بكل هذا التجريد وجدتني نبت داخل هذه الاسرة وعائلتها الكبيرة... وجدت جدة لي اسمها رحمة السلطاني وعمين وخمسة عمات وسادستهن ماتت قبل ولادتي وبالمقابل هاهناك لم اجد لي بعد لا جد ولا جدة من جهة امي وجدت خالة اسمها زهرة وخال اسمه محمد واسرتيهما وبعدها بامتداد الايام باتوا يقدمون لي افرادا اخرين من العائلة هولاء بنة خالة الوالدة وهولاء ابناء عمومة الوالد وهذا خال الوالد وهذا عم اختي الغير شقيقة المتوفي والدها... وهذه الزوجة الثانية لخالي المتوفاة زوجته وام عياله محمد ويامنة والزهرة... عائلة الوالدة من جهة طنحة وعائلة الوالد من جهة العرائش وجماعة الساحل وقريمدة ورقادة..
نبت بعد خروجي من مستشفى الغابة بالقنيطرة داخل منزل مكترى بحي افكا الخبازات وقيل ان الوالد في انتظار خروجي للوجود كان يتابع برنامح تلفزيونيا عن القائد البربري طارق بن زياد فاستلهم اسمه واطلقه علي...فاصبحت ادعى طارق ولما كنت صعب التربية ودائم الصراخ والبكاء اضحت والدتي تناديني "هذا الطارق ديال الراس...."وعما يحكونه عني ان اخوتي كانوا يتناوبون على من يحملني بواسطة حمال على ظهره وانهم كانوا فرحين بمقدمي الا ان شيئآ من حتى بقيت في صدر الوالد الذي كان يتمني ان يكون المولود انثى...
كنت صغيرا يصحبني الوالد لمدرسة اطلس الابتدائية وفي عمر قارب الخمس سنوات وضعني في قسم اخر يديره معلم اخر اعقل ان اسمه كان سي مهدي..وطوال الايام والاوقات التي قضيتها بذلك الفصل لا تخلصت لحظة من توثري وقلقي ولا اعقل اي شيء تعلمته هاهناك ولا ذاكريات لي الا عن مساء احسست بانني في حاجة للانصراف لدخول الحمام وكلما رفعت يدي مناديا المعلم ينصرف عني كمن لا يراني ولما بقيت واقفا رافضا ان اعاود الحلوس جاء لعندي ونهرني على انني قلت له بحاجتي الشديدة للدخول الحمام والزمني ان اجلس لان وقت الانصراف قد حان وبمجرد ما جلست كنت قد قضيت حاجتي تحتي بسروالي الذي اتسخ وتبلل...وبدات في البكاء والنحيب لم اجرا على طلب حضور والدي لكنني كذلك كنت في نفسي انتظره وبكل شعور بالاهانة والخجل يستعر داخلي....
لا اذكر انني تعلمت حرفا واحدا ولا درسا واحدا بفصل سي المهدي لانني كنت سبق وتعلمت كل ذلك من والدي الذي كنت ارافقه لفصله ويهتم بتدريسي شخصيا ويعتز بمرافقتي له والمشي الى جانبه كرجل صغير وليس كطفل يستدعي والده في كل لحظة ليحمله او يطلب منه فسحة ليتبول وكان والدي يحرص على ان يقتني لنا تفاحة او اصبع موز يقشرها بموس صغير محمول في سلسلة مفاتيحه ويطعمني قطعا منها.. كانت احلى طعام اذكر انني تناولته في كل حياتي الى جانب قطع الشكلاطة الثخينة التي كانت تاتي بها اختي مليكة من مدينة سبتة وتطعمها لي بيدها وراسي موضوعة على حجرها... والى جانب حبات الفرولة الحمراء النظيفة والحلوة التي كانت تهبني اياها جارتنا ام كريم وسمير ابناء ساعي البريد الذين يقطنون بيتا بابه مقابلة لباب بيتنا. والى جانب خبز ابيض مذهون بقطع الجبن جيأ لي لتناوله مع علبة نصف لتر حليب بارد وانا مقيم بمستشفى بيني مكدة للامراض العقلية والعصبية بطنحة... واي شيء اخر تناولته في كل حياتي لا تتعدى قيمته عندي بانه مجرد طعام.. طعام وحسب على انه قد تكون لبعض منه قيم حسية استطاعت ان تجد لها مكانا اثيريا في ذاكرتي لكنها ابدا لن ترقى لما ذكرته من اطعمة طفولتي وطعام مراهقتي "العنيفة"..
نبت بين اخوة اشقاء ثلاثة ذكور واخت كبيرة غير شقيقة وبعد عامين ستحل الصغيرة"بشرى"...
يحكى عني انني كنت ما ان اجد فرصة لاحبوا واخرج للزقاق حتى ابدا في التهام التراب..احفنه بكفي الصغيرتين وادفعه لفمي وابلعه...وتنسب صلابة راسي لما اكلته من تراب في صغري حسب نفس الراوين من اخوتي ووالدي...
نبت في اسرة لم تكن عادية وقد لا تعتبر كذلك تقليدية وحظوظ نجاحها ليست عالية بحسابات البيئة الاجتماعية والثقافية السائدة...
