الثلاثاء، 1 ديسمبر 2020

يوميات: عوالمي السرية..(20)..جنبا لجنب مع"حنان"هذه ../تابع :6-1


 

يوميات : عوالمي السرية ..(20)..جنبا لجنب مع "حنان "هذه .../تابع :6-1

 تعلمت ان احفظ عهودي رغم قساوة الالتزام بها ..لم اكن مرغما على تحمل البعاد عنها ..مرات عدة فكرت في ان اتمرد وان اخرج عن ما التزمت به طواعية مني ..لكنني كنت اعود للاارتضي لنفسي دينا اخرا غير دين الحب الذي امنت به والتزمت شريعته ..لم اكن اريد ان اتحدث عنها ..لم اكن اتعقب اخبارها ..كنت محافظا بها تكأ جراحي داخليا وعلى نحو عميق نازف ..دائمة عيني البحث عنها ..دائم ترقب لقاءها على أنني اعرف انه ما عاد بملكي أن اغير في قواعد اللعبة الجميلة التي دخلنها سوية ...

كان احتياجي لها من نوع يتذاكى في دفعة واحدة كالنار في الهشيم ..فاشعر بالسعار ..لم يكن محياها يطل علي هادئا بل دائما بنفس تقاسيم التوجم والنرفزة وبحدة نظرتها المتساءلة ..المستفهمة كمن لا نهاية لذات حديثها لي :"وماذا بعد ..؟!شنو اطارق .."اعرف انها في العادة سرعان ما ستدير راسها كالمتبرمة ثم تعود لتنظر الي وقد تحولت نظرتها ليطل منها الغنج والشبق والفرح وهي تبتسم في وجهي ولتخبرني من جديد قائلة لي :"ها انا ..."لاردد بالتالي انا داخل نفسي :"اعرف انك انت كما تعرفينني جيدا ..."لا اعرف لماذا دائما في مثل هذا الموقف معها كان يهرب مني الكلام ..ويكاد يشحب وجهي وتعلوه تعابير المرارة ...كنت لامحالة اشكوها لنفسها ..اشكوا قسوتها علي ...  واقسم لها بانها اوصلتني للحضيض طوال فترة غيابها ..اتعبني اشتياقي اللامنتهي لها ..وانهكني جسدي المتارق بالجوع اليها ..كنت انتهي مطوحا من الحرمان لا ارغب في اي انثى ولا في اي ممارسة وحدها ما يترائ لي وياخدني من بين احبتي وجماعات اصحابي لاي مكان قصي او لاي ركن بمقهى او حانة لاجلس وحدي وقد فتحت كراسي وامسكت قلما كمن يهم بان يكتب ويدون لكنني في الحقيقة كنت فقط أداور الناس وابعد نظراتهم عن الاهتمام بي ... 

"سيمحمد الشكذالي "ابن حينا وصديق كل العمر كان يعرف ماينتابني وما يتحرك في من مشاعر تجاهها ..لكنه كان يحترم صمتي ويترك لدموع اينعت بالرغم عني فرصة أن تنهمر  دون ان يحرجني او يسالني فهو كان يتتبع اين حطت عيني ونسيتها بالضبط ..كان مجرد مشهد عادي للحب على الطرقات او على ممشى رصيف شاطئ راس الرمل ياخدني لاستحضرها  ولاتوجع من افتقادها ..

مع "حنان "هذه انتهت كل الاعيب التحري والتقصي والرصد ..لم اكن اعرف عنها اي شيء ولا اريد ان اعرفه عنها ..لم اكن اسال حتى عن من يمكن ان اراه بصحبتها   ..ولا اسالها حتى هي عن كيف كانت تقضي ايامها ولا ما تفعله بحياتها ..ان لم تحكي هي ومن تلقاء نفسها فلا حق لي في الاهتمام ...كانت الهواجس تتلاعب بي والغيرة تاكلني من الداخل والحنق يكاد يفقدني صوابي ومع ذلك لا مجال للتراجع عن الحدود التي رسمتها بحضورها ..كل الذي قويت عليه أن اقزم من دائرة علاقاتي النوعية للحدود القصوى ..في بحر خمس سنوات من مبادءتها كنت اشعر بانني كبرت وشخت وانا اراها تزداد عنفوانا وتفجرا بالأنوثة وسحرا .. ايامي غذت بطيئة الايقاع وخالية من الفرح الحقيقي ..انام بجرعات ثقيلة من الأدوية لاصحو على ابتلاع غير صنفها من الأدوية المثبطة والمهدئة وبكميات مزاجية احيانا كانت تفقدني تماسكي وتوازني ..بت متحيزا للمكوث اطول الوقت وحدي والخروج للتسكع في الأزقة والحارات البعيدة والهامشية والمضلمة في الغالب ..بينما بعد الظهيرة انسحب لخارج المدينة واشق طريقي جانبيا متجنبا دخول الغابة في مساحات عارية تاركا خلفي فنار حي القشلة ماضيا للابعد من شاطئ "المسيطروا "لبقابا قلعة عسكرية مهدمة تقع غير بعيدة عن مكب النفايات العام للمدينة ..ابتلع حبات المهداءات بريقي ..لا قهوة او مشروبا او ماء صحبته معي ..انتهت ايام تلك الخرجات ....انزل صوب الشاطئ الصخري لاظل قريب من هدير الامواج ..تتعبني سجائري السوداء الرخيصة ومع ذلك اصر على التدخين دون توقف ... اخد طريق العودة بعد غروب الشمس معرجا على المستشفى والج قسم المستعجلات لاخد حقنة "ديازيبام "مهدئة تقريبا كل ليلة واحيانا كل صباح وبعد الظهيرة وفي اخر ساعة بالليل ...  لم يكن ممكنا حتى ولو توفر لي المبلغ المالي المطلوب ان اقتني في كل ما من مرة مهدئ "ليكزوميل 3منغرام او 6منغرام"على أنني انوع الصيدليات التي تصرف لي الدواء مع انني لا احمل وصفة طبية ضرورية لصرفه  ..كان يلزم ان اغيب للفترة المقدرة لانتهاء ما صرفته منها حتى اغطي عن ادماني العنيف ..لانني كنت قد استهلك كامل العلبة في اقل من أربعة وعشرين ساعة ..وحده الدواء القاتل حبوب "ارتان 5منغرم  و15منغرام "من كان يجدر بي ان احتاط للغاية من ان ينفد مني لان حالات الانسحاب منه كانت تعدمني كليا وتتركني اعاني التشنج الجسدي  الكامل على الألم النفسي المصحوب بافراغ كل ما في بطني لدرجة يصبح صعب على معدتي ان تتقبل اي طعام ...وعلى كل تحوطاتي كان الامر يقع معي لما ينفد المخزون من الصيدليات ولما اعدم ايجاد من يسعفني ببعض حبات منه من من كنت اعرف انهم يتعاطونه باستمرار ويتحصلون على وصفات بصرفه .....كنت اعرف انني اعاني من الادمان في ابشع صوره وغارق دوما في مشاكل تدبر تكلفته المادية وتوفيره وانه علي الادعاء في كل مرة امام والدتي لتمكيني من مصاريف زائدة لتغطية نهمي للذخان وللقهوى وللادوية..على أنني كنت احتاج مرة كل ثلاثة شهور الى ستة شهور للسفر لطنجة قصد تجديد الوصفة الطبية بمستشفى بني مكدة للأمراض العقلية والعصبية...

اكتب باستمرار تدعياتي التي اختنقت لغتها وطغى عليها اللون الاسود ..كما اسجل باستمرار يومياتي التي غذت بئيسة ورتيبة ..لازلت على حرصي بان اقرأ لكنه تمر علي ليالي دون ان اتمكن من قراءة صفحة كاملة لانني من شدة تخديري بحبوب "ارتان"افقد القدرة على التركيز ..كان يلزمني تذكيري باستمرار  بضرورة أن اعقلن الجرعات التي اخدها واقلص منها تدريجيا لاستعيد بعضا من صحوي ومن قدرتي على التعاطي مع الكتب والجرائد والناس والأسرة التي كان ملحوظ عليها انها غير راضية على مساري ومنزعحة تماما لمسلكي الانتحاري ...قلصت نشاطي لمستوى ما فوق الصفر ببعض الدرجات ...لم اعد مبالي بعملي لصالح الإدارة .هي بعض المهمات التي انجزها وتحث الطلب لا غير ...اما علاقاتي بالاستاذ بديع فهي شبه مجمدة منذ ان نجح في الانتخابات الجماعية ليحصل على عمادة المدينة ..بالنسبة لي فلقد اوفيت بكامل وعودي له وكنت لجانبه الى أن حقق انتصاره الأول ودونما شك سيعرف كيف يحقق فوزه بعضوية البرلمان ....صديقي "الشريف "ينشط على اكثر من مستوى في الساحة الجامعية ومحليا ضمن تيارات تسللت للفرع الإقليمي للاتحاد المغربي للشغل بالمدينة كما وطنيا ضمن جامعة الأندية السينمائية بالمغرب ..صديقنا "الكراب "كون مجموعته الغنائية والموسيقية "خيال " كما انه قطع شوطا في تكوينه الأكاديمي كاستاذ لمادة التربية الموسيقية تابع لوزاره التربيه الوطنيه وشبه عازم على الزواج وان لم يخطب رسميا رفيقته الحميمية ..  "سيمحمد الشكذالي "دخل طور الياس من تعلمه الجامعي في شعبة البيولوجيا يقصد مدينة الرباط ضجرا فقط من خنقة العرائش وليبرر حصوله على المصاريف المالية وما تبقى من منحة دراسية .."عادل مازيغ "اخد يخلط في الادوار فهو لم يعد يجد بغيته في عالم الحلاقة المهنة التي تعلمها واكتسب صنعتها واخد يتطفل على بيع الحشيش .."عبد الرحيم السباعي"لا يعرف ماذا ياخر  ولا ما يقدم وظروفه الاجتماعية والمادية تشعل النار في جسده وقلبه يكاد ينفجر وهو يستشعر دونيته كلما شدته الحاجة ليحصل على انفاس من الحشيش التي ادمنها.."رشيد المتوق" لازال يستقوي على اوضاعه المبعثرة بالضحك والسخرية ..لقد تجوز مؤخرا وأضاف زوجته لبيت اسرته المكتظ  والمعطبة احواله باستمرار ..بلا عمل قار يخرج ساعات ليصطاد البوري ويبيعه بالاسواق وساعات يقضيها بالسوق المركزي بمحلة السمك يشتغل بتنظيف سمك المبتاعين ..."منير الهنا "..بلا جديد يذكر ..بعد لا يعرف كيف يجد حلا لعطالته وبعد يأن تحث حمل انه المسؤول عن كل أخوته واخواته البنات وعليه أن لا يخل بواجبه ...يظل قابعا في وحدته وهمومه ولا يلبث أن يأتي طارقا علي باب بيتنا باحثا عن بعض السلوى معي ...

حاول معي "الشريف "عديدا ليعيدني لدائرة الاهتمام والنشاط والفعل لكنني كنت قد اتخدت قراري بان اناى بنفسي عن اي نشاط سياسي او ثقافي وان اكف عن الحضور او التواجد ضمن أية فعاليات سياسية أو نقابية او ثقافية ..على انني كنت افتقد لاصحابي ولكل تلك الأجواء غير ان تقديري المصلحي جعلني لا اساوم نفسي في الرجوع لا لنشاطي داخل مقر الاتحاد المغربي للشغل ولا ضمن هيئة حزبية اخرى غير حزب الحركة الشعبية الذي انهيت ارتباطي  به وبجريدته  التي كنت اشتغل لحسابها مثلما تقرر عندي من اول يوم راهنت على العمل بجانب الاستاذ محمد بديع "العمري "..وبالتاكيد لم أرحب بمبادرة اخوان من الشبيبة الإستقلالية لانشط بجانبهم وضمن جريدة العلم بجانب مراسلها الحزبي محمد ابو غيور ..وبموازة لمراسل صحيفة الحزب باللغة الفرنسية "ليبراسيون "الاستاذ بيضون ودائما لنفس الأسباب الشخصية التي جعلتني اتنازل عن الكتابة المحلية للشبيبة المدرسية التابعة لحزب الاستقلال ومن قبلها عن النشاط في منظمة الكشاف المغربي والتي تختصرها مجموعة المواقف التي كان يتبنها السيد والدي ومن بعده مباشرة اخي الاكبر خالد وبالتبع طبعا والدتي بكل عفويتها ...لم اقبل على نفسي منطق الإنتهازية والمنفعية والوصولية الذي كان يدعونني الى أتباعه ..كما لم اقبل حصري في الزاوية لينهالوا علي بالضربات الموجعة المتتالية وهم يطلبون مني كل مرة بكشف بيان ما انا فاعله بمستقبلي وبوضعي المهني والاجتماعي ...نفس المنطق الذي حاولوا به تسميم علاقاتي مع الاستاذ بديع ومن يدور في فلكه لكنني ناورتهم جيدا فيه الى ان اكملت ما كان أشبه بدين على عاتقي تجاه الاستاذ بديع ...ونفس المنطق يقف جزئيا وراء تجميد كافة تحركاتي الممكن ان تخدم مساعي مع الإدارة لانه ببساطة وكما تعبت من ترديدها أمامهم "ليست هكذا تؤكل الكتف "كفوا عن الضغط علي واتركوا لي المساحة والوقت الكافي لاحقق النتائج التي اصبوا اليها والتي استحقها عن جدارة دون هسترة خطواتي وبلبلة نفسيتي واقحامي بالقبول باي شيء تحت مسمى انه وظيف قار ورسمي .....

"حنان "هذه كنت اخبرها اول باول ما ان تاتيني بكل جديدي وبكل خطواتي وكنت اطلب منها ان تشغل معي عقلها الذي استهواني وان لا تحاول اختبار صبري او صلابتي ..كانت لا تخفي مخاوفها من تحركاتي التي كانت بلاريب تخلق لي عددا من الأعداء الحقيقين ..كما كانت على الاقل في المرحلة الأولى من معرفتها بصلاتي لا تقبل مني ان اضيع الفرص المعروضة علي لكنها كانت تعود فتعترف لي بمنطق حسبتي للخسارة من الربح الحقيقي ...

اينما اوقفتني "حنان" كنت انسى الناس الا من ذلك الحس الرصدي الذي لا يمكنني بآية حالة ان اتخلى عنه ...لم نكن محط محاكمة من كل الناس ..كنا معا نستشعر اننا نحرك فيهم اطيب المشاعر ..وكانوا يتقبلوننا بصدر رحب وبالكثير من الابتسام والتشجيع وفي احيان عدة كان منهم من يقتحم علينا عالمنا ليبارك علاقتنا ...كثيرا ما جمعنا اللقاء بجوار حيها السكني ..اي وسط سوق الكبيبات او على مدخل باب القصبة وكانت تندلع بيننا الاحاديث والنقاشات لتمضي بنا للاكثر من الساعتين وعادة كان لي ما اقوله وما احكيه وما اخبرها به وما أدافع به عن نفسي امامها لانها لم تكن متساهلة معي وتلك اصبحت طريقتها لتقول لي انني أهمها وأنها اكثر من ان تكون تحبني ..وانا كان لازم علي في كل مرة ان اوضح كامل مواقفي وابسطها امامها لأكد لها انها تعنني ولا يمكنني بآية حال الا ان اترك لنفسي الحق في ان تبني معها احلاما وتسعى املة ان تحققها على أرض الواقع 

مع "حنان "هذه اخدت كامل حريتي في التعبير لها عن مشاعري وعن احساساتي وعن احلامي ..ومعها تمنيت بحق ان احقق الارتباط بها ولم اقل بصيغة انه وارد او جد محتمل ان يحصل بيننا ..بل قلت انه مسعاي لو نلت فرصتي الحقيقية ..

"حنان "هذه لم تكن في موضع "كريمة مراتي"التي كانت طفلتي الرائعة والمحبوبة على الدوام حتى عندما كبرت واخدت تعاملنني على أنني طفلها الاثير .."كريمة "كنت من البداية صريحا معها ومع والدتها التي استئدنتها في شان ان ارافق صغيرتها البكر للعمر كله .. مع "كريمة "كنت دوما متنبها لعمرها النفسي ولاحتياجاتها المرحلية ..كنت مشغولا بالبحث والتحصيل  على المعرفة التي تمكنني من اجيادة  الدور الذي امارسه تجاهلها ومعها ..كانت مسؤولة مني ..كانت الطفلة التي  اربيها واخاف عليها من اقل احساس قد يسئ اليها ..كان يلزمني في مراحل معها ان اتحلى بصبر ايوب  وهي مرهقة بي ..تشكوا الم تعلقها بي وانا افعل المستحيل لترضيتها ومسح الدموع عن خدها ووعدها بانني سابقى دوما لحانبها  ..هي دائما كانت تنظر لي على أنني كبير وناضج ومحبوب من الجميع وكانت وهي طفلة تدرك أنها صغيرة مني واننا مع كل ذلك بامكاننا أن نحب بعضينا ونعبر عنه على مقاسنا وفي الحدود التي لا تسيء الى أي أحد فينا او الى من تقبلوا منا مثل هذا التفاعل الوجداني .. لم تكن وحدها المسؤولية الأدبية من تكتفني ...اعرف انه كان مشهود لي بايجادة أساليب التربية غير النظامية وناشط ضمن حقولها كما سبق وان حصلت على شهادة تقديرية في موضوعها وعلى تقديرات أخرى مختلفة ..على أنه ومع مختلف الجنسين لم يسجل علي اي اخلال بالعلاقة التي كانت تربطني بمجموعات الاطفال والفتيان واليافعين الذين كانوا تحث اشرافي وبمعية فريقنا المكون أساسا من "الشريف "و"الكراب محمد"و"رفيق بلقرشي "واختي "بشرى"كما اننا كنا نعمل نظريا تحت تأطير  إدارة دار الشباب الراشدي ومندوبية الشبيبة والرياضة وتحث اشراف موازي اخر من الإدارة الفعلية والإدارة التربوية ومنسيقي اللجن الثقافية والفنية والتربوية باعداديتنا الامام مالك ..كما عملنا تحت تأطير قادة منظمة الكشاف المغربي واعضاء مكتب الشبيبة الإستقلالية خصوصا في مواسم الصيف..ولاحقا تحث غطاء نقابي عام وبتنسيق مباشر مع الشبيبة العاملة التابعة للاتحاد المغربي للشغل في شخص كاتبها المحلي النشيط عبد الخالق الحمدوشي ..واجتماعيا لم تنقطع علاقاتي بكل طفل وطفلة مر ولو لموسم وحيد بنادينا  "نادي الافاق "..الذي كان طفلي الذي سهرت على إخراجه والاشراف عليه وعلى دوام التكوين وإعادة التكوين في ظله وبهدف تطويره وبناءه من الداخل ..

"كريمة "كانت تعرف انها طفلتي التي احب وارعاها الى ما بعد ان ترتبط هي وتنجب اولادها وللعمر كله ..."مراتي "كانت لعبتنا المفضلة لانها كانت ملتصقة بي وآسرني بدوري تعلقها بي .لابادلها في عمر لاحق الحب ولتذوب بيننا المسافات الا من قناعة راسخة داخلي بأنها تستحق الافضل وتستحق ان ترتبط بمن يوافق عمرها ولمن تختاره عن قناعة ووعي لا من ألفة وترابط وجداني انساني ..

