيري وعن ان يظلوا حاضرين بذاكرتي ..هل كانت مثالبة مني ؟! لا اعرف ..كنت اعرف انهم سيكبرون وقد يتخلصون هم انفسهم من سلوكهم،ذلك ويتغيرون وقد ينسون وقد لا ينسون ..المهم،عندي لكي لربما كي لا اخدع في احد ان لا انسي..ان لا انساهم ..لا اتخيلني ساحتاج ان اذكرهم بذلك لكن من يدري ..؟!
الانتقال من طور الابتدائي للمستوي الاعدادي وتغيير المؤسسة التعليمية ونظام الدراسة وعدد المواد المدرسة واساتذتها والاقسام التي ندرس بها كلها شكلت حدث السنة واحتاجت مني جهدا اضافيا لاتكيف معها والكثير من الوقت لاستوعب ما كان يتغير من حولي منها شكل الاساتذة ومزاجهم وسلوكهم نحونا ..نظام الادارة التي تبدي صرامة اكثر تجاهنا خصوصا نحن المستجدين..شكل تلميذات الاعدادية بزيهم الموحد ..استعمال الزمن المتغير يوميا واحيانا استثناءيا كتغيب استاذ مادة او حصوله علي رخصة مرضية لفترة..عدد الكتب الدراسية والدفاتر واوراق الاختبارات المزدوجة ..ساحة العاب وتمارين حصة الرياضة البدنية ..سبورة الاعلانات المدرسية ...خروجنا ساعة انتهاء الفترة الصباحية او المسائية بالنسبة للجميع واغلاق ابواب المؤسسة ..الطريق الي البيت ومن البيت الي الاعدادية ..عدد الذين يجالسوني نفس طاولة الدرس في كل مادة والذين لم،يكن،فيهم،الا واحد من من رافقوني في مرحلة التمدرس الابتدائي ..كما لم،يكن اي رفيق من الحي لجانبي بالاعدادية كان اغلبيتهم،التخقوا باعدادية اخري كان والدي حريصا علي ان لا ارتادها معهم،لانها ابعد مسافة عن المنزل ولانها تقع في حي هامشي وصفيحي لا يبعث علي الاطمئنان حاله ..ربما بقيت علي سابق علاقاتي بمن كنا نلتقي برغبة ان نمثل وان نلعب المسرح المدرسي ونحلم معا بان نمثل مسرحية تلقي كامل الاعجاب لكننا كنا نعرف اننا ابتعدنا علي يجمعنا فضاء مدرسي واحد نتواجد فيه وندرس فيه ونتدرب ونستعد فيه لاعداد عرضنا الذي عادة يقدم في احتفالاتنا بالاعياد الوطنية ..


         

الأحد، 20 أكتوبر 2019

يوميات: الاخر ...(تابع : عوالمي السرية "١٤")


كان انجدابي يكبر للانس بهن ،ولاكون بينهن ..معهن اجد تناغمي مع نفسي وسلامي الداخلي لست في حاجة لان اتقاتل ولا لان اكون علي حذر منهن..ربما كان علي ان اجيد التصرف وان اتظاهر اكثر بانني شخص مأذب وموثوق من حسن سلوكه وتصرفه وان اكسب تقدير الكبار واحترامهم حتي يكون مسموحا لي ان اكون اليهن وان اتصاحب واياهن وارافقهن في خرجاتهن للبحر وربما لوسط شوراع المدينة وبالجوار..كان علي ان اشغل تفكيري جيدا قبل ان افكر في الاقدام،علي اية خطوة وان احسب تابعتها جيدا قبل ان اقع في المحظور ....كنت واحدا منهن وكانت حلقتنا تكبر وينضاف اليها غيرهن بنات جيراني الاقربن لجيران ما كانت تتاح لي الفرصة من قبل لاخالطهن ولاتحدث اليهن بندية ..وكانت هناك صاحباتهن كذلك لاتعرف عليهن وليحصل بعض الود بيننا ..كنت اتحين الوقت لاراهن واقابلهن ونتحدث سوية لبعضنا ..وكنت احزن ويتعكر مزاجي حينما يختفين ويكن في خرجة لجهة ما كالغابة او لجهة مغايرة من شاطئ بحرنا ..الفت منهن ان نجلس او نقف لبعضنا ونتحدث ونتسلي ونتلامس ..لم يعد هناك الكثير من الالعاب لنلعبها كنا نكبر علي العديد منها ونهتم،اكثر بالرفقة والحكي والكلام ومراقبة كل ما يحدث حولنا وبمبادلة افكارنا عن كل ما نتمثله من قيم واحاسيس وبمشاركة بعضنا احلامنا الصغيرة والكبيرة ..كنا متحفظين الي حد ما ويهمنا ان نكون صورة حسنة لنا عند الاخريين ..كان يهمنا ان ينظر الينا بعين تشجع وترحب وتقبلنا ولا ترفضنا وكان يهمنا ان لا نترك للاخرين فرصة ان يرتابوا في اي من سلوكنا وعرفنا جيدا كيف نتحايل علي اوقاتنا وعلي الاخرين لتكون لنا لحظاتنا الخاصة التي بتنا نعبر فيها اكثر عن رغباتنا واحاسيسنا الحميمية دون ان نعبر بخيالاتنا او بممارستنا للابعد من الذي يمكن ان يكون مستساغا ومقبولا بدرجة ما بيننا ..