لا اعرف كيف انتكس الوالد ولا كيف تصيد في زواجه بوالدتي فهو لم يحرص على الزواج ببنت بكر وانما بتيب وام طفلتين فقدت واحدة كما زوجها العسكري...ولا اعرف حقيقة نواياه ولا دوافعه كل ما اتساءل حوله هو عقلية الذكر الذي قد يضحي بطقس الافتضاض وبطقس انه يكون هو الاول في حياة امراته....(اختي غير الشقيقة للان وبعد رحيل والدتنا لااخال قد قدرت على ان تسامح والدتها التي تحسبها تخلت عنها لتتزوج رجلا اخر غير ابيها المتوفي..)..
والدتي كانت تشتغل ببيع الدقيق وبعض السلع التمويلية التي كانت تهربها من منطقة طنجة الى مدينة العرائش وبهنالك تم التعرف واللقاء وقيد الاتفاق على الزواج...
والدي كان شاب وسيما ويهتم بشكله وهندامه وقد حصل على شهادة الاعدادية من تطوان التي لجا اليها صحبة اخيه الاصغر محمد بغية اتمام دراستهما...والدي كان كبير اخوته الذكور ووالده كان وجها معروفا وذا مكانة بمدينته على ان حرفته الاساسية كانت بيع السمك لكنه كان يحوز على املاك واخوه كان من قياد المخزن وعائلته من اعوانها وشيوخها ومقدميها...والدي لا نسي ان يذكرنا مرات ومرات برحلته لتطوان وبايواءهم من طرف يهودية صاحبة نزل صغير وعن رحلتهما مع الجوع وعن سندويشات الفلفل المشوي والتي كانت صعبة حتى هي الاخرى في النوال....ووالدنا لا يفتا عن عرض ذكرياته في سوق السمك ببلاصة المدينة والتي كان يشتغل ويعاون فيها السيد والده.. جدنا كان وجها معروفا بالسوق وكان من عادته ان ينادي على سلعته من الاسماك وباللغة الاسبانية لغة حاضر الحال حتى بعد انتهاء الاستعمار رسميا...
بترتيب الاحداث التي لم اعشها بطبيعة الحال فوالدتنا لم تمكث الا اياما او بضع اسابيع من عقدها القران بوالدي ورحلت معه لمدينة تعينه الاول مدينة القنيطرة والحاصل ان والدي ابانها كان قد انهى تكوينه بمدرسة تكوين المعلمين وانهما في سنتهما الاولى رزقا باخونا الاكبر "خالد"...
والدتنا بلا والدين حيين وحتى التعويض الذي كانت تقبضه من الحكومة الاسبانية التي كان والدها جنديا في صفوفها قطع عنها ولما ذهبت لمقر القيادة الجهوية بتطوان لتسال عنه قيل لها انها ماعادت تستحقه وقد بلغت الثامنة عشرة ربيعا...
والدتنا لم يكتب لها ان دخلت كتابا او مدرسة..امية تماما...ووالدنا معلم اللغة العربية درس لجانب الفرنسية اللغة الاسبانية..
والدتنا لم تكن تحوز املاكا او اراضي ولا تحث يدها مال وفير اللهم ما كانت تتاجر به لتعيل نفسها وابنتها التي تركتها عند اختها..خالة البنت..
عقدا قرانهما بلا حفل ولا زغاريد وجاءت اختها وزوحها من طنجة ليتم التعارف بين العائلتين ثم عادت الوالدة لطنجة حتى مقرب الذهاب مع زوجها للالتحاق بمكان تعينه القنيطرة..لم تعش الوالدة بمنزل حماتها وما كان لها من مكان به فهو في مجمله غرفتين غرفة للذكور وللرجال وغرفة للاناث وللنسوة وغرفة صغيرة بها خزانة مرة تستعمل كبيت للخزين ومرة يتناوب عليها اما فرد من الرجال او من النسوة وحسب الاوضاع... اما المطبخ فهو كوخ قزديري بسطح المنزل به كانون حطب وبجابنه مخزن للحطب وعليه فلقد كانت كل الاواني والقدور مكفسة مفحمة وسوداء من وضعها على نار موقد الحطب... بالبيت حنفية واحدة بمدخل باب البيت وللاستعمالات المتعددة يحمل الماء في انيات وبراميل وقدور للسطح.. اما الحمام فهو مجرد حفرة مظلمة تقع تحث سقيفة الدروج المودية للسطح....
منزل الجدة للدخول اليه يجب مرور مدخل طويل بعرض المتر والربع الى المتر والنصف ولمسافة اثني عسرة مثر او اكثر وتجد الباب التي عليك ان تنزلها لبهو صغير توحد به الحنفية الوحيدة بالبيت ويبقى امامك درجين لتنزل للبهو المنزل ودرج للنزول والدخول الى كل غرغة..غرفة...كان المنول غارقا ومحاصرا وسط منازل ولعل بابه الاصلية كانت من جهة زقاق عمودي حيث يوجد الفرن التقليدي الذي كان مقتطعا من البيت في زمن اخر... هي حلقة مربعة في حدود الاربعة امتار مربعة ما يدخل الضوء ويهوي البيت الغارق بين المنازل والذي بلا اية نافدة للخارج...
والدي كان شابا للتو اكمل تعليمه وتكوينه في مدرسة المعلمين ولا اعرف بالضبط لماذا استعجل الزواح وهو بعد لم يقبض راتبه الاول من وظيفه ولا حصل حتى على شهادة الكفاءة والترسيم...