مع "حنان "قاربنا الحلم واشتغلنا به وعليه ..ما بيننا اكثر من اي انسجام مرغوب ومطلوب  في اي علاقة ..كان بيننا كامل التوافقات العاطفية والجنسانية والاجتماعية والعمرية والفكرية ..وكنا نجيد  الاعتناء ببعضينا ..كنت اعرف انها تسال عني وتتبع خطواتي حتى وأمر تجسير المسافة بيننا كان موكول لها لوحدها لكنها ما دامت قد اقتنعت بأنه كان يلزمنا الكثير من الوقت والعمر لنجد شكلا يربطنا ببعضنا ويحضى ولو شكليا بالقبول الاجتماعي فكان علينا ان لا نتسرع في الاقبال على بعضينا وان لا نستهلك طاقتنا الوجدانية دفعة واحدة لنتعب ونتعب بعضينا بعدها ... 

كانت تعرف انها جزء اساسي من همومي اليومية وانني استحضرها في كل قرار او خطوة اخطوها ..وكانت تعرف انني غيرمتحفظ الا في ان  ابيعها الاوهام ..عرفت ناسي واصحابي واحبتي ومعارفي وافراد اسرتي وعائلتي مني اولا وعرفتهم شخصيا ...لم اكن اقدمها بآية صفة غير ان هذه تكون "حنان "واترك للاخر ان يقدر من تكون لي ومن اكون انا لها ..."حنان "لم تكن "كريمة "التي نمثل سويا لعبة الازواج بيننا ..والتي الجميع يعشق ضحكتها وفرحتها وبراءتها والتي تتسلل للقلوب وتاسرها سريعا والتي اوجدت لها أرحب مكان في قلوب كل افراد اسرتي وداخل بيتنا ...تواجد "حنان " معي بالبيت كان نوعيا ومختلفا تماما عن عشرية "كريمة " كان له اعتباراته الخاصة ودائرة احترام خاصة تحيط به ..لم يكن تواجدها رسميا لكنه يتمتع بهيبته الخاصة التي تفرضها شخصية "حنان "نفسها.. ثم الإطار المتحفظ الذي اوجدناه لنفسينا والتزمنا بان نعمل من خلاله في تعاملاتنا مع اسرينا ...ربما كان الامر مختلفا عندما نتفق على أن نتسلل للبيت ولغرفتي الخاصة بعيدا عن رقابة الجميع ..لكن ابدا لم نكن نخل باطار التعامل المتحفظ مع اهالينا ..."كريمة "ممتعة بلا حدود ..ضلت مصرة على أن تتمادى  في لعبة طفلتي المدللة امام الجميع ومع ذلك لا احد بالبيت ولا من طرف اهلها او جيرانهم  كان يقابل تصرفاتها وطريقة تعاطينا مع بعض بالرفض او الاحتجاج ...مع   "حنان " خلقنا سوية جوا من الانضباط الخاص لقواعدنا نحن التي لم نكن نتمثل ونتماهي فيها الا مع ما يناسبنا من قواعد سلوك وقيم مجتمعية ..كان ينبغي ان نتجنب الصدام المجتمعي وكان ينبغي كذلك ان ندافع عن اختيارتنا الواعية .."حنان "لم تكن امراتي ..ولا زوجتي ولا كنت كذلك انا بالمقابل لها لكننا نعرف على نحو عميق انه رهاننا .."حنان "كانت شريكتي وحرصت انا من جانبي على أن تتعرف على كل الناس المؤثرين في حياتي وان تجلس وتتعرف عن قرب لكل من اتعامل معهم لانه كان يهمني ان اسمع منها رؤيتها الخاصة فيهم 

"حنان "دربت ملامح وجهها لتخفي اكثر مما تظهر او تعبر او توشي..وحيادية نظرتها كانت طريقتها في سبر الاخرين ..حركتها وطريقة جلوسها ومشيتها مراعية جدا على النقيض التام عن ما تكونه لما نكون مع بعضينا او برفقة صاحبتيها الأختين الحميميتين .."حنان "لم تعد تلك المراهقة التي تفتعل ذكورية صوتها .اصبحت تلوك الكلمات والعبارات على جرس واحد متوسط الوتيرة وبكامل الطلاقة وخال من نبرات الانفعال ..وحتى الملامسات بيننا مدروسة جيدا لتوشي بالقدر الذي نريده منها ان توشي به اجتماعيا ...

"حنان "مثلما فاجئت معلمها للغة العربية بالمدرسة الابتدائية وجارهم الاقرب نسبيا الذي لم يتذكرها بداية "الاستاذ بديع "بطريقة ضبطها لآداب المعاملات الاجتماعية وباسلوبها في ابراز شخصيتها وجعلته ينتبه لي جيدا كمن يثني ويستغرب في ذات الان على فوزي بهذه العلاقة ..فاجئت "السي احمد" رجل الإدارة  وفرضت عليه احترامها ..اما السيد العميد فقد جاء للتعرف إليها شخصيا وهو يضع ما تستحقه من احترام مسبقا ...

كانت تغيب عن كل طرقات المدينة وعن كل الاماكن وتختفي وعادة كان بالاتفاق "المجنون" بيننا ..بعد ايام متتالية من التلاقي والحب والفرح والجنون  يتقرر بيننا ان نترك مسافة للبعاد بيننا واحيانا كان يتقرر الأمر مني وابثه كحكم صادر مني وعلي لانها كانت تجدني بعد متمادي  في ان اغلط في حق نفسي وفي حقها بالتتالي ..كنت اعاقبني واعرف كم صعب علي ان اعاقب فيها ..ان احرم  من وجودها معي وقربها مني ..كانت تعرف مني انني لا اقبل دور الاشفاق علي ولا دور الممرضة او المعالجة النفسانية معي لذلك لم تكن تخلط بين الادوار .. بل يحدث أن تتقبل الامر بمضاضة واحيانا برغبة في ان تصيح في وجهي وتنهال علي بالضرب لان ما اقول به يبدوا غير مستساغ في اعراف الحب لكنها كانت مرغمة على أن ترضخ لشريعتنا الخاصة في الحب ...

لم تكن كل سلوكاتي النفسية والاجتماعية محط تقبل من كل من يعرفني وكان هناك من يجرأ على مخاطبتي فيها وكان يصعب علي ان اقرب منهم وجهة نظري او اشرح لهم دوافعي الواعية واللاوعية ...اقلها ان افسر لهم كم انا اعاني نفسيا ...وكم هو حجم اغترابي بين كل الناس...مسلكي لم يكن هو ذاته ما يتبدى مني اجتماعيا وقد يختلف من دائرة لدائرة اجتماعية اخرى مفتوحة او شبه مغلقة او مغلقة ..على انه يبقى بشكل مغاير ومختلف لما اعود لنفسي وأكون لوحدي في وحدتي ....لم اكن لاتسامح مع نفسي ..وربما كنت قاسيا معها وامامي تحديات جسام مرفوعة  والمصيبة انني اكاد اكون دون امكانات مادية ويعوزني تقريبا كل الدعم المادي ان اردت على الاقل ان أقصر علي الطريق الطويل والشاق ..واصل لتحقيق اهدافي ...والأمر انني كلما ابصرت من حولي لا أجد منفدا لتحصيل الدعم غير المشروط او الكافي ...ومادام الامر على هذا النحو فلا فكاك من ان لا تصيبني البلبلة وشيء من الاحباط وبعض من الخوف من ان ادفع الثمن غاليا ...

"حنان"تحول توجسها من اهدافي البعيدة ومن ما اعمل عليه حاضرا لشيء من الاعجاب وللكثير من الفهم والثقة في ..اللغة التي طورتها معها اسعفتني في البوح بالكثير من اسراري لها دون ان اتوه في اختيار العبارات او في استحضار الذكريات الخاصة عن ماضي وماضي عائلتي وعن كل ما يشكل تاريخي الشخصي ..لعل بعادنا الطوعي والاختياري الذي وسم كل علاقتنا كان يتيح لي الفرصة لاتحدث اليها طويلا بيني وبين نفسي وعند اول معاودة لتقابلنا اجد كلامي مرتب لحد بعيد واعرف مسبقا ما ارمي من وراءه ..وهي لعلها كذلك تكون منفتحة ومستعدة كليا لتتلقى مني ولتشغل معي فكرها ..."حنان "كانت تعرف انني اعاني وبعيدا عن اي توصيف مرضي محدد ..اعاني مثل اي واحد من الشباب واعاني في خصوصيتي وكل باب الجه لا بد أن يفتح علي ضربا جديدا ومختلفا من المعانات ..لانه ببساطة لا مفر من ان اخوض الصراع مادمت اتعاطى مع الاخرين ومع الافكار واحلم ..

لم تكن "حنان " مع ما أفعله بنفسي ساعات وايام وانا في اشد حالات التفتير والتهديئ والتخدير ..كانت لتقبل بان اخضع لاشراف طبي تخصصي  يتابع حالتي ويضبط ما اتناوله واتعاطه من حبوب وادوية وعقاقير ..وانا نفسي كنت مدركا لحجم الورطة التي اقحمتني فيها لكنني مع ذلك كنت ابقي على رؤية خاصة لي بالموضوع ..ربما كنت ابرر لنفسي واجد لي درائعا فقط ..لكنه والحقيقة ما احسبها انني كنت واعيا بما انا فيه وعليه وانظر اليه على انه سيتم تجاوزه وساكبر عليه لانني املك إرادة فعل ذلك ..وكل ما يلزمني حاضرا القليل بعد من الوقت وان اراعي التداعيات الصحية والجسمانية  لسلوكاتي تلك ..

تعرف جيدا حجم افتقادي لها مثل ادرك بقية اصحابي حجم افتقادي لان اكون لجانبهم وهم يصنعون الغد الجميل بنضالاتهم  والمعارك التي يخضونها ...لكنه طريقي الذي اتفق وان اخترته ويلزمني ان اكمل السير فيه حتى ولو تخلفت عن ان اكون معهم ...كنت دائم التساؤل عن صوابية ما انا أفعله اكثر من التوجس في هل كان الرفاق سيتفهمونني يوما وسيلتمسون لي الغفران ..على أنني لم اكن لاشعر باي عقدة ذنب تجاههم ...لانني كنت متملكا لقراءتي وواع جدا بالموقع الذي انظر اليه واتتبع منه واشارك من خلاله انا بدوري في معاركنا المجتمعية والسياسية والفكرية والثقافية ...حتى الاصدام الذي حصل بيني وبين مسؤولي الإدارة كنت جد متوقع له انه سيحصل ولا بد له ان يحصل لافرض الأمر الواقع اكثر من ان استغله للقيام بتحويلة نوعية في مساعي واهدافي القريبة .. ما لم يكن ممكنا ان  اناقشه بكامل الوضوح مع صاحبي "الشريف "و"الكراب"..او لاتشاور في خطوطه العامة مع رفيقي "محمد الشكذالي "و"سعيد الكوش" كان جد ممكن مع "حنان "..لان لا خوف بالمرة كنت احسه على نفسي منها ..لا خوف من ان تسيء الاعتقاد في او فهم دوافعي او الخوف التقليدي من ان تسرب معلومات عني ...

لم تكن الامور تسير وفق مخططات محددة زمنيا بصرامة فقط وانما مرهونة أساسا بكم ما تم تحقيقه خلالها من مجموعة اهداف مرحلية وبعدها كان لزاما علي ان اقرر في شان الخطوات الجديدة التي علي القيام بها ..ما من مزاجية تتحكم في توجهاتي لياتي علي يوم لاحق فاقرر هد المعبد فوق راسي وتغيير الاتجاه ..كنت مدركا ان كل مرحلة سواء نجحت تماما فيها او فشلت فيها هي بذاتها حلقة ستوصلتي بحلقة اخرى في درب طويل رسمت معالمه الكبرى والباقي قد يتعرض مثل كل الناس وكل الاشياء لعوامل خارجة عن ارادتها وقد تفرض مشيئتها عليهم ..

الخواء الذي وجدتني عليه عظم حجم معاناتي النفسية وضاعف بشكل خطير من ادماناتي ..كنت عمليا انسحب من كل ما الفت القيام به والنشاط من خلاله .. انسحب دون تمام اليقين في هل ستنجح خطواتي في تقريب مرامي ..دون ان اتلقى حسما واضحا في كل ما طرحته على أشبه بمائدة المفاوضات ..انني كما بينت لهم لم اكن استعمل اي أسلوب ضغط او مساومة كل ما هناك انني مستبق على حريتي في اكمال الطريق على نهحي الخاص ..

بعد ثلاثة سنوات من تتبع ملفات الجماعات الإسلامية ومن تكوين قاعدة بيانات هامة كان لعملي ان ينتهي عند ذلك الحد لانه كان من العبث بالنسبة لي ان اظل اعيش مستفرا كليا ومرعوبا من الداخل في الوقت الذي اعرف جيدا ان لا جهة رسمية أو شبه رسمية يمكن لها أن تضمن سلامتي وعدم التعرض الي او محاولة تصفيتي ..

لم اتوانى طوال الفترة ذاتها ولا قبلها على التنسيق مع مختلف الجهات المعنية باستجماع البيانات والمعلومات وقياس مستويات الراي العام والاستعدادات ..كما لم اتردد في القيام بادوار خارجة عن اطار مهمتي ومنذ البداية ساهمت وبشكل عملي في توسيع شبكة المتعاطين والمتعاوينين مع الإدارة بالإضافة إلى الاسهام مع المصالح الاخرى بنفس الوتيرة في التعبئة والتجنيد ..كانت الإدارة في اطارها المعترف به والمؤسساتي حديثة التواجد بالاقليم وبالمدينة  وينقصها  الكثير وخصوصا الموارد البشرية الخبرية وقاعدة بيانات شاملة وعامة ومصنفة ..كما ان عمادة الإدارة ذاتها كانت تعوزها لحد ما الخبرة الميدانية بعيدا عن دواليب التسير والاشراف السلطوي الاداري وملا الجدادات والمطبوعات الرسمية والمتابعة الروتينية للساحة السياسية والنقابية والمدرسية  ولباقي الاحوال الاجتماعية و الشؤون الدينية والتنسيق مع مع الأجهزة الأمنية والتكفل بما تطلبه منها غرفة النيابة العامة المختصة ..

لم اكن اخفي ملاحظاتي او اتهيب في طرحها ومناقشتها مع عمادة الإدارة و دونما ابداء للامتعاض كنت صريحا في شان ان دوري في بناء قاعدة بيانات محلية عن الناشطين السياسيين والفاعلين الجمعويين وكل المشتغلين في الخقل الاجتماعي والنقابي والذين يدرون في فلكهم من المتعاطفين  والتابعين بحكم القرابة العائلية او السكنية قد قمت به وفي ظروف زمنية قياسية ولا مفر من ان اتابع التحديث والتحيين الضروري فيها لكن ليس ان اتفرغ تماما لمتابعة اي مستجد او اي تحرك في الان الذي هناك عناصر داخل الإدارة هذه مهامها التقليدية على انها شبه معطلة عن النزول الميداني ومباشرة دورها في استقطاب متعاونين معها ..

كنت اقبل بشكل حبي ان اقدم خدمات "لسي احمد" عندما يصدم  رأسه بالجدار لكنني كنت محاذرا من ان يرتضي استغلالي بذلك الشكل لاقوم بأعماله بالنيابة عنه في كل ما من مرة..لم يكن هناك من مجال لاستغفالي بانني ميسرة علي ظروف الاشتغال والقدرة على تحصيل المعلومات المطلوبة بالسرعة والدقة ..

بمثل ما قلته ل"حنان"قلته للسيد العميد وبمحضر رئيس الاستعلامات العامة للعمالة ..عملكم الروتيني يمتص كامل جهودكم ويفقدكم قدرتكم على المرور للاهم وللمطلوب تدبره ورصده ..جميعكم يشتغل على نفس الملفات  الكلاسيكية ونفس الموضوعات وينتظر التعليمات ويعتقد أن دوره ينتهي هاهناك ...

وفي نبرة من التحدي لا من خلفية ان السيد رئيس الشؤون العامة القائد العلمي استفزني قلت له :على الاقل انا عملت بنصيحة زرعوا فاكلنا ونزرع فياكلون ..وكنت اشير هاهنا الى دوري في توسيع شبكة المتعاوينين مع مختلف الأجهزة الاستعلامية بالاقليم ...

قلت لحنان  انه يلزمني ان اعود الى الظل وسافعل اي شيء لابدوا منعدم النفع والمردودية سانسف علاقاتي ساعرضني حتى للشبهة لتقع محاصرتي على ان استمر كذابة الساقية اشتغل لحساب مصلحة غيري الشخصية ...كانت متخوفة من ان افتح علي اكثر من جبهة لكنني لحد بعيد كنت مطمئنا من جهة من يملكوا بعض الحق في معاداتي لانني أعرفهم لكنني هل تفهم السيد العميد الشخصي لموقفي ولوجهات نظري فهو لم يكن يملك لوحده ان يقرر او يبث في الامور ودائما كان هناك ذلك الوضع الغريب والمبهم الذي قد تنعدم معه معرفة ما ستاول اليه الامور على اعلى مستوى وحينما تتعلق الامور بمجرد كلمات تطمين ووعود برفع الموضوع والدفاع عنه فكل شيء يبقى محتملا وغير مسنود ...

قلتها صريحة وبصوة عالي في وجهها ..لا تخالي انني افعل كل هذا لتزيفي حقيقتي الاجتماعية ولنشر ستار من ذخان حول شخصيتي  ..انني انسان ..انني اعاني وسط كل هذا ولا بأس من اقول لك بانني أخاف من الغدر ...

لم اكن مهزوما لكنني اكتشفت كم انا متعب وكم انا تعبت من الجري وبعد كل المعروض امامي من فرص للترقي الاجتماعي  مجرد فتات ومصائد ما ان اقبل بها حتى تبتلعني داخل دوامتها وتنتكص بي الى القاع الاجتماعي لاعيش التطاحن والصراع المقيت ...

لم اكن مهزوما لكنني اكتشفت كم بعد الطريق الى "حنان "بعيدة ..فتالمت لحالي..عز علي ان اتعرض للاختبارات الصعبة مرة أخرى  ..

 

  

    

الأحد، 29 نوفمبر 2020

يوميات: عوالمي السرية..(19)..شخصية "حنان"هذه ..تابع /5-1.


 

يوميات :عوالمي السرية (19)..شخصية "حنان "هذه...تابع / 5-1

 هل هزمت بالفعل ...؟! هل استطعت ان اتخلص من انانيتي وان اقبل التنازل عنك هكذا بكل سهولة ..؟! محال من الذي اعرفه مني ان يستسيغ طعما ما لم يكن هو من اختاره ...

"حنان "هذه عرفتني وخبرتني في منتهى قوتي وحقيقتي ..واتتني مرات لتهز مني الارعن في والمتذمر حد الملل من كل شيء ولتقول لي :" هيا ارفع راسك ..انا من تحدثك .."..

وكنت اظل انظر إليها جيدا ..اخد كامل وقتي لاعيد رؤيتها ..اكتشافها .. تذكرها..معانقتها بكل الشوق الذي في عيوني ..امسح شعرها ..احيط  وجهها بكفي ..الامس شفتيها باصبعي ...اداعب خدها  بظهر  كفي ...ادنو بانملي من عينها لاداعب جزءا من جفنها ...انظر إليها وابقى هناك لا ارحل الى أي مكان آخر  ..ما من ذكريات استعيد بحضورها الطاغي ..انظر إليها فقط ولا اتعدى الى  ان الامسها بحق ..كنت ادرك انها غاضبة مني او علي ...كنت اعرف انها لا تقبل مني الاعيب الموت التي ألجها  واندفع تجاهها ...كنت اعرف انها تريدني هاهنا بجانبها مقبلا على الحياة ...

اشياء مني متعددة كانت تنتظر ان تاتي "حنان "هذه الي ..كانت تامل بحق ان تاتي الي ...ان تظهر فجأة امامي وتصيح في وجهي ..:"طارق ..شوف في ...انا لكنهدر معك ..."لاستوعب انها الان تتحدث الي ويجمعنا الحديث من قبل ..ذلك الحديث الشيق الذي لطالما تقت اليه وعشت اتخيل ان اجريه ..ان أعيشه ..ان امارسه...وان اعيد تشكيله ليكون متجددا دائما ..ذلك الحديث الذي ما ان كنت ابدا في التحدث عنه ووصف أشكاله التي اتصورها والمعاني الممكن ان يحتويها ..حتى ودون ان تكون عندي أية نية في التأثير على مخاطبتي حتى المح في عينيها ذات الشوق لكل ذلك الحديث ...ويحدث ان نبدا مع بعض صياغة حديثنا الخاص ...

من زمن بعيد غارق في طفولتنا ..كنت أداور الاصحاب لاعرف منهم اساليب السحر التي تجعل تلك تقترب بسهولة من ذلك ..كنت اريد ان اعرف كيف لي ان اقترب من انثى واطلب ودها..كنت اريد ان اعرف حتى ما عساها هي ستقوله له ..وستقوله بينها وبين نفسها ...كنت اعرف انني متهيب من التجربة لحد الشعور بالخوف ..وهو ما كنت ارفضه مني ...كنت اظل انسق في الكلمات والعبارات وانتهي بان ارمي بها خلف ظهري واصمت داخليا بقناعة ان كل هذا لن يجدي نفعا ...بيني وبين نفسي كنت أخبر بان الامر في غاية السهولة ولا يحتاج للكثير من الكلام انه تماما مثل كل الذي خبرناه في الاعيبنا ..ان تاتي الي ..ان تقترب مني ..ان تتلطف بي وان تنظر فجأة لعيني بشكل مباشر وتقدف في وجهي بعبارتها دفعة واحدة :"نتصاحبوا ..."...او ان اظل مراقبا اياها ..ان اترصدها بعيوني ..ان اجعلها تشعر بأنها تعنني ..وتهمني وان اقترب منها لاجسر لها مسافة ان تقترب هي اكثر مني وان اقول لها :"تهدري معيا ..."ولا يهم ما عساها ستقول بعده ..."وشنو غدي نقولو ..."او :"وحنا كنهدروا مع بعض ..."او "انا باقى صغيرة على ذيك الهدرة ..."لا يهم ما ستلوكه من كلمات بعدها ومن قبلها ..من الان الذي قالت لي فيه انها تقبل مني ان اراقبها وانني  اعني لها شيئا ..ومن الان الذي حركت في الرغبة والجراة لاقترب منها ومن الان الذي اقتربت هي فيه مني ...كنا قد بدانا "الهدرة .." ...

كنت اعرف اننا مهما كبرنا لن نكبر على خبراتنا العميقة الأولى ..وكنت اعرف انني كنت اخوض العيش على اكثر من مستوى للاقنع بتجربة واحدة للاحساسات وانني في ساعات لم اكن اعاني من اي حرمانات جنسية او عاطفية عامة غير أنني اكاد افنى من جوع محدد لاحساسات بعينها .؟احتاج لان استعيدها ..لان اعيشها ..لان اتنفس داخلها .."حنان "هذه الجوع اليها كان قاتل ..لانه جوع من نوع خاص ..جوع لمن يشغل عقله معك إلى أقصاه ..جوع لمن على استعداد لان يحطم مثلك كل الاصنام وكل الطابوهات ..جوع لمن نادرا وحميميا جدا ان تجمعنا لحظة ضعف نبكي فيها سوية ويرتشف كلينا من دمع بعضينا ..ونتحاضن بقوة وعنف كمن سنفتقد بعضينا للتو وللابد ..جوع لمن نمضي سوية ..جنبا إلى جنب ..كفا لكف..ورافعين راسئينا غير مبالين بامارات الحب الذي كنا للتو نمارسه والتي تفضحنا ..  

"حنان"..تريد ان تجدبني من اسفاري في عوالمي لاعيد اكتشاف حقيقتي البسيطة معها ..حقيقة الطفل الذي كبر بالاتفاق معي ..كبر بسرعة ولحظة واحدة  ورفض حتى ان يعترف تمام الاعتراف بكل الذي جعله يودع طفولته مبكرا جدا هكذا ...

"حنان"هذه لم تكن الطفلة التي ربيتها على انها امراتي "كريمة مراتي "التي كانت اروع الاحساسات التي تهبني اياها لما تنخرط معي في مزاج امومي..لما تاخدني وكانني انا طفلها ولما اترك لها ان تعيد خلقي وراسي على صدرها مدفون بين ثديها واصابع كفها تمرح في شعري ..تداعبه بكامل الحنو ..

"حنان "هذه  تعرفني في اعماقي السحيقة..تعرفني خارج كل الأقنعة التي اجيد ارتادءها .. تعرفني في جوعي الخاص للانثى البدائية ..للانثى المحترقة دائما ودوما لتمارس الاحساس بذاتها وجسدها ....مع "حنان "هذه لم يكن هناك وقت خاص للحب ولا مكان محدد سلفا لذلك ...في اي مكان ..في اي زمان ..ونحن نتبادل النقاشات الجادة ونحن نحضر عرضا سينمائيا او محاضرة لم نكن نكف على أن نمارس الحب ..دائما كان هناك أسلوب لنمارسه وللانبالي  او لنهتم لعيون قد تكشف محادثتنا ..وقد يتطور الحديث ليصبح فاضحا ولا اي منا يهتم او يبالي ...كانت جاهزة لتتصدى لاي احد قد يفرض نفسه علينا وينوي التدخل ...وكم كنت احب منها قتاليتها تلك ..كانت في لحظة واحدة تحتد ويتعكر مزاجها وتصبح مستعدة لتدخل معركة وتربحها ...

كل الذي اعتقد انه ناولني العبور اليها كان صدقي ...كنت صادقا معها لاقصى درجة ...ربما كل اللواتي عرفتهن يوما كن متجاوزات لمسالة الغيرة علي ..غير انه مع "حنان "هذه كانت ملغية تماما ..كانت ابعد حتى على أن تحتمل كفكرة وكفكرة تملكية ..كان لها ان تاخدني من جانب أية واحدة لتقبلني ملا شفتي وتحضنني قليلا ثم تخاطب مرافقتي :"تهلاي فيه ..."وتتركنا معا ...كانت رائعة لاعيش معها كل فنتازيا العشق التي تشربتها من اروع الروايات العالمية المترجمة وقصص الشرق السحرية وكل الافلام التي سلبتني والموسيقى والاغاني التي سكنتني .."حنان "كانت قادرة على تذهلني بكامل تجاوبها الغير المفتعل او المتصنع مع احتياجاتي النفسية والسيكولوحية  ...تلمح كفي وقد امتدت وسط زحام نسوة السوق فتمد يدها لتحضنها ثم تكمل عبورها ...نترافق مسافة مشوار وكتفي  لكتفها دون ان نتفوه باي حديث ..دون ان نكون على سابق موعد او انتظار ان نتقابل ..وقد نفترق دون ان نتوادع حتى لأننا اكتفينا .."حنان "عندما اخدها مديرة ظهرها لي ترقد مستسلمة لاحتضاني لها ..لا تصد اي ملامسة لي ...وحتى عندما اشعل سجارتي لا تتبرم من دخانها..نظل واقفين لزهاء الساعتين نتابع عرض شريط الصباح ضمن فعاليات النادي السينمائي ..رافضين  ان ناخد مقعدا ضمن الحضور ..وقد يحدث أن اخد او تاخد هي كلمة ضمن النقاش الذي يعقب مشاهدة الفيلم ونحن على تلك الوضعية ...ارغمناهم على أن يانسوا منا حريتنا في ان نحب بعضينا على مثل ما نفعله..."حنان "في اي لحظة قد تنزرع واقفة بجانبي وبكامل تنبهها ستتابع ما اخوض فيه مع اي كان موقعه السلطوي او السياسي وستتدخل ولن تحتاج لتعتقد بأنه يمكن ان اصحح لها ما ستقوله من موقع انها عارفة بمشاغلي ولحدود المقبول واللامقبول مني ..انها صوة مني يؤكد حتى لمن لا يعرفها ويعرف بسابق علاقتنا ببعض انها تدركني ..تعرفني في أعمق خصوصياتي وحتى في طريقة تفكيري وقياسي للامور ..."حنان "لم تكن "كريمة مراتي "التي تدرجت معي منذ ان كانت طفلة تحملها امها لروض الاطفال وقررت أن اصاحبها واستملحت ذلك ثم تكفلت انا بايصالها على مدار السنة لروض الاطفال وايصالها لمنزلها وكانت أحيانا تقضي بجانبي فترة الظهيرة كلها الى أن اعيدها اخر المساء من الروض لمنزلها.."كريمة مراتي "مثلما كنت حريصا على أن اطعمها بكفي لقمة لقمة وهي تجلس حجري اضحت هي لما كبرت كذلك أشد الحرص على أن تطعمني وان تهتم بكل راحتي  ..."حنان "هذه تحققت معها كل "الهدرة "التي حلمت وشغفت يوما بان احقق الشيء القليل ..القليل منها مع كل بنت تعلقت بها ...

"حنان "تقبلتني في كل اطوار عمري ..في كل تقلبات احوالي ..ربما لم تكن لتوافقني في عدد من اختياراتي وكانت لا تصمت في وجهي وتعبر بكل غضب وغيض عن امتعاضها من بعض مواقفي وتصرفاتي الاجتماعية لكنها ابدا لم تحسسني بأنها على غير وفاق معي انا او أنها مدعوة لتاخد مني موقفا عاطفيا اخرا ..قد لا نخرج بتوافق فكري حول قضية نتناقش حولها لكنها لم تكن لتودعني بغير امتع القبلات واعنف الاحضان ..وليبقى الخلاف الفكري قائم بيننا ...

مع "حنان "لم اكن في حاجة لاي ادعاء ..حتى تغطية افلاسي لم اكن في حاجة له معها ...هي قد تلحق بي دون استفهام ان دعوتها لدخول مقهى ..تعرف انني قد تدبرت امر مصروف اضافي يكفي وانتهى الامر ..."كريمة مراتي "كانت ستسال حتما ولن ترتاح الى أن تعرف كل ملابسات الامر ...

"حنان"كانت ترسم جيدا الحدود مع الغرباء الذين تجدني بصحبتهم ولا تتخلى عن صرامتها في التعامل معهم والتدخل لتصحيح النصاب ....و"حنان "نفسها مستعدة في لحظة واحدة لتعاملهم بكامل الندية ان لمست مني انني اعاملهم كذلك ... اصحابي أصحابها لكنها تعرفني انا وحدي وصاحبتها صاحباتي وحر انا في التعاطي معهن كما اشاء..

"حنان "هذه احبت بشكل رائع "كريمة مراتي "  كانت تتقبل منا لعبتنا الجميلة وتستحليها بدورها ..تجلس "كريمة مراتي "لي كطفلتي تنظر لعيني بحب وشغف وهي مطمئنة لاحتوائي لها بين ذراعي وهي لا تكف عن طرح الأسئلة وطلب الكثير من التوضيح والتعبير عن كامل رغبتها في ان تعرف اكثر ..وغير ناسية لان تزواج الحاحها بخلق جو من المرح والامتاع ..كان مجرد النظر في عينيها الرماديين وشكل وجهها الطفولي الممتلئ يكفيني لاشعر باكبر امتاع وفرحة ...لكنها كانت تابى على نفسها ان تتركني دون ان تشعرني انها كبرت وتكبر ..تظل تتحرك في جلستها بين حجري على الارض المنبسطة محاولة اثارتي جنسيا لاشتشعر دفئ جسدها الممتلى من الردفين هي القصيرة القامة  بعض الشيء..كانت تعرف هي نفسها انها كبرت على مثل هذه الالعاب لكنها ظلت اللعبة الاثيرة لها ولي ..لم تكن تمل من ان تذكرني بأنها الطفلة التي احببتها واحبتني واندفعت تريد بسرعة أن تكبر لاحبها عن حق كانثى حقيقة ..لم تكن "كريمة مراتي "لتتنازل لاية واحدة تريد ان تسرق منها مكانتها كطفلة واعدتها مند ان كانت بنت لم تكمل عمرها الخامس بعد ..واعدتها وخطبتها لنفسي على أن تكون امراتي الصغيرة وانا رجلها الكبير ..و"حنان "يروقها اكثر الطريقة التي تعبر بها "كريمة مراتي "عن نفسها ..عن خصوصية علاقتنا ببعضنا ..وعن لما لا تمانع في ان تكون لي علاقات اخرى ...وتاخد "كريمة مراتي "لتجالسها مثلما كانت معي ..وهي تهمس لها بأنها بدورها ستحبها وتحبها مثلما تحب حبي لها ..وكل الذي كان يلزم "كريمة مراتي "لتتجاوب مع "حنان "هذه وتدخل معها في اللعبة ان تلقى من عيني الإشارة وان لا اشيح بعيني بعيدا عنها ...

لم اكن لاستغرب مما يحصل معي لكنه كان يتسلل لداخلي احساس متكاثف بالوجود والاغتراب معا ..احساس بانني اتعرف علي ..اكتشفني في اعماقي على غير الصور الممكن ان يتعرف بها علي اي احد يدعي انه يعرفني ..واكتشف كم هو ممتع للغاية ان اقابل مني الطفل الذي كان يحلم في غفلة عني  وتعمدت ان اتجاهله في ..الطفل الذي كنت اجده يبرق مع الدمع التي تنهمر من عيني رغم مكابرتي وانا غارق في قراءة الروايات وفي مشاهدة افلام الزمن الجميل الكلاسيكية العربية ..الطفل الذي تراهق هو الاخر في خفية عني ودون ان يحرجني وغدى يحرك في حب الموسيقى الفرنسية العاطفية وسينما ووجوه فرنسا ...ويثير في الحلم بفرنسا ...فرنسا التي لا اعرفها الا من الروايات الشعبية  المترجمة ..فرنسا الأبواب الخلفية والازقة والحارات الكئيبة ..فرنسا التسكع والخمرة والشعر والادب ..فرنسا الاخرى لم اكن بقادر على ان ابني معها حلما لانها كانت تخيفيني ..لا اتصورني سانجح في بناء أية علاقات طبيعية بها لانني مغروس هاهنا وحتى الحب الذي كبر بتواطئ مني لفرنسية تختارني انا المسكون باللغة العربية والمسحور باجواء الروح الشرقية كانت "حنان"هذه تجسده في ابهى تعبيراته وتعيشه معي بكل رحابته ...

لم تكن لحظات منفلتة من ذلك العيش اليومي الرتيب ..بل كانت جزءا اساسيا من يوميات عيشي الاثير ...رتبت حياتي لاعيش ايامي كما اردتها ..كما اريدها ..وحتى في عز انشغالتي كنت مصرا أن ابقي لي مساحات خاصة لأكون انا فيها بمثل ما أريد ان اعقله مني ...كنت حريصا على أن ابقي لي مكانا يلصق بشخصي في مقهي ..وليس اي مقهى عام وحسب ..بل اقرب مقهى للروح الفرنسية التي تستهويني ..مقهى مفتوح في وجه اي زوجين متحابين ..مقهى تاوي اليه اجمل المراهقات ...ركن على الاقل بمقهي عام متاح للحب العمومي ..مقهى يعبق بالعطر  الانثوي وينعم بالاضاءة الخافتة ...وكنت قد وجدت بغيتي بمقهى "لاكوست"..وكسبت ود  صاحبها والمستخدمين بها واخدت كامل حريتي بالقراءة والكتابة بها والجلوس لاطول الساعات  .. كنت بعيدا على أن أرى من ركني القصي الذي ارتاده مما اعطاني مساحة للخلوة وجعل من المكان أشبه بالمخبا العام الذي أقصده لاجلس لوحدتي وسط الناس ولا اشيع خبره الا بين اقرب الاصحاب والصاحبات لي..حتى لا يتحول لمنتدى ويضيق علي من زواري ويضيع علي الوقت الذي خصصته اصلا للكتابة والقراءة ..

تعرفت للحانة المجاورة للمقهى " حانة الكعبوري"   واخدت تعرج عليها قدمي في بعض الامسيات كما في بعض الظهيرات لاحتساء بضع جعات متى كانت احوالي المادية ميسرة ..واخدني جو السجائر وروائح الشراب والطعام المطهي  وثرثرات زوارها الشبه الدائمين ..كنت اجلس كرسيا بركن على حافة "الكنطوار  "..بزاوية مائلة تجعلني متخفي باعطاء ظهري لكل والج للحانة ..وفي نفس الوقت قادر باستدارة جانبية خفيفة من مراقبة كل حركة دخول للحانة ..اكتفيت طوال الفترة الأولى على مجرد الاستمتاع وبتجاهل  مبادلة النظرات مع روادها لكنني مع ذلك كنت حريصا على تكوين علاقات نظرية مع من كانوا يعتبرون من روادها الاوفياء خصوصا من من كانوا مثلي هم بالعادة يجلسون لوحدهم وينصرفون لوحدهم  ..ربما كان بامكاني ان اثمل في امسيات بالحانة لكنني فضلت ان لا افعل ذلك ابدا وان احافظ على وتيرة شرابي الخفيف حتى عندما بدأت تجمعني بضع دردشات  مع من تقربت منهم ...

اقصد المكتبة للمطالعة ولاستعارة الكتب بمثل ما حافظت على كامل اتصالي باصحابي و الاستمتاع لجانبهم بالتذخين بين الفينة والاخرى وتنظيم سهرات شراب بمقهى المحطة الطرقية التي تظل فاتحة ابوابها على مدار ساعات اليوم والليل كله وقد نحولها لمقهى "مرحبا"المعروفة باسم صاحبها "كرميلوا" الواقعة على مقربة من ساحة "كواطروا كامينوا "  ..كنت أوسع من دائرة نشاطاتي واهتماماتي ليكون بامكاني دائما ان اتخير وبتنوع برنامجي اليومي واجعله يستجيب لاحتياجاتي النفسية ويعوض علي الوقت الذي كنت اقضيه منكبا على نحو عملي في نشاطات سياسية أو أشبه بذلك تتطلب مني كامل تنبهي وانضباطي الشديد مع الدور المفترض انني اتقمسه وامارسه ..  

"حنان "هذه   كانت ملتزمة ببرنامج دراستها ومتى سمح لها الوقت بان تقابلني كانت تأتي من تلقاء نفسها ..وكانت على العموم قادرة على أن تترصد خط سيري  وتصل الي او تبلغني خبرا بأنها تريد ان تراني ..وكان دائما اي وقت يناسبنا ..كان التسكع على طول الافريز السفلي للشرفة الاطلنتكية في الظهيرات ممتع في كل الفصول ..وكان البقاء اعلى التلة المشكلة لساحة "دار المخزن "بعد غروب الشمس بكل ما تشكله اطلالتها على الميناء وعلى الطريق الرئيسية لطنجة وعلى موقع مدينة ليكسوس الأثرية ..بالإضافة لتطرف المكان والمنطقة المحيطة به عن باقي اضواء وحركة المدينة والاسواق والازقة الشعبية مكاننا الاثير لنستحظر روحانيتنا ولنتشبع بالهدوء والسلام وليحلو لنا أن نمارس الحب دونما الكثير من التحفظ ...

"حنان "هذه ابدا لم تكن تلك البنت المستهترة ولا المهزوزة الشخصية كان لها اباءها الخاص وعزتها بنفسها وقادرة على أن تصوم الدهر على أن ينال منها من لايستحقها ...احيانا كانت تبدوا مرهقة ومتعبة وعبثا تقاوم الرغبة في البكاء واول ما تراني حتى تتنفس الصعداء وتقف مكانها وتعرف انني ان لم اتيها ..او تجاهلتها فلن تلحق بي ..لن تقوى على أن تنادي علي ..وتعرف ان جسارتها وجرئتها انتهت اول ان قررت هي ان لا تبحث عني ..وقررت أن تغالب حاجتها لي ..وأنها متى راتني ولم تمضي لحال سبيلها كما تفعل كل ما كان هناك ما يدعوا للا نلتقي حسب تقديرها الذي اعرف انها تضعني في نظره ..فهي لم تعد تقوى على المكابرة ...ولم يكن لي ان اتجاهلها البثة مهما كانت ظروفي ...ومهما كان  شخص الذي ارافقه والمصالح التي تربطني به ... هي من جانبها كانت تعرف انني ملتزم بقرار ان لا ابحث عنها في محيطها السكني ولا بمحيط الثانوية التي التحقت بها ..ولا لي لان اسال عنها صاحبتها القريبات منها .اللواتي ابادلهن السلام والتحية ولا سؤال بعده عنها او عن غيرها ..هن يملكن ان يبلغنني خبرا او أمرا منها او يرتبن لي موعدا معها ..لكن انا قررت معها ان اظل غائبا وان ابدا لن احاصرها بطلبات مقابلتها ...ربما لم تتقبل الامر بادئ الأمر لكنني عمدت على توضيح كامل قناعتي التي تقف خلف تبني مثل هذا القرار ...ببساطة كنت دائما احكم تمييز جماعتي الأولى من صاحباتي وأصحاب الحي الذين كبروا لجانبي (على اعتبار انني كنت اتقمس معهم دور الطفل الذي كنت أتركه بمعزل عن كل تفاعلاتنا وانفعالاتنا ...بينما انا كنت كبرت قبل أن ادرك عمر الخامسة ) ..  كانت متجمعة عندي عشرات الشواهد المتخلفة من مواقف كنا نعيشها ونختبرها ونترصدها ..وكنت اعرف جيدا ان اي واحد منا مهما كان طبعه ومستوى ذكاءه متى تحكمت رغبة فيه ما عدم طريقة للوصول بها لتحقيقها ...حتى احقر الرغبات او مما قد تعرضه للاحراج الشديد بعد نيلها او قد تعرضه للعقاب والمنع ان اكتشف أمره بعدها ما كان ليبالي الا بتحقيقها ...انا وقفت جيدا عند مساءلة كل ما الذي حقا كان يحرك فينا مثل تلك الرغبات ومثل تلك الإرادة لتحقيقها ..وعدت وتساءلت مرات بالكثير من الاسى عن اين تذهب كل تلك الإرادة التي كانت بحوزتنا لما كنا صغارا في العمر ..وما الذي يمتصها منا ويكاد يقتلها عند البعض منا ليتحول الى اندل جبان ومرتعد ومتردد لبقية عمره ...وعدت لمجموعتي لاحرضهم على أن يحتفظوا لاطول عمر ممكن بالطفل فيهم لانه خلاصهم من كل دجل يرتكب في حقنا باسم التهديب والتربية والتنشئة الاجتماعية وباقي التحويرات الأخرى التي تاسس لها السوسيولوجيا ..

لم اختر الاعتصام باناي ..ولا استهواني من اي جانب لعب دور الدجوان..انا افصحت لها منذ البداية عن ماهية تبادل الأدوار بيننا ولم يفتني ان اخبرها بانني شخصيا مللت ان اقدمني ذكرا لا أشبه ذكور مجتمعي لاناث نسقيات ..اردن لهن ان يلعبن نفس اللعبة بكل الفر والكر فيها ..بكل اساليب التحريض والاثارة والانسحاب ..بكل ذلك التلميح بالقبول والعودة للمانعة ...بكل ذلك التحايل .. الذي لم ياتي من فراغ وانما كان انجع وسيلة لترويض ذلك الذكر المنفوخ فيه من كل جهة ..مجتمعنا ذكوري بامتياز ..تاريخنا تاريخ تسلط الذكور على الاناث ..وعلاقتنا مهما بدى الجنس فيها مشاع ويمارس بالوفرة نظل مكبوتين لأننا لا نمارس الحب الذي يشبع رغباتنا وانما ننخرط في هوس جماعي جنسي ناقص ..

كل الذي دعوت اليه بداية بيننا ان نتنازل عن  اعلاء اللاثقة التي تسمم علاقاتنا الخصوصية بين النوعين ..ان نتنازل عنها لصالح الانسان فينا ...وان ننسى نهائيا طقوس الصيد والطريدة ..ولانني كنت احدس صعوبة ان تبلغ تماما مرامي ومنطلقاتي وحتى ان استوعبت مفاهيمي فلا محالة سيربكها الواقع المحيط بها وقد يعود فياخدها ليحتويها في ظل مفاهيمه هو ..فلقد كنت متمهلا بها وعمدت باقتراحي فقط ان ازيح عن كاهلها المخاوف الكلاسيكية التي تعترض اي بنت في مجتمعنا فكرت او جرات على الدخول في علاقة نوعية ..وهكذا تنازلت لها عن المبادرة الذكورية ..هيا انت الذكر وانت من يملك الحق في مبادئتي  وانهاء علاقتنا متى شئتي ..انت من له الحق في ان يطلب مواعدتي ومقابلتي ولا حق لي في رفضها تحث طائلة ان تحتجي وتصرخي حتى في وجهي وتقلبي علي الطاولة ولك الحق حتى في ان تهمليني وتتجاهليني بينما انا لا حق لي في الكيل بمكيالك..لك الحق في ان تاتي باحثة عني حتى منزل اسرتي او ان تسحبيني من وسط جماعة اصحابي ولا عليك لومة اما انا فلا رضى لي غير رضاك عني ...ولاحقا حتى تقنيا كان لها الحق كاملا في ان تلاعبني هي متى شاءت وبالشكل الذي ترغب فيه ..انا كان علي أن احتمل ..وان اخلص نفسي من كل ما يمكن ان يعتمل في راس او كيان اي ذكر تقليدي من ذكور مجتمعنا  ..ربما كان يعز علي كثيرا حال الواحدة من اناثنا .. ربما صاحبت لمستوى عميق الكاتبة والباحث الدكتورة نوال السعداوي واستمعت طويلا للهمس الذي كان يحتوى كتابات وابداعات اديباتنا العربيات  ..وربما لانني كذلك كانت عندي تلك الرؤية المخالفة التي يصدر عنها أدباء ومبدعوا العالم غير العربي ...

"حنان "هذه لم تكن سهلة المراس ..عندما جاءتني بشكل رسمي تلك المرة لتطلب مصاحبتي .".نتصاحبوا .."مما قالته لي على شكل مكاشفات انها في البداية عجبتها ..وأنها قالت بينها وبين نفسها لماذا لا تجرب نوعي ..وكنت استوعب معنى أن ترغب البنت المراهقة المتحررة شكلا والمتسامح معها بحدود اسريا ومن محيطها القريب ..في التجريب ..انها ببساطة خطة لقائين وحسب هواها ورغبتها اما ان تدخلك في مزاجها الخاص من اول لقاء او تتركك للقاء ثاني ثم وداعا ...ولا محاولة تنفع معك وتجدي معها ...كانت تلك  لعبة الذكيات من الاناث اللواتي وعين اولا برغباتهن وبحقهن حتى هن في ان ينفسن عنها ويمارسنها وبمطبات الدخول في علاقات غير متكافئة ومع عقلية ذكورية سائدة حريصة على اغتنام الفرص وتمريرها والتباهي بتعدد التجارب والخبرات العاطفية والجنسية ..و تحسبهن لمن يقف منذ البداية رقيبا ومحاسبا لهن هن اولا وقبل اي اخر ..لعيون المجتمع وأحكامه القاسية ..

"حنان "هذه ..وهي تفصح لي بذلك لم تشكك في كوني سافهم بالتالي من خلال مكاشفتها انها تفضح نفسها امامي وأنها بذلك كمن تقر بأنها لها هي كذلك تجاربها ..ثم عادت لتقول لي انها الان قصدت بالفعل ان تعرفني عن نفسها وان تقول لي بانني استهويها بافكاري ..بشخصيتي وأنها ترغب في ان نتصاحب ....ولانها يومها ..مساءها لم تتصيدني بتظاهر غيره وانما جاءتني وبشكل مباشر وببعض النرفزة والحدة وهي تطلب بعض وقتي فلقد كان لازما علي ان اسايرها وابادلها رسميتها فقلت لها انني مرحب بطلبها لكن بشرط ان تعقل انها هي من اتتني ..ومن ملكت الجرأة لتطلب مصاحبتي وعليه فهي الذكر ..الرجل وانا الانثى ..المرأة ..

لما خرجنا سوية من باب الاعدادية وبمجرد ما عرجنا على جانبها الايمن في زقاق خافت الإضاءة حتى طلبت منها استثناءا ان تحقق لي رغبة  في ان اعانقها وان احتويها بين ذراعي وان احضنها قويا لانني فرح بها ومنتشي باحلى دعوة لنحب بعضينا التي جاءتني بها ..ان تحقق رغبتي بان تاخدني هي اليها ان قبلته مني ..وبعدها منحتها امر تسيري كما تشاء هي وبالشكل الذي يوافقها ولا يثير لها أية مشكلات اجتماعية أو يعرضها لاي حرج ...

جميعنا (وان كان يحصل معي الامر على نحو اخر..) كنا نمر من اطوار المراهقة ..."حنان "هذه كانت تصغرني ..كانت قريبة من مجموعات "الزنابق "لكنها لم تكن منهن ولا زاولت معي نشاطات المسرح والغناء والترفيه او ساهمت في نشاط ثقافي لجانبي ..ولا كانت من اولائك البنات التابعات للرائدات من بنات المؤسسة واللواتي يركبن ظهور صاحباتهن للوصول السهل لمرادهن في الظهور او التقرب من نوعيات ذكور بعينهم ..."حنان "هذه كانت متميزة بانوثتها وبتعمد أن لا تظهرها بل وان تظهر وكأنها ذكورية الميول وعلى غير عادة البنات ذوات الصوت الرخيم كانت هي تفتعل خشونته وغير متحفظة في اعلاء صوتها والاحتداد في نقاشتها ..كما كانت عصبية الطباع وغير متسامحة في حقها ولا تستسيغ اي محاولة للتحرش بها ... كنت اعرف ان مجموعات "الزنابق "المتحلقات حولي ..هن البنات الصغيرات الحلوات الانيقات وكل واحدة منهن بقوام مختلف وسحر مختلف احاطني بنوع من الكاريزما ..وجعل عيون عدد من المراهقات الصغيرات يتعقبنني لكنني لم افعل اكثر من تقبلهن دون أية محاولة مني لاستغلالهن والعودة بي لثقافة الاصطياد والغنائم ..."حنان "لفتت انتباهي مثلما لفت انتباهها واخدت وقتها مثلما استطاعت أن تاخد حيزا دائما من تفكيري ومن اهتمامي ومن متابعتي لها من بعيد لبعيد ..واقتربت مني ..دبرت اقترابها من دائرتي واكتفت بان تدرسني عن قرب ولطلما تجادبت معها خصيصا هي النقاش دون ان اعينها هي بالضبط ودون ان تكون شريكة مباشرة فيه ..وانا اتحدث للاخريات كنت اخصها هي  بتركيزي على ما ألاحظ انه يستهويها من مذاكرة او حديث او موضوع نقاش..فتحت معها قناة غير مباشرة وامتعها اسلوبي في كسب ودها والاهتمام بها فاخدت تتجاوب معي ليصبح أغلب النقاشات ثنائية بيني وبينها ...صاحباتي من مجموعات "الزنابق " كن منطلقات معي ومتماديات معي بتحبب يمسكن بذراعي ..يطلن كفهن لمكاتفتي ..ينغرسن في باجسادهن .. يطلبن ان يسلمن علي بالقبلات الحبية ..لكن حتى لما تطورت علاقتي ب"حنان"هذه حافظت على مسافة بيني وبينها وكذلك فعلت هي ..انا لم يستهويني شكلها وان لفت انتباهي تظاهرها الذكوري غير انها بتكامل انوثتها سكنت عيوني واستحقت ان تنال حيزا لها في داخلي ..لم انسج معها في خيالي اي مشروع علاقة قبلي ... كما انني كنت فعلا غير قادر على تصور إمكان قيام علاقة نسقية لي مع اي واحدة في الوقت الذي كانت تجمعني الكثير من العلاقات مع عديدات لكن كل واحدة غير الاخرى وكل واحدة مبثورة وتنقصها أشياء عن الاخرى وكلها جميعا لا يمكن ان توصف على انها علاقة نسقية او نمطية من تلك التي ينشئها ذكور مجتمعنا مع اناثه ..كنت "كنهدر "مع عديدات وكانت عديدات "متصحبات معيا "وكانت لي مع بعضهن علاقات ممارسة مفتوحة لكنها لم تكن تعني اعراف العلاقة كما كان اقراننا ينشؤنها ويتواجدون فيها ويمارسون خلالها ...ومن كانت تريد ان تعرف عني احوالي العاطفية والعلاقاتية فكان يكفيها ان  تفتح عينها جيدا علي ولتحاصرني في زاوية انتباهها ..لتعرف انني  لاثير غيرة أية واحدة اكون معها او بجانبها ولتعرف انني في كل حصة دراسية اجلس لزميلة انثى في الغالب  الا من صاحبين على أكثر تقدير وان اي زميلة بشكل او باخر نتصاحب مع بعضينا ..وانني ارافق اكثر من واحدة في طريق من او الى الاعدادية ..وانه يحصل ان اقابل صاحباتي من الحي وصاحبات البحر والشاطئ والصيف وصاحبات المدرسة ..وصاحبات اختى اللواتي يتحولن لصاحبتي ...واقول صاحبات وليس مجرد صديقات بذلك المعنى الكلاسيكي للصداقة ..

"حنان "هذه لم أراهن عليها انا وانما دخلا عليها الرهان سوية صديقي "الشريف "و"الكراب " وكل منها يؤكد لي انها ستاتي الي ..ستاتي الي..اما انا فلم أراهن عليها لانني لم اكن لاستسيغ ان اقيم تلك العلاقات العابرة ..علاقات يومين وانتهينا ..كان يكفيني ان اجتر الطريق على مدار الأيام المتتالية طوال سنة او سنتين دراستين مع صاحبة نتبادل الكلام والحكي والبوح الخاص ونتشارك بعض الاهتمامات ونتساعد في القيام ببعض الواجبات المدرسية ..ونسمح لانفسنا ببعض الاقتراب الغير المكشوف من بعضينا على أن أضيف لمجموعتي اسم بنت مرت علي وهكذا فعلت معها وها ما فعلته معي وها انا مع غيرها ...

"حنان "هذه يومها اقرت لي بأنها تعرف انني من  غير اولئك الطينة من الذكور لانها تتبعتني وسالت وبحثت خلفي ...وحتى  شخصية " س ن " تعرف من تكون وتقربت منها وعرفت قصتي الطويلة معها ولا يشكل معها فارق علاقاتي الخاصة بها مادامت هي بذاتها ما منعتني من باقي علاقاتي بصاحباتي ولا صاحباتي شكل معهن فارق اعلاءي الادبي لعلاقتي ب"س ن " ( سناء بنت حينا...)

"حنان "لم تجد ولا وجدت معها صعوبة لانها اخدت كامل وقتها للتفكير وللتدبير ومتى اقتنعت اتتني ودون لف او دوران قالت لي العبارة التي كنت اتوق لسماعها من شفتيها هي بالضبط :"نتصاحبوا ..." 

"حنان "هذه الذي راقني فيها والذي راقها في على كل الموضوعات الاخرى كان الشكل الذي نفكر به ونرى به  ونحلم عبره ...


   

             

الخميس، 26 نوفمبر 2020

يوميات : عوالمي السرية. (18). هزيمتي مع حنان"هذه ". تابع /4-1


 

يوميات : عوالمي السرية..(18) هزيمتي مع حنان "هذه "..تابع / 4-1

 لن اتقبل الهزيمة بالتاكيد امام يقيني الذي يحدد لي نظرتي ويطبع احساساتي ..عندما انظر اليك اعرف انني اعرفك..ربما لن اعرف الاجابة عن أسئلة كثيرة محتملة يمكن ان لا اطرحها حتى في آنها ..لكنني اتصرف على نحو انني مكتفي ..مكتفي فقط بان اراك وان انظر في عينيك وان يشملني ذلك الاحساس العميق بانني اعرفك وتعرفينني ...واعبر وتعبرين ...ربما ذلك المشاكش في قد يحاول التلاعب بي ويستفزني ويهزء مني :"ثم ماذا ...؟!اهكذا سيمضي  العمر بكما وانتما لاتتحاركا ...؟!"...وارد عليه +"هي تعرف متى بالتاكيد ستاتي الي ...هي متأكدة بانني احتفظ لها بداخلي بارحب مكان وباشهى الاشتياقات ..."..هكذا كنت اخاطب نفسي وانا اجلس لطاولة حانة بمدينة الرباط  اعب في الجعة الباردة مكتف بوحدتي غير مستعد للمغامرة في الجلوس الى اي احد بالمرة ..لكن قد يحدث الاستثناء النوعي كما كنت اسميه ...فانا مستعد لارضي اي واحدة تاتي لتجلس الي او قد تخاطر بان تلفت انتباهي الخاص وتتبعني في اشياءي الخاصة فاجسر عليها الطريق للوصول الي ...وللمحاولة معي ..ولا يهمني حال عمرها او شكلها او الدور الذي تتقمسه ...لا شيء يضاهي ان تستجيب لراغبة في بالشكل الذي تحبه وترتضيه لنفسها ...بالتاكيد لن أكون خاسرا في كل الاحوال ..اعرف كم هو في غاية الامتاع ان تجلس لاي انثى وان تتبادل معها اي حوار وباي لغة كانت واعرف كم هي الانثى معطاء حين تتقبلك وتبدا في محاولات سبرك واكتشافك ...انها بسرعة تتحرك باتجاه ان تحتويك ولا تعود مبالية بآية اعتبارات أخرى ...لانها فجأة تكتشف هي نفسها ان بدخلها  لا توجد الا هي ..الانثى فيها ..تلك الانثى الغير قابلة للتدجين وللصهر في القوالب الاجتماعية النمطية ..تلك الانثى التي رعتها هي بنفسها وتساءلت حولها وخافت عليها وقلقت بشانها ورفعت التحدي معها عاليا  ..تلك الانثى التي هي كل شيء لها ..هي من تعود اليها لتنام في حضنها ..وهي من تعانقها في احزن الساعات وتلفها بين ذراعيها لتستشعر السلام يعود اليها ...تلك الانثى الغير المتطلبة والتي تكتفي بالقليل لكنها لا تشبع من ان تعامل جيدا كانثى ...على مثل هذا النحو تطورت علاقاتي مع عديدات ...واستطعت ان انزع منهن ما يرضي في بقايا الذكر الحضاري بالاعتراف لي بانني اجيد معاملتهن..وانا ..انا الحقيقي كان قد اكتفى من لحظة ان عبرت الي لتقول لي ارغب فيك بشكل من الاشكال ...

"حنان"هذه عبرت الي ...ولها هي وحدها ان تعبر الي متى شاءت ..انى شاءت ...

""حنان"هذه ..انثى حقيقية وستظل كذلك الانثى التي هي من تقرر متى تعبر لاي ذكر تريده ...واي ذكر حقيقي لن يرفض عبورها اليه ...واي ذكر لايملك ان يتطاول على حق ليس من حقوقه ..لا يمكنه الاقتراب ابدا من اي انثى لا تريده ...

كنت اقول لنفسي وبيقين :"لماذا اتعبني معها ...؟!وهي ابدا ما لم تكن راغبة في فهي لن تسمح لي باللحاق بها ...هي وحدها من تادن وهي من يجب ان تطاع ..." ...اعرفهن جيدا كيف يصبحن بليدات وباردات ..منعدمات الاحساس ولا تنطلي عليهن أية حيلة ...واي حيلة لنا امام سيدات الحيل ورباتها ...؟!..  

انا كان يكفيني ان اكون منتبها وان أكون صادقا مع نفسي ..وان اتصرف على سجيتي ...هن من كن يملكن الحق في ان يفسحن لي الحق في رؤيتهن..في متابعتهن ..في بناء ذلك الحوار ..وهن من يتقدمن بتلك الخطوة الأولى الى الامام ...هن من يهزن ثقتك بنفسك او يبعثنها فيك وينظمن أسلوب الاقتراب من مدارهن ...مدار الانثى فيهن...

"حنان"هذه بالتاكيد لم تنسجها احلام الفتى المراهق في ولا كانت من من تابعها هواي ورغب فيها حتى تعفنت الرغبة داخله ..."حنان "هذه رافقتني اجمل محطات حياتي ومثلما حرصت هي على ان تدخلني جنتها ادخلتها جنتي وجناني ..لم  تطردني يوما ولا طردتها يوما ولا طردنا اي اخر ...

كنت مهتما بان اتحدث كثيرا لصديقي "عبد الرحيم السباعي "بما يجول في خاطري من انطباعات خاصة عن مجموعة من المواقف التي تحصل واجدني فيها ..."عبد الرحيم "رغم بساطته ومحدودية تعلمه يملك حسا رائعا وقدرة على إدارة النقاش والاستماع والمشاركة ..لم اكن اريد ان اتعبه بتلك الحوارات الأكاديمية والنظرية ..كنت اتعاطى معه بمنطقي الشخصي منها ...افكر جيدا كيف امرر له عدتي المعرفية على نحو عاطفي ..باسلوب اعرفه فيه على وجهات نظري ومواقفي من القضايا المجتمعية الكبرى والعميقة ..من ارائي وتصوراتي حول الانسان فينا ...

مع "عبد الرحيم"لا اكف عن السخرية من نفسي لانني بالفعل ارتضيت لنفسي مواقفا جانبية ليست غريبة او شاذة لكنها تهدم في الكثير من يقينيات المجتمع وتفضح تناقضاته ولأن المجتمع خادع بتماسكه وزائف حتى في القيم التي يدعوا اليها ولا يمارسها فلقد كانت افكاري تدعوا للضحك وللسخرية لان المفروض ان واحد منا على صواب وعلى حق او يلامسهما والاخر مهزلة ...ولانني لا اريد ان ادعي انني على صواب ابدا في السخرية من نفسي ...من نفسي التي لا تقر بكامل انسجامها مع ذاتها ولكنها تحاول ذلك بينما الاخرون غير مبالين ومنقسمين على انفسهم ويمارسون الزيف علانية ...ويسمون الاشياء بغير اسمائها ...

"حنان"هذه ...راقتني كثيرا لانني رقتها ..كنت لا الوك الكلام ولا اعجنه بمنظور العامة ...تعودت ان اكون صريحا مع نفسي ومع غيري ...لم اكن متحفظا ولا مراعيا كما لم اكن اباحيا او مستهترا ...فقط تعلمت ان اقول الاشياء كما هي وكما ينبغي ان تقال ..لا مجال للتاويل اللامنتهي ولا مجال لترك ثغرات لعل الفهم يتحقق من خلالها او عبرها ...

"حنان "هذه تركت لها ان تقودني الى أي مكان ارادت ان نتواجد فيه سوية او بين الناس ..وقبل ذلك تركت لها ان تقود علاقتنا ببعضنا الى المدى الذي تحبه وتريده وتشتهيه..

""حنان "هذه ظلت تلك البنت الصغيرة ابنة السابعة او الثامنة في العمر التي اتعبها التفكير وانتهت لان تذهب مباشرة للفتى الذي يخصها أمره وتقول له وعينها تواجه عينه :"نتصاحبوا ...تتصحب معيا...."  قالتها له ولم تندم لانها فكرت جيدا في انها قد تندم على مبادئته وقد تندم على انها سمحت لفتى مثله ان يقترب منها وهو لا يستحقها ...وقالتها له بوحي خاص منها لا لانها رات غيرها يفعلن ذلك فاردت ان تجاري اسلوبهن ...بل لانها قويت على أن ترغب في التجريب على الاقل بقناعة منها انها لن تخسر الشيء  الكثير على كل حال ...

"حنان"هذه خالجها التردد فيما اقدمت عليه لا لاكتشفاها انها اوقعت نفسها في حماقة بل فقط لانها كانت تحاول حسم الصراع داخلها ...وكانت ترغب في الانتصار على نفسها الغير الحقيقية ...

"حنان "هذه كانت متأكدة في ما تريده لكنها في نفس الآن خائفة ..خائفة ان تسيء للانثى الراغبة فيها وتجرحها لذلك كانت في حاجة   للاكثر من الشجاعة ..كانت في حاجة لان تثق في انها لم تكن ترهن حقيقتها بخداع ما ...

مع "حنان "هذه نسيت انني لم اكن الفتي الذي تأتيه بنت السابعة او الثامنة من تلقاء نفسها ...انا لم اكن فتى ولا كنت مجرد طفل منذ ان تجاوزت عتبة الخمسة سنوات ...وفيما بعدها وعلى كل تخلخل نظرتي للامور بقيت محافظا على تماسكي ولا ندمت على أنني كبرت قبل الاوان بوقت طويل ومبكر جدا ...نسيت انني في عز الاعيب الطفولة لم اكن طفلا وانما كنت اساير وامثل بينما انا اراقب واحلل وافكك ...لو حاولت ان العب مع "حنان "هذه بمنطق الفتى الذي ارصده من خلال الاخرين وما كنته ابدا لخسرتها ولا انقلبت على اولى محاولاتي ...كنت اعرف ان بنت السابعة او الثامنة سرعان ما تكبر وسرعان ما تنقظ نفسها وتتنكر لمجموعات  من تلاعبهن او تتعرف عليهن لتضمن  أن تكبر  وتنمي حياتها الخاصة بعيدا عن اي احساسات بالضعف او الشعور بالامتنان لاحد ...

مع "حنان "هذه تنحيت جانبا وظللت اتابعها...اتابع الى أي درجة هي قادرة على أن تمل الدور الذي اقحمت نفسها فيه قبل أن تملني انا بدوري ...

مع "حنان "هذه لم اقل: لا ولا قلت: نعم ...ولا قلت :سنرى...لكنني واجهتها بهذه الحقيقة وقلبت معها الدور ..لاكن انا ابنة السابعة اوالثامنة ولالبس مشاعرها واخيلتها ..لاتطلع لكامل مخاوفها وهواجسها ولاجعلها ..لاحاول جعلها هي تتقمسني كما تراني وكما تعتقد أنني اروقها ورقتها ...كنت اتكلم عوضا عنها واترك المجال لها لترد علي كما تحسب او تعتقد أنني سأرد عليها من موقعي الحقيقي ..اقنعتها أن نلعب بداية هذه اللعبة دون ان نتطلع للنهاية حتى لا نفسد على كلينا متعة الاكتشاف ...

مع "حنان "هذه لم اردها  أن تكبر ابدا عن الطفلة التي جاءتني تتقمسها ففكرت بان نتجاوز لعبتنا الأولى لأن تصبح ببساطة هي الذكر وانا الانثى ونلعب في جوها ...

مع "حنان "هذه  ضمنت ان العب كل الاعيب التي استهوتني وشدتني وسحرتني وما كنت لعبتها على تلك الطريقة ابدا ...كنت اترك لها كامل الحق في ان تحتال علي بمنطق الذكر واسمح لنفسي بان اتدلل لها بمنطق الانثى ... اترك لها ان تقودني في دروب هواها لحيث تشتهي وانا من يفكرها بحدود اللعبة ..انا من يذكرها بقواعد اللعب ..انا من قد يهز منها يقينها في انها قد تاخدني بمنطق الذكر الذي نعيش به في مجتمعنا ...

"حنان "هذه كانت تكبر بسرعة غير أنها ظلت ابدا بنت السابعة او الثامنة التي تأتي وتقترب مني وتطلب مني ان "نتصاحب ...نتصاحبوا .."واصبح مدلول "نتصاحبوا "يتطور في كل مرة تبعدها عني الانثى التي اتقمسها مدام الذكر الذي تتقمسه هي قد تطاول وتجاوز وتمادى ....اصبحت "نتصاحبوا .."تجديد مستمر لعلاقتنا وتطور لفرحتنا ببعض ...

"حنان "هذه على اعتبارها تلعب دور الذكر المتحضر فينا قلبت كل المعادلات وطرحت مثلما يفعل الذكر من قاموسها لغة هذا عيب وهذا لا يجوز وهذا حرام وضمنت بذلك الانثى الحقيقية فيها ان ان تتنفس بملئ ارادتها وبكامل حريتها..وسهل عليها ان تكسر القواعد الاجتماعية المحددة للسلوك العام ولانماط التعارف بين جماعات الاناث والذكور من الاقران ومن خارج دائرتهم ..وانا على اعتباري العب دور الانثى كنت احرك فيها السؤال والمساءلة واترك لها الفرصة والمجال لتعيد تقييم دور الانثى الاجتماعي ...

ومع "حنان "هذه بالتاكيد لم نكن مثل الارانب ولا كان الصمت يغلبنا ويدفعنا مباشرة لنتوارى عن الانظار لنمارس الحب والاعيب الهوى ..كنا نستمتع بالصمت عندما يطبق بيننا ونتبادل الاصغاء لبعضينا ونسمح للنقاش ان يحتد ولاصواتنا ان ترتفع متى احتجنا ذلك ...

عندما اخدت تودعني (يودعني الذكر الذي تتقمسه ) كان يحب علي ان اخجل من ان اسالها عن موعد تلاقينا  ..كان يحب ان ادعها هي (هو ) تطلبه او تتدبره بمعرفتها ...ومتى اصبحت ملحاحة اقابل الحاحها بنهج مثيله لتنتبه لما يمكن ان ينشاه بيننا او يعرضنا اليه ...

حتى عندما كنا نتصافى ونتصارح ونمضي في منتهى صدقنا ناسين تقمس ادوار الاعيبنا نظل نتفكه على انفسنا وعلى ما حلى بيننا من الاعيب ...حتى بتنا نشتاق لان نفسح  المجال بيننا من الوقت الاخر بان نعاود نفس اللعبة الممتعة بيننا ...ويفضحنا حجم اشتياقنا لنتبادل الادوار لانه يحقق الامتاع لكلينا ولاننا نكتشف عبره ونتعلم من خلاله اهم ما يلزمنا لنتجاوز كل العيوب التي تقضي وتنهي وتدمر العلاقات بين النوعين في بيئتنا .... 

"حنان"هذه ابكتني بشدة وهزت مني كل قشرة اتخبا داخلها ..."حنان"هذه  ارهقني حبي لها وما كنت استشفه من حبها لي ..."حنان "هذه فكرت في الاكثر من مرة من ان انساها ..ان اقتلعها من ذاكرتي ومن وجداني ..لانها كانت اكبر من ما قد استحقه ..   معها ..بحوارها كان كل العالم محجوب عن نظري لا ارى سواها  ..وهي كانت تنظر إلي بكمال وجودي ..لم اكن طفلها ولا احسستني بذلك ..كنت رجلها ..

"حنان"هذه .. تقراني في صمتي ..وتتحرك نحوي لتجيب  عن كل رغباتي ...عندما اتركها يستعصى علي ان استعيد احساسي  بالعالم وبالاشياء من حولي ..اكون بعدا غارقا في اللحظة التي كنت فيها لجانبها ولالد الاحساسات التي كانت تولدها داخلي ...

كنت متعلقا بها بشكل فضيع ويلزمني ان لا انكر ذلك فحسب بل يلزمني دائما أن أرتب نفسي لتلك الساعة التي اعرف انها قد تأتي ...ساعة ان نفترق وتفترق طرقاتنا عن بعضينا ... لا انهزامية مني ولا تشاءما كان يراودني ...لكنها الحقيقة كما كنت اعتبرها وانا مفكر فيها ...هي تكبر ..هي المشتهات من الجميع ..وهي حتى ولو لم تكن بعد تميل للتفكير بنمطية  الاناث اللواتي في سنها ومرحلتها ..فهي بالتاكيد ستعرف يوما هذا الميل وسيكبر السؤال ذاخلها وستحتار وستنتهي بان ناخد القرار ..والذي لن يكون في صالحي ..انا شبه حسمت في قراراتي العملية ولا اعرف كيف اداورني ..على أنني مهما فعلت هاهنا لاتمكن من تحقيق ذلك الحد الادنى من الاستقلال المادي فلن يكون بامكاني ان اقدمني على أنني ذلك القادر على أن يفتح بيتا ويقوم على رعاية مصالحه ...اعرف انني مهما جربت وعدوت وقطعت من المسافات لن أكون في مستوى من سيقبل به اجتماعيا في مثل هذا المقام ...وفي غير ذلك انا بعد يلزمني الكثير من الوقت وامامي بعد طريق طويلة لاقطعها ...حاولت مرات متعددة مع "حنان "هذه ان افتح عينها على هذه الحقائق المادية الاجتماعية ...لكنها لم تكن تريد ان تعرف مني غير ما يجعلني افعل ذلك بلا كلل في كل مرة اتطرق فيها لمثل هذا الموضوع ..كان لا يهمها الا ان تعرف مني كم انا عاشق ..مغرم بها لدرجة أنني بت اريد منها ان تهون علي هذا الحب وترحل برفق وتهجر  بدون ان تنال مني ..

علاقة بلا مستقبل ...بلا أفق منظور ..لكنها علاقة متجدرة عاطفيا ..علاقة هزمتني اجتماعيا وحتى سياسيا ..لانني لم اكن املك ان أدافع عن نفسي فيها  ..ولا استطيع ان اتحدى في اختياري ان اكون معها وان اظل معها ...مكنتها مني لانني لا املك ان اجعلها تكون لي ابدا ...اشعر بكامل الامان لجوارها لكنني اعدمه لما اتركها ..وابدا في تصور ان كل الذي نعيشه بجانب بعضينا وكل لهفتنا على بعضينا أشبه بالحلم او المستحيل ...تمنيت بحق ان تحدث تلك الضربة الغير المتوقعة من الحظ ..وتمنيت لو فجأة يعلو نجمي واتالق  ...لاسعد بجانبها ..لكن ما كان لها ان تحدث ببساطة ...كنت احتاج لابتلع العشرات من حبات المهداءات لازيح الغم الذي يركبني من الانشغال بها ...عني انا ما كنت لافارقها لحظة ..لكن كان يلزمني ان اتظاهر بالقوة وان اكابر وان لا اتجرا على حتى قطع الدروبات او الطرق التي قد تسلكها متعمدا مقابلتها ..ما دامت هي لم تحدد موعدا للقاءنا او لم تتحرك اتجاهي وتطلب مني ان اصاحبها ...

كنت اسخر من نفسي على حظي التعس ..ففي الوقت الذي اجد من يبادلني الحب بكامل سخاء يكون حاضري خاوي الوفاض لا زرع ازرعه وانتظر نباته ولا باب انتظر ان تفتح في القريب امامي ... 

هاهي "حنان "هذه ..وها انا ..مفلس اجتماعيا ..متعطل عن العمل ..بلا أفق مادي منتظر ...ها "حنان "هذه وها هو الواقع بكل جبروته المادي يقف هازئا مني ..

معها كنت بقادر على  ان اتجاوز جراحي لكنها ما ان تتركني حتى تهيج دواخلي ...هي كانت قريبة مني ومتاح لي ان اقابلها وان اقضي معها اطول الاوقات لم تكن مثل اي واحدة أخرى تعلق بها قلبي وحدث ان افترقت طرقتنا عن بعضينا ...

"حنان "هذه لم تكن ابدا فرصة وضيعتها ..."حنان "هذه استوعب وعيي الشقي انني لن انالها كما لو كانت فرصة العمر ابدا ...ومابين أن اصدق عميقا في تجسير  هذه الهوة الاجتماعية المادية التي تقف بيني وبينها مستقبلا ان لم تكن مطروحة بذات الحدة في حاضر علاقتنا ..وما بين ان القي بكامل عزيمتي على المضي في درب مسدود  ..وما بين ان استمر كمن يختلس اللحظات وهو يعرف انه سينتهي ممنوعات منها ذات يوم ...

بالطبع يصعب علي ان اصدق انك لم تكوني لي ...

بالطبع يصعب علي ان اصدق انك كنت لي 

بالطبع يصعب على أن اصدق ان الواقع المادي الاجتماعي هزمني ...لذلك كان اهون على أن انكرك ..وان احجبك من ذاكرتي ...

الخميس، 19 نوفمبر 2020

يوميات :عوالمي السرية..(17)..حقيقتي مع حنان "هذه /تابع :3-1


 

يوميات :عوالمي السرية ..(17)..حقيقتي مع حنان "هذه "/تابع 3-1

 اجلت ان اتناول دوائي الليلي وكانني حسمت في ان ليلتي ستكون دون مرقد ...لم يكن لي ان اختار التراجع ولا ان اقنع بكل فرحة كنت ارمقها تطل من عينها وتكاشفني بها ..ولا انا من من عاد يعرف كيف يتقلب ويتارق بمجرد التفكير في شان موعد له في الغذ مع ساحرته ..ربما فكرت في لحظات في امر انتظامي على العلاج الذي يلزمني وعلى يقين انني احتاجه لالم كامل تبعثراتي واوقفني من جديد على قدمي ..لكنها تلك الحالة النزقة ما ركبتني..وجعلتني احاول على الاقل الان ان لا اهتم بغير ايجاد مخرج من الورطة التي وقعت فيها ..لم يكن ممكن أن احتمل ما يحصل معي او مني لانني اضحيت انا كذلك مشتبه به في تدبير هذا الخرق السافر في مقدرات ذاكرتي ..

كنت اعرف انني اشتغلت كثيرا على موضوعة الذاكرة وعلى ذاكرتي بالخصوص اعقل مدى الدهشة التي كانت ترتسم على وجه اخي "سمير"وانا اقبل تحديه الذي رسمه لي  مازحا ومعتقدا بانني حتى ولو حاولت بداية الدخول فيه فهناك اكثر من عامل سيوقفني ويثنني عن اتمامه والايفاء به ...كنت لما اشكوا له حاجتي للمزيد من القصص والمجلات والكتيبات الصغيرة يطلب مني ان اعيد قراءة كل مجموعاتي من قصص عطية الابرشي ومجلات المزمار الكبيرة والصغيرة الحجم وباقي القصص المصورة عن مجموعاتنا لأنه فيما بعد سيجري لي اختبارا على مدى قدرة ذاكرتي على الاستحضار والحفظ ...واوافقه لابدا في الحين ولاسهر لوقت متأخر حتى تنتهي والدتي من خياطتها وتذهب لتنام وفي الفجر اكون مستيقظا لاتمم القراءة واظل معتصما بالبيت ليحل علي اخر المساء وانا اتمت ازيد من مائتين واحدى عشرة مجلة مصورة وقصة لاظل في انتظار ان يعود من خرجة صغيرة مع صاحبه لوسط المدينة وتناول عشاءه  فلحاق به بغرفته العلوية بالسطح وانا أخبره بانني جاهز للاختبار وانجح بأعلى مستوى ...وكان يعود ليدخلني في اختبار اخر كان اجري مسح خانات الكلمات المتقاطعة المبسطة للاطفال بمجلة المزمار العراقية وان اعود لملائها وملئ ما لم اكن بعد قد اهتممت بحله منها والتحدي يكون على الوقت الذي اقضيه بدون توقف في إنجاز التحدي وكذلك على عدد الاخطاء المفروض أن لا ارتكبها وعلى مجموع ما قمت بحله كما ينبغي ..اعقل كيف اهتممت بذلك الجانب الاخر غير تمرينات تقويتها وتقوية ترتيبها واستخدامات استحظارها ..ذلك الجانب الذي لم اقف فيه عند محاولة معرفة اضطراباتها والامراض التي تعتريها بل لذلك الاستخدام النفسي العميق ..لكيفيات التلاعب بها وتزيف احداثها ووقائعها ومسحها جزئيا وتطبيقاته في مجالات الحروب العلنية والسرية وفي حقول التجارب النفسية العسكرية ..وذلك ما استهواني وشغل حيزا كبيرا من اهتمامي الحاد وكلفني الوقت والجهد والامكانيات لاتابع في موضوعها ولاتحصل  على كل ما توفر من مراجع معرفية ودراسات حولها .. وكنت كلما وجدت الفرصة سانحة لاجرب بعض تلك الأساليب والحيل النفسية اتجرا على فعله مع اصحابي وصاحباتي وحتى مع أناس قد اكون لأول مرة اقابلهم ...ربما ابقى مدينا لما وقع بين يدي من نصوص فلسفية كانت تقرا في مواضيع المعرفة /الابستمولوجيا ومواضيع عقل الوجود والموجودات ..لانها عبرت بي الى شكل اخر من المعرفة والتفكير واعطتني نفسا جديدا لاعود لقراءة كل اعمال فرويد وكل من يتناول مدرسته بالعرض او الاستناد اليها أو النقد فيها ... وهذه المرات كنت اقرءها برؤية خارجة عن الذات لانني كنت قد انتهيت من محاولات تحليل ذاتي  او تعلم ممارسة التحليل النفسي ...وعدت من جديد لانظر في علم النفس المرضي /الاكلينيكي واربطه بما اخد يتجمع لي حول تلك الدراسات والابحاث المتعلقة بالذاكرة ..كنت اعرف انه بعد يعوزني الكثير من حل شفرات المعرفة والكثير من الالمام بالمعارف التي تتفرع اليها وكنت اجد السلوى في المجلات والملاحق الثقافية لالقي ولو ببعض نظري على ما تجود به من تقديمات ومداخل نظرية او ما تطرحه كمواضيع رزينة للملاحظة والاهتمام بها كحقول معرفية مستقلة بذاتها ضمن المعرفة الشاملة ..بقيت أعمال روائية تناولت موضوع الذاكرة راسخة في ذهني وتثير في حس التجريب اكثر فاكثر ..كان عمل لمصطفى محمود يحمل عنوان "شبكة العنكبوت"من بينها ورواية مغربية تحمل عنوان "دماغ العكروط" وعمل روائي قراته وانا نزيل مستشفى الأمراض العقلية لكاتبه "الهردي" بعنوان "احلام بقرة "...وكنت أرتب التلاعب بذاكرتي كما أرتب بوعي كامل او بغير وعي كلي الحالات التي ادخلني فيها واعرضني فيها واصعد في كل ذلك حتى الج عتبة الانهيار فانهار ...وانهار عن حق افقد كليا القدرة على التعرف على حاضري وكيفيات التعامل مع ابسط الموضوعات الحياتية اليومية وافقد صلاتي بمن حولي وارتاب في صلاتي بهم أساسا وانتهي بعد الكثير من التشنجات العصابية على أنماط ذهانية وافقد كليا القدرة على النوم او التركيز وتسوء علاقتي مع ذاتي ..مع جسمي ...لكنني كنت اعود لالم شتاتي مع اول صحوة وتنبه لما عليه أن يكون تصرفي وانطلق مجددا في عملية إعادة ترميمي ذاكرتي ووقف النزيف والسيطرة على وضع الانهيار ..كان الوضع سيكون كارثيا بلا ريب علي لو لم اكن قد اجدت ترتيب ذاكرتي على النحو الذي تتدخل لتسعفني هي ..كنت في اول التجربة انطلق من موقع المتعمد والمراقب والمتدخل الواعي ثم تدريجيا اتخلى عن آليات رقابتي الذاتية لاعبر للمناطق الظل والتشبيح والتزييف والهوام والهذيانات لانتهي لااعرف نفسي ..بعودتي مجددا احمل كشوفات تزيدني يقينا في  قوة المعرفة وسلطتها وكان يكفيني كجائزة هذا اليقين المطلق مجددا بالرغم من ظروف ايامي المتشابهة وشبه الكالحة الا من متنفسات هنا وهناك وبين الفينة والاخرى ..هذا اليقين الذي جعلني قادر على المضي في الحياة وبكفاياتي الخاصة ولا اريد اكثر من ان اكون انا نفسي وما اريده منها ..   كنت مللت من محاولات دفعي للتقدم للامام بمنظورهم الاجتماعي لحد انني بت اتعامل بترفع مع التضيق المتعمد الذي يمارسه علي والدي وتغيرات سلوك والدتي الفجائي والحاد من جهتي أما محاولات تدخل اخي الكبير"خالد"فلقد كنت فقط لا اريد ان أفسد عليه نواياه الطيبة والمشاعر التي يصدر عنها واسايره ..لم اكن في حاجة لاعود للمكاتبة بصحف كمراسل او غيره ولا لان اعود للاهتمام بالدراسات القانونية ولا حتى لاذهب لاجتياز المباريات الخاصة بالتوظيف ...لا لأنني مازلت على ذات قدر ايماني بفرنسا التي ساحمل اليها كطرد بريدي مضمون الوصول  بل فقط لانني اصبعت عصيا على كل أنواع التكيف الاجتماعي وخارج آليات الضبط الاجتماعي البسيطة ..كان لي بالتاكيد احساس وتقدير خاص بذاتي لانني اعرفني ويكفيني ذلك ...  رپما هذا التطور الحاصل معي ما جعلني اجمد علاقات عملية عدة واضيع علي ما كنت اكسبه كتعويضات مادية لاباس بها منها ..وانزل بي الى مستوى الظل ...كنت كل ماعدت اريده هو حريتي ولتكن  حتى في مواتي او جنوني ..لم تعد تجدبني كما لم تكن تجدبني عن حق في يوم تلك الاحلام البراقة نعم كنت اطمح لان استقل بنفسي واؤمن وجودي الاجتماعي لكن ليس على حساب ان اتخلى كليا عن ماهيتي وان امسخ..وان اقبل بالتحويل الذي يسعون كلهم لاذخالي فيه ...كان عندي مجرد العناد.. العناد اهون عندي من ان اساق لما يريدونه مني ...انتهيت لاطرح فكرة أية علاقة عاطفية تنتهي برباط الزواج من ذهني بمثل ما كففت عن الاهتمام بان استقر بغرفة موضبة على مقاسي وتحتوي ما اريده من الاشياء..بل حتى الملابس المختارة بعناية التي بعثها لي اخي "سمير ،"عبر البريد تخلصت منها ببيعها باي ثمن لا لانني لم اكن بحاجة لها ولكن لانها كانت تأتي كمحاولة تعويض عن زمن انتظاري للذي لم ياتي ولا يلوح بيقين انه سياتي وانا بذاتي انظر انه كلما تأخر صعب علي ان اكون في مستوى تحدي الاندماج المفروض ان اقوم به اذا حدث وهاجرت للديار الفرنسية ...كنت اريد تقديرا حقيقيا واهتماما جادا وتدخلا حاسما يرفعني ويقدمني للفعل الاجتماعي وللمكانة التي عن حق استحقها والتي ارى غيري من من ملكوا الشيء القليل من الإمكانات ومن من يسندهم يتبواونها وهم غير جدرين بها ...وكان من حقي ان لا يعز علي نفسي او ادخل في عملية الاشفاق عليها باختياري ان أثبت على ايماناتي بنفسي ووعي بواقعي وبواقعنا الاجتماعي والسياسي ...وساعة تفلت اعصابي لتفلت ولتطيش ما همي باحكام الناس وتقيماتهم المتواضع عليها ...كان لزاما علي ان ابدا في التخلص من اوهامي التي تعودت على تقبلها كحقائق اجتماعية واعراف وتقاليد وانماط وسياقات واساليب اثبات وجود ..لاكسب حريتي وكرامتي ووفائي لنفسي ولمن عانيت في حبهم ..ربما كنت اقوم باسوء انتكاسة اجتماعية ومتجه للفشل الاجتماعي بمنظور العامة لكنني بداخلي ..مع نفسي كنت مقتنعا بانني افعل الصواب ولو على الاقل مرحليا ...كنت لا امانع في التحدث عن نفسي بنبرة التمرر والاسى هذه واكاشف من يهتموا لي من من حولي بارائي الخاصة وباعتباراتي الفلسفية لما اعيه من حياتي ومن حياتنا كلنا ..هناك من تفهم وهناك من كان مقتنعا لحد ما وهناك من اعتقد أنني امر من مرحلة عصية او من  أزمات نفسية ما ان اعبرها حتى اعود عنها لسالف نشاطتي الاجتماعية ولحماستي لانجاح اي مشروع ...

  لم اهتم باقتناص أية فرصة ..ربما لانني كنت متحسسا  من كيفيات نظرنا لمعنى الفرص اذ كنت استهجن سلوك البحث عن الفرص التي لانستحقها ولا تمنح لنا ..الفرصة بهذا المعنى انتهاز واختلاس واحتيال ..وحتى في مدلولنا الشعبي هي "همزة "امر لا يخطر على البال وغير متوقع الحدوث والحصول لأننا لم نتدبره ونخطط له ونهيئ انفسنا لنيله ...اي شيء بيني وبين نفسي قد أقبل به واي شيء لا يخصني وحدي او رهين بتوافق اخر او مصالح غير معه..يكلفني الكثير من التفكير والتدبير قبل أن اخد فيه أي قرار ....عني انا اهون علي ان اعيش كما أنا كمجرد ظل يعبر  هذه الحياة على أن اعقد صفقات ضد رغباتي الخالصة ..صفقات قد تعتبر ناجحة اجتماعيا لكنها قد تكون قاتلة لي ... بهذا الايمان فقط كنت اقبل بالتجريب وكسب الخبرات المهنية والاجتماعية لكنني ما كنت باي حال مستعد لاقبل التنمط في دور يتيم من الادوار المشاع الترويج لها كفرص تامين مستقبل عيش تحث ظل مهن وحرف ..

لم اجعل من حياتي  تبعثرات بالعكس كنت حريصا على ترتيبها لكن على طريقتي ونمط تفكيري الخاص ...ذاكرتي لم تكن بها ثقوب ولا تحتمل ان تحتوي ثقوبا كل ماهناك انني كنت اعمد على ترتيبها بطرقي  الخاصة التي تنسجم اساسا مع قناعاتي الراسخة ..."حنان"هذه مهما كان الذي جمعني بها لن تكون امراتي الوحيدة بمثل ما ترسخه اعتقادتنا الاجتماعية والشرعية والقانونية ..لا لانني ضد مبدأ الزواج الشرعي بالقدر ما انا ضد الزواج الاجتماعي وما يتضمنه من افكار أساسية منها القبول الاجتماعي الذي ليس الا احتواءا في ذات معايير المجتمع السائد ..انا لعلي اكثر شراسة في رفض الزواج السائد في مجتمعنا من "شهرزاد"حينا التي تخلت عن انوثتها هي الشقراء الساحرة الجميلة لانها فتحت عينها جيدا على حال زيجات كل نساء الحي وكل اقرابنا وكل من نعرفهم ولم تجد ما يسرها فيه ...كل زيجاتنا غير متكافئة لأننا كمجتمع نعاني اكبر الخلل في كل تركيباتنا .....

"حنان "هذه التي تؤكد معرفتي واحسبني كذلك انا ما ينكرها في  لعله الحرص على أن لا اخسرها ...لانني كلما اردتها بعنف ان تكون بقربي وبجانبي وعشقت فيها ذلك الوعد /الوهم الجميل الذي ظلوا يغدون به عقولنا ومخيلتنا ويجملوه في عيوننا ..وعد ان تكون امراتي لي لوحدي وانا لها لوحدها اكون قد انزلقت في منحدر لن اصعد منه للابد ...انا ما اصدق في امرأة تكون لرجل واحد ورجل يكون لاربع ولما ملكت يمينه ...انا لا اصدق في امرأة لم يقوى رجلها على الانعاض للدخول بها ان تكون امرأته لوحده ..انا لا اصدق في إمكان أن تظل امرأة امرأة رجل شيخ زمن مرض موته لسنوات وهي بعد في مقتبل العمر ان تبقى كذلك ...انا لا اصدق في ان ذكرا يعد رجلا لما يتزوج امرأة ..ولا امرأة يتناوب على اغتصابها كل من ببيت عائلتها لن تعود إلي من تعودت منهم اغتصابها فقط لانها اصبحت امرأة رجل ...

"حنان"هذه لن تكون باي حال الا الحبيبة الحرة في ان تاتيني متى شاءت وان تفر مني متى ضاقت بي ..لا قوامية لي عليها ولا سلطة لاخضعها بها ولا حاجة لي بان انحنى خلف القانون ليعيدها الى بيتي رغم عنها وتحت طائلة انفاد الحكم بالقوة ..."حنان "هذه ان فعلا اقتربت من مداري فلقد اكتوينا سوية بكل نيران العشق فينا ..و رقصنا الرغبة بكل نشوتها ولذتها وما اهتممنا بان نفترق او نبتعد عن بعضنا ..لانه هكذا ديني في الحب وهذا هو زواجي الذي اعرفه وعشته ..

كنت قاسيا مع نفسي وعلى نفسي لاجعلها تحتك مع الحقيقة الواعية لا مع كل ما يحاولون استدخاله وحشره في رؤسنا..ومن وعيي الشخصي وايماناتي الخاصة كنت اكثر تعاطي مع الاخرين بافكاري وبقناعاتي الراسخة والتي  بعد اكونها ..كنت مستعدا لأن افتح اي نقاش ومع اي شخص ومهما  كان عمره او وضعه  لابادله ارائي ومفاهيمي وما افقه من رسائل ..ولم احتاج لان اسمح لوهم الانتماء السياسي أو الايديولوجي الضيق ان يركبني لاشطح به ..لم اكن اعدني محسوبا على اي تيار حداثي او تقدمي او طلائعي وحتى عندما اخترت ان يلصق لي عنوان حزبي كان الجميع يحسبني غير جاد وهازل في ان ارتكب مثل هذه الحماقة وان اسمح بالقيام بمثل هذا التحول الجذري ..لكنني قلتها لهم بصراحة لست مع الحزب لا شكلا ولا قالبا ولا حتى كفكرة تنظيمية اجتماعية انا مع الشخص الذي يمثل الحزب هاهنا محليا واقليميا لانني كنت معه منذ ان كنت طفلا تلميذا بالمستويات الاولى ابتدائي ..وهو احتاجني وانا محتاج لاجدد بعض نشاطي ولاراقب الامور عن كثب .. وعدت وقلتها لهم صراحة بانني لا اعول على اي احد فيهم في دعمي او الالتزام معي لدفعي في هذا الاتجاه لانه بالنسبة لي الامر متعلق باهداف مرحلية واخرى مستقبلية وفيها حتى ما هو شخصي لكن محال ان اسلك معها اي طرق انتهازية او مصلحية ضيقة ..ورفعت بذلك التحدي عاليا في وجه من لم يصدقني وقلت لهم بأن الايام بيننا وها انا تحث انظاركم وملاحظتكم ...

"حنان"هذه اتت لتظهر في مجال رؤيتي وانا قد انسحبت من تحث الأضواء واسقطت متابعة المتشككين في نواياي وان كنت اعلم انني من جديد.فتحت عيون اخرين لم يكونوا من بين من شككوا في نوايايا بالعمل السياسي الحزبي ..

"حنان "هذه لو كانت تشك لحظة في لما جاءتني .."حنان "هذه لو كان في نيتها إعادة ترنيمة والدتها وأمهاتنا ونسج حبال تصيد رجل لها لما تقدمت مني .."حنان "هذه حتى ولو كانت امرأة متعة بمقابل لما جاءتني في مثل هذه الظروف التي انكستني اليها بكامل وعي وترتيب مني ...

"حنان"هذه بمثل ما هي مفعمة بالأنوثة وتحمل داخلها بركانا هادئا ..مفعمة لا ريب بالحياة ونظرتي قد تصيب ولا تخطأ..حنان ان كانت قد اقتربت مني فلقد اقتربت من اختيارها الذي تعقله هي لوحدها واردته بكامل قناعتها وانا على هذه الشاكلة قد اكون اختيارا نادرا وفريدا من نوعه لانني اعرفني جيدا لم اكن على أية حال ذلك المليح ولا ذلك الجميل  الذي تنوي سرقته عروسات البنات وان كنت مشتهى اعنف اللذات الذكورية في زمن الرغبات العالية لشعب يبدوا وكأنه لا يريد ان يكبر عن الطفل فيه ..ولا كنت الفتى الرياضي الرشيق المتانق الذي يستهوي المراهقة ان يضمنه لمحموعاتهن المفضلة التي يتباهين بالتجربة فيها على من يعتبرهن غبيات ومحرومات  من قرينتهن او حتى من الجيل الذي يكبرهن ..ربما تميزت في ساحات اخرى لكنها بلغة حسابات البنات الطامحات لتأمين مستقبلهن فلقد كنت رهانا خاسرا ...وانا على كل ذلك لم اكن يوما ابن "بابا "الذي وفر لي ما يكفيني ويكفي أحفاده المستقبليين لتحاول اكثر من واحدة الانتحار من اجل كحيل عيني ....انا ان ارادتني "حنان "هذه فلقد ارادت مني الانسان في وارادت ان تغامر في المعرفة معي الى اخر العمر بعيدا عن اي تعاقدات مصلحية ...الامر معي يختلف على أن يكون رومنسية متأخرة او مثالية او طوباوية او حتى  نهج عبثي او فوضوية..او تحرر غير مسؤول ..لانه لم يكن ينطلق من اوهام او ضللات او من وعي انسان مريض غائب عن الواقع بل بالعكس كنت واقعيا جدا مع نفسي واردت أن اعيش حياتي كما هي وان اتمتع بكل لحظاتها لا ان اظل مبتئسا متشوفا غدا قد لا ياتي ..لا ان اظل محروما..عاطشا اجري خلف السراب ..وحتى بلغة الأرقام حسبتها واعدت مرات حسبتها ولم اجدها تقنع ..انا مجرد ابن موظف بسيط في سلك التعليم  وتاريخه الشخصي والعام لم يسعفه ليتخلص من انانيته وسلوك المحرومين ليضحي ولا يذخر جهدا من اجل أبناءه ..وكل عائلتنا على ما كان حالها لم تكن لتناظر كبريات العائلات الملاكة المحلية والثرية او التي كسبت النفود لداخل الادارات والدوائر الحكومية ..وانا في وضعي  الابن الخامس الذي لم يكمل دراسته ولم ينتظم في حرفة او مهنة ومجرد التفكير في وضعه يثير حفيظة الوالد لانه كان ببساطة يريد ان يخلص نهائيا من تابعات حمل  أي مسؤولية شخص اخر ..كان يحس ان العمر ينسرق منه ومزاحه يسوء وحتما كان على استعداد لان يتخلص مني باي ثمن لانني بت اكلفه دون ان يستفيد مني ودون ان يكون متاكدا من تقدير تاريخ سينتهي معه عبئ ما اكلفه ..عن حق كان وضعي اكثر من بائس او متأزم او محاصر ...كنت ارى عن حق الفرص الحقيقية لأكون واملك كل المؤهلات لأكون فيها لكنه يعوزني الدعم الكلي ..وانا لم اكن لا اقبل على نفسي أن ابقى ادور كدابة الساقية واطحن في راسي واتنهد من ذاخلي الخيبات ...انتهيت لان اخوض معه الصراع ان كان ولا بد من خوض الصراع على أية حال في اي مكان وفي كل مكان ..  الصراع بداية لاثبت وجاهة موقفي لانه ما كان مقبولا ان يرمي بي البحر دون ان يعلمني كيف اسبح ويقول لي تحرك ..تحرك فقط وهكذا ستستطيع السباحة وانتشال نفسك ...وكان علي ان اواجهه  بواقع باقراني وقريناتي الذين لم يكونوا كلهم في احسن حال منا لكن ذويهم ما بخلوا عليهم بكل جهد ودعم يضعهم في تقدير الوصول السليم لبر امانهم الاجتماعي ..قبلت بوضع ان اخسر جزئيا ما كان الاخرون يسعون لربحه كليا على أن اترك لحالي وان املك قراري....

"حنان "هذه لن ارتضي لها ان ارهنها فيما انا مرتهن عنده بلا شك ولن ارضى بها الا مالكة لقرارها ...وعلى كل حال  قد لا نكون نحن من اوجدنا قدرنا  لكننا نملك ان نغير ولو قليلا فيه ...

"حنان "هذه   ..ان تعقلني ولازلت متمسكة بان تبدا معي من جديد فإنها حتما تنظر للابعد من قدميها ..و"حنان "هذه .. لم تخرج فجأة من فراغ ..لعلها تملك اكثر الاسباب وجاهة لتقبل المضي بعيدا في طريقي ..طريق أن نعبر حياتنا بسلام ..

لعلي للان اتعاطى مع "حنان "هذه دون ان اتمكن من الامساك بها كذكرى حية ..لعلي تجاوزت ذلك الحد الممكن اعتباره تحفظا وقد اكون التزمت به بيني  وبين  نفسي  للا اعرض سيرتها الخاصة للنبش والفضح ..وللان امضي محاذرا دون ان اسقط في الشك من وجودها اصلا في مثل تلك الحياة التي كنت اعيش عليها لانه شك أن ارتادني بقوة فهو ينسف مصداقية كل الحكي وكل عمليات الاسترجاع والتذكر ومن السهل علي بعد ذلك ان اعود للاتكال على فرضية أن العياء النفسي قد نال مني وانني لربما ولجت عتبة المرض من جديد ..او لاصدق في ان الزيف وحده ما نسجته  ايامي هو والخواء..

الان في هذا الحاضر البعيد وبعيدا عن كل ما اذخلني اصلا في عملية الكتابة والسرد هذه  سواء كان هم حكي حكايتي..او تدوين روايتي ..لا يمكنني ان اصدق في ان التي لمحتها وكانت هي "حنان"تلك لا يمكن ان لا تكون هي "حنان "هذه التي قد تكون على   ما استعيده في ذهني وفي مخيلتي عنها وعن سابق لقائتنا ومغامرتنا. وحواراتنا هو مجرد استخلاق احداث او هي مجرد استيهامات تطورت ذاخلي للفتي المراهق في ..

الان وقبل ان نتقابل وجها لوجه وتعبرني للا انظر خلفي متابعا عبورها.. اعرف انها سيدة متزوجة وام ولا تسكن بعيدا عن حينا وربما هذا قد يكون سببا يحول بشكل اعتباري دون ان اتمكن من اللحاق بها في ذاكرتي مثلها مثل عديدات كففت على أن انظر اليهن على انهن كن في حياتي ذات يوم وكففن على أن يكن حاضرات في حاضري او تخليت انا نفسي على أن أفكر فيهن كممكنات او ببساطة ارفض ان اتحدث بصيغة كنت وكنا وكانني لا اريد ان اومن بان الزمن ينفلت مني وانني اعبر الشطر الاخير من حياتي النسبية ..من مراحل مبكرة من عمري صعب علي استعاب كيف يمكن أن نكون لجانب بعضينا البعض ونصبح فيما بعدها كاننا اغراب وكاننا ما كنا حيث ما عاد من إمكان لان نكون ...ربما حاولت في نفس الاتجاه من وازع المحاولة الصادقة ان افتح صفحة جديدة مع صاحبتي "فاطنة"التي تكبرني بخمس سنوات ..قلت لها أشياء عديدة كأن العمر يمضي بنا واننا لم ناخد فرصتنا كما ينبغي وانه مجرد قرار ناخده ويخصنا نحن معا لوحدينا يمد اتساعا لعمرنا فلماذا نفوته علينا ...كنت وقبل المحاولة اعرف انني كمن يصطاد في عمق بلا قعر ولا قرار وانني متى فشلت من قبل في ان اجعلها تقبل بان تظل لجانبي مهما كانت ظروفي لانني على استعداد لان اكتفي بوجودها الخالص..كنت اعرف  انها متعبة ومرهقة وغير مستعدة لتامل في اي بداية جديدة ..وهو الشعور الذي لا ينتابني مع "حنان "هذه ومع عديدات غيرها ..ثمة احساسات قوية بأننا بعد مفتوحون  على كل الاحتمالات واننا حتما سنعود لنلتقي وسيجمعنا الحكي الشهي  من جديد  ..مع غير هؤلاء تبقى فقط تلك النظرة الحزينة والمؤمنة على أن كل الذي كان بيننا قد تحجر ولا اي احتمال في ان ننسج ولو عنوان حكاية قصيرة جديدة ...

لا اصدق كما كان يحصل معي بعد   سكرات  ثقيلة ما اصحو واستعيد انني فعلته وانني عن حق انخرطت فيه وقدرت على المغامرة فيه ...بل اجدني اريد ان انتهي منه بسرعة واطرحه من تفكيري وتذكري له لاقدر على ممارسة عيشي البسيط والعادي ..كنت اصحوا على ما يشبه الصدمة واواجهها باشبه ما يكون  بعملية حفظ الملفات او القضايا  ..حفظا وركنا في الرفوف والخزانات الموجودة في الاقبية المملوءة بالغبار والتي يغزوها العنكبوت ويستعمرها ....لا اصدق انني جرات على مغامرة العيش بمثل ما فعلته وبدون أية مشاعر تكبيت او تثليب ...في آخر زيارة لاخي" فؤاد  "لنا بمناسبة زفاف الصغيرة التي كبرت ابنة اخي "خالد" ."صوفيا "قلت له انني فقدت رغبتي في الشرب نهائيا لانني لم اعد اعرف كيف اسكر ولانني ساعة اشرب تنفلت مني كل شياطيني لدرجة يركبني الهلع مما يمكن ان اجرا على ارتكابه ...قلت له انني مررت الى مرحلة انني اصبحت اجدني فيها على درجة عالية من الخطورة وغير متسامح بالمرة ومنفتح على ابعد واسوا الاحتمالات مني ..ربما لم افصل معه كما هي عادتي معه وربما لم اقل الاشياء كما ينبغي ان اقولها له لكنه حتما استوعب على نحو ما ما همني بان اقوله بالضبط ولم اجرا عليه ..لعلي اردت ان اقول له انني بعد كل الذي مررت به وخبرته في حياتي لم يعد بامكاني ان اتنازل او اتساهل في حقي ...    

.  

الاثنين، 16 نوفمبر 2020

يوميات :عوالمي السرية ..(تابع :16)..قصتي مع حنان "هذه ..تابع /2-1..


 

يوميات :عوالمي السرية ..(تابع 16)..قصتي مع حنان "هذه "../تابع 2-1.

 تركتني راضيا عنها ..ابتسم بداخلي وتغلبني ابتساماتي فتخرج كتعبير على وجهي ..وددت في السهر ..في المشي لمسافات طويلة دون هدف في اكثر الأزقة الموحشة والخالية من الناس ..فكرت بجنون بان اعاود ولفي القديم وانطلق منحدرا عبر الشوارع والطرقات حتى اجدني بمدخل مدينة العرائش بطريق طنجة وامضي فوق الاسفلت واقطع قنطرة وادي اللوكوس وانزل لامضي بين حشائش جانب الطريق الى ان اصل الى موقع مدينة ليكسوس الأثرية ولا اتوقف عندها وانما اكمل الطريق وقد خفتت إضاءة الطريق الا من اضواء السيارات وهديرها فوق الطريق ...امضي وفقط حتى يخلو راسي من اي تفكير ..حتى تتحول كل الصور التي كانت تطاردني الى بياض واسع ومطلق  ..وابدا في التوجس والحذر ...ويرتفع في داخلي ذلك الحس القوي بالتنبه  وتتسع حدقة عيني  وتنفتح كل حواسي ويتنشط جسدي لاجده خفيفا يكاد لا يمشي وانما ينسل ويعبر الطريق الجانبي بسلاسة متجاوزا كل عثراته واعرف مسبقا اين اضع قدمي ..ويكبر داخلي الاحساس بالتيقظ ..وتتحول عيني لكاسحة تجوب كل المكان وتكشفه  وتحسب حساب اي شيء قد يتحرك بما فيها السيارات القادمة في اتجاهي وكلي استعداد لاتحرك في الوقت المناسب ..لا مجال للاحتمال او التردد فقط هي المواجهة ما ترسخ لدي كقناعة غريزية ..لا إمكان للتراجع ..لا معرفة لي بالخوف ..اي شيء يتهددني املك القدرة على ازاحته من طريقي ..انتهيت من هذا التمرين الذي كلفني ازيد من عشر سنوات للاانتهي منه ابدا ..ابقى كامنا واعود لممارسته ..جربت فيه الكثير من الحالات النفسية لاتعرف على ردات فعلي العصبية والنفسية والجسمية ..قطعته تحت الامطار والرعد .. قطعته وانا في اعصى نوباتي اكتئابي وفي اشد حالات الانهاك وانا مضرب عن تناول الطعام للازيد من خمسة أيام ..قطعته وانا في اعنف حالات التخدير بالاقراص ...وانا ازاوج بين الامفيتامينات (أدوية عقلية منشطة ) وبين الكحول ...قطعته دوما بنفس الاحساسات تقريبا ..ما ان إميل على طريق ديور الحواتة لاستقيم على طريق طنجة حتى اتحول لانسان اخر ..لا شيء يمكن ان يعيقه ولا حتى دوريات الشرطة التي تمشط الطريق الجانبي المؤدي لشاطئ  راس الرمل او عناصر السد القضائي المتنقل ما بين مدخل الطريق الفرعي لراس الرمل وموقع ليكسوس والى الامام منه او الى الخلف غير بعيد عن  القنطرة  ..دائما كان هناك من من  مجرد رؤيتي يعرفني ولانني كنت اختار ان امر من الجهة المقابلة لوقوفهم متفاديا أن أقف لاحد تجمعني معه علاقة ما ..وتاركا لهم فرصة تتبعي ورصد سلوكي في نفس الوقت فلا احدا على الاطلاق اقترب مني ليحقق في هويتي او ليتجرا  على استفهامي حول ماذا أفعله بهكذا طريق وفي مثل هذا التوقيت الجد متاخر من الليل ولم يكن هناك سبب سحري يخصني  الا ما هو من سابق ترتيباتي ... العرائش اعرفها منذ ان فتحت عيني وكنت احملها معي بين عيني كل نهاية عطلة صيف ونحن نودعها لمدينة القنيطرة ..وهناك لا يكف اخي "فؤاد"من ان يتجول بي ذهنيا وافتراضيا بالعرائش بل جعلني اقلب كل الاماكن الواقعية بمدينتنا الام القنيطرة لانظر اليها على انها العرائش ... العرائش عنت لي الكثير ..البحر ..احضان عماتي وجدتي واعمامي وكل العائلة ...جناننا واطيب اجاص وباكور  وعنب وثوت ورمان  ..كلبتنا "هنيدة "وعناقها ...ساحة الرحبة بحدائقها الصغيرة والانيقة وبكراسيها ذات الزليج المصورة عليه شخصيات جميلة ...ساحة وسط المدينة ...المدينة القديمة باصواتها وازدحامها وروائحها ... العرائش كل من كان يصحبني معه في خرجاته كان يعرفني على جزء خاص منها واول ما اعقله من المكان من كنت بصحبته اول مرة اكتشفه فيها ... العرائش النائية والضاحية قدمها لي اخي "فؤاد"كاجمل الهدايا ودائما ونحن نسير على اقدامنا ولا مجال للتلكك بالتعب او العياء او صعوبة  تضاريس الطريق ..ودائما كان يوصلني الى رحاب المدينة وقد حل الليل ...مع اخي "فؤاد"عشت امتع المغامرات لاكتشاف كل نقطة نقطة من المدينة وعلى الارض ومن ان قفز بي من عمر الخامسة سنوات لاصبح كبيرا كاي كبير اخر ...

العرائش كحاضرة  صغيرة محدودة شوارعها ومرافقها والباقي جنان واحياء هامشية ومنطقة صناعية فلاحية بطريق القصر الكبير واخرى بجوار الميناء البحري...كل المدينة قد تختصر في الميناء ومحيطه والمحطة الطرقية ومحيطها ومستشفى اللامريم ومحيطها وثكنة القوات المساعدة وما يقبع بجوارها وخلفها وقصر البلدية والمدينة القديمة التي تتحوط به ..ومستوصف "الطري"وساحة دار المخزن والأحياء الخلفية للمدينة القديمة ومدرسة البلدية والأحياء المحيطة بها والسوق المركزي ومحيطه وثكنة رجال الاطفاء ومبنى الدائرة الأولى للشرطة المقتطع منها ومحيطهما السكني ومبني مفوضية الشرطة أعلى تلة السوق المركزي اليومي ويبقى مدخل المدينة الرئيسي ومبنى المحكمة الابتدائية واسفل الطريق المنحدر مبنى الدرك الملكي وبالحهة الغربية للمحكمة تبقى الاحياء الهامشية والعشوائية التي تنتهي بسوق الجملة ...واذكر العرائش على لسان عمي "محمد"تلك التي شبه تقريبا الكل يعرف فيها الكل او يحدس انه يعرفه ...واي وجه غريب يكشف نفسه ...وظلت العرائش كذلك حتى اواسط الثمانينات..كل المدينة كان يضبط النظام الامني بها بضع عناصر من رحال الشرطة النظاميون تحت امرأة ضابط والباقية من مفتشي شرطة واعوانهم في الضابطة القضائية تحت امرأة ضابط وقسم بفردين  يمثل ما كان يعرف بالقسم السياسي وكل هولاء تحت امرأة عميد رئيس المفوضية.. عدد الجميع لم يكن يتجاوز الاربعين على الاقصى تقدير  في بداية الثمانينات بينما كانوا لايتجاوزن العشرين في السبعينيات ..وكانوا في مهامهم قد يحتاجون لمساندة من أفراد القوات المساعدة واحيانا لدعم عناصر الوقاية المدنية واحيانا يسخرون اعوان السلطة المحلية من شيوخ ومقدمين وشواش وعمال الخدمة بالبلدية المؤقتين ..كل وسائلهم اللوجستيكية عبارة عن جيب لاندروفير متوسطة واحدة دائمة الاعطال والاخرى جديدة نسبيا وسيارة رونو 4 كسيارة لرئيس المفوضية تحولت مع تولي العميد "العمالي "الى سيارة متسعة سوداء اللون ..اعقل عليهم الواحد تلو الآخر واعقل جيدا على انهم كانوا يلعبونها جيدا كانوا اسياد المدينة بدون منازع ..ولحقت بعدد منهم خصوصا العناصر المدنية الزي  شهرة الأبطال ونسجت عنهم مخيلات الناس قصصا لم تكن كلها صحيحة ..انا بقيت وفيا لدروس اخي "فؤاد"كما كنت اولي انتباهي لتوجيهات اخي "سمير "النفسية ..بقيت محافظا على الاعتناء بهندامي وحسن التصرف الاجتماعي ومهما كنت أطلق العنان لجموحي باللعب والحركة مع اقراني كنت بمجرد ان نتجاوز عتبة الغابة او الشاطئ للطريق العام حتى اعدل من هندامي واضبط سلوكي بما في ذلك حتى سلوك عبور الطريق والسير فيه  ..كان لزاما علي ان لا الفت انتباه المارة من الناس لسلوكي او لمظهري فاتعرض لانتقادهم المباشر او اسجل في ذاكرتهم كشخص قليل التربية ..مع اخي "فؤاد"عنى لي الاحترام أمرا اخر لا يحتمل معه وجود الخوف او الخشية كان يوقفني قبالة الحرس البلدي ويقول لي انظر اليهم بشكل عادي وتعامل معهم مثلهم مثل اي انسان اخر بالمجتمع لاحظت منهم تجاوبا تجاوب معهم ..طلبوا منك الابتعاد طاوعهم دون تردد او خوف ...كان يقول لي بان اجاريه وانظر كيف يعبر من امام عناصر الشرطة المشرفين على حراسة بنك المغرب والذين يقفون بمدخل المفوضية مرفوع الراس بنفس وتيرة مشيته منتبها وغير متطاول في تنبهه او متذاكي عليهم ..

بقيت تعاليمه راسخة في ما أتى من حياتي حتى عندما ابتعد ليكمل دراسته الثانوية بمدرسة جابر بن حيان في شعبة المحاسبة بتطوان ..بقيت على كامل احترامي لهم وفي تمام تنبهي لهم خصوصا العناصر الجديدة والمستبدلة بمن كان يخرج على المعاش او ينقل في العادة ليشتغل فترة من الزمن بمدينة القصر الكبير أو يولى مهمة بتطوان حيث كانت هي عاصمة الاقليم وسياتي علي وقت همني بالدرجة الأولى لا ان اعقلهم وحدي بل اجعلهم يعقلونني فكنت اغتنم اول فرصة لوجود عنصر جديد مع عنصر قديم يعرفني عن قرب او تطورت علاقتنا الاجتماعية النظرية لمرحلة من التودد وتبادل التحية والسلام لاتقدم او لاظهر في  مجال رؤيتهما ليتنبه لي من اعرفه وهكذا الفت انتباه الوافد الجديد بانني موضع ترحيب وتقدير من عناصر الشرطة الذين يعرفون كل صغيرة وكبيرة بالمدينة ..كان جارنا المفتش "حسن بلد"المعروف ب"كولمبوا "خير من سهل علي الوصول لهدفي لانه كان يكن لي مودة خاصة جدا ولا يتجاهلني في اي وضع اجتماعي كان دون ان يتقدم لي ويسلم علي ويقبلني على خذي ويثني على سلوكي وعلى ذكائي بينما كانت زوجته مهتمة بالسؤال عني ولا يفوتها ان تتوقف الي لتضمني اليها ....سيتطور  الوضع وساعود لالتقي بهم على صفات متعددة وتربطني بهم علاقات على اكثر من مستوى لكنني لم اتخلى عن رصد اي اختفاء لعنصر منهم ومعاودة ظهوره او لظهور الوافدين الجدد ...كان يهمني في المقام الأول ان اعرف عن نفسي أن أقول "هذا انا .."وفي المقام الثاني بعد ان اسرق انتباههم ابدا في تطوير علاقتي النظرية بهم لاكسب تعاطفهم على اعتبار انني كنت اعرف ان من يقع بين ايديهم لا ينال اي تعاطف منهم خصوصا ان لم يكن مسنودا ..وفي كل ذلك ما كان يهمني غير حريتي ولا يعنني غير ان لااودى فيها او امس فيها ...وعندما بدأت اترك لنفسي الحق في ان تتمرد قليلا على الاعراف الاجتماعية لم اهتم بكسب تواطئهم  لصالحي بل سعيت بجهد وحيلة لاصادق كل سكير فيهم ولاقول له ها هو الشاب الصغير الذي لن تعرفوه ابدا لانه لا يسكر حتى الثمالة ابدا وكثيرا ما كنت اوصل جليسي منهم حتى باب بيته وهو يقاوم عبثا الترنح والتقئء ... تملكت عن حق المقدرة على أن ادهشهم في الكثير من حقائقهم المزيفة عن الناس وعن المراحل العمرية وعن ذاكرة الناس الجماعية وتسنى لي في الاكثر من مقام ان اكون من ياخد اعتبار حضوره ليخلص جماعة أصحابه ومرافقيه على الاقل من موقف تحقيق الهوية والسوق الى المخفر ..كانت حتى تقف فجأة علينا سيارة جيب لاندروفير خاصتهم وعندما يلمحونني بينهم ونحن نسكر او مجرد نتجول في شوارع المدينة ليلا لساعات متأخرة او نحن بمقهى ليلي كانوا يحيونني ويكملوا طريقهم  هذا ان لم يكن يسنح المكان والزمان بان ينظم الي الصديق الاقرب لي بينهم لنتذاكر ونتفاسر عن اصدقاء جلستنا الخمرية سواء بالحانات او بالجوار على طول السور القصير المحيط بالشاطئ الى حيث افريز الاطلنتكي  ...

لم يكن لاسمح بالخوف من ان يتملكني ولا كنت لاستبعد اي سيناريو اتعرض فيه للمخاطر ..للخطر وهذا ما همني بالدرجة الأولى والقصوى ...كانت لا تروادني مجرد خواطر وتصورات انفعل معها واخالني فيها أدافع عن نفسي بل كنت مقتنعا تماما بقدرتي على أن اقتل كل من يتهدد حياتي او يعرضني للخطر ..أن اقتل بكل عنف وبكل قوة الاندريالين التي كانت تغلي في راسي وانا على طريق طنجة احيانا لا اولي ظهري لاعود راجعا بوسط المدينة حتى يبدأ ضوء النهار بالظهور ...كنت ما ان اضع رجلي مفتوحة ببعض الانفراج المقصود لثتبيت وقفتي ومشيتي وابدا في الخطو حتى يحترق كل الكحول من دمي واستيقظ  ويطير كل مخدر من عقلي ...فقط هي العودة من كان يلزمها سيطرة اخرى ومن نوع اخر لانني ما ان ادخل المدينة وابدا في مأنسة اضواءها حتى يتملكني خذر شديد يكاد يوقعني ارضا ويغلبني لاجدني مترنحا اكاد اسقط ارضا. وكان يلزمني ان اعاود ضبط نفسي واعصابي على انسحاب الاندريالين ومقاومة حالة الارتعاش والتعرق الشديد الذي كانت تصيبني وحالة انحباس الصوت التي تطالني هي وبعض التشوش في استعاب الاصوات ...لانني كنت اعرف ان كل الخطر الواقعي قد اتعرض له وانا على هذه الحالة وانا اعبر أزقة مظلمة والوجهة التي كنت قادما منها جهة نائية او غير معروفة وتطرح اكثر من سؤال واحتمال ودائما كان في كل ركن وزاوية وناصية جماعة يحتسون الشراب او يذخنون الحشيش او في انتظار اي فرصة ليتصيدوا شريكا جنسيا ذكرا كان او انثى شردت عن صاحبها او خرجت من تلقاء نفسها وحالتها هي كذلك تبحث عن من يتطاول عليها ..كان علي ان اعيد تنظيم دورتي الحيوية بسرعة ..  كأن احرص على افراغ ما في متانتي وظل محصورا .. كأن ابدا في تدريب حبالي الصوتية على اجراء محادثة وكان يكفي ان اتعاطى مع الامر بوعي لاجلي حالة الحبسة العرضية التي كانت تصيبني ..ان أقف للحظات قصيرة وادرب عيني على كمية الضوء الجديدة المفروض ان اتعرض اليها وان اغير بالتالي طريقة مشيتي المتاهبة  والرخوة العرضية الى مشية متوازنة  وان اعبر الطرقات من وسطها وان اتحاشى الالتفاف الجانبي الحاد لكي لا اصطدم باحد متركن هناك ولا تفادى وقع المفاجئة غير السارة ...لم اكن لالقي اي سلام على اي احد او جماعة .. اعبر من أمامهم لكن على نفس المسافة القريبة في وسط الطريق ..واواجهم بنظراتي المتفحصة مثلما يفعلون هم وانتظر إشارة تعرف من احدهم او منادة من يعرفني منهم وعندها لا مجال للااشاركه التحية وحتى الوقوف معهم لبعض الوقت حسب جو وقفتهم وطبيعة الحاضرين فيها ...لم اكن اامن حتى خطر الكلاب لكنني لا اخشها كليا ولا اسمح لها بأن تشم في رائحة الخوف اعبر من امامها وكلي تربص بها أي حركة عدائية ساواجهها بكل عنف وقد أصبح انا من يطاردها وهي تعوي هاربة مني ...لكنني وبدون رهاب مرضي كنت حذرا من السيارات والدراجات النارية وحتى الهوائية خصوصا ليلا والشوارع خالية ويكاد يكون رجال الامن شبه غائبين كليا ..اخاف من الدهس المتعمد من مجانين الليل الذين يعبون الشراب مع همومهم ويمزجون كل أنواع المخدرات لكي ينسوا ولا ينسون شيئا فيتحولوا الى معتهوين عنفين ورعناء غير ابهين بكل ما يمكن ان يجرؤا على ارتكابه لينفسوا عن كم الغيض الذي يكاد  يدمرهم ...

فكرت  في ان احملني واسهر للصبح بالمقهي الليلي ...  ثم تذكرت انني بعد لم اذخن أية سجارة منذ تلك التي خرجت لرهدة المكتبة لاذخنها واعود لداخل قاعة المطالعة واظل محدقا لمن تركتني على وعد ان نتقابل في الغذ وعلى اطيب الوعود الخفية ...

تمشيت لحيث ساحة أربعة طرق وكسرت الاتجاه منزلقا عبر الشوارع لبيتنا ..مذخنا سجائري بدون توقف وباستمتاع وانا بعد مستحضرا كامل رضاي على الفرحة التي قابلت بها مكاشفتي ..كان الوقت متاخر على جلسة التلفاز بصالة البيت فدخلت غرفتي بعد ان اعددت كوب قهوة سوداء غير ثقيلة وحملت عددا من الملاحق الثقافية لصحفتي الاتحاد الاشتراكي والعلم التي اعاود قراءتها من جديد ومن جديد كلما كانت تنقصني مادة للقراءة..بشكل اوتوماتيكي كنت اعرف انها احسن طريقة لانظم طريقة تفكيري عوض ان اسبح في الفضاء مع من كانت تسحر في ...كنت ادع مزاجي يقودني الى الجنس الذي يستهوني القراءة فيه ويوفر لي القدرة على التركيز داخله وهكذا مقال الى مقال او نص ادبي لنص ادبي او قصيدة لقصيدة حتى اجد العتبة التي بولوجها الج الى حقيقة ما يشغل بالي بالضبط لان كل ما قد كان يعلو سطح تفكيري مجرد انشغالات ذهنية لحضية وعابرة وتخفي اكثر ما تفصح عن حقيقة ما يشغلني في العمق ...

كنت بيني وبين نفسي مقتنعا الى حد بعيد بان "حنان "هذه قد اعطتني راس الخيط لامسك بتلاليب الحكاية التي لعلها تجمعني واياها ..كنت ومن اول ظهور وظهور ثاني لها في مجال رؤيتي ومكاني الحميمي الخاص "المكتبة "نظرت فيها ذكاءها ..لم تكن ابدا تلك البنت السادجة والمفضوحة  التي جاءت للمكتبة لتمر منه  مرور الكرام وتلقي فقط ببعض ما تخاله سحرها وتتكل على أن ينبت لها عاشقا ينهل دروسه نهلا وهو في قمة انتصابه منتظرا أن يحقق رعشته لما  ينجح ويحصل على وظيف او من تلك اللواتي يضربن موعدا خارج رقابة الاهل ومعارفهم بالمكتبة ليخرجوا سوية ويتمشون كاي زملاء في انتظار المرور من اي زقاق مظلم او خالي من المارة ليسرقوا بعض القبلات ..."حنان "هذه اقتربت مني لتسلم علي من وجهي وتسمح لي بان احضنها على رصيف اكبر شارع بالمدينة وكان في اي لحظة يمكن ان تلمحها والدتها .."حنان "هذه حتى في حركتها هذه تأكد لي بأنها تعرف حتى اكثر سلوكاتي تحببا ؛الحب العلني ..ابدا لم اجد في ان اقول احبك باي طريقة متاحة ما يدعوا لان اتستر فيه ..هكذا كنت وكنا منذ زمن طفولتنا الخاصة والى الان مع كل صاحباتي واصحابي نتلامس ..نتعانق ..نقبل بعضنا البعض ..نتحادى ...نفعل كل ما يحلو لنا وامام عيون وانظار الجميع ..لكننا لم نكن ابدا بويهمين او منحلين اخلاقيا بالمفهوم الاجتماعي الضيق لأننا نعرف ونقدر ونتحاشى الاصطدام لمجرد الاصطدام ...

"حنان "هذه كانت مركزة على حالتي النفسية وبالضبط على تلك التي كنت مفضوحا بعنف تعاطي الشديد للحبوب المخدرة لكنها لم تلعب معي لعبة من يستهويها دور المعالجة النفسانية او دور الخالة المتفهمة او حتى الدور الذي تجيده كل الاناث تقريبا دور الامومة ..."حنان "هذه بكثرة ما حامت حول الموضوع وتطرقت اليه ثم عادت لتوضح بأنها لا تحاكمني باي شكل من الاشكال وأنها تعرف جيدا سلوكي العام ..اعطتني هذا الاحساس بأنها كمن كانت تحاول تذكري بها ....اتذكر "حنان "بنت خالي واتذكر بالفعل انني بعد ان اودعتها الحافلة الطرقية صحبة اختها "سعاد" وكل الذي بعد يفصلها على عرسها لا يتعدى الخمسة عشرة يوما بقيت للاكثر من اسبوع لا اريد ان اصحوا من التخدير القوي وعلى بطن فارغة الا من الماء والقهوة السوداء الثقيلة والسجائر ..كنت على أنني من البدايات الأولى للتعلق بها اعرف انها لن تكون لي لكنني هكذا كنت دائما ما أن اصدق بإمكان حب حقيقي الا وانساق ولا اصحوا الى على نوبة انهيار عصبي جديدة ... اتذكر انني تصرفت على نفس النمط مع كل من احببتهن وتفرقت طرقنا عن بعضها البعض ..فهل يمكن ان تكون لي قصة شبيهة بهذه مع "حنان "هذه ...؟!يصعب أن اصدق ان بذاكرتي خروم بمثل هذا الحجم لانسى ...اذن هل حصل وان قابلتها وخرجت معها وانا معزول في حالة تعاطي الشديد  ومن بعد ذلك اكملت تعاطي فضيعتها وضاعت ذكراها عني ..لا لا يمكن مع مثلها ان تكون غير اعتيادية واستثنائية وتنتسى بسهولة ولو تحث تاثير اي مخدر ..اذن لا مناص من ان اقتنع بانني انا من حجبها عن ذاكرته وبكامل التعمد والتخطيط لسبب بسيط جدا هو انني  احببتها بعمق في يوم من الأيام والباقي كله تفاصيل تشبه بعضها البعض في تناولها لطبيعة بيئتنا وظروفنا الاجتماعية التي تحول دون إمكان استمرار العلاقات العاطفية وتطورها الطبيعي دون رقابات وتدخلات من الاهل والمجتمع ..لكن حتى هذه التفاصيل تبدوا لي لا تنسجم مع ما تبدى لي منها من استقلالية وثبات في شخصيتها وحتى في سلوكها معي ..  

اضحى لزاما علي ان افهم لغز حجبي لها من ذاكرتي مادامت اكدت لي سابق معرفتنا وعلاقاتنا ببعض ..وهو نفس احساسي وحدسي ..

"حنان"هذه ظهرت في مجال رؤيتي الخاص وانا منتظم اعبر فترة نقاهة من اخر نوبة عصبية شديدة مررت بها ..لم تظهر في فترة الصحو الأولى من النوبة كما يمكن ان يظهرن تلك اللواتي قدر لهن ان يكون على مقربة مني او من دوائري وانا في قمة فوضاي وفضائحي قبل أن انهار تماما وان كانت كما يوشي كلامها عني تعرف عن قرب الحالات التي اكون عليها فهي تعرف الاكثر عني وتعرف طبيعتي التي ترفض ان يتدخل احبتي ولو بمحاولة مساعدتي مادمت لم اطلبها صراحة منهم وكنت اعتبر عن حق موافقتهم على مبدئ هذا قمة الاحترام لي وللحب الذي يجمعنا ويربطنا ببعضنا الاخر ..."حنان "هذه جائتني وانا في اصفى الحالات الذهنية وان اشعر بانني بعد منهوك نفسيا وجاءت والوقت كله ملكها ما فزعت لو تاخرت في الاقتراب منها ولا تظاهرت ومثلت علي ادوارا عندما تقدمت لمحادثتها  ..اصغت الي جيدا وتحدث الي جيدا وودعتني اجمل توديع وغدا لنا اجمل موعد سيكون على أية حال ..واحدة بمثل تصرفها  هذا اعني لها الكثير وبالتاكيد تعني لي الاكثر ..فلماذا ازحتها من ذاكرتي القريبة ؟!بل لماذا لم امسك بها بكلتا يدي واعانقها مدى الحياة واجعلها دائمة الحضور في حياتي ..؟! 

تمكنت مني الرغبة في البكاء وأصبحت حقيقية ..بكاء بلا صوت ..بكاء يخصني وحدي وليس على شيء اخر غير نفسي التي ستقتلني يوما بحماقاتها ... حتى اختباري للحب الحقيقي ينهي بي على مشارف ان اضيع عقلي ..كل علاقاتي لم اخرج منها الا بانهيار عصبي  ومع توالي النوبات الحادة كان خطر ان اقدم على محاولة انتحار مميتة وقاتلة جد وارد وكان كل من حولي يبداون في القلق نحوي وانا لا اكون ذاتي في مأمن من ما يعتمل داخلي لكنني ابدا بأشكال متعددة في قطع صلاتي بمن حولي ..بتدمير اشياءي العزيزة علي ..بحرق اوراقي وتمزيق كتاباتي وصوري .. بمحاصرتي باخد عدد من السلفات الصغيرة التي يصعب أن اردها دفعة واحدة فاضطر الى تغير الطريق في كل مرة كما الأماكن المعتادة وينتهي بي المطاف ليضيق علي الخناق ..اتصرف بمنتهى الحماقة كان ادخل الحانة واسكر ثم اتسلل دون ان ادفع الفاتورة  ..اثمل وابدا في لعن الجميع بالحي على أنني احبهم جميعا كما اعرف انهم يحبونني. لكنني ماذا افعل وانا ابحث عن كافة الاسباب التي تجعل الياس التام يتملكني لاصفيها لنفسي ..لاقتلني ...

"حنان "هذه يمكن  ان يكون  سر حجبي لها من ذاكرتي القريبة رغبتي في استشعار طعم خسارتها لاناولني الحجة تلو الحجة لاختار  الرحيل عن هذا العالم   ...

"حنان "هذه على الارجح انها  كانت قريبة جدا ورافقتني من زمن بعيد مرافقة نظهر فيها مع بعض ثم نعاود الاختفاء لعلنا نحتمل تابعات تبدل احوال ايامنا ..."حنان "هذه قد تمت بصلة لكل مراحل عمري ولعلها هي من صاغت معي  الاتفاق على أن نترفق ببعضنا وان لانحرق المراحل دفعة واحدة ..."حنان"هذه لعلها امنت بما كنت انا نفسي دائم الدعوة اليه والتعبير عنه بان ناخد كامل وقتنا في التعرف لبعضنا .في القرب والابتعاد من مداراتنا ..في اشباع وإعادة توليد الاشباع لعواطفنا  ..في محاولات التجريب في طرق اخرى ومع اشخاص اخرين لنتعرف على ما قد نشكله ويكون مختلفا عن ما يشكله كل واحد منا مع اخر غيرنا .."حنان "هذه قد تكون تلك الحاضرة دوما والغائبة كذلك ...و"حنان "هذه لا مجال للشك في انني حاولت اغتيالها وانا اخطط لاحدى محاولات انتحاري في عز انهياراتي العصبية لانتهي الان على محاولات النفاذ ومن جديد لذاكرة اعماقي لانتشلها واستعيدها ... 

Tariktariko

 ماذا تركت خلفي حين ودعت جماعة الرفاق في اواخر سنة 1988 ؟! هل تركت مكانا اشعر حقا بالانتماء اليه ..؟! هل تركت هدفا يعوزه التحقيق ..؟! وهل فع...