لم،نكن نكبر علي نفس المستوي لان التفاوت كان اصيلا فينا لكننا كنا اقرانا فينا الكبيرة وفينا الصغيرة التي عبرت طفولتها الاولي واخدت تتمرحل وتكبر وبقيت كما انا بين حلقاتهن التي فيها التي تكبرني بالخمسة والستة اعوام واكثر والتي تقابل نفس عمري والتي تصغرني بالعامين والثلاثة او اكثر ..ولم،اكن تماما قد تحررت من علاقتي باختي التي تصغرني وتكبر لجانبي ..كانت بعد قد تكون هي حلقة الوصل بيني وبينهن وتحولت لتكون حجتي ومبرراتي لاكون لجوارهن واخدت تتحول لتختار لنفسها مدارا اخرا بعيدا عنهن كانت دائرة صاحباتها تتوسع بتعرفها علي رفيقات جديدات بمدرستها ومنهن الساكنات قريبا من محيط حينا السكني ومع هولاء كان يلزم تغير اخر من طرفي لاستطيع ان اطبع معهن العلاقة حتي انا بهن ..وحتي انا بات لي من لاتعرف عنهم واصاحبهم ولو لفترات كان هناك الذي يصبح باشبه الضرورة صديقي وصاحبي لانه يجلس بجواري طوال السنة الدراسية بالمقعد داخل الفصل ..وقد يكون هناك،صاحبه من نفس حيه السكني او من السنة الدراسية السابقة الذي يصبح صاحبنا ونكون مجموعتنا نحن كذلك ويصبح بامكاننا ان نترافق عند الخروج من المدرسة او في المساء الذي لا ندرس فيه او عند العطل ..ويصبح بامكاننا احيانا ان نتزوار وقد يسمح لنا ان نمكث،لبعضنا بسطح منزلنا او منزلهم ..او فقط بمحيط حينا او حيهم .. ومعهم،لم،يكن الحال اشبه بحال رفقتنا نحن ابناء نفس الحي كنا في ما بيننا نعرف ان اهالي كل واحد منا بات يتعرف الي كل واحد منا واي شيء طرأ لاي واحد منا وكنا مع بعضنا البعض سيعرضنا جميعا للمحاسبة والمساءلة ..كما كنا نعرف ان معلم فصلنا الدراسي قد يؤول اليه حق مساءلة ومعاقبة اي واحد منا شكي اي منا به اليه ..وبدورنا كان يهمنا من اجل ان يسمح لنا اكثر بالترافق والتصاحب ان نبدوا بمظهر مقبول وسلوك لا تسجل عليه تحفطات من الكبار ..اي كبار كانوا من عائلتنا او اقاربنا او معارفنا او من رجال حينا ..لم،يكن اي منا يستطيع ان يدخل بيت اخر دون ان يتقبله اولا ذوا البيت وينظروا الي انه ابن حسن التربية ومهذب ..وبيننا كانت فسحة ان لا نكون مهذبين وطيعين كما نتظاهر امامهم فسحة تنفيس لنا نضحك فيها ونتشاغب ونمارس فوضنا وبعض من،عدوانيتنا ..كسب الاصحاب كان يلزمه مما يلزمه كذلك شهادة اعتراف من اهالينا الذين قد يحرص بعضهم،الا ان يتعرف شخصيا علي اهل صاحب ابنهم ليكون لهم بعد ذلك السماح من عدمه لقيام،هذه الصحبة ..لا اعرف ان كنا نحن نصبو بحق لنكون مأذبين وحسني السلوك العام ..لكنني كنت احدني قادرا علي ان الاقي الترحيب والتشجيع والاقبال من البنات لانني ابدوا كذلك ..وكانت كبيرات قسمنا دائمات المناديات علي لمصاحبتي وتعريفي لاهلهن الذين سرعان ما يقبلون بي ..
كنت ابن رجل تعليم ..موظف حكومي يكفل له راتبه بعض الكفاف وشخص موكول له تربية ابناء الاخريين وينظر له الناس باحترام وتقدير ووضع والدي كان يحتم علي ان اتماهي معه وان اسعي لكسب احترام وود الاخرين وعطفهم علي ..لا اعرف كيف كانت ثيابي ولا كيف كان مظهري كل الذي اعرفه انه مقبول شكلا ونظيفا ومرتبا بشكل من الاشكال ..ثياب سراويلها من ثوب مخيط وقمصان خفيفة وصوفية مميزة من اعداد والدتي ..وحذاء يسد الحاجة يصلح لكنه لا يبقي مثقوبا او مفتوحا كشطيرة ..لم اكن لانتبه تماما لكيف كان تشتري وتقتني ثيابي ولا من كان يدفع ثمنها في كل مرة لانه لطالما كان توعدني والدتي ان تقتني لي ثيابا حديدا حين تكمل خياطة قفطان لزبونة او لاسافر معها بهم بالعطلة القادمة وكانت بالفعل تصحبني واختي وتشاورني فيما ان اعجبني ما اقتنته لي .،وكانت في اعياد تقول لي ان اذهب لاقبل والدي واشكره لانه اعطاها مالا لتقتني لنا ثيابا حديدة واحيانا كانت تفاجئني بقطعة جديدة دفعت ثمنها من،مذخراتها هي بالاضافة لما كانت تحيكه لنا بالابر الطويلة،من اثواب صوفية تلقي اعجاب الاخرين لما نرتديها ونتزين بها ..مظهري لعله كان،صورة مصغرة لمظهر والدي وطريقة لبسه وكان يميزني الي حد بعيد بين اقراني ويحيل الي طبيعة عمل ووظيف والدي والي الوسط الذي اتربي فيه..لم تكن،ثيابي خشنة والاهم انها ليست متسخة او متمزقة كما لم،تكن من الثياب الغالية والجديدة في كل ما من مرة ..كانت مقبولة ومختارة بعناية تتناسب مع مقدرة والدي المادية ووضعنا الاجتماعي ..
كثيرا ما كنت احب قطعة علي اخريات واجدني فيها متانقا اكثر وتصبح المفضلة والتي ارغب في ان ارتديها اكثر من غيرها ولربما لانني وانا البسها تقبلت الكثير من نظرات الاعجاب بها والمديح وخصوصا من صاحباتي الاناث ..وهكذا كنا نتبادل حتي الاعجاب ببعضنا والاهتمام والتقدير ..كنت احب ان يحبونني وان يفضلونني عن الاخرين من حولنا ..كنت احب ان يثني علي مظهري وحالي خصوصا عندما تتم المقارنات بين بقية اقراني الذكور ..كنت احب ان لا يلفت انتباهي الي وضع لباسي وان،لا تسجل عليه ملاحضات سلبية ..
شعري كان يحلق بانتظام وكانت والدتي حريصة علي ان امشطه وارتبه ..اصاحب والدي بانتظام الي الحمام الشعبي ونستحم،هنالك ويهتم بي وبتنظيفي ..بالمدرسة كنت شخصا معروفا لان والدي معلم،بها لكنني لم اكن متميزا فانا لست من الاوائل ولا من كبار المشاغبين المعروفين كذلك ..بالقسم قد لا يكون مظهري احسن من غيري كان هناك من يلبسون الافضل والاجمل والجديد دائما وكنت لاشعر بالفرق لكن مع الرضي علي نفسي وحال مظهري ..لم،اكن،فقيرا لكنني لم،اكن من اسرة ميسورة الحال كذلك ..
مظهري كان يعني لي مجموعة قواعد سلوك تنضاف كان ينبغي ان احرص علي ان لا تتسخ ملابسي بالجلوس في اي مكان ..وان اتحوط من اللعب والتشابك بالايدي حتي لا تتمزق ثيابي وان تكون ملابسي مرتبة وحزامي يجمعها ويضمها ..وحذائي غير مغبر ولا ينبغي لي ان العب به كرة القدم او اقدف به الحجارة ..
مظهري كان يعكس لحد ما من اكون ومن لعلها تكون اسرتي ووضعنا الاجتماعي وهذا يفرض علي تصرفا مواتيا ومناسبا تبعا لذلك ..
مظهري كان يقيدني علمت ذلك او لم اعلمه تماما ومظهري ان شابته شائبة فهو من سيفضحني وسيعلنهم اين كنت وكيف كنت اتصرف واسلك ..
كنت احب ان البس السروال والحذاء الرياضي واخرج للعب كرة القدم وارتمي علي الارض وان اثير الغبار..وان لا اهتم بان اتسخ ...كنت احب ان البس كيفما اتفق مثلهم،وان لا ابالي كأن اعقد عقدة بقميصي ذي الياقة علي بطني وان اكمم،قليلا سروالي وان اتمثل كسائح اجنبي بمثل ما نعقل نحن صورته ..كنت احب ان اقص سرولا والبسه دون ان يكمم والدي ثنياته بالخيط..كنت اريده بهدول خيوطه الاصلية ..كنت اريد مظهرا لا يميزني عن باقي ابناء الحي وبجعلني اضيع بينهم،..اكون مثلهم ..لكن لم،اكن انا من يختاره وان اخترت فليس بوسعي ان لا اختاره هو كما هو لانه لم يكن ليجعلني خاسرا باية حال ..
مظهري يجعلني مقبولا من جماعتي ..قد يسخر منه اولئك الخاسرون واولئك الذين يحاولون النيل مني باية طريقة ..لكن،اصحابي وصاحباتي ألفوني كذلك والفنا كلنا ان نتظاهر بالكياسة و نخفض من اصواتنا ونضبط حركاتنا حتي تمر جماعة من الكبار وان نبدي لهم،اننا بدورنا نكبر ونتغير ونحترم الناس..اصبحنا نهتم بان يرنا الناس علي افضل صورة ممكنة واصبحت عبارة :"الناس يروننا .."كافية لتجعلنا نكف عن سلوك ونصحح من وضع ونعدل من شكلنا .."الناس يروننا .." كانت ضمنيا تدعونا اكثر للتظاهر وتجعل لنا صورة اخري نحتفظ بها لانفسنا ..لحين ان لايكون هناك "ناس يروننا .."ومتي كان الحال كذلك،بتنا نكتشف الحاجة اكثر لنكون بعيدا عن،عيونهم،.ان نكون في مامن من ان يرونا ..لم،يعد مستساغ كما كان ان نستغفل الاخرين وان نتظاهر بان ما بيننا عادي ولا يتعدي لعب صغار لاننا لم نعد كذلك صغارا ..كنا نحتاج الي امكنة تجمعنا لوحدنا ..لفرص كأن يكون بيتنا خال من كباره ..او لسطح منزل يعطينا مساحة لنتحرك فيه بكامل حريتنا ..او لمذخل منزل نعرف ان اصحابه بالخارج او قلما ينتبهون ..واحيانا لازقة خالية من المارة ومظلمة تحجبنا عن عيون اي مار ولو للقليل من الوقت ..اصبح وجود مكان ممكن ومتاح هو ما يحدد انطلاقنا ويولد الرغبة في ان نلتقي للغة اخري نعبر فيها ومن خلالها علي ما اخد يكبر فينا كحاجتنا لنضم،بعضنا بقوة ونتعانق بحرارة ونتيح لشفتي كل واحد منا ان تبحت عن شفتي الاخر لتطبع عليها قبلة عميقة ..لم،نعد نلعب كما كنا ولا عدنا نصمت كما كنا ولا عدنا لندوار كما كنا ..ما دمنا قد تعلمنا ان نستغفل الاخرين وندوارهم فلم يعد ممكن،ان نستمر قي مداورة بعضنا ..لقد بتنا اكثر مكاشفة لبعضنا لما نحس به ونجد باننا نحتاجه ..كان الجسد الذي يكون وجودنا يطلب حقه في ان يعبر عن نفسه وان يتحقق من وجوده بين جسد الاخر ..لقد علمنا اننا كبرنا علي كل العاب طفولتنا منذ ان اخدنا الحكي والكلام والاحلام بعيدا في لقاءتنا ووحشتنا اليها ..وان تكبر في لحظة ممكنة رغبة ان نتدبر هروبا صغيرا عن كل رقاباتهم لنكون معا كان يلزمها ان نتصارح قليلا وكنا نتحرج من ان نفعلها لاننا لعلنا بكل ما كبر بيننا من عواطف كنا ابعد علي ان نشعر باي ذنب او شعور بالوخز من ما كنا نمارسه من العابنا السرية وابعد من ان نتصور وجوب ضرورات لان نخطط بشكل واع لنمارسها الان وهي ايست العابا وانما احساسات ورغبات واحتياجات ..كانت وحدها لغة الجسد ممكنة لنتواصل من خلالها كانت مقارباتنا لبعضينا ..دنو جسدينا لبعضيهما يبلغا ما يتحرك فينا ونستلذه بنحو خفي وشيق ..وفي لحظة يكون كل واحد منا منتبها ومستمعا جيدا لكل ما كان يدور بيننا ونوده ان يقال بلغة اكثر فصاحة يحصل الاتفاق لنذهب لهناك او لنتحرك فقط عن مكاننا ..لنقطع بعض الطريق مع بعض ..ليكون،بالامكان ان نتواري عن اية عيون ..لكننا كنا نجد انه بعد ينقصنا ان نتكاشف ..ليس كاف ان نمسك فقط بايدي بعضنا او نتحادي اكثر من جسدي بعضنا وان نستبيح بعض الملامسات ..لكنها كانت مهمة لتكشف لنا هي الطريق الذي يمكن ان ناخده ويسلك،بنا ..كانت تلك العادات الجديدة طريقنا لنفهم،لحد ما معني ان تجمعنا علاقة خاصة..علاقة من نوع مختلف ببعضنا ..علاقة اضحي للكلام فيها طقس وللصمت طقس اخر ..عندما يكبر الصمت بيننا نمسك باكف بعضنا ..ويبدا كلام،اخر دافى وحلو وممتع ..لا نفترق قبل ان نترك لبعضينا مساحة لنتماسك ..لنتلامس ..لنتحادي..وعندما نتقابل نشعر بشوقنا لبعضنا وان،نكتشف اننا موجودان حقيقة ..وفي شكلنا وحجمنا المادي الصرف ..لم،يكن ممكنا ان نرتب اوراق اللعب من جديد بيننا وانما ان ننمي اشكالا جديدة لنتواجد عليها حتي ولو كنا اكثر من واحد من حلقتنا موجودين معا كان كل يعرف ان يفسح المجال للاخر ان يعبر عن نفسه وعن رغبته ..متي اختار الواحد منا لحظته فنحن نتركه لها ..نضع حجابا بيننا وبينه لنتركه للحظته ليستمتع بها ونحن يهمنا ان يكون كل واحد منا قادر علي ان يحقق نفسه ورغبته الخاصة ..وعندما نعود لواقعنا الذي علينا ان نتظاهر فيه نكف عن التطلع لبعضنا كاننا ارتكبنا جريمة او ذنبا ..ننسي الذيً كان واردناه واوجدنا له لحظته هناك ونلتف من حديد لطقس الحكي والكلام الذي لا يقل امتاعا بدوره عن كل ما نوجده بيننا
في مجموعتي مع بنات جيراني   كل الكلام،الذي كان ممكنا ان يقال بين ما يكتشفوا انفسهم انهم،يحبون ويرغبون في بعضهم،لم يكن ممكننا ان يقال بيننا وكان علينا ان نمضي بدونه في علاقاتنا الجديدة وان نعبر عن كل ذلك،بلغات جديدة ومختلفة نتواصل من خلالها ونمرر عبرها رسائلنا ..واهم،رسالة كان لربما علينا ان نستوعبها هو انه لسنا محتاجين لشكل لنستمر مع بعضنا وان المهم،ان نظل مع بعضنا كما كنا واقرب لبعضنا مما كنا ودون ان نترك لاي اخر ان يضيق علينا حريتنا واختياراتنا نحن ..كنا نعرف الان ان هناك اخر يمنع ويحضر ويزجر ويعاقب ويتظاهر وان علينا ان نغلب خوفنا منه ..

السبت، 19 أكتوبر 2019

يوميات : العابنا الخطرة ..(تابع : عوالمي السرية "١٣")

كان الليل يغطي بوحشته علي انفسنا لكنه لا يجعلنا خائفين ..نحب ان نبقي مع بعض اطول وقت ممكن ..ان نعيش خفوت الحركة وقلة الناس الماريين والعابرين لزقاقنا ..نتحلق في مجموعتنا متسامرين ومستانسين بوجود بعضنا ..لليل احاديثه ونغمته الخاصة التي لا تشبه النهارات ..ولليل ضوءه الخاص الذي يضفي علي ملامح الوجوه سحرا وشهوة ..نبقي جالسين لبعضنا متدبرين اي شيء نجلس فوقه علي طوار منزلنا او منزلهم ..قربين جدا من بعضنا لا شيء ينفرنا من ان نكون مستمتعين بتقاربنا وملامستنا العفوية ..كنت الذكر بينهن وكنت من من لا يحب ان يكون معهن دونهم هم ..لم اكن اعجب او اروق الكثيرين فقط لانهن اختاروني لاكون بينهن عن اخريين ..حتي علي شاطئ البحر كانوا يحاولون بشتي الطرق استفزازي واثارة غيضي لعلهم،ينالون مني وربما كان سيرهم اكثر لو حاولت الرد عليهم ليجدوها فرصة لينتقموا مني ويشبعونني ضربا ..كنت استجيب لتوجيههن لي كي اكف عن الاهتمام بهم وان اتصرف بلامبالات تجاههم ..كانوا يقولون لي :"دعك منهم انهم "براهش ..".."كنت لعلي اعرف ما يدور برؤسهم فان تكون مدلل ومفضل فتيات شيء يثير الغيرة بنفوسهم ..يجعلهم مغتاضين مني وناقمين علي وانا لا ذنب لي في كل ذلك ..انا هكذا شاءت ما لا اعرف ان اكون بينهن وان نكون قريبين من بعضنا نهتم ببعضنا ونعرف كيف نعتني ببعضنا ونعرف ان نفرح وان نحتفل وان نلعب سوية لبعضنا البعض ..لم اكن اتساءل حقيقة عن،ما يشكله وجودي بين مجموعة،بنات ..اناث ..كنت اعيشه باختلافي عنهن واحبه وارغب فيه ..كنت استمتع لجوارهن واحس بانني ذكر بينهن لم يكن ابدا ليستنقصن من حقيقة هويتي الجنسية بينهن فقط كنا نتعامل بندية ورفاقية ..كل واحد منا كان يعرف من يكون ويكون من وجود خاص ومختلف لكن هذا لم يجعلنا نحتفل مطولا لما قد يتهامس به بعض الصبية وهم يستهدفون ان ينالوا من الذكر في..لعبت اكثر من مرة ونحن نمثل فيما بيننا دور الانثي والبوسني ثوب واحدة منهن وحاولوا وضع بعض المكياج مما توفر لهن علي وجهي ..وضحكنا مطولا علي ذلك ..واذكر جيدا انني كنت اندمج اكثر في الدور واقلد حركات الاناث وطريقة تكلمهن وضحكهن ..لكن هذا لم يشعرني في اي لحظة بانني املك شيئا خاصا او مختلفا يجعلني احس بانني انثي ..كنت علي ما انا عليه اشعر بذاخلي بانني ذكر ..وافكر كذكر ..واتصرف كذكر ..لم اكن لاشارك ايا من لباس اختي ولا احببت ان البس في يوم ثياب انثي ولا ان اتصرف كما هن كنت لاشاركهن العابهن متي هن يشاركنني العابنا نحن كذلك ..كنت لاستاء من بعض مضايقات اقراني الذكور وكنت لاشعر بالاجحاف في حق نفسي لانني لم اكن من هؤلاء الذين كنا نعرفهم بيننا ونعرف ان كل ما فيهم يمت بصلة لسلوك الاناث..مشيتهن ..حركاتهن ..طريقة ثحدتهن ..حتي اسلوبهن في اللباس ..وكنا نعرف عنهم ان غالبا ما يحبون ان يلعبوا مع الذكور مثلما تلعب معنا نحن الاناث في خلواتنا ..كان بيننا الكثير من ما يمكن ان يعرف علي انه تحرش ولم نكن لنفهمه نحن علي تلك الصفة ولا بطريقة ممارسته ..كنا لربما فقط نختبره ونرصده ونعرفه كجزء كبير من العابنا نحن الذكور ..العاب قد لا تكون بريئة وقد يحضر فيها الكثير من المكر والخداع والتحايل والتوهيم ....العاب قد يقصد من ورائها اكثر من هدف بداية من بسط قوة الاكبر علي الاصغر .الي محاولات الاخضاع جنسيا لفرز توزيع جديد للهويات بيننا ..( من منا ينجر ويخدع ويتحول من صغير ذكر الي صغير الكل يلاعبه ويضاجعه كالبنات ..) كنا نعرف في ما بيننا ان حياتنا في الزقاق وبشاطئ البحر وبالمدرسة وبالطرقات ليست بعيدة عن ان تكون غابتنا التي نتقاتل فيها ونبني فيها السطوات والبطولات ..كنا نتمادي في تكنية،بعضنا بكل تحقير لاسمه وشخصه ووضعيته ونتمادي في كل العابنا علي اعادة تشكيل اوضاع كل واحد منا في المجموعة بمثل ما قد يمارس الاقصاء والمقاطعة علي البعض منا وحتي عندما نكون فقط واحدا مع واحد ..اثنان ..كل واحد منا يحاول ان يسجل اهدافا علي الاخر ويجره ليكون الغبي والاضحوكة والغير تام الذكورة ..لم،اتعلم ان اضع لنفسي مسافة بينهم من فراغ او من مجرد مراقبتهم كنت متفاعلا معهم وكثيرا ما كنت اقع ضحية سخريتهم واحتيالهم..كما كنت من جانب اخر اعرف انهم،يضعون اعتبارا لاخوتي الكبار لذلك لا يحاولون اكثر النيل مني خشية ان يتدخل اخوتي..لم تكن بيننا ندية ..كان بيننا عداء خفي ورغبات متعددة لتنزيل قدر بعضنا فيما بيننا وتحقير اوضاعنا كان هناك حتي في الشجارات والمعارك من لا يستهدف فقط ضربك وانما ضربك علي وجهك ليدميك ليسبب لك جرحا واثرا وانتفاخا ..وكان هناك من لا يسعي فقط الا لتمزيق ثيابك او علي الاقل ان يجعلك تسقط وتتسخ ثيابك ..تكون معركته مع ما تلبسه اساسا وليست معك ..كان سبابنا لا يستهدف سوي عورات امهاتنا واخواتنا البنات وذكوريتنا ..لم تكن هناك من تحالفات الا ظرفية وغدا تصبح انت المتحالف عليه ..كلنا مع بعضنا وبعضنا يتحايل علي بعضنا وبعضنا يدبر المقالب وينصب الفخاخ لبعضنا ..نجلس عتبة واحدة ثلاتنا واثنين منا دائما يخططا للايقاع بالثالث فيهم .. لم،تكن من ثقة بيننا نكونها وانما من سيمكر بمن ..كان يسود الاعتقاد بين من يكبرونا من اقراننا اننا نحن انما في سباق دائم،بيننا ونزال لا ينتهي الا ليبدا وعلي كل واحد منا ان يثبت انه ممنع من ان يخدع او يمكر به وخصوصا ان يستعصي علي ان يفعل به ..ان يضرب في هويته الجنسية ..في ذكوريته ..كان اخيب واحد بيننا سيحاول ان يمكر بك اذا ابديت له تراخيا وكنتما معا ..كانت مباريات الكرة وفرحة تسجيل اهداف تستغل لمحاولات النيل من بعضنا كمحاولة تلمس خلفيته او مد الاصبع اليها او للامساك به من الخلف ورفعه لمحادته بذكره ..وسباحتنا جماعة لمحاولات تعريت الضعيف منا من ثبانه والسخرية منه وسبه في ذكوريته ..وكان اجتماعنا لبعضنا فرصة لاعادة اكتشاف حجم ما نخباه تحت سراويلنا القصيرة وللسخرية من من يملك شيئا صغيرا ..كانت العابنا معاركا ينتصر فيها الخداع والمكر والقوة العضلية وكبار اقراننا لم،يكون ابدا علي حياد مما يقع بيننا كانوا ،يحرضون ويحامون علي البعض ويحتاون البعض في المواقف كما يتبنون بعضنا ليعلموهم اساليب الاخضاع والاحتيال والافلات من العقاب او التابعات ..واحيانا كانو هم من يقفون مترقبين ومتصيدين ان يحصل التراخي وتشوه سمعة صغير بيننا ليغنموا به ويحتالوا عليه من اجل اشباع نزواتهم،الشاذة ..لم،نكن،ابدا علي وئام كنا فقط نهادن بعضنا البعض وفي اول فرصة ينقض الاقوي منا علي الاضعف منا ..الكبار جدا قد لا يتدخلون ..قد يفضون بعض الشجارات قد يشتكون لبعضهم البعض وقد يهددون بالذهاب للمحاكم لكنهم،حقيقة لا يفعلون شيئا للحد من التطاحن الذي بيننا ..واحيانا قد يتورطون هم،كذلك في صراعتنا حينما يابون ان يتدخلوا لوضع بعض الحد لتطاول ابنهم،ولجسارته الزائدة عن الحد ول"قلة تربيته " ..عمليا كانت التربية والتاديب من اختصاصات الاخوة الكبار الذين هم،انفسهم،مروا من ما نمر نحن منه ..وهولاء لهم حسبتهم الخاصة كما نصيبهم هم،انفسهم من تاريخيهم الطفولي ووضعياتهم الحالية التي اضحوا عليها في حاضرهم ..وبينهم،هم،كذلك لهم حساباتهم،الشخصية مع بعضهم ..كان منهم،من يبدي بعض الاهتمام ويتحمل بعض مسؤلياته تجاه اخوته فينظم الي حد ما وقت خروجهم،للزقاق وامده وقد يتدخل ببعض الزجر حين وقوع تعديات وينصت للمشتكين ويحاول الاصلاح بينهم ..ومنهم من كان شكليا يبدي انه يهتم بينما هو يترك حبل الشارق علي الغارب وغالبا ما يكتفي برفع جهيرته بالتهديد دون ان ينفده بل لعله بذلك يشجع اكثر اخوته علي ان يتمادوا في تصرفاتهم الطائشة ..ومنهم من لم يكونو موجودون فعليا لانهم،نأو عن اتفسهم ،تنانا ان يتدخلوا ..وتبقي الامهات الحريصات شكلا علي ان يدوم،الوفاق بينهن وان يطول الود والتوادد بينهن بينما ما نعقله حيدا ان صراعات الغيرة والحسد بينعت لا تنتهي وان كل واحدة منهن بظنها في نفسها ان ابناءها احسن من ابناء غيرها وان لا واحدة تملك الحق في ان تحدث غيرها باي كيفية ستربي ابناءها ..كانت ان تحدث،الشجارات بينهن فرصتهن ليقلن امورا تخصهن وحدهن وليس ابناء كل منهما الذين تخاصموا او تعاركوا ..الاباء ..نبيهون كفوا علي ان يتدخلوا فالصغار غدا ستصبح كبيرة وصداعهم،سينتهي فلا موجب اذن ليكبروا الاشياء الصغيرة التي تحدث مع الصغار وان لا باس احيانا من يبدوا بعض نخوة،الكبار والرجال ويتصرفوا ببعض الحزم،تجاه افعال ابناءهم،المشتكون بهم خصوصا ان كان الامر بين والد والد ..بين رحل ورجل ..
في الخارج ..لم،يكن مسموحا ان تكون خارج نزالاتهم ..لا احدا سيتركك بحالك فقط لانك في حالك كان اي واحد منهم سيهز نفسيتك وسيدفعك،للاختبار : ان تكون في مستوي اي ذكر او لا تكون .،كنت اعرف انه لا اختيار املكه للاكون في الخارج وليكون علي ان اكون بشكل من الاشكال معهم ..ان اكون داخل الصراع معهم ..وكنت اعرف قدري ،كنت اعرف انني غير قادر علي ان اتحداهم جسديا وغير مسموح لي بانني اتظاهر علي من يصغرني وعلي الاضعف مني بالقوة ..وانه يلزمني ان اقف منهم علي حذر وان اكون متنبها ..كنت اعرف انني من أوليه وارافقه غدا سيحاول الغدر بي او علي الاقل الهزء مني..كنت اعرف انه علي ان اعرف كيف اغادرهم،قبل ان ينالوا مني وقبل حتي ان ينظر الي انسحابي علي انه ضعف مني وجبن من المواجهة المحتملة ..كان علي ان اكون ذكيا لاعرف كيف انسل من،الاشتباك معهم ومن التراخي امامهم ..كان اكثر من واحد مستعد ليصبر علي حتي امكنه من فرصة ان ينقض علي ..كنت اعرف ان لا اسرار بيننا تحفظ واعرف ان اي واحد سيحاول استغلال ما تقوله وتحكيه له وما تتداولون في امره او شانه عن احد اخر غدا سيكشفه له ليوقع بينكما ويتفرج هو علي الصراع بينكما ..فضلت ان لا اقترب كثيرا وان لا ابتعد تماما ..لم،اقم،باي مجهود خاص لاجاريهم في سباقتهم،او لاكون قويا مثل بعضهم،او ماكرا ..كان،لا بد من اشاركهم،احيانا ما هي العاب ظاهريا وحرب مستعرة عمقا ..ومن داخلها لا اوالي ولا اتحالف واختار ما امكن ان اكون علي حياد ..وحياد تام حتي في حال استدعي ان اشهد لصالح احد علي احد اخر ..حتي للطريق الي المدرسة لم اختر ان يكون لي صديق من يمر علي ويترافق معي الطريق..حتي للبحر لم اكن لاذهب في مجموعة منهم وان ذهبيت مع واحد فانا اعرف ان اكون ذئبا من جنسه كي لا ينهشني هو ..
في طفولتي الاولي لم،يكن مسموح لي ان اتواجد كلية دون مراقبة ووصاية من احد وكان هناك اخي الاكبر مني دائما بجانبي حتي مع اقراني من صغار عائلتنا ..وكنت لابقي باقي الوقت بالمنزل وللعب المنزل وحدي ولاحقا صحبة اختي الصغيرة ولاحقا صحبتها وصاحباتها ..ربما كنت محظوظا في تلك،السن لانني اعرف حيدا الان كيف كان الصغار يغررون بهم،..
في طفولتي اللاحقة وجدت للبنات الصغيرات اقراني وللكبيرات منهن اخواتهن وغيرهن نظرتهن،الاخري للاشياء والاخرين من الناس ..وبينهم كنت لاميز لعلي ما لم،اكن لاميزه مع غيرهم،من اقراني الذكور ..هن كن للايكن حذرات تماما مع من هن في مثل سنهم او من اقرانهن لكنهن كن حذرات من من يكبرنهن وكان محرم عليهن ان يتلاعبوا مع معهم او يقتربوا منهم ويتمادوا في اقترابهن منهم ..علمت من حذرهم ومن ما يداخلهن عن هؤلاء ان اكون انا نفسي حذرا وان لا اطمئن لتوددهم المتحايل به لم،اكن لاقترب من كبير واتركه ليداعبني لفضيا او يتلمس شعري او يحاول ان يخلق بيننا عادة ان نسلم بتقبيل بعضينا من الوجه ..كما كان ممنوع علي ان اصاحبهم او اقطع معهم الطريق او اجلس اليهم،كان اي واحد منهم،يحاول التودد الي اعرف مباشرة انه يحاول استغفالي وسينتهي بمحاولة استغلالي جنسيا ..كنت مثل الاخريات القويات الملاحظة والمتابعة واعرف كيف اتصنع سهوهن وعدم حقيقة انتباههن وانا اتظر كيف يحاول ذاك ان يعلم صغيرا السباحة وكيف يركبه الدراجة امامه وكيف يقترب منه هذا امام الجميع فكيف اذا كان بمفردهما وفي غفلة عن الاخرين ..لم،اكن،مرعوبا كنت حذرا اشد الحذر فقط..لا يهمني ان اكسب ودهم،كما لا ابالي بان اناديهم،باسماءهم وينادون علي باسمي كما لو ان صحبة بيننا مثل ما كان يفعل البعض منا ..لم،اكن،في حاجة لان اتعلم،منهم،شيئا لاخلاطهم واجلس معهم واطلبه منهم ..كان لي اخوتي مرجعا لي في كل شيء ومنهم،تعلمت كامل خبراتي الصغيرة ..وكان يمكن ان ارجع لابناء عماتي ولابن عمي في بعض الامور واحيانا كنت لما اخبر اخوتي بذلك كانوا قد يطلبون مني ان اتوخي الحذر حتي معهم في بعض الامور والاحوال ولكن لسيت كافتها ..كنت اجد البنات لعلهن لطبيعة جنسهن وخصوصيتهن متزودات بخبرات اكثر منا نحن الذكور وملتزمات اكثر منا من الوقوع في فخاخ الخارج...حتي في حياتنا الخاصة والسرية كنا اميل لان نمارسها وليس لنتحدث عنها ..مع الذكور وجماعاتهم،نتحدث اكثر عنها من ان نمارسها ..نتحدث اكثر في شانها لان هناك من يستمتع اكثر بالحديث في موضوعاتها وهناك من اضحت تلك طريقته في ان يفتح بها عينك علي واقع قد تكون تجهله وبالتالي يستغفلك ويستغلك لتكتشف معه بعضه وحتي ان لم،يتمكن من النيل منك فهو يكون،قد هيأك لاحد اخر سيجرب معك ولربما في ظروف اخري اكثر مواتية ليجعل منك،بنوتته المفضلة ..في المدرسة ..بجوار المدرسة كان كبار الفتيان يذخنون ومنهم من كان يدخن حتي المخدرات وكان بعض صغار حيهم،يميلون ليصاحبوهم،وهؤلاء قد تجد نفسك معهم،وقد اصبحت بجانب اصحابهم،الكبار اولئك ..في الحي كان الكبار مهتمون بلعب كرة القدم وبانديتها وفرقها وكانوا احيانا يخرجون علي طقوس وقفاتهم للحديث والجدال عن الكرة والرياضة ليلعبوا العابهم في اختبارات القوة والتحمل واحيانا لينسو انهم،كبروا وليلعبوا بدورهم العاب استغامية والتنس وكرة اليد بالحي والتجاري بينهم ..كان الصغار جدا يبعدون عن الطريق كي لا يدهسوا منهم وكنا نحن نصطف جالسين او واقفين نتفرج عليهم ونتابعهم،باستحلاء خاص..احيانا كانت الامور بينهم،تخرج،عن السيطرة وكانت قفاشات بعضهم وهزلهم،مع بعضهم يتحول الي خناقات ومشادات كلامية والي عركات تستدعي اكثر من طرف لفضها ..وفي الايام العادية كان عادي جدا ان يخرج احدهم ليجلس طوار بيتهم،ليراقب الصغار او اخوته او الناس ..وكان عادي منظر احدهم،واقف بناصية الشارع الذي يطل عليه زقاقنا ..او بسطح منزلهم يطل علي الجوار..غير انه كذلك لم يكن عادي وقد ياخد واحد منهم صغيرا ليتمادي في ملاعبته علي حجره ولا عادي ان يخنق صغيرا علي سلم الدرج ويحتك به من خلف ولا عادي ان يدني صبي منه وياخد وجهه لشيئه الذي لم يعد صغيرا ..كنا نلعب حيا ضد حي في كرة القدم ومساهمة كل واحد منا قطعة نقدية نحاسية اللون الرابح ياخد ضعفها .،وكنا لما نسال نقول اننا ابناء هذا الحي اوذاك .،لكن فيما بيننا نحن ابناء الحي الواحد لم،نكن ابدا علي وفاق ..كانت البنت عندما تتخطي عتبة المنزل وجوار طوار بيتهم،لتذهب لجماعة تقفن بجوار بيت لا يبعد اكثر من مربعين او ثلاثة مربعات سكنية تتعرض للمنادات عليها ويلحق بها اخواتها ذكورا كانوا او بنات مثلها ..كان بالبحر غير مسموح،للواحدة منهن ان تسبح الا متي اختلي الشط من الذكور الكبار .،كن يتلاقونبهم لكن سلام من بعيد ما من اقتراب ..كانت الخطوط الحمراء بالنسبة لهن مرسومة بدقة وعادة لا يتم تجاوزها ..كان الكبار يحاولون كما نراهم،جميعا كسر الحواجز لكنهم،لم،يكونوا ليفلحون هي بعض الانفلاتات وفيمنسبات وتحت رقابة الكبار وتابعيهم ..ربما قد يحدث ان يشاء الطرفين الخروج عليها ويتدبرا بمجهود اضافي فرصا لكنه عموما كانت في حدود المسموح به او المسيطر جدا عليه ..انا لم،اكن افهم،تماما ما يحدث،في عالم الكبيرات منهن وهل كانت لهم،غابتهن مثلما كانت لنا غابتنا التي اذا غفلت فيها اكلت ونهشت جنسيا وتم،التلاعب بنفسيتك وميولك..لكنني اعرف جيدا كيف كان الحال في عالمنا انا في هذه المرحلة لن افهم شيئا عن الكبت والحرمان ولا عن ثورة الرغبة وجحيمها عند المراهقين والمراهقات ولا اي شيء عن الامراض والميولات الجنسية الشاذة ربما كنت قد بدات اكتشفني بنحو جديد واداعب نفسي وشيئي الصغير في خلوتي لكنني لم اكن لاتعرف علي اي لذة عميقة وحقيقة لانني بعد لم،ابلغ سن الاحتلام وبعد طفل صغير علي ان اقيم حتي علاقة جنسية كاملة بكل ديناميتها وميكانيكيتها ..كما لم تكن عندي اية ميولات لمداعبة الصغار الذكور او حتي مخادعة الصغيرات لملاعبتهن وان قد اكون استمتعت بان نلعب سوية مع بعضنا انا والصعيرات مني ..
كنت احزن واصاب بالاسي ويتعرض اكثر من شيء في للاهتزاز ولما اشبه بالانكسار لانني لم،اسلم،في مواقف من محاولات اذيتي وجري لالعابهم،الخطرة وانزوي علي نفسي واحاول تدبر كيفيات اطيب بها جروحي النفسية واخفض فيها من القلق الذي كان يسيطر علي واستعيد معها توازني وهدوئي وسلامي الداخلي كنت ابدل اكثر من مجهود بداية لا تخلص من الموقف الذي وضعت فيه وثانيا لارمم ما شرخ في وثالثا لاتبني السلوك الذي ادافع به عن نفسي ولا يتعرض معه اي جزء مني للاذية ..كنا نلعب وفي لحظة قد يتحول اللعب لذهاء ومكر ومخادعة ..كنا نتدافع ونتماسك ونتجادب بايدنا واجسامنا لكن ان يمسك بي وببعض العنف قد لا يشكل اية،مشكلة وقد لا يدعوا لاية ريبة لكن انيستقصد الامساك بي من خلف واخضاعي بل وان احس بشيء الذي يمسكني منتصبا خلفي حتي وان ما كان بيننا لعبا وضحكا فهو امر لا يدعوا لان اتقبله واستمر في الضحك ..ان تستغفلني وانا مستلقي علي ظهري لاجدك فوقي مسيطرا علي وان ،تبدي ان لا نية،لك،في اي العاب خطرة فهو كذلك ليس لاتقبله ..ان تستغل وجودك خلفي في الصف المدرسي في تحية العلم لتحاول الاحتكاك،بي كذلك انه الامر غير الذي استسغه او اقبله ..وكنت انفلت من الوضع واصبر علي الموقف الذي لا تعرف فيه من،ادني منك،اصبعه لاستك ..لكن ما كان يبقي من اثر تلك اللحظة ومن شعور مصاحب ومن،اسئلة،حولها كان يصعب علي تجاوزها لاستعيد نفسي..بعض المواقف كانت محرجة جدا لشخصي لانني اصلا كنت فيها مغلوبا ومحاصرا ولا يمكنني ان،ادافع فيها عن نفسي ..كنت ابتلع ريقي واحاول المكابرة والصبر ..فما عساني افعل امام،جماعة اعترضت سبيلي واحتقرتني واهانتني جنسيا ..؟!
مع البنات كنا نلعب لعبة قراءة الطالع نصنعها نحن بانفسنا نخط ورقة كقائمة مئوية للمهن والوظائف وعلي الواحد منا ان يحزر عدادا يطابق مهنة مستقبله المسطرة بالقائمة ..مع الذكور كان الجميع يلعب لعبة خطرة يتشبه بها بحيوان غابة فكان الذئب والثعلب والقرد والنمس والاسد والقطة والنعجة والحمار وغيرهم منا وكل حيوان منا يحاول ان يثبت تفسه علي حساب غيره ويخضعه لمنطق الغابة التي كان الخارج يشكلها بالنسبة،لنا حيث،ياكل او يوكل ..حيث يخدع او يخدع ..حيث،عليه ان يهرب ويتحوط او يفترس ..وكان عرضنا الصغير مستباح وسمعتنا الصغيرة تدنس وكرامتنا الصغيرة يحط بها ..         

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...