انا لا اعرف اشياءا كثيرة عن ماضي العائلة وكل ما اعرفه محصل حكايات ورويات متفرقة ونتف من هنا وهنالك ومما لا يمكن جمعها كلها في سياق واحد وتقديمها على انها تاريخ للعائلة...
ما همني من هذا التقديم هو محاولة معرفة خلفية زواح والدنا بوالدتنا وتقديم بعض الصور التي اعقلها انا بالضبط عن وضع بيت جدتنا وحالة معيشتهم بعدما نبت بينهم
لا اعرف كذلك على وجه اليقين ما موقف الصبي الذي يخبر ان مجيأه كان مخيبا للامال وانه جاء عكس ما كان متوقعا ومتمنيا ان ياتي في اسرة كانت في حاجة للتنويع الجنسي في افرادها وكان لها اصلا ثلاثة ذكور وما كانت في حاجة لصبي ذكر رابع... نبت بين ثلاثة ذكور لربما كان علي منذ البداية ان اقدم لهم اسفي لانني خيبت ظنهم في ولم اكن البنت التي ينتظرونها بحرقة شوق.. نعم نبت فقط كواحد زائد غير محتاجين له.. واحد اضافي قدم كطفيلي يشاركهم قوتهم وفراشهم ويضجرهم بصراخه ومتطلباته.. ولم ياتي باية قيمة مضافة....
والدي ضحكت له ايامه انهى دراسته الاعدادية بنجاح وكذلك تكوينه بمدرسة المعلمين وسيلتحق بوظيفه وليس لوحده بل برفقة زوجة تسهر على خدمته وراحته ولعل المهم في المسالة انها زوجة لم تكلفه الكثير ولن تكلفه الكثير ...
لا اظنني في حاجة لاي استهلال او توضيح يبرا ذمتي من اية محاولة تشهير بالعائلة الكريمة وبنفسي بالقدر الذي يهمني ان اقف على الاشياء بالكثير من التمعن والتدقيق.. ان اضع وجودي وحياتي في سياقها الاجتماعي والثقافي الواقعي وليس المضي في تزيف الوقائع والضحك على الدقون تحث اي مسمى او اعتبارات.... انا لا اعقل الكثير من حكايات العائلة لسبب وحيد ووجيه هو كثرة تداخلها وتناقضاتها وشكل روايتها في كل ما من مرة مع انها رويت بحضوري او لي عشرات وعشرات المرات ودائما كنت اكتشف انها تحتوي اشياء يصعب فهمها واشياء ناقصة واشياء غامضة....
لم يكن مقدرا لي ان اتولى مهمة التاريخ لعائلتنا او لاسرتنا لانها اسندت باشكال عدة لاخي الاكبر الذي تولى عمادة كل العائلة والذي حاز على كل ما يوثق لتاريخها والذي بقي على اوثق الصلات بكل افرادها.. اما انا فلقد كنت ولطيلة حياتي احمق العائلة او دعني اجمل الحقيقة قليلا فانا كنت بوضع استثنائي ولم يسبق لاحد قبلي في كل العائلة ان كان نزيل مستشفى الامراض العقلية والعصبية وبكل ذلك التاريخ المرضي والوضع اللامستقر الا انا....
لا يمكن لاحد ان يخبرني كيف اعقل الحقائق ولا كيف تسمى الاشياء على الاقل الحقائق والاشياء خاصتي....ولا لي ان افهم الامور خارج سياقاتها الحقيقية والتي كنت اعشها واستوعبها انا الذي بقي بالبيت الا ان رحل كل ساكنته اما للمقابر او لبيوتاتهم واعشاشهم التي بنوها لانهم ملكوا ان يطيروا وتعلموا ان يحلقوا الا اياي....
السيد الوالد تخير عروسا تناسب مبتغياته وفي كل محطات الخلاف بينهما كانت والدتي مستوعبة لوضعها ولما يجعلها مرغمة على الصبر واجتراع مره..كانت تعي انها مقهورة بلا سند او ظهر يحميها من كامل استبداد وطغيان السيد الوالد..كانت تعرف انه اخدها وبما يفيد تزوجها وهي يتيمة الوالدين...وكانت تعي بانها بلا عز ولا املاك تضمن لها استقلاليتها وتتقوى بها في وجه الزمن الغادر...ولا اختها التي على ذمة رجل وابن ناس تملك لها الكثير لتحتمي في ظلها ولا اخ قادر على تمام اعالة نفسه ليعولها ان اضحت في مقام يستوجب ذلك....
السيد الوالد كان يضحك حد القهقهة عندما كانت تحاججه الوالدة بانها تملك نصف البيت الذي نسكنه وانها بتعبها وبما كانت تتدبره من خياطتها لملابس الناس ومعارفها دفعت كامل مستحقاته ولا احد من اخوتي كان يجرا على ان يقول عكس ما كانت تقول به الوالدة وحتى هي لعلها في قرارة نفسها كانت تعرف ان ذلك ليس صحيحا تماما او على الاقل لا تحوز على ما يثبت حقها فيما تدعيه..وانا الى جانب كل اخوتي ودونما ان نجمع ونصرح بذلك جهرا كنا نعرف الحقيقة التي تهمنا معرفتها والتي قد لا تفيد بانها كل الحقيقة...كنا نعرف ان والدتنا امية لم تتعلم القراءة ولا الكتابة في كل حياتها وكفى....
وانا بحكم تراتبية وضعي بين اخوتي وبحكم انني بلا ريش ولا تعلمت الطيران ومنذ ان نبت بينهم وانا في حكم الصغير بينهم لم اضطلع على اية اوراق او مستندات ولا اي شيء اخر كان في خزنة السيد الوالد بعد ان فتحها اخايا خالد وفؤاد ساعة وفاة الوالد ولا يهمني ان اعرف اليقين في شانها وحسبي انني اعرف جيدا من يكون السيد والدنا ولماذا من سابع المستحيلات ان يكون قد كتب لوالدتنا نصف البيت حقها الذي نعرفه نحن والاقربون منها...
والدي ما كان همه بامراة متعلمة تفهم عليه او تنازعه او تفتح رسائله وتضطلع على اوراقه وحساباته الخاصة...
والدي ما كان همه باصهار نافدين او متعلمين يقوا عليه امراته..
والدي ما كان في حاجة لدلع بنات وشابات تكلفه مهرا واقامة عرس قدر حاجته لامراة يضاجعها متى شاء ولا تكلفه الكثير غير لقمتها وما قد يجود عليها وان تجبرت اخضعها وكسر مقادفها وجعلها هي من تختار الرحيل وتخلي له البيت ولو لحين ان تعي وتستوعب بانه ربها الاعلى...
والدي لم يحسن بوالدتنا حين اكترى لها بيتا لازيد من ثمانية عشرة سنة ولم يسكنها في خربة من خرب والده بالمدينة العتيقة بالعرائش وان ظل محافظا على ان يكسر لها راسها على الاقل كل صيف سنة باقدامنا جميعا لتمضية العطلة الصيفية بمنزل جدتنا.. نحن جميعنا كسبعة افراد لجانب عمين وعمتين وجدة وابن عمة وبنة عمة يحضرا ويغيبا... بنفس المنزل المكون من غرفتين وغرفة مطبخ حول استخدامها لتظل فقط غرفة صغيرة....
ووالدي بعد ان قدم اخاه عمي محمد استقالته من وظيفة التعليم وطلق زوجته بصبي واحد يحمل اسم لطفي كان بلا منازع سيد البيت وعميد عائلته وتجاوزا بحكم تعلمه ومنصبه الوظيفي كمعلم قدر كعميد لكل العائلة بما فيها عائلة والدتنا واصهاره هو..ازواج عماتنا وعائلتهم التي كانت كلها في الفقر سواسية وان كان يعرف كما الجميع يعرف بانه غير ذي ثقة ولا اهلا لعمادة العائلة وهو السكير العربيد والفوضوي...
عمي محمد كان لحدود بعيدة طيب المعشر وصموتا ولا يحب الفرعنة ومسايس لدرجة كبيرة وقانع بما ال اليه حاله ومكتفي بمرتبة في غرفة الرجال ينزل رجله عنها ليجلس عليها نهارا ويرفعها بعد الظهيرة ليقيلل عليها وفي الليل لينام عليها.. يدخن تبغا اسودا رخيصا ويشرب على حساب اخيه الاكبر وهو يعرف شرطه المسبق ان لا يفتح فمه او يعانده في امر وان يتبعه في كل ما يقوله ويريده...
عمي بوغالب ابن سوق بكلا المفهومين ابن سوق سمك يعرف كيف يحول السمك لمكسب ولارباح ويعرف كيف يفرض نفسه على رجال الميناء والسوق وكيف يتدبر علاقاته وابن سوق سكير وفاسد الطباع وغير مراعي للحرمات وعنيف سباق للشجار وابن ليل يمضي كالكلب المسعور باحثا عن لذته ومتعه ولا يفرق معه اين ومع من يقضي وطره...لذلك فهو يعتبر نفسه خارج سوق الزواج وانشاء الاولاد...ويعتبر نفسه رجلا ورجلا للا يكون في حاجة كثيرة ليسايس او ان يقبل بان يفاوض
عمي بوغالب من اولئك الذين يكدون ويجرون ويبحثون عن تكوين اسطورتهم الخاص بهم ومن اولئك الذين خلقوا لينقاد لهم الاخرين لا ان ينقادوا هم لاي كان....
عمي بوغالب صاحبه جيبه ودراهمه وسنده دراعه او مطية تحث حزام سرواله واينما ذهب فله قسط فهناك طاحين سمك يسوى موله بدوره وهناك لتر خمرة له فيه ثلثه وهناك سينة سمك مشوية له حصة فيها وخمر دفع فيه كذلك حصته...وبالسينما هناك خليلة بانتظاره او خليل طري وازن ولا يعرف عنه متى ينام ومتى يستيقظ ولا متى يدخل الدار ولا متى انسحب وخرج منها ولا الى اين....
عمي بوغالب معروف ومشهور في كل الاوساط وبين كل طبقات المجتمع وعطفه على بعض النسوة ابدا بلا مقابل.. عمي بوغالب ابن سوق... وليس كريما وان فعل ذلك فللاغرار بقاصر او قاصرة او بمطلقة او بشاذ بعد متخفي وغير مفضوح...
وعمي بوغالب من من لم تكن تطقهم الوالدة ان يحلوا ببيتها ولماذا؟! ابسبب او بدون سبب!!؟ كلا اكيد بانه تمت سبب وسبب وجيه....
مما تقول به الوالدة ف"طاسلة بومنينة مشي ديال الزواح غير ديال الليل والطاسة والمطايفة " والطاسلة تفيد العائلة لكن ليست اية عائلة محترمة...
وتردف الوالدة عن الوالد انه في غالب الاحيان يلعن حظه ورايه الذي ذهب به لاختيار الزواج وتكوين اسرة...
اي واحد منا نحن ابنائهما او اقاربنا يثنيان على سلوك الوالدة وعلى صبرها ولمها واحتضانها لابنائها ويجمع الجميع انه لولا صبرها على زوجها والمعارك التي خاضتها معه ومع عائلته لما لحق حتى اجورة من البيت الذي انشاه ولضيع كل ماله على الليل وما لولو....وتعود فتقول انها لولا الحرب التي خاضتها مع اخوته البنات ومع والدته نفسها كي يبعيدا اخويهما عن زوجها وعن اسرتها لما كان لاي واحد من ابناءها ان يدرس ويستكمل دراسته ويكون بسلوك حسن وانما لتشردوا جميعا وتبعوا حرفة والدهم واعمامهم وجدهم.على الاكثر اي ان يبيعوا السمك نهارا ويخسرون ربحه على بنات الليل والخمرة والشراب....
تعود فتقول الوالدة لولا ان اخاه محمد سبق بتقديم استقالته من وظيفه كمعلم وبقي كبيت الوقف لا له ما يقدمه او ما ياخره لما تنبه والدنا لضرورة ان يحافظ هو على وظيفه ويعطيها حقها ليضمن ان تعطيه حقه وسلطة ان يسود وان يحكم وان يتزعم بل وان يتفرعن....
من ما لم افهمه جيدا ولا استطعت شخصيا ان اهضهه في شخصية والدنا انه كان من حفظة القران ومن ما لم استطع ان اكمل تصوره في ذهني هو كيف ان العائلة كانت تخرج الدبائح في موسم سيدي عبد القادر الجيلاني وتطعم الفقراء وهم كانوا ينامون في غالب لياليهم على جوف فارغة لا اقصد السكارى الذين يتقياون ما باحشائهم وانما جميع من في البيت بما فينا نحن الاطفال....
والذي يلزمني ان اقف عنده مليا هي تلك الشجاعة التي كانت تجعلهم بلا ادنى حشمة او حياء وبعد اي ليلة عربدة وسكر يقفون وسط حديقة "الفارونة" ديال الرحبة ديال الزرع يذخنون ويتابعون المارة وكان لا شيء عابهم او يعيبهم ويتحركون ليقفوا كذلك بمركز السوق المركزي ويتمشوا في وسط شارع الحسن الثاني ومحمد الخامس وكان لا علامة او شائبة على جبينهم..
لعلهم لم يكونوا منفصمين عن الواقع المجتمعي الذي يعيشون فيه والذي ما كان يعيب على الرجل ان يتمتع بحياته وان يسهر ويشرب حد ما يستطيعه وليعربد حتى لكن بشرط ان لا يتورط مع المخزن او العدالة مادام يفعل ذلك بما يكسبه من حر ماله ومادام يصبح عليه الصبح وهو بمنزله او خارجا ليزاول نشاطه او عمله...
لقد كان الشراب حل على من يملك ثمنه ويقدر على شربه بل وكان عنوان قدرة واستطاعة مادية ويميز بين من يملك ومن لا يملك ومن له ان يغنم من الحياة لذاتها ومن لا قدرة له على تحصيل الا نزير من متع الدنيا...
لقد كانت النسوة يقصدن السوق المركزي لاقتناء الخضر والاسماك واللحوم والمواد الغذائية بينما الرجال والشباب يتوجهون لاقتناء مشروبهم الخاص وكل وحسب امكاناته المادية اولا وذوقه في الشرب او ادمانه....وكانوا يتنافسون في ذلك وكل واحد يريد ان يعبر صراحة عن استطاعته هو كذلك في ان يشرب وبستمتع مادام يشتغل ويجني المال وانه ليس اقل قيمة من اولئك الذين يقضون جل اوقاتهم بالحانات ومطاعمها من كبار مسوؤلي الشركات العمومية والادارات ومالكي مراكب الصيد وكبار التجار واصحاب محلات وكراجات اصلاح السيارات الذين يجنون من المال الشيء الكثير...بالاضافة الى كل ناس السلطة والامنيين والدركيين..لقد ارتبط تعاطي الشراب بالوضع الاجتماعي الخاص لكل فرد من المجتمع وحتى انواعه ارتبطت بمستوى ذالك الوضع الاجتماعي...
وارتبط الشراب والاقبال على اية متع اخرى بقيمة الرجولة والفحولة.. كان يكفي ان تكون ذكرا لتمارس كامل حريتك في الفساد او الشراب او السهر وكان معقول جدا ان يحدث التنافس بين كل شرائح المجتمع لتحصيل المتع تلك التي بها يتجسد قيمة اي رجل رجل في المجتمع ..الرجل القادر على الكسب والقادر على التمتع والقادر على لم جماعة خاصة به او حلقته الخاصة التي يمارس عبرها تظاهره الاجتماعي بالكرم والاحساس بالبدخ ويمايز بها ذاته عن من يتملقه وينافقه ويداهنه ليشرب على حسابه الخاص وهو بدوره يستخدمه ويسخره ويستغله باحتقارية وامتهان للكرامة في لعبة من يسيطر ومن يملك من من يباع ويشترى ويستغل في اعمال حقيرة كاعمال الوساطة والقوادة والسخرة...
السيد الوالد كان ابن بيئته ووسطه الاجتماعي الذي قلب فيه المفاهيم والقيم والمثل سنوات من الاحتلال والتواجد الاسباني الاجنبي بالمدينة وبالمنطقة وبعدها سنوات اخرى من التعايش ممن ولدوا وكانوا لحدود ذلك الحين بعد مفضلين للاستمرار في العيش بالمدينة وبالمنطقة حتى بعد انتهاء الاحتلال الرسمي للمغرب واستعادة استقلاله...
السيد الوالد كان يعرف جيدا من يسود في هذه الفترات من تاريخ كل البلد لقد كانوا رجالات السلطة والامنيين وموظفوا الوزارارات الساميون ومديروا شركات الدولة وكبار الملاكين والاقطاعيين وكبار الموردين والمصدرين والتجار ومن يدور في فلكهم من برجوازية ناشئة ومن متنفدين لدوائرهم من جماعات الموظفين واعوان الخدمة وسماسرة وعموما من كل من كان يملك شيئاً من الثروة لجانب من كانوا يملكون شق الثروة الروحية كشرفاء الزويا والفقهاء والعلماء والمتعلمين عموما...وبالطبع كان السيد الوالد على صغر شانه كموظف للدولة يريد هو الاخر ان يعيش ليلته كليالي القائد والباشا ويريد ان يتملقه الاخرون وان يحس بنفسه يملك ويده العليا ولن يحلو له ذلك الا بعدما يكون قد اجتاز عتبة الوعي ورقاباته الاخلاقية والقانونية وليس من افضل وسيلة لاجتيازها من احتساء كؤوس شراب وخمرة وبعدها له ان يكون ما يشاء هارون الرشيد زمانه او ابن نواس عهده او فريد الاطرش لحظاته.... ولماذا يبالي وبما عساه يبالي وهو في رفقة اخ يحرصه ويحتمي به وينتبه له اذا ما طفح سكره وكان من شانه ان يخرجه صوابه وينافي سلوكه السلوك العام الاجتماعي....
الوالد يدبر حساباته المالية بالسنتيم الاحمر ويتدبر امر ان لا ياخد على غرة فيبدر او يستغل كرم اللحظة الفجائي فيفيق على خسارات فادحة... الوالد كان يتدبر ما سياخده معه بجيبه وهو صاح ولم يمس بعد الخمرة.. ويعرف جيدا ما سيشارك به جماعته وحلقته اما كدين على رقبة كل واحد منهم او تبرعا خالصا منه بل حتى في السجائر كان يعمل حساباته ولا يتساهل مع من يمد يده لعلبته دون اذن منه.... كان مقتصدا في نوع ما يشربه من خمرة ليضمن الكم وبالثمن الرخيص والمناسب لساعات جلسته وسهرته.. وليضمن ما سيشربه في الغد وبعده مع جماعاته وما سيعود ليشربه لوحده في الجلسات التي يكون من باب الاقتصاد عليه ان يمضيها لوحده وبحدود ثمالة معقولة تمكنه من ان يصحوا ليغتسل ويتهندم ويذهب لمزاولة وظيفه...
كل هنا والوالد كان يمارس حريته واختياراته ويصرف من جيبه ومن مال مرتبه وما يستحصل عليه كاجرة كراء للمسكن السفلي لمنزلنا...كل هنا والسيد الوالد رجل مثل رجال زمانه وبيئته ومن حقه ان يعيش وان يغنم بوقته وشبابه وصحته...كل هنا والسيد الوالد غير غريب عن منطق الذكور الذي يحكم مجتمعه...فالوالدة تحث عصمته وهو من يصرف عليها وعلى ابناءها وهو من يدفع الفواتير وينفق عليها ولا احدا من شانه ان يحاسبه على ما يتعب هو في جنيه..ولا له ان يقول له بكيف يصرفه او ما يفعل به....ولا لاحد ان يساله ان كان عادلا في صرفه او نفقته ولا ان هو وفر لاسرته كفاياتهم وكل احتياجاتهم ولا كيف عمد لانجاز حسبته الخاصة بما يبقيه لنفسه مقابل ما يهبه لافراد اسرته...السيد الوالد الى ها هنا وممكن ان يقبل النقاش لكن لا مجال لمساءلته فيما يخصه هو لوحده ولا في كيفية معالجته لكل موضوعات وفصول نفقته على اسرته لان ذلك خط احمر والمصيبة ان الوالدة حتى وهي تعرف طبع زوجها وتعرف لاءاته فهي لا تملك ان تصمت او تغلق فمها ولذلك فهي تستحق ان ينكل بها هذا هو قانون الفرعون والرب الاعلى الذي يسير عليه سيدنا الوالد....هو اولا وقبل اي شيء واي اعتبار اخر..هو ومتطلباته الخاصة وما يكفيه ويرضيه وما له حتى ان يجود به على جماعته والباقي خصه بدراسة ورزمة حسابات خاصة ودقيقة ليس من شان اي احد او ظرف ان يجعله مكرها على التغيير فيها فالتقدير له وحده والتمييز يخصه هو وحده والتقتير في هذا الباب او ذاك من احكامه وحكمته ومرفوض ان يساءل في منطقها او في كيف سوى تلك الحسابات....
الوالد هو الوالد هو رب الاسرة وهو الادرى بمصلحتها وبما يناسبها ومادام هو من يجني المال فهو حر في صرفه كما يشاء ويحلوا له ومن لم يعجبه الحال او الوضع ليشرب ماء البحر وفوق هذا وذاك سيسلط عليه العذاب المبين ويطرده من رحمته....
الوالد هو الوالد احسن شيء يكون من نصيبه واكبر حصة له والتطبيب الجيد خاصته هو لا لنا ومصروفه الخاص لا يناقش وفي الان الذي يملك فيه اي احد منا دخلا خاصا به ساعتها ليفعل به ما يشاءه هو الاخر... وهكذا ينتهي الكلام واي محاولة للملاججة سنتهي بما لا يحمد عقباه ولكي لا ينسى اي واحد منا فهو القانون واي قانون اخر يقف لجانبه ويسنده باعتباره الوالد وباعتباره رب الاسرة الذي يملك ان يرضي على من يشاء ويسخط من يشاء....
لعلني لا اعرف او لا اريد ان اعرف كيف تكون الوالدية...كيف عساها تكون الابوة...!!؟..لكنني وبلا حاجة لأبرر نفسي لا ظنها بمثل ما يجسدها السيد الوالد وجيل من اشباه الوالد كان يغزو مجتمعنا ويسود...جيل متسلط واناني وانفصامي كان الاولى به ان يعيش لنفسه ولغرائزه لوحده دونما الحاجة ليفكر في اية مشاركة او مقاسمة للعيش مع اي كائن اخر ولا في ارتكاب اكبر زلة وهي السعي في انجاب ابناء واولاد....
كنت انظر اليه خصوصا في ساعة الاستيقاظ الاولى وقد اخذ حمامه وارتدى ثيابه وجلس لياخد فطوره ويتناول سجارته الاولى فاجده وكانه غريب عنا /عني...كانه شخص للتو دخل بيتنا وسيطر على كنبة في صالون الغرفة ولا يرغب حتى في النظر الينا وحتى اذا التقت انظار بعضنا بالبعض يرمقنا بجحود كامل وبكامل البرود والانكار كأنه لا يرغب في تواجدنا بالقرب منه وساعرف نفس تلك النظرات لاحقا لما كبرت اكثر في العمر وكان يلمحني بها ساعة اكون مقبلا على تناول طعامي حتى يحبس لي شهيتي ورغبتي في متابعته....
وحدي ساعرف اننا ابناءه من فعل اي شيء وكل شيء لنحافظ له على صورة الاب لنا اما هو فلربما ما كان له في يوم من الايام ان يدركها او يصنعها بداخلنا...اما ان يستحقها او ان لا يستحقها فكلنا حاولنا ان نبعد افكارنا عن ذلك المستوى من التقييم ربما تادبا منا وربما كي لا نساوي بين الظالم والمظلوم...
لم نختار اسرنا ولا الوضع الذي يجب ان يكونوا عليه قبل انجابنا لكن هذا لا يعني بالضرورة تحث اية دريعة اخلاقية او مثالية انه وبشكل اوتماتيكي علينا ان نكون متوافقين معها ولا نسعى الا لنيل رضاها...
للان لم اهضم رضى او سخط الوالدين على ابناءهم ولا كل تلك الرزمانة من الوصايا والتعاليم الدينية والشرعية والقانونية والاجتماعية التي تعطيهم ذلك الحق وحقوق اكثر تحكما ناسين او متناسين انهم في الاصل ليسوا متساون هم انفسهم كاباء وامهات في كامل المجتمع ولا من مرجع واحد او نبع واحد يعودون كلهم لتعمم احكامهم وتسري وتنفذ..
لا اعرف او لا اريد ان اعرف معنى وحال ان تعيش بلا اب.. يتيم الاب ولا اهتم ها هنا كثيرا بالسند المادي وانما بغياب تلك العاطفة المدعوة بالابوة تلك التي حاولنا كلنا وبكامل الاتفاق بيننا على ان نعري عنها ونحفر عنها ونصارع بكل قوانا لايجادها ونيل البعض منها ذاخل ذلك الانسان الغريب عنا والذي كان يمثل سيدنا الوالد... جاهدنا كي نلين من جمود طبعه وخشونته تذاكين عليه كي نشعره بالفرق بين العطاء بالود والمحبة وبين العطاء بالمن والفوقية..وكنا مستعديين لنمضي مشوار الالف ميل معه لنجعله يتراجع ويتنازل قليلا عن الحكم بسلطان الاب الرجل الذكوري في مجتمع ذكوري متخلف...
لعلي لم اكن املك الكثير وانا بعد طفل لاقنعه بمدى حاجتي لاب يرعاني ويحن علي ويهتم بي لكن اخوتي كانوا مهتمين لحدود بليغة بايجاد سبل تعمل او تساعد على احادث تغيرات في نهجه وسلوكه المتخلف والاناني والسلطوي حتى وهم واعون ويقولون بالاكثر من امر في شان التعامل معه...فاخي خالد كان مع ضرورة ولزوم ان يسايس الجميع معه بما فيهم الاكثر تعرضا للضرر والاذى منه السيد والدتنا لكي نتجنب الصدام ولكي نتمكن من الانفلات والخروج عن دائرة تحكمه مع مضي الوقت ويعني مع التقدم في اعمارنا وهاهنا كان اخي خالد كما هو دائما برغماتيا ويفكر في نفسه اولا وقبل كل شيء..بينما سمير كان مع تجاهله تماما والاعتقاد في ان وجوده يتساوى مع غيابه ودعمه كما لا دعمه..ما توفر فبه وما لم يتوفر لا نقول به..ننسى اننا في حاجة له ونسد عليه الابواب المعتادة التي ينفد منها هو وجلجلته وصداعه وعراكاته....فؤاد لم يقل باي شيء لانه كان من من ينفد ولا يتحدث وحتى عندما اختار الثانوية الداخلية كان يعرف انه لن يكون بوضع خالد الذي توجه هو الاول للثانوية الداخلية ولن ينال ربع الدعم الذي كان يناله خالد ولا سيجد من سيدافع عنه مثلما كانت تفعل والدتنا مع اخي سمير في مواجهة السيد الوالد لمسالة جد بسيطة هو ان لا السيد الوالد ولا الوالدة ولا كل اخوتي يعرفون من يكون فؤاد...ولان فؤاد كان عن حق علبة سوداء متوهم كل من يدعي انه يعرف عنه ولو الشيء القليل...فؤاد ان حاول قول شيء بخصوص السيد والدنا فلقد قاله لي ومن تقدير انني انا وفي الغالب من سيحصل فيها وبتوجيه ان لا اجعله يستفرد بي وبذلك اضمن ان لا يجثث اي طموح عند اختى الصغرى بشرى....
بمجيئنا الى العرائش نهائيا للاقامة في صيف 1978 خرج اخي خالد هو الاول ليستكمل دراسته لمادة الفنون التشكيلية بثانوية ابن الهيثم التقنية بفاس وقضى بها ثلاثة سنوات وتوجه بعدها الى فرنسا ليتابع دراساته الجامعية... وخرج بعده اخي فؤاد لثانوية جابر بن حيان بتطوان ليستكمل دراسته في شعبة المحاسبة لثلاث سنوات وبعدها التحق كتلميذ دركي بمراكش... الذي بقي معنا واطال بقاءه معنا لحين حصل على بكالورياه في شعبة الاداب مع ثعثر سنة في مستوى الثالثة اعدادي لزمه ان يكررها هو اخي سمير وبعدها التحق بفرنسا بنفس اكادمية الفنون التشكيلية بفلنسيان بفرنسا التي تخرج منها اخي خالد وبعمر السابعة عشرة خرجت اختى الصغرى متزوجة وقد انقطعت عن الدراسة في مستوى الثانية ثانوي (السادسة ثانوي). 1991...
في حدود عقد من الزمن كبر من كبر وخرج من البيت من خرج وعاد ولفترة قصيرة من عاد للمنزل وليخرج منه مجددا وليس كما المرة الاولى وكان هذه المرة ولربما للمرة الاولى مصدوما لانه لم يالف مثل تلك المعاملة من سيدنا الوالد لكنه داق منها مثلما دقنا وشبعنا نحن منها...وحتى عودة اختى الصغرى وزوجها لم تكن بطعم سيء وشكل قاس كتلك التي عاد بها اخي الاكبر خالد ولا دخلا لطبيعة عودته اكان مهزوما او منتصرا..اكانت اصلا ضرورية او غير ضرورية ولا حتى دواعي انهاءه لهجرته ورجوعه بابن وزوجة مفضلا الاقامة بالمغرب اختياره الحر او فيه املاء لارادة السيد الوالد بالقدر انها كانت في شريعة الوالد مرفوضة فمن خرج من العش عليه ان لا يعود للاقامة في العش وعلى حسابه الخاص...هذا هو كل ما في الامر....الوالد ما ان تنفس الصعداء وقد ازاح عن كاهله حمل من ياكون فيه ومنه حتى ان يعودوا ومعهم افواه جديدة...كلا هذا في نظره هو الاستعمار الذي حق فيه الجهاد والقتال لاخراجه.....
وبقيت انا...بقيت للان انا....اخرجني ذات زوال شرطة اقدمهم اخي خالد وصعد معهم لحيث غرف السطح حيث كبلوا معصمي واخرجوني للسيارة التي كانت بانتظاري...لم يكن اي احد ينتظرني في نهاية الدرج على ان اختي كانت هناك ووالدي ووالدتي وزوجة اخي خالد واول دخولي زولها لمحتهم يتناولون الغذاء ويتبادلون النكث والضحكات وهم يتدوقون العنب وقطع البطيخ الاصفر....لم يكن يملك السيد الوالد اي سند شرعي لاخراجي على تلك الطريقة لو لم يتدخل اخي خالد ويوفر له شهادة طبية شرعية بما تتجاوز فترة العجز فيها الواحد والعشرين يوما ليعطي الوكيل الامر بالقاء القبض علي..وهي الشهادة التي لا تقر بالحقيقة لكنها مشيئة سيدنا الوالد وخليفته على الارض لا يمكن الا ان يكون في مسعى سعي سيدنا الوالد....وعدت بعد اربعة اشهر من الاعتقال.....وعدت لكي لا اخرج حتى في جنازة السيد والدنا ولا في جنازة الوالدة التي لم يدركها اي واحد من اخوتي غيري...وها انا للان لا زلت بالعش ولا اعرف الطيران ولا املك جوانح